“مقاومو” 14 آذار في غزة، وهنية حمل زهرة تحيات “حماس” إلى جعجع!

جمعيات “الروتاري” والتجسس : كيف تجند وكالة الإستخبارات المركزية طلّابا لبنانييّن في جامـعات أميركا؟
عزلة قطر : هل حاول آل ثاني التأثير على موقف الصين من سوريا!؟
كرونولوجيا الأزمة الأوكرانية (تشرين الثاني/نوفمبر ـ 11 آذار 2014)

كان بإمكان «مقاومي 14 آذار» زيارة مخيمات لبنان بدلاً من التوجه الى غزة إذا كان هدف زيارتهم التضامن مع الشعب الفلسطيني. فالأقربون أولى بالمعروف، واللاجئون في المخيمات اللبنانية يعيشون أوضاعاً إنسانية أسوأ من التي يعيشها أبناء غزة، أقله فإن أبناء القطاع الذي كان محاصراً يعيشون في وطنهم، كما لا يمكن نواب 14 آذار أن يكونوا مع الفلسطينيين في فلسطين وضدهم في لبنان، وذلك من خلال منع إقرار حقوقهم الاجتماعية والمدنية.

هكذا، جاءت زيارة وفد 14 آذار الى قطاع غزة في وقت لم يكن يتوقعه أحد. ففي عام 2008 كان هناك عدوان إسرائيلي على القطاع أعنف من حرب الأيام الثماني الأخيرة. فما الذي تغيّر لكي يزور وفد من 14 آذار غزة في هذا التوقيت تحديداً؟
يجيب أحد المسؤولين في السفارة الفلسطينية في بيروت عن ذلك قائلاً إن «14 آذار تستغل خلاف حماس مع النظام السوري لتوجيه سهامها ضد حزب الله في لبنان». بحسب الرجل، فإن «زيارة الوفد هي للاستغلال في البازار الداخلي اللبناني في حال اتهمهم حزب الله بأن 14 آذار ضد المقاومة، حينها سيجيبون بأنهم كانوا في غزة للتضامن مع المقاومة هناك». لكن زيارة نواب 14 آذار للقطاع بدون التنسيق مع السفارة الفلسطينية أثارت استياء المسؤولين فيها. فهذا الأمر «سيعمّق الخلاف الفلسطيني الموجود حالياً» يقول مسؤول آخر فيها، إذ إن الشرعية بحسب رأيه هي «السلطة الموجودة في رام الله، والمرور إلى غزة يجب أن يكون من خلالها، أو أقل الإيمان كان يجب إعلام السفارة نيّة النواب التوجه الى هناك».
استياء السفارة الفلسطينية من تصرّف نواب 14 آذار لا ينحصر في تجاهلهم كجهة رسمية في لبنان فقط. فقد انتقد مسؤولو حركة فتح الزيارة، معتبرين أن «ما قام به النواب هو كمن يؤيّد كل ما يرفضونه ويهاجمونه في لبنان». يعطي الرجل مثالاً على ذلك أن «14 حزيران 2007 والانقلاب العسكري الذي قامت به حركة حماس في غزة شبيه بـ7 أيار 2008»، كما أن المحور السوري الإيراني الذي يهاجمه عادة صقور 14 آذار هو «الداعم الأول للفصائل الموجودة في غزة».
بالطبع لا تقف الانتقادات عند هذا الحد، إذ إن مشاركة النائب القواتي أنطوان زهرا استدعت «شماتة» السفارة. فحماس لطالما انتقدت فتح بسبب انفتاحها على القوات اللبنانية. وعندما أعلن السفير السابق عباس زكي من بيت الكتائب المصالحة مع الأحزاب اللبنانية التي أسهمت في قتل الفلسطينيين، انتقدت الحركة الإسلامية هذا الإعلان، معتبرة أنه لا يمثّل كل مكوّنات المجتمع الفلسطيني. اليوم انقلبت الأدوار. ويسخر أبناء فتح من تغير مواقف الحركة حالياً، إذ إن زهرا بالنسبة إليهم غير المرحّب به في لبنان، يحتفى به في القطاع.
إذاً، تجاوُز دور السفارة في لبنان، بحسب أبناء فتح ومسؤولي السفارة، سيسهم في تقوية حماس على حسابهم. ويقول مسؤولو السفارة إن الأمانة العامة لـ14 آذار نسّقت هذه الزيارة مع مسؤولي العلاقات الخارجية في حماس، إضافة إلى أن معظم أبناء الحركة لم يكونوا مطّلعين على زيارة الوفد.
أما بالنسبة إلى حركة حماس في لبنان، فهي رفضت زيارة النائب القواتي الى غزة، كما قال مسؤولون فيها، إذ إننا «لسنا على تواصل مع القوات في لبنان، وهذا خط أحمر بالنسبة إلينا»، يقول مسؤول حمساوي كبير. يضيف: «لكن الإخوة في قطاع غزة لهم رؤيتهم الخاصة، ولا يستطيعون منع من يريد التضامن معهم من دخول القطاع».
هكذا، ورغم فكّ الحصار عن قطاع غزة، لا تزال الحكومة المقالة تتصرف كأنها محاصرة، ما جعلها تستقبل كل من يريد التضامن معها، حتى لو كان المتضامن مع المقاومة في غزة، ضدها في لبنان. من جهته، أشار عضو كتلة المستقبل النائب أمين وهبي إلى أن «زيارة وفد 14 آذار لقطاع غزة تأتي في إطار التضامن مع الشعب الفلسطيني»، لافتاً إلى أننا «تكلمنا خلال المحادثات في غزة عن تجربتنا في لبنان».
وفي حديث تلفزيوني، قال وهبي إن «الأساس في هذه الزيارة هو موقف التضامن مع الفلسطينيين في التصدي لآلة القتل الإسرائيلية»، لافتاً إلى أن «رئيس الحكومة المقالة إسماعيل هنية بلغ رسالة شكر إلى كل المتضامنين مع فلسطين، وتقديره لتضحية اللبنانيين واعتزازه بصمود الشعب اللبناني بوجه إسرائيل، كما قال إننا بحاجة إلى كل أشكال الدعم، بالإشارة إلى الدعم الإيراني، ولكن الاعتماد الأساسي هو على طاقات الشعب الفلسطيني والإمكانيات الذاتية. ونحن نتفق على دعم القضية الفلسطينية، ولكن نختلف حول ما يجري في سوريا». أما زميله النائب جمال الجراح، فقد قال إن «عضو كتلة القوات اللبنانية» النائب أنطوان زهرا كان من الأسماء الأولى التي أرسلت إلى حركة حماس لزيارة قطاع غزة، مشيراً الى أن «رئيس الحكومة الفلسطينية المقالة إسماعيل هنية حمّل زهرا السلامات والرسائل الإيجابية والامتنان والمودّة لرئيس «القوات اللبنانية» سمير جعجع.
لكن مهما كانت مهمة الوفد الآذاري في غزة، فإن مواقفه ودعمه المعنوي لن تفيد أبناء القطاع بشيء. فالأهم الآن هو إعادة تسليح المقاومة بالصواريخ التي تؤلم إسرائيل أكثر من تحيات زهرا إلى هنية، أو موّدة هنية لرئيس القوات.

COMMENTS