إفتتاحيات الصحف اللبنانية، يوم السبت 21 تشرين الأول، 2017

إفتتاحيات الصحف اللبنانية، يوم السبت 30 آذار، 2019
افتتاحيات الصحف اللبنانية، يوم الجمعة أول تموز، 2016
افتتاحيات الصحف اللبنانية، يوم الأربعاء 30 تشرين الأول، 2019

إحتفل حزب "القوات" الذي يرأسه العميل "الإسرائيلي" السابق سمير جعجع، وحزب الكتائب، بـ"الحكم الجائر" الذي أنزله المجلس العدلي يوم أمس، بحق المقاومين الوطنيين نبيل العلم وحبيب الشرتوني، وحضر الإحتفال وزير الخارجية جبران باسيل. وأصدر الحزب السوري القومي الإجتماعي بياناً رسمياً  قال فيه: «إنّ الحكم بحق العلم والشرتوني، يُحرم المواطنين من حقهم في مقاومة الاحتلال، ويشكل طعناً في الصميم لآلاف الشهداء والضحايا والمقاومين الذين قضوا في مواجهة هذا الاحتلال». وأضاف بيان "القومي : إن حكم المجلس العدلي «يشكّل إساءة للبنانيين. ففي المرحلة التي أقدم فيها حبيب الشرتوني على فعله المقاوم، كان لبنان واقعاً تحت الاحتلال "الإسرائيلي"، وكان بشير الجميّل جزءاً من هذا الاحتلال، والفعل الذي قام به حبيب الشرتوني يحوز على الشرعية الشعبية والقانونية والأخلاقية، حيث إنّ الدستور يكفل للمواطنين حق مقاومة الاحتلال، وكلّ من يتعاون مع هذا الاحتلال». وختم البيان: «إنّ الحكم الذي صدر اليوم (أمس، الجمعة، 20 تشرين الأول،2017 )، ينكأ جراح آلاف العائلات والأسر التي فقدت أبناءها نتيجة الاحتلال الصهيوني وبسبب من تعامل مع هذا العدو من قوى لبنانية معروفة، عدا عن كونه يمسّ حقاً أساسياً كفله الدستور، وهو حق المواطنين بمقاومة الاحتلال وأعوانه. وفي وقت ينصبّ كلّ الجهد من أجل تحصين لبنان في مواجهة العدو الصهيوني والإرهاب، يأتي هذا الحكم ليعزز لدى البعض الشعور بأنّ العمالة مباحة ومحميّة، والمقاومة معاقبة بالقانون». 

الجمهورية
العدالة لبشير بعد 35 عاماً… والبواخر إلى إدارة المناقصات مُجدَّداً

وأخيراً حقَّ الحقّ، وجاء الحكم بعد سنوات طويلة من الانتظار، بالاقتصاص ممّن اغتالوا رئيس الجمهورية الشهيد الشيخ بشير الجميّل الذي شكّلَ وما يزال ظاهرةً لمن أحبّه، وأملاً لمن آمنَ به وبقضيته، ورسالة الجمع التي أرادها بين جميع اللبنانيين. لقد أنصَف المجلس العدلي الرئيسَ الشهيد وعائلته ورفاقه وكلَّ الشهداء الذين سقطوا معه في ذلك اليوم المشؤوم، وباسمِ الشعب اللبناني قرّر معاقبة القتلة وإصدار حكمٍ غيابي بإعدام حبيب الشرتوني ونبيل العَلم وتجريدهما من حقوقهما المدنية.لعلّها لحظة جرأةٍ مشهودة للقضاء اللبناني في مقاربة قضية بحجم اغتيال الرئيس الشهيد بشير الجميّل، ولعلّ هذا الحكم الاستثنائي في مضمونه والبالغ الدلالة والمعاني الكبرى في رمزيته، يشكّل فاتحة لجلاء كلّ الحقائق المرتبطة بمسلسل الاغتيالات السياسية التي شهدها هذا البلد على مدى السنوات الاثنتي عشرة الماضية وطاوَلت شخصيات سياسية ودينية وإعلامية وعسكرية، وبالتالي إصدار الاحكام، وإنزال العقوبات بالقتلة والمجرمين والمحرّضين.
وبقدر ما هو حُكم على من اغتال بشير الرمز، فهو في الوقت ذاته، حُكم على من اغتالَ الدولة التي حلمَ فيها بشير، وأرادها دولةً مصانة سيادتها، نظيفة، قوية، قادرة، صاحبة قرارها، يَحكمها العدل والقانون، دولة عنوانُها الثواب والعقاب والرَجل المناسب في المكان المناسب، لقد أرادها الدولةَ التي تشكّل الإطار العام والحاضنة لكلّ اللبنانيين، لا بل الوعاء الكبير الذي يُرمى منه كلّ إرث الحرب المشؤومة، ويستوعب كلّ المكوّنات اللبنانية السياسية والروحية.
هذه الدولة التي حلمَ بها بشير ما زالت حلماً، ومع السلطة الحاكمة والذهنية المستحكمة في إدارة البلد وتوجيه دفّتها نحو المنافع والمكاسب والصفقات والمغانم والمحسوبيات، فإنّ هذه الدولة ما زالت حلماً بعيدَ المنال.
ولأنّ منطق الاغتيال السياسي مرفوض، فقد تخطّى الترحيبُ بإعدام قتلة الجميّل الساحة المسيحيّة، الى كلّ الشرائح اللبنانية التي ترفض هذا المسلسل الإجرامي، وتنتظر ان ينال المجرمون عقابهم. ولأن منطق الثأر مرفوض ايضاً، قابلت عائلة الرئيس الشهيد الحكم بردّة فِعل تجلّت في رفضها اعتبارَ هذا الحكم ثأراً أو انتقاماً إنما عودة العدالة الى الدولة اللبنانية، وعودة الدولة اللبنانية.
وبين المجلس العدلي الذي قرّر وبين ساحة ساسين في الأشرفية، التي شكّلت رمزاً للمقاومة اللبنانية ولانطلاقة بشير، تجلّى مشهد العدالة، وإنْ تأخّرت 35 عاماً.
وسريعاً، تردّد صدى الحكم في كلّ لبنان، وفي الأشرفية على وجهِ الخصوص، تلك المنطقة التي استشهد فيها الجميّل ورفاقه، وكانت شاهداً على فصول من المقاومة التي قادها. كان الجميع على الموعد، حضَر رفاق بشير ومن قاوَم معه، إضافةً الى الأجيال الصاعدة التي لم تُعايش تلك المرحلة، بل سمعَت عنه وتحلم به.
وفي الساحة صورُ البشير تعلو، الأغاني الوطنية تُحرّك الجميع وصوتُ الرئيس الشهيد يَصدح بخطاباته الوطنية ومطالبتِه بقيام الدولة والحفاظ على لبنان الـ 10452 كلم مربّعاً، وذلك في مشهدية تاقَ لها اللبنانيون بحيث استعادت صوَرَ ونضالات تلك المرحلة.
تميَّز الجمعُ الغفير في ساحة ساسين بالتنظيم، وتميّز بحضور عوائل الشهداء وحشدٍ من الرفاق إضافةً الى خليطٍ سياسي. وأشار نجلُ الشهيد النائب نديم الجميّل الى انّ «هذا الحكم وهذه العدالة التي نشهدها اليوم تاريخية، وهي من أجلِ شهداء 14 أيلول اوّلاً، وهي وسامٌ على صدر كلّ شهيد وكلّ عائلة لديها شهيد سَقط في التفجير، وهي شهادة من قبَل لبنان الرسمي والدولة اللبنانية والقضاء اللبناني لكلّ الشهداء، وشهداؤنا سَقطوا من اجلِ الحرّية والسيادة والاستقلال، واليوم هذا القضاء وهذه المحكمة التي تصدر لاوّل مرّة حكماً بهذه الأهمية، أعطتنا الحقّ، لنا وللقضية التي استشهد من اجلِها بشير الجميّل».
رزق
وقال الوزير السابق إدمون رزق لـ«الجمهورية»: «للمرّة الاولى منذ 35 سنة، وفي عشرات الدعاوى وحالات الاغتيالات والتفجيرات والقتل، وفي خضمّ التشكيك بالمؤسسات والطعن بالقضاء الذي يعيش محنةً متمادية جرّاء وضعِ اليد السياسية عليه ما أدّى الى نوع من الشلل فيه، يَصدر عن اعلى محكمة مختصة بالجرائم الواقعة على أمن الدولة، اي المجلس العدلي، حُكم في قضية لها جوانب سياسية ولكنّها جريمة ارهابية، ما يؤشّر على عودة إعادة الاعتبار الى مؤسسة العدالة، وننظر الى هذا الإنجاز، ليس من خلال الافرقاء المتنازعين وإنما من خلال قرار القضاء استعادةَ اعتباره».
قزّي
وقال الوزير السابق سجعان قزي لـ«الجمهورية»: «اليوم لم يعُد الحقّ الى الرئيس بشير الجميّل لأنه اكبر من حكمِ الإعدام على مجرم، إنّما عاد الحق الى الدولة اللبنانية لأنّ الشهيد هو رئيس جمهورية.
وأعجب انّ مجلس الوزراء الذي تبلّغَ الحكم اثناءَ انعقاده لم يُصدر بيانا يرحّب به لأنّ المعنيّ هو رئيس جمهورية وليس رئيس حزب أو رئيس ميليشيا أو رئيس عشيرة، ممّا يعني انّ القضاء اللبناني كان أجرَأ من مجلس الوزراء. وأهنّئ الرئيس جان فهد وأعضاءَ مجلس القضاء الاعلى على الشجاعة التي تحلّوا بها».
ما بعد الموازنة
سياسياً، استراح البلد من جلسة الموازنة، وهدأ النقاش، وعاد الجميع الى سابِق اهتماماتهم، او بالاحرى الى متاريسهم والتراشقِ من خلفِها على جاري العادة، في انتظار قضيّةٍ سياسية او غير سياسية تشغلهم، فإمّا تُبقيهم خلف هذه المتاريس مع تقاصُفٍ متبادل بين هذا المتراس وذاك، أو تُخرجهم موقّتاً من خلفِها على ان يعودوا إليها في لحظة توتّرٍ وخِلاف.
وإذا كان قانون موازنة العام 2017 قد سَلك طريقَه الى النفاذ بنشرِه وإصداره، فقد كثرَ الحديث في الساعات الماضية عن توجّهٍ نيابي للطعن بها امام المجلس الدستوري، وتشير الاصابع هنا الى حزبِ الكتائب ليكونَ رأسَ حربة الطعن بذريعة انّ الموازنة تعتريها مخالفات دستورية.
وفي هذا الجوّ، يبدو انّ لعبة تقاذُفِ كرةٍ تتمّ بين رئاسة الجمهورية ومجلس النواب.
والبارز في هذا السياق قرار رئيس الجمهورية إعادة 4 قوانين الى مجلس النواب لإعادة النظر فيها، وتتعلّق بترقية مفتشين في الامن العام، وتسوية اوضاع مفتشين في الامن العام، وترقية رتباء في قوى الامن الداخلي الى رتبة ملازم، ومنحِ الحكومة حقّ التشريع الجمركي.
ويفترض مع ردّ هذه القوانين ان يناقشها مجلس النواب في الجلسة التشريعية المقبلة. ورَفضت مصادر نيابية اعتبارَ خطوة رئيس الجمهورية هذه بالاستفزازية وقالت لـ«الجمهورية»: «الرئيس مارَس حقّه وصلاحيته الدستورية، والمجلس يحترم قرارَ الرئيس، وبالتأكيد انّ للرئيس اسبابَه وملاحظاته الدافعة الى الرد، إلّا انّ الكلمة الفصل في النهاية هي للمجلس النيابي».
جلسة مكهربة
إلى ذلك، انعقد مجلس الوزراء أمس، في جلسة تعرّضَت للَسَعاتٍ كهربائية من ملفّ البواخر، الذي طرِح كمادةٍ ساخنة امام الوزراء، لاستمرار تأرجُحِه في الالتباسات والغموض الذي يَعتريه، بالاضافة الى الاتهامات التي تطلَق على كلّ لسان، والتساؤلات التي تحيط به من كلّ جانب، سواء حول الشركة التركية الوحيدة «كارباور شيب»، او حول موجبات الحماسة لهذه الشركة، والإصرار عليها من قبَل نافذين في الحكومة.
وكما كان متوقّعاً فإنّ هذا الملف سيُعاد مجدّداً الى إدارة المناقصات، ومدّدت المهل لاستكمال بعض الشركات اوراقها ولتصبح مؤهّلةً لكي تدخل في المنافسة على استجرار الكهرباء من المعامل العائمة (البواخر).
على ان ترفع ادارة المناقصات تقريرَها في هذا الامر الى لجنة وزارية برئاسة رئيس الحكومة سعد الحريري وعضوية وزراء الطاقة سيزار ابي خليل، والمال علي حسن خليل، والشباب والرياضة محمد فنيش، والاشغال العامة والنقل يوسف فنيانوس، والوزيرين ايمن شقير وعلي قانصوه، مهمّتها درسُ العروض ورفعُ النتيجة الى مجلس الوزراء. وذلك بحسب ما ورَد في المقرّرات الرسمية بعد الجلسة.
وفيما عبّرت مصادر وزارية عن خشيتِها ممّا سمّتها «محاولة تحايُل جديدة، الهدفُ منها فتحُ الطريق مجدداً امام الشركة التركية بالقول انّه لا يوجد عارضٌ وحيد بل اكثر من عارض إذ خلال مهلة الاسبوع الممدّدة، قد تستكمل شركة او شركتان اوراقَهما، وهذا معناه نظرياً أنّ هناك اكثرَ من عارض، وبالتالي صار فضُّ العروض مفروضاً لاختيار الأنسب والافضل، علماً أنّ المستندات الناقصة لها علاقة بالتنفيذ والكفالة.
وعلمت «الجمهورية» أنّه مع إحالة الامر مجدداً الى ادارة المناقصات، فإنّ هذه الادارة لن تجعلَ من نفسِها ممرّاً لأيّ محاولات تحايُل، بل هي ستتقيّد بقرار مجلس الوزراء وتُنفّذه، مع تقيُّدِها الصارم وإلى ما لا نهاية بأحكام القانون اثناء التنفيذ.
وفي المعلومات، أنّه خلال جلسة مجلس الوزراء امس، عرَض وزير الطاقة تقرير ادارة المناقصات، الذي اشار الى بقاء شركة واحدة في المناقصة لانّ الشركات الثلاث الاخرى لم تستوفِ الشروط وكانت بحاجة الى وقتٍ اضافي لاستكمال اوراقِها ومستنداتها.
هنا دارَ نقاش مطوَّل، خصوصاً بين وزراء «القوات» من جهة والوزيرين جبران باسيل وأبي خليل من جهة اخرى، تطوَّر الى حوار مباشَر بين الحريري والوزير غسان حاصباني، بدا فيه الحريري منفعلاً لدى مخاطبته حاصباني بالقول: «إنّها المرة الاخيرة التي نَفتح فيها ملفّ الكهرباء. أريد ان أبلغَك وأبلغَ مجلس الوزراء بأنّه في المرة المقبلة سيكون القرار النهائي ولن اسمحَ بعد اليوم بالمماطلة». وسألَ الحريري حاصباني: «ما هي مشكلتك؟ أنت لا تريد البواخر؟
فأجابه: «لستُ موافقاً على كلّ الطريقة التي يُقارَب فيها هذا الملف».
فردّ الحريري «يعني أنتَ معترض»؟
أجابه حاصباني: «نعم أنا معترض».
فحسَم الحريري الجدل قائلاً له: «اذاً، سجِّل اعتراضك».
وفي نهاية النقاش تمّ التوافق في مجلس الوزراء على طرحِ الحريري بتمديد أسبوع للشركات من اجلِ أن تستكمل ملفّاتها مقترحاً تشكيلَ لجنةٍ برئاسته لمتابعة هذا الموضوع، على ان ترفع اللجنة تقريرَها الى مجلس الوزراء في مدة اسبوع لأخذِ القرار النهائي بفضّ العروض. وقد سجّلت معارضة وزراء «القوات» حول هذا الأمر.
الأخبار
البطل حبيب والخائن بشير
عميلٌ وبطل في المجلس العدلي
القوات والكتائب يحتفلان… في حضور باسيل

حيلة من يعاني ضائقة الفعل اليوم، العودة الى قديمه. هي حال «القوات اللبنانية» وفريقها السياسي، بمن فيهم يتامى الجبهة اللبنانية ما غيرها. ليس لدى هؤلاء اليوم من خطاب، أو شعار، أو أغنية، غير ما يعيدنا الى سنوات الحرب الاهلية. لم يتوقف الزمن عند هؤلاء فحسب، بل توقف العقل أيضاً. لا خيال ولا إبداع حتى في عملية إحياء عصبية دينية أو سياسية أو حزبية (مقال ابراهيم الأمين.)
وما من مجد يراه هذا الفريق إلا ما يرونه مجداً، عندما حرقوا البلاد، وقدموها لكل غزاة الكون، من العرب الى الاسرائيلييين الى الاوروبيين والاميركيين. ثم عادوا بعد كل هذا الخراب يتفاخرون بمجدهم ــ جرائمهم، إذ بينما يفترض أنهم يحتفلون أمس بالعدالة التي انتصرت لقضية أكثر رموزهم التصاقاً بالعمالة للعدو، لا يجيدون سوى إرفاقها بالاحتفال بمجازرهم. وهو ما فعلته ستريدا جعجع، عندما قالت إن إعجابها بسمير جعجع نابع من كونه «دعوَس الزغرتاوية»، وهي تتذكر مجرزة إهدن التي هاجم فيها جعجع مع مجموعة من مقاتليه مركز زعامة آل فرنجية، قاتلاً ابنهم طوني وأفراداً من عائلته. تبدو ستريدا في هذه اللحظة مسرورة بإرث يشبه حقيقة «القوات»، ويكشف موروثاً غير منسيّ، فيه ما بقي ثابتاً من عادات وأنماط تفكير لجماعة لم تخرج بعد من عقلها الذي قاد البلاد الى حرب أهلية، يبدو أن هناك من يحنّ الى زمانها!
أمس، احتفل بضعة آلاف (في منازلهم) وبضعة مئات (في الشارع) بقرار المجلس العدلي الحكم بالإعدام على المقاومَين البطلين، نبيل العلم وحبيب الشرتوني بجرم اغتيال بشير الجميل. لم يكتفِ المحتفلون باعتباره نصراً، بل طالبوا بأن يكتمل عبر «اعتقال المجرمين»، ثم الذهاب نحو تجريم الحزب السوري القومي الاجتماعي باعتباره التنظيم الذي ينتمي اليه العلم والشرتوني.
لنضع اللحظة العاطفية لمحبّي بشير الجميّل جانباً. فهذه عوارض لا علاج لها. لكن للرجل إرثه الحقيقي عند لبنانيين، بعضهم كان رفيقاً له في الكتائب أو «القوات»، وبعضهم صار اليوم مستقلاً يندب حظه العاثر، وبعض ثالث التحق بقوى وأفكار مختلفة. لكنهم جميعاً يحنّون الى الزمن الأحب الى قلوبهم، يوم كان بشير الحلم، ويوم وصل الى رئاسة الجمهورية، ثم يوم جاء من أطفأ الحلم بكبسة زر وتوقف الكلام… وهذه العودة مهمة لتوصيف ما حصل بالأمس، وما حصل يومها، وما قد ينعكس علينا في القادم من الايام.
عملياً، يرى هؤلاء أن بشير بطل، ولا يريدون أي مراجعة أو نقد. وعند هذا الحد، يجري تقديس الرجل، ويراد لبقية الناس أن تتصرف على هذا الاساس، بينما لم يكن بشير الجميّل سوى مجرم حرب صغير، وسليل عائلة سياسية اشتهرت بالعنصرية والتعصّب الديني والاجتماعي، وتسبّب حزبها بويلات على المسيحيين ثم على جميع اللبنانيين وعلى المنطقة أيضاً. وكان بشير يمثل ذروة هذا المشروع محلياً، عندما قام بتصفية جميع خصومه المسيحيين، وألزم المعارضين بالطاعة له. ولكن هذه الذروة كان يراد لها أن تكون على مستوى لبنان. ولذلك، لم يكن متاحاً لبشير، بما يمثله، سوى انتظار العدو الاسرائيلي، الذي يتولى سحق الخصوم، قبل أن يتم تنصيبه رئيساً للجمهورية، وهذا ما حصل.
لكن المشكلة أن محبّي بشير، أو المتعاطفين مع قضيته حتى اليوم، يصرّون على تجاهل هذه الحقيقة، وبالتالي، هم لن يفهموا معنى قرار «مقاومة الاحتلال الاسرائيلي وعملائه»، هذه العبارة التي كانت تتقدم أو تذيل بيانات جبهة المقاومة الوطنية وأحزابها، وبالتالي، اعتقدوا أن بشير لا علاقة له بما تقوم به إسرائيل، وأنه خارج الحساب. لكن مثلما فوجئوا هم بمصرعه في وقت سريع، أيضاً فوجئ أنصار المقاومة بقدرات التخطيط والجاهزية العالية عند المقاومين القوميين، عندما نفذوا «حكم الشعب» بإعدام بشير. وحكم الشعب هنا يمثّل غالبية لبنانية، بعكس «حكم الشعب» الذي صدر أمس. ومهما قيل عن القضاء والقضاة، فما صدر أمس حكم يعود الى زمن الحرب الاهلية، والى زمن سلطة كانت تحت وصاية الاحتلال وعملائه. وليس فيه من العدالة شيء.
أمر آخر، يتعلق بنوبة الهستيريا التي تسود الاوساط الاعلامية والسياسية لأنصار بشير، والتي تسعى، بموافقة جهات رسمية لبنانية، لأن تلاحق «الأخبار» والرفيق ايلي حنا، ربطاً بالمقابلة التي نشرت قبل يومين مع البطل حبيب. من المفيد لفت انتباه هؤلاء، الى أنه، وفي قضايا لها بعدها الوطني، فإن «الأخبار» بغالبية العاملين فيها، لا تكترث لكل القوانين والاجراءات مهما كانت السلطة متعسفة، وان أصل استدعاء ايلي الى التحقيق لن نقبله، وسوف نقاومه، وسوف نعتبر كل من يشارك فيه، وزيراً أو قاضياً أو مسؤولاً أمنياً، أنه ينتمي الى فريق بشير في حياته، أي الى فريق «قوات الاحتلال الاسرائيلي وعملائه»… شاء من شاء، وأبى من أبى!
وبما أن المحتفلين بالحكم يريدون إضافة اسم المجرم الى جانب اسم حبيب الشرتوني لاغتيال البطل بشير، ويقولون إن ذلك يحاكي وجدان فئة من اللبنانيين، فمن المفيد القول أيضاً، وبنفس اللغة، إن الحكم على البطل حبيب الشرتوني، لتصفيته مجرم الحرب بشير الجميل، يستفزّ فئة أوسع من اللبنانيين، وإن من لا يتحسّسون وصمة العار على جباههم، رغم كل ما مروا به من ويلات سببها بشير وعائلته السياسية، فإن ما يرونه إنجازاً، هو وسام استحقاق كبير على صدر حبيب ومحبّيه الذين سيظلون يهتفون: لكل خائن حبيب!
عميلٌ وبطل في المجلس العدلي
عاش لبنان أمس لحظات من التراجيديا السياسية، بطلها المجلس العدلي الذي نفذ قرار السلطة السياسية استثناء عملية تصفية الرئيس بشير الجميّل، قبل 35 عاماً، من العفو العام عن جرائم الحرب الاهلية، لتنتهي بطلب الإعدام للمقاوم حبيب الشرتوني، الذي يظل بعيداً عن الأنظار (مقال رضوان مرتضى).
حُكمٌ، لن يُطبَّق، أصدره المجلس العدلي في «مسرحيةٍ» قضت ورقياً بإعدام المقاوم البطل حبيب الشرتوني بجرم قتل «فخامة الرئيس» بشير الجميل عام 1982. خُطّ أنه حكم باسم الشعب اللبناني، لكنه ليس كذلك فعلاً، تبعاً للظلامة التي يحملها بحق كل مقاومٍ للعدو الإسرائيلي، في جلسة لم يكن فيها أيّ دفاع عن «المتهم». حُكم أمس صفّق له الحاضرون، داخل قاعة أرفع محكمة قضائية، فيما كان المتجمهرون خارج قصر العدل يردّون بهتافات «لكل خائن حبيب».
وبين هذا وذاك، محامون يرفعون هواتفهم للتصوير، فيما يسترق أحدهم اللحظة ليسجّل سرّاً، عبر هاتفه المحمول، صوت رئيس المجلس العدلي جان فهد تالياً الحكم. أما القضاة فاتفقوا على رواية واحدة: «تحقيق العدالة يطوي الصفحة». قاضٍ واحد فقط بين هؤلاء رأى في الحكم بإدانة الشرتوني نزعاً رسميّاً لصفة البطولة عنه. وهذا ما رأى أنه يشفي غليل أتباع «فخامة العميل».
من يقرأ نص الحكم الذي امتدّ على ثلاثين صفحة، يعتقد بأنّ القتيل هو شخصٌ آخر غير بشير الجميّل، أو أنه ليس من انتُخب رئيساً على متن الدبابات الإسرائيلية بعد اجتياحها لبنان عام 1982. وصل الامر بأحد وكلاء المدّعين، المحامي نعوم فرح، أن يقول في مرافعته إن «الوقوف في وجه العدو الإسرائيلي ورفض توقيع معاهدة سلام معه» من الأمور التي حتّمت التخلّص من «الشيخ بشير».
رواية الإعداد للعملية جاءت مفصّلة، وتستند الى إفادة حبيب الشرتوني التي امتدت على 336 صفحة، والتي تجاهل المجلس العدلي أنها انتُزِعت منه من قبل جهاز أمن ميليشيوي تحت التعذيب. فقبل 35 عاماً، كان ثمة «وحدة حال» بين أجهزة الدولة التي تولّت التحقيق، وجهاز أمن ميليشيا القوات اللبنانية.
يورد نص الحكم كيف تأثر الشرتوني بفكر الحزب السوري القومي الاجتماعي منذ عام 1975، بعد حضوره اجتماعات «بيت الطلبة» في بيروت قبل أن ينتسب عضوياً بعد سنتين. كذلك يتحدث عن بداية العلاقة بينه وبين المحامي نبيل العلم، المحرّض الرئيسي على اغتيال الجميّل بوصفه عميلاً لإسرائيل، والذي شغل لاحقاً منصب مسؤول «شعبة الأمن» في الحزب السوري القومي، وكيف أن العلم، بعدما بلغه أن جدّ الشرتوني يقيم في البناء نفسه الذي يضمّ مكتب كتائب الأشرفية، طلب منه جمع المعلومات، خصوصاً عن الاجتماعات التي تعقد ظهر كل ثلاثاء، بحضور بشير الجميّل. وبعد رصد الشرتوني للجميّل لثلاثة أسابيع، كلّفه العلم بنقل كمية من المتفجرات معه إلى منزل جده ليقوم شخص آخر بتفجيرها. يومها لم يوافق الشرتوني ولم يرفض.
بحسب نص الحكم، جدّد العلم اقتراحه على الشرتوني وضع المتفجرات في المبنى، بعد طرحه أسئلة حول هوية المقيمين. وكلفه مجدداً برصد الاجتماعات التي تحصل. فصار الشرتوني ينقل للعلم ما يجري في اجتماعات الثلاثاء، وأخبره عن مكتب خاص للجميّل، ثم حدد مكان جلوسه في قاعة الاجتماعات. ولاحقاً، حصل الشرتوني على خارطة هندسية قديمة تبيّن التقسيم الداخلي الهندسي للطابقين الأول والثاني، وتبيّن مواقع الأعمدة والجسور. ليعود العلم ويبلغ الشرتوني بأن أفضل طريقة لاغتيال الجميل هي وضع المتفجرات في وسط الشقة الغربية في الطابق الأول. وبعد اجتياح القوات الاسرائيلية لبنان عام 1982، كثّف الشرتوني من زياراته لمنزل العلم، وتداولا بما يمكن أن يُسفر عن تقدم قوات العدو صوب بيروت. يومها، طلب العلم من حبيب نقل المزيد من المتفجرات إلى شقة الأشرفية.
الحكم يسهب في ذكر تفاصيل إخفاء وتهريب المتفجرات التي كان يخبّئها الشرتوني في منزل خالته يولند صابر، قبل أن ينقل على دفعات نحو 47 كليوغراماً من المتفجرات مع عشرة صواعق. وبعد وصول قوات العدو إلى الأشرفية، عاود الشرتوني نقل المتفجرات من منزل خالته إلى منزل جده. وبعد أيام، زوّد العلم الشرتوني بجهاز تفجير لاسلكي وشرح له كيفية استخدامه، كذلك درّبه على كيفية التخلّص منه بعد استعماله عبر تفخيخه. يسرد الحكم أنّ العلم طلب من حبيب تحضير نفسه للقيام بعملية تفجير، فوافق، عارضاً أن تكون العملية ضد القوات الإسرائيلية في الأِشرفية، لكن العلم أقنعه بأن تستهدف عملية التفجير شخص بشير الجميل. واتفقا على وضع المتفجرات والصواعق في المكان الذي يعلو مكان جلوس الجميل داخل القاعة الرئيسية عند ترؤسه اجتماعاً بعد ظهر كل ثلاثاء.
بعد انتخاب بشير رئيساً في 25 آب 1982، اتصل العلم بحبيب الشرتوني على رقم هاتف منزل جده في الأشرفية، طالباً منه تنفيذ عملية التفجير المتفق عليها. وحُدّد موعد التنفيذ ظهر الثلاثاء في 31 آب.
في اليوم المحدد، حضر الجميّل إلى قسم كتائب الأشرفية حيث كانت معالم الزينة قد رُفعت وتجمهر أهالي المنطقة لتحيته، فوقف حبيب الشرتوني على شرفة منزل جده المطلة على ساحة ساسين يراقب. وما إن دخل الجميّل حتى أسرع الشرتوني بالنزول إلى الشارع. استقل سيارة والده وتوجه إلى منزل خالته يولاند، حيث قام بتحضير جهاز الإرسال، لكنه عدل عن التنفيذ خشية سقوط عدد كبير من الضحايا. وفي مساء ذلك اليوم، عندما سأله لماذا لم يُنفّذ التفجير، ردّ بأن الجميّل لم يبقَ طويلاً. في الثلاثاء الذي تلاه، بقي الشرتوني متردّداً في التنفيذ. يسرد الحكم أنه عندما لاحظ العلم تردّد الشرتوني، راح يشدد على أهمية التنفيذ وعلى نتائجه المتمثلة في إحباط المشروع الأميركي للهيمنة على لبنان الذي بدأ بالاجتياح الإسرائيلي واستُكمل بانتخاب الجميّل رئيساً. وأقنعه بأن التنفيذ سيجعل منه بطلاً قومياً، فوعده الشرتوني بأنه سيُنفّذ في 14 أيلول.
في ذلك اليوم، حلق الشرتوني ذقنه في صالون مسعود في الأِشرفية. اتصل بشقيقته ووالده ليضمن أنهما سيكونان خارج المنزل لحظة التنفيذ. التقى بعدد من أصدقائه حيث دعا أحدهم إلى تناول المرطبات في منزل خالته. شرب حبيب زجاجة سفن أب ودخّن سيجارة، ثم أخبر صديقه أنه تعب يودّ الاستلقاء. استلقى الشرتوني نصف ساعة، ثم جلب جهاز التفجير ووضعه قرب السرير، واتصل بشقيقته نوال سعياً لإخراجها من البناء، ودعاها إلى زيارة ابنة عمتها سلوى التي وضعت مولودة، فاعتذرت بسبب إصابتها بالصداع. فأخبرها أنه سيذهب لزيارة ابنة عمته. اعتقدت أنه يريد إبقاء السيارة معه. بعد قليل عاود الاتصال بها، طالباً منها أن تحضر فوراً إلى ساحة ساسين لكونه يشعر بألم حاد في يده اليمنى يمنعه من القيادة، فطلبت منه ترك السيارة على أن تجلبها في المساء، إلا أن الشرتوني ألحّ عليها بنبرة توحي بأن عليها الحضور وأقفل السماعة، لكنها وصلت ولم تجده. حاول حبيب إنقاذ جيرانه، فاتصل بجاره روبير شاهين. عاد إلى منزل خالته لإتمام عملية التفجير. انتظر دقيقتين، فكّر خلالهما بعدد الضحايا الذين سيسقطون إلى جانب الجميّل، بيد أنه حسم تردّده بالضغط على زر التفجير. وما هي إلا ثوان حتى سُمع دويّ انفجار ضخم سقط فيه 23 ضحية.
بعد التفجير، توجه حبيب مع شقيقته إلى بلدته شرتون. أخبرت الأخيرة والديها بما حصل، في حين لزم حبيب الصمت. تناول قرصين من دواء مهدّئ للأعصاب ونام. في اليوم التالي، زار الشرتوني جيرانه الجرحى وقدّم واجب العزاء لعائلات الضحايا. وبعد يومين، دهم عناصر من «القوات اللبنانية» منزل الشرتوني واعتقلوه. وبنتيجة التحقيق، اعترف بعد عدة أيام بما أقدم عليه، ودلّ على المكان الذي خبّأ فيه جهاز التفجير، بعد تفخيخه.
القاضي جان فهد يخترع قانوناً جديداً!
رفض رئيس مجلس القضاء الأعلى القاضي جان فهد تسليم الصحافيين نصّ القرار الاتهامي في قضية بشير الجميّل عام 1982. وتذرّع «قاضي القضاة» بأن القانون لا يجيز ذلك، ما خلا لفرقاء الدعوى. وقال لـ«الأخبار» إنّ المجلس العدلي ارتأى أن يُسلّم نص القرار لفريقَي الدعوى حصراً.
هذه «البدعة» غير المسبوقة دشّنها فهد، رغم أنه كان قد وعد بالإفراج عن القرار الاتهامي مع صدور الحكم. ضرب الرجل بالمبادئ العامة في أصول المحاكمات الجزائية عرض الحائط، متناسياً أنّ المادة 239 منها تجيز «لجميع الفرقاء أن يطّلعوا على ملف الدعوى، وأن يأخذوا صورة عنه». لماذا قد يراعي رئيس مجلس القضاء الأعلى المدّعين الشخصيين بعدم توزيع القرار الاتهامي بسبب الحساسية السياسية، في حين أن السرية التي تحاط بها التحقيقات تزول حُكماً عندما تُصبح القضية في المحكمة؟ ألم يسمع «الريّس» بعبارة «حُكم صدر وأُفهم علناً»؟
القوات والكتائب يحتفلان… في حضور باسيل
تردّد صدى الحكم الذي أصدره المجلس العدلي يوم أمس في قضية بشير الجميّل سياسياً وشعبياً. ما إن نطق القاضي جان فهد بالحكم حتى توجّهت الأنظار إلى منطقة الأشرفية التي شهدت «احتفالاً» مساءً بـ«تحقيق العدالة»، شارك فيه المئات من أنصار حزبي الكتائب و«القوات»، وسط إجراءات أمنية مشددّة، إضافة إلى عدد من السياسيين، أبرزهم رئيس التيار الوطني الحرّ جبران باسيل، في حضور عائلة الجميّل، ورئيس حزب الكتائب النائب سامي الجميّل، ووزير الشؤون الاجتماعية بيار بوعاصي ممثلاً رئيس حزبه سمير جعجع، وحشد من مسؤولي الكتائب والمحازبين.
ورفعت في المكان صور لبشير الجميّل والأعلام اللبنانية والكتائبية، ولافتات كتب عليها «الأشرفية تمهل ولا تهمل»، «اليوم ينتهي نظام اللامحاسبة»، وغيرهما من الشعارات المرحّبة بصدور «حكم العدالة» في حق المقاوِمَين حبيب الشرتوني ونبيل العلم. وكانت القوى الأمنية قد أقفلت الطرق المحيطة بمكان المهرجان، بعد أن شهد توتراً منذ أيام على خلفية لافتة وضعت على تمثال الجميّل كتب عليها «إن أَعدمتم أَعدمنا وإن عفوتم عفونا وإن لم تصدّقوا اسألوا هذا الرجل. لكل خائن حبيب». وقد توجهت العائلة الى مسقط الجميّل في بكفيا حيث تم وضع نسخة من الحكم على ضريحه. وفي أول تعليق على الحكم، قالت أرملة الجميّل، صولانج توتنجي: «اليوم استعاد بشير وشهداء 14 أيلول بعض حقوقهم، لأن خسارة بشير لا تُعوّض»، معتبرة أن «القضاء أعاد الهيبة الى الدولة والمؤسسات وأعطى الأمل بإنصاف بقية شهداء القضية، وصولاً الى شهداء «ثورة الأرز». وقد شهد العديد من المناطق اللبنانية التي يوجد فيها حزب الكتائب احتفالات متنوعة.
النائب نديم الجميّل رأى أن «المجلس العدلي لم يصدر حكم بحق الشرتوني، بل بحق منظومة كاملة متكاملة امتدت على مدى 40 سنة، واليوم هناك أشخاص ينفّذون مخطّطاً إيرانياً».
وتعليقاً على الحكم، رأى الحزب السوري القومي الاجتماعي أنه «جائر تشوبه مغالطات قانونية كثيرة، وهو حكم يحرم المواطنين من حقهم في مقاومة الاحتلال، ويشكل طعناً في الصميم لآلاف الشهداء والضحايا والمقاومين الذين قضوا في مواجهة هذا الاحتلال»، مشيراً إلى أن «هذا الحكم يشكل إساءة للبنان، لأنّ أعلى سلطة قضائية فيه وقعت في خطأ عدم الإحاطة الكاملة بملف القضية المحالة إليها، من خلال فصله عن سياقه التاريخي؛ ففي المرحلة التي أقدم فيها حبيب الشرتوني على فعله المقاوم بدافع شريف، كان لبنان واقعاً تحت الاحتلال الإسرائيلي، وكان بشير الجميّل جزءاً من هذا الاحتلال وفي ضفته، يستدعيه ويؤازره ويساعده على فوز قواته». وقد أكد أصدقاء الشرتوني «أننا نحن من يريد دولة القانون، ولكن دولة القانون تعني أن يحاكم العميل بجرائمه وتعني أن تصدر قوانين عادلة تساوي بين أبناء الوطن الواحد»، مشيرين إلى أن «دولة القانون هي أن يحاسب من قام بالمجازر، ونحن من يريد المحاسبة، ونحن الحريصون على وحدة مجتمعنا ولم ننطق بالطائفة والعائلة».
اللواء 
700 مليار ليرة لتمويل السلسلة حتى نهاية السنة

تنشيط الإتصالات على خط بيروت – الرياض.. وتجدُّد الإنقسام في الشارع بين الكتائب والقومي
استعاد لبنان مشهد الانقسام، الذي عصف بلبنان منذ نهاية الستينيات، وبلغ محطات دموية في حرب السنتين، واغتيالات منذ العام 1977 و1982 و1989 وكان من أبرزها اغتيال الرئيس بشير الجميل بعد أيام قليلة على انتخابه رئيساً للجمهورية.
وعلى خلفية المحاكمة امام المجلس العدلي، والتي انتهت بالحكم باعدام العضوين في الحزب السوري القومي الاجتماعي نبيل العلم (من غير المؤكد إذا كان متوفياً أم لا) وحبيب الشرتوني، المتواري في قضية اغتيال الرئيس الجميل شهد الشارع انقساماً بين حزب الكتائب والحزب السوري القومي، وهو انقسام تاريخي بين الحزبين، ففيما كانت عائلة الرئيس الجميل، ومناصروه من حزبيين وقواتيين ومقربين تتابع لفظ حكم الإعدام، وتقيم لاحقاً احتفالاً خطابياً في الأشرفية ترحّب بالحكم القضائي، كان الحزب السوري القومي وبعض مناصريه ينظم وقفة احتجاجية امام المجلس العدلي.
وسط هذا الانقسام، بقيت الساحة الداخلية مشدودة إلى التطورات الإقليمية، والتهديدات الإسرائيلية للبنان، وإصرار الكونغرس الأميركي على إقرار عقوبات جديدة على حزب الله.
وفي إطار التشاور على خط بيروت – الرياض، علمت «اللواء» ان الاتصالات ستجدد على هذا الخط، في إطار التشاور حول الوضع في المنطقة، وانعكاساته على الوضع في لبنان وعموم الدول العربية.
وفي المعلومات ان شخصيات سياسية بارزة، ستلبي الدعوة لزيارة المملكة، بدءاً من هذا «الويك اند» ومن غير ان يستبعد مصدر مطلع ان يزور الرئيس سعد الحريري المملكة في الأيام القليلة المقبلة.
اعتماد الرواتب
رسمياً، كان الأبرز إقرار مجلس الوزراء الذي اجتمع في بعبدا أمس، بفتح اعتماد إضافي لتغطية كلفة إعطاء زيادة معيشة وتحويل سلاسل الرتب والرواتب لموظفي القطاع العام بقيمة 700 مليار ليرة تطبيقاً لقنون السلسلة، وذلك عبر ثلاثة مشاريع مراسيم بفتح اعتمادات إضافية لتغطية فروقات كلفة غلاء المعيشة، وهي حسب المصادر الوزارية من ضمن كلفة السلسلة وليست إضافة عليها.
مجلس الوزراء
وذكرت مصادر وزارية انه حصل في بداية الجلسة نقاش سياسي قصير بعد مداخلة الرئيس ميشال عون التي تناول فيها موضوع النازحين ولقائه سفراء الدول والمنظمات الدولية المعنية بالازمة السورية، حيث اشار الى اختلاف وجهات النظر بينه وبينهم، وتلاه رد من الرئيس الحريري، وتقرر احالة الموضوع للبحث المعمق في سبل توفير عودة النازحين الى اللجنة الوزارية الخاصة، نظرا لوجود اراء متباينة بين القوى السياسية حول مقاربة الملف، واعلن الحريري ان اللجنة ستجتمع الاسبوع المقبل.
واضافت المصادر: لدى طرح وزير الطاقة والمياه سيزار ابي خليل تقرير ادارة المناقصات عن مناقصة تلزيم استجرار الكهرباء من البواخر والتي لم تفز فيها ولا شركة لعدم توافر الشروط، تم الاتفاق على تمديد مهلة دفتر الشروط لتستكمل الشركات الراغبة كامل ملفاتها والمستندات المطلوبة اسبوعاً وعرضها مجددا على ادارة المناقصات، وتم تشكيل لجنة وزارية برئاسة الرئيس الحريري للاطلاع على الملف واتخاذ القرار سواء وافقت هيئة المناقصات على العروض ام لم توافق بحيث يضع مجلس الوزراء يده هذه المرة على كل الموضوع. وقد اعترض وزراء «القوات» على هذا القرار ورفضوا المشاركة في اللجنة اعتراضا على كامل مسار ملف التلزيم من البداية، واستبعاد ادارة المناقصات. 
وعبر نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الصحة غسان حاصباني عن موقف «القوات» بالقول لـ«اللواء»: لا نستطيع ان نمشي بأي قرار خارج اطار قانون المحاسبة العمومية، وبما انه لم تكن هناك منافسة فقد طرحنا من ستة اشهر تمديد مهلة استدراج العروض وأن تستوفي كل الشروط لتحصل المنافسة بين الشركات مع مراعاة كل الاجراءات القانونية، علما ان وزير الطاقة اكد في الجلسة ان مهلة تقديم العروض كانت قصيرة. كماانه لا يجوز ان يقرر مجلس الوزراء اي قرار خارج قانون المحاسبة العمومية وان يلعب مجلس الوزراء عبر لجنة وزارية دورهيئة ادارة المناقصات لذلك لم نشارك في اللجنة التي تم تشكيلها. 
اضاف: لم يفتح الباب منذ البداية امام منافسة حقيقية بين الشركات، لذلك اعترضنا منذ البداية على المسار الذي سارت فيه قضية بواخر الكهرباء ولن نشارك في هذا المسار. ومن حقنا ان نعترض. 
وحول ما قاله وزير الطاقة عن تعطيل «القوات» للقرار: رد حاصباني: لا اعلم كيف بنى رأيه اننا نعطل، نحن حقنا الاعتراض على امر لا نراه قانونيا، ولو سار الوزير من البداية في المسار الصحيح ووفق قانون المحاسبة العمومية من ستة اشهر لكان لدينا كهرباء اليوم. والتاخير الحاصل سببه المحاولات المتكررة لتجاوز قانون المحاسبة. 
ولدى طرح بند تكليف وزير الاقتصاد التفاوض مع شركة «ماكينزي» لوضع دراسة حول خطة النهوض الاقتصادي، اعترض وزير «حزب الله» حسين الحاج حسن لأن المهلة المعطاة للشركة طويلة جدا بينما المطلوب خطة اقتصادية سريعة، كما تحفظ وزير شؤون التخطيط ميشال فرعون، والوزير حاصباني، الذي اعتبر ان التعاقد مع استشاري اقتصادي من دون وجود وضوح حول ما هو مطلوب منه بالتحديد وعلى المبلغ المطلوب وهو مليون و300 الف دولار، والذي تم تحديده قبل تحديد نطاق العمل، وهذا امر مهم بالنسبة للشركات الاستشارية العالمية، إلا أن البند أقر.
 وقال حاصباني ان لبنان لا يحتاج الى تحديد هوية بل رؤية اقتصادية تنسحب على اولويات النمو والموازنة وخطط الوزارات. وعلينا بالتوازي مع إجراء الدراسة ان نقوم بورشة عمل عاجلة لتحديد اولويات الاقتصاد قبل بدء مناقشة موازنة العام 2018، فهذا الموضوع عاجل ولا ينتظر اربعة اوخمسة اشهر ريثما تنتهي الدراسة. 
وعين مجلس الوزراء مجالس ادارة لست مستشفيات حكومية، باستثناء مستشفى طرابلس الحكومي، الذي طلب الرئيس الحريري تأجيل تعيين مجلس إدارته للأسبوع المقبل. وعلم ان السبب يعود الى ان موضوع مستشفى طرابلس طرح في اخر الجلسة وتمت تلاوة الاسماء المقترحة للتعيين وكانت بحاجة الى تمعن واستفسار اكثرفيها، فاقترح وزير العمل محمد كبارة تأجيلها للاسبوع المقبل ووافقه الرئيس الحريري نظرا لانتهاء وقت الجلسة. 
 وتم تأجيل بند اعتماد التفكك الحراري للنفايات الى الجلسة المقبلة لغياب عدد الوزراء عن الجلسة ولأن الموضوع بحاجة الى مزيد من الدرس بموافقة كل الاطراف الحكومية.
وفي ما يتعلق بتعيين مجلس إدارة جديد لتلفزيون لبنان، تردّدت معلومات ان المرشح الكاثوليكي توفيق طرابلسي، هو الأوفر حظاً، وهو مرشّح الوزير باسيل لتولي هذا المنصب.
طعن كتائبي بالموازنة
وإذا كان مجلس الوزراء لم يتناول موضوع إقرار موازنة العام 2017 بامتناع نواب من «القوات اللبنانية» و«حزب الله» واعتراض كتائبي، الا من باب الحث على الإسراع في درس وإقرار مشروع موازنة العام 2018، الا ان الخرق الدستوري الذي حصل بما يتعلق بمسألة قطع الحساب، خلافاً للمادة 87 من الدستور، ظل يتفاعل نيابياً، على الرغم من ان الموازنة باتت قانوناً.
وتركز النقاش في هذه المسألة تحديداً على نقطتين:
الاولى: إمكانية الطعن بالموازنة، على غرار ما حصل في قانون الضرائب الممولة لسلسلة الرتب والرواتب.
والثانية: حول إمكانية استمرار التوافق السياسي الذي أنتج موازنة الـ2017، لانتاج موازنة الـ2018؟
والثابت، ان كلا النقطتين ليستا محسومتين بعد، وإن كان من الجائز القول ان التوافق السياسي بين أركان السلطة الحالية، مرشّح لأن يستمر حتى موعد الانتخابات النيابية المقبلة، حيث يفترض بعدها ان يتفرق «عشاق التسوية الراهنة»، في حين انه من غير المضمون أن تتمكن الحكومة من وضع مشروع موازنة الـ2018 ضمن المهلة الدستورية والتي لا تجيز تأخيرها إلى ما بعد كانون الثاني من العام الجديد، في حال انشغلت هي والمجلس النيابي في الحملات الانتخابية والتي يفترض ايضا ان تنطلق مع مطلع العام.
اما بالنسبة للطعن بموازنة الـ2017، فإن الثابت حتى الآن ايضا، ان حزب الكتائب الذي كان رأس الحربة في الطعن بقانون الضرائب، يرصد حاليا المخالفات التي حصلت في جلسات إقرار الموازنة، سواء في ما يتعلق بقطع الحساب أو الموازنة من أجل اعداد نص الطعن الذي سيناقشه مع من يعتبر انهم مستعدون للانضمام إليه في هذا المسار مجددا، من اجل تأمين عشرة نواب، علما ان نواب «القوات» الذي امتنعوا عن التصويت على الموازنة، وكذلك حزب الله لن يجاروا الكتائب في تقديم الطعن.
ولفت مصدر قواتي في هذا المجال ان الامتناع عن التصويت جاء من منطلق مبدئي بسبب تعليق المادة 87 من الدستور المرتبطة بقطع الحساب، وهذا ما نعتبره ضربا للدستور واحكامه، مع العلم اننا موافقون على ارقام الموازنة بنفقاتها وايراداتها ولكن لا يجوز نشرها قبل إتمام قطع الحساب.
وبحسب مصادر قانونية كتائبية فإن الحزب ينطلق في تقديم الطعن إلى جانب مسألة قطع الحساب من ان المجلس خالف الدستور لا سيما المادة 84 منه التي تنص على انه في خلال شهر تشرين الأوّل يجب ان يناقش موازنة السنة المقبلة، أي انه كان على النواب ان يناقشوا موازنة الـ2018 وليس موازنة 2017، وفي هذه الحال، فإن المجلس ارتكب مخالفة دستورية مرتبطة بالمهل القانونية.
المجلس العدلي
في هذا الوقت، نجحت الإجراءات الأمنية المشددة التي اتخذتها قوى الأمن الداخلي في محيط قصر العدل، وباشراف مباشر من وزير الداخلية نهاد المشنوق، الذي قطع جلسة مجلس الوزراء في بعبدا، لمتابعة هذه الإجراءات، في تطويق ذيول الحكم الذي أصدره المجلس العدلي أمس، بلسان رئيسه القاضي جان فهد، في قضية اغتيال الرئيس بشير الجميل ورفاقه الـ23 في تفجير بيت الكتائب في الأشرفية في 14 أيلول 1982 أي قبل35 سنة، وقضى الحكم باعدام المتهم الرئيسي في هذه الجريمة حبيب الشرتوني، وكذلك نبيل العلم الذي حرضه على ارتكابها وتجريدهما من حقوقهما المدنية والسياسية.
وحضر جلسة النطق بالحكم مسؤولون كتائبيون وقواتيون وشخصيات سياسية ومناصرون الذين اعربوا عن ارتياحهم للحكم، بوصفه انتفاضة للقضاء اللبناني، في وقت نظم فيه أنصار الحزب السوري القومي الاجتماعي الذي ينتمي الشرتوني والعلم إليه تظاهرة في منطقة بدارو لاستنكار الحكم، من دون ان يسجل أي احتكاك بين أنصار الطرفين بسبب الطوق الأمني الذي فرضته القوى الأمنية.
يذكر ان الحزب القومي أعاد شد عصب قيادته بإعادة انتخاب النائب أسعد حردان رئيسا له بعد استقالة مفاجئة للوزير علي قانصو.
ولاحقاً، أقيم احتفال في ساحة ساسين في الأشرفية جمع ممثلين عن الأحزاب المسيحية الثلاثة: الكتائب و«القوات» و«التيار الوطني الحر» إلى جانب «الوطنيين الأحرار» والتنظيم، شارك في جزء منه رئيس التيار العوني الوزير جبران باسيل إلى وزراء ونواب من الأحزاب المسيحية، قبل أن تنتقل عائلة الجميل إلى بكفيا حيث وضعت أكاليل زهر على ضريح بشير الجميل مع نص حكم المجلس العدلي.
وعلم أن بسيل كاد يتوجه الي بكفيا، لكن عندما تأخر الحفل قرّر التوجه إلى الأشرفية، والوقوف إلى جانب عائلة الجميل.
في إطار آخر، نفى النائب وليد جنبلاط ان يكون لديه مسؤول أمني خارج إطار مسؤول حراسة المختارة وحراسة كليمنصو، معلنا انه يركن للدولة في التحقيق مع سليم أبو حمدان المقرب منه.
البناء
موسكو تضع وحدة وسيادة العراق وسورية بوجه الأكراد والأميركيين والأتراك و«إسرائيل»
«القومي»: الحكم على الشرتوني والعلم يُصيب حق المقاومة ويطعن تضحيات المقاومين
تأبين لزهر الدين بخلدة الأحد
مسؤول سابق لأمن جنبلاط متعامل 
عون يردّ قوانين ترقيات

نقلت مصادر إعلامية روسية مقرّبة من الكرملين توجهاً لدى الرئيس الروسي فلاديمير بوتين نابعاً من القلق على مستقبل ترتيبات الوضعين الأمني والسياسي في سورية والعراق، في ضوء مؤشرات الحسابات الصغيرة التي تحكم سلوك اللاعبين الواقفين على الضفة الأخرى، مقابل روسيا أو في الوسط، وخشيته من التأقلم مع مناطق التهدئة وجمود الحلّ السياسي. وقالت المصادر إنّ موسكو بدأت بإبلاغ الأميركيين والأتراك والأكراد و«إسرائيل»، بأنّ وحدة سورية والعراق وسيادة الدولة فيهما خط أحمر روسي نابع من كون الاستقرار التامّ مستحيل من دون هذه الشروط. موسكو لم تقدّم بالتضحيات التي بذلتها والأخطار التي تحمّلتها، لتقف في منتصف الطريق وتترك الإنجازات تتآكل، وتجد نفسها في قلب حرب استنزاف، والطريق الوحيد المتاح هو اجتثاث الإرهاب نهائياً من سورية والعراق، وإنجاز حلّ سياسي يجعل الدولة المركزية في سورية والعراق صاحبة اليد العليا، ويقيم حلولاً سياسية للقضايا الخلافية بين أطراف المعادلة في كلّ من البلدين تفتح طريق الممارسة الديمقراطية والتعايش السلمي بين المكوّنات وحفظ خصوصياتها وحقوقها بما لا يعرّض السيادة والوحدة للخطر.
وتوقعت المصادر أن ينتج عن الرسالة الروسية القوية التي وصلت للأطراف المعنية، تحرّك دبلوماسي وسياسي وأمني، ينتج عنه تسارع الحرب على الجماعات الإرهابية، ووضع روزنامة تتيح الخروج من الأوضاع الاستثنائية للوجود الأميركي والتركي في سورية بالتزامن مع عودة الدولة السورية لتسلّم مسؤولياتها حتى الحدود، والانتهاء من ذيول الاستفتاء حول الانفصال حول كردستان.
في لبنان، بقيت تداعيات مناقشات الموازنة العامة والتحضير لموازنة العام 2018 في الواجهة، كما التجاذبات السياسية والرئاسية على نار هادئة لا تصيب التفاهمات التي أنتجت الموازنة وسلسلة الرتب والرواتب، فقام رئيس الجمهورية بإبلاغ الوزراء بردّه قوانين ترقيات ضباط في قوى الأمن الداخلي والأمن العام إفساحاً في المجال أمامهم للتقاعد، ما يجعل قضيتهم أمام الحكومة بموجب أحكام صادرة عن مجلس شورى الدولة لصالحهم.
في الشأن السياسي تداولت الأوساط الإعلامية والسياسية نبأ توقيف مسؤول سابق لأمن النائب وليد جنبلاط بتهمة الاشتباه في تعامله مع العدو بعد اعترافات شبكات تمّ ضبطها من الأجهزة الأمنية، ما استدعى نفياً جنبلاطياً لصلته بالموقوف منذ سنوات، بالتزامن مع تصريحات جنبلاطية تناولت اللواء السوري عصام زهر الدين الذي استشهد في دير الزور وشيّعه السوريون أمس، بحشود من عشرات الآلاف من المواطنين بحضور رسمي وسياسي وعسكري، بينما يقيم النائب طلال إرسلان حفلاً تأبينياً لتلقي التعازي باللواء زهر الدين بدارته في خلدة الحادية عشرة قبل ظهر غد الأحد ويتحدّث خلاله أرسلان والسفير السوري في لبنان علي عبد الكريم.
الحدث اللبناني الأبرز الذي شغل السياسة والإعلام، كان الحكم الجائر الذي أصدره المجلس العدلي بحق المقاومَيْن القوميَّيْن نبيل العلم وحبيب الشرتوني في قضية إنزال حكم الشعب بإعدام بشير الجميّل الذي وصل إلى كرسي الرئاسة على دبابات الاحتلال «الإسرائيلي»، حيث اعتصم القوميون ورفاق الشرتوني والعلم ومناصروهما أمام المجلس العدلي استنكاراً للحكم، وتعبيراً عن التمسك بخيار المقاومة بوجه الاحتلال وعملائه، واعتبار ما قام به الشرتوني تعبيراً عن انتماء عميق لخيار المقاومة ترجم رفض اللبنانيين لذلّ الاحتلال ومنتجاته.
«العدلي»: الإعدام للعلم والشرتوني و«القومي» وصَفَهُ بالجائر
أصدر المجلس العدلي أمس حكم الإعدام في حق الأمينين نديم العلم وحبيب الشرتوني في قضية اغتيال الرئيس بشير الجميل ورفاقه.
ووصف الحزب السوري القومي الاجتماعي حكم المجلس العدلي ضدّ الأمينين العلم والشرتوني بالجائر وتشوبه مغالطات قانونية، «لأنّ الدستور والقوانين اللبنانية والدولية تكفل للمواطنين حق مقاومة الاحتلال وعملائه».
وفي بيان أصدره عميد الإعلام في الحزب معن حمية، قال فيه: «إنّ الحكم الذي أصدره المجلس العدلي، بحق الأمينين نبيل العلم وحبيب الشرتوني، هو حكم جائر تشوبه مغالطات قانونية كثيرة. وهو حكم يُحرم المواطنين من حقهم في مقاومة الاحتلال، ويشكل طعناً في الصميم لآلاف الشهداء والضحايا والمقاومين الذين قضوا في مواجهة هذا الاحتلال».
وأضاف: «كما يشكّل هذا الحكم إساءة للبنانيين، لأنّ أعلى سلطة قضائية في الدولة اللبنانية، وقعت في خطأ عدم الإحاطة الكاملة بملف القضية المحالة إليها، من خلال فصله عن سياقه التاريخي. ففي المرحلة التي أقدم فيها حبيب الشرتوني على فعله المقاوم بدافع شريف، كان لبنان واقعاً تحت الاحتلال «الإسرائيلي»، وكان بشير الجميّل جزءاً من هذا الاحتلال وفي ضفته، يستدعيه ويؤازره ويساعده على فوز قواته.
وتابع البيان: «عليه، فإنّ الفعل الذي قام به حبيب الشرتوني قبل خمسة وثلاثين عاماً، يحوز على الشرعية الشعبية والقانونية والأخلاقية، حيث إنّ الدستور والقوانين اللبنانية تكفل للمواطنين حق مقاومة الاحتلال، وكلّ من يتعاون مع هذا الاحتلال ضدّ بلده وشعبه، كما أنّ هذا الحق مكفول بالقوانين الدولية».
وأشار «القومي» الى أن «اللافت أنه وقبل إصدار الحكم الجائر، توفرت للقضاء اللبناني كلّ الفرص للإحاطة بهذا الملف، إحاطة شاملة وكاملة، من خلال الوثائق والصور والمواقف والتصريحات، التي تثبت تورّط بشير الجميّل في التنسيق مع العدو الصهيوني وتحريضه على اجتياح لبنان ومشاركة قواته في ارتكاب جرائم القتل بحق اللبنانيين، بهدف الوصول الى سدة الرئاسة، وسلخ لبنان عن محيطه الطبيعي وربطه بالعدو الصهيوني».
واعتبر البيان أنه «من نتائج الاحتلال الصهيوني للبنان، آلاف الشهداء الذي قضوا بالقصف والمجازر وعمليات القتل التي نفذها العدو وعملاؤه بحق اللبنانيين، لا سيما الأطفال، ومئات المخطوفين الذين لا يزال مصيرهم مجهولاً، ولذلك، كان يجب أن تشمل المحاكمة مرحلة الاجتياح بكلّ جرائمه ومجازره وأدواته، وهي جرائم لا يمرّ عليها الزمن».
ولفت الى أن «المستهجن والمستغرب، هو الاجتزاء الحاصل في الملفّ، وعدم التفريق بين فعل المقاومة وفعل الخيانة. ففعل المقاومة منذ العام 1982 حتى اليوم، أسقط المشروع «الإسرائيلي» في لبنان، وشكّل مرتكز بناء الدولة بكلّ مؤسساتها، أما فعل الخيانة فقد جلب الويل والعار على لبنان».
وختم البيان: «إنّ الحكم الذي صدر اليوم، ينكأ جراح آلاف العائلات والأسر التي فقدت أبناءها نتيجة الاحتلال الصهيوني وبسبب من تعامل مع هذا العدو من قوى لبنانية داخلية معروفة، عدا عن كونه يمسّ حقاً أساسياً كفله الدستور، وهو حق المواطنين بمقاومة الاحتلال وأعوانه، في وقت ينصبّ كلّ الجهد من أجل تحصين لبنان في مواجهة العدو الصهيوني والإرهاب، يأتي هذا الحكم ليعزز لدى البعض الشعور بأنّ العمالة مباحة ومحميّة، والمقاومة معاقبة بالقانون. حمى الله لبنان واللبنانيين، من آثام العمالة والإجرام».
إقرار الموازنة نصف إنجاز
بالعودة الى الملفات المحلية، نفض المجلس النيابي عنه غبار معركة الموازنة التي عُلِقت على عقبة قطع الحساب قرابة اثنتي عشر عاماً بعد أن أقرّ المجلس أمس الأول مشروع موازنة العام 2017، ما يفتح الباب أمام إعادة تصحيح وانتظام المنظومة المالية مع تأكيد الحكومة أنها ستباشر في مناقشة موازنة الـ2018 في مجلس الوزراء اعتباراً من الأسبوع المقبل في جلسات متتالية لإحالتها الى البرلمان وضمّها الى الموازنات السابقة وفقاً للتسوية السياسية المالية القائمة.
وقال خبراء ماليون لـ «البناء» إن ما توصل اليه المجلس النيابي بعد جلسات مناقشة الموازنة هو نصف إنجاز باتجاه انتظام المال العام وتعزيز الدور الرقابي للمجلس، حيث استطاع المجلس أن يحدّد ويضبط حسابات 2017، لكنها خطوة غير كافية وتحتاج الى خطوات اضافية تتعلق بقطع الحساب للسنوات الماضية وموازنات الأعوام المقبلة، حيث لا قطع حساب منذ العام 1990 حيت تمّ تصفير الحسابات حينها».
ولفت الخبراء الى أن «إقرار الموازنة من دون قطع حساب يشكل مخالفة دستورية، لكن في الوقت نفسه لا يمكن للمجلس انتظار وزارة المال لإجراء حسابات السنوات الماضية لإقرار الموازنة»، ورجّح الخبراء أن ينسحب التوافق السياسي السائد في لبنان على إنجاز موازنة 2018 التي بات إقرارها عملية سهلة بعد إقرار موازنة 2017، لكن لن ينتظم العمل المالي إلا بعد إقرار موازنة العام 2019 وانجاز الحسابات المالية منذ العام 2006 حتى الآن».
وطالب رئيس لجنة المال والموازنة النائب إبراهيم كنعان الحكومة بـ «إحالة موازنة 2018 في موعدها، وبحدّ أقصى قبل نهاية الشهر الحالي، لنمارس رقابتنا البرلمانية قبل فوات الأوان. فلن نرتاح في لجنة المال قبل تحقيق أهدافنا حتى النهاية».
وأكد النائب كنعان في مؤتمر صحافي عقده في المجلس النيابي، أن «الموازنة في موعدها الدستوري، ستمنحنا فرصة أكبر للرقابة والإصلاح، لأن الأسباب التي أعطيت للعودة عن بعض الاعتمادات المخفضة هي أن هناك مبالغ أنفقت». واعتبر أن «الحكم استمرارية، والتزام الحكومة ليس التزام أشخاص بل مؤسسات. ورقابتنا ستستمر كائناً من كان في الحكومة وسنكمل بلجنة المال بالوتيرة نفسها». وقال: «لقد قاربنا مكامن هدر لم يدخلها أحد من قبل، من الجمعيات والأبنية المؤجرة وسواها، وفي العام 2018 لا مبرر لعدم الغوص بها أكثر».
مجلس الوزراء
إلى ذلك، عقد مجلس الوزراء جلسة بعد ظهر أمس في بعبدا لمناقشة 63 بنداً تناولت مواضيع مالية وإدارية وقانونية، وتركّزت مناقشاتها حول ملف بواخر الطاقة والخطة الاقتصادية للحكومة، وتطرق رئيس الجمهورية العماد ميشال عون في بدايتها الى ملف النزوح السوري فأطلع مجلس الوزراء على اللقاء مع سفراء الدول الدائمة في مجلس الأمن والاتحاد الأوروبي والأمم المتحدة والجامعة العربية، ودعا إلى تفعيل عمل اللجنة الوزارية الخاصة بالنازحين واتخاذ إجراءات لضبط الحدود. وقال «لن ننتظر الحل السياسي أو الأمني في سورية بل واجب علينا أن ندافع عن مصلحة وطننا»، مشدّداً على ضرورة أن تكون هناك نظرة واحدة لمقاربة موضوع النازحين هدفها مصلحة لبنان. أما رئيس الحكومة سعد الحريري فأكد «أن مقاربة موضوع النازحين ستكون موضع متابعة خلال الاجتماع المقبل للجنة الوزارية لدرس ورقة العمل المعدّة»، لافتاً الى أن العبء الذي تشكله أزمة النازحين ينسحب على الأوضاع كلها في لبنان، ومعتبراً أن المهم هو التعامل مع هذا العبء بشكل نحفظ فيه مصالح لبنان. وقال «أكرّر أن شعاري هو لبنان أولاً ودائماً، رغم كل ما أسمعه من ملاحظات وستبحث اللجنة عن حلول مناسبة لهذا الموضوع».
وسبقت الجلسة خلوة بين رئيسَيْ الجمهورية والحكومة عرضت الأوضاع العامة والمستجدات.
وقرّر مجلس الوزراء التمديد أسبوعاً للشركات في مناقصة ملف الكهرباء لاستكمال الأوراق والمستندات المطلوبة لدى إدارة المناقصات التي ترفع تقريرها الى لجنة وزارية برئاسة رئيس الحكومة وعضوية وزراء: الطاقة والمالية والشباب والرياضة والأشغال العامة، والوزيرين أيمن شقير وعلي قانصو، مهمّتها درس العروض وتقديم النتيجة الى مجلس الوزراء. وقد اعترض وزراء القوات اللبنانية على القرار.
وقالت مصادر وزارية لـ «البناء» إن «قرار مجلس الوزراء ليس إلغاء لدور إدارة المناقصات، بل قرّر تمديد أسبوع إضافي للشركات التي لم تقدّم المستندات المطلوبة الكاملة، على أن ترسل ادارة المناقصات تقريرها الى اللجنة التي بدورها تعرضه على مجلس الوزراء».
وأوضحت المصادر أن «مجلس الوزراء مدّد المهلة بعدما تبيّن أن شركة واحدة فقط قدمت الأوراق المطلوبة وكي لا تظهر وكأن هناك صفقة لتلزيم هذه الشركة، تمّ التمديد للشركات التي لم تقدم الأوراق كاملة».
وكشفت المصادر أن اعتراض وزراء «القوات» ليس على تشكيل اللجنة، بل على أنها طالبت بإعطاء مهلة لجميع الشركات وفتح باب المنافسة للشركات كلها وليس لبعض فقط، علماً أن «القوات تعارض خطة الكهرباء بمجملها».
كما قرّر مجلس الوزراء فتح اعتماد إضافي لتغطية كلفة إعطاء زيادة معيشة وتمويل سلاسل الرتب والرواتب لموظفي القطاع العام قيمته 700 مليار ليرة تطبيقاً لقانون السلسلة، ووافق على درس مشروع استقدام 3 محطات استيراد الغاز الطبيعي المسال الى لبنان بعد تعديل دفتر الشروط، وتكليف وزارة الصناعة إعداد دراسة حول كيفية إفادة المصانع من المشروع. والمحطات ستُقام في: الزهراني، دير عمار، سلعاتا. كما عين مجالس ادارة 6 مستشفيات حكومية هي: مستشفى الكرنتينا، مستشفى فتوح كسروان البوار الحكومي، مستشفى سبلين، مستشفى الياس الهرواي في زحلة، مستشفى صيدا الحكومي، مستشفى جزين الحكومي».