البناء
أردوغان يهدّد سورية ولافروف يحذّر… والجيش السوريّ يواصل… وشويغو يلتقي حفتر
التفاوض يبدأ اليوم على «الهيكلة» وسط حرب نفسيّة يصنعها التلاعب بالدولار
السعوديّة تنتظر الرهان الحريريّ لـ 100 يوم لتقرّر سياستها مع حكومة دياب
فيما تستعد إيران للانتخابات بمستوياتها الثلاثة، برلمانية وبلدية وانتخاب مجلس الخبراء، يوم غد الجمعة، وسط توقّعات بفوز كاسح للتيار المتشدّد، وترجيح تولي رئيس بلدية طهران السابق محمد باقر قاليباف رئاسة مجلس الشورى المقبل، بعدما امتنع الرئيس الحالي لمجلس الشورى علي لاريجاني عن الترشح للانتخابات البرلمانية، فيما وصفته مصادر إيرانية متابعة بالاستعداد للترشح للانتخابات الرئاسية بعد عام وبضعة شهور، شهدت العلاقات الروسية التركية تصعيداً أعاد التذكير بمناخات ما بعد إسقاط الجيش التركي لطائرة روسية حربية عام 2015 غداة التموضع الروسي في سورية، وعادت فتكرّرت أثناء معركة تحرير حلب الأولى عام 2016، لكنها هذه المرة تبدو المحطة الفاصلة باعتبار المنطقة التي يدور حولها التجاذب في سورية، تشكل آخر المناطق التي يتقرّر عبرها مصير الدور التركي في سورية. وكان الرئيس التركي رجب أردوغان قد تحدّث أمام البرلمان التركي بلغة التهديد تجاه سورية، معلناً أن الجيش التركي سيقوم بعملية عسكرية وشيكة ما لم يتراجع الجيش السوري عن المناطق التي قام بتحريرها من قبضة الجماعات الإرهابية، واستدعى كلام أردوغان تعليقاً روسياً سريعاً صدر من الكرملين وتلاه كلام لوزير الخارجية الروسية سيرغي لافروف خلال مؤتمر صحافي مشترك مع وزير الخارجية الأردني، حذّر تركيا خلاله من التورّط بمواجهة الجيش السوري المدعوم من روسيا، والذي يقوم بواجبه في مواجهة الإرهاب الذي تلكأت تركيا بمواجهته وأخلفت في تحقيق تعهداتها التي انقضى عليها أكثر من سنة، مذكراً بأن الجيش السوري يتحرك فوق أرضه وأن الجيش التركي موجود بصورة غير شرعية في سورية، وجاء التأزم في العلاقات الروسية التركية، بعد فشل محادثات موسكو التي استمرت يومين بين الجانبين، وقدّمت خلالها موسكو خريطة لتراجع الجيش التركي نحو نقاط قريبة من الحدود في شريط ضيق، وسحب نقاط المراقبة بعد انتفاء مهامها، وأعلن أردوغان رفض العرض الروسي في كلمته أمام البرلمان تأكيداً لدعم موقف وفده المفاوض، بينما قال لافروف إن لا قمة روسية تركية على جدول أعمال الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، بعدما كانت الأوساط التركية تحدثت عن القمة بصفتها الجواب على فشل المحادثات، وهو ما قالت مصادر روسية متابعة إنه قيد النظر إذا تلقت موسكو عروضاً تركية تفتح طريقاً لإنهاء التصعيد. ووصفت المصادر لقاء وزير الدفاع الروسي سيرغي شويغو بالجنرال الليبي خليفة حفتر، بواحدة من تداعيات التصعيد، والردّ على التصعيد، بينما كانت وقائع الميدان تحمل أنباء المزيد من التقدم للجيش السوري في عمليته العسكرية سواء على محاور الأتارب وبنش في محيط إدلب أو على محاور جسر الشغور وجبل الأربعين في ريف اللاذقية وطريق اللاذقية حلب، بينما كانت ورشات الإصلاح والترميم تواصل عملها في حلب وريفها بعد فتح الطريق الدولي بين حلب ودمشق، والإعلان عن عودة النشاط إلى مطار حلب الدولي وتدشينه بهبوط أول طائرة آتية من دمشق.
في لبنان الهمّ المالي في الواجهة يتفوّق على ما عداه، وقد وصل ليل أمس وفد صندوق النقد الدولي، وبدأ الوفد الحكومي اللبناني محادثات مع شركات استشارية مالية، تمهيداً للقاء وفد الصندوق اليوم لبدء المفاوضات حول شكل المعونة التقنية التي سيقدمها للحكومة في تطبيق خيارها بإعادة هيكلة سداد سندات الخزينة كسلة متكاملة، في مناخ حرب نفسية داخلية وخارجية تتعرّض لها حكومة الرئيس حسان دياب من لوبيات تلتقي على مصالح مالية أو سياسية للتشويش على خيار هيكلة الدين. وظهر التلاعب بسعر صرف الدولار بصورة تريد جعله سلاحاً للضغط على شروط التفاوض المتصلة بتفويض الشركات التي ستتولى التفاوض بالنيابة عن لبنان، مع الدائنين الذين تمثلهم مجموعة محدودة من الشركات، واكبتها مؤسسات إعلامية دولية ومحلية بنشر تقارير سوداويّة عن لبنان خصوصاً لجهة مستقبل سعر الصرف، فضجت وسائل التواصل الاجتماعي بما نشرته قناة بلومبرغ من توقعات تشاؤميّة، كاشفة وجود جهات موزعة بين الخارج والداخل، تنظم حملة مبرمجة لدفع الدولار صعوداً عبر ترويع الناس من مخاطر فقدانه من الأسواق وتشكيل أكبر ضغط ممكن على الحكومة ووفدها المفاوض للحصول على أعلى أسعار فائدة، بينما قالت مصادر مالية مؤيدة للسياسة الحكومية بأن التحرك القضائي لملاحقة التلاعب بسعر الصرف يجب أن تظهر قوته لردع التلاعب وكشف المتورّطين فيه، كما الذين هربوا أموالهم وباعوا سنداتهم بصورة احتيالية لضمان سدادها وإبقائها في الخارج. وقالت المصادر سيكتشف اللبنانيون بعد تثبيت قرار عدم السداد كيف ستعود السندات المباعة لحامليها الأصليين.
سياسياً، تبدو العلاقات العربية للحكومة مصدر إشكالية في ترتيبات الزيارات التي يريد رئيس الحكومة البدء بها منتظراً تبلور الموقف السعودي من التعامل مع الحكومة، لرغبته بجعلها محطة رئيسية في جولته الأولى خارج لبنان. وقالت مصادر متابعة للموقف السعودي، إن المرحلة الراهنة هي مرحلة اللاموقف تجاه حكومة الرئيس دياب، فالأولوية السعودية لبنانياً هي إعادة تنظيم صفوف الحلفاء، وقد تبلورت العلاقة مع تيار المستقبل مجدداً على قاعدة تسمية هيئة مستشارين وقياديين اختارهم الجانب السعودي، واعتماد خطاب مواجهة للعهد بدلاً من حزب الله، تماشياً مع الخطة التي عبر عنها الدبلوماسي الأميركي السابق جيفري فيلتمان في حديثه أمام لجان الكونغرس قبل شهرين تعليقاً على الحراك داعياً لإضعاف حزب الله عبر بوابة نزع الغطاء الذي يوفره له العهد والعلاقة بالتيار الوطني الحر. وقالت المصادر إن القرار السعودي هو منح الفرصة لرهان الحريري 100 يوم لبدء ترنح حكومة الرئيس دياب قبل أن تتحمّل السعودية أمام حلفائها مسؤولية تعويم الحكومة، ولذلك يتهرّب الدبلوماسيون السعوديون حتى من زيارات تهنئة لرئيس الحكومة، تفادياً لإحراج طلبه ترتيب زيارة للسعودية ستمنح الحكومة صورة إيجابية عن نجاحها، ولو لم تحصل على وعود والتزامات مالية. وتوقعت المصادر أن يتغير المناخ السعودي كلما ظهرت الحكومة ممسكة بملفاتها وتحقق تقدماً في معالجة المشاكل المتراكمة التي ورثتها عن الحكومات السابقة وفي طليعتها حكومات كان يترأسها الرئيس سعد الحريري والرئيس السابق فؤاد السنيورة، خصوصاً ملفي هيكلة الدين وأزمة عجز الكهرباء.
ونقلت وكالة “رويترز” عن مصدر “أن لبنان سيدعو 8 شركات إلى تقديم عروض لإسداء المشورة المالية مع دراسته خيارات في شأن الدين”. وأشار المصدر الى “ان هذه الدعوة لا تعني انه قرر إعادة هيكلة الديون لكنها تعني انه يدرس كل الخيارات”. ولفتت مصادر “البناء” الى قرار رسمي بالامتناع عن سداد الديون المستحقة في آذار المقبل والبحث في خيارات بديلة كمقدمة لإعادة جدول ديون نيسان وحزيران ايضاً”، مشيرة الى أن هذا القرار لا يعني الخضوع لأية شروط مالية وسياسية دولية بل يقتصر دور الصندوق على تقديم اقتراحات وآليات لإعادة الجدولة”.
وأشارت مصادر مطلعة على الملف المالي لقناة “أو تي في” الى أن “رئيس الحكومة حسان دياب يحاول أن ينقل للموفدين الدوليين رغبة الدولة اللبنانية بتأجيل دفع المستحقات المالية باليورو بوند وإعادة هيكلة الدين وجدولته»، لافتة الى أن «هناك عملا جديا لعقد برنامج انقاذي اقتصادي لمساعدة لبنان على تخطي الأزمة المالية التي يمر بها».
ولفتت الليونة في موقف جمعية المصارف أمس، حيث أشار رئيسها سليم صفير، بعد لقائه رئيس الحكومة الى انه «اذا كانت الحكومة متجهة الى جدولة الدين فيجب على هذه الجدولة ان تتم بشكل منظّم أي بالتفاوض مع حاملي سندات الدين وخاصة الصناديق الاستثمارية في الخارج الذين أظهروا حتى الآن جهوزية للتفاوض على هذا الأساس»، مشدداً على ان «هدف جمعية المصارف كان ولا يزال الحفاظ على حسن سير المرافق العامة كما الحفاظ على الودائع المؤتمنة عليها المصارف، وان اي قرار بموضوع اليورو بوندز هو قرار تأخذه الحكومة حصرا بما تراه مناسبا للبنان”.
وأكد رئيس مجلس النواب نبيه بري “ان إعادة هيكلة الدين هي الحل الأمثل، ومن بعدها يأتي ملف الكهرباء لوضع حل كامل وشامل، طالما نصف الدين العام إضافة الى العجز السنوي يأتي من هذا الملف.. ولم يكد بري ينهي كلامه حتى اعلنت تريدويب ان سندات لبنان المقوّمة بالدولار انخفضت إلى 29 سنتاً بعد دعوته الى إعادة هيكلة الديون.
وخلال لقائه نواب الأربعاء، اشار الى ان “الوضع في لبنان وخصوصاً على الصعيدين المالي والاقتصادي لا يحتمل تأجيج التراشق السياسي، انما يستدعي الدفع في اتجاه تعزيز المناخات الإيجابية للإنقاذ التي تستوجب تضافر كل الجهود للتعاون انطلاقاً من المصلحة الوطنية والمسؤولية التاريخية”. وفي الشأن المالي والمصرفي قال: “من غير الجائز أن يدفع اللبنانيون ثمن الأزمة المالية الاقتصادية والمصرفية من خلال عملية إذلال واقتصاص منظمة لودائعهم وجنى أعمارهم، ومن خلال فلتان الأسعار على السلع الاستهلاكية والحياتية”. وأبدى بري ارتياحه لتحرّك القضاء لوضع يده على ملف الصيرفة والتلاعب بسعر صرف الدولار من ألفه الى يائه. وفي الشأن المتعلق باستحقاقات “اليوروبوندز”.
وفي سياق ذلك، استقبل دياب المدعي العام التمييزي القاضي غسان عويدات الذي أطلعه على النتائج الأولية للتحقيق في تحويل الأموال إلى سويسرا اعتباراً من 17 تشرين الأول 2019، وتم البحث في إمكان التوسع في التحقيقات لتشمل التحويلات المالية إلى الخارج بحيث لا تقتصر على تلك المحوّلة إلى سويسرا، كما تمّ البحث أيضاً في توسيع الفترة الزمنية التي حصلت خلالها تلك التحويلات. كما أعلنت هيئة التحقيق الخاصة في المصرف المركزي أنها قررت “الطلب من المصارف الإفادة عن حجم المبالغ وعدد الحسابات والعمليات التي حوّلت إلى الخارج”.
وأعلنت رئاسة الجمهورية على وسائل التواصل الاجتماعي أن “رئيس الجمهورية ميشال عون أجرى اتصالاً هاتفياً مع رئيس جمعية المصارف سليم صفير مستوضحاً ما نُشر عن توقف أحد المصارف الدفع بالدولار للمتعاملين معه”، الامر الذي نفته بعض المصارف دون تقديم دليل على ذلك.
وأمس، نظم عدد من المتظاهرين مسيرة في وسط بيروت احتجاجاً على الإجراءات المتبعة مع المودعين، وأقدم بعضهم على تحطيم عدد من فروع المصارف بعد تداول معلومات أن أحد المصارف أوقف السحوبات بالدولار الأميركي وتصدّى الجيش لهم وعمل على ضبط الوضع.
الى ذلك يستعد التيار الوطني الحر لتنظيم تظاهرة امام الباحة الخارجية لمصرف لبنان في الحمرا اليوم بمشاركة أحزاب ومجموعات من الحراك، رفضاً لسياسات رياض سلامة، وقد شنّ نواب ووزراء التيار هجوماً على الحاكم والمصارف، واعتبر النائب أنطوان بانو، في تصريح ان “ودائع الناس بالمصارف تبخّرت، وصغار المودعين عم يناموا ع باب البنك تيشحدوا حفنة من شقى عمرهم، بوقت حيتان المال هربوا ملياراتهم لبرّا، بلا ما يرفلهم جفن أو ينحطوا تحت المساءلة، والبنوك لا أخلاقياً باعت سندات سيادية وسلمت رقبة لبنان لبرا وهددت الأمن المالي للدولة. ع شو ساكتين وناطرين”؟.
وتحضر الاوضاع المالية والاقتصادية على طاولة مجلس الوزراء الذي يعقد جلسة اليوم في قصر بعبدا.
الى ذلك بقيت العروض التي وضعها رئيس مجلس الشوري الإيراني علي لاريجاني بعهدة المسؤولين اللبنانيين تشغل الاوساط الرسمية والاقتصادية والشعبية لما لهذه العروض اذا تلقفها لبنان من نتائج هامة على اقتصاده وماليته ومستقبله لجهة توفير المال العام ومكافحة الفساد والهدر ونقل الاقتصاد من ريعي واستهلاكي الى منتج.
وقد أثار العرض الكهربائي وتخفيض فاتورة الدواء الى 80 في المئة وتزويد لبنان بالمشتقات النفطية وإنشاء مصانع وتنمية القطاع الزراي اهتمام المسؤولين، وعلمت “البناء” أن “رئيس الجمهورية ميشال عون مقتنع بعرض الكهرباء تحديداً لما يسهم في تخفيض نسبة العجز وبالتالي الدين العام لا سيما أن المؤسسات شبه الرسمية كالبلديات او اتحادات البلديات يمكنها تخطي القرار الحكومي وتوقيع عقود كهربائية مع إيران بشكل لا يعرض لبنان للعقوبات الأميركية”، كما علمت أن “الحكومة تدرس العروض الإيرانية على أن تتخذ قراراً بشأنها خلال وقت قريب اذا ما سدت ابواب الخليجيين والاميركيين في وجهها”، متوقعة أن “تشكل الزيارة والعروض الإيرانية حافزاً للسعودية وغيرها لمساعدة لبنان”.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
اللواء
روتشيلد بين 8 شركات عالمية لإسداء نصائح مالية
الإرباك المصرفي يغضب الشارع.. وأزمة الموازنة تغضب برّي ودياب
الحدث المصرفي كان في وسط بيروت ليل أمس، إذ تمكنت إشاعة، مغطاة بوقائع القلق والغضب من تحريك مجموعات من الحراك المدني باتجاه واجهات المصارف، حيث تمكنت من تحطيم بعضها كبنك عودة، الذي تضمنت الاشاعة حوله بأنه سيمتنع بدءاً من اليوم عن دفع أية استحقاقات للمودعين بالدولار، فضلاً عن السحوبات، مما دفع الرئيس ميشال عون للاتصال برئيس جمعية المصارف سليم صفير، والتداول معه في الموقف، في وقت كان فيه الجيش اللبناني يمنع المحتجين الغاضبين من تكسير واجهات عدد من المصارف في بيروت، مع تجديد التأكيد على حق التظاهر ورفض الاعتداء على الممتلكات الخاصة والعامة، بالتزامن مع تراجع سعر صرف الدولار بعد اجراء قضائي قضى بإحالة صيارفة إلى القاضي المختص في بيروت، على خلفية ادعاء المدعي العام المالي عليهم بالتلاعب بالدولار، الأمر الذي يُسيء إلى المالية العامة والاستقرار النقدي، بحيث ارتفع العدد إلى 35 مصرفياً في يومين.
توسيع المشاورات
وعشية وصول وفد صندوق النقد الدولي إلى لبنان خلال الساعات المقبلة، نقلت وكالة «رويترز» عن مصدر مالي ان لبنان «سيدعو 8 شركات إلى تقديم عروض لاسