نذكِّر بأننا سألنا من اليوم الأول، أين قيادة الحراك الشعبي الوطني، ما برنامجه؟. نذكِّر لأن الحراك يبدو شبه سائب، مشتت، انتقائي أو "سويعاتي". يُتم الشهرين بعد أسبوع، لكن الأوليغارشيه تبدو أسرع منه وأرشق. عرفت "الطبقة السياسية" ماذا فعلت بالحراك الشعبي الوطني. اخترقته. أثقلته، حتى بالمعنى العددي، وطوقته بمجموعات الحراك الطائفي السياسي. وهذي خليط حزبي علني وسري أيضاً. توالي جنبلاط وجعجع والجميل، كما تحوي حزبيين ذوي ميول إرهابية مثل أنصار "الإخوان"، و"التحرير" الإسلامي. أنصار الرئيس سعد الحريري هم متممات هذا الخليط، لهشاشتهم التنظيمية والسياسية و… الأيديولوجية. الحراك الشعبي الوطني سيتم الشهرين. ما المانع من عقد مؤتمر وطني جامع لكل قواه. أن ينظم نفسه في حركة عمل وطنية، يومية، تتولاها لجان محافظات وأقضية. لماذا يترك المبادرة الحكومية بيد السلطة. لماذا يترك راية الحراك المطلبية مترنحة، على يد قوى طائفية، في جبل لبنان الشمالي والجنوبي، وفي بعض المناطق. هل هناك تعارض فعلي، اي سياسي، بين الشباب في الحراك والأحزاب والقوى الوطنية المشاركة فيه. أو هل هناك تعذر في تنسيق جهود كل هؤلاء في إطار وطني ديموقراطي، يحرر الحراك من براثن الطائفيين وكلاب حراسة "الطبقة السياسية". نذكِّر، الآن، لأن تقييم المنجزات التي حققها الحراك، الذي يُتم الشهرين بعد أسبوع، لا يتناسب مع حقائق الممكن ولا يتفق مع احتمالات المأمول.
هيئة تحرير موقع الحقول
الأربعاء 11 كانون الأول، 2019
اللواء
خارطة طريق عربية – دولية للخروج من الأزمة: حكومة سريعة تُلبّي طموحات الشعب
التيار العوني لن يُسمّي الحريري واجتماع مرتقب بين نصرالله وباسيل.. وتصفية حسابات سياسية في الشارع والقضاء
قبيل ساعات محدودات من بدء أعمال مجموعة الدعم الدولية للبنان، التي تجتمع اليوم في باريس بالتنسيق بينها وبين مكتب المنسق الخاص للأمم المتحدة في لبنان، طرأت عناصر دولية وعربية وداخلية تتعلق بالتطورات في لبنان وخارطة الحل الممكنة.
ويشارك فيه إلى جانب لبنان كل من الصين، مصر، المانيا، إيطاليا، الكويت، روسيا، المملكة العربية السعودية، الإمارات، المملكة المتحدة، الولايات المتحدة، البنك الأوروبي للإنشاء والتعمير، صندوق النقد الدولي وجامعة الدول العربية.
وحث وزير الخارجية الفرنسي جان ايف لوديان اللبنانيين على تشكيل حكومة جديدة بسرعة أو المخاطرة بتفاقم الأزمة المالية، لأن أي تأخير سيؤدي لاستمرار تفاقم الوضع.
والاهم عربياً، دعوة مجلس التعاون الخليجي في قمته السنوية التي انتهت أعمالها في الرياض أمس اللبنانيين إلى التعامل بحكمة مع التطورات الأخيرة، بطريقة تُلبّي «التطلعات المشروعة» للشعب اللبناني.
وقال قادة الخليج في بيانهم الختامي إنّ مجلسهم حريص على «أمن لبنان واستقراره ووحدة أراضيه، وعلى انتمائه العربي واستقلال قراره السياسي، والوفاق بين مكونات شعبه الشقيق».
كما أعرب عن أمله «في أن يستجيب اللبنانيون لنداء المصلحة العليا والتعامل الحكيم مع التحديات التي تواجه الدولة اللبنانية وبما يلبي التطلعات المشروعة للشعب اللبناني».
من جهته، قال وزير الخارجية السعودي الأمير فيصل بن فرحان بن عبدالله آل سعود في مؤتمر صحافي إنّ «استقرار لبنان مهم جدا جدا للمملكة (…) والأهم أن يمضي الشعب اللبناني والنظام السياسي في طريق تضمن الاستقرار والاستقلالية».
مواقف متناقضة
وعلى الصعيد السياسي، بدأت تباشير تعقيد تشكيل الحكومة من الامس، بعد المواقف المتناقضة التي صدرت من «بيت الوسط» ومن الاطراف الاخرى لا سيما المقربين من رئاسة الجمهورية، حول شكل الحكومة قبل البحث في الشخصية التي تتولى رئاستها، بحيث بانت الفوارق بين موقف الرئيس سعد الحريري المتمسك بحكومة تكنوقراط «او ليشكلوا حكومة كما يريدون من دوني والله يوفقهم»، كما سرّبت مصادر «بيت الوسط» ومن ثم اكدته كتلة المستقبل في بيانها بعد اجتماعها برئاسة النائب بهية الحريري، فيما قالت اوساط مطلعة على موقف القصر الجمهوري و«فريق8 اذار» ان المفاوضات حول الوضع الحكومي استؤنفت من حيث توقفت مع سمير الخطيب، اي تشكيل حكومة تكنوقراط مع عدد قليل من السياسيين، متسائلة عما اذا كان سعد الحريري سيبقى مرشحا وحيدا لرئاسة الحكومة؟.
وذكرت مصادر متابعة ان الاتصالات بدأت في دوائر مغلقة ولكن لم يشارك فيها الرئيس نبيه بري حتى الان، حيث تسربت معلومات عن مصادر قريبة منه «ان احداَ لم يطلب منه بعد التدخل. فيما كانت اهتمامات بري منصبة على الخرق الاسرئيلي للمياه الاقليمية اللبنانية بالتنقيب عن النفط والغاز في البلوك رقم تسعة المحاذي للحدود الجنوبية».
لكن المصادرالمتابعة قالت ان لدى الحريري اشكالية في المفاوضات مع ثنائي «امل وحزب الله» التي لم تنتهِ الى نتيجة بعد، وان كل شيء ممكن الحدوث بعد التصلب في المواقف من الطرفين، حيث يصرالرئيس ميشال عون على إجراء الاستشارات النيابية الملزمة مهما كان موقف الرئيس الحريري وليختار النواب من يريدون.
واكدت مصادر مطلعة على موقف الرئيس عون لـ«اللواء» ان رئيس الجمهورية حدد مواصفات الحكومة الجديدة وهو لا يزال على موقفه لجهة قيام حكومة تكنوسياسية تضم وزراء سياسيين وتكنوقراط والحراك المدني ولا تراجع عن هذا الامر مشيرة الى ان تمسكه بذلك يعود الى ان وضع البلد فرض ذلك. ولم تتحدث المصادر عن اي اتصالات محددة قامت وانه لا يمكن القول منذ الأن عن اتجاه لتأجيل الاستشارات النيابية المحددة الاثنين المقبل.
الى ذلك افادت مصادر سياسية لـ«اللواء» ان الرئيس الحريري لا يزال عند شروطه التي تلقى اعتراضا من الثتائي الشيعي والتيار الوطني الحر وحلفائهم مؤكدة ان الاحتمالات ضيقة اي اما ان يرضى الرئيس الحريري بحكومة تكنوسياسية او يعتذر ويسمي أحدا من قبله يحظى بموافقة الافرقاء لكنها لاحظت ان التجارب في تسمية شخصيات اخرى غير مشجعة وما جرى مع كل من الوزير محمد الصفدي والوزير السابق بهيج طبارة ووليد علم الدين وسمير الخطيب خير دليل، واوضحت انه ليس معروفا اذا كانت هناك خيارات اخرى خصوصا ان دار الفتوى حسم رأيه مشيرة الى ان هذا هو المشهد حتى الآن، وازاء ذلك لم تستبعد المصادر اطالة فترة تصريف الاعمال على انه في ظل الازمة الراهنة تقوم حكومة تصريف الاعمال بواجباتها مع العلم ان المطلوب تأليف الحكومة بأسرع وقت ممكن.
يُشار إلى ان النشاط الوحيد المعلن عنه في «بيت الوسط» كان اجتماع الرئيس الحريري مع الوزيرين ريّا الحسن وعلي حسن خليل في حضور مستشاره الاقتصادي الدكتور نديم المنلا، وتناول الاجتماع الأوضاع المالية والاقتصادية العامة، من دون ذكر تفاصيل.
وتحدثت المعلومات ان موازنة العام 2020 كانت بنداً اول على طاولة اجتماع بيت الوسط.
وردًا على ما تداولته بعض وسائل الاعلام من شروط مزعومة يضعها الرئيس الحريري لتشكيل حكومة، أوضحت مصادر «بيت الوسط» ان الرئيس الحريري لم يقترح الا حكومة اختصاصيين تلبي طموحات اللبنانيين وتقنع المجتمع الدولي بتقديم الدعم العاجل لمواجهة الأزمة.
اما اذا كان هناك من يصر على حكومة تكنو-سياسية لمجرد البقاء ضمن الحكومة فهم مدعوون الى تشكيل الحكومة من دون الرئيس الحريري في اسرع وقت وبالشروط التي يرونها مناسبة للبنانيين ولمعالجة الازمة.
تكتل «لبنان القوي»
وكان من المقرّر ان يعقد تكتل «لبنان القوي» اجتماعه الأسبوعي أمس، لكن الاجتماع ارجئ من دون ذكر الأسباب، باستثناء انه لا يمكن استباق التطورات على إيقاع ترقب جولة جديدة من الاتصالات والمشاورات في الكواليس.
وفي معلومات «اللواء» ان التكتل لن يسمي الرئيس الحريري في الاستشارات الاثنين المقبل، وان هناك اجتماعاً مرتقباً سيحصل قبل الاستشارات بين الوزير جبران باسيل والأمين العام لحزب الله السيّد حسن نصر الله.
وبحسب المعلومات أيضاً، فإن الحزب سيحدد موقفه بوضوح يوم الجمعة والذي لا ينسجم مع مواقف الحريري، بل انه يعترض عليها، ولا سيما لجهة فرض رأيه على أي طائفة، أو ان يترك للولايات المتحدة مهمة تشكيل الحكومة، وهذا يعني ان الأمور ليست ذاهبة إلى حلحلة، بل ربما إلى تعقيد يطيل فترة تصريف الأعمال.
