الأخبار
يوم الاختبار: هل تُقنع السلطة الناس؟
لم يعُد الحدث في وسط بيروت وحسب، بل في كل ساحات لبنان. من صيدا الى صور والنبطية والبقاع. ومن جونية الى جبيل وصولاً إلى طرابلس وعكار. مشهد شكّل واحدةً من أكثر المفاجآت المباغِتة للسلطة والشعب معاً. وباتَ هذا الأخير هو الرقم الصعب، وبدأت الأحزاب والتيارات السياسية من دون استثناء تبحث عن حلول لإرضائه. فالحشود البشرية التي ضاقت بها الطرقات في كل المناطِق، قفزت فوق الإجراءات التي اعتادت الحكومة اتخاذها كمُخدر. أصبحَ بُركان الاعتراض في مكان آخر، لا يُمكن أن تُخمِد ناره إلا إجراءات استثنائية، تحقّق اختراقاً حاسماً في موضوع الإصلاح ووقف الهدر والفساد.
ففي اليوم الرابع، احتدمت الأحداث السياسية والشعبية، تاركةً عشرات علامات الاستفهام حول مصير لبنان الذي لن يكون واقعه كما كان قبلَ 17 تشرين الأول. ولئِن كانت لغة الأعداد هنا غير مهمة، فإن الأكيد أن الهبّة التشرينية لا تُشبه أي انتفاضة أخرى في تاريخ لبنان، كونها حققت ضربة معنوية كبيرة للنُخب الحاكمة، إذ طالت رموزاً كانت لا تُمس وكسرت هيبة لطالما أحاطت هذه النخب نفسها بها. هذا التحول النوعي في الشارع، وإن كانَت الطبقة الحاكمة لم تستوعبه حتى ليل أمس، إلا أنه أجبرها على اقتراح إجراءات (جرى تسريب بعضها) لم يكن الجزء الأكبر من مكونات مجلس الوزراء يرضى بها سابقاً، ويدلل مرة أخرى على الخداع الذي كانت تمارسه هذه السلطة بالادعاء أن الخروج من الأزمة لا يُمكن أن يحدث إلا بتدابير إصلاحية موجعة للطبقات الفقيرة والمتوسطة. وعلى العكس من كل ما جرى تسويقه منذ "سيدر"، تعد السلطة بإنجاز موازنة من دون عجز (!)، بلا حاجة إلى فرض ضرائب جديدة على ذوي الدخل المحدود والمتوسط، ومن دون المس بحقوق العاملين في القطاع العام، بل عبر مضاعفة الضريبة على أرباح المصارف، وتحميلها مع مصرف لبنان كلفة الدين العام في موازنة 2020. لكن ما تصفه مكوّنات مجلس الوزراء "بالإنجاز"، تدور شكوك جدية حول إرضائه الشارع المنتفض، المطالب بتحقيق "كل شيءّ" تقريباً، لأن "لا شيء" تقريباً "ماشي حالو". كما أن بنود الورقة تبدو "إبرة مورفين" لعام واحد، من دون ضمان ما سيأتي لاحقاً.
وفيما كانت الضغوطات تشتدّ على القوى المشاركة في الحكومة قبلَ 24 ساعة من انتهاء المدة التي أعطاها الرئيس سعد الحريري لشركائه للقيام بخطوة جدية والا فـ"الكلام الآخر"، حصلت تطورات سياسية مساء، قالت مصادر بارزة إنها أعادت "بث الروح" في رئيس الحكومة، وجعلته يتمهّل في حسم بعض نقاط "الورقة الإصلاحية". الموقف الذي صدر عن وزارة الخارجية الأميركية الذي "دعم الحراك السلمي"، واعتبره حافزاً للحكومة لتحقيق الإصلاحات، جعل الحريري يشعر بانتعاش إضافي. وأكدت المصادر أن "الحريري صامِدٌ في وجه الاستقالة التي لا تحبّذها عواصم غربية خشية دخول لبنان في المجهول".
في هذا الصدد علمت "الأخبار" أن السفيرة الأميركية في بيروت، إضافة الى السفراء الأوروبيين، تواصلوا مع الحريري وأكدوا ضرورة بقاء الحكومة، مع إجراء "إصلاحات فورية". وبالتزامن، كان النقاش محموماً بين الحريري ومكونات حكومته للوصول الى ورقة إنقاذية تستطيع تهدئة الشارع، بعد خروج "القوات" اللبنانية من "المركب"، ووسطَ ترقّب للأسواق المالية مع توقف القطاع المصرفي عن العمل، الى جانب كل القطاعات الأخرى، بسبب الإضراب المفتوح. وقد تقصّد الحريري التكتّم على ورقته، فأطلع عليها الوفود التي اجتمعت به من دون إعطائها نسخة، لأنه يريد أن يقدّم أفكاراً غير متداولة أو محروقة. وفيما كانت المؤشرات توحي بعقد جلسة لمجلس الوزراء يومَ أمس، الا أنه تمّ الاتفاق على عقدها اليوم من دون تحديد المكان.
وفيما كان واضحاً تمسّك أغلبية القوى المشاركة في الحكومة بضرورة بقائها، شكلت استقالة "القوات" قوة ضغط على النائب السابق وليد جنبلاط، الذي عادَ عن موقفه أول من أمس، ورجع الى لغة "الابتزاز". فجنبلاط الذي يضَع "إجر بالبور وإجر بالفلاحة" يحاول تمييز نفسه في العلن عن الحكومة نتيجة قلقه من المزاج الشعبي، وتحديداً في الطائفة الدرزية، والذي بدأ يتفلّت من سطوة الحزب الاشتراكي. ويحاول جنبلاط تصوير نفسه في العلن كأنه جزء من معارضة الحكومة، لكنه في السرّ يسعى الى حجز حصّة له من خلال المطالبة بالتضييق على العهد والوزير جبران باسيل. وكان ذلك فحوى الرسالة الذي نقلها وفد الحزب الاشتراكي أمس حين زار حارة حريك والتقى معاون الأمين العام لحزب الله الحاج حسين الخليل وعرض ملاحظاته واقتراحاته حول الورقة الاقتصادية. وفي هذا الإطار، علمت "الأخبار" أن الوفد الاشتراكي أكد أنه "لا يستطيع الاستمرار في الحكومة إذا ما استمر باسيل في النهج ذاته"، مشيراً إلى أن "الحزب الاشتراكي لا يُمكن أن يبقى معزولاً فيما يتحكم باسيل والحريري في كل شيء ويقوم حزب الله بتغطيتهما"، فيما يسعى جنبلاط عبرَ الضغط اعلامياً لإخراج باسيل من الحكومة لتصفية الحساب معه وليس عن اقتناع بالإصلاح.
وفيما يفترض أن تنتهي اليوم مساءً المهلة التي أعطاها الحريري، ستكون الحكومة أمام الاختبار الحقيقي. فإما التنازل أو الذهاب الى خيارات انتحارية، ما يعزز الخشية من محاولات قد تعمد اليها السلطة للدفع نحو تخريب الحراك، ولا سيما أنها تستمر في حالة الإنكار ورفض تقبّل الواقع الجديد، تضاف اليهما حقيقة أن القاسم المشترك بين السلطة والحراك هو غياب الرأي والإدارة والخطة، إذ لا تزال الشعارات المرفوعة في الشارع فضفاضة ولا وجود لبنود مطلبية محددة. الثابت حتى الآن أن الجيش لا يزال يرفض الاصطدام بالمتظاهرين، إذ خلال اليومين الماضيين جرى البحث في مخارج ووضع خطة أمنية تمنع الفوضى وقطع الطرقات، لكن قيادة المؤسسة العسكرية كانت واضحة في ردّها على القوى السياسية بأنها "لن تستخدم القوة مع الشارع". ويبقى السؤال الأساسي: هل يستمر الحراك "من دون ضربة كف" أم ستشهد الأيام المقبلة إدخال "طابور خامس" (من بعض القوى الممثلة في الحكومة) لتبرير القمع، أو اللجوء الى خيار "شارع مقابل شارع" فيما لو فشلت السلطة اليوم في الاختبار؟
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
اللواء
يوم الحسم بين خيارات الحكومة وخيارات الشارع الحريري ليس بوارد الإستقالة.. ومواكَبة أميركية مباشرة لتحرُّكات المتظاهرين
في اليوم الرابع، وفي أوّل أحد بعد إعلان الشعب اللبناني "الثورة.. الثورة" أو ما يمكن وصفه بانتفاضة لبنان ضد الطبقة السياسية الحاكمة، تعاظمت الأسئلة عن مسار التطورات: مجلس الوزراء يجتمع اليوم قبل الظهر في القصر الجمهوري لإقرار "حزمة الاصلاحات" التي توافقت عليها القوى السياسية، مع الرئيس سعد الحريري، بالتزامن مع كلام منسوب إلى النائب السابق وليد جنبلاط انه لن يبقى في حكومة تضم الوزير جبران باسيل، وسط معلومات خاصة بـ"اللواء" ان الرئيس سعد الحريري ليس بوارد الاستقالة، لأن البديل كخطوة كهذه تعني مباشرة دخول البلد في نفق خطير ليس أقله الانهيار المالي والاقتصادي.
بالتزامن، كشفت أوساط متابعة ان الوضع الحالي، دخل مرحلة فاصلة، وحاسمة لجهة إقرار ورقة الإصلاحات التي تفتح الباب امام دعم دولي بمليارات الدولارات للبنان، وفقا لمسؤول في الخارجية الأميركية، كشف ان بلاده تواكب التظاهرات والتحركات الجارية، في وقت قلل فيه مصدر وزاري من تأثير خطوة استقالة "القوات اللبنانية" على المسار العام للوضع الحكومي أو السياسي في البلاد.
مهلة الـ72 ساعة
إلى ذلك، يفترض عملياً ان تنتهي المهلة التي اعطاها الرئيس الحريري لنفسه ولشركائه في التسوية السياسية ظهر اليوم، بالتزامن مع الجلسة التي تقرر ان تعقد لمجلس الوزراء في قصر بعبدا، والتي يؤمل ان تقر ورقة إصلاحية شاملة اعدها الرئيس الحريري، منذ تلاوة بيانه للمتظاهرين، ويفترض ان تُلبّي مطالب الجماهير الغفيرة التي ملأت الساحات من بيروت وطرابلس وصيدا وصور والنبطية والجبل والبقاع، بشكل غير مسبوق في التاريخ اللبناني الحديث.
وبحسب تقديرات لمن تسنى له متابعة الانتفاضة الشعبية الكبيرة في يومها الرابع، فإن أكثر من ثلاثة ملايين لبناني نزل أمس الأحد إلى الشوارع وتوزعوا على كافة المدن والبلدات والقرى، هاتفين بإسقاط النظام ورحيل الطاقم السياسي الحاكم، وساندتهم مجموعات من اللبنانيين المغتربين في بلاد الانتشار الذين نظموا تظاهرات في عواصم دول العالم مثل باريس ولندن وواشنطن وسان فرانسيسكو ولوس انجلوس، تأييداً لمطالب اخوانهم في الوطن الأم.
وذكرت معلومات ان الرئيس الحريري يأمل ان ترضي ورقته الإصلاحية اللبنانيين الغاضبين، قبل ان ترضي السياسيين، بحيث تسرب بأن الورقة تشمل كل الأفكار المطروحة في الأوراق التي تقدمت بها القوى السياسية، ومنها ما لم يطالب بها السياسيون، لا سيما لجهة إعادة النظر بكل الرواتب العالية والتقديمات لكبار موظفي الدولة من وزراء ونواب حاليين وسابقين، بحسب ما كشفت وكالة "رويترز" إلى جانب تعديل في خطة الكهرباء وخصخصة قطاع الاتصالات، لكن مصادر مطلعة أوضحت ان ورقة الإصلاحات اما تقبل كما هي، واما يُصار إلى بعض التعديلات والاضافات بالتوافق، واما لكل حادث حديث.
وأشارت هذه المصادر إلى ان الحريري عقد لقاءات مكثفة خلال الساعات الماضية مع مجموعة من الخبراء الحاليين والاقتصاديين للاستماع إلى آرائهم في كيفية الخروج من الأزمة والاستفادة منها في المقترحات التي عرضها على القوى السياسية.
لكن المعلومات لا تُشير إلى توافق سياسي على مضمون الورقة، بسبب تحفظات من قبل الوزير جبران باسيل، بخصوص موضوع الكهرباء، ورفض رئيس الحزب الاشتراكي وليد جنبلاط الذي أضاف "انعطافة جديدة في الأزمة تمثلت برفضه البقاء مع باسيل في الحكومة".
وقال جنبلاط في حديث إلى قناة "الجزيرة" ان بعض الوزراء يجب ان يتنحوا ولا يمكننا البقاء معهم في الحكومة، مسمياً الوزير باسيل الذي قال انه "يجب ان يتنحى أيضاً".
وأعلن جنبلاط رفضه الورقة الاقتصادية المقدمة من الحريري، داعياً إلى اجراء انتخابات نيابية على قاعدة نظام انتخابي جديد، معتبراً بأنه على حزب الله ان يتفهم غضب الشارع، لافتاً إلى ان تغطية الحزب لما وصفه "رمز الاستبداد الحكومي (أي باسيل) يجب ان تتغير".
إضافة إلى ذلك، أوضحت المعلومات انه لم توجه، حتى ساعة متأخرة من الليل، أي دعوة رسمية إلى الوزراء لحضور الجلسة، كما ان معلومات بعبدا التي روّجت للجلسة لم تحدد موعداً للجلسة رغم انه تردّد ان اسباباً أمنية حالت دون تحديده، بسبب الخوف من محاولات قد يقوم بها المتظاهرون لمنع وصول الوزراء، وانه لأجل ذلك اتخذت احتياطات وإجراءات أمنية قضت بقطع الطرقات المؤدية إلى القصر الجمهوري بدءاً من غاليري سمعان وصولاً إلى الحدث وبعبدا.
وقالت مصادر رسمية انها لا تستبعد ان يوجه الرئيس ميشال عون رسالة إلى اللبنانيين بعد انتهاء مجلس الوزراء لكنها اشارت إلى ان الرسالة ما تزال فكرة يجري درسها بدقة.. علماً ان الرئيس عون كان أعلن امام زواره السبت انه "سيكون هناك حل مطمئن للأزمة"، الا انه لم يعط تفاصيل.
دعم أميركي للمتظاهرين
وفي تطوّر آخر جديد تمثل بدعم صريح من الخارجية الأميركية للمتظاهرين، قال مسؤول في وزارة الخارجية لقناة "الحرة" الناطقة باللغة العربية إن عقوداً من السياسات الخاطئة دفعت البلاد لحافة الانهيار، قبل أن يعرب عن أمله في أن تدفع المظاهرات السلطات للسير قدما في الإصلاحات.
وقال المسؤول، الذي فضل عدم الكشف عن هويته، إن "عقوداً من الخيارات السيئة والفساد دفعت الدولة إلى حافة الانهيار السياسي".
وأعرب عن أمل الخارجية الأميركية في أن "تحفز هذه المظاهرات بيروت على المضي قدماً في النهاية بإصلاح اقتصادي حقيقي".
وأردف قائلا إن "التزام وتنفيذ إصلاحات ذات مغزى يمكن أن يفتح الأبواب أمام دعم دولي بمليارات الدولارات للبنان. وهذا أمر يعود للبنانيين".
جعجع يستقيل وجنبلاط ينتظر
وكان الحريري التقى معظم مكونات الحكومة لعرض الورقة الإصلاحية عليهم، والمعروف منهم وزراء حركة "أمل" والحزب التقدمي الاشتراكي وتيار "المردة" والطاشناق، وقيادة "التيار الوطني الحر" وممثل حزب الله في الحكومة محمّد فنيش مع عدد من المستشارين، لكن "القوات اللبنانية" لم تشارك في الاجتماعات، وأعلنت لاحقاً بلسان رئيس حزب "القوات" سمير جعجع انها قررت الاستقالة من الحكومة والذهاب إلى المعارضة البرلمانية والسياسية ما لم تتم الاستجابة لمطلبها باستقالة الحكومة مجتمعة وتشكيل حكومة اختصاصيين أو تكنوقراط.
وفي تقدير جعجع، بحسب ما قال لقناة "العربية" فإن الأحداث تخطت أي ورقة إصلاحية ويجب الذهاب إلى تغيير جذري، وأخذ ما يطلبه النّاس في الاعتبار، لكنه رأى ان معالجة الأمور لا تكون دفعة واحدة، وان من أوصل اللبنانيين إلى الشارع ليس تعديل الدستور وإنما ضيق الأحوال المعيشية، وما يعيق تشكيل حكومة جديدة الإرادة السياسية لا الدستور.
وإذ جدد دعوة كل الأطراف إلى الاستقالة، ولا سيما وزراء الحزب الاشتراكي، لفت الانتباه إلى ان المشكلة الحقيقية هي مشكلة ثقة بين الشعب والأكثرية الوزارية الحاكمة، في إشارة إلى "التيار الوطني الحر".
لكن وزراء الحزب الاشتراكي لم يلاقوا دعوة جعجع، إذ أكّد وزير الصناعة وائل أبو فاعور ان بقاء وزراء الحزب في الحكومة مؤقت، وهو مشروط بالاصلاحات تنفيذاً وتوقيتاً.
وقال أبو فاعور في مؤتمر صحفي عقده في مقر الحزب في وطى المصيطبة ان الحزب أضاف على الورقة التي اعدها الرئيس الحريري بعض الأمور النوعية الجذرية، مشيراً بأن الحريري تلقف أفكار الحزب بإيجابية.
وعدد بعضا من المقترحات ومنها: رفض فرض أي ضرائب جديدة وعدم المس برواتب الموظفين الحاليين والمتقاعدين ، عدم المس بالمكتسبات لا بل فرض ضرائب تصاعدية على الاغنياء، اقرار قانون الضريبة التصاعدية الموحّدة، ايجاد فرص السكن للشباب عبر اعادة العمل بالقروض الاسكانية وعدم إخضاع القروض السكنية لمزاج المصارف التجارية، كذلك وقف كل أشكال الهدر والفساد في المناقصات العمومية والمصالح المستقلة عبر إخضاعها للمراقبة وإلغاء كافة المجالس والصناديق، والغاء كافة الامتيازات المعطاة للرؤساء والوزراء والنواب والعاملين في القطاع العام ووقف كل أشكال السفر في الوزارات والادارات الا عند الضرورة القصوى وإلغاء كل الوفود.
ومن المقترحات أيضا: ملاحقة المعتدين على الاملاك البحرية والنهرية قانونيا ورفع التخمينات ورفع الغرامات والرسوم على الاعتداءات، تلزيم معامل الكهرباء عبر ادارة المناقصات منعا لاي شكل من الاشكال السابقة وتعيين مجلس ادارة وهيئة ناظمة للكهرباء في اول جلسة لمجلس الوزراء بعيدا عن المحاصصة والتبعية السياسية، ودعم مشروع الأسر الاكثر فقرا بمبلغ خمسين مليار ليرة، وايجاد فرص عمل للشباب عبر فرض نسبة ملزمة من الصناعات اللبنانية في المشتريات، وفرض المزيد من الرسوم الجمركية وحماية للانتاج المحلي ووقف غرق السوق اللبناني بالبضائع المستوردة، وتوقيع مراسيم الناجحين في مجلس الخدمة المدنية، كذلك اعتماد مبدأ الكفاءة في التعيينات عبر العودة الى آلية التعيين السابقة، اقفال كل المعابر غير الشرعية ودعم الجامعة اللبنانية ومطالب اساتذتها.
ودعا أبو فاعور إلى التفكير جدياً بإجراءات انتخابات نيابية مبكرة كمخرج من الأزمة الراهنة، لافتا إلى ان المبرر الوحيد لبقائنا المشروط في الحكومة هو الخوف من ان يؤدي رحيلها إلى الانهيار الشامل.
نصر الله
وكان الأمين العام لـ "حزب الله" السيّد حسن نصر الله قد حذر من هذا الانهيار إذا لم يتحمل المسؤولون مسؤولياتهم كاملة، في اطلالته لمناسبة أربعين استشهاد الامام الحسين، خلال الاحتفال الذي أقامه الحزب في مدينة بعلبك السبت، مؤكداً ان الجميع يتحمل مسؤولية الوضع المالي والاقتصاد مع تفاوت في النسبة المئوية.
وأعلن نصر الله انه لا يؤيد استقالة الحكومة الحالية، لأن ذلك يعني ان لا حكومة ستشكل قريباً، ورأى ان انتخابات نيابية جديدة ستقود إلى المجلس النيابي نفسه وان أي حكومة تكنوقراط لن تعمر أكثر من أسبوعين، لذلك يجب عدم إضاعة الوقت بهذه الطروحات.
وإذ أكّد احترامه للمتظاهرين ومطالبهم، استبعد وقوف أي حزب أو تنظيم أو سفارة أجنبية خلف هذه التظاهرات، مشيراً إلى ان المواطنين غضبوا عندما سمعوا عن فرض رسم على "الواتسآب" من وزير الإعلام الذي قدم الموضوع بطريقة مستفزة، معتبرا ان "الواتسآب" هو "القشة التي قسمت ظهر البعير".. لكنه نصح المتظاهرين بإبعاد الحراك عن القوى التي ركبت الموجة، وراحت تطالب بإسقاط العهد، مؤكدا بأن من يربط إسقاط العهد واهم لأن العهد لن يسقط.
الانتفاضة في يومها الرابع
واللافت، انه ما ان انتهى احتفال حزب الله بأربعين الامام الحسين في المدينة المعروفة بمدينة المقاومة، حتى خرج المواطنون بعد الظهر للتظاهر ضد العهد والمطالبة برحيل كافة أركان السلطة القائمة مرددين عبارات: "الشعب يريد إسقاط النظام" و"كولن يعني كولن"، والمشهد نفسه حصل في كل من النبطية ومدينة صور، مدينة الامام موسى الصدر، على الرغم من الاصطدام الذي حصل بين متظاهرين مؤيدين لحركة "امل" كان يتقدمهم النائب علي خريس ومتظاهرين للحراك المدني تعرضوا للضرب من مسلحين، تنصل منهم بيان للحركة، واعداً بإجراء تحقيق، ما أعاد أجواء الهدوء إلى المدينة مع استمرار التظاهر واتساعه إلى ساحة العلم بمساهمة من المتظاهرين في المدن الأخرى، الذين رددوا طوال نهار السبت هتافات: "صور يا صور كرمالك بدنا نثور".
وشهدت بيروت وطرابلس وجونية والمتن وصيدا والنبطية وجبيل والبترون وصولاً إلى عكار وزحلة وبعلبك والبقاع الغربي، إلى رميش تظاهرات مليونية، اتسعت خلال اليومين الماضيين أي السبت والاحد، بالهدوء وباجواء احتفالية، بسبب انكفاء عناصر التخريب، أو الطابور الخامس، عن التسلل إلى المتظاهرين الذين تنبهوا إلى هؤلاء فوضعوا عناصر نسائية امام حاجز الاسلاك الشائكة الذي يفصل بينهم وبين القوى الأمنية عند مدخل السراي الحكومي في ساحة رياض الصلح لمنع المندسين من الوصول إلى العناصر الأمنية، ونجحت الخطة في توفير أجواء احتفالية وسلمية هادئة، ظلت قائمة طوال النهار، وحتى الساعات الليل والفجر، من دون ان يسجل أي حادث.
مستديرة النور في طرابلس كما بدت ظهر أمس حيث امتلأت بأكثر من 50 ألف متظاهر وساهم الهدوء والتنظيم والانضباط الذي تميز به يوم السبت في اتساع عدد المشاركين في التظاهرة الشعبية في بيروت يوم الأحد، حيث تلاصقت الساحتين، ساحة الشهداء برياض الصلح بالجماهير في مشهد لم يحدث حتى في 14 شباط، وفي 14 آذار، وتحول جسر الرينغ والشوارع المحيطة بالساحتين إلى مواقف لسيارات المتظاهرين.
واحتضنت "ساحة النور" في طرابلس بأكثر من 50 ألف متظاهر، بحسب تقديرات صحافية، اوصلوا رسالة واضحة، مفادها بأن الأكثرية التي امتنعت عن المشاركة في الانتخابات النيابية السابقة، تصوت الآن ضد الزعماء الحاليين.
وتميزت تظاهرات طرابلس بأجواء احتفالية، بمشاركة الفنان مارسيل خليفة وفي حضور مد بشري كان يردد على مدى النهار، بالنشيد الوطني اللبناني، فيما اختفى علم ثورة الجزائر الذي رفع في اليومين الماضيين، في ظل علم لبناني كبير لف المستديرة.
ومساء، عمد المتظاهرون إلى إضاءة فلاشات الهواتف النقالة بحيث ظهرت الساحة الوسيعة كانها حقل من الورود المشعة، ما رددوا نشيد الحلم العربي".
وردد المتظاهرون قرابة السادسة مساء، النشيد الوطني في نفس الوقت مع كل الساحات في بيروت والمدن اللبنانية الأخرى.
ووجهت دعوات إلى إضراب مفتوح في كل لبنان حتى تحقيق مطالب النّاس ورحيل الطبقة الحاكمة مع استمرار اقفال المدارس والجامعات والمصارف والمؤسسات العامة والخاصة والمحال التجارية.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
البناء
واشنطن تتابع عن كثب الحراك الشعبي… وتؤكد أن وجهتها لا تزال محاصرة حزب الله
الحريري يقدّم للحكومة في بعبدا ورقته الاقتصادية…
جعجع يفتتح الاستقالات وجنبلاط لعم
نصرالله يدعو الحكومة لتسمع صوت الغضب ويحذّر الهاربين من المسؤولية من المحاكمة
بدأ الحراك الذي انطلق من الاحتجاج الغاضب على ضريبة الواتساب، يكشف الحسابات البعيدة التي لا تنظر نحو لبنان بعيون تقيم حساباً لأوجاع الناس بل لكيفية توظيف هذه الأوجاع في خدمة مشاريعها، فتحدّث الأميركيون عبر قناة الحرة وصحيفة الواشنطن بوست عن متابعتهم عن كثب لما يشهده لبنان، والمشترك دائماً هو التأكيد أن الأولوية الأميركية لم ولن تتغيّر وهي محاصرة حزب الله. وخريطة الطريق هي تجريد رئيس الجمهورية المساند لحزب الله من أي شراكة سياسية لحلفاء واشنطن والمطالبين بدعمها لهم وللاقتصاد اللبناني، لفتح الطريق نحو مسار سياسي جديد يلقى الدعم المالي للخروج بالاقتصاد من المأزق من واشنطن والمؤسسات المالية والخليج. وقد قرأ الكثيرون استقالة وزراء حزب القوات اللبنانية سمير جعجع من الحكومة في هذا السياق، وقرأوا مثله تردّد رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط في البقاء في الحكومة أو الانسحاب منها، بسبب حساباته القلقة من تراجع أميركي جديد يضعه في مواجهة لا يريدها مع حزب الله.
رئيس الحكومة سعد الحريري الذي يبدو مصمّماً على السير في منتصف الطريق، بتقديم ورقة اقتصادية تتضمّن ما تنصح به الدوائر الغربية المعنية اقتصادياً من الإسراع بخصخصة قطاع الاتصالات، وتتبنّى بالمقابل ما يطالب به حزب الله وحركة أمل والتيار الوطني الحر من مساهمة حقيقية للقطاع المصرفي، وتبتعد عن الضرائب والرسوم الجديدة على الطبقات الشعبية، يبدو سياسياً أيضاً في منتصف الطريق فهو يأمل بإقناع الحزب التقدمي الاشتراكي بالبقاء في الحكومة، مع إدراكه بأن ما يقرر بقاء الاشتراكي أو انسحابه ليست المطالب الإصلاحية، التي عرضها علناً الوزير وائل بوفاعور باسم الحزب كشرط للبقاء في الحكومة، كما يأمل الحريري ببقاء جنبلاط أن يستردّ جعجع، الذي لا يبدو أن الحريري سيقبل استقالة وزرائه سريعاً.
الأمين العام لحزب الله الذي تحدّث بإيجابية عن الحراك الشعبي الغاضب، رفض شعارات استقالة الحكومة، وحكومة تكنوقراط، وانتخابات مبكرة، معتبراً أنها ستهدر وقتاً ومالاً لتعود بالتكوينات السياسية ذاتها، داعياً لعدم إضاعة الوقت والجهد والتركيز على إنتاج خطة إنقاذ تصغي لغضب الشعب في الحساب بالابتعاد عن الضرائب التي ترهق كاهل الطبقات الفقيرة، وتعالج مكامن الهدر والفساد، محذراً الذين شاركوا في الحكومات التي تسببت بالأزمات وتتحمّل مسؤولية بلوغ لحظة الانهيار من الهروب، لأن مَن يهرب سيُحاكم.
في الحراك وساحاته، حيث كبرت الأسئلة عن دعوات صدرت آخر الليل لقطع الطرق اليوم في كل المناطق اللبنانية، ومعها أسئلة عن حفلات الترفيه ومَن ينظّمها وسواها من التجهيزات الخاصة بتقوية الإنترنت وبالصوتيات، في كل الساحات الممتدة على مساحة لبنان بالعشرات، ومَن يموّلها، بقي قرار قطع الطرق أكبر من أن يتخذه أفراد لا يعرف بعضهم بعضاً، فمن اتخذ القرار؟ ومَن سيقوم باستئجار الشاحنات التي قيل إنها ستحمل الرمال والحجارة إلى الطرق الرئيسية؟
الجيش لم يعلن في بيان موقفاً مما سيكون عليه الحال إذا تمّ قطع الطرق الرئيسية بين المناطق اللبنانية، وهل سيسمح بذلك وهو المكلّف بحفظ الأمن، وهل سيعتبر إقفال الطرق نوعاً من التعبير السلمي، وحقوق الإنسان؟ وماذا عن اجتماع مجلس الوزراء اليوم، وكيفية وصول الوزراء إلى الاجتماع في بعبدا؟
يتواصل الحراك المطلبي لليوم الخامس على التوالي في بيروت ومختلف المناطق اللبنانية من الشمال الى الجنوب مروراً بالبقاع وجبل لبنان تحت عنوان مطالبة الحكومة بالاستقالة ورحيل الطبقة السياسية. وكان لافتاً أمس توحّد ساحات الاحتجاج، عند السادسة مساء في رياض الصلح وساحة الشهداء وصور والنبطية وزحلة وجل الديب وطرابلس وعكار بالوقوف احتراماً وإنشاداً للنشيد الوطني تحت راية العلم اللبناني، في حين كان بارزاً وواضحاً جداً أن استقالة وزراء حزب القوات من الحكومة لم تلقَ أي اهتمام او أصداء لدى المتظاهرين. واذا كان هذا التحرك المطلبي المشروع والمحق منتظَراً منذ زمن في ظل السياسات الاقتصادية التفقيرية التراكمية منذ سنوات طوال وتشارك فيه غالبية شرائح المجتمع أياً كانت انتماءاتها السياسية والحزبية لمحاربة الفساد وتحصيل لقمة العيش، بيد أن تساؤلات طرحها البعض حيال توقيت هذا التحرّك الذي بدأ عفوياً لكنه أصبح أمس منظماً جداً تحت راية العلم اللبناني في مختلف المناطق اللبنانية، مع إقفال طرقات محددة ودعوات حادة لإسقاط العهد شارك فيها الحزب الاشتراكي وحزب القوات.
وبانتظار ما ستحمله الأيام المقبلة من تطوّرات في ظل تهديد بعض المتظاهرين بالعصيان المدني، ينعقد مجلس الوزراء في قصر بعبدا اليوم، برئاسة الرئيس العماد ميشال عون في جلسة لا يمكن وصفها الا بالجلسة المصيرية للحكومة ورئيسها لا سيما أنها تعقد على وقع الاحتجاجات المطلبية التي يزداد أعداد المشاركين فيها يوماً بعد يوم. وفيما تحوّل بيت الوسط الى خلية نحل يومَيْ السبت والأحد، حيث أجرى سلسلة لقاءات مستمرّة ومكثفة بعيدة من الإعلام ودرس كلّ خياراته المفتوحة على جميع الاتجاهات وعقد اجتماعاً وزارياً مصغراً شارك فيه وزراء من أمل وحزب الله والتيار الوطني الحر والمردة ومستشارون للحريري، فيما غاب الحزب التقدمي الاشتراكي عنه.
وبحسب معلومات البناء سيطرح الرئيس الحريري الورقة الإنقاذية على التصويت لإقرارها وبدء العمل على تنفيذ بنودها بأسرع وقت ممكن. وأشارت مصادر وزارية لـ البناء الى غياب الاتفاق التام حول الورقة الحريرية التي أخذت بعين الاعتبار ملاحظات المكوّنات الحكومية الأساسية، مشيرة الى أن في هذا السياق الى التباين الحاصل حيال دعم الكهرباء فبينما يطالب الوزير جبران باسيل بمبلغ 1800 مليار ليرة، تجمع القوى السياسية الأخرى على أن مبلغ 1500 مليار ليرة كافٍ. هذا فضلاً عن بعض التحفظات التي عبر عنها وزراء الحزب التقدمي الاشتراكي في مؤتمرهم الصحافي من المصيطبة. ولفتت المصادر الى اتفاق كامل على دفاتر الشروط المتصلة بمعامل إنتاج الكهرباء وتأكيد على ضرورة تعيين الهيئات الناظمة وعلى إقرار قانون استعادة الأموال المنهوبة وضمان الشيخوخة وقانون محاربة الفساد ورفع السرية المصرفية عن حسابات النواب والوزراء والمسؤولين في الدولة وعدم فرض أي ضرائب قد تمسّ الطبقة الفقيرة وذوي الدخل المحدود في موازنة العام 2020، بالتوازي مع العمل على إقرار خفض رواتب جميع النواب والوزراء الحاليين والسابقين 50، وإلغاء جميع الصناديق، وفرض ضرائب على المصارف وشركات التأمين بنسبة 25، وتقديم مصرف لبنان والمصارف الخاصة 3 مليارات دولار لخزينة الدولة، زيادة الضريبة على أرباح المصارف، إعادة العمل بالقروض السكنية.
وتشير مصادر تيار المستقبل لـ البناء الى أن الحريري لم يذهب الى الاستقالة حماية للبلد، لأن استقالته سوف تدفع البلد نحو الانهيار. وهذا ما يدركه الجميع. وأشارت المصادر الى ان الرئيس الحريري تلقى اتصالات أوروبية تمنت عليه عدم الاستقالة، لأن البلد لا يحتمل. واذ اعتبرت المصادر ان الورقة الإصلاحية جديرة بالإقرار لفتت الى ان محاولات البعض في الساعات الماضية لدفع الحريري الى الاستقالة تدخل في سياق النفاق السياسي والمواقف الشعبوية التي ذهب اليها البعض في الساعات الماضية. ورأت المصادر أن استقالة القوات في هذا التوقيت لم تكن في محلها على الإطلاق، قائلة كان يمكن للمزايدين اليوم أن يوقفوا المناكفات داخل مجلس الوزراء بدلاً من التنصّل من المسؤولية راهناً.
ورجّحت مصادر متابعة لـ البناء أن الحريري لن يقبل استقالة القوات، مشيرة الى أن قرار جعجع باستقالة وزراء الجمهورية القوية يأتي في سياق اللعب على الوتر المسيحي ومحاولة لاستقطاب الشارع المسيحي المنتفض في الوقت الراهن. هذا فضلاً عن أن جعجع يظنّ أن الحريري لم يعُد يحظى بالدعم الخارجي، علماً أن المصادر نفسها ترى أن القوات ستخسر مجدداً سياسياً وشعبياً.
وليس بعيداً كان الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله قد اطلّ يوم السبت من بعلبك في ذكرى أربعين الحسين واضعاً النقاط على الحروف، مبدياً تفهمه للتحركات الاحتجاجية التي شملت مختلف المناطق اللبنانية، لكنه دعا الجميع الى التعاون وتحمل المسؤوليات قاطعاً الطريق على كل مَن يريد تسييس الحراك وركب قطار المعارضة، وقائلاً ممنوعة استقالة الحكومة وعلى الجميع تحمّل مسؤولياته إزاء الوضع الخطير الذي يواجهه البلد، ومَن يخوض معركة إسقاط العهد أقل له إنك لا تستطيع ذلك، مشيراً إلى أن بعض القيادات والقوى السياسية في لبنان تتصرّف وتقف على التلّ وتتنصل من اية مسؤولية عن الماضي والحاضر وتُلقي التبعات على الآخرين .
وتابع بعض من في السلطة تصوّر أن لا مشكلة بفرض الضرائب و بتمرق ، إلا ان هناك من هو مصرّ على أن الإصلاحات تعني فرض ضرائب، لكن هذه إجراءات تؤدي الى انفجار ومأزق حقيقي .
وتوجه السيد نصر الله إلى المتظاهرين قائلاً رسالتكم وصلت للمسؤولين جميعاً.. وأهمية حركتكم الشعبية أنها كانت عفوية وصادقة وان حركتكم الشعبية عابرة للطوائف والمذاهب ، ولفت إلى أن عندما تحتاج مواجهة الضرائب النزول الى الشارع فسننزل، وإذا نزل حزب الله الى الشارع فلن يستطيع العودة إلا بتحقيق المطالب .
وزار امس وفد من الحزب التقدمي الاشتراكي المعاون السياسي للأمين العام لحزب الله حسين الخليل وعرض معه ملاحظاته واقتراحاته حول الورقة الاقتصادية.
وفي السياق، اشارت مصادر مطلعة لـ البناء الى ان الاشتراكي لم يدفع وزراءه الى الاستقالة لأنه لن يسلك اي طريق بمنأى عن الرئيس الحريري، وعندما أدرك ان الأخير لن يستقيل قرر التعاطي مع التطورات بأسلوب آخر، عبر الدعوة لأخذ بعض بنود ورقته الاقتصادية بعين الاعتبار. واعتبرت المصادر أن جنبلاط يدرك أن أي دعسة ناقصة من شأنها أن تنقلب عليه. وهذا ما دفعه الى التراجع عن الاستقالة والقفز فوق الاتهامات التي ساقها ضد العهد، مشيرة إلى أن جنبلاط قرأ جيداً كلام السيد نصر الله.
وقال جنبلاط أمس عبر تويتر: نعلم أننا سنواجَه بالرفض والتخوين، لكن علينا ان نتحمل كل انتقاد من المتظاهرين ونتحمل بعضنا البعض كرفاق في هذا الظرف الاستثنائي، حيث فقط الحوار هو الأساس مهما كان الثمن.
وليس بعيداً، لا تخفي مصادر تكتل لبنان القوي لـ البناء محاولات الحزب الاشتراكي وحزب القوات تسييس الاحتجاجات وأخذها الى مكان آخر عبر الهجوم على العهد والوزير جبران باسيل من بعض مناصري هذين الحزبين. ولفتت في الوقت عينه الى ان حراك الشارع سوف يساعد رئيس الجمهورية على تحقيق خطته الإصلاحية التي وعد بها منذ وصوله الى قصر بعبدا، لافتة الى ان التيار الوطني الحر متمسك بالإصلاحات الضرورية لإقرار موازنة شفافة تعيد ثقة المواطن بالدولة، ورئيس الجمهورية انكبّ في الساعات الماضية على ضرورة اتخاذ التدابير الجذرية لحل الأزمة وتطمين المواطنين، معتبرة ان التيار الوطني الحر اتخذ قراراً برفع الحصانات والسرية المصرفية عن حسابات نوابه ووزرائه.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
النهار
الشعب يُجبر السياسيين على "خطّة إنقاذيّة"
بدا المشهد السياسي متبدلاً أمس، وانقشع بعض الغيوم، قبل انقضاء مدة الساعات الـ 72 التي حددها الرئيس سعد الحريري مهلة للحل، وربطها بقراره الاستقالة من رئاسة الوزراء، بعد أن يكون استنفد طاقته على محاولة العلاج والاصلاح تجنباً لانهيار مالي واقتصادي كبير.
وظهر ليل أمس، كأن الشارع الذي أحرق معظم الطبقة السياسية حقق غايته، وان لم يبلغ حد اقالة الحكومة واسقاطها في الشارع، وهو أمر له تداعياته السلبية حالياً، فإنه فرض على القوى السياسية تبني خطة يمكن القول انها اصلاحية، واقرارها اليوم في جلسة لمجلس الوزراء تعقد ظهراً، ويخرج منها الدخان الابيض لاقناع المتظاهرين في كل المناطق والساحات بأن النية جدية لتحقيق المطالب وإن على دفعات، وهي نية تبدو جدية أمام الواقع الجديد الذي رسمه الحراك الشعبي والذي صار من غير الممكن تجاوزه، أو التسبب بتكراره في فترة قصيرة، لان التحرك التالي سيكون أشد غضباً وأكثر عنفاً ويتسبب بمزيد من الخسائر على كل المستويات.
في حصيلة اتصالات أمس، أبلغت القوى السياسية الرئيسية الرئيس سعد الحريري موافقتها على "خطة إنقاذية" إقترحها لحل الأزمة الاقتصادية. وقال مصدر في رئاسة الوزراء لـ"وكالة الصحافة الفرنسية"، إن "الرئيس الحريري اقترح ورقة على القوى السياسية للقبول بها كاملة أو رفضها، وأرسلها إلى الأفرقاء كافة".
وأضاف: "تلقى (أمس) موافقة عليها، تحديداً من التيار الوطني الحر وحزب الله، على أن يذهب اليوم إلى مجلس الوزراء لإقرارها".
وينعقد مجلس الوزراء ظهراً في بعبدا برئاسة الرئيس ميشال عون للبحث في الخطة، على وقع تصاعد الاحتجاجات المطالبة برحيل العهد والحكومة معاً واجراء انتخابات نيابية مبكرة.
وأوضح المصدر أن هدف "الورقة المقترحة ليس إخراج الناس من الشارع، لكنها عبارة عن خطة إنقاذية تتضمن رؤية الرئيس الحريري لحلّ الأزمة الاقتصادية، إلا أن ما حدث في الشارع عجّل في اقرارها". وتقترح الخطة سلسلة اجراءات "يُتوقع أن تحدث صدمة بمضمونها"، استناداً إلى المصدر، بينها "إلتزام عدم فرض ضرائب على الناس وخصخصة بعض القطاعات".
ولا تشمل القرارات الاصلاحية أي ضرائب أو رسوم على الشعب، كما تتضمن خفض رواتب الرؤساء والوزراء والنواب الحاليين والسابقين بنسبة 50 في المئة ومساهمة المصرف المركزي والمصارف اللبنانية بنحو خمسة آلاف مليار ليرة لبنانية أي ما يعادل 3.3 مليارات دولار.
وفي المعطيات المتوافرة ان الخطة تتضمن خصخصة قطاع الاتصالات وإصلاحاً شاملاً لقطاع الكهرباء وهما مطلبان حاسمان من المانحين الأجانب للإفراج عن 11 مليار دولار كما أفادت وكالة "رويترز".
وتتضمن الخطة أيضاً إلغاء مجالس حكومية ووزارات كوزارة الاعلام ووزارات الدولة، وخفض النفقات الاستثمارية في وزارات الاشغال والطاقة وغيرها، وصندوق المهجرين، ومجلس الانماء والاعمار. الى خفض عجز الكهرباء وتفعيل الجمارك ومحاولة منع التهرب الضريبي وإشراك القطاع الخاص في قطاعات الهاتف الخليوي وطيران الشرق الوسط وكازينو لبنان وشركة "انترا" ومرفأ بيروت ومنشآت النفط، واقرار قانون استعادة الأموال المنهوبة، قانون حماية كاشفي الفساد، الهيئة الوطنية لمكافحة لفساد، وقانون ضمان الشيخوخة، وتحويل مبلغ 200 مليار ليرة للقروض السكنية.
"القوات" والتقدمي
واذا كانت التوترات الأخيرة في الشارع، اضافة الى استياء سابق ومتراكم، دفعت حزب "القوات اللبنانية" الى أن يطلب من وزرائه الأربعة الاستقالة من الحكومة، فإن الحزب التقدمي الاشتراكي ربط بقاءه فيها بورقة اصلاحية قدمها وأعلن عنها في مؤتمر صحافي الوزير وائل ابو فاعور مساء أمس. لكن موقفاً مفاجئاً لرئيس الحزب وليد جنبلاط بدد التفاؤل اذ تحدث مساء أمس الى قناة "الجزيرة" قائلاً: "إن بعض الوزراء يجب أن يتنحوا ولا يمكننا البقاء معهم في الحكومة". وسمّى جنبلاط وزير الخارجية جبران باسيل، معتبراً أنه "يجب أن يتنحى أيضاً". وأعلن رفضه الورقة الإقتصادية لرئيس الوزراء، داعياً الى إجراء انتخابات نيابية على قاعدة نظام انتخابي جديد.
وقال مصدر في الاشتراكي لـ"النهار" إن "ورقتنا لا تتقاطع كثيراً مع الورقة المسماة انقاذية لأنها قائمة على الخصخصة وليس على الاصلاح، ونحن كحزب نعارض تاريخياً الخصخصة لانها قد تأتي على حساب الناس". وأضاف: "لا يمكن ورقة ان تستوعب مطالب كل الناس، وسيناقش وزراؤنا الامر في مجلس الوزراء".
الخارجية الاميركية
وفي موقف لافت من الحراك المدني، تحدث مسؤول في الخارجية الاميركية الى قناة "الحرة"، فرأى "ان الشعب اللبناني محبط بسبب عجز حكومته عن إعطاء الأولوية للإصلاح وندعم حق هذا الشعب في التظاهر السلمي".
وقال إن "عقوداً من الخيارات السيئة وضعت لبنان على حافة الانهيار الاقتصادي ونأمل أن تدفع هذه التظاهرات بيروت للتحرك نحو الإصلاح الاقتصادي". وخلص إلى أن "تطبيق لبنان الإصلاح يفتح الباب أمام الدعم المالي الدولي".