بينما الحكومة الجديدة لا زالت تحبو إلى مهامها الجسام، كثف "حزب صندوق النقد الدولي" ظهوره الإعلامي. بدأ "يهيئ" مزاج المواطنين لـ"التطنيش" على مشاريع مكافأة "حزب المصارف" بمزيد من القروض، ونهب الأصول العامة ومن بينها مكامن النفط والغاز. في الساعات الأربع والعشرين الأخيرة، توالى "ممثلو الحزب" المذكور في الحكومة والبرلمان وفي "الشارع"، على كشف "طموحاتهم" النقدية والمالية. وزير المالية غازي وزني "صَدَم" المواطنين بإعلانه تعويم سعر صرف الليرة، ثم تراجع بعد أن اختبر "قوة الصدمة". من بعده هوّل النائب ميشال ضاهر على المواطنين بـ"مأزق الحكومة" الجديدة، مقدماً لهم "برنامج" هذا "الحزب". وخلاصته، كما قال : أن "على الحكومة الإستعانة بصندوق النقد. والشروع بالإصلاحات قبل طلب المساعدة من المجتمع الدولي. بالإضافة إلى زيادة الضرائب المباشرة وغير المباشرة وتعويم سعر صرف الليرة" اللبنانية. واقرَّ النائب الضاهر، بوقاحة اشْتُهر بها "ممثلي حزب الصندوق"، بأن "برنامج الحزب" هذا، معادٍ للشعب اللبناني، أي معاد للأغلبية الإجتماعية التي يضطهدها الحكم الأوليغارشي. قال الضاهر : "كل قرارات [الحكومة، التي ستتخذها، بموجب “برنامج حزب صندوق النقد الدولي”] غير شعبية، وإذا لم تفعل [الحكومة ذلك، ولا تأخذ بحذافير هذا “البرنامج”] ستكون أمام أزمة مالية قد تطيح بها". لم ينته "الصدم" المالي والنقدي، بالإعتداء الدامي في منطقة بئر حسن، على نساء ورجال "ائتلاف بناء الدولة" الذين أرادوا الإحتجاج على فساد "الصناديق والمجالس" ومنها "مجلس الجنوب". فقد امتد الإعتداء خلال الليل إلى "تخوم" منزل النائب اللواء جميل السيد، لأن "اللواء توتر ضدنا، اليوم". نعرف، جيداً، أسباب مشاركة الوزير وزني، والنائب ضاهر، في عملية الصدم المالي والنقدي للمواطنين، لكن ما يجب معرفته هو خلفيات الإعتداء على "ائتلاف بناء الدولة". ضرب المحتجين أمام مجلس الجنوب بهذا العنف، في وضح النهار، و"التحرش" بحرس اللواء جميل السيد في عتمة الليل، يعطي انطباعاً بأن "حزب صندوق النقد الدولي" أو "حزب الإستعمار المالي"، بحسب وصف رئيس الجمهورية العماد ميشال عون، له احتياط تخريبي في "الشارع". هذا الإنطباع، يتولد عن الأسباب الآتية :
أولا، إن بيانات حركة أمل ومجلس الجنوب، قد نفت أي صلة لهما بالمعتدين، ووصفتهم بأنهم من "أهالي المنطقة"، وهذا توضيح يجب على "ائتلاف بناء الدولة" أن يقف امامه بمسؤولية سياسية، وهو ينطوي على قدر غير قليل من الصحة. لأن مصادر متعددة، وحوادث سابقة، أشارت إلى وجود "جيوب أميركية" تخترق عدداً من أحياء ضاحية بيروت الجنوبية وتتحرك فيها. وهذه المسؤولية تحتمها وطنية "الإئتلاف".
ثانياً، كان من المفترض أن تمنح بيانات حركة أمل تعاطفاً أكبر لأعضاء "ائتلاف بناء الدولة" في تظلمهم أمام مجلس الجنوب. فهذا الإحتجاج ضد الفساد لا يشكل تهديداً سياسياً لنفوذ أمل. بالعكس، إذ أن مصالح القاعدة الإجتماعية لحركة أمل، التي ينهبها الفقر، الآن، مع انهيار "النموذج اللبناني"، تجعلها أقرب بكثير إلى المحتجين منها إلى "ممثلي حزب صندوق النقد الدولي" و"برنامجهم" الخرابي.
هيئة تحرير موقع الحقول
السبت 25 كانون الثاني، 2020
اللواء
إنتكاسة سياسية ومالية تضغط على الإعداد للثقة
توترات وتوقيفات في الشارع.. وصندوق النقد ينتظر.. الموقف العربي
… وفي اليوم الرابع، وبعد 100 يوم على الحراك، الذي دخل في «سبات الإنتظار» لمعرفة مسار الإصلاحات التي تزمع القيام بها، والتي وصفها الممثل الخاص للأمم المتحدة في لبنان يان كوبيتش «بأنها أوّل خطوة يجب على لبنان ان يقوم بها.. وكسر ممارسات الفساد السابقة واعتماد الشفافية والثقة».. منيت حكومة الرئيس حسان دياب بانتكاستين:
الأولى مالية، إذ هوت (بتعبير رويترز) مجموعة من السندات الحكومية اللبنانية المقومة بالدولار إلى مستويات قياسية منخفضة، قبل اجتماع وزير المال غازي وزني مع وفد البنك الدولي برئاسة ساروج كومار، حيث جرى البحث بالحلول المناسبة لمشاكل لبنان «ليتمكن من تجاوز الأزمة الاقتصادية والقيام بالاصلاحات اللازمة لدفع عجلة الاقتصاد، مع استعداد البنك الدولي لمساعدة لبنان في ظل الظروف المالية».
وبحسب بيانات رفينيتيف، فإن إصدار 2020 المستحق في نيسان انخفض بأقصى وتيرة، إذ نزل 2.7 سنت في الدولار إلى 77.5 سنتا.
ونزل كل من إصداري 2022 و2035 بمقدار 1.6 سنت ليجري تداولهما أعلى قليلا فحسب من 45 سنتا و40 سنتا على الترتيب، والأخير مستوى قياسي منخفض.
وقال كون تشو من «يو.بي.بي» هذه حكومة لا تحظى بدعم شعبي يذكر وستكون مسألة وقت فقط حتى تتصاعد الاحتجاجات مجددا.. إذ كانوا سيتجرعون دواء صندوق النقد فقد يزيد ذلك خطر إعادة الهيكلة».
واليوم يستقبل وزني نائب مدير المكتب التنفيذي للدول العربية في صندوق النقد الدولي سامي جدع.
الثانية: ما حدث في محيط مجلس الجنوب، عندما خرج مناصرون في المحلة لمواجهة متظاهرين، يعترضون على ما يصفونه فساد في المجالس، ومنها مجلس الجنوب.
وإذ سارع وزير الداخلية الجديد محمّد فهمي إلى الإعلان عن وضع يده على ما حدث، كشفت وزيرة العدل ماري كلود نجم على انها لن تسمح بالتعرض لحرية التعبير، التي يحميها القانون.
على ان الأهم ما قاله الرئيس حسان دياب فإن الحكومة اليوم «امام امتحان اكتساب الثقة الداخلية والخارجية».. مطالباً ببيان وزاري جدي، وقابل للتنفيذ، انطلاقاً من معايير ثلاثة: الواقع الفعلي، ومطالب الحراك الشعبي، وانتهاج سياسة متوازنة قطاعياً ومناطقياً.
وعلمت «اللواء» ان الرئيس دياب طلب من أعضاء اللجنة جوجلة الأفكار، وصياغتها بطريقة مختصرة، خاصة في الموضوع الاقتصادي.
وظهرت تباينات في موضوع دمج الإدارات وتخفيضها.
وفي ما خص المقاومة، هناك صيغة مجمّلة.
ترقب عربي
وسط ذلك، بقي التساؤل سيّد الموقف في ما خص الترقب العربي، إذ لوحظ انه لليوم الرابع، بعد تأليف الحكومة لم يصدر أي موقف ترحيبي بحكومة الرئيس دياب، ولم يتلق أية برقية تهنئة بتأليف الحكومة.
وكشف مصدر مطلع لـ«اللواء» ان المعطيات الدبلوماسية تشي بأن السلبية في الحكومة الحالية، حتى قبل نيلها الثقة، ما تزال سيّدة الموقف.
أول اشتباك حكومي
وفيما اكتملت عمليات التسليم والتسلم في الوزارات باستثناء وزارة الخارجية، بانتظار عودة الوزير السابق جبران باسيل من منتدى دافوس، وباشرت اللجنة الوزارية المكلفة وضع البيان الوزاري للحكومة الجديدة عملها أمس، سجل أوّل اشتباك داخل الحكومة، على خلفية الاشتباك الذي حصل امام مجلس الجنوب في الجناح بين متظاهرين يتبعون للحراك الشعبي وبين مؤيدين لحركة «أمل»، حيث أتخذت وزيرة العدل ماري كلود نجم القريبة من «التيار الوطني الحر» موقفاً متضامناً مع متظاهري الحراك، ضد مناصري الرئيس نبيه برّي، إذ أكدت ان «اي محاولة لقمع حرية التظاهر والتعبير التي يكفلها الدستور، سوف تواجه بالاجراءات القانونية المناسبة»، في حين ادان وزير الداخلية والبلديات العميد محمّد فهمي، ما وصفه «بالأسلوب الهمجي» «الذي تعرض له معتصمون ومتظاهرون سلميون بينهم سيدات»، مؤكداً «ان الأجهزة الامنية المختصة، لن تتوانى عن ملاحقة المعتدين وتحديد هوياتهم، وهي باشرت التحقيقات اللازمة لمعرفة خلفية واهداف الاعتداء على المتظاهرين».
ولاحقاً، تولى الوزير فهمي بنفسه الكشف عن حصيلة المداهمات التي قامت بها الأجهزة الأمنية، في بئر حسن، حيث تمّ توقيف شخصين لبنانيين هما (م.ر) و(ح.ح)، وبدأت التحقيقات الأوّلية معهما لمعرفة دوافع وأسباب التعدّي على المتظاهرين ومن يقف وراءهما، وقال ان «الاجهزة الأمنية تستمر بمتابعة المداهمات لتوقيف معتدين آخرين شاركوا في الاعتداء على المتظاهرين».
وفي تقدير مصادر مطلعة ان احتضان حكومة الرئيس حسان دياب لمتظاهري الحراك، والتجييش الإعلامي الذي رافق حادثة مجلس الجنوب، من شأنه ان ينعكس سلباً على العلاقة بين الرئيسين برّي ودياب، خصوصاً وأن المتظاهرين حملوا رئيس المجلس المسؤولية المباشرة لما جرى، بعدما اتهموا عناصر حزبية قالوا انهم من حركة «أمل» بالاعتداء، لمنع المتظاهرين من الاعتصام امام المجلس من ضمن حراك كان يستهدف 3 محطات لكشف حساب على ما اسموه «مزاريب الهدر» تضمنت إلى مجلس الجنوب كلاً من مجلس الإنماء والاعمار وصندوق المهجرين.
لكن ردّ فعل حركة «أمل» اقتصر على بيان لمجلس الجنوب، اعتبر فيه ان ما حصل هو تضارب بين أبناء المنطقة وبعض المتظاهرين، وانه عمل مُدان ومستنكر، مشيراً إلى ان إدارة وموظفي المجلس لم يكونوا على علم لا من قريب ولا من بعيد بما جرى أو بما كان يحضره المتظاهرون وبما حصل من ردّات فعل مؤسفة.
وقال: «لقد استمعنا إلى بيان وزير الداخلية الذي يُؤكّد ان الأمر بات بعهدة السلطات الأمنية المختصة التي ستبنى على الشيء مقتضاه، علماً ان هذا البيان صدر قبل تنفيذ المداهمات التي ترافقت مع اعتراضات من جانب الأهالي».
اما حركة «أمل» فقد أوضحت مصادرها ان ما حصل في الجناح ردة فعل من قبل أهالي المنطقة نتيجة الأوضاع الاجتماعية والسياسية الضاغطة، ومن دون أي قرار حزبي، وبسبب التحريض الذي حصل في الساحات، واعتبرت انه «لو تمّ تنسيق الأمر مسبقاً مع القوى الأمنية والحركة لما حصل أي اشتباك».
تزامناً، تجمع عدد من الشبان امام مبنى تلفزيون الجديد ورددوا شعارات ضد القناة وقاموا برمي الحجارة وتحطيم لافتة تحمل شعار المحطة، ولوحظ ان بعض الشبان هتفوا للرئيس سعد الحريري، غير ان القناة لم تتأكد من انتماءات الشبان، علماً ان المحطة كانت حملت بعنف في مقدمة نشرتها الإخبارية على الذين اعتدوا على المتظاهرين ووصفتهم «بالبلطجية»، فيما وصفتهم محطة الـLBC «بالزعران».
لجنة البيان الوزاري
وفي انتظار التداعيات السياسية لما حصل في الجناح، عقدت لجنة صوغ البيان الوزاري للحكومة الجديدة اجتماعين أمس، وصفتهما مصادر السراي الحكومي بالماراثونيين، بحيث انطلق الاجتماع الأوّل في العاشرة واستمر الى ما قبل صلاة الظهر، وانطلق الثاني بعد الصلاة واستمر حتى ساعات المساء، وهو انطلق من لا مسودة، بحيث بدأ عرض الافكار والعناوين التي سيتضمنها، وكان الرئيس حسان دياب يغادره بعض الوقت لإجراء لقاءاته مع الزوار الرسميين من امنيين ودوليين، ثم يعود حيث كانت اللجنة تواصل مناقشتها.
واشارت المصادر الى انه من المبكر اعطاء توصيف بالشكل والمضمون للبيان قبل اتضاح كل العناوين والافكار والاقتراحات والمشاريع المطلوبة.
لكنها توقعت ان يكون البيان واقعياً، ويعكس دعوة الرئيس ميشال عون في الجلسة الأولى لمجلس الوزراء، إلى العمل من أجل استعادة ثقة اللبنانيين أولاً والخارج ثانياً، ويأخذ بالاعتبار التحديات التي تواجه لبنان في هذه المرحلة.
ونقلت وزيرة الإعلام منال عبد الصمد عن الرئيس دياب قوله في الاجتماع الأوّل للجنة، ان «الناس ينتظرون منا عملاً، لذلك يجب الا يتضمن البيان وعوداً فضفاضة وألا نوحي للبنانيين بأن الوضع بألف خير، وشدّد على الالتزام بما نستطيع تنفيذه فقط، وان لا يكون البيان حبراً على ورق، كما شدّد على وضع جدول زمني لبرنامج عمل الحكومة، متمنياً على الوزراء، ان يدرسوا ملفاتهم وان يحددوا الملفات التي يمكن إنجازها بشفافية».
إلى ذلك، دعت مصادر وزارية رفيعة عبر «اللواء» إلى انتظار الأيام العشرة المقبلة التي يفترض ان تشهد مسار عمل الحكومة واولوياتها، معتبرة ان الأزمة لا تحتمل المماطلة أو التأخير.
وتوقعت المصادر ان تنجز الحكومة خلال الأسبوع المقبل تشخيصاً واضحاً حول الأوضاع الاقتصادية والمالية برمتها، مما يُساعد على وضع النقاط الأساسية في هذا الإطار ضمن البيان الوزاري، ولفتت إلى انه بمجرد وضع مسار عمل الحكومة قد يترك ارتياحاً لدى المواطن اللبناني، لكنها شددت على ان الورقة الإصلاحية التي وضعتها الحكومة السابقة عشية استقالتها وضعت على عجل، مما انعكس سلباً على الوضع عكس ما كان متوقعاً منها، إلا ان المصادر لم تشأ التأكيد ممّا إذا كانت الحكومة ستتبنى الورقة الإصلاحية، أم انها ترى انها لم تعد كافية.
كذلك لم تبد مصادر مقربة من رئاسة الجمهورية لـ«اللواء» أي وجهة نظر من هذه الورقة، واكتفت بالقول ان رئيس الجمهورية يولي أهمية لملف الإصلاحات، كما ينتظر ما إذا كانت الورقة الإصلاحية ستخضع للتعديل داخل الحكومة أم سيُصار إلى تفعيلها.
واوضحت المصادر المقربة من رئاسة الجمهورية لـ«اللواء» ان الرئيس ميشال عون راغب في ان تنطلق الحكومة بعد اقرارها البيان الوزاري ونيلها الثقة على اساسه في مجلس النواب في انجاز ملفاتها ولا سيما في الاقتصاد والاصلاحات ومكافحة الفساد، مشيرة الى ان الأولوية اليوم هي لانقاذ لبنان ومضاعفة الانتاجية وفق برنامج متفق عليه.
وقالت المصادر ان الرئيس عون يدعم كل ما من شأنه معالجة الأوضاع الصعبة ويؤيد الأفكار التي تصب في هذا الاتجاه على ان يشكل مجلس الوزراء المكان المناسب لهذا الأمر كاشفة انه ليس بالضرورة ان تعقد جلستان في قصر بعبدا في الأسبوع الواحد، لكنها اوضحت ان التوجه قائم من اجل عقد هاتين الجلستين كل اثنين وخميس.
وعلمت «اللواء» ان الوزير السابق سليم جريصاتي اصبح يشغل منصب مستشار رئيس الجمهورية وليس مستشار اول كما نقلت بعض المواقع الألكترونية.
انهيار السندات
إلى ذلك ابدت المصار ارتياحها لاجواء اللقاءات التي عقدها دياب مع ممثل الامين العام للامم المتحدة يان كوفيتش، ومع وفد من البنك الدولي، حيث ابديا الاستعداد لدعم لبنان فور نيل الحكومة الثقة وفق البرنامج الاصلاحي الذي وعدت به. فيما كان دياب يركز مع قائد الجيش ومدير المخابرات ووفد قيادة امن الدولة على معالجة الوضع الامني، الذي كان رئيس الحكومة يتابعه ساعة بساعة.
غير ان هذا الارتياح، لم ينعكس إيجاباً في الأسواق المالية، إذ هوت مجموعة من السندات الحكومية اللبنانية المقومة بالدولار إلى مستويات مناسبة منخفضة أمس الجمعة، قبل اجتماع مقرر بين وزير المالية الجديد غازي وزني ومسؤول كبير من صندوق النقد الدولي.
وبحسب بيانات رفينيتيف، فإن إصدار 2020 المستحق في (أبريل) نيسان للبلد الذي يمر بأزمة انخفض بأقصى وتيرة، إذ نزل 2.7 سنت في الدولار إلى 77.5 سنتاً.
ونزل كل من إصداري 2022 و2035 بمقدار 1.6 سنت ليجري تداولهما أعلى قليلا فحسب من 45 سنتا و40 سنتا على الترتيب، والأخير مستوى قياسي منخفض.
ولاحظت وكالة «رويترز» التي نقلت هذه المعلومات ان المستثمرين يساورهم قلق بشأن استقرار الحكومة ويشيرون إلى الضبابية، التي تكتنف ما قد يقدمه صندوق النقد.
وقال كون تشو من «يو.بي.بي» «هذه حكومة لا تحظى بدعم شعبي يذكر وستكون مسألة وقت فقط حتى تتصاعد الاحتجاجات مجددا.. إذا كانوا سيتجرعون دواء صندوق النقد فقد يزيد ذلك خطر إعادة الهيكلة».
جلسة الموازنة
في غضون ذلك، يستعد مجلس النواب لدرس مشروع موازنة العام 2020 الذي اعدته الحكومة السابقة، يومي الاثنين والثلاثاء المقبلين، وسط جدل دستوري حول ما اذا كان يحق لحكومة لم تنل الثقة، حضور الجلسة، وتبني أو الدفاع عن مشروع موازنة لم تضعها هي، واعتبار ذلك مخالفة دستورية، فضلا عن مخاوف أمنية من ان تواكب الجلسة تحركات احتجاجية من قبل شباب الحراك، على غرار ما حصل في الأيام الماضية من قبل المتظاهرين في وسط بيروت، أو على غرار ما تعرض له النواب قبل جلسة العفو حيث لم يتمكن أحد من الوصول إلى مبنى المجلس.
الا ان معلومات رسمية ذكرت ان هناك إجراءات ستتخذها قيادة الجيش من أجل تأمين حضور الحكومة الجديدة والنواب إلى المجلس.
ولوحظ أمس، ان التحركات الاحتجاجية غابت عن الأرض في وسط بيروت، فيما انصرفت القوى الأمنية إلى اجراء المزيد من التحصينات عند البوابات المؤدية إلى ساحة النجمة، من وضع احجار الباطون والبوابات الحديدية والاسلاك الشائكة.
وبالنسبة للالتباس الدستوري حول مشاركة الحكومة الجديدة الجلسة، أوضحت مصادر نيابية قانونية، انها لا ترى في الأمر مخالفة دستورية، وكل ما هناك ان الالتباس مجرّد وجهة نظر، لأن الدستور لم يشر إلى هذه المسألة، حيث لم يسبق ان واجه لبنان حالة مشابهة.
وتردد، في هذا الإطار، ان وزير المال غازي وزني اعد ملحقاً من ثلاث صفحات على الفذلكة الأولى يلخص فيه تعديلات لجنة المال والموازنة وارقامها، ويعتبر الملحق بمثابة تبنٍ لمشروع الموازنة ودعوة لاقراره.
لكن المكتب الإعلامي للوزير وزني نفى هذا الخبر جملة وتفصيلا، علماً ان هذا الأمر، سواء كان اعد فذلكة جديدة أو مجرّد ملحق، جاء في إطار استمرارية المرفق العام وتجنب أي فوضى في الانفاق وهدر المال العام، وان هناك ضرورة للتقيد بالمهل القانونية التي تتيح إجازة الجباية والانفاق.
موقف للحريري
إلى ذلك، يعلن الرئيس سعد الحريري موقفاً غير مسبوق في الاحتفال بالذكرى السنوية لاستشهاد الرئيس رفيق الحريري في 14 شباط المقبل، في احتفال يقيمه تيّار المستقبل في «البيال» يتعلق بتقييم التسوية السياسية التي فشلت، على ان تجتمع كتلة المستقبل قبل ذلك لتحديد الموقف من الثقة بالحكومة.
وقال الأمين العام لتيار المستقبل أحمد الحريري: «ان البلد بحاجة إلى فرصة وسنرى ما إذا كانت هذه الحكومة ستعمل على ذلك أم انها ستذهب إلى التشفي والكيدية، وفي حال ذهبت إلى ذلك، تكون اختارت المواجهة المبكرة معها من موقعنا كمعارضة، ولكن أي معارضة ستكون معارضة سياسية، بعيداً عن محاولات البعض لتأجيج الواقع المذهبي، وواجبنا ان نواجه هؤلاء ونمنعهم من تأجيج الفتنة السنية – الشيعية.. مشيراً إلى ان الخروج من المأزق يبدأ بانتخابات نيابية مبكرة.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
البناء
مليونيّة العراق لإخراج الأميركيّين ترسم معادلات المرحلة المقبلة إقليميّاً وتفتح خيارات عديدة
البيان الوزاريّ للحكومة أمام خمسة أسئلة كبرى… والسفراء العرب ينتظرون «الأميركيّ»
وزارة الماليّة بين امتحانات المؤسسات الدوليّة وشحّ الموارد وضغط الحاجات… وسوقَيْ الصرف
خلال الشهور الفاصلة عن مطلع الصيف، حيث يضغط المشهد الانتخابي الرئاسي الأميركي على حسابات الرئيس دونالد ترامب، وحيث يقترب موعد القمة الدولية التي دعا إليها الرئيس الروسي فلاديمير بوتين لمناقشة قضايا الأمن والسلم الدوليين، ستكون المواجهة عنوان المشهد الإقليمي، بين الإدارة الأميركية مباشرة وقوى وحكومات محور المقاومة، ورغم استبعاد المعارك العسكرية الكبرى، فإن المواجهة التي ستتخذ أشكالاً أخرى افتتحتها المسيرة المليونيّة في بغداد أمس، ستبقى هي العنوان، والمليونيّة العراقية رسمت مستقبل المرحلة ومعادلاتها وفتحت الأبواب لخيارات عديدة، فقد أصبح السير بمشروع إخراج الأميركيين التزاماً لا رجعة عنه بالنسبة لقوى كبرى في العراق تقف وراءها قوى كبرى في المنطقة. وصار الالتزام بتصعيد العمل الشعبي والسياسي بوجه الأميركيين ونزع الشرعية عن وجودهم في العراق لا يحتمل العودة إلى الوراء. وبالمقابل صارت فرضيّات تعرّض وحدة العراق للخطر واردة، ومثلها فرضيات العناد الأميركي والحاجة للانتقال للعمل العسكري لتثبيت القرار بإخراج الأميركيين. وفي قلب هذه المواجهة يصير من الصعوبة بمكان توقع مناخ من التهدئة يفتح الباب لمراجعة أميركية لسياسة التصعيد تجاه قوى المقاومة، وتعاملها مع الساحات التي تعتبرها ساحات اشتباك، بعدما أخذت القرار بخنقها مالياً أملاً بالضغط على قوى المقاومة، ومنها لبنان.
الموقف الأميركيّ الذي عبر عنه وزير الخارجية مايك بومبيو ترجم بتريّث أميركيّ دبلوماسيّ في التواصل مع حكومة الرئيس حسان دياب، وتعميم أميركي دبلوماسي على السفراء العرب بالتريّث، بانتظار الخطوة الأميركيّة، ولوحظ هذا الغياب العربي عن السراي في ظل هجمة دبلوماسيّة أوروبيّة ملحوظة.
الحكومة منصرفة لإنجاز البيان الوزاريّ، قبل البتّ بكيفية التعاطي مع إشكالية جلستي الثقة والموازنة، بتنسيق بينها وبين رئاسة مجلس النواب. والبيان الوزاري الذي لا يواجه مشكلة في صياغة فقرات السياسة الخارجية بما فيها الفقرة التقليدية التي تثير الخلافات والمتصلة بالمقاومة، أمامه خمسة اسئلة كبرى حقيقية: السؤال الأول حول مدى قناعة الحكومة وترجمتها لهذه القناعة في البيان الوزاري بأنها حكومة سياسية من طراز رفيع وفي لحظة سياسية استثنائية عبر فيها اللبنانيون عن رغبتهم بالانتقال من دولة المحاصصة الحزبية الطائفية إلى دولة المواطنة، والحكومة التي تتبرأ من التمثيل الحزبي الطائفي وتؤكد أنها من الاختصاصيين هي ثمرة هذا التعبير السياسي العالي المنسوب في إرادة التغيير السياسي، ليس للابتعاد عن السياسة بل للذهاب إلى سياسة تأخذ لبنان بعيداً عن النظام الطائفي، وتفتح الباب نحو الدولة المدنية، فهل ستجرؤ الحكومة على قول ذلك في بيانها الوزاري؟ والسؤال الثاني حول الإصلاح السياسي الذي طلبه اللبنانيون ونادوا به في الساحات بالدعوة لقانون انتخابات خارج القيد الطائفي وعلى أساس لبنان دائرة واحدة وفق التمثيل النسبي، فهل سيكون هذا الوضوح في البيان الوزاري؟ والسؤال الثالث فرضته ثورة اللبنانيين على الفساد ودعوتهم لإزالة كل العقبات من أمام قضاء مستقل لا تعوقه الحصانات والحمايات، فهل سيكون النص على السلطة القضائية المستقلة مدخلاً لقانون جذري يضمن استقلال القضاء كسلطة قائمة بذاتها، ويضمن فعلاً لا قولاً تساوي اللبنانيين أمام القضاء، لجهة إلغاء كل الامتيازات السياسية التي تعطل قدرة القضاء على مساءلة الوزراء والنواب والموظفين. أما السؤال الرابع فيطال السياسات المالية ومدخلها تضخم دور مصرف لبنان في رسم السياسات المالية والاقتصادية على حساب وزارة المالية خاصة والحكومة عموماً وما رافقها من تضخم لدور المصارف وتراجع للقطاع المنتج وللاقتصاد عموماً، فهل ستستردّ الحكومة بعدما أوصلت هذه السياسات البلد إلى الانهيار مسؤولياتها وتفصح عن ذلك في البيان الوزاري؟ السؤال الخامس حول العلاقة بسورية، التي ليست طلباً سورياً، ولا شرطاً لحلفاء سورية، بل هي حاجة لبنانية تمنع تلبيتها الشروط المفروضة على لبنان خارج نطاق مصلحته، ففي هذه العلاقة يختزن ملف النازحين، وبعض مهم من ملف الكهرباء، وملف التجارة مع العراق وفيه مليارات تزيد عن الوعود غير المؤكدة من الخارج، وفيها ملف أنبوب نفط كركوك إلى طرابلس ومصفاتها، فهل ستتعامل الحكومة مع هذا الملف بمقتضيات المصلحة اللبنانية أم بما تمليه حسابات السياسات الحكومية التقليدية التي كانت سبباً للأزمة؟
مع هذه الأسئلة تبدو وزارة المال في الواجهة أمام امتحانات متواصلة من المؤسسات الدولية المالية، يتوّجها اليوم صندوق النقد الدولي بوصفاته التدميريّة للبلدان التي تولى معالجة أزماتها، فهل ناقشت الحكومة طلبات الصندوق ومبدأ السير بوصفاته، وتعرف نتائجها، أم أنها تنتمي بين مدارس التكنوقراط إلى أولئك الذين يتمسكون بدولة الرعاية، وليس إلى مدارس التوحش الاجتماعي برفع الضرائب وتخفيض الرواتب وبيع الممتلكات والقطاعات المنتجة، وإطلاق يد المصارف؟ وفي هذا السياق كيف ستوازن الحكومة بين ضغط الحاجات ونقص الموارد، في ظل السلطة القابضة لمصرف لبنان على الأرقام، وبقائه مصدراً غامضاً لمعرفتها، حيث لا أحد يعلم كم يملك لبنان من الدولارات فعلياً، ولا أحد يعلم شيئاً عن مصير الأموال التي تملكها المصارف في الخارج وعلاقتها بالتحويلات التي لم يصل تحقيق مصرف لبنان إلى نتيجة حولها، هذا عدا الاستنسابية في التعامل مع قضايا السحوبات والتحويلات التي يعانيها المودعون مع المصارف منذ شهرين، ويعاني اللبنانيون جميعاً من وجود سوقين لصرف الدولار، وهي أوضاع شاذة وغير قانونية على الحكومة معالجتها سلباً أو إيجاباً بالقانون.
وبعد نهاية الجلسة الأولى أوضحت وزيرة الإعلام منال عبد الصمد أن “الرئيس دياب اشار الى ان الناس ينتظرون منّا عملاً، لذلك يجب ألا يتضمن البيان وعوداً فضفاضة وألا نوحي للبنانيين أن الوضع بألف خير”. وتابع: يجب أن نعتمد الحقائق والوقائع في البيان وأن نلتزم بما نستطيع تنفيذه فقط، حتى لا يكون حبراً على ورق”. ورداً على الأسئلة قالت إننا «نعمل بسرعة كبيرة، ومن دون تسرّع، في دراسة المواضيع وإعداد البيان، وبالتالي لا نعدّ أياماً أو ساعات فنحن نعدّ الدقائق للانتهاء من إعداد البيان في أسرع وقت ممكن، لأن الظروف الخارجية والداخلية ضاغطة والأزمة تتفاقم ونحن نعمل ليلاً نهاراً حتى نستطيع إنجازه».
الى ذلك ولليوم الثاني على التوالي واصلت الوفود الدبلوماسية الدولية التقاطر الى السرايا الحكومية، وقد أعربت أوساط الرئيس المكلف عن ارتياحه لكثافة الدول المرحّبة بتأليف الحكومة وإعلانها مد يد العون للبنان من فرنسا والاتحاد الاوروبي ومؤسسات الأمم المتحدة المالية لا سيما البنك الدولي، ما يعدّ مؤشراً على الاهتمام الدولي بلبنان، وأكد المنسّق الخاص للأمم المتحدة في لبنان يان كوبيتش، في تصريح من السراي بعد لقائه دياب، أنه لمس «جدّية وإشارات إيجابية من رئيس الحكومة والمهم أن نرى تنفيذاً للوعود بالإصلاحات واعتماد الشفافية حتى أقصى الحدود»، مبيناً أن «ما ينتظره المجتمع الدولي من الحكومة هو الإصلاحات ومجابهة الفساد فعلياً والاستماع الى مطالب الناس في الشارع». لكن لوحظ غياب سفراء الدول العربية عن جملة الزيارات للرئيس المكلّف ولا بإعلان أي موقف إيجابي ولا سلبي من الحكومة الجديدة وتحديداً دول الخليج! وتلحظ مصادر مطلعة لـ»البناء» من المواقف الدولية حتى الآن «إيجابية حذرة وأن الأفعال تبين مدى صدقية الأقوال والوعود»، داعية الى انتظار مدى استمرارية هذه الإيجابية بعد انطلاقة عمل الحكومة، لكن تركز المصادر على ربط المجتمع الدولي والدول المانحة دعم الحكومة والإفراج عن اموال سيدر وغيرها، بتنفيذ الإصلاحات واتباعها سياسة الحياد والنأي بالنفس تجاه القضايا الإقليمية، متسائلة: ماذا يقصدون بالإصلاحات؟ وماذا تشمل؟ وما القصد من حياد لبنان؟ هل عن ثرواته النفطية وحق تحرير أرضه وتجميد انفتاحه على سورية وإبقاء النازحين السوريين على أرضه وتوطين الفلسطينيين؟». وفيما رأت مصادر نيابية واقتصادية معارضة لحكومة دياب أن المواقف الدولية تجاه الحكومة سلبية، لفتت لـ»البناء» الى أن الحكومة «غير قادرة على تنفيذ الإصلاحات التي يطلبها الخارج في ظل تفاقم الأزمات المالية والاقتصادية ورفض الشارع أي إجراءات تقشفية او مزيد من فرض الضرائب او اقتطاع نسبة من الرواتب لا سيما أن الحكومة السابقة فشلت في تنفيذ هذه الإصلاحات والحكومة الحالية لا تختلف كثيراً عن السابقة، من حيث تركيبتها والقوى الداعمة لها». في المقابل لفتت مصادر في 8 آذار لـ»البناء» الى أن «تيار المستقبل والقوات اللبنانية تهرّبا من المسؤولية الوطنية عبر رفض المشاركة في الحكومة في رهان على زيادة الأزمة المالية والاقتصادية سوءاً لأهداف سياسية تتماهى مع الشروط الدولية تمهيداً لإسقاط الحكومة». متوقعة أن تعمل هذه الأطراف على عرقلة عمل الحكومة سياسياً ومالياً وعبر دعم التحركات في الشارع».
وسط هذه الأجواء برز السجال على خط بعبدا – بيت الوسط، ونقل زوار الرئيس سعد الحريري تعليقاً على الكلام المنسوب لرئيس الجمهورية ميشال عون: ان «الحريري لا يوزّع الحصانات على أحد ولا يرضى ان يكون متراساً لأي اعتداء على المال العام. وقد كان حرياً برئيس الجمهورية أن يتذكّر المحميّات التي تخصّه وتخصّ تياره السياسي، محميّات الكهرباء والجمارك والفساد في القضاء وسواها».
على صعيد آخر، أوضح وزير المال غازي وزني ان كلامه عن استحالة عودة سعر صرف الدولار إلى ما كان عليه سابقاً، يرتبط بالفترة الراهنة وليس بالمستقبل.
وإذ تتحضّر مجموعات من الحراك لتنفيذ تحركات واسعة بدءاً من اليوم وتستمرّ الى جلسات المجلس النيابي الأسبوع المقبل، تظاهر ناشطون أمس امام مجلس الجنوب ومجلس الإنماء والإعمار وصندوق المهجّرين. وقد حصل إشكال أمام مجلس الجنوب مع أهالي منطقة الجناح فتدخل الجيش اللبناني لفض الإشكال.
وأفادت المعلومات أن القوى الأمنية قامت بمداهمات في بئر حسن وأوقفت اثنين. وإذ اتهم الحراك عناصر حركة أمل بالتهجم على المتظاهرين، نفت أوساط قيادية في حركة أمل لـ»البناء» «أي قرار أو تعليمات من الحركة بالهجوم على المتظاهرين ولا من مجلس الجنوب الذي أكد رئيسه بأنه «لم يعطِ تعليمات من هذا القبيل»، مشيرة الى أن «ما حصل تحرك فردي من أهل المنطقة الذين اعتبروا ذلك اعتداءً على المنطقة من أشخاص من خارجها»، وجزمت الأوساط الحركية بأن أمل ضد الانجرار الى حرب الشارعين، داعية الى «التنبه والحذر من نتائج بعض القرارات بالتظاهر في مناطق حساسة والسماح لمندسّين بخلق توترات ومشاكل»، مشددة على أن «أمل أبدت كل التعاون مع الأجهزة الأمنية لاحتواء الإشكال ومنع تكراره والحؤول دون حصول ردات فعل او توتر بين القوى الأمنية وأهالي المنطقة الذين اعترضوا على توقيف بعض الاشخاص».
بدوره أكد وزير الداخلية والبلديات العميد محمد فهمي ان «الأجهزة الأمنية المختصة لن تتوانى في ملاحقة المعتدين وتحديد هوياتهم، وباشرت على الفور التحقيقات اللازمة لمعرفة خلفية وأهداف الاعتداء على المتظاهرين والمعتصمين وإحالتهم إلى القضاء».
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الأخبار
«بيان ماكِنزي» الوزاري
بدأت الحكومة عملها. أول الوعود بيان وزاري قابل للتنفيذ لا حبراً على ورق. كذلك تضع الحكومة لنفسها مهلة 5 أشهر لإعداد إجراءات الخروج من الأزمة واكتساب الثقة الداخلية والخارجية. لكن، ما رشح عن مسودة البيان الوزاري يكشف أن جزءاً لا بأس به منه منسوخ من خطة «ماكنزي»، في ظل إصرار الحكومة على عدم استرداد مشروع الموازنة
صحيح أن الحكومة لم تنل الثقة لتبدأ عملها بعد، وصحيح أيضاً أنه لم يمض أسبوع على تأليفها، إلا أن ما بدأ يظهر إلى العلن من «نواياها» لا يبشّر بالخير. قبل تفاصيل مسودة البيان الوزاري، لا بد من طرح عدد من الأسئلة:
لماذا لا تريد الحكومة استرداد مشروع الموازنة من المجلس النيابي وإعادة دراسته وتقديم موازنة مختلفة عن سابقاتها؟
كيف يمكن لحكومة تريد تحقيق إصلاحات في مواجهة مطالب الناس وأزمة البلاد أن تعمل وفق موازنة أعدّتها حكومة تمثل القوى المشكوك في أهليّتها لإدارة الدولة والمسؤولة عن قسم كبير من الخراب؟
كيف يمكن لوزير المالية أن يقرر من تلقاء نفسه أن الموازنة لن تعود الى الحكومة وأن على الحكومة السير بها من دون مراجعة؟ وهل يقبل رئيس الحكومة بالأمر ويتحمّل نتائج موازنة لم يكن له أي علاقة بتحديد أبوابها؟
من قال إن السياسات المالية والنقدية يجب أن تبقى على ما هي عليه؟ وما هي أجندة وزير المال الجديد؟ هل الحفاظ على تسوية لإنقاذ القطاع المصرفي على حساب المالية العامة؟ أم جعل الأبواب مشرعة أمام المؤسسات الدولية لفرض شروطها في مشاريع استدانة لأجل تغطية العجز الناجم عن خدمة الدين العام؟
هذه الأسئلة لا بد منها، في ظل شائعة يجري التداول بها، تتحدّث عن مباحثات بين الإدارات المعنية في الدولة بشأن فكرة تعديل واقع الدين العام، من خلال نقل قسم كبير منه الى الليرة، وإعلان مصرف لبنان عن سعر جديد للدولار يكون مرة ونصف مرة سعره الحالي!
وفي ظل هذه الشائعة وغيرها، عقدت لجنة صياغة البيان الوزاري اجتماعها الأول، أمس، برئاسة رئيس الحكومة حسان دياب، وعضوية نائبة رئيس الحكومة وزيرة الدفاع زينه عكر والوزراء: دميانوس قطار، ناصيف حتي، غازي وزني، راوول نعمة، عماد حب الله، رمزي مشرفية، طلال حواط، ماري كلود نجم، منال عبد الصمد وفارتينيه أوهانيان. الوعد الأول من اللجنة أن البيان لن يكون حبراً على ورق. دياب شدد على الابتعاد عن الجمل الإنشائية والمطوّلات والتعقيدات اللغوية والتفسيرات المتناقضة. كما أكد وجوب ألّا يتضمن البيان وعوداً فضفاضة أو إيحاءً بأن الدنيا بألف خير. أضاف: نحن أمام امتحان اكتساب الثقة الداخلية والخارجية، إذا كانت الناس اعتادت على سماع وعود تبقى من دون تنفيذ، فالبيان سينفّذ هذه المرة». كما أوضحت وزيرة الإعلام أن البيان سيتضمن عرض الحقائق والوقائع، والتعهد بما يمكن تنفيذه فقط.
ومع اتفاق اللجنة على وضع جدول زمني لبرنامج عمل الحكومة، أكدت مصادر مطلعة أن الحكومة ستضمّن بيانها حديثاً عن «خطة طوارئ لخمسة أشهر»، تلتزم فيها بتنفيذ إجراءات تُمهّد لتحويل الاقتصاد من ريعي إلى منتج! علماً بأنه كان لافتاً تضمن المسودة، في هذا السياق، خلاصات من دراسة شركة «ماكنزي» التي تسترشد بها الحكومة في إعداد خطة عملها. وإضافة إلى سعي الحكومة إلى مساعدة المصارف على إعادة رسملتها، فإنها ستدرس ما إذا كان البلد بحاجة إلى اللجوء إلى الخارج في عملية إنقاذ الاقتصاد والمالية، أو لا. ولا يعني هذا أن «سيدر» سيكون خارج خطة الحكومة، كما لا يعني عدم الاسترشاد بتقارير الجهات المانحة والبنك الدولي وصندوق النقد الدولي.
عملياً، بدأت هذه المؤسسات سريعاً التواصل مع الحكومة الجديدة، فاستقبل دياب وفداً من البنك الدولي برئاسة المدير الإقليمي ساروج كومارجاه في حضور وزير المال غازي وزني، حيث جرى عرض لمجمل القضايا المالية والاقتصادية في لبنان. وكان كومارجاه قد أعرب، بعد لقائه وزير المال، عن «استعداد البنك الدولي لمساعدة لبنان في ظل الظروف المالية». وأكد على أهمية إيجاد «الحلول المناسبة للمشاكل التي تمرّ بها البلاد، ليتمكن لبنان من تجاوز الأزمة الاقتصادية والقيام بالإصلاحات اللازمة لدفع عجلة الاقتصاد».
كذلك، أعلنت وزارة المال أن وزني سيلتقي، اليوم، مسؤول صندوق النقد الدولي سامي جدع. وبمجرد الإعلان عن هذا اللقاء، هوت السندات السيادية للبنان المقوّمة بالدولار بما يصل إلى 2.7 سنت، بالرغم من أن جدع ليس المعني بالتفاوض في قضايا تتعلق بإعادة هيكلة الدين العام أو تقديم البرامج الإنقاذية.
وعلى أثر البلبلة التي رافقت الإعلان عن الزيارة، أوضح «مصدر مطلع» لـ«رويترز» أنها «مجرد زيارة ودية لمقابلة الوزير الجديد». وأضاف المصدر «هذه ليست زيارة رسمية للصندوق. هي زيارة ودية من مكتب المدير التنفيذي الذي يمثل لبنان في مجلس الصندوق للقاء الوزير الجديد».
وكانت وزيرة الإعلام منال عبد الصمد قد رفضت في المؤتمر الصحافي الذي تلا اجتماع اللجنة تحديد موعد لانتهاء مناقشة البيان الوزاري وإقراره. وقالت «لا يزال أمامنا من المهلة القانونية 28 يوماً، لكننا نعمل بسرعة كبيرة، ودون تسرّع، في دراسة المواضيع وإعداد البيان، وبالتالي لا نعدّ أياماً أو ساعات. فنحن نعدّ الدقائق للانتهاء من إعداد البيان في أسرع وقت ممكن، لأن الظروف الخارجية والداخلية ضاغطة والأزمة تتفاقم ونحن نعمل ليلاً ونهاراً حتى نستطيع إنجازه».
وقالت الصمد، رداً على سؤال، «هدفنا أن نضع خطة تستطيع أن تلبّي المطالب، وتستطيع أن تحقق أيضاً أهداف الدولة، وأن تضع خطوطاً عريضة للمبادئ التي نسير عليها، ومن الأكيد أن مجلس النواب سيمنحنا الثقة أو لا، في ضوء المعطيات التي نضعها، فهدفنا قدر الإمكان أن نضع الخطوط الأساسية التي تستطيع أن تنقذنا من هذه الأزمة».
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
النهار
الحكومة والمجلس والانتفاضة أمام التحدي المالي
لم تبرد العاصفة الثلجية التي وصلت أمس الى لبنان ولا ارتدادات الهزة الارضية التي شعرت بها بيروت ومدن ومناطق عدة أخرى مساء، المناخات المحتدمة التي يتهيأ لها اللبنانيون في الايام الثلاثة المقبلة. فوسط شكوك كبيرة في الاطار الدستوري لاقرار مشروع الموازنة الذي أعدته الحكومة السابقة ولجنة المال والموازنة النيابية وأحيل على الهيئة العامة لمجلس النواب لاقراره ومن ثم شكلت الحكومة الجديدة قبل اقراره، من المقرر ان تبدأ الرحلة المالية الشاقة للمجلس والحكومة معاً مع تعقيدات الازمة المالية الكبيرة التي يواجهها لبنان بدءا من جلسات مناقشة الموازنة واقرارها الاثنين والثلثاء المقبلين. واذا كانت مسألة التشكيك في عدم جواز اقرار الموازنة قبل نيل الحكومة الجديدة ثقة مجلس النواب لن تقف حجر عثرة أمام انعقاد الجلسة، فان الواضح تماماً ان المناخ الشديد التأزم مالياً واقتصادياً شكل عامل فرملة لكل ما من شأنه تأخير اقرار الموازنة التي، وان تفاوتت الآراء حيال اقرارها في موعد الجلسة أو ضرورة اعادة النظر فيها، فان عامل الضرورة الضاغطة في ظل الازمة المالية املى التسليم بانعقاد الجلسة كما هو مقرر.
وبينما نفى وزير المال غازي وزني مساء أمس ما تداولته بعض وسائل الإعلام من أنه أرسل الى مجلس النواب فذلكة جديدة لموازنة السنة ???? تحضيراً لجلسات المناقشة، رفعت وزارة المال فذلكة المشروع التي ضمنتها الارقام التي خلص اليها المشروع، والتي عوّلت في ضوء تراجع الواردات المحققة لكي تأتي منسجمة من حيث تقديراتها مع توقعات اكثر تحفظاً وأقل تفاؤلاً نتيجة التراجع الاقتصادي المسجل. وكان لافتا تضمين الفذلكة العناوين العريضة لتوجهات الحكومة الجديدة الاقتصادية والمالية لجهة وضع رؤية لتحقيق النمو المستدام، فضلاً عن التزام وضع مشروع موازنة السنة المقبلة بالشكل الذي يلبي تطلعات الشعب اللبناني والمجتمع الدولي. وتتلخص أبرز الارقام كما وردت في الفذلكة التي تنشر "النهار" نصها بالآتي:
بلغ الإنفاق العام 18882?3 مليار ل. ل. بما فيها 4694?6 مليار ل. ل. تسديداً للفوائد على سندات الخزينة، وقد سجل الإنفاق الجاري نسبة 94?68% منه، أمّا فوائد الديون وكتلة الرواتب وملحقاتها والمنافع الاجتماعية فشكّلت نحو 75% من مجموع الإنفاق. علماً أنّه تمّ خفض نحو 300 مليار ل. ل. من الاعتمادات الملحوظة لتعويضات نهاية الخدمة تناسباً مع النص المقترح حول تقسيطها لثلاث سنوات وفق شروط معينة. وتمّ تضمين المشروع نصاً يقضي بإجازة إعطاء مؤسّسة كهرباء لبنان سلفة خزينة طويلة الأمد في حدود 1500 مليار ل. ل.
أمّا الواردات ، فقُدّرت في حينه بـ19815?9 مليار ل. ل. منها 1782 ملياراً ناجم عن الإجراءات التي أقرت العام الماضي وغلبت الواردات الضريبيّة على تركيبتها. وقد تأثرت التقديرات بالأزمات التي عصفت بلبنان في الفترة الأخيرة بحيث كان لا بُدّ من تعديلها وهي دائماً رهن أي حدث أو أي طارئ يمكن أن يحصل في كل لحظة ويؤثّر على قيمتها. وكنتيجة، سجل مشروع الموازنة المقترح لعام 2020 فائضاً مرتقباً بـ 933?57 مليار ل. ل. ما نسبته 4?94% إلى مجمل النفقات و1?04% إلى الناتج المحلي المقدر بـ89298 مليار ل. ل. كما سجل فائضاً أولياً بنحو 5628 مليار ل. ل. وإذا ما أضيفت سلفة الخزينة المُعطاة لمؤسّسة كهرباء لبنان يسجّل المشروع عجزاً بـ 567 مليار ل. ل. أي 0?63% نسبة إلى الناتج المحلي.
البيان الوزاري
في غضون ذلك بدأت اللجنة الوزارية المكلفة اعداد البيان الوزاري اجتماعاتها في السرايا برئاسة رئيس الوزراء حسان دياب الذي بدا حريصاً على "وضع خريطة عمل للحكومة من خلال البيان الوزاري الذي يجب ان يبتعد عن الجمل الإنشائية والمطولات والتعقيدات اللغوية والتفسيرات المتناقضة وان يعتمد الحقائق والوقائع". وأشار خلال الاجتماع كما نقلت عنه وزيرة الاعلام الجديدة منال عبد الصمد الى ان "الناس ينتظرون منا عملاً، لذلك يجب ألا يتضمن البيان وعودا فضفاضة وألا نوحي الى البنانيين ان الوضع بألف خير".
وقال: "يجب ان نعتمد الحقائق والوقائع في البيان وان نلتزم ما نستطيع تنفيذه فقط، حتى لا يكون حبراً على ورق". وشدد على "وضع جدول زمني لبرنامج عمل الحكومة"، متمنياً على الوزراء ان يدرسوا ملفات وزاراتهم "وان يحددوا الملفات التي يمكن انجازها بشفافية، وذلك بناء على الواقع وعلى مطالب اللبنانيين والحراك الشعبي، وانتهاج سياسة شاملة ومتوازنة مناطقياً وقطاعياً".
ويذكر في هذا السياق أنه وسط مناخات الاعداد لانجاز البيان الوزاري واقرار الموازنة، تتصاعد مناخات التوتر السياسي المتصل بالتطورات التي سبقت واعقبت تأليف الحكومة. وبرزت في هذا السياق مواقف لرئيس الجمهورية العماد ميشال عون في حديث صحافي أمس رأت فيها الاوساط المعارضة للعهد محاولة فاشلة لتبرئة ذمته من الانهيار المالي والاقتصادي بتحميل مصرف لبنان ووزارة المال مسؤولية هذا الانهيار، من جهة والرئيس سعد الحريري مسؤولية عدم تنفيذ خطة الكهرباء من جهة أخرى. وقالت إن العهد الذي استقوى راهناً بحكومة اللون الواحد يغامر بارتكاب خطأ تبرئة ذمته وذمة فريقه وتياره الحزبي وعلى رأسه الوزير السابق جبران باسيل من التبعة الكبيرة للانهيار لان الوقائع التي ستطرح تباعاً من داخل المؤسسات ستشكل العامل الاساسي لاعادة مساءلة الجميع وأولهم فريق العهد في ملفات لعبت الدور الاكبر في الازمة المالية وفي مقدمها الكهرباء، كما لا يمكنه التنصل من المسائل المالية لان السنوات الثلاث من عمر العهد كانت كل السياسات تنفذ باشراف السلطة التنفيذية التي هي صاحبة القرار النهائي وعلى رأسها رئاسة الجمهورية. ورداً على اتهام عون للحريري بانه منع المحاسبة وحمى مسؤولين، قال زوار الحريري "إن الرئيس الحريري لا يوزع الحصانات على أحد ولا يرضى ان يكون متراساً لأي اعتداء على المال العام. وقد كان حرياً برئيس الجمهورية أن يتذكر المحميات التي تخصّه وتخصّ تياره السياسي، محميات الكهرباء والجمارك والفساد في القضاء وسواها".
في أي حال، لن تمر جلسات الموازنة مروراً هادئاً لان الانتفاضة الشعبية أعدت برنامجا تصعيديا ستبدأه بعد ظهر اليوم بمسيرات شعبية في مناطق عدة من بيروت وفي محيط مجلس النواب تحت عنوان "لا ثقة لن ندفع الثمن" ويرجح تصاعد هذه التحركات في الايام التالية وسط اجراءات متشددة ستتخذها القوى الامنية والعسكرية يومي الاثنين والثلثاء في وسط بيروت.
"بلطجية"
وما زاد الاجواء سخونة واحتداماً، اعتداء اتسم بهمجية قام به "بلطجية" حزبيون امام مبنى مجلس الجنوب في بئر حسن، على مجموعات من المتظاهرين. وعُرضت مشاهد من المكان لعناصر حزبية تحمل عصياً وأدوات حديدً عملت على تحطيم باص كان ينقل ناشطين، فيما انقضّ عدد منهم على سائقه وعلى فتيات وشبان موقعين بينهم أكثر من 15 إصابة. ووجِّهت نداءات عدة الى الأجهزة الأمنية للحضور الى المكان وإخراج العالقين في الأبنية المجاورة التي لجأوا اليها. ووصلت بعد حين وحدات من الجيش وقوى الأمن، فيما نقل عدد من المصابين الى المستشفيات. واتهمت مجموعة "ائتلاف بناء الدولة" "ميليشيات حركة "أمل" وحرس مجلس الجنوب "بالاعتداء.
وندّد وزير الداخلية والبلديات محمد فهمي بـ"الاسلوب الهمجي الذي تعرض له معتصمون ومتظاهرون سلميون بينهم سيدات وهم في طريقهم الى الاعتصام أمام مجلس الجنوب". وأكد "ان الاجهزة الامنية المختصة لن تتوانى عن ملاحقة المعتدين وتحديد هوياتهم، وباشرت على الفور التحقيقات اللازمة لمعرفة خلفية الاعتداء وأهدافه، واحالتهم على القضاء المختص لاتخاذ المقتضى القانوني". واعلن مساء توقيف شخصين متهمين في الاعتداءات على المتظاهرين.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الجمهورية
أوّل الغيث: بيان وزاري تقليدي.. وتمهيد سياسي لأسبوع الثقة والموازنة
إتخذ المسار الحكومي الجديد صفة الاستعجال، لإنجاز البيان الوزاري خلال فترة لا تزيد عن الثماني والأربعين ساعة المقبلة، لتدخل اعتباراً من الاثنين المقبل في "اسبوع الثقة النيابية" بها، بما يمنحها سمة الدخول الى ما يسمّيه أهلها، ميدان العمل الحثيث الذي ينتظرها على طريق معالجة الأزمة الاقتصادية والمالية.
وكذلك الى ميدان يدفعها اليه المجتمع الدولي، لاختبار مصداقيتها وقدرتها على مقاربة الأزمة التي تعصف بلبنان، ببرنامج عمل جدّي وخطوات إصلاحية نوعية وجريئة، في مختلف القطاعات، من شأنها ان تعيد ثقة الخارج والمستثمرين بلبنان، على نحو ما اكّدت عليه الحركة الديبلوماسية الغربية في اتجاه السراي الحكومي خلال الساعات الماضية. ظلّت السراي الحكومي، مقصداً للسفراء الأجانب في زيارات استكشافية لخريطة الطريق التي ستسلكها حكومة حسان دياب، فيما عُقد لقاء في عين التينة ليل أمس بين رئيس مجلس النواب نبيه بري والرئيس حسان دياب، في حضور النائب علي حسن خليل. وتمحور البحث حول المسار الحكومي وعملية صياغة البيان الوزاري وما يتصل بجلستي إقرار الموازنة والتصويت على الثقة بالحكومة.
وقد تقاطعت مواقف السفراء والديبلوماسيين، الذين قصدوا السراي امس، حول ضرورة ان تنحى في اتجاه اتخاذ خطوات اصلاحية نوعية وجريئة، تثبت مصداقية الحكومة الجديدة وتعيد ثقة المجتمع الدولي بلبنان، وتشكّل مفتاحاً لباب المساعدات الخارجية للبنان.
ولفت في هذا السياق، اعلان ممثل البنك الدولي الإستعداد لمساعدة لبنان شرط إجراء الإصلاحات المطلوبة والملحة، التي اكّد عليها ايضاً ممثل الأمم المتحدة في لبنان يان كوبيتش، وكذلك ما نُقل عن شخصية ديبلوماسية اميركية في لبنان، التي اكّدت امام بعض النواب اللبنانيين على ما مفاده "أنّ لا أحد في العالم يريد ان يسقط لبنان، او يرغب في ان يرى هذا البلد يسقط، بل يريد مساعدته، الّا انّ هذه المساعدة مرهونة بالإصلاحات التي يجب ان يُجريها، وبخطة واضحة في هذا الاطار، وكذلك يرؤية اقتصادية واضحة".
إشتباك بمفعول رجعي
على انّ الصورة السياسية في المقابل، شهدت اشتباكاً بدا انّه بمفعول رجعي، على خلفية القاء رئيس الجمهورية العماد ميشال عون مسؤولية الأزمة المالية على وزارة المال ومصرف لبنان، من دون ان يوفّر الرئيس سعد الحريري.
وقد أحدث هذا الاتهام صدى سلبياً في بيت الوسط، وايضاً في عين التينة، باعتبار وزير المال السابق علي حسن خليل من فريق رئيس المجلس النيابي نبيه بري، وتساؤلات "حول الغاية من هذا الاتهام غير المفهوم وغير المبرّر وغير الصحيح على الإطلاق، في هذا الوقت بالذات، وخلق توترات سياسية، في وقت يحتاج البلد الى أن يعي من يفترض انّهم في موقع المسؤولية، حجم الوضع المأساوي الذي يعانيه، على كل المستويات، وان يتفرّغ الجميع للشراكة في إنقاذ البلد، وليس افتعال اشتباكات لا طائل منها، ومعارك حتى مع طواحين الهواء".
والسلبية ذاتها حيال الكلام الرئاسي، عبّر عنها الرئيس السابق للحكومة بقوله، "انّ الحريري لا يوزع الحصانات على أحد، ولا يرضى ان يكون متراساً لأي اعتداء على المال العام. وكان حرياً برئيس الجمهورية أن يتذكر المحميات التي تخصّه وتخصّ تياره السياسي، محميات الكهرباء والجمارك والفساد في القضاء وسواها".
جلسة الثقة
وفيما تبدو لجنة صياغة البيان الوزاري مسرعة لإنجازه بصورته النهائية اليوم او غداً، على ان يُقرّ في جلسة يعقدها مجلس الوزراء ربما الاثنين المقبل، ويُحال الى المجلس النيابي، عندها يدعو رئيس المجلس الى جلسة لمناقشة البيان الوزاري والتصويت على الثقة منتصف الاسبوع المقبل.
وقالت مصادر معنية بالجلسة لـ"الجمهورية": انّه بناء على تطورات المشهد السياسي، والتطورات التي تتسارع في الشارع، فإنّ المتوقع ان تكون جلسة الثقة مزدحمة بعدد طالبي الكلام، خصوصاً من قِبل الكتل النيابية المعارضة للحكومة. وجراء ذلك، قد يتطلب العدد الكبير لطالبي الكلام تمديد الجلسة الى اكثر من يومين، وخصوصاً انّ النظام الداخلي لمجلس النواب، يمنح النائب ساعة اذا ما كان خطابه ارتجالاً، ونصف ساعة اذا كان خطابه مكتوباً، الّا اذا قرّر رئيس المجلس اعتماد صيغة بديلة لناحية تخفيض الوقت لنصف ساعة ارتجالاً وربع ساعة كتابة.
لجنة الصياغة
ويُنتظر ان تعقد لجنة صياغة البيان الوزاري اجتماعاً جديداً اليوم، لاستكمال مداولاتها في البيان الذي بدأته في اجتماعها في السراي الحكومي برئاسة رئيس الحكومة حسان دياب امس، وحضور كامل اعضائها. وقد ابلغ رئيس الحكومة اعضاء اللجنة، أن "نحن امام امتحان اكتساب الثقة الداخلية والخارجية، والناس ينتظرون منا عملاً، لذلك يجب ألّا يتضمن البيان وعوداً فضفاضة، وألّا نوحي للبنانيين انّ الوضع بألف خير". وأضاف: "يجب ان نعتمد الحقائق والوقائع في البيان، وان نلتزم بما نستطيع تنفيذه فقط، حتى لا يكون حبراً على ورق".
الى ذلك، اكّدت مصادر اللجنة الوزارية لـ"الجمهورية"، انّ النقاش في اجتماعات اللجنة يتمّ بروحية جدّية ومسؤولة، للذهاب الى بيان وزاري بحجم المرحلة الراهنة، ويقارب الأزمة على حقيقتها دون اي مواربة.
وقالت المصادر، انّ معظم الوزراء يسعون الى تحقيق اي خطوة ايجابية بالسرعة والجدّية اللازمتين، من اجل مواجهة الإنطباعات السلبية التي رافقت الإعلان عن تشكيل الحكومة والظروف التي رافقتها وسعياً الى استعادة نسبة من الثقة، تعوّض ما تعرّضت له من تشكيك في الشارع. وبالتالي فإن لم تقدّم الحكومة الجديدة اي انجاز خلال فترة قريبة لن تكسب الثقة التي تحتاجها، فهي من المعابر الإجبارية الى الثقة الخارجية وهي التي تعززها.
ولفتت الى انّ البيان لن يحتوي شعراً ولا أدباً ولن يحمل اي شعارات فضفاضة ووعوداً فارغة ومستحيلة. فالمنطق يقول، انّ ما سيتضمنه البيان يمكن ان تقوم به وتنفذه الحكومة، وترجمته بشكل شفاف وفق رؤية الحكومة واستراتيجيتها على كل المستويات السياسية والإجتماعية والاقتصادية كما الأمنية، وكيفية ترميم علاقات لبنان مع العالمين العربي والغربي، مع التشديد على التزامات لبنان على كل المستويات الإقليمية والدولية.
مسودة البيان
وكشفت المصادر، انّ مسودة البيان الوزاري تتوزع على مجموعة عناوين، حيث أفرد البيان جانباً منها للحراك الشعبي، وجاء فيه ما حرفيّته:
"نحن تابعنا، وتفاعلنا مع اهلنا الذين نزلوا الى الشوارع والساحات، وبُحّت اصواتهم تحت المطر وفي البرد بصدق ووجع ضد الفساد في لبنان. هذا الملف يتصدّر لائحة اهدافنا كحكومة انقاذية استثنائية في ظروف تشكيلها.
وبما اننا نؤمن بالتطوير من خلال المؤسسات والقانون وتحت سقف الدستور، فإنّ الممر الالزامي الوحيد الى محاربة الفساد والفاسدين يكمن في الاستناد الى سلطة قضائية مترفّعة، نزيهة، مستقلة وقادرة.
انطلاقاً من هذه القناعة، نثق انّ الشعب اللبناني يشاركنا فيها. فإن حكومتنا تقارب ملف الاصلاحات من خلال إحداث نقلة نوعية في السلطة القضائية، السلطة هي الف باء الاصلاح القضائي. فإننا نتعهد بالعمل مع مجلسكم الكريم في إعادة درس كل مشاريع القوانين او اقتراحات القوانين التي جرى تقديمها حتى الآن، بهدف تعزيز القضاء ومرجعيته، وان نعمل على إعداد قانون عصري يمنح القضاء استقلالية عصرية تتمتع بها بلدان، لا يقوى فيها الفساد على الصمود في وجه السلطة القوية النافذة، ولبنان لن يكون اقل شأناً في قوانينه من هذه البلدان.
وفي الانتقال الى الملف الاكثر اهمية وحساسية، تنوي حكومتنا مقاربة قضية الإثراء غير المشروع والجريمة الاقتصادية وتحديث اداء الدولة بذهنية مختلفة عمّا يجري الآن من محاولات خجولة لخفض منسوب الفساد والهدر".
العلاقات الخارجية
وفي الشق المتعلق بالعلاقات الخارجية للبنان، لحظت مسودة البيان الوزاري ما يلي:
"حكومتنا تعرف انّ من مصلحة لبنان الابتعاد عن الصراعات الخارجية، واحترام ميثاق جامعة الدول العربية، والتزام القانون الدولي في سياستنا الخارجية".
"التأكيد على احترام المواثيق والقرارات الدولية كافة، والتزام قرار مجلس الامن الدولي الرقم 1701 وعلى استمرار الدعم لقوات الامم المتحدة العاملة في لبنان".
المقاومة
اما في ما خصّ البند المتعلق بالمقاومة، فقد نصّت مسودة البيان الوزاري على ما يلي:
"في الصراع مع العدو الاسرائيلي، إننا لن نألو جهداً ولن نوفّر مقاومة في سبيل تحرير ما تبقى من اراضٍ لبنانية محتلة، وذلك استناداً الى مسؤولية الدولة ودورها في المحافظة على سيادة لبنان واستقلاله ووحدته وسلامة ابنائه. وتؤكّد الحكومة على واجب الدولة وسعيها لتحرير مزارع شبعا وتلال كفرشوبا والجزء اللبناني من قرية الغجر، وذلك بشتى الوسائل المشروعة. مع التأكيد على حق المواطنين اللبنانيين في المقاومة للاحتلال الاسرائيلي ورد اعتداءاته واسترجاع الاراضي المحتلة".
الثروة النفطية
وحول الثروة النفطية، جاء في مسودة البيان الوزاري:
"إنّ حكومتنا ستحافظ على المكتسبات التي تحققت حتى الآن، من خلال صمود الدولة اللبنانية في المفاوضات من اجل الحفاظ على حقوق لبنان الكاملة في هذه الثروة. ومع ادراكنا اطماع العدو الاسرائيلي في محافظة التعدّي على جزء من هذه الثروة واستغلالها، سنعمل على التصدّي لهذه الاطماع، وصولاً الى ترسيم عادل لحدودنا البحرية يحفظ للاجيال اللبنانية ثروتها وحقوقها.
وفي الموازاة، سنعمل على تسريع مسار التنقيب عن الغاز والنفط في مياهنا، لأنّ هذه تشكّل دعامة مهمة لاقتصادنا في المستقبل.
وللمناسبة، نلفت الى انّ من واجبنا معالجة المالية بسرعة، لأننا لا نريد ان نقع في فخ البيع المسبق للثروة النفطية. فكما تعرفون، انّ امر الصفقات متاح، لكنه من نوع الصفقات الخاسرة المؤدية الى فقدان الدول لقسم من حقوقها وايراداتها المتدفقة من هذه الثروة.
واما في موضوع حماية ارضنا وثرواتنا الطبيعية، ومنها الغاز والنفط، فستكون حكومتنا حريصة على صون الأمانة. ونحن نعرف جيداً مواقع القوة والضعف في بلدنا. سنحافظ على نقاط القوة، ونحاول تخفيف تأثير نقاط الضعف. ونستوحي في سياستنا هذه، خطاب القسم لفخامة رئيس الجمهورية العماد ميشال عون، مؤمنين بأنّ لبنان قوي بوحدة شعبه وقدراته، والتفاف ابنائه حول جيشه الوطني، وهو مدعاة فخر واعتزاز وثقة كل اللبنانيين. انّه الرمز الذي يوحّد. ونحن من جهتنا، نتعهد بتوفير كل الدعم المطلوب لجيشنا الوطني، ومواصلة تسليحه وتزويده بالمعدات والمعنويات، كما نتعهد بدعم كل القوى الامنية اللبنانية التي ادّت الى جانب الجيش، كتفاً الى كتف في حماية امن المتظاهرين وسلامتهم".
جلسة الموازنة
من جهة ثانية، ومع استمرار الحديث عن مصير جلسة مناقشة الموازنة العامة للعام الحالي، التي ستُعقد بدءًا من يوم الاثنين المقبل بناءً على دعوة رئيس مجلس النواب، فقد حسم الرئيس بري الجدل حيالها بتأكيده انّ الجلسة قائمة في موعدها، ولا تأجيل لها.
وقالت مصادر مجلسية لـ"الجمهورية": "إنّ الجلسة ستُعقد، وستحضرها حكومة الرئيس حسان دياب، وإن كانت هذه الحكومة ليست هي التي اعدّت مشروع الموازنة الذي ستناقشه الهيئة العامة على مدى يومي الاثنين والثلثاء المقبلين. وبالتالي ليس هناك من سبب لتأجيلها، إلاّ إذا بادر رئيس الحكومة خلال الجلسة الى طلب استرداد مشروع الموازنة لإعادة درسه او تضمينه بعض الاضافات او حتى لإرسال مشروع بديل، عندها يُستجاب لطلبه وتتوقف الجلسة الى حين ارسال المشروع الى المجلس من جديد. علماً انّ عدد طالبي الكلام من النواب لجلسة مناقشة الموازنة قارب العشرين نائباً حتى الآن، مع احتمال اكيد ان يرتفع هذا العدد من الآن وحتى يوم الاثنين المقبل.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
نداء الوطن
إمتعاض حكومي من تصريحات وزني… وهذه خريطة الإصلاح
الصناديق وقت الضيق… أقفلوا مزاريب الهدر
القضية، على أهميتها، ليست فقط قضية تشبيح أو بلطجة من الواجب إدانتها واستنكارها ونبذها، كي لا يتكرر ما حصل بالأمس أمام مجلس الجنوب من قبل بعض محازبي ومناصري "حركة أمل"، الذين تصدّوا بالعصي والسكاكين للمتظاهرين السلميين أمام مقر المجلس في بيروت، بل هي قضية "تشبيح" على مستوى خزينة الدولة من قبل صناديق ومجالس أضحت علامة فارقة في فهرس الفساد اللبناني، وما على "حكومة الاختصاصيين"، إن صدقت نواياها الإصلاحية، بدل أن يتناوب وزراؤها على استعراض المواقف الإعلامية شجباً واستنكاراً للاعتداء وتأكيداً على حرية التظاهر، سوى الشروع فوراً وقبل أن يبرد الدم الإصلاحي في عروقها إلى وضع حدّ لمزاريب الهدر واتخاذ قرار جريء بإقفال هذه المجالس والصناديق، وسد فجوة التنفيعات والسمسرات التي تستبيح المالية العامة وتستنزف خزينتها، وهذا أضعف الإيمان في زمن الضائقة الخانقة التي يمرّ بها البلد، باعتبارها خطوة لا تحتاج لا إلى مخططات ولا مشاورات ولا دراسات، بل إلى مجرد قرار جريء يقفز فوق مصالح الأحزاب والطوائف ويضع مصلحة الناس فوق مصلحة الأزلام والمحاسيب… فهل تجرأون؟كم من أموال اللبنانيين نُهبت تحت طاولة مجلس من هنا وصندوق من هناك، والكل يتحدث في السرّ والعلن عن انتهاكات وسمسرات ورشوات ومنافع حزبية وشخصية لا تعد ولا تحصى، سواء في مجلس الجنوب أو صندوق المهجرين، وحتى مجلس الإنماء والإعمار لم يسلم من علامات الاستفهام والشك والتشكيك بآلية عمله وطريقة صرف ميزانيته.
ولأنّ الحدث بالأمس كان "مجلس الجنوب"، تساءلت مصادر مواكبة لهذا الملف عبر "نداء الوطن": "هل من المطلوب أن يخضع اللبنانيون المنتفضون لحقيقة أنّ ميزانية هذا المجلس منذ ما بعد الطائف، كانت تكلّف ميزانية الدولة سنوياً 200 مليار ليرة، باستثناء العامين الأخيرين اللذين رصد له فيهما 140 مليار ليرة بداعي التقشف؟ وهل مطلوب أن يستمر التسليم بالأمر الواقع بينما أهل الجنوب قبل سواهم يعلمون أنّ كل مشروع يمرّ من خلال هذا المجلس، يخضع لسمسرة تبلغ 30% من إجمالي قيمة تنفيذ المشروع؟ علماً أنّ مجلس الجنوب لا يخضع للمحاسبة العمومية، والعقود التي تبرم فيه لا تحتاج إلى موافقة مسبقة من ديوان المحاسبة".
وفي حين تتجه الأنظار مطلع الأسبوع نحو الهيئة العامة لإقرار موازنة 2020، التي أكد رئيس لجنة المال والموازنة ابراهيم كنعان لوكالة "رويترز" أمس أنها بمثابة "نقطة البداية في خطة الإنقاذ"، معوّلاً على تجانس أعضاء الحكومة الجديدة وخلوّها من "صراع الأحزاب والتكتلات السياسية"، في سبيل الشروع في رحلة تنفيذ الإصلاحات المطلوبة، نقلت مصادر نيابية لـ"نداء الوطن" معطيات تفيد بوجود "امتعاض حكومي" من سيل التصريحات غير المتوازنة التي يدلي بها وزير المال غازي وزني، بدءاً من تصريحه الشهير فور توزيره بأنّ سعر الدولار لن يعود كما كان، وستبقى السوق الموازية لدى الصرافين هي المتحكمة بسعره، الأمر الذي سبّب حالة من البلبلة في الأسواق وبين المواطنين "اضطر معها رئيس مجلس النواب نبيه بري إلى الطلب من وزني توخي الحذر في تصريحاته"، وصولاً إلى الأمس مع "تحميل كلامه عن صندوق النقد الدولي، مسؤولية هبوط قيمة سندات لبنان الدولارية" عشية اجتماعه بممثلين عن الصندوق.
وفي الغضون، أكدت مصادر حكومية لـ"نداء الوطن" أنّ مجلس الوزراء سيعمد إلى ترجمة باكورة خطواته الإصلاحية، "في فترة زمنية قصيرة لا تتعدى الأسبوعين بعد نيل الثقة البرلمانية"، وإذ لفتت إلى أنه "من المبكر الحديث الآن عن اللجوء إلى صندوق النقد"، أشارت في المقابل إلى أنّ "الموقف الأوروبي يبدو متجاوباً مع طلب مساعدة لبنان بينما الموقف الأميركي لا يزال أقل تجاوباً"، موضحةً أنّ "خريطة الإصلاح" التي ستتبعها الحكومة سوف تتدرّج في أولوياتها بين عدة بنود: "أولاً: قطاع الكهرباء بما يشمل من تعيين مجلس إدارة جديد وهيئة ناظمة والانتقال من الفيول إلى الغاز، ثانياً: ضبط التهرّب الضريبي والمرافئ الشرعية وغير الشرعية، ثالثاً: وضع آليات تنفيذ الشراكة مع القطاع الخاص، ورابعاً تنظيم عمل القطاع المصرفي".
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الشرق
حكومة اللون الواحد تستعجل بيانها الوزاري
مع انطلاق عجلة العمل الحكومي اثر انتهاء المراسم البروتوكولية، يشق البيان الوزاري لحكومة الرئيس حسان دياب طريقه مبدئياً نحو اقرار يفترض ان يكون سريعاً ومستوفيا الشروط الداخلية والخارجية. لكنّ السؤال يطرح عما بعد، وعما يمكن ان تنجزه الحكومة الجديدة، وعن الملفات الموروثة من الحكومة السابقة، بل من الحكومات السابقة بعدما صارت تلك الملفات، وما يتفرع منها من مشكلات، مزمنة، فجرت ثورة 17 تشرين، وتكاد تتهدد بتفجير الاستقرار الامني.
وفي وقت استمرت عمليات التسليم والتسلم بين الوزراء الجدد واسلافهم، رأس رئيس الحكومة قبل الظهر في السراي، الاجتماع الاول للجنة صياغة البيان الوزاري في حضور اعضاء اللجنة، وشدد في المناسبة على وضع خريطة عمل للحكومة من خلال البيان الوزاري الذي يجب ان يبتعد عن الجمل الإنشائية والمطولات والتعقيدات اللغوية والتفسيرات المتناقضة وان يعتمد الحقائق والوقائع.
وبعد الاجتماع الذي استؤنف بعد الظهر، تحدثت وزيرة الاعلام عبد الصمد فأوضحت ان دياب اشار الى ان "الناس ينتظرون منا عملا، لذلك يجب ألا يتضمن البيان وعودا فضفاضة وألا نوحي للبنانيين ان الوضع بألف خير". وتابع: يجب ان نعتمد الحقائق والوقائع في البيان وان نلتزم بما نستطيع تنفيذه فقط، حتى لا يكون حبرا على ورق.
الى ذلك، أكد المنسق الخاص للأمم المتحدة في لبنان يان كوبيش، في تصريح من السراي بعد لقائه دياب، أنه لمس "جدية وإشارات ايجابية من رئيس الحكومة والمهم أن نرى تنفيذا للوعود بالإصلاحات وإعتماد الشفافية حتى أقصى الحدود"، مبينا أن "ما ينتظره المجتمع الدولي من الحكومة هو الإصلاحات ومجابهة الفساد فعليا والاستماع الى مطالب الناس في الشارع". كما استقبل دياب قائد الجيش العماد جوزيف عون.
وسط هذه الاجواء، وفي وقت يعدّ الثوار العدة لتحركات الويك أند من جهة وجلسات الثقة في البرلمان من جهة ثانية، نفّذ ناشطون امس مسيرة تحت عنوان "جولة لكشف حساب على مزاريب الهدر"، تضمنت 3 محطات: مجلس الجنوب، مجلس الانماء والاعمار، وصندوق المهجرين. وقد حصل إشكال أمام مجلس الجنوب حيث تعرّض المتظاهرون للضرب على يد عناصر حزبيين، قال المتظاهرون انهم من حركة امل محملين الرئيس نبيه بري مسؤولية ما جرى. وإذ ناشدوا الجيش والقوى الأمنية التدخل، وصل عناصر الجيش لاحقا الى المحلة لفض الاشكال. وبحسب شهود عيان وقع أكثر من 15 جريحاً من المتظاهرين في الجناح بعد أن اعتدى عليهم بالضرب بالعصي شبان حزبيون.
وتعقيبا، دان وزير الداخلية والبلديات العميد محمد فهمي الاسلوب الهمجي الذي تعرض له معتصمون ومتظاهرون سلميون بينهم سيدات وهم في طريقهم الى الاعتصام امام مجلس الجنوب. وأكد ان الاجهزة الامنية المختصة لن تتوانى في ملاحقة المعتدين وتحديد هوياتهم، وباشرت على الفور التحقيقات اللازمة لمعرفة خلفية وأهداف الاعتداء على المتظاهرين والمعتصمين واحالتهم الى القضاء المختص لاتخاذ المقتضى القانوني.
وليس بعيدا، شغل حديث وزيرة الداخلية والبلديات السابقة ريا الحسن الرأي العام عموما والاوساط العسكرية والامنية خصوصا، بعدما كشفت ان قائد الجيش العماد جوزيف عون لم يتجاوب معها حين هاتفته طالبة المؤازرة يوم الاعتداءات التي طاولت مصرف لبنان والمحال في الحمرا. وفي هذا الإطار، علم من مصادر معنية ان منذ اندلاع الاحتجاجات الشعبية، تم الاتفاق على تقسيم المناطق وتوزيع المهام بحسب التقسيم، وبالتالي فإن المنطقة الممتدة من السراي الحكومي مرورا بساحتي النجمة والشهداء وصولا الى الرينغ، هي من صلاحيات قوى الامن الداخلي، وهذا يعني ان الجيش ليس مسؤولا بشكل مباشر هناك، مشيرا الى ان عند اتصال الحسن بقائد الجيش كان الرد انه غير قادر على ذلك، بما ان الاحتجاجات يومها كانت تعم لبنان ومن غير الممكن سحب قواه من مناطق أخرى. وفي اليوم التالي، عندما غابت الاحتجاجات نزل الجيش الى وسط بيروت وآزر قوى الامن الداخلي.
وسط هذه الاجواء، نقل زوار الرئيس سعد الحريري تعليقاً على الكلام المنسوب لرئيس الجمهورية ميشال عون في جريدة "الشرق الأوسط ": ان الرئيس الحريري لا يوزع الحصانات على أحد ولا يرضى ان يكون متراساً لأي اعتداء على المال العام . وقد كان حرياً برئيس الجمهورية أن يتذكر المحميات التي تخصّه وتخصّ تياره السياسي، محميات الكهرباء والجمارك والفساد في القضاء وسواها.
في المقلب المالي، اوضح وزير المال غازي وزني ان كلامه عن استحالة عودة سعر صرف الدولار إلى ما كان عليه سابقاً، يرتبط بالفترة الراهنة وليس بالمستقبل.
دياب باشر اتصالاته محليا ودولياً للجم التدهور
كشفت مصادر وزارية ان البيان الذي تعده حكومة حسان دياب سيكون جديدا وليس صورة طبق الاصل عن البيانات الوزارية السابقة، خصوصا ان الوزراء المكلفون صياغة البيان يركزون على الوضع الاقتصادي المعيشي تحديدا.
واشارت المصادر الى ان اللجنة الوزارية لصياغة البيان ستواصل اجتماعاتها خلال عطلة الاسبوع على امل ان تنتهي صياغته يوم الاثنين المقبل خصوصا ان رئيس الحكومة شدد على ضرورة الاسراع في انجار الصيغة النهائية قبل الجلسة النيابية يوم الثلاثاء المقبل.
واكدت المصادر ان الاهم اليوم في عمل الحكومة هو معالجة الوضع الاقتصادي وان الرئيس دياب باشر فعلا باجراء الاتصالات المحلية والدولية سعيا وراء لجم التدهور الاقتصادي ومساعدة لبنان في هذا المجال.
وترأس دياب، أمس في السرايا الحكومية، الاجتماع الاول للجنة صياغة البيان الوزاري في حضور اعضاء اللجنة: نائب رئيس الحكومة وزيرة الدفاع زينه عكر والوزراء: دميانوس قطار، ناصيف حتي، غازي وزني، راوول نعمة، عماد حب الله، رمزي مشرفية، طلال حواط، ماري كلود نجم، منال عبد الصمد، فارتينيه اوهانيان والامين العام لمجلس الوزراء القاضي محمود مكية والمدير العام لرئاسة الجمهورية انطوان شقير.
وبعد الاجتماع، تحدثت وزيرة الاعلام الدكتورة منال عبد الصمد، فقالت :"عقدت لجنة البيان الوزاري جلسة أولى لها برئاسة الرئيس حسان دياب، الذي استهلها بكلمة، شدد فيها على وضع خريطة عمل للحكومة، من خلال البيان الوزاري الذي يجب ان يبتعد عن الجمل الانشائية والمطولات والتعقيدات اللغوية والتفسيرات المتناقضة.
اضاف الرئيس دياب: الناس ينتظرون منا عملا، لذلك يجب ألا يتضمن البيان وعودا فضفاضة وألا نوحي للبنانيين ان الوضع بالف خير.
وتابع قائلا: يجب ان نعتمد الحقائق والوقائع في البيان وان نلتزم بما نستطيع تنفيذه فقط، حتى لا يكون البيان الوزاري حبرا على ورق. وشدد على وضع جدول زمني لبرنامج عمل الحكومة، متمنيا على الوزراء ان يدرسوا ملفات وزاراتهم وان يحددوا الملفات التي يمكن انجازها بشفافية، وذلك بناء على الواقع وعلى مطالب اللبنانيين والحراك الشعبي، وانتهاج سياسة شاملة ومتوازنة مناطقيا وقطاعيا.
ولفت الرئيس دياب الى ان الناس اعتادت سماع الوعود التي تبقى من دون تنفيذ على الرغم من الوقت والجهد الذي تبذله الحكومات لانجاز صياغة البيان الوزاري.
وختم: نحن امام امتحان اكتساب الثقة الداخلية والخارجية، وبأن البيان سينفذ هذه المرة وان هناك جدية في العمل".
اسئلة واجوبة: سئلت الوزيرة الصمد عن المدة التي يستغرقها البيان الوزاري، وهل وضعت مدة محددة للاعلان عنه أجابت: "لا يزال أمامنا من المهلة القانونية 28 يوما، ولكننا نعمل بسرعة كبيرة، ودون تسرع، في دراسة المواضيع واعداد البيان، وبالتالي لا نعد أياما أو ساعات فنحن نعد الدقائق للانتهاء من اعداد البيان في أسرع وقت ممكن، لأن الظروف الخارجية والداخلية ضاغطة والازمة تتفاقم ونحن نعمل ليلا نهارا حتى نستطيع انجازه".
وردا على سؤال ، قالت عبد الصمد: "هدفنا أن نضع خطة تستطيع أن تلبي المطالب، وتستطيع أن تحقق أيضا أهداف الدولة، وتستطيع أن تضع خطوطا عريضة للمبادىء التي نسير عليها، ومن الاكيد أن مجلس النواب سيمنحنا الثقة أو لا، في ضوء المعطيات التي نضعها، فهدفنا قدر الامكان أن نضع الخطوط الاساسية التي تستطيع أن تنقذنا من هذه الازمة، وبالتالي ان القرار على الاكيد لمجلس النواب".