وذكّرت أوساط سياسية عبر الـ«أو تي في» أن «التيار الوطني الحر» أعلن بوضوح في المؤتمر الصحافي الذي عقده رئيسه جبران باسيل في 3 كانون الأول الجاري، أنه ليس متمسكاً بالكراسي، وأنّ الأولوية بالنسبة إليه هي تأليف حكومة قادرة على النجاح، بعد أن تحظى بدعم الناس وثقة الكتل النيابية.
وجددت الأوساط المذكورة الإعراب عن أسفها بعدما أسقط الحريري للمرّة الثالثة خيار المرشح المتوافق عليه، الذي سبق له هو ان سمّاه، فارضاً معادلة صعبة مفادها أن المرشح الوحيد للطائفة السنيّة هو الحريري نفسه ولا احد غيره.
وبناء عليه، شددت الأوساط عينها على ان التيار يختار نجاح الحكومة على وجوده فيها، ولذلك هو قادر على الذهاب إلى الاستشارات بموقف ينسجم مع هدف وحيد، هو تكليف رئيس حكومة تتوفر فيها شروط النجاح.
ونوهت الأوساط السياسية أن التيار يشارك في الاستشارات بضمير مرتاح لأنه لم يمارس يوماً الحرد السياسي، بل حاول وحاور وفتح خطوط التواصل واقترح، لكنه اصطدم مرة بعد مرة بذهنية لا تزال تمنح المصالح السياسية الخاصة الأولوية، على حساب مصلحة الوطن.
وختمت الاوساط السياسية بالعبارة الآتية: «انتظروا التيار في الأيام المقبلة حيث لا تتوقعون».
مؤتمر باريس
في هذا الوقت، يتركز الاهتمام على ما يمكن ان يخرج به اجتماع مجموعة الدعم الدولية للبنان من نتائج عملية على صعيد مساعدة لبنان في تجاوز أزماته المالية والاقتصادية والسياسية، في وقت تأكد ان المملكة العربية السعودية ستشارك في المؤتمر مع ممثّل عن دول الإمارات.
وعشية الاجتماع قال وزير الخارجية السعودي الأمير فيصل بن فرحان آل سعود أمس إن استقرار لبنان بالغ الأهمية بالنسبة للمملكة.
وأضاف الوزير السعودي أنه لن يستبق الحكم على مؤتمر دعم لبنان الذي سيعقد اليوم في باريس وأنه سينتظر نتائج هذا المؤتمر.
وردا على سؤال بشأن المساعدات للبنان، قال الأمير فيصل خلال مؤتمر صحفي بعد قمة لدول الخليج العربية في الرياض أمس إن شعب لبنان ونظامه السياسي بحاجة إلى إيجاد طريق للمضي قدما يضمن استقرار لبنان وسيادته».
اما وزير الخارجية الفرنسي جان ايف لودريان فقد أوضح ان الهدف من دعوة مجموعة الدعم الدولية هو حث السلطات اللبنانية على إدراك خطورة الوضع والاقتراح عليها بالمضي قدماً نحو الإصلاحات، وهذا يعني أخذ دعوة الشارع والمتظاهرين بعين الاعتبار، وتشكيل حكومة بسرعة والتأكد من ان هذه الحكومة قادرة على ان تقوم بالاصلاحات التي يحتاجها هذا البلد.
وفي مسودة البيان الختامي لمؤتمر باريس، والذي وزّع مساء أمس في بيروت، أكدت مجموعة الدعم الدولية «أنّ الحفاظ على استقرار لبنان ووحدته وأمنه وسيادته واستقلاله السياسي وسلامة أراضيه يتطلب تشكيلًا سريعاً لحكومة تكون لديها القدرات والمصداقية لتنفيذ سلسلة من السياسات الحقيقية للاصلاحات الاقتصادية بالاضافة الى التزامها بفصل البلاد عن التوترات والأزمات الإقليمية.هذا الأمر يتطلب الالتزام الكامل للسلطات اللبنانية بتطبيق التدابير والإصلاحات الحاسمة في الوقت المناسب».
ودعا أعضاء المجموعة الدولية ISG السلطات اللبنانية خلال الأسابيع الاولى بعد تشكيل الحكومة الجديدة إلى إقرار موازنة 2020 بحيث تكون جديرة بالثقة وتتضمن تدابير دائمة للنفقات والايرادات تهدف الى تحسين مستدام في الميزان الاساسي في حين تعمل على تعزيز شبكات الأمان الاجتماعي للحفاظ على السكان الضعفاء. كما يحثون السلطات اللبنانية على اتخاذ إجراءات حاسمة لاستعادة استقرار القطاع المالي، ومعالجة الفساد (بما في ذلك اقرار قانون مكافحة الفساد والإصلاح القضائي)، ولتنفيذ خطة إصلاح الكهرباء بما في ذلك آلية تعزيز الحكم (من خلال هيئة ناظمة مستقلة)، وتحسين الحوكمة وبيئة الأعمال بشكل ملحوظ، من خلال إقرار قوانين المشتريات.
ولم يشر البيان الختامي إلى تقديم أي مساعدات مالية نقدية أو عينية للبنان، لكنه أكّد ان نتائج مؤتمر «سيدر» التي وافقت عليها السلطات اللبنانية في 6 نيسان (ابريل) 2018 لا تزال سارية المفعول، كما أكّد استعداد المجموعة لدعم تنفيذ سلسلة إجراءات بما في ذلك المساعدة في ضمان وصول السلع الأساسية الىلبنان، وهي تشجّع السلطات على طلب الدعم من جميع شركاتها في التنمية، بما في ذلك المؤسسات المالية الدولية».
تصعيد الانتفاضة
وفي اليوم 55 من انتفاضة الحراك الشعبي، بدت الانتفاضة أمس، وكأنها في يومها اليوم بالنسبة للتصعيد الذي اتسم به التحرّك، سواء في ميناء طرابلس التي شهدت حركة احتجاجات وغضب على وفاة شابين بسقوط سقف منزلهما عليها في الميناء، ففارقا الحياة، أو في جونية احتجاجاً على توقيف الجيش لاربعة شبان بتهمة محاولة قطع الطريق الدولية، وارجأت المدعي العام لجبل لبنان القاضية غادة عون إطلاق سراحهم إلى اليوم التالي، الأمر الذي اثار غضب أهالي الموقوفين والناشطين في الحراك، فتجمعوا امام سراي جونية وقطعوا الأوتوستراد بالاتجاهين للضغط في سبيل اطلاقهم، وهذا ما حصل قرابة الثامنة مساء، بعد تدخل النائب العام التمييزي القاضي غسّان عويدات الذي كسر قرار القاضية عون، وصدرت دعوات على الأثر لفتح الأوتوستراد والتجمع في ساحة جونية للتضامن مع المفرج عنهم، وهم: ايلي هيكل، جيلبير عسيلي، كارلوس زغيب وجاد بوناصر الدين، فيما تجمع زملاؤهم امام منزل القاضية عون في الأشرفية للاعتراض على موقفها.
وبين الحراكين في طرابلس وجونية، عاود الناشطون في بيروت تحركهم، فعمد عدد منهم إلى قطع الطريق في محلة القنطاري عند تقاطع كليمنصو- باب ادريس، وافترشوا الأرض، احتجاجاً على عدم استجابة السلطة لمطالبهم بعد أكثر من 50 يوماً على انطلاقة الحراك. وأكّد المتظاهرون انهم ليسوا هواة قطع طرقات على النّاس، إلا انه مظهر من مظاهر التلكؤ عن تنفيذ المطالب المشروعة، وفي مقدمها الإسراع في اجراء الاستشارات النيابية.
واللافت على هامش الحراك، أمس، تعرض «خيمة الملتقى» التي تنظم فيها عادة محاضرات عن الفساد والقضاء وسلسلة الرتب والكهرباء قرب مبنى اللعازارية، إلى محاولات تحرش واستفزاز بهدف الاعتداء على الخيمة، لولا يقظة القائمين عليها الذين استدعوا القوى الأمنية لحماية الحاضرين، وتأمين خروجهم سالمين.
وكان من المفترض ان تناقش الخيمة أمس، موضوع «الحياد كخيار استراتيجي لازدهار لبنان»، ويتحدث فيه كل من السفير السابق هشام حمدان والدكتور عصام خليفة والعميد خالد حمادة، إلا ان عدداً من الحاضرين، وبينهم جمهور بدا غريباً قاطع عريف المحاضرة وطلب فيه عدم استخدام عبارة إسرائيل بل الكيان الغاصب، ورفعوا اعلام فلسطين ويافطات تندد بالتطبيع مع إسرائيل.
وحيال ذلك، أيقن القيّمون على الخيمة ان هناك محاولة شغب محضرة مسبقاً من الداخل، فيما لوحظ حضور عدد من الشبان احاطوا بالخيمة من الخارج، بلغ عددهم حوالى 200 شخص، فتم استدعاء القوى الأمنية التي حضرت واحاطت بالخيمة، لمنع الشبان الآخرين من اقتحامها وتحطيم محتوياتها، وطلبت القوى الأمنية من الحاضرين الخروج لكن هؤلاء رفضوا قبل انسحاب الشبان، وهو ما حصل بعد حضور الإعلام.
وأوضح العميد المتقاعد حمادة لـ «اللواء» ان موضوع المحاضرة لا علاقة له بالصراع العربي- الإسرائيلي، وهو يستند اساساً في خلفية إلى إعلان بعبدا الذي أصبح فيما بعد وثيقة أساسية من وثائق الأمم المتحدة، واسس لمجموعة الدعم الدولية للبنان.
فاجعة الميناء
اما حادثة الميناء، فكانت أكثر إثارة للعنف والحزن في الوقت نفسه، وجاءت بسبب غضب المواطنين على بلدية الميناء المتهمة بالاهمال، بعد وفاة الشاب عبد الرحمن الكيخيا (23 سنة) وشقيقته ريما، اثر سقوط سقف منزلهما الكائن في حيّ الاندلس، وهو حيّ قديم قرابة الثانية من فجر الثلاثاء. وبعد تشييع الشابين، هاجم المشيعون مبنى بلدية الميناء وحطموا محتويات الطبقة الأولى من المبنى وحاول بعضهم إحراق محتوياته، على اعتبار ان أهل الشابين سبق ان ناشدوا البلدية الموافقة على ترميم المنزل على نفقتهم، لكن رئيس البلدية عبد القادر علم الدين لم يتجاوب مع الطلب بحسب المحتجين، لكن علم الدين نفى في اتصال معه ان يكون قد تبلغ طلباً بهذا المعنى، ولاحقاً أعلن ستة أعضاء في البلدية استقالتهم احتجاجاً على إهمال رئيس البلدية مطالبين باستقالته أيضاً.
وفيما اضرم المحتجون النار في آليات شرطة البلدية وحطموا سيّارة تابعة لها، توجهوا إلى منزل علم الدين، لكن قوة كبيرة من الجيش، طوقت مبنى البلدية ومنزل علم الدين، وعملت على منع الغاضبين من اقتحامهما، فعمد هؤلاء على قطع الطرق والمسارب المؤدية إلى مستديرة المرج في الميناء بالاطارات المشتعلة، وحاولت عناصر الجيش تفريق المتظاهرين الذين رفضوا الخروج من الشارع، فحصل احتكاك وتدافع، اضطر الجيش خلاله إلى تفريق المتظاهرين بالقبائل المسيلة،ما أدى إلى سقوط عدد من الجرحى، ونقلوا بواسطة سيّارات الاسعاف إلى مستشفيات المدينة.
وأعلن جهاز الطوارئ والإغاثة في طرابلس عن إصابة 15 شخصاً نتيجة التدافع بين المتظاهرين والجيش، وتم نقل 3 منهم إلى مستشفيات المدينة، وتنوعت الإصابات بين جروح ورضوض وحالات اختناق.
وكانت قيادة الجيش أعلنت عن إصابة 6 عسكريين بجروح نتيجة الاشكال الذي حصل امام منزل النائب فيصل كرامي، وقالت ان الجيش تدخل لمنع المتظاهرين من انتقال أعمال الشغب واضرام النيران في مستوعبات النفايات وتم توقيف مواطن.
وأعلن البيان عن توقيف 4 أشخاص في جربا لاقدامهم على إحراق الاطارات ومحاولة قطع الطريق العام.
وبعد فتح اوتوستراد جونية بالاتجاهين، افيد عن قطع اوتوستراد الجية باتجاه بيروت بالاطارات المشتعلة لفترة وجيزة، بالتزامن مع قطع الطريق داخل نفق حامات في شكا الشمال، وعند مستديرة ببنين في عكار، وطريق المنية، وطريق بعلول- القرعون في البقاع، وطريق القياعة في شرق صيدا بالاطارات المشتعلة.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الأخبار
التيار الحرّ إلى المعارضة؟
حتى ليل أمس، ثابتتان كانتا لا تزالان تحكمان الأيام الخمسة المتبقية قبل موعد الاستشارات النيابية الملزمة التي حدّد رئيس الجمهورية ميشال عون الاثنين المقبل موعداً لها: الأولى أن رئيس الجمهورية لن يؤجّل الاستشارات مجدداً، والثانية أنه لا يريد سعد الحريري على رأس الحكومة المقبلة بعد الطعنة التي وجّهها الأخير للتسوية الرئاسية باستقالته، وبعد الإخراج السيئ الذي اعتمده رئيس الحكومة المستقيل لنكثه بوعده دعم وصول المهندس سمير الخطيب إلى رئاسة الحكومة.
عملياً، نجح الحريري، بمناورة الخطيب، في فتح باب الاستشارات الذي كان مقفلاً بقرار من عون، كما نجح عبر بوابة دار الفتوى في إغلاق المجال أمام طرح أي اسم آخر لرئاسة الحكومة تحت طائلة «الحرم الديني». وأرفق ذلك برسالتين متشددتين أمس: أولاهما العودة الى نغمة «تشكيل حكومة اختصاصيين تحوز الثقة المطلوبة محلياً وخارجياً» كما ورد في بيان كتلة المستقبل النيابية أمس، وثانيتهما العودة إلى إغلاق الطرق ليلاً.
وفق مصادر في 8 آذار، فإن إصرار الرئيس عون على إبقاء الاستشارات في موعدها قد يقود الى تكليف ضعيف للحريري، من دون أصوات التيار الوطني الحر وكتلة «الوفاء للمقاومة» وحلفائهما (قد تسمي كتلة الرئيس نبيه بري الحريري)، من دون أن يعني ذلك نجاحه في التأليف.
وفيما لا تزال مشاركة وزير الخارجية جبران باسيل العقدة الأبرز، أكدت مصادر التيار الوطني أن «موقفاً مهماً ونوعياً وكبيراً» سيعلنه باسيل اليوم أو غداً. مصادر مطّلعة أكدت لـ«الأخبار» أن قرار باسيل قد يكون بإعلان الانتقال إلى المعارضة وعدم مشاركة التيار في حكومة الحريري. وفي هذا السياق، نقلت محطة أو تي في عن أوساط التيار، أمس، أنه «يختار نجاح الحكومة على وجوده فيها، ولذلك هو قادر على الذهاب إلى الاستشارات بموقف ينسجم مع هدف وحيد، هو تكليف رئيس حكومة تتوفر فيها شروط النجاح». وقالت مصادر في 8 آذار إن قراراً كهذا لا يحظى بدعم حزب الله الذي يعتبره «تنفيذاً لأوامر أميركية».
في غضون ذلك، يواصل الحريري مراكمة أوراقه بالتعويل على المجتمع الدولي، وعلى ما سيصدر في ختام اجتماع «مجموعة الدعم الدولية من أجل لبنان» في باريس اليوم، لتقوية شروط تفاوضه بشأن الحكومة المقبلة. وهو استبق كل ذلك بسلسلة اتصالات في اليومين الماضيين، برؤساء ومسؤولي عدد من الدول، بينها السعودية وروسيا ومصر وتركيا والصين وأميركا وبريطانيا والكويت وغيرها، تحت ذريعة طلب مساعدة لبنان لتأمين اعتمادات للاستيراد بما يؤمن استمرارية الأمن الغذائي والمواد الأولية للإنتاج لمختلف القطاعات. ووفق بيان رئاسة مجلس الوزراء، تأتي هذه الجهود «لمعالجة النقص في السيولة». مفهوم يتطابق وأسس النموذج الاقتصادي اللبناني المعتمد ما بعد الطائف، القائم على الاستدانة ومراكمة الديون لمعالجة العجز المالي الذي سببه هذا النظام بالذات. يجري ذلك وسط إنكار حريريّ تام للانهيار الاقتصادي والإفلاس جرّاء «استراتيجية التسوّل» مقابل فرض مزيد من الرسوم والضرائب على اللبنانيين لإفقارهم.
في حين يستفيد المجتمع الدولي، ولا سيما فرنسا التي دعت الى اجتماع باريس، من هذا السقوط لإبقاء نفوذها السياسي قائماً في لبنان. وقد أتى بيان وزارة الخارجية الفرنسية في هذا السياق موضحاً «أن الهدف من المؤتمر هو أن يتمكن المجتمع الدولي من الدعوة إلى تأليف سريع لحكومة فاعلة، وذات مصداقية تتخذ القرارات الضرورية لاستعادة الوضع الاقتصادي، وتلبية الطموحات التي عبّر عنها الشعب اللبناني».
وتقول المعلومات إن البيان الذي سيصدر عن «مجموعة الدعم الدولية» اليوم والتي سينضم إليها ممثلون عن دول الخليج وعن الهيئات المالية في الأمم المتحدة، سيتطرق الى «تشكيل حكومة تنفذ الإصلاحات التي نصّ عليها سيدر وتعمل على مكافحة الفساد». وهي «الإصلاحات» نفسها التي أوردها الحريري في خطته الاقتصادية الأولى. ويتضمن البيان إشارة الى «مساعدة لبنان على فك ارتباطه بالصراعات الدولية والإقليمية، فضلاً عن مساعدات إنسانية لم تحدّد ماهيتها». وتربط المصادر بين هذه المساعدات وتقرير «هيومن رايتس ووتش» أمس حول تدهور الوضع الصحي والإنساني في لبنان. وقد استند التقرير الى إفادات عاملين في القطاع الطبي ومسؤولين حكوميين لبنانيين يحذّرون من عجز المستشفيات عن تقديم الجراحة المنقذة للحياة والرعاية الطبية العاجلة للمرضى جرّاء الأزمة المالية قريباً. ويطالب نائب مديرة قسم الشرق الأوسط في هيومن رايتس ووتش، جو ستورك، في التقرير، ببذل الحكومة «كل جهد ممكن لتوظيف مواردها المتاحة للوفاء بالتزاماتها بالحدّ الأدنى بموجب القانون الدولي».
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
البناء
لافروف وبومبيو يتفقان على مؤتمر أمن الخليج وضمان حرية الملاحة… وتنشيط قنوات التنسيق
موقف لباسيل اليوم أو غداً… “خارج الحكومة ونحاسبها في المجلس والشارع”!
فوضى في الطرقات وتظاهرات أمام منازل قضاة وسياسيين… وإخلاء خيمة “فضلو”
كشف وزير الخارجية الروسية سيرغي لافروف عن حجم المشاكل المعقدة التي تضغط على العلاقات الروسية الأميركية، متناولاً مع وزير الخارجية الأميركية مايك بومبيو تفاصيل المقاربات المتباينة تجاه الملفات الإقليمية والدولية وصيغ المساعي المشتركة لمعالجة الخلافات، لكن اللافت كان إعلان لافروف عن اتفاق روسي أميركي على عقد مؤتمر إقليمي دولي خاص بأمن الخليج وضمان حرية الملاحة في مياهه، يضمّ دول المنطقة والدول المعنية بأمن الخليج وأمن الملاحة الدولية. والمؤتمر فكرة ظهرت للعلن مع زيارة وزير خارجية عُمان يوسف بن علوي إلى طهران ناقلاً الموافقة السعودية والإيرانية على المؤتمر، ما يجعل المشروع خطوة هامة في فتح قنوات التفاوض بين طهران وكل من واشنطن والرياض، يؤسس لصياغة تسويات تبدو التسوية اليمنية أكثرها حظوظاً، ويبدو تخفيض منسوب التوتر في ساحات سورية ولبنان والعراق مرشحاً للإفادة من نتائج هذا المناخ الجديد.
المعلومات الواردة من مصادر متابعة في باريس عشية انعقاد المؤتمر الدولي لدعم لبنان، الذي سيضم الدول الخمس الدائمة العضوية في مجلس الأمن الدولي، وإيطاليا وألمانيا إضافة للأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي والجامعة العربية، تفادياً لإضفاء أي طابع سياسي عليه، تقول إن فرنسا التي ترعى تنظيم المؤتمر تريده تأكيداً على خلاصتين ستظهران في البيان الختامي للمؤتمر: الأولى هي التأكيد على تشجيع الأطراف المختلفة في لبنان على تسريع ولادة حكومة يدعمها اللبنانيون وتكون بقوة هذا الدعم قادرة على مواجهة التحدّيات، من دون الإيحاء بتبني المجتمعين أي شروط سياسية تؤيد أو تعارض أياً من الصيغ التي يتداولها اللبنانيون. والثانية هي التأكيد على أن الإرادة الدولية بمساعدة لبنان لتخطي المرحلة الخطرة التي يعيشها اقتصادياً ومالياً، وأن الإمكانات متوفرة لتحقيق الدعم الفوري اللازم، لكنها تنتظر ولادة الحكومة الجديدة، ولا تضع شروطاً سياسية لضخها في القنوات المالية اللازمة، وفقاً لمقرّرات مؤتمر سيدر.
رغم هذا المناخ الدولي لم تتبدّل الصورة في الداخل اللبناني حيث المراوحة سيدة الموقف في المشهد الحكومي المتوقف عند عشية استقالة الرئيس سعد الحريري، وشروطه المتصلة بحكومة تكنوقراط مقابل موقف ثنائي حركة امل وحزب الله الداعي لحكومة تكنوسياسية، بالإضافة للعقدة المرتبطة بتولي الحريري رئاسة الحكومة وما تطرحه تجاه فرضية عودة أو عدم عودة الوزير جبران باسيل إلى التشكيلة الحكومية، ووفقاً لمصادر تابعت موقف الوزير باسيل، فإن موقفاً جديداً سيصدر عنه اليوم أو غداً يحدّد نظرة التيار الوطني الحر لملف الحكومي. وقالت المصادر إن الموقف قد يفاجئ الكثيرين، خصوصاً المعنيين بالملف الحكومي، ولم تستبعد المصادر أن يكون الموقف المفاجئ إعلان العزوف عن المشاركة في الحكومة الجديدة، وعن دخول التفاوض السابق لتشكيلها، وعزم التيار على التعامل مع الحكومة الجديدة بعد تشكيلها “على القطعة” فيؤيّدها حيث تصيب ويواجهها حيث تخطئ. ويعود التيار بذلك إلى المساءلة في المجلس النيابي والشارع متحرّراً من أي شراكة في المشهد الحكومي أربكت أداءه الرقابي النيابي والشعبي خلال الفترة الماضية. وعن مشاركة التيار في تسمية الرئيس الحريري لرئاسة الحكومة قالت المصادر، إن الأمر قيد الدرس، وربّما تترك التسمية لرئيس الجمهورية.
على مستوى الحراك، سجلت حالة فوضى في قطع الطرقات، بعضها اتخذ شعارات تتصل بالاحتجاج على الطوفان وفضائح الفساد في وزارة الأشغال والبلديات، وبعضها احتجاجاً على توقيف متظاهرين تصادموا مع الجيش اللبناني أو قاموا بالمشاركة في قطع الطرقات سابقاً، وبعضها بقي بلا شعار، وامتدت عمليات قطع الطرق من طريق الجنوب إلى جونية وطرابلس وصولاً إلى البقاع، بينما سارت تظاهرات ليلية في بيروت تجوّلت بين منازل وزراء الأشغال السابقين، لكن الحدث اللافت سجل في ساحة الشهداء حيث قام عشرات الناشطين في الحراك بالتصدّي لجماعة الجامعة الأميركية الذين يحيون أنشطة تدعو للتطبيع مع كيان الاحتلال، وتحرّض على المقاومة، ونجح الناشطون بتعطيل ندوة عن الحياد كانت خيمة رئيس الجامعة الأميركية فضلو خوري قد بدأت بإحيائها تحت شعار “الحياد خيار استراتيجي للازدهار”، وحاصروا الخيمة ما اضطر القوى الأمنية إلى إخلائها.
تتجه الأنظار الى طاولة اجتماع مجموعة الدعم الدولي للبنان في باريس اليوم لمناقشة الوضع في لبنان في ظل الأزمة التي يعيشها على الصعيد الاقتصادي. وغادر بيروت امس، الوفد اللبناني الرسمي المؤلف من الأمين العام لوزارة الخارجية السفير هاني شميطلي وعضوية المدير العام لوزارة المالية الآن بيفاني والمدير التنفيذي لدى مصرف لبنان رجا أبو عسلي والمستشارة الاقتصادية لرئيس حكومة تصريف الأعمال هزار كركلا. ومن المتوقع أن يناقش الوفد اللبناني مع أعضاء المجموعة الدولية التي سينضمّ اليها ممثلون عن دول الخليج وعن الهيئات المالية في الامم المتحدة، خارطة طريق من شأنها وضع لبنان على سكة الحد من التدهور واستعادة المسار الذي يؤمن الخروج التدريجي من الازمة.
كذلك غادر مطار بيروت للغاية ذاتها ممثل الامين العام الامم المتحدة في لبنان يان كوبيتش الذي كان قد بحث مؤتمر دعم لبنان مع الرئيس نبيه بري الذي أكّد أنّه متفائل بمؤتمر الدعم الدولي الذي سينعقد اليوم في باريس. وقال إنّ المجلس النيابي بصدد انجاز موازنة 2020 وقد شارفت لجنة المال والموازنة على إنجازها تمهيداً لإقرارها قبل نهاية العام. ورحب كوبيتش بهذه الخطوة، وأشار إلى أنه سيبلغ هذا الموضوع للمؤتمرين في باريس.
ومن عين التينة تمنّى السفير المصري الجديد لدى لبنان ياسر علوي أن يتجاوز لبنان أزمته ويتم التكليف والتأليف بأقرب وقت ممكن.
وكان وزير الخارجية الفرنسي جان إيف لو دريان حثّ اللبنانيين على تشكيل حكومة جديدة بسرعة أو المخاطرة بتفاقم الأزمة المالية لتهدّد استقرار البلاد.
وقال لو دريان في مؤتمر صحافي: “عليهم أن يشكلوا حكومة بسرعة لأن أي تأخير سيؤدي لاستمرار تفاقم الوضع”.
أكّد وزير الخارجية السعودي أنّ استقرار لبنان بالغ الأهمية للمملكة العربية السعودية. وقال: “من المهم للشعب اللبناني ونظامه السياسي إيجاد طريق للمضي قدما يضمن استقرار لبنان وسيادته”.
وبالتوازي مع ذلك، لم يسجل أمس، أي تطور ايجابي على خط التكليف الحكومي، لا بل على العكس، فإن المعنيين رأوا في موقف الرئيس سعد الحريري حيال تمسكه بتأليف حكومة تكنوقراط، بحسب ما نقلت عنه اوساط بيت الوسط، مواصلة رئيس حكومة تصريف الاعمال سياسة اللعب على حافة الهاوية، خاصة أن معلومات عديدة تقاطعت امس واول امس تفيد بان الرئيس الحريري هو من اتصل برئيس الجمهورية مساء الأحد ودعاه إلى تأجيل موعد الاستشارات النيابية الملزمة، معتبرة ان موعد الاستشارات الاثنين ثابت، وعلى الجميع في النهاية أن يتحمل مسؤوليته وان على الرئيس الحريري الكفّ عن الرهانات، يميناً ويساراً وتقديم اوراق اعتماد للخارج خاصة أنه يدرك اكثر من غيره ان واشنطن على وجه التحديد غير متمسكة بعودته شخصياً، وما يهمها فقط تأليف حكومة تكنوقراط.
وكان الحريري اجتمع امس، في بيت الوسط مع الوزيرين ريا الحسن وعلي حسن خليل وبحضور المستشار الاقتصادي للرئيس الحريري الدكتور نديم المنلا، وتناول الاجتماع الاوضاع المالية والاقتصادية العامة. وتجدر الإشارة في هذا السياق الى ان تحرك الحريري الذي عاد في الايام القليلة الماضية برز بشكل واضح مع تحديد موعد مؤتمر دعم لبنان، في حين أنه ومنذ استقالته تقاعس بحسب مصادر معنية بالتأليف، عن تصريف الأعمال وغض النظر عن الكثير من الاحداث التي تستدعي اجتماع حكومة تصريف الأعمال لدواعي الظروف الاستثنائية التي يمر بها لبنان.
ورأت مصادر بيت الوسط أن “الحريري لم يقترح الا حكومة اختصاصيين تلبي طموحات اللبنانيين وتقنعالمجتمع الدولي بتقديم الدعم العاجل لمواجهة الأزمة”. وأضافت “اما اذا كان هناك من يصرّ على حكومة تكنو–سياسية لمجرد البقاء ضمن الحكومة فهم مدعوون الى تشكيل الحكومة من دون الحريري في اسرع وقت وبالشروط التي يرونها مناسبة للبنانيين ولمعالجة الازمة”.
وفي السياق، ترفض مصادر التيار الوطني الحر لـ”البناء” ما يحاول تيار المستقبل ترويجه ومفاده إصرار الوزير جبران باسيل على التوزير وفق معادلة أنا والحريري معاً داخل الحكومة او خارجها، ولفتت الى ان موقف تكتل لبنان القوي من المشاركة في الحكومة سيكون انسجاماً مع ما اعلنه الوزير جبران باسيل في الاسابيع الماضية، لافتة الى ان لبنان القوي سيذهب يوم الاثنين إلى الاستشارات الملزمة بموقف ينسجم مع هدف وحيد، هو تكليف رئيس حكومة تتوفر فيها شروط النجاح ولفتت المصادر إلى اجتماع استثنائي سيُعقده تكتل لبنان القوي في الساعات الـ 48 المقبلة للبحث في الملف الحكومي، داعية إلى ترقب الموقف الذي سيصدر عن التكتل في هذا الشأن.وكانت الـ “أو تي في” نقلت عن أوساط سياسية كلاماً مفاده أن التيار الوطني الحر يبقى عصياً على التطويق، لأنه لم ينحصر يوماً في قوالب جامدة، بل هو دوماً حركة متجددة، وطاقة إيجابية مستمرة قادرة على استخراج الحلول من عمق الأزمات. وختمت الأوساط السياسية بالعبارة الآتية: انتظروا التيار في الأيام المقبلة حيث لا تتوقعون.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
النهار
دعم دولي وعربي لتأليف حكومة قبل تفاقم الوضع
هل يكون اثنين الحسم؟
الاثنين المقبل اثنين الحسم، اذ لن يكون في وسع أفرقاء الداخل إدارة الظهر لأفرقاء الخارج الذين يقدمون اليوم دعماً دولياً للبنان من أجل "تشكيل حكومة بسرعة لأن كل تأخير سيؤدي الى تفاقم الازمة، والعمل من أجل أن تباشر الحكومة اجراء الاصلاحات التي يحتاج اليها البلد".
وهذا الدعم الدولي، يأتي اليوم مشفوعاً بدعوة دول الخليج في ختام قمة مجلس التعاون السنوية أمس في الرياض، اللبنانيين إلى التعامل بحكمة مع التطورات الأخيرة بطريقة تلبّي "التطلعات المشروعة" للشعب اللبناني. وقال قادة الخليج في بيانهم الختامي إنّ مجلسهم حريص على "أمن لبنان واستقراره ووحدة أراضيه، وعلى انتمائه العربي واستقلال قراره السياسي، والوفاق بين مكونات شعبه الشقيق".
واسترعى الانتباه تصريح وزير الخارجية السعودي الأمير فيصل بن فرحان بن عبدالله آل سعود بأن "استقرار لبنان مهم جداً جداً للمملكة (…) والأهم أن يمضي الشعب اللبناني والنظام السياسي في طريق تضمن الاستقرار والاستقلالية".
وبدا واضحاً أن ايران استبقت قمة مجلس التعاون واجتماع باريس بموقف ملتبس أرادت منه توجيه رسالة بأنها معنية بالملف اللبناني ولها فيه اليد الطولى، اذ قال مستشار رئيس الحرس الثوري الايراني "اذا ارتكبت إسرائيل أصغر خطأ تجاه إيران، فستسوى تل أبيب بالتراب انطلاقاً من لبنان". وقد تفاعل الموقف فغرّد وزير الدفاع في حكومة تصريف الأعمال الياس بو صعب: "اذا صحّ ما نُسب الى مستشار رئيس الحرس الثوري فإنه لأمر مؤسف وغير مقبول وتعدّ على سيادة لبنان الذي تربطه بالجمهورية الاسلامية الايرانية علاقة صداقة لا يجوز أن تمس استقلالية القرار اللبناني بأي شكل من الاشكال". وتعليقا على الموقف نفسه تساءل الوزير السابق سجعان قزي عبر"النهار": "لماذا انطلاقا من لبنان وليس من سوريا حيث الاعتداءات الاسرائيلية تتوالى على الحرس الثوري الايراني؟". واعتبر أن "هذا التصريح لا يثير القلق في مضمونه وانما في توقيته وخلفيته عشية لقاء باريس".
الحكومة
داخلياً وفيما ظهر انقطاع في التواصل بين المعنيين، علمت "النهار" أن دوائر قصر بعبدا تتعامل بشكل أكثر من جدّي مع الموعد الاثنين المقبل، لحسم الأمر بإجراء استشارات لا تزال تعطي الأولوية للرئيس سعد الحريري رغم إصرار الأخير على "حكومة تكنوقراط" كما نقل عنه أمس. وبينما غاب التواصل المباشر بين الرئاستين الأولى والثالثة، وكذلك بالواسطة، علمت "النهار" أن الثنائي الشيعي تحرّك في اتجاه "بيت" الوسط للاتفاق على "صيغة تكنوسياسية وسطية" لا يشارك فيها سياسيون مرفوضون لدى الشارع، ولا تحتكر الأحزاب الحقائب الأساسية من خلال ممثليها التكنوقراط، بل يعطى الحريري هامشاً واسعاً في التسمية أو امتلاك حق الفيتو على الأسماء المقترحة.
كذلك علمت "النهار" أن "تكتل لبنان القوي" أرجأ اجتماعه الذي كان موعده أمس، مفسحاً المجال لاتصالات "الخليلين" قبل أن يحدد موقفاً حاسماً من الرئيس الحريري في الساعات الـ48 المقبلة.
ومن المتوقع أن تظهر إشارات في اليومين المقبلين قبل عطلة نهاية الاسبوع، فإما أن تكون ايجابية وتمضي الأمور على ما يرام، وإما أن تؤثر بعض القوى الخارجية بطريقة سلبية على عملية التأليف، وبالتالي يفرض اللجوء الى تسمية الحريري والبدء برحلة التأليف الشاقة او يعتمد الخيار الأسوأ اي تأجيل الاستشارات وبقاء الحريري في سدة تصريف الاعمال. ورأى مصدر وزاري ان تأجيل الاستشارات يعني حكماً تأجيل المساعدات الدولية للبنان، وتالياً التعجيل في الانهيار الاقتصادي والمالي.
مجموعة الدعم
ومتابعة لمجموعة الدعم الدولية، كتب مراسل "النهار" في باريس سمير تويني: يعقد صباح اليوم في" الكي دورسيه" في باريس مؤتمر مجموعة الدعم الدولية للبنان برئاسة فرنسية – اممية ومشاركة الولايات المتحدة وروسيا والصين والمملكة المتحدة ومصر والمانيا وايطاليا والكويت والمملكة العربية السعودية والامارات العربية المتحدة، الى البنك الاوروبي للانشاء والتعمير، وبنك الاستثمار الاوروبي، والاتحاد الاوروبي، وصندوق النقد الدولي، والبنك الدولي، وجامعة الدول العربية ولبنان.
وقد سئل وزير الخارجية الفرنسي جان – إيف لودريان "ما الذي يمكن المجتمع الدولي، ولا سيما منه فرنسا، القيام به لتحقيق الاستقرار في القطاع المصرفي في لبنان خاصةً، وما هي الرسالة التي توجهونها الى السلطات اللبنانية التي لا تتحرك فعلاً لحل المشاكل؟"، فأجاب: "أردنا أن نأخذ زمام المبادرة بدعوة مجموعة الدعم الدولية من أجل لبنان إلى الاجتماع هنا. هدف ذلك هو حث السلطات اللبنانية على إدراك خطورة الوضع، والاقتراح عليها المضي قدمًا نحو الإصلاحات – علماً أن السلطات اللبنانية ستكون ممثلةً – وأخذ دعوة الشارع والمتظاهرين في الاعتبار، إذ أن المتظاهرين يحتشدون بانتظام منذ 17 تشرين الأول، فالتحركات الاحتجاجية طال أمدها ويجب الاستماع إليها. كما يجب ان تشكل السلطات اللبنانية حكومةً بسرعة لأن أي تأخير سيؤدي إلى تفاقم الوضع، والتأكد من أن الحكومة قادرة على أن تقوم بالإصلاحات التي يحتاج اليها هذا البلد. لقد اجتمعنا هنا في نيسان 2018 وكان ذلك أيضًا بمبادرة فرنسية في إطار ما سمي مؤتمر سيدر مع العديد من الجهات الفاعلة، وقد قمنا في حينه بتعبئة مبالغ كبيرة من المال شرط ان تقترن المساعدة المالية بتنفيذ الإصلاحات اللازمة. في الوقت الحاضر، توقفنا عند هذا الحد حيث أنه ما من إصلاحات وما من استقرار، لذلك فهي دعوة قوية سنوجهها الى جميع من يستطيع العمل ليستعيد لبنان استقراره".
وسيصدر عن المؤتمر بيان يدعو فيه المشاركون لبنان الى القيام بما يلزم، ويبلغ في الجلسة الثانية بعد ظهر اليوم الى الوفد اللبناني الذي سيعرض بالطبع على المشاركين حاجاته، وسيطلب من السلطات اللبنانية تنفيذ مندرجات هذا البيان الذي يشكل خريطة طريق للحكومة الجديدة وقد يكون في صلب بيانها الوزاري.
وأوضحت مصادر متابعة للمؤتمر أن البيان الختامي لن يكون بعيداً البيان الذي صدر عن مؤتمر "سيدر"، اي دعوة للعمل بعد توصيف الوضع القائم واعتراف مجموعة الدعم الدولية باهمية ما يواجهه لبنان من ازمات قد تعرضه لخطر عدم الاستقرار الامني ولوقف هذا التدهور الامني والاقتصادي.
واستناداً الى البيان الذي وزع نصه أمس، سيدعو المشاركون السلطات اللبنانية الى "وقف هذا التدهور من خلال معالجة التحديات الاجتماعية والاقتصادية بشكل مستدام واعتماد الدولة سياسة ذات صدقية وفعالية واجراء حزمة من الاصلاحات الاقتصادية لاستعادة الاستقرار المالي ، ومعالجة الوضع الاقتصادي من خلال تدابير تستجيب للمطالب التي عبر عنها اللبنانيون منذ انتفاضة 17 تشرين الاول".
ويعتبر المشاركون "ان عدم تشكيل حكومة يؤدي الى تهديد الاستقرار ووحدة لبنان وسيادته ووحدة اراضيه واستقلاله السياسي . فالمطلوب اذاً حكومة تشكل سريعاً وذات صدقية لتنفيذ حزمة الاصلاحات الضرورية وتنفيذ سياسة الناي بالنفس عن الصراعات والازمات الاقليمية، ومعالجة الفساد واعتماد خطة لاصلاح قطاع الكهرباء وتشكيل الهيئة الناظمة له وذلك ضمن فترة زمنية محددة".
ويدعو البيان الى "اعتماد موازنة موثوقة لسنة 2020 هدفها عدم زيادة العجز والاهتمام بتعزيز المطالب الاجتماعية واتخاذ الاجراءات الضرورية الحاسمة لاستعادة استقرار لبنان والقطاع المصرفي. وان توضع موضع التنفيذ الاصلاحات التي وعدت بها الحكومة خلال مؤتمر "سيدر" للاستفادة من التسهيلات المقدمة من الاسرة الدولية".
ويقترح المشاركون في البيان "مساعدة لبنان لضمانه الحصول على السلع الاساسية من خلال دعم من شركاء لبنان بما فيهم المؤسسات المالية الدولية".
سيشيد المؤتمر "بتصرفات ودور القوى الامنية اللبنانية خلال التظاهرات وسيدعو الى استمرار هذا التصرف للمحافظة على حقوق المواطنين في التعبير عن ارائهم . وهو اعتراف دولي بالمطالب الشعبية والمطالبة بتنفيذها".
حركة الشارع
يدانياً، توزعت حركة الشارع أمس بين المناطق، وبلغت ذروتها في الميناء – طرابلس، حيث قدم أعضاء في البلدية استقالاتهم نزولاً عند الرغبة الشعبية بعدما هاجم الاهالي مبنى البلدية وكسروا زجاجه وحطموا بعض أثاثه، وفي الزوق أقفل الاوتوستراد الى حين اطلاق شبان كان الجيش أوقفهم صباحاً، في بيروت تحركات عدةأابرزها توجه موكب سيار من الرينغ الى محيط منازل وزراء الأشغال السابقين احتجاجاً على سياساتهم بعد يوم الغرق الاثنين، واقفل ناشطون الطريق عند برج المر. كما حاصر قريبون من "حزب الله" احدى خيم الحوار في ساحة اللعازرية ينشطها لقمان سليم المعارض لسياساته.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الجمهورية
الحريري لإستبعاد باسيل من التوزير.. و"التيار" يلوِّح بعدم المشاركة
… وانقضى اليوم الثاني من الاسبوع الفاصل عن الاستشارات النيابية الملزمة الاثنين المقبل، وبدأت معه خطوط التواصل السياسي تفتح بعضها على بعض، في محاولة أخيرة لحسم تكليف رئيس الحكومة الجديدة بحد أعلى من التفاهم السياسي، والذي يَفترض أن ينسحب على الخطوة التالية باستيلاد الحكومة في فترة زمنية قياسية مناقضة للولادات الحكومية السابقة التي كانت تبتلع الاسابيع والاشهر. وعلمت "الجمهورية" انّ المفاوضات حول التكليف والتأليف اتخذت منحى جديداً ستتكثّف الاتصالات حوله خلال الساعات المقبلة حيث لم يعد شكل الحكومة عائقاً كبيراً، لأنه يمكن الاتفاق على مخارج لمفهوم التكنو-سياسي أو "التكنوقراط"، طالما أن لا مشكلة لدى قوى سياسية أساسية في تسمية من تقترح من التوزيعة الطائفية والابتعاد عن الاسماء المعروفة بانتمائها السياسي أو الحزبي. وأكدت المصادر انّ الايام المقبلة يجب ان تكون حاسمة قبل مهلة الاثنين، وأنّ الاهتمام سينصَبّ على التفاوض مع رئيس الجمهورية ميشال عون ورئيس "التيار الوطني الحر" الوزير جبران باسيل لتأمين الموافقة الشاملة على تسمية الحريري وشكل الحكومة.
وعلمت "الجمهورية" انّ الازمة القائمة بين الحريري وباسيل لم تعالج بعد، حيث انّ الحريري يصرّ على عدم توزير باسيل، فيرد الأخير بأنه اذا لم يشارك في الحكومة فإنه لن يكون لتكتل "لبنان القوي" فيها اي وزير.
ويرجّح ان يعلن التكتل هذا الموقف إثر اجتماع استثنائي سيعقده اليوم، في حال ظل الحريري مصرّاً على استبعاد باسيل من الحكومة. ويبدو انّ التكتل لم يعقد اجتماعه الاسبوعي امس، مفضّلاً اعلان هذا الموقف الاعتراضي في اجتماع استثنائي.
تصوُّر الحريري
واكدت أوساط "بيت الوسط" لـ"الجمهورية" انّ الحريري "حدّد تصوّره للخروج من الازمة الحالية، وهو يتمثل في تشكيل حكومة اختصاصيين لفترة محددة"، مشيرة الى "انّ هناك خيارين أمام مفاوضيه، فإمّا ان يؤيدوه في هذا التصور وبالتالي يقبل بتحمّل المسؤولية على هذا الاساس، وإمّا ان يرفضوه وعندها عليهم هم ان يتحملوا مسؤوليتهم".
ولفتت الاوساط القريبة من الحريري الى "انّ الفريق الآخر يستحوذ على الاكثرية النيابية ويملك ورقة منح الثقة، ولذلك هو معني بأن يختار الرئيس المكلف ويشكّل الحكومة اذا لم يعجبه طرح الحريري".
وأملت كتلة "المستقبل" في أن تنتهي الاستشارات النيابية الملزمة إلى "تسمية الرئيس المكلف، والمباشرة فوراً في تشكيل حكومة اختصاصيين تحوز على الثقة المطلوبة محلياً وخارجياً لتتمكن من التصدي للمشكلات الاقتصادية والمالية المتفاقمة".
باكورة الاتصالات
وكانت باكورة الاتصالات التي بدأت بين الحريري والافرقاء السياسيين إستعداداً لاشتسارات التكليف التي سيجريها رئيس الجمهورية ميشال عون الاثنين المقبل، الاجتماع الذي عُقد بينه وبين وزير المال علي حسن خليل.
وعلمت "الجمهورية" انّ البحث بين الحريري وخليل تناول، الى موازنة 2020 عشيّة اقرارها في لجنة المال والموازنة غداً، الملف الحكومي وما استجد حول موضوع استشارات التكليف.
واكد خليل انّ الاتصالات ستستمر خلال الايام المقبلة، توصّلاً الى توضيح الصورة اكثر في الملف الحكومي، ولاسيما منها مسألة تكليف الرئيس الجديد للحكومة المقبلة.
وعكست اجواء "بيت الوسط" انفتاحاً لدى الحريري على النقاش، إنما تحت السقف الذي سبق وحدده في الفترة الاخيرة حول شكل الحكومة وبرنامج عملها الانقاذي الذي ستستند اليه في مهمتها التي ستنطلق فور تأليفها، والذي يؤمل في ان لا يستغرق وقتاً طويلاً.
ولاحظت مصادر عاملة على خط الاتصالات تبدّلاً واضحاً في موقف الحريري، خصوصاً لجهة ما وصفته حماسته لتولّي رئاسة الحكومة الجديدة، خلافاً لِما كان عليه موقفه قبل ايام، والذي ترك فيه الباب مفتوحاً أمام غيره من المرشحين لتولّي رئاسة الحكومة، تحت عنوان: "لست أنا بل أحد غيري".
وقالت هذه المصادر لـ"الجمهورية" انّ "هذا الحسم من قبل الحريري بعودته الى رئاسة الحكومة، هو المتغيّر الوحيد الذي طرأ على الخط الحكومي، الّا انّ سائر الامور ما زالت من دون بَت، وتحديداً لجهة شكل الحكومة، الذي ما زال عالقاً، بين المطالبة بحكومة تكنوقراط كاملة، وهو ما يرغب به الحريري حتى الآن، والمطالبة في المقابل بحكومة تكنو- سياسية".
ورداً على سؤال عما اذا كانت الاتصالات الجارية قد وصلت الى شيء من الليونة في هذا المجال؟ قالت المصادر: "لا نستطيع ان نقول اننا وصلنا الى ليونة في مواقف الاطراف، فالجميع ما زالوا عند ثوابتهم، ولكن المرجّح حتى الآن هو إمرار ما تبقّى من الاسبوع الجاري بأقل التشنجات الممكنة، وبالتالي إجراء الاستشارات في موعدها المحدد الاثنين المقبل، وننجز خطوة التكليف على ان ننطلق تلقائياً الى الخطوة التالية التي ستنطرح في الطريق اليها كل الامور على طاولة البحث".
وعمّن سيتم تكليفه رئاسة الحكومة، قالت المصادر: "درجت العادة مع كل استحقاق حكومي أن لا يعلن أحد ترشّحه لرئاسة الحكومة، لكن في الحالة التي نحن فيها، بات مؤكداً انّ الاستشارات ستنتهي الى تكليف الحريري تشكيل الحكومة".
بري
واكد رئيس مجلس النواب نبيه بري انّ الاستشارات السابقة قد طويت صفحتها، وتم تأجيل الاستشارات الملزمة الى يوم الاثنين، وقال: "استشارات التكليف يجب ان تنتهي الاثنين، وأنا شخصياً اذا سئلت عنها فسأؤكد أنني مع إجرائها في موعدها، وعدم تأجيلها.
وبالتالي، يتم تكليف الرئيس الجديد للحكومة، الذي من المؤكد انه سيكون الرئيس الحريري". وعن الحديث حول مبادرة سيقوم بها للتواصل مع الاطراف قال بري: "لا علم لي بأيّ مبادرة، كما انّ الاطراف لم تطلب منّي ذلك، واذا ما طلبت، فلكل حادث حديث".
الموقف السعودي والخليجي
على الصعيد نفسه دعت مصادر سياسية معنية بالملف الحكومي الى التوقّف ملياً عند الموقف السعودي الصادر امس، وفيه تأكيد الحرص على استقرار لبنان ودعمه، وقالت انه "الموقف الاول الذي يصدر منذ بدء الازمة الحكومية في لبنان، ومضمونه ينطوي على دلالات واضحة، ورسالة غير مباشرة تحضّ اللبنانيين على تشكيل حكومة تساهم في صون الاستقرار اللبناني".
ولفتت المصادر الى انّ الموقف السعودي يتقاطع مع مواقف دولية، اوروبية تحديداً، أكدت الوقوف مع لبنان، واستعدادها لتقديم المساعدة له، إضافة الى الموقف الاممي الداعم للبنان الذي تعبّر عنه الامم المتحدة، والذي أعاد المنسّق الخاص للامم المتحدة يان كوبيش تأكيده امس، بدعوته الى "ان يشكّل لبنان حكومته في اسرع وقت ممكن"، آملاً في ان يحصد لبنان إيجابيات من اجتماع باريس اليوم، والذي سيتولى كوبيش مع الفرنسيين رئاسة مشتركة له.
وكان وزير الخارجية السعودي الأمير فيصل بن فرحان بن عبدالله آل سعود قال في مؤتمر صحافي، إثر انتهاء اعمال قمة دول مجلس التعاون الخليجي السنوية في الرياض أمس، إنّ "استقرار لبنان مهم جداً للمملكة (…) والأهم أن يمضي الشعب اللبناني والنظام السياسي في طريق تضمن الاستقرار والاستقلالية".
ودعت القمة الخليجية السنوية اللبنانيين إلى التعامل بحكمة مع التطورات الأخيرة بطريقة تلبّي "التطلعات المشروعة" للشعب اللبناني. وقالت في بيانها الختامي إنّها حريصة على "أمن لبنان واستقراره ووحدة أراضيه، وعلى انتمائه العربي واستقلال قراره السياسي، والوفاق بين مكونات شعبه الشقيق".
وأملت في "أن يستجيب اللبنانيون لنداء المصلحة العليا، والتعامل الحكيم مع التحديات التي تواجه الدولة اللبنانية بما يلبّي التطلعات المشروعة للشعب اللبناني".
إجتماع باريس
وتستضيف فرنسا اليوم "اجتماع عمل" لمجموعة الدعم الدولية للبنان، بغية مساعدته على الخروج من الأزمة السياسية، وفقاً لما أعلنته وزارة الخارجية الفرنسية.
وعلمت "الجمهورية" انّ هناك توجهاً لدى المجموعة الى اتخاذ قرار يؤدي الى مساعدة الشركات والمؤسسات الصغيرة في لبنان في عملية استيرادها للبضائع، وذلك من خلال تدابير معينة سيتخذها البنك الاوروبي للاستثمار بالتعاون مع المصارف اللبنانية، وذلك من اجل تجنيب هذه الشركات الافلاس والاغلاق.
وأكد وزير الخارجية الفرنسي، جان إيف لودريان، أنّ "اجتماع باريس يهدف إلى حَضّ السلطات اللبنانية على استيعاب خطورة الوضع"، في إشارة لِما يشهده لبنان من احتجاجات أدت إلى استقالة الحكومة. ولفت إلى أنّ "الاجتماع سيشكّل دعوة قوية للسلطات اللبنانية الى تشكيل حكومة بسرعة من أجل تنفيذ الإصلاحات المطلوبة".
بري وجنبلاط
وأمل بري في ان يؤسس اجتماع باريس لنتائج ايجابية حيال لبنان، وشدد على "ضرورة أن نواكب الايجابيات الدولية بتشكيل حكومة في لبنان". كما شدد على إقرار موازنة الدولة لسنة 2020 في اجتماع لجنة المال هذا الاسبوع، مؤكداً انّ جلسة إقرارها في مجلس النواب "ستعقد حتماً قبل عيد الميلاد".
من جهته غرّد رئيس "الحزب التقدمي الاشتراكي" وليد جنبلاط: "قد يكون مؤتمر باريس آخر فرصة للبنان لوقف التراجع إن لم نقل الانهيار. ونذكر في هذا المجال انّ الشرط الأول لمؤتمر باريس هو الإصلاح ابتداء من قطاع الكهرباء، وكان "الحزب الاشتراكي" قد طالب مراراً بإصلاح هذا القطاع قبل اندلاع الثورة مُندداً بتجار السفن وما وراء السفن في سعر المحروقات".
موفد بريطاني
وفي هذه الأجواء وصل الى بيروت مساء امس موفد بريطاني هو المستشار الأعلى لشؤون الدفاع البريطاني الجنرال السير جون لوريمير، وسيلتقي اليوم رئيس الجمهورية مستهلاً زيارة إستطلاعية ستشمل ايضاً بري والحريري ومجموعة من المسؤولين اللبنانيين ومفكرين.
وقالت مصادر مطلعة لـ"الجمهورية" انّ زيارة لوريمير لا تختلف عن مهمة الموفدين البريطاني والفرنسي، اللذين كانا قد زارا بيروت في الاسابيع الاخيرة استعداداً لتكوين موقف أوروبي جامع مما يجري في لبنان على مختلف المستويات.
المال والاقتصاد
إقتصادياً ومالياً، كشفت مصادر متابعة لـ"الجمهورية" انّ الحريري بدأ يتعاطى حالياً بصفته رئيس الحكومة الحالية والمقبلة، ويتطلع الى مرحلة المعالجات، وهو فعلاً عقد اجتماعاً في "بيت الوسط" يُعدّ مهماً للمرة الأولى لجهة الاستمرار في تصريف الاعمال والالتفات الى الوضعين المالي والنقدي والموازنة، فإلى وزير المال حضرت الوزيرة ريا الحسن بصفتها مستشارته للشؤون المالية والنقدية، وليس كوزيرة داخلية.
وعلمت "الجمهورية" انّ بعض الانفراجات ستحصل على مستوى قيود المصارف، حيث يتوقع ان يبدأ اليوم تباعاً دخول الـfresh money عبر السماح للمودعين بسحب التحويلات من الخارج بالعملة الاجنبية نفسها التي تحوّل لهم بعدما كانت تسَلّم الى المرسل لهم بالعملة اللبنانية، او عبر شيكات مصرفية، ما سيسمح في مكان ما لعودة بعض الاموال الى الداخل.
الضرائب أو الرواتب!
وفي ظل استمرار الأزمة الاقتصادية والمالية الخانقة، يبرز اليوم تحرّك من نوع جديد للقطاع الخاص اللبناني، الذي تداعت مجموعة منه تضم نحو 1000 مؤسسة وشركة، الى لقاء في "وسط بيروت" لاعلان موقف متقدّم هو أقرب الى العصيان.
وقال ممثل حراك الشركات الخاصة لـ"الجمهورية" انهم يتوقعون، في ظل استمرار الظروف القائمة، إقفال ما بين 500 و1000 شركة شهرياً، وبالتالي صرف آلاف الموظفين.
ولفت الى أنّ الارقام تشير الى انّ هناك نحو 560 ألف عائلة تعتاش من القطاع الخاص، واليوم اكثر من نصفها مهدّد بأن يصبح في الشارع خلال الاربع أو الخمسة اشهر المقبلة. إنطلاقاً من ذلك ستكون أولويتنا، وهذا ما سنعلنه اليوم، أن ندفع الاجور للموظفين وعائلاتهم وليس للدولة، خصوصاً انّ الضرائب التي ندفعها للدولة تُسرق، ناهيك عن انّ بعض الشركات الخاصة أصلاً لا يدفع الضرائب للدولة او يتهرّب من الدفع الضريبي.
وعُلم انّ الشركات المشاركة في اللقاء اليوم تتجه نحو إعلان وقف تجميد الدفعات الضريبية لحين تنفيذ خطة إنقاذية للبلاد، لأنّ هذا الخيار كفيل بحماية الموظفين وإمكان استمرار حصولهم على رواتبهم. ).
الجيش تسلّم هبة أميركية
على صعيد المساعدات العسكرية الاميركية للبنان، تسلّمت مديرية العتاد في الجيش، عبر مرفأ بيروت، 16 مستوعباً تحتوي على ذخيرة من عيارات مختلفة، مقدّمة هبة من السلطات الأميركية، ضمن برنامج المساعدات الأميركية المخصّصة للجيش.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
نداء الوطن
الحرس" يستفزّ اللبنانيين… وبوصعب يردّ ذوداً عن السيادة وباسيل
بعبدا بيت الوسط… "حرب الإلغاء" تحتدم
من كان ينتظر الموقف الدولي فها هو العالم يجتمع اليوم في باريس ليطالب بحكومة "فاعلة ذات مصداقية تستجيب لمطالب الشعب اللبناني"، فماذا أنتم فاعلون؟ من كان ينتظر موقف الرياض فها هي السعودية تدعو إلى أن "يمضي الشعب اللبناني والنظام السياسي في طريق تضمن الاستقرار والاستقلالية"، فماذا أنتم فاعلون؟ ومن كان ينتظر موقف رئيس حكومة تصريف الأعمال سعد الحريري بعد سقوط ترشيح سمير الخطيب فها هو لا يزال على موقفه من ترؤس حكومة اختصاصيين حصراً، وإلا من يصرّ على حكومة تكنو-سياسية ليس عليه سوى تشكيلها من دونه "في أسرع وقت"، فماذا أنتم فاعلون؟ الحقيقة أنها كلّها "شمّاعات" تتلطى خلفها الأكثرية النيابية القابضة على السلطة، للحؤول دون إحداث أي تغيير جذري أو إصلاح بنيوي في هيكلية المؤسسة التنفيذية يتهدّد وجودها على قيد الحياة السياسية، ولا مانع جدياً للتكليف والتأليف سوى الممانعة الجدية للرضوخ إلى إرادة اللبنانيين المنتفضين على المنظومة الحاكمة… أما قصة "إبريق الزيت" التي لا تنفك تتكرر أسطوانتها على المنابر والشاشات فليست سوى خير معبّر عن استمرار لعبة الدوران حول الكراسي بين أهل الحكم وقد بدأت تجلياتها تحتدم على الحلبة الحكومية لتتخذ خلال الساعات الأخيرة شكل "حرب الإلغاء" على جبهة "بعبدا – بيت الوسط".
إذ وبينما يستمرّ الثنائي الشيعي على ثباته في فرملة اندفاعة رئيس الجمهورية ميشال عون نحو خيار حكومة الأكثرية درءاً لخطر تعريضها إلى "كماشة حصار" محكمة من الشعب والغرب والعرب، يبدو رئيس الجمهورية أقرب من أي وقت مضى إلى خوض معركة "كسر عظم" مع رئيس حكومة تصريف الأعمال، رداً على ما يعتبره استهدافاً مباشراً لعهده من خلال تصميم الحريري على رفض إعادة توزير جبران باسيل، إنطلاقاً من التمسك بضرورة التخفف من أوزار الأسماء الاستفزازية للشارع في أي حكومة جديدة يترأسها. وفي هذا الإطار، تواترت معلومات عونية عن "استنفار يسود دوائر قصر بعبدا بغية التصدي لمحاولة تعبيد الطريق أمام إعادة تكليف الحريري الاثنين المقبل، مقابل إعادة تفعيل معادلة "سعد وجبران معاً" داخل أو خارج الحكومة"، وهو ما وضعته مصادر مواكبة للاتصالات الجارية في خانة السبب الأساس وراء إعلان رئيس مجلس النواب نبيه بري عن إطفاء محركاته الحكومية، باعتباره كان معنياً بإيجاد تخريجة ما مع الحريري تتيح تأمين التوافق معه على مسألة تكليفه تشكيل الحكومة العتيدة في استشارات بعبدا الملزمة.
وفيما لم ينعقد الاجتماع الأسبوعي لتكتل "لبنان القوي" أمس كالمعتاد، كشفت مصادره لـ"نداء الوطن" أنّ الاجتماع أرجئ إلى اليوم أو الغد على أبعد تقدير بناءً على طلب رئيس التكتل، مشيرةً إلى أنّ الاجتماع سيبحث في "التطورات التي تلت انسحاب الخطيب واتخاذ الموقف المناسب والقرار اللازم حيال مسألة تكليف الرئيس العتيد للحكومة". ورداً على سؤال، أجابت المصادر: "لا نية لدينا في اللجوء إلى التصعيد، إنما التكتل لن يعطي كذلك شيكاً على بياض للرئيس المكلف".
وإزاء تأزّم المشهد الحكومي، برزت إشارة بارزة متجددة من البطريرك الماروني بشارة بطرس الراعي عبّر فيها أمس عن امتعاضه لكون "لا حكومة تلوح في الأفق في حين أنّ البلد ينهار ويقع يوماً بعد يوم"، آخذاً على المسؤولين المعنيين عدم إجراء الاستشارات النيابية "بعد أكثر من خمسين يوماً" على بدء الأزمة. وأوضحت مصادر كنسية لـ"نداء الوطن" أن موقف الراعي "نابع من قراءة التطورات الحكومية السلبية والتصلّب في المواقف وعدم القدرة على تأليف حكومة جديدة"، مشددةً على أنّ "غبطته ماضٍ في لهجته التصاعدية لكي يُسمع المسؤولين صوت الناس، خصوصاً أنه لم يلمس خلال تواصله مع المعنيين أي تطورات إيجابية في الملف الحكومي، سيّما وأنه كان أول من نادى بتأليف حكومة إختصاصيين مصغّرة إنقاذية، لكن من دون أن يصغي أحد إلى ما تطالب به الكنيسة والشعب الثائر".
في الغضون، سُجّل دخول إيراني استفزازي على المشهد اللبناني أمس من خلال ما نُقل عن مستشار قائد الحرس الثوري اللواء مرتضى قرباني، لناحية تهديده إسرائيل بأنها "في حال ارتكبت أصغر خطأ تجاه إيران فسنسوي تل أبيب بالتراب إنطلاقاً من لبنان". موقف لاقى سلسلة ردود منددة باستسهال طهران ضرب السيادة الوطنية اللبنانية وبتجديد نظرتها إلى لبنان، بوصفه ليس أكثر من منصة إطلاق صواريخ إيرانية متقدمة باتجاه إسرائيل دفاعاً عن سيادة الجمهورية الإسلامية، وبينما كان من البديهي أن تتصدى شخصيات سياسية من مثل الوزير جمال الجراح الذي شدد على أنّ "لبنان ليس صندوق بريد للحرس الثوري"، والنائب نهاد المشنوق الذي أكد أنّ اللبنانيين ليسوا "دروعاً بشرية لأي مشروع في المنطقة ولبنان لن يكون ولاية إيرانية"، والنائب نديم الجميّل الذي طالب السيد حسن نصرالله والرئيسين عون والحريري "بموقف صريح" إزاء كلام قرباني، واللواء أشرف ريفي الذي حمّل المسؤولية وراء هذا الكلام إلى "من مكّن النظام الإيراني من الوصول إلى هذه الوقاحة والاستباحة"، ونائب رئيس مجلس النواب السابق فريد مكاري الذي اعتبر أن كلام المسؤول الإيراني "يسوّي سيادة لبنان بالأرض قبل كل شيء"… فإنّ ما استرعى الانتباه على الجبهة المقابلة هو مسارعة وزير الدفاع في حكومة تصريف الأعمال الياس بوصعب إلى التصدي بلطف للجمهورية الإسلامية الإيرانية التي تربطها "علاقة صداقة بلبنان لا يجوز أن تمسّ استقلالية القرار اللبناني"، معتبراً أنه "إذا صح ما نُسب إلى مستشار رئيس الحرس الثوري الإيراني فإنه لأمر مؤسف وغير مقبول وتعد على سيادة لبنان". كلام بوصعب الذي لا بد وأن يثمّن عالياً لكونه يذود عن السيادة الوطنية، وضعه مراقبون أيضاً في خانة "الذود عن رئيس التيار الوطني الحر وزير الخارجية اللبنانية التي بدت غارقة بالأمس في حالة "كوما" غائبة عن السمع والتعليق على الموقف الإيراني، في حين أنها هي الطرف المعني أولاً وأخيراً باستنكار كلام مستشار رئيس الحرس الثوري واستدعاء السفير الإيراني لتحميله رسالة احتجاج رسمية على هذا الكلام، أسوةً بما تقوم به كل خارجيات العالم التي تحترم سيادة دولها"… فهل يفعلها باسيل اليوم على قاعدة أن تحتجّ متأخراً خير من ألا تحتج؟
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الشرق
اجتماع مجموعة الدعم خريطة طريق انقاذية وباريس : لادراك خطورة الاوضاع
الحريري لن يعود الا بحكومة اختصاصيين … ومشروع الموازنة ينجز غدا
لم يشهد لبنان في تاريخ الحياة السياسية سابقة كتلك التي تتواصل فصولها منذ استقالة الرئيس سعد الحريري في 29 تشرين الاول الماضي والتي تكاد تكون أشبه بعملية تشويه للدستور ومقتضياته حيث تبرم الصفقات وتوزع الحصص قبل تكليف رئيس حكومة تحت شعار ضمان حسن التأليف وقطع الطريق على تضييع الوقت بعد التكليف، وكأن الوقت الضائع منذ شهر ونيف غير محسوب في رزنامة لبنان ولا في حياة الشعب الثائر في الشارع منذ ما يناهز الشهرين رفضا لهذه الصفقات التي كشفت فيضانات الانفاق والطرق امس احد اوجهها في ابرز تجلياتها.
ذلك ان أي حقبة من حقبات الحرب او السلم لم تشهد مهزلة على هذا القدر من السوء، حيث الشعب العائم في تداعيات فساد السلطة يدفع كل يوم من حياة موسومة بالاذلال انتحارا او قتلا لا فرق، وقد سجل عدادها امس قتيلين جديدين في طرابلس بانهيار سقف منزلهما بعد سلسلة مناشدات من اهل الميناء للبلدية منذ فترة لترميم المنزل لم تتجاوب معها فنالت نصيبها من الثوار اليوم تكسيرا لمبناها واحتجاجات امامها.
هذا المشهد المتكرر في شكل شبه يومي، لا بد ان يحضر اليوم على طاولة اجتماع مجموعة الدعم الدولي للبنان في باريس لمناقشة اخطر ازمة تعصف باقتصاده واستقراره. وعشية الاجتماع اكدت مصادر دبلوماسية ان ابرز ما فيه انه سيرسم خريطة طريق انقاذية للبنان من خلال التركيز على وجوب تشكيل حكومة سريعا تتمتع بالقدرات اللازمة وبالمصداقية الكفيلة بتمكينها من تنفيذ حزمة الاصلاحات الضرورية التي تنقذ البلاد وهي التي طلبها المجتمع الدولي من لبنان ابان مؤتمر سيدر ومن بينها الاصلاح في قطاع الكهرباء، نظراً الى ما لهذه التدابير من تأثير في تحقيق تطلعات الثوار اللبنانيين. وتشير الى ان المجموعة ستطلب من لبنان، الى تشكيل الحكومة سريعا، اقرار موازنة موثوقة وشفافة للعام 2020. ويجدد تأكيد الاستعداد على مساعدة لبنان والتزام مجموعة الدعم العمل الى جانب المجتمع الدولي لتنفيذ خريطة طريق الانقاذ، ستشيد بأداء الجيش والاجهزة الامنية في حماية المتظاهرين وتحثها على الاستمرار في هذا الاسلوب والمسؤولين السياسيين على تحمل مسؤولياتهم في هذا المجال.
وقبيل اجتماع المجموعة اليوم ، بدا ان اللقاء سيخصص لتوجيه رسالة الى لبنان أكثر منه لمدّه بمساعدات مادية او مالية. فقد أكد وزير خارجية فرنسا جان أيف لو دريان أن اجتماع باريس بشأن لبنان يهدف إلى حض السلطات اللبنانية على استيعاب خطورة الوضع. ولفت إلى ان "الاجتماع سيكون بمثابة دعوة قوية للسلطات اللبنانية لتشكيل حكومة بسرعة من أجل تنفيذ إصلاحات".
من جانبه، أكّد رئيس مجلس النواب نبيه بري خلال استقباله ممثل الأمين العام للأمم المتحدة يان كوبيش (الذي زار رئيس حزب الكتائب النائب سامي الجميل ايضا) أنّه متفائل بمؤتمر الدعم الدولي الذي سينعقد في باريس. وقال إنّ المجلس النيابي بصدد انجاز موازنة 2020 وقد شارفت لجنة المال والموازنة على إنجازها تمهيدا لاقرارها قبل نهاية العام. بدوره، رحب كوبيتش بهذه الخطوة وأشار الى انه سيبلغ هذا الموضوع للمؤتمرين في باريس غدا.
على الصعيد الحكومي، خيم الجمود التام اليوم. وأوضحت مصادر مقربة من الرئيس نبيه بري أنّ رئيس المجلس النيابي لا يتدخل في الموضوع الحكومي ولا احد من الفرقاء طلب منه التدخل.
وكان لافتا انه، وردًا على ما تداولته بعض وسائل الاعلام من شروط مزعومة يضعها الرئيس الحريري لتشكيل حكومة، أوضحت مصادر بيت الوسط ان الرئيس الحريري لم يقترح الا حكومة اختصاصيين مستقلين تلبي طموحات اللبنانيين وتقنع المجتمع الدولي بتقديم الدعم العاجل لمواجهة الأزمة"، مضيفة "اما اذا كان هناك من يصر على حكومة تكنو-سياسية لمجرد البقاء ضمن الحكومة فهم مدعوون الى تشكيل الحكومة من دون الرئيس الحريري في اسرع وقت وبالشروط التي يرونها مناسبة للبنانيين ولمعالجة الازمة".
على الارض، وفي وقت عمد الثوار الى اقفال الطرق صباحا في عدد من المناطق ابرزها الزوق، احتجاجا على ارجاء الاستشارات النيابية اسبوعا كاملا، حاول العشرات من المواطنين المحتجين تحطيم بلدية الميناء من خلال رشق الحجارة على المبنى وتكسير زجاجه بعدما قتل شاب وشقيقته بانهيار سقف منزلهما. واتت افعال المواطنين ايضاً كردة فعل على البلدية معتبرين ان اهل الميناء سبق وناشدوا البلدية منذ فترة لترميم المنزل لكنها لم تتجاوب مع مطلب الأهالي. وعلى الفور، توجه الجيش الى المكان في حين أضرم المحتجون النار في آليات شرطة البلدية وحطموا سيارة تابعة للبلدية ثم توجهوا الى منزل رئيس البلدية عبد القادر علم الدين. وأقام الجيش جداراً بشريّاً أمام المحتجين لمنعهم من دخول مبنى بلدية الميناء في حين ان هؤلاء اقدموا على حرق غرفة تابعة للبلدية.
على صعيد آخر، بقيت الأزمة الاقتصاية-المعيشية في الواجهة. فقد قالت منظمة "هيومن رايتس ووتش" إن "العاملين في القطاع الطبي والمسؤولين الحكوميين في لبنان يحذرون من أن المستشفيات قد تصبح قريبا عاجزة عن تقديم الجراحة المنقذة للحياة والرعاية الطبية العاجلة للمرضى جرّاء الأزمة المالية".
وليس بعيدا، قررت الجمعية العمومية لاتحاد نقابات المخابز والافران الاضراب الفوري في حال أحيل أي صاحب فرن الى النيابة العامة.
من جهة ثانية، وغداة فضيحة غرق الطرقات بالسيول والفيضانات، أعلن رئيس لجنة الاشغال العامة والنقل والطاقة والمياه النائب نزيه نجم، بعد اجتماع اللجنة للبحث في موضوع الفيضانات في بيروت الكبرى وكل المناطق "ان اللجنة ستتخذ صفة الادعاء في الملفات المتعلقة بالفيضانات في المناطق كافة. وطالب نجم بـ"التشدد بتطبيق القوانين فورا لجهة منح تراخيص البناء والأشغال ومراقبة التنفيذ من قبل البلديات ومن الوزارات والادارات ايداع القضاء كل الملفات المتعلقة بالتلزيمات والتعهدات وكل ما له علاقة بالفساد". كما قررت اللجنة الادعاء على كل من يظهره التحقيق كمحرض أو متدخل أو مسبب في ما حصل بالأمس على الطرق والأنفاق.
أما لجنة المال والموازمة فوعد رئيسها بانجاز دراسة موازنة 2020 غدا الخميس