افتتاحيات الصحف اللبنانية، يوم الجمعة 22 تشرين الثاني، 2019

افتتاحيات الصحف اللبنانية، يوم الثلاثاء 2 آب، 2022
افتتاحيات الصحف اللبنانية، يوم الثلاثاء ‏01‏ آذار‏، 2022
إفتتاحيات الصحف اللبنانية، يوم الجمعة 18 أيار، 2018

رد الحراك الشعبي في صيدا على التدخل الأميركي في شؤون لبنان. أحرق المحتجون والمعتصمون العلم الأميركي وأحرقوا العلم "الإسرائيلي" أيضاً. وهذا أوضح موقف يصدر عن إحدى ساحات الحراك ضد مواقف واشنطن التي تسمح لمسؤوليها بتحديد ما يجب أو ما لا يجب أن يفعله اللبنانيون في وطنهم، خصوصاً في شأن المقاومة الوطنية ضد احتلال "إسرائيل" أراضينا. ساحة الحراك الصيداوي طليعية. حراك صور أصدر بياناً ضد التدخل الأميركي. لكن بقية الساحات، لا سيما النبطية ـ كفررمان وبيروت وطرابلس وحلبا، لم تصدر مبادرات واضحة. حماية الإستقلال الوطني وترسيخه، هو من واجبات الحراك الشعبي على امتداد الوطن. تنظيم "العرض المدني" بمناسبة عيد الإستقلال في ساحة الشهداء، على ضآلة أعداد المشاركين، كان فرصة لإطلاق موقف من قلب العاصمة يستنكر التدخل الأميركي. في هذا الوقت، ثمة محادثات واتصالات جارية بين اطراف النظام لتشكيل الحكومة الجديدة.

 

usa

 

الأخبار
من دون الحريري وشرط الالتزام بـ«خطة إصلاحية شاملة»: قبول غربي بحكومة تكنو سياسية؟
عون: التحركات الشعبية كسرت محرمات وأسقطت محميات

أمام صمود رئيس الجمهورية العماد ميشال عون وحزب الله، بدأ التصور الغربي تجاه لبنان يتبدّل. تصوّر يتّجه نحو القبول بتأليف حكومة تكنو ـ سياسية، يترافق مع اتصالات بهدف توفير دعم يمنع الانهيار المالي.
عد الرؤية التي قدّمها السفير الأميركي السابق في لبنان جيفري فيلتمان عن انتفاضة لبنان أمام اللجنة الفرعية للشرق الأوسط وشمال أفريقيا والإرهاب الدولي، تزايدت مؤشرات انتقال الصراع على الجبهة الإقليمية والدولية الى الساحة الداخلية، وسطَ ارتفاع منسوب القلق من مدى قدرة البلاد على الصمود بعدما أصبحت في قلب المواجهة. فكلام فيلتمان هدف الى وضع لبنان على لائحة الأهداف الأميركية، وذلك في سياق محاولة إرساء قواعِد جديدة من ضمن استراتيجية ضرب المقاومة وحلفائها. غير أن تطورات خارجية من شأنها، ربما، أن تُحدِث في الأيام المُقبلة ثغرة، ولا سيما في الملف الحكومي.
لم تجِد السلطة حتى الآن أي مخرج لاحتواء الانتفاضة التي اندلعت في 17 تشرين الماضي، ولم تفلح في بلوغ تفاهم حول حكومة «يٌباركها» الرئيس المُستقيل سعد الحريري. المُشاورات بين الأخير، وبين فريق 8 آذار (حزب الله وحركة أمل والتيار الوطني الحرّ) متوقفة. إلا أن المُشاورات بين المكونات الثلاثة مستمرة نظراً الى إصرار رئيس الجمهورية العماد ميشال عون على تأليف حكومة بأسرع وقت. تقول مصادر هذا الفريق إن «الرئيس عون مستاء جداً من تعامل الرئيس سعد الحريري وعدم جديّته، ولذا يفضّل البدء بالبحث عن أسماء بديلة»، وهو ما اعتبرته المصادر «أمراً منطقياً ومحقاً». لكن هذه المشاورات لا تزال محكومة بفكرة «شكل الحكومة». أي أن السؤال اليوم ليسَ «من هو رئيس الحكومة، وإنما شكل الحكومة الجديدة. فهل هي حكومة أكثرية أم حكومة توافق»؟ أمام إصرار الحريري على عدم تشكيل حكومة إلا وفقَ شروطه، صار اسمه مستبعداً من التداول بعدما كان فريق 8 آذار يتمسّك به، لكن البحث عن أسماء بديلة لا يزال في إطار مقربين منه أو من الأسماء التي يُمكن أن تحظى بقبول منه.
ويبدو أن تطورات خارجية قد تعيد قلب المشهد الداخلي، إذ ذكرت مصادر مطلعة أن المشاورات الأميركية ـ الفرنسية ـ البريطانية بشأن لبنان، التي انطلقت في باريس الثلاثاء الماضي، انتهت الى تصوّر لمجموعة من الخطوات تتراوح بين زيادة الضغوط السياسية والاقتصادية، والترغيب بدعم في حال التزام الأطراف في لبنان بـ«خطة إصلاحية شاملة». وقالت المصادر إن «الجانب الغربي يتّجه الى تولي الملف بدلاً من تركه لإدارة السعودية والإمارات وبعض القوى اللبنانية»، وذلك انطلاقاً من كون أن «الرئيس عون وحزب الله رفضا تقديم أيّ تنازل بما خصّ تشكيل الحكومة الجديدة، وبعثا بإشارات الى استعدادهما لتشكيل حكومة فريق واحد إن تطلب الأمر».
وبحسب المصادر، فإن «المشاورات الغربية قد ينتج منها مبادرة»، ولا سيما أن «فرنسا ستشهد اليوم اتصالات خاصة من أجل احتمال دعوة أصدقاء لبنان الى اجتماع عاجل في باريس قبل نهاية هذا الشهر، في سبيل توفير فرصة تقديم دعم جدي للبنان لمنع الانهيار المالي الذي بدأ يلوح في الأفق».
أما بشان التركيبة الحكومية، فقد كشفت المصادر أن المشاورات الغربية، والتي شملت الرئيس الحريري في بيروت، انتهت الى تعديل في التصوّر الغربي، والموافقة على حكومة تكنو ـ سياسية، مع تعديل مركزي يقول بأن حصة الوزراء السياسيين لن تتجاوز ربع أعضاء الحكومة، وأن اختصاصيين لديهم خبرات أكيدة في إدارة مرافق وشركات، سوف يتولون الحقائب الخدماتية من دون أن يقع أحد تحت ضغط الإتيان بكوادر أكاديمية». ولفتت المصادر الى أن «الأميركيين دفعوا نحو تجميد نشاط رئيس الجامعة الأميركية فضلو خوري الذي أجرى سلسلة واسعة من الاتصالات في لبنان وخارجه لأجل تعيين حكومة معظم أفرادها من أساتذة جامعيين وأكاديميين عملوا على عقود استشارية مع شركات حكومية وخاصة». وأكدت المصادر أن «الرئيس الحريري أبلغ من يهمّه الأمر في لبنان وفي العواصم الغربية أنه لا يريد أن يكون رئيساً للحكومة في هذه الفترة، وبالتالي فإن المحادثات الجارية الآن مع الرئيس عون ومع حزب الله تتركز على سبل اختيار شخصية غير سياسية لتولي منصب رئيس الحكومة بموافقة الحريري، الذي قال إن تياره سيكون ضمن الحكومة».
وعن وجود تضارب في الآراء داخل الأوساط الغربية حيال كيفية التعامل مع الأزمة اللبنانية، لفتت مصادر عربية مقيمة في باريس الى أن «وزارة الخارجية الأميركية لا تُظهر اهتماماً كبيراً بأيّ قرار من شأنه التسبّب بانهيار كبير في لبنان»، بعكس آراء بعض مراكز القوى في الكونغرس وبعض الأجهزة التي تدعو الى رفع مستوى الضغوط. ونقلت هذه المصادر عن مسؤولين أميركيين أن «وزارة الخزانة الأميركية أعدّت لائحة بأسماء شخصيات قريبة من التيار الوطني الحر لوضعها على لائحة العقوبات»، مع الإشارة هنا الى أن «واشنطن كانت قد منعت رئيس جمعية المصارف سليم صفير من دخول واشنطن، ولم تسمح له بالمشاركة في اجتماعات مالية دولية، قبل أن تعود وتمنحه تأشيرة دخول أخيراً، وكل ذلك على خلفية أنه عقد صفقة سياسية مع الوزير جبران باسيل».
سعر قياسي للدولار
في هذا الوقت، سجّل سعر صرف الليرة اللبنانية مقابل الدولار الأميركي في «السوق الموازية» رقماً قياسياً، أمس، إذ تجاوز عتبة الـ 2000 ليرة لكل دولار عند بعض الصرافين. وسبق لسعر الصرف أن وصل إلى هذا الحد، عندما كانت المصارف مقفلة، ولم يكن مصرف لبنان يضخّ دولارات في السوق. لكنها المرة الأولى التي يبيع فيها صرافون في بيروت الدولار بأكثر من ألفَي ليرة، رغم أن أبواب المصارف مفتوحة، وإن كانت قد وضعت قيوداً على السحب والتحويل. وتجدر الإشارة إلى أن حاكم مصرف لبنان رياض سلامة سبق أن أعلن غير مرة أنه غير معني بالسعر الذي يصل إليه الدولار في السوق الموازية (لدى الصرافين)، وأنه يهتمّ حصراً بالسعر الرسمي الذي تلتزم به المصارف.
عون: التحركات الشعبية كسرت محرمات وأسقطت محميات
كما في العام الماضي، كرر رئيس الجمهورية العماد ميشال عون في الذكرى الـ76 للإستقلال كلامه عن الإستقلال الإقتصادي، فدعا إلى أن «تكون السنة المقبلة سنة استقلال اقتصادي فعلي، من خلال تغيير النمط الريعي إلى اقتصاد منتج في ظل الأزمة الحادّة، الناتجة من سياسات اقتصاديّة خاطئة ومن فساد وهدر في الإدارة على مدى عقود». واعتبر أن هذا الإستقلال يتحقق من خلال «دعم الزراعة والصناعة وتبنّي سياسات تحفيزية، والاهتمام بالقطاع التكنولوجي واقتصاد المعرفة الذي يمكن لبنان من أن يكون منافساً جديّاً». وربط عون هذا الإستقلال بـ «البدء بحفر أوّل بئر للنفط في البحر من خلال إقرار قانون الصندوق السيادي الذي سيدير عائدات البترول على أن يلتزم أعلى معايير الشفافية». واعتبر أن «الإستقلال هو القرار الوطني الحر والمستقل، غير الخاضع لأي شكل من أشكال الوصاية، صريحة كانت أو مقنّعة، وهذا ما نتشبث به اليوم ودائماً»، مشيراً إلى أن «الصفقات والتسويات التي تُعدّ لمنطقتنا، ومحاولات فرضها، تهدّد ليس فقط استقلال الدول بل أيضاً كيانها ووجودها». وأضاف: «ليست التسويات الدولية وحدها ما يهدّد استقرار الدول، ففي الداخل اللبناني خطر محدق يتهدّد مجتمعنا ومؤسساتنا واقتصادنا هو الفساد، ومكافحته أصبحت شعاراً استهلاكياً يُستحضر كلما دعت الحاجة، وعند أبسط إجراءات التنفيذ، تبدأ الخطوط الحمر المذهبية والطائفية بالظهور».
وتوجّه عون الى المتظاهرين مُطالباً «بالإطلاع عن كثب على المطالب الفعلية لهم وسبل تنفيذها، لأن الحوار وحده هو الطريق الصحيح لحلّ الأزمات»، لافتاً إلى أن «التحركات الشعبية كسرت بعض المحرمات السابقة وأسقطت إلى حدّ ما المحميات، ودفعت بالقضاء إلى التحرك، وحفّزت السلطة التشريعية على إعطاء الأولوية لعدد من اقتراحات القوانين الخاصة بمكافحة الفساد». وإذ طالبَ بـ «تسليط الضوء على مكامن الفساد عبر الإعلام وفي الساحات»، معتبراً بأنه «أسلوب صحيّ ومساعد»، شدّد على «تقديم المعلومات والوثائق المتوافرة إلى القضاء، دون أن يتحول الإعلام والشارع والجدل السياسي الى مدّعٍ، ومدّعٍ عام، وقاضٍ، وسجّان في الوقت ذاته لأن هذا يسيء إلى مسيرة مكافحة الفساد».
وحث رئيس الجمهورية القضاة على الالتزام بـ«قسمهم والقيام بواجبهم بأمانة»، موضحاً أنه منذ عام 2017 أحال إلى القضاء «ما يزيد على 18 ملفاً تتعلق بقضايا فساد ورشاوى في إدارات الدولة، وإلى اليوم لم يصدر أي حكم بأي منها، والتأخر في بتّ قضايا الفساد هو تشجيع غير مقصود للفساد». وقال إنه «يعول على التعيينات القضائية الأخيرة من أجل تفعيل دور القضاء وتحصين استقلاليته للوصول إلى سلطة قضائية مستقلة وشجاعة ومنزهة، تكون السيف القاطع في معركة القضاء على الفساد».
وللعسكريين قال: «كنتم ولا زلتم وستبقون درع الوطن، وحماة استقلاله وسياج وحدته، وأصعب المهمات التي قد تواجه عسكرياً هي المهمات الداخلية»، داعيا اياهم إلى «حماية حرية المواطن الذي يريد التعبير عن رأيه بالتظاهر، وكذلك حماية حرية التنقل للمواطن الذي يريد أن يذهب الى عمله أو الى منزله».
أما في الشأن الحكومي، فقال إنه «كان من المفترض أن تكون قد ولدت الحكومة وباشرت عملها، إلا أن التناقضات التي تتحكم بالسياسة اللبنانية فرضت التأنّي لتلافي الأخطر، وكذلك للتوصل الى حكومة تلبي ما أمكن من طموحات اللبنانيين تكون على قدر كبير من الفعالية والإنتاجية والانتظام، لأن التحديات التي تنتظر لبنان ضخمة». وختم متوجهاً الى الشباب قائلاً إن «تفلّت الخطاب في الشارع من أكبر الأخطار التي تتهدد الوطن والمجتمع (…) لا تسترسلوا في خطاب الكراهية والتحريض لأن الهدم سهل ولكنّ البناء شاق، ولا تهدموا أسس مجتمعنا الذي يقوم على احترام الآخر وعلى حرية المعتقد والرأي والتعبير».

 

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

 

اللواء
عقد التكليف والتأليف في لقاء اليرزة.. وبكركي تنتقد إدارة باسيل!
عون يراهن على تهنئة ترامب بالإستقلال .. وبري يتراجع عن مقاطعة إحتفال الجيش

الذكرى الـ76 لاعلان استقلال دولة لبنان في (22 ت2) 1943، تمر هذا العام، وسط تحولات بالغة المعاني والاشارات، بحثاً عن حماية البلد، الذي ما فتىء ينتقل من أزمة إلى أزمة، في فترات ومراحل معروفة، قد تكون «الانتفاضة الشعبية» الراهنة أخطرها، لجهة ما يمكن ان يسفر عنه هذا الحراك، الذي أمضى 34 يوماً ولا يزال في الشوارع والساحات، لإخراج الطبقة السياسية من المشهد، والتأسيس لإعادة بناء المؤسسات بدءاً من حكومة لا تمثل فيها الطبقة السياسية، وتقتصر على وزراء اخصائيين، لمعالجة الفشل الاقتصادي والمالي، وتلبية مصالح المواطنين، والحد من الفساد وتداعياته الخطيرة على حياة البلاد والعباد.
والأبرز على هامش احتفال قيادة الجيش في عيد الاستقلال في اليرزة، مشاركة الرؤساء الثلاثة.
وتوقع مصدر مطلع عقد لقاء بينهم للبحث في تسمية مرشّح لرئاسة الحكومة، على ان تتحدد مواعيد الاستشارات بعد ذلك على الفور.
وتخوف المصدر من حصول تداعيات خطيرة لا سيما الأزمة الحكومية، التي قد تضطر الحراك الشعبي إلى تصعيد تحركاته.
وعلمت «اللواء» ان اتصالات حثيثة جرت مع الرئيس نبيه برّي، الذي  دعا لجنتي المال والادارة للاجتماع الأربعاء والشروع في درس اقتراحات القوانين المتعلقة بالسرية المصرفية واستعادة الاموال المنهوبة، لثنيه عن قراره بعدم المشاركة في احتفال اليرزة، احتجاجاً على ما حدث في الجلسة النيابية، حيث كان تلقى تأكيداً من قيادة الجيش ان الطريق الآمن إلى المجلس سيكون مضموناً، وبحماية وحدات عسكرية لبنانية، لكن الوضع على الأرض صار خلاف ذلك.
وفي السياق علمت «اللواء» ان عتاباً حاداً وقع بين البطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي والنائب إبراهيم كنعان أمين سر «تكتل لبنان القوي» خلال زيارته الأخيرة إلى بكركي، إذ بادر البطريرك إلى سؤال كنعان «لماذا تبخر الكلام الذي نقله إليه الوزير جبران باسيل من ان تأليف الحكومة سينتهي خلال أيام معدودة؟».
وقد انقضت الأيام المشار إليها، في حين ان الأزمة عادت إلى بدايتها، مستغرباً طريقة إدارة هذا الملف، والتعاطي مع النّاس ومشكلاتهم، لا سيما النّاس الموجودين في الشارع.
ورد كنعان بالقول ان فريقه لم يكن يتوقع اعتذار النائب السابق محمّد الصفدي.
على ان المثير للاهتمام هو ما ذهب إليه الرئيس ميشال عون في رسالة الاستقلال من تبرير لتأخير تحديد موعد الاستشارات النيابية الملزمة لتسمية شخصية تعمل لتأليف حكومة جديدة.
فبعد 25 يوماً على تقديم الرئيس سعد الحريري استقالة حكومته (29 ت1 الماضي)، جاء في الرسالة: إن التناقضات التي تتحكم بالسياسة اللبنانية فرضت التأني لتلافي الأخطر، وايضاً للتوصل إلى حكومة تُلبّي ما امكن من طموحاتكم وتطلعاتكم، تكون على قدر كبير من الفعالية والانتاجية»، مؤكداً ان «التحديات التي تنتظرها ضخمة والاستحقاقات داهمة».
غير انه اعتبر في الوقت ذاته «أن يتحول الإعلام والشارع والجدل السياسي إلى مدّعٍ، ومدّعٍ عام، وقاضٍ، وسجّان في آن، فهذا أكثر ما يسيء إلى مسيرة مكافحة الفساد». ويحيي لبنان اليوم ذكرى الاستقلال، فيما يغيب العرض العسكري التقليدي عن وسط بيروت، كما جرت العادة، ويُستعاض عنه بعرض في وزارة الدفاع يحضره الرؤساء الثلاثة. وألغى عون الاستقبال الرسمي الذي يقام بروتوكولياً في القصر الرئاسي فور انتهاء العرض العسكري.
وخاطب الرئيس عون القضاة بالقول: المطلوب منكم اليوم ان تلتزموا قسمكم فتقوموا بواجبكم «بأمانة» وان تكونوا القاي.
وبالنسبة للعسكريين دعاهم إلى حماية حرية المواطن الذي يريد التعبير عن رأيه بالتظاهر وأن تحموا أيضاً حرية التنقل.
وناشد الشباب إلى عدم الاسترسال في خطاب الكراهية والتحريض، لأن الهدم سهل، ولكن البناء شاق، ولا تهدموا أسس مجتمعنا الذي يقوم على احترام الآخر، وعلى حرية المعتقد والرأي والتعبير..
وعلى «تويتر» قال الرئيس عون انه تلقى برقية من الرئيس الاميركي دونالد ترامب، لمناسبة عيد الاستقلال، أكّد فيها انه على استعداد للعمل مع حكومة جديدة تستجيب لحاجات اللبنانين.
لا خرق حكومياً
على صعيد الاتصالات لتشكيل حكومة جديدة اكدت مصادر مطلعة على اجواء بعبدا لـ«اللواء» ان اي خرق جدي لم يسجل وان الإتصالات على الرغم من قيامها الا أنها لم تؤد الى نتائج ملموسة. واشارت الى انه من المبكر الخوض في تكهنات عن تسمية الحكومة المقبلة واوضحت ان الرئيس عون حدد مواصفات الحكومة انما لم يطرأ اي شيء جديد.
ونفت مصادر سياسية مطلعة لـ«اللواء» اي تداول حول حكومة اللون الواحد ولا حتى الكلام عن حكومة عسكرية ناجمة عن حالة طوارئ. واكدت المصادر ان الاتصالات في هذا الملف لم تنقطع لكن الوضع على حاله ويعول على التواصل الثلاثي بين رئيس الجمهوريه ورئيس مجلس النواب ورئيس حكومة تصريف الأعمال في الاحتفال الرمزي للاستقلال في وزارة الدفاع.
وكانت محطة OTV الناطقة بلسان التيار الوطني الحر ذكرت في نشرتها المسائية ان الرئيس الحريري تسلم مجموعة أسماء مقترحة لرئاسة الحكومة المقبلة، وأن الأفرقاء الآخرين ينتظرون جواباً منه، يتأكد يوماً بعد يوم وفق الأوساط السياسية عينها، ان إدارة رئيس الجمهورية لهذا الملف تقترب من تحقيق أهدافها في ضمان حصول التكليف وربطه حكماً بحصول التأليف في فترة زمنية مقبولة لتفادي الدخول في المجهول بسبب طبيعة الدستور اللبناني الذي لا يضع لرئيس الحكومة المكلّف مهلة ملزمة لتشكيل الحكومة.
الى ذلك علم ان السفير الفرنسي الذي زار الرئيس عون امس نقل اليه اجواء الاجتماع الثلاثي بين شينكر وفارنو والمندوبة البريطانية ستيفاني كاك حيث حل الوضع اللبناني قسما من مداولاتهم. ولفتت مصادر ديبلوماسية لصحيفة «اللواء» الى انه جرى تقييم للوضع بعد زيارة فارنو كما للسبل الفضلي لمعالجته وكان اصرار على مساعدة لبنان لتأمين استقراره وسيادته واستقلاله والتركيز على اهمية المؤسسات الدستورية وعملها بإنتظام وتشكيل حكومة جديدة اولوياتها تحقيق الاصلاحات التي وردت في ورقة الحكومة المستقيلة والمشار اليها في مؤتمر سيدر . وعلم انه تم البحث في الاجتماع بعلاقة لبنان مع كل من فرنسا والولايات المتحدة الأميركية وبريطانيا كما ما يتميز هذا البلد من خصوصية يجب العمل للمحافظة عليها.
استئناف المساعدات
على صعيد مساعدات الأميركية للجيش أكّد مسؤول في الخارجية الأميركية ان استئناف التمويل العسكري الخارجي الأميركي المخصص للجيش اللبناني مرتبط بمكتب الموازنة والادارة في البيت الأبيض.
وقال: «نريد دعم المؤسسات في لبنان التي تحمي أمن الحدود وتمثل كياناً حقيقياً يتمتع بالمصداقية لمحاربة الارهاب».
واعتبر ان «الجيش اللبناني أثبت نفسه في هذا المضمار ونحن دافعنا عن دعم هذه المؤسسة الأكثر قدرة ومصداقية في لبنان حتى اليوم لمواجهة نشاطات حزب الله الإرهابية ونشاطات إرهابية اخرىمثل التهريب غير المشروع والتسهيل غير الشرعي للإرهاب».
قطع طرقات
وليلاً، اقدم متظاهرون إلى قطع الطريق على تقاطع برج الغزال باتجاه جسر الرينغ في بيروت.
كما اقدم متظاهرون على قطع الطرقات في مناطق البقاع الأوسط.
كما اقدم محتجون على قطع الطريق في الناعمة بالاطارات المشتعلة بالاتجاهين مع توقف السير.
وقد حضرت آليات الجيش اللبناني إلى المنطقة وعملت على تحويل السير إلى الطرقات الفرعية.
وفي الضنية قطع محتجون طريق الضنية الرئيسية التي تربطها بمدينة طرابلس في بلدة مرياطة، بالقرب من فرع بنك البحر المتوسط في البلدة، بعدما اشعلوا اطارات السيّارات المستعملة وسط الطريق.
واضطر العابرون على الطريق إلى سلوك طرقات فرعية للوصول إلى بيوتهم.
وفي السياق، وصل شبان غاضبون في باصين إلى القصر الجمهوري.
الجراح يهاجم المدعي المالي
قضائياً، أعلن وزير الاعلام في حكومة تصريف الاعمال جمال الجراح انه «كان على المدعي العام المالي القاضي علي إبراهيم أن يحافظ على سرية الدعوى لكنه سربها إلى الإعلام بشكل مغلوط، قائلا إنه ادعى على وزراء الاتصالات السابقين، وهو أخذ مكان مدعي عام التمييز ووزير العدل والمجلس النيابي».
وأضاف: «لا يمكنه الادعاء بل يمكنه تحويل الدعوى إلى المدعي العام التمييزي الذي يحيلها على وزير العدل ثم إلى مجلس النواب الذي يبت في المسألة. هو قاض ويعرف أن المتهم بريء حتى تثبت إدانته. هو اساسا لم يدعِ، عندما كنت وزير اتصالات زرت القاضي ابراهيم وحضر نجله جلسة الاستماع، فكيف سمح بذلك وبحكم أي قانون؟ ونضع هذا الأمر برسم التفتيش القضائي».
وتوجه الى القاضي ابراهيم قائلا: «من الآن فصاعدا سنتخاطب بالقضاء والتفتيش القضائي، ونحن تحت سقف القانون ومسؤولون عن كل الأعمال التي قمنا بها أثناء تولي وزارتي الاتصالات والإعلام».
إحراق كتب التاريخ والتربية
وفي خطوة، لم تلق ارتياحاً تربوياً، لا سيما في أوساط الجسم التعليمي، اقدم أهالي بعض التلامذة على حرق كتب التاريخ والتربية امام وزارة التربية.
ونفّذ عدد من الطلاب تظاهرة طلابية امام وزارة التربية، للمطالبة بتحديث المناهج المدرسية وتطوير المدارس الرسمية، وأحرق طلاب مجموعة من كتب مادة التاريخ والجغرافيا والتربية للصفوف الابتدائية والمتوسطة.
وتحدّثت إحدى الطالبات بإسم زملائها فقالت: «إنّ مناهج كتب التاريخ والجغرافيا والتربية المعتمدة في المدارس، لا شيء يطبّق منها في لبنان، وان المناهج في الصفوف الابتدائية والمتوسطة تعلّم الطلاب الحس بالوطنية، بينما لا نشاهدها على ارض الواقع».

 

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ


البناء
نتنياهو في قفص الاتهام… وكيان الاحتلال بين الاستعصاء الحكومي والانتخابات
عون في الاستقلال يردّ على فيلتمان وشينكر حول ترسيم الحدود البحريّة
الحريريّ متردّد في قبول تسمية سواه كثمن لحكومة صف ثانٍ سياسيّ

جاءت تداعيات الأزمة التي تعصف بكيان الاحتلال لتظهر تفسير القلق الأميركي من غياب حكومة في لبنان والتأقلم مع تمثيل حزب الله في أي حكومة جديدة، بعدما قدّمت سيطرة إيران على الاضطرابات التفسير لعدم مواصلة الرهان على المزيد من التصعيد في لبنان، ورسمت لعبة المصالح الكبرى والتنافس مع روسيا والصين على ساحل المتوسط إطار الموقف الأميركي.
في كيان الاحتلال تزاوجت نهاية مهلة تشكيل الحكومة التي نالها بني غنتس، دون تحقيق تقدّم مع إعلان المدّعي العام توجيه اتهامات بالفساد والرشوة لرئيس الحكومة بنيامين نتنياهو، فيما بدا كيان الاحتلال مترنّحاً بين الاستعصاء الحكومي والذهاب إلى انتخابات ثالثة، في ظل اعتراف أميركي إسرائيلي بأن الوضع في غزة وسورية ولبنان لا يزال متماسكاً وقادراً على التفاعل بقوة الردع اللازمة مع أي مشروع مواجهة، حيث أظهرت الجولة الأخيرة في غزة أن حركة الجهاد الإسلامي وحدها تمكّنت من إثبات قدرة ردع كانت الجهاد وحماس معاً ضرورة لفرض مثلها، بينما يقول الأميركيون والإسرائيليون إن قوة حزب الله لم تمسّ برغم كل الصخب الذي أحاطوا به الفرصة المتاحة لإسقاط الحزب في الفتنة وحصاره سياسياً وشعبياً، واللعب على توريطه بصدام مع الجيش. وبدا الحزب ضرورة لقيام أي حكومة فاعلة رغم كل الكلام الغربي عن حكومة تكنوقراط، كما بدت التهدئة المالية شرطاً لتهدئة الوضع الأمني وصولاً للحدود.
الكلام الذي قاله جيفري فيلتمان أمام لجنة الشؤون الخارجية في الكونغرس لا زالت تردّداته في بيروت رغم محاولات التقليل من شأنه بداعي الصفة غير الرسمية لفيلتمان، ليأتي كلام معاون وزير الخارجية الأميركية ديفيد شينكر الرسمي جداً يدحض هذا الادعاء بالتلاقي مع مضمون ما قاله فيلتمان، حيث التركيز على عدم ربط الاهتمام بمنع الانهيار المالي غير مشروط بشخص رئيس الحكومة، ولا بمَن يشارك فيها، مع تركيز على مسعى أميركي واحد هو إراحة إسرائيل في ملف النفط والغاز تكرّرت النصائح لحسابه، في كلام فيلتمان وشينكر عن مطالبة لبنان بقبول ورقة ديفيد ساترفيلد لترسيم الحدود البحرية التي تقتطع من الحقوق اللبنانية البحرية، ما يحقق سيطرة إسرائيل على المناطق الغنيّة منها بالنفط والغاز.
في ذكرى عيد الاستقلال كانت كلمة رئيس الجمهورية العماد ميشال عون توجّهاً لشباب الحراك بتأكيد السعي للحوار ورفضاً للفساد، وحرصاً على تذليل العقبات من طريق تشكيل الحكومة الجديدة، وتحذيراً من مخاطر العبث بالسلم الأهلي وتذكيراً بالمغامرات التي أدّت قبل أربعة وأربعين عاماً إلى الحرب الأهلية، لكن الأهم في كلمة رئيس الجمهورية كان ما تضمّنته من ردّ على كلام فيلتمان وشينكر حول إعلان التمسك بحقوق لبنان بثرواته في النفط والغاز، ورفض التفريط بذرة من حقوق لبنان.
على مسار التفاوض الحكومي عادت المراوحة وعاد الانتظار لموقف الرئيس سعد الحريري، الذي وصلته الرسائل الغربية حول الحاجة لتسريع تشكيل الحكومة، وغياب الشروط التي يضعها على تشكيلها عن الرؤية الغربية التي تستشعر خطورة الموقف، من زاوية مصالحها ورؤيتها للأمن الاستراتيجي الذي لا تغيب إسرائيل عن مرتكزاته عند الغرب ورغم عودته للتواصل بإيجابية مع ثلاثي التيار الوطني الحر وحركة أمل وحزب الله، لا تزال تحول بينه وبين رغبته برئاسة الحكومة محاولاته لاستيلاد حكومة يغيب عنها الوزير جبران باسيل، الذي لا يبدو متحمّساً للمشاركة، لكن هناك من بات يرى أن خروج باسيل من حكومة برئاسة الحريري يشكل تحقيقاً لما ورد في كلام فيلتمان الذي اعتبر الإنجاز الأهم للحراك من وجهة نظر واشنطن شيطنة صورة باسيل واعتبار السعي لإضعافه وإقصائه عن المشهد السياسي هدفاً مقبلاً لتدفيعه ثمن مواقفه مع المقاومة. وهذا ما جعل الصيغة التي تقوم على حكومة برئاسة شخصية يختارها الحريري وتضمّ ممثلين من الصف الثاني للقوى السياسية تتقدّم في التفاوض، من دون أن يبتّ بها الحريري المتردّد بين الصيغتين، على أمل أن يستطيع الوصول إلى القبول بحكومة يترأسها ولا يتمسك باسيل بالمشاركة فيها، والبحث بما يمكن ان يشكّل تعويضاً عن هذه المشاركة، فيما أكدت مصادر متابعة أن الأمر سيتبلور في غضون العطلة التي تنتهي مطلع الأسبوع، حيث يجب أن يظهر الخيط الأبيض من الخيط الأسود، من دون أن يُسحب من التداول خيار فشل المفاوضات والعودة لخيار رئيس حكومة من خارج فريق الرئيس الحريري، لأن الفشل سيقرأ علامة على وجود خطة استنزاف وتلاعب بالوقت الذي لم يعُد يحتمل المزيد من الفرص.
أكد رئيس الجمهورية العماد ميشال عون أن لبنان ينتظر حكومة جديدة تعقد عليها الآمال كان من المفترض أن تكون قد ولدت وباشرت عملها ، كاشفاً أن التناقضات التي تتحكم بالسياسة اللبنانية فرضت التأني لتلافي الأخطر ، مشدداً على وجوب التوصل الى حكومة تلبي ما أمكن من طموحات اللبنانيين وتطلعاتهم، تكون على قدر كبير من الفعالية والإنتاجية والانتظام، لأن التحديات التي تنتظرها ضخمة، والاستحقاقات داهمة .
وإذ أشار إلى أن الصفقات والتسويات التي تُعدّ للمنطقة، تهدّد ليس فقط استقلال الدول المعنية، بل أيضاً كيانها ووجودها ، أكد أن استقلال لبنان لا يعني خصومة مع أي دولة أو استعداء لأحد .
وخلال الكلمة التي وجّهها أمس الى اللبنانيين، عشية الذكرى السادسة والسبعين للاستقلال دعا عون اللبنانيين إلى أن تكون السنة المقبلة، سنة استقلال اقتصادي فعلي، من خلال تغيير النمط الاقتصادي الريعي إلى اقتصاد منتج والبدء بحفر أول بئر للنفط في البحر، وإقرار قانون الصندوق السيادي الذي سوف يدير عائداته، إضافة الى سنة استقلال جغرافي عبر التمسك بكل متر من المياه، تماماً كما التمسك بكل شبر من الأرض، وسنة استقلال بيئي واجتماعي فعلي، والتحرّر من النزاعات الطائفية والمذهبية، للبدء بالخطوات اللازمة لإرساء الدولة المدنية .
ودعا اللبنانيين الى المساعدة في معركة محاربة الفساد ، واصفاً إياها بالمعركة القاسية، لا بل من أقسى المعارك ، مشيراً الى أن لا أحد غير اللبنانيين قادر على الضغط من أجل تنفيذ القوانين الموجودة، وتشريع ما يلزم من أجل استعادة الأموال المنهوبة وملاحقة الفاسدين .
وناشد المتظاهرين للاطلاع عن كثب على المطالب الفعلية لهم وسبل تنفيذها، لأن الحوار وحده هو الطريق الصحيح لحل الأزمات ، وداعياً القضاء إلى الالتزام بقسمه للقيام بواجبه بأمانة، لأن مكافحة الفساد، أينما بدأت، فإن الانتصار فيها رهن شجاعته ونزاهته .
وإذ سجّلت الساحات يوم أمس، تراجعاً كبيراً في الحشود، عمد بعض المتظاهرين فور انتهاء خطاب عون، الى قطع تقاطع برج الغزال باتجاه جسر الرينغ في بيروت. وكان لافتاً أن المناطق التي قطعت فيها الطرقات تُعدّ فقط مناطق نفوذ وسيطرة لكل من تيار المستقبل والقوات اللبنانية والحزب الاشتراكي، وأعلنت غرفة التحكم المروري عن قطع طريق عام القبة – زغرتا وأوتوستراد البداوي بالاتجاهين. كما قُطعت طرقات مكسة وقب الياس وتعلبايا وسعدنايل والمرج.
كما تجمّع عدد من الشبان على طريق القصر الجمهوري لمطالبة الرئيس عون بتشكيل حكومة مستقلّين. كما وحضر متظاهرون بباصين إلى طريق الشام، وحاولوا قطع الطريق أمام باتيسري بلادان ، فأبعدتهم عناصر الجيش الموجودة في المكان إلى جنب الطريق. وقطعت مجموعة من المحتجين في بلدة الناعمة – حارة الناعمة، مسربي الأوتوستراد الساحلي عند الناعمة. وقُطعت الطريق في خلدة بالإطارات المشتعلة بالاتجاهين والسير متوقف.
الى ذلك، تستمر المشاورات بين القوى السياسية للتوصل الى حلّ للأزمة الحكومية، وبحسب ما علمت البناء فإن الأجواء تميل نحو الإيجابية، لكن لم يتم التوصل الى حل نهائيّ والمشاورات مستمرة، ويجري التداول بعدد من الأسماء منها النائب بهية الحريري والنائب سمير الجسر وأسماء أخرى ليست من تيار المستقبل إنما يرضى بها الرئيس سعد الحريري. وفي حال الاتفاق على أحد هذه الأسماء سيبادر عون الى تحديد موعد الاستشارات النيابية . ورجّحت المصادر أن يكون الأسبوع المقبل هو اسبوع الحكومة إذا استمرت الأجواء الايجابية . وأشارت أوساط عون لـ البناء الى أنه يعمل على تأمين نوع من التوافق على رئيس مكلف وعلى شكل الحكومة قبل تحديد الاستشارات وسيعطي فرصة ومزيداً من الوقت لإنضاج الأمور وتسهيل التأليف .
وأكدت معلومات الـ OTV أن الحريري تسلّم مجموعة أسماء مقترحة لرئاسة الحكومة المقبلة، وأن الأفرقاء الآخرين ينتظرون جواباً منه، يتأكد يوماً بعد يوم وفق الأوساط السياسية عينها، أن إدارة رئيس الجمهورية لهذا الملف تقترب من تحقيق أهدافها في ضمان حصول التكليف وربطه حكماً بحصول التأليف في فترة زمنية مقبولة لتفادي الدخول في المجهول، بسبب طبيعة الدستور اللبناني الذي لا يضع لرئيس الحكومة المكلّف مهلة ملزمة لتشكيل الحكومة.
وقالت مصادر رئيس المجلس النيابي نبيه بري لـ البناء إن الرئيس بري متمسك بالحريري أو باسم آخر بموافقة الحريري يكون من فريقه السياسي ، وحذّر بري بحسب المصادر من التأخير في تأليف الحكومة لما يترك من تداعيات على المستويين الاقتصادي والمالي إضافة الى الأمني ، مشيرة الى أن رئيس المجلس لا يزال متمسكاً بموقفه الداعي الى حكومة توافقية تكنوسياسية تمثل الطوائف والكتل النيابية الأساسية مع أغلبية وزارية تكون من الاختصاصيين أصحاب الكفاءة والخبرة مع تمثيل الحراك الحقيقي .
وإذ تمّ التداول برسالة تحذير نقلها بري الى النائب السابق وليد جنبلاط ينذره فيها بعدم الذهاب بعيداً في الخيارات الأميركية ضد لبنان، أوضح المكتب الإعلامي لبري في بيان نفى فيه ما يتم التداول به على مواقع التواصل الاجتماعي لمواقف منسوبة للرئيس بري. وقال المكتب: إن أية مواقف أو كلام ما لم يكن صادراً عن المكتب الإعلامي للرئيس بري هو غير صحيح على الإطلاق، ويندرج في سياق التضليل وبث الشقاق بين أبناء الوطن الواحد .
وحذرت أوساط نيابية من تردي الأوضاع الاقتصادية والمالية في حال استمرّ تعطيل عمل المؤسسات، لكن الأوساط لفتت البناء الى أن التهديد بالوضع المالي والاقتصادي للضغط في فرض شروط طرف على آخر لن تنجح. فانهيار الوضع لا يخدم أحداً وسيدفع ثمنه الجميع، وبالتالي لن يسمح رئيس الجمهورية وفريق المقاومة للفريق الآخر الضغط عليه بالشارع والفتنة تارة وبالانهيار المالي تارة أخرى. فهذه اللعبة مكشوفة وأثبتت فشلها في مراحل سابقة، والحل بالتهدئة والحوار والكفّ عن استخدام الشارع واللعب بالوضع المالي والمصرفي .

 

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

 

النهار
التحركات الشعبية كسرت بعض المحرمات… وعلى الشباب الا يسترسلوا في خطاب الكراهية

أكد رئيس الجمهورية العماد ميشال عون ان لبنان ينتظر حكومة جديدة تُعقد عليها الامال كان من المفترض ان تكون قد ولدت وباشرت عملها، كاشفا ان التناقضات التي تتحكم بالسياسة اللبنانية فرضت التأنّي لتلافي الأخطر، ومشددا على وجوب التوصل الى حكومة تلبّي ما أمكن مِن طموحات اللبنانيين وتطلّعاتهم، تكون على قدر كبير من الفعالية والانتاجية والانتظام، لأن التحديات التي تنتظرها ضخمة، والاستحقاقات داهمة.
وإذ اشار الى ان الصفقات والتسويات التي تُعدّ للمنطقة، تهدّد ليس فقط استقلال الدول المعنية بل أيضاً كيانها ووجودها، فإنه اكد على ان استقلال لبنان لا يعني خصومة مع أي دولة أو استعداءً لأحد، "إنما نحن نسعى إلى صداقة صادقة والتعاطي بإيجابية مع من يصادقنا، ولكن، انطلاقاً من قرارنا الحر وعلاقة الندّ للند، وقبول ما يلائم وطننا من مقترحات، ورفض ما يشكل ضرراً لها".
مواقف الرئيس عون جاءت في خلال الكلمة التي وجّهها مساء اليوم الى اللبنانيين، عشية الذكرى السادسة والسبعين للاستقلال، حيث اعتبر "ان الاستقلال هو القرار الوطني الحر والمستقل، غير الخاضع لأي شكل من أشكال الوصاية، صريحة كانت أو مقنّعة. وهذا ما نتشبث به اليوم ودائماً، بكل ما أوتينا من عزم وقوة، ومهما كان الثمن."
ودعا الرئيس عون اللبنانيين لأن تكون السنة المقبلة، سنة استقلال اقتصادي فعلي، من خلال تغيير النمط الاقتصادي الريعي إلى اقتصاد منتج والبدء حفر أوّل بئر للنفط في البحر، وإقرار قانون الصندوق السيادي الذي سوف يدير عائداته، اضافة الى سنة استقلال جغرافي عبر التمسّك بكلّ متر من المياه، تماماً كما التمسّك بكل شبر من الأرض، وسنة استقلال بيئي واجتماعي فعلي، والتحرّر من النزاعات الطائفية والمذهبية، للبدء بالخطوات اللازمة لإرساء الدولة المدنية.
ودعا رئيس الجمهورية اللبنانيين الى المساعدة في معركة محاربة الفساد، واصفا اياها "بالمعركة القاسية، لا بل من أقسى المعارك"، مشيرا الى "ان لا أحد غير اللبنانيين قادر على الضغط من أجل تنفيذ القوانين الموجودة، وتشريع ما يلزم من أجل استعادة الأموال المنهوبة وملاحقة الفاسدين"، لافتا في الوقت عينه الى "ان تسليط الضوء على مكامن الفساد عبر الإعلام وفي الساحات، صحيّ ومساعد، وكذلك تقديم المعلومات والوثائق المتوافرة إلى القضاء. ولكن، أن يتحول الإعلام والشارع والجدل السياسي الى مدّعٍ، ومدّعٍ عام، وقاضٍ، وسجّان في آن، فهذا أكثر ما يسيء إلى مسيرة مكافحة الفساد."
وإذ اعتبر الرئيس عون "ان التحركات الشعبية كسرت بعض المحرمات السابقة وأسقطت، إلى حدّ ما، المحميات، ودفعت بالقضاء الى التحرك"، فأنه ناشد مجددا المتظاهرين "للاطلاع عن كثب على المطالب الفعلية لهم وسبل تنفيذها، لأن الحوار وحده هو الطريق الصحيح لحلّ الأزمات"، وداعيا القضاء "الى الالتزام بقسمه للقيام بواجبه بأمانة، لأن مكافحة الفساد، أينما بدأت، فإن الانتصار فيها رهن شجاعته ونزاهته."
وتوجّه رئيس الجمهورية الى الشباب بصورة خاصة، لافتا اياهم الى "ان تفلّت الخطاب في الشارع هو من أكبر الأخطار التي تتهدد الوطن والمجتمع، فلا تنسوا أنكم بعد انتهاء هذه الأزمة ستعودون للعيش معاً"، داعيا اياهم "الا يسترسلوا في خطاب الكراهية والتحريض، ولا يهدموا أسس المجتمع اللبناني القائم على احترام الآخر وحرية المعتقد والرأي والتعبير."
وحيّا الرئيس عون للمناسبة العسكريين، معتبرا "ان أصعب المهمات التي قد تواجه عسكرياً هي المهمات الداخلية، إذ عليهم حماية حرية المواطن الذي يريد التعبير عن رأيه بالتظاهر والاعتصام، وأيضاً حرية التنقل للمواطن الذي يريد الذهاب الى عمله أو منزله"، مشيرا "ان نجاح العسكريين في هذه المهمة هو ميزان ثقة المواطنين بهم."
نص الكلمة
وفي ما يلي النص الكامل لكلمة رئيس الجمهورية:
أيتها اللبنانيات، أيها اللبنانيون،
عشية الذكرى السادسة والسبعين للاستقلال أتوجه إليكم، مع علمي أنه ليس وقت الخطب والكلام والاحتفالات. إنه وقت العمل، العمل الجدي الدؤوب، لأننا في سباق مع الزمن فالتحديات كبيرة وخطيرة، وقد فاتنا الكثير من الوقت.
حكومة جديدة ينتظرها لبنان وتعقد عليها الآمال، كان من المفترض أن تكون قد ولدت وباشرت عملها. إلا أن التناقضات التي تتحكم بالسياسة اللبنانية فرضت التأنّي لتلافي الأخطر، وأيضاً للتوصل الى حكومة تلبّي ما أمكن مِن طموحاتِكم وتطلّعاتِكم، تكون على قدر كبير من الفعالية والانتاجية والانتظام، لأن التحديات التي تنتظرها ضخمة، والاستحقاقات داهمة.
أيها اللبنانيون،
ستة وسبعون عاماً مرت منذ صار لبنان وطناً مستقلاً، عرف خلالها مراحل قاسية تعرّض فيها استقلاله للخطر، ومع كل محنة نزداد يقيناً أن المحافظة على الاستقلال أصعب من الحصول عليه؛ فالاستقلال هو القرار الوطني الحر والمستقل، غير الخاضع لأي شكل من أشكال الوصاية، صريحة كانت أو مقنّعة، وهذا ما نتشبث به اليوم ودائماً، بكل ما أوتينا من عزم وقوة، ومهما كان الثمن.
إن الصفقات والتسويات التي تُعدّ لمنطقتنا، ومحاولات فرضها، تهدّد ليس فقط استقلال الدول المعنية بل أيضاً كيانها ووجودها.
من هنا، فإن تأكيدنا على استقلال لبنان لا يعني خصومة مع أي دولة أو استعداءً لأحد، إنما نحن نسعى إلى صداقة صادقة والتعاطي بإيجابية مع من يصادقنا، ولكن، انطلاقاً من قرارنا الحر وعلاقة الندّ للند، وقبول ما يلائم وطننا من مقترحات، ورفض ما يشكل ضرراً له. وإذا كانت السياسة فن الممكن، فهي أيضاً رفض اللامقبول.
وليست التسويات الدولية وحدها ما يهدد استقرار الدول، ففي الداخل اللبناني خطر محدق يتهدّد مجتمعنا ومؤسساتنا واقتصادنا هو الفساد.
لقد أضحت مكافحة الفساد شعاراً استهلاكياً يُستحضر كلما دعت الحاجة، لا سيما من قبل الغارقين به، ولكن، عند أبسط إجراءات التنفيذ، تبدأ الخطوط الحمر المذهبية والطائفية بالظهور.
المعركة هنا قاسية، لا بل من أقسى المعارك، لذلك توجهت إليكم، أيها اللبنانيون، طالباً المساعدة، فلا أحد غيركم قادر على جعل كل الخطوط متاحة. ولا أحد غيركم قادر على الضغط من أجل تنفيذ القوانين الموجودة، وتشريع ما يلزم من أجل استعادة الأموال المنهوبة وملاحقة الفاسدين.
وأكرر هنا ندائي إلى المتظاهرين للاطلاع عن كثب على المطالب الفعلية لهم وسبل تنفيذها، لأن الحوار وحده هو الطريق الصحيح لحلّ الأزمات.
لقد كسرت التحركات الشعبية التي حصلت أخيراً بعض المحرمات السابقة وأسقطت، إلى حدّ ما، المحميات، ودفعت بالقضاء الى التحرك، وحفّزت السلطة التشريعية على إعطاء الأولوية لعدد من اقتراحات القوانين الخاصة بمكافحة الفساد .
إن تسليط الضوء على مكامن الفساد عبر الإعلام وفي الساحات، صحيّ ومساعد، وكذلك تقديم المعلومات والوثائق المتوافرة إلى القضاء. ولكن، أن يتحول الإعلام والشارع والجدل السياسي الى مدّعٍ، ومدّعٍ عام، وقاضٍ، وسجّان في آن، فهذا أكثر ما يسيء إلى مسيرة مكافحة الفساد، لأن إطلاق الاتهامات العشوائية وإصدار الأحكام المبرمة، والتعميم، قد تجرّم بريئاً، ولكنها بالتأكيد تجهّل المرتكب الحقيقي وتسمح له بالإفلات، وأيضاً بمتابعة نشاطه في الفساد.
لقد أعطيتم دفعاً للقضاء، فدعوه يقوم بواجبه…
وهنا يأتي دوركم، أيها القضاة؛ إن المطلوب منكم اليوم أن تلتزموا قسمكم فتقوموا بواجبكم "بأمانة"، وأن تكونوا "القاضي الشريف الصادق"؛ فمكافحة الفساد، أينما بدأت، فإن حُسن ختامها عندكم، والانتصار فيها رهن شجاعتكم ونزاهتكم.
منذ العام 2017 أحلتُ تباعاً على القضاء ما يزيد عن 18 ملفاً تتعلق بقضايا فساد ورشاوى في إدارات الدولة، وإلى اليوم لم يصدر أي حكم بأي منها. وإذا كانت العدالة المتأخرة ليست بعدالة، فإن التأخر في بتّ قضايا الفساد هو تشجيع غير مقصود للفساد، ونحن نعوّل اليوم على التعيينات القضائية الأخيرة من أجل تفعيل دور القضاء وتحصين استقلاليته للوصول إلى سلطة قضائية مستقلة وشجاعة ومنزهة، تكون السيف القاطع في معركة القضاء على الفساد. وأكرّر أنني سأكون سدّاً منيعاً وسقفاً فولاذياً لحماية القضاء، وأعني بذلك أنني سأمنع كلّ تدخل فيه انطلاقاً من قسمي المحافظة على الدستور والقوانين.
أيها اللبنانيون،
نحن على أبواب المئويّة الثانية للبنان الكبير، ونجد أنفسنا رهينة أزمة اقتصاديّة حادّة، ناتجة من سياسات اقتصاديّة خاطئة ومن فساد وهدر في الإدارة على مدى عقود من الزمن.
فلتكن السنة المقبلة سنة استقلال اقتصادي فعلي، من خلال تغيير النمط الاقتصادي الريعي إلى اقتصاد منتج عبر دعم الزراعة والصناعة وتبنّي سياسات تحفيزية ليصبح إنتاجنا تنافسياً في الأسواق الخارجية. وكذلك تخصيص كلّ الاهتمام بالقطاع التكنولوجي واقتصاد المعرفة الذي يمكن للبنان أن يكون منافساً جديّاً فيه.
نعم فلنجعل منه عام استقلال اقتصادي فعلي، من خلال بدء حفر أوّل بئر للنفط في البحر، ومن خلال إقرار قانون الصندوق السيادي الذي سوف يدير عائدات البترول على أن يلتزم أعلى معايير الشفافية العالمية.
فلنجعل منه عام استقلال جغرافي عبر التمسّك بكلّ متر من المياه في المنطقة الاقتصادية الغنية بالثروات الطبيعية، تماماً كما تمسّكنا بكل شبر من أرضنا، وكما نسعى لتحرير ما بقي منها تحت الاحتلال الإسرائيلي.
فلنجعل منه عام استقلال بيئي من خلال تحريج الجبال، وخصوصاً ما طالته الحرائق أخيراً.
ولنجعل منه أيضاً عام استقلال اجتماعي فعلي بدءاً بإقرار قانون الحماية الشاملة المعروف بضمان الشيخوخة.
أما الاستقلال الناجز فيكون عبر تحرّرنا من نزاعاتنا الطائفية والمذهبية، والبدء بالخطوات اللازمة لإرساء الدولة المدنية.
إنه وقت العمل، والحكومة العتيدة سوف تجدني حاضراً لمواكبة عملها، ودافعاً لتحقيق الانجازات.
أيها العسكريون،
لا يمكن للاستقلال أن يمرّ من دون التوجه إليكم، فأنتم كنتم ولا زلتم وستبقون درع الوطن، وحماة استقلاله وسياج وحدته.
إن أصعب المهمات التي قد تواجه عسكرياً هي المهمات الداخلية كما هو حاصل معكم، إذ عليكم أن تحموا حرية المواطن الذي يريد التعبير عن رأيه بالتظاهر والاعتصام، وأن تحموا أيضاً حرية التنقل للمواطن الذي يريد أن يذهب الى عمله أو الى منزله.
ونجاحكم في هذه المهمة الدقيقة هو ميزان ثقة المواطنين بكم، والثقة غالية لا تعوّض.
أيها اللبنانيون وأخصّ الشباب منكم،
إنّ تفلّت الخطاب في الشارع هو من أكبر الأخطار التي تتهدد الوطن والمجتمع، فلا تنسوا أنكم بعد انتهاء هذه الأزمة ستعودون إلى المنزل، إلى الحي، إلى المدرسة، إلى الجامعة، إلى العمل… ستعودون للعيش معاً، فلا تسترسلوا في خطاب الكراهية والتحريض لأن الهدم سهل ولكنّ البناء شاق، ولا تهدموا أسس مجتمعنا الذي يقوم على احترام الآخر وعلى حرية المعتقد والرأي والتعبير.
لقد قاسى أجدادكم الويلات ليحافظوا على وجودهم الحرّ وكيانهم المستقلّ، وعرف أهلكم كل أنواع المعاناة في حرب داخلية مدمّرة قضت على معظم أحلامهم وخطفت زهرة عمرهم.
الأمانة اليوم بين أيديكم، والعبرة لمن اعتبر.

 


ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ


الجمهورية
كباش بين الحريري وباسيل.. وترامب: لحكومة تستجيب للّبنانيين

تحلّ ذكرى الاستقلال الـ 76 كئيبة هذه السنة لما ينتاب البلاد من أجواء سياسية مشحونة بفعل أزمة اقتصادية ومالية تتفاقم يومياً، ويزيد من تفاقمها عجز المعنيين عن تأليف حكومة جديدة تتصدى لهذه الازمة لم يلح في الافق بعد أي مؤشر الى اتفاق عليها تكليفاً وتأليفاً، على رغم حديث البعض عن اختراق قريب للأفق المسدود. وكان اللافت امس برقية التهنئة بالاستقلال التي تلقاها رئيس الجمهورية العماد ميشال عون من الرئيس الاميركي دونالد ترامب، الذي أكد فيها استعداد بلاده "للعمل مع حكومة لبنانية جديدة تستجيب لحاجات اللبنانيين بناء بلد مستقر مزدهر مستقل وآمن". وقال: "يشاطرني الشعب الأميركي بتوجيه أفضل التمنيات لكم بمناسبة عيد الاستقلال". وأضاف أنّ "علاقات الصداقة التي تربط الشعبين اللبناني والأميركي هي علاقات قوية".
لم يسجل على جبهة الاستحقاق الحكومي أمس أي تطور بارز، وجاء إلغاء الاستقبال الرئاسي التقليدي في القصر الجمهوري لمناسبة عيد الاستقلال الذي يجمع عادة الرؤساء الثلاثة، ليستبعد لقاء كان يجمعهم على هامش تقبّلهم التهاني بالاستقلال ويبحثون خلاله في مخارج للوضع السائد.
وكانت سرت أمس تسريبات تحدثت عن مبادرة ما تشكّل "مفاجأة سارة" يمكن ان تؤدي الى اجتماع الرؤساء الثلاثة في قصر بعبدا بعد الاحتفال بالاستقلال، لكنّ مصادر واسعة الإطلاع قالت لـ"الجمهورية" انّ القصر الجمهوري لا علم لديه بمبادرة من هذا النوع، لكن رغم ذلك فإن رئيس الجمهورية جاهز لأي مبادرة.
وعلمت "الجمهورية" انّ الاتصالات ستستأنف ابتداء من اليوم بعد حال من الجمود والمراوحة سادت خلال الساعات الماضية، وقالت مصادر معنية لـ"الجمهورية" انّ "المواقف لا تزال على حالها من دون ان تحيد قيد أنملة وتحوّلت عناداً وكباش تحدٍ، خصوصاً بين الرئيس سعد الحريري والوزير جبران باسيل".
وكشفت هذه المصادر انّ التشكيلة الوزارية، التي تتضمن ثلثين من الاختصاصيين وثلثاً من سياسيين يعيّنون وزراء دولة، لا تزال الاكثر توافقاً على رغم بعض التصريحات الرافضة لها، إلّا انّ العقبة الاساسية فيها يعكسها السؤال: من سيحدد وزراء الحكومة؟ ومن يسمّيهم ومن يمنع "الفيتو" على أي اسم؟ فباسيل لن يتنازل عن انه رئيس اكبر تكتل نيابي، وهناك من يفرض عليه ان يكون أو لا يكون، أن يسمّي وأن لا يسمّي.
امّا الحريري فيعتبر انّ باسيل اصبح عبئاً عليه وهو لا يريد مواجهة الشارع بحكومة "نَفَسها باسيلي" لسببين: الاول، انّ قراءة الحراك الشعبي في الساحات شكّلت يقيناً لديه بأنّ باسيل أصبح مرفوضاً. والثاني، انّ تجربته مع باسيل في إدارة الحكومة لم تكن ناجحة وهذا لا يعني بالنسبة الى الحريري انّ التسوية الرئاسية سقطت، وهو كرّر هذا الأمر امام أكثر من شخصية التقته في الآونة الاخيرة.
امّا "حزب الله" فهو، حسب المصادر، يقف حتى الساعة موقف المتفرّج والمنتظر، ويعتبر انّ الوقت ولو كان ضاغطاً، كفيل بإحداث تغييرات او تنازلات.
ورداً على سؤال عن موعد استشارات التكليف تجيب المصادر نفسها: "اذا سألتموني اليوم فأقول انها أبعد من السماء، أمّا غداً فيخلق الله ما لا تعلمون".
رسالة الاستقلال
الى ذلك لم تحمل رسالة رئيس الجمهورية العماد ميشال عون الى اللبنانيين لمناسبة الذكرى الـ 76 للاستقلال مساء أمس أي مؤشرات الى معالجة قريبة للاستحقاق الحكومي تكليفاً وتأليفاً، كما للأزمة السياسية والاقتصادية والمالية، إذ طغى عليها طابع التوصيف والوعد بحلول، الّا انّ ذلك لم يحل دون حصول ردود فعل في الشارع على هذه الرسالة بقطع طرق في بيروت والمناطق، ولكن بوتيرة أقل مما حصل إثر المقابلة الرئاسية الاخيرة.
وأكد عون أنّ "لبنان ينتظر حكومة جديدة تعقد عليها الآمال، كان من المفترض ان تكون قد ولدت وباشرت عملها"، كاشفاً أنّ "التناقضات التي تتحكّم بالسياسة اللبنانية فرضت التأني لتلافي الأخطر"، مشدداً على "وجوب التوَصّل الى حكومة تلبّي ما أمكن من طموحات اللبنانيين وتطلعاتهم، تكون على مقدار كبير من الفعالية والانتاجية والانتظام، لأنّ التحديات التي تنتظرها ضخمة، والاستحقاقات داهمة". ودعا اللبنانيين الى "المساعدة في معركة محاربة الفساد"، واصفاً إيّاها "بالمعركة القاسية، لا بل من أقسى المعارك"، مشيراً الى "ان لا أحد غير اللبنانيين قادر على الضغط من أجل تنفيذ القوانين الموجودة، وتشريع ما يلزم من أجل استعادة الأموال المنهوبة وملاحقة الفاسدين". واعتبر "انّ التحركات الشعبية كسرت بعض المحرّمات السابقة وأسقطت، إلى حد ما، المحميّات، ودفعت بالقضاء الى التحرك"، وناشَد المتظاهرين مجدداً "للاطلاع عن كثب على المطالب الفعلية لهم وسبل تنفيذها، لأنّ الحوار وحده هو الطريق الصحيح لحل الأزمات".
وحيّا عون العسكريين، معتبراً "انّ أصعب المهمات التي قد تواجه عسكرياً هي المهمات الداخلية، إذ عليهم حماية حرية المواطن الذي يريد التعبير عن رأيه بالتظاهر والاعتصام، وأيضاً حرية التنقل للمواطن الذي يريد الذهاب الى عمله أو منزله"، مشيراً إلى "انّ نجاح العسكريين في هذه المهمة هو ميزان ثقة المواطنين بهم".
تفسير الرسالة
وفي قراءتها لشكل الرسالة الرئاسية ومضمونها، قالت مصادر وزارية قريبة منه لـ"الجمهورية" ان رئيس الجمهورية أكد في اكثر من لفتة شرعية المطالب الشعبية التي اطلقتها الانتفاضة، وجدّد الوعد بتنفيذها. ولفتت الى انه "خاطَب الشابات والشبّان من موقع الأبوة مع الأبناء، وجَدّد الدعوة الى عدم القيام بما يثير الحقد بين اللبنانيين في مرحلة لاحقة".
ولفتت المصادر الى انّ عون لم يتناول بأي إشارة الدعوة الى الإستشارات النيابية الملزمة، بعدما لفت الى حجم المداخلات الجارية على هذا المستوى والتي تعوق التوصّل الى تصور نهائي، وتأثيراتها السلبية التي يسعى الى حلحلتها. ولذلك، لم يتوصّل الى تحديد موعد لهذه الإستشارات حتى اليوم في انتظار فتح الطريق المؤدية اليها.
ورداً على الملاحظة التي برزت للمرة الأولى في رسائله السابقة منذ بدء الانتفاضة الى التدخلات الديبلوماسية الخارجية، قالت المصادر انها "ليست المرة الأولى التي يؤكد فيها رئيس الجمهورية الموقف اللبناني السيادي الرافض كل تدخل من اي جهة كان، ولم يقصد طرفاً من دون آخر".
وعن ردات الفعل على الخطاب، لاحظت المصادر انها "لم تكن حادة"، وانّ الرئيس كرر التأكيد أنه ينتظر تسمية من يحاوره من هذا الحراك والسعي الى تمثيله في الحكومة العتيدة.
"بيت الوسط" لم يعلّق
من جهتها حرصت مصادر "بيت الوسط" على عدم التعليق على مضمون رسالة عون، ولفتت عبر "الجمهورية" الى انّ الحريري "قال كلمته النهائية في اكثر من مناسبة، ولعل أوضحها كان في حديثه امام اعضاء كتلة "المستقبل" من انه ليس في وارد ان يقبل بتكليفه بتشكيل الحكومة ويؤلفها آخرون ليديروها لاحقاً. ولفتت الى انّ الصيغة التي يمكن القبول بها قد وصفها بدقة متناهية ولا يرى سبيلاً لتكليفه سوى بهذه المهمة حصراً، فهي التي تتوافق وما يرضي الشارع المنتفض وما يمكن ان يشكّل مدخلاً الى تعزيز الثقة الدولية بلبنان ومؤسساته، والتي نحتاجها لتكمل الثقة الداخلية وتلاقيها. وما عدا ذلك فنحن نتجه الى ما هو أصعب واكثر تعقيداً، وتحديداً على المستويات النقدية والإقتصادية".
وانتهت المصادر الى ما يمكن اعتباره تعليقاً غير مباشر على الرسالة الرئاسية، حيث أكدت "الحاجة الى ما يعطي الأمل للناس بوجود من يسعى الى الحل والثقة بالمستقبل لمَحو آثار التحدي السابقة التي عزّزها خطاب مستفز".
بري لتصليب الوحدة
وفي مناسبة الاستقلال، توجّه رئيس مجلس النواب نبيه بري إلى اللبنانيين قائلاً: "كما صنع اللبنانيون قبل ستة وسبعين عاماً استقلالهم بالوحدة. اللبنانيون اليوم، كل اللبنانيين، مدعوون إلى حماية الاستقلال، لا بل لصنعه مجدداً بتصليب وحدتهم وعدم الوقوع في فخ الفتن، فهي أشد من القتل".
وفي هذه الأجواء حسمت الترتيبات النهائية التي تمهّد للعرض العسكري الرمزي الذي سيقام عند التاسعة من صباح اليوم في وزارة الدفاع بمناسبة العيد الـ 76 للاستقلال في اليرزة، بحضور رسمي كامل يتقدمهم رئيس الجمهورية ورئيسا المجلس النيابي والحكومة.
منع تهريب الأموال
على المستوى المالي، لا تزال الاجراءات الاستثنائية التي تتخذها المصارف لجهة سقوف السحب النقدي ومنع التحاويل الى الخارج موضع متابعة بهدف تنظيمها وقَوننتها لئلّا تبقى الثغرات قائمة، ويمكن أن تؤدي إمّا الى تهريب مزيد من الرساميل، أو رفع دعاوى قضائية على المصارف.
وفي هذا السياق، علمت "الجمهورية" انّ النائب ميشال ضاهر أنجز اقتراح قانون معجل مكرر بمادة وحيدة، سيقدمه الى مجلس النواب للمناقشة والاقرار، يهدف الى قوننة الضوابط على حركة الرساميل (Capitals control).
ويتضمّن الاقتراح، الاجازة لمصرف لبنان اتخاذ الإجراءات كافة التي يعتبرها لازمة لحماية وتثبيت الاستقرار النقدي والمصرفي ومصالح المودعين، بما في ذلك وضع الأولويات والقيود على حركة التحويلات المالية عبر الحدود، وذلك لآجال محددة.
وفي الاسباب الموجبة التي يتضمنها الاقتراح، "انّ المصارف لجأت الى تقييد عمليات السحب والتحاويل ووقف العمل بالتسهيلات المصرفية الممنوحة سابقاً الى عملائها، بالاضافة الى وضع قيود أخرى انعكست سلباً على عدد من القطاعات الانتاجية في لبنان. إنّ مواجهة هذه الأزمة تستوجب من مصرف لبنان اتخاذ تدابير وإجراءات سريعة للحؤول دون تفاقم هذه الأزمة، غير انّ الاحكام الواردة في قانون النقد والتسليف وإنشاء المصرف المركزي لم تمنح مصرف لبنان الادوات اللازمة للتصرّف بمرونة في مثل هذه الظروف الاستثنائية التي يمرّ بها لبنان، ولم تُجز له بشكل واضح وصريح صلاحية وضع الأولويات والقيود على حركة التحويلات المالية عبر الحدود".
وقال ضاهر لـ"الجمهورية" انّ الاقتراح يهدف الى تنظيم العمليات المصرفيّة بحيث يتم منع التحاويل الى حسابات مصرفية في الخارج، في حين سيتم السماح بالتحاويل المتعلقة بملفات حياتية ضرورية مثل دفع أقساط جامعات، أو مساعدات عائلية لطلاب يتابعون دراساتهم في الخارج، أو لزوم استيراد مواد أولية ضرورية للصناعة، او مواد استهلاكية حيوية لا تستطيع الصناعة المحلية تأمينها للمستهلك…

 


ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

 

نداء الوطن
عون يحذّر المتظاهرين من"حرب مدمّة": العبرة لمَن اعتبر … لكم استقلالكم ولنا استقلالنا

"استقلالان" يتنازعان المشهد اللبناني اليوم، واحد عسكري تحتفل به السلطة وآخر مدني يحتفل به الشعب الثائر على هذه السلطة وفساد رموزها. الاستقلال الأول سينحصر ضمن نطاق وزارة الدفاع في اليرزة بعدما آثرت السلطة إلغاء الاستعراض العسكري التقليدي في جادة شفيق الوزان في وسط بيروت خشية الالتحام المباشر مع غضب الناس، والاستقلال الثاني لا تحدّه جدران ولا ينحصر ضمن ثكنات ولا أسلاك شائكة إنما أفقه مفتوح على امتداد ساحات الوطن من أقصاه إلى أقصاه حيث سيشهد لبنان عرضاً استقلالياً هو الأول من نوعه من أفواج مواطنيه الطامحين الى انتشال بلدهم من بين براثن منظومة المحاصصة والتحاصص التي نهبت مقدراته وجففت منابع خزينته. إنها الثورة تقول اليوم بأعلى الحناجر وبقرقعة الطناجر لأهل الحكم: لكم استقلالكم ولنا استقلالنا.
وبينما الثوار يتحضرون لـ"المارش" المدني تحت رايات ويافطات مختلف قطاعات الشعب المنتفض ليتلاقوا في ساحة الشهداء مع "فوج" المغتربين القادمين في تظاهرة حاشدة تحت شعار "عا هدير الطيارة راجعين" من المطار إلى ساحة الشهداء، لا يزال أرباب السلطة على كراسيهم لا يحركون ساكناً إزاء مطالب الناس خارج إطار المراوحة واستنزاف الوقت في البحث عن سبل الالتفاف على الحلول المطلوبة شعبياً وأولها تشكيل حكومة اختصاصيين منزهة من الطبقة السياسية. حتى من راهن بالأمس على أن تفتح رسالة رئيس الجمهورية ميشال عون لمناسبة الاستقلال باب الفرج و"الإفراج" عن الاستشارات النيابية الملزمة لتكليف رئيس جديد للحكومة العتيدة، سرعان ما خاب رهانه بعدما لم تتضمن كلمة عون أي "حرف" موصول بالملف الحكومي إنما طغت عليها صبغة تقليدية في مقاربة مشهد التأزم الوطني، مع رسالتين بارزتين موجّهتين للجيش والشعب.
رئيس الجمهورية وضع العسكريين أمام مهمة تحقيق التوازن بين كفتي "ميزان الثقة" التي يجب أن يحافظوا عليه عبر تأمين حرية تنقل المواطنين الراغبين بالذهاب إلى أعمالهم وبيوتهم، مقابل تأمين حرية المواطن الذي يريد التعبير عن رأيه بالتظاهر والاعتصام. أما للمتظاهرين فتحذير صريح من مغبة المضي قدماً نحو "حرب داخلية مدمرة" قياساً على تلك التي شهدها أهلهم إبان الحرب الأهلية ليختم عون رسالته على وقع هذا التحذير بعبارة: "العبرة لمن اعتبر".
وفي الملف الحكومي، تواترت أنباء ومعلومات عن مروحة أسماء مرشحة لرئاسة الحكومة جاري العمل على التشاور بشأنها مع الرئيس سعد الحريري بغية تزكيته أحدها قبل الدعوة إلى الاستشارات النيابية الملزمة، وفي هذا الإطار تردد ليلاً على شريط هذه الأسماء المرشحة لخلافة الحريري إسم اللواء مروان الزين الذي كان قد شغل سابقاً منصب سفير لبنان في الرياض وموقع المدير العام لقوى الأمن الداخلي، وقيل إن حظوطه بدت مرتفعة خلال الساعات الأخيرة وفق مؤشر بورصة المشاورات المفتوحة بين بعبدا وعين التينة والضاحية من جهة وبيت الوسط من جهة ثانية.
وكانت سلسلة مواقف دولية داعية إلى تسريع عجلة "التكليف والتأليف" قد بلغت المسؤولين بالأمس، وفي مقدّمها موقف الرئيس الأميركي دونالد ترامب الذي شدد في برقيته إلى عون على وجوب تشكيل "حكومة لبنانية جديدة تستجيب لحاجات اللبنانيين ببناء بلد مستقر مزدهر مستقل وآمن"، في وقت نشرت السفارة الأميركية في بيروت صورةً للعلم اللبناني، عبر حسابها الرسمي على "تويتر"، مرفقة بتعليق باللغتين العربية والانكليزية: "مع الشعب اللبناني اليوم وغداً".
وكذلك أملت فرنسا بشدة "تشكيل حكومة جديدة فعالة وذات مصداقية في أقرب وقت ممكن لاتخاذ إجرءات جوهرية وضرورية لانعاش البلد ولتلبية التطلعات التي عبَّرَ عنها اللبنانيون". كما أوضح المنسق الخاص للأمم المتحدة في لبنان يان كوبيتش أنه "دعا القيادة اللبنانية الى تكليف رئيس مجلس وزراء بصورة عاجلة والبدء بعملية الاستشارات النيابية الملزمة والإسراع إلى أقصى حد في عملية تشكيل حكومة جديدة من شخصيات معروفة بكفاءتها ونزاهتها وتحظى بثقة الناس".
أما على المقلب الدولي الآخر، فيبدو أنّ موسكو أعادت حساباتها تجاه الملف اللبناني بعدما ظهرت في الآونة الاخيرة في مظهر المعادي للثورة الشعبية اللبنانية، بحيث حرصت مصادر دبلوماسية روسية على نفي الكلام الذي تردد عن اتفاق بين موسكو وطهران على إجهاض الثورة في لبنان، مؤكدةً أنه "كلام عارٍ من الصحة". وكشفت لـ"نداء الوطن" أنّ "موضوع لبنان والمأزق السياسي الذي يمر فيه سيكون على طاولة نائب وزير الخارجية الروسي ميخائيل بوغدانوف وعلى طاولة مسؤولين آخرين في الكرملين لاتخاذ الموقف المناسب إزاء هذا الموضوع"، موضحةً رداً على سؤال أنّ "موسكو لم تتخذ أي موقف رسمي تجاه الأزمة اللبنانية بعد إنما ما قاله وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف في فرنسا عن عدم واقعية حكومة التكنوقراط في لبنان كان في إطار مناقشة الأفكار التي تُطرح ولم يجسد بذلك موقفاً روسياً رسمياً".
وإذ قللت من أهمية ما يُحكى عن أنّ الإدارة الروسية تنظر إلى الثورة اللبنانية باعتبارها مؤامرة تقف وراءها واشنطن، أكدت المصادر أنّ "موسكو ترحب بعودة الرئيس سعد الحريري لرئاسة الحكومة فهو صديق لها، لكنها في الوقت عينه لا تتدخل بشكل الحكومة الجديدة بل هي تساعد فقط لبنان عبر التواصل بين أطرافه المتخاصمين الذين يبقى لهم وحدهم القرار في تحديد شكل الحكومة ورئيسها والأولويات التي تضعها أمامها".

 

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ


الشرق
التحركات الشعبية كسرت بعض المحرمات وأسقطت المحميات

اكد رئيس الجمهورية العماد ميشال عون ان لبنان ينتظر حكومة جديدة تُعقد عليها الامال كان من المفترض ان تكون قد ولدت وباشرت عملها، كاشفا ان التناقضات التي تتحكم بالسياسة اللبنانية فرضت التأنّي لتلافي الأخطر، ومشددا على وجوب التوصل الى حكومة تلبّي ما أمكن مِن طموحات اللبنانيين وتطلّعاتهم، تكون على قدر كبير من الفعالية والانتاجية والانتظام، لأن التحديات التي تنتظرها ضخمة، والاستحقاقات داهمة.
مواقف الرئيس عون جاءت في خلال الكلمة التي وجّهها مساء امس الى اللبنانيين، عشية الذكرى السادسة والسبعين للاستقلال، وجاء فيها: عشية الذكرى السادسة والسبعين للاستقلال أتوجه إليكم، مع علمي أنه ليس وقت الخطب والكلام والاحتفالات. إنه وقت العمل، العمل الجدي الدؤوب، لأننا في سباق مع الزمن فالتحديات كبيرة وخطيرة، وقد فاتنا الكثير من الوقت.
حكومة جديدة ينتظرها لبنان وتعقد عليها الآمال، كان من المفترض أن تكون قد ولدت وباشرت عملها. إلا أن التناقضات التي تتحكم بالسياسة اللبنانية فرضت التأنّي لتلافي الأخطر، وأيضاً للتوصل الى حكومة تلبّي ما أمكن مِن طموحاتِكم وتطلّعاتِكم، تكون على قدر كبير من الفعالية والانتاجية والانتظام، لأن التحديات التي تنتظرها ضخمة، والاستحقاقات داهمة.
ستة وسبعون عاماً مرت منذ صار لبنان وطناً مستقلاً، عرف خلالها مراحل قاسية تعرّض فيها استقلاله للخطر، ومع كل محنة نزداد يقيناً أن المحافظة على الاستقلال أصعب من الحصول عليه؛ فالاستقلال هو القرار الوطني الحر والمستقل، غير الخاضع لأي شكل من أشكال الوصاية، صريحة كانت أو مقنّعة، وهذا ما نتشبث به اليوم ودائماً، بكل ما أوتينا من عزم وقوة، ومهما كان الثمن.
إن الصفقات والتسويات التي تُعدّ لمنطقتنا، ومحاولات فرضها، تهدّد ليس فقط استقلال الدول المعنية بل أيضاً كيانها ووجودها.
من هنا، فإن تأكيدنا على استقلال لبنان لا يعني خصومة مع أي دولة أو استعداءً لأحد، إنما نحن نسعى إلى صداقة صادقة والتعاطي بإيجابية مع من يصادقنا، ولكن، انطلاقاً من قرارنا الحر وعلاقة الندّ للند، وقبول ما يلائم وطننا من مقترحات، ورفض ما يشكل ضرراً له. وإذا كانت السياسة فن الممكن، فهي أيضاً رفض اللامقبول.
وليست التسويات الدولية وحدها ما يهدد استقرار الدول، ففي الداخل اللبناني خطر محدق يتهدّد مجتمعنا ومؤسساتنا واقتصادنا هو الفساد.
لقد أضحت مكافحة الفساد شعاراً استهلاكياً يُستحضر كلما دعت الحاجة، لا سيما من قبل الغارقين به، ولكن، عند أبسط إجراءات التنفيذ، تبدأ الخطوط الحمر المذهبية والطائفية بالظهور.
المعركة هنا قاسية، لا بل من أقسى المعارك، لذلك توجهت إليكم، أيها اللبنانيون، طالباً المساعدة، فلا أحد غيركم قادر على جعل كل الخطوط متاحة. ولا أحد غيركم قادر على الضغط من أجل تنفيذ القوانين الموجودة، وتشريع ما يلزم من أجل استعادة الأموال المنهوبة وملاحقة الفاسدين.
وأكرر هنا ندائي إلى المتظاهرين للاطلاع عن كثب على المطالب الفعلية لهم وسبل تنفيذها، لأن الحوار وحده هو الطريق الصحيح لحلّ الأزمات.
لقد كسرت التحركات الشعبية التي حصلت أخيراً بعض المحرمات السابقة وأسقطت، إلى حدّ ما، المحميات، ودفعت بالقضاء الى التحرك، وحفّزت السلطة التشريعية على إعطاء الأولوية لعدد من اقتراحات القوانين الخاصة بمكافحة الفساد .
إن تسليط الضوء على مكامن الفساد عبر الإعلام وفي الساحات، صحيّ ومساعد، وكذلك تقديم المعلومات والوثائق المتوافرة إلى القضاء. ولكن، أن يتحول الإعلام والشارع والجدل السياسي الى مدّعٍ، ومدّعٍ عام، وقاضٍ، وسجّان في آن، فهذا أكثر ما يسيء إلى مسيرة مكافحة الفساد، لأن إطلاق الاتهامات العشوائية وإصدار الأحكام المبرمة، والتعميم، قد تجرّم بريئاً، ولكنها بالتأكيد تجهّل المرتكب الحقيقي وتسمح له بالإفلات، وأيضاً بمتابعة نشاطه في الفساد.
لقد أعطيتم دفعاً للقضاء، فدعوه يقوم بواجبه…
وهنا يأتي دوركم، أيها القضاة؛ إن المطلوب منكم اليوم أن تلتزموا قسمكم فتقوموا بواجبكم "بأمانة"، وأن تكونوا "القاضي الشريف الصادق"؛ فمكافحة الفساد، أينما بدأت، فإن حُسن ختامها عندكم، والانتصار فيها رهن شجاعتكم ونزاهتكم.
منذ العام 2017 أحلتُ تباعاً على القضاء ما يزيد عن 18 ملفاً تتعلق بقضايا فساد ورشى في إدارات الدولة، وإلى اليوم لم يصدر أي حكم بأي منها. وإذا كانت العدالة المتأخرة ليست بعدالة، فإن التأخر في بتّ قضايا الفساد هو تشجيع غير مقصود للفساد، ونحن نعوّل اليوم على التعيينات القضائية الأخيرة من أجل تفعيل دور القضاء وتحصين استقلاليته للوصول إلى سلطة قضائية مستقلة وشجاعة ومنزهة، تكون السيف القاطع في معركة القضاء على الفساد. وأكرّر أنني سأكون سدّاً منيعاً وسقفاً فولاذياً لحماية القضاء، وأعني بذلك أنني سأمنع كلّ تدخل فيه انطلاقاً من قسمي المحافظة على الدستور والقوانين.
نحن على أبواب المئويّة الثانية للبنان الكبير، ونجد أنفسنا رهينة أزمة اقتصاديّة حادّة، ناتجة من سياسات اقتصاديّة خاطئة ومن فساد وهدر في الإدارة على مدى عقود من الزمن.
فلتكن السنة المقبلة سنة استقلال اقتصادي فعلي، من خلال تغيير النمط الاقتصادي الريعي إلى اقتصاد منتج عبر دعم الزراعة والصناعة وتبنّي سياسات تحفيزية ليصبح إنتاجنا تنافسياً في الأسواق الخارجية. وكذلك تخصيص كلّ الاهتمام بالقطاع التكنولوجي واقتصاد المعرفة الذي يمكن للبنان أن يكون منافساً جديّاً فيه.
نعم فلنجعل منه عام استقلال اقتصادي فعلي، من خلال بدء حفر أوّل بئر للنفط في البحر، ومن خلال إقرار قانون الصندوق السيادي الذي سوف يدير عائدات البترول على أن يلتزم أعلى معايير الشفافية العالمية.
فلنجعل منه عام استقلال جغرافي عبر التمسّك بكلّ متر من المياه في المنطقة الاقتصادية الغنية بالثروات الطبيعية، تماماً كما تمسّكنا بكل شبر من أرضنا، وكما نسعى لتحرير ما بقي منها تحت الاحتلال الإسرائيلي.
فلنجعل منه عام استقلال بيئي من خلال تحريج الجبال، وخصوصاً ما طاولته الحرائق أخيراً.
ولنجعل منه أيضاً عام استقلال اجتماعي فعلي بدءاً بإقرار قانون الحماية الشاملة المعروف بضمان الشيخوخة.
أما الاستقلال الناجز فيكون عبر تحرّرنا من نزاعاتنا الطائفية والمذهبية، والبدء بالخطوات اللازمة لإرساء الدولة المدنية.
إنه وقت العمل، والحكومة العتيدة سوف تجدني حاضراً لمواكبة عملها، ودافعاً لتحقيق الانجازات.
أيها العسكريون، لا يمكن للاستقلال أن يمرّ من دون التوجه إليكم، فأنتم كنتم ولا زلتم وستبقون درع الوطن، وحماة استقلاله وسياج وحدته.
إن أصعب المهمات التي قد تواجه عسكرياً هي المهمات الداخلية كما هو حاصل معكم، إذ عليكم أن تحموا حرية المواطن الذي يريد التعبير عن رأيه بالتظاهر والاعتصام، وأن تحموا أيضاً حرية التنقل للمواطن الذي يريد أن يذهب الى عمله أو الى منزله.
ونجاحكم في هذه المهمة الدقيقة هو ميزان ثقة المواطنين بكم، والثقة غالية لا تعوّض.

Please follow and like us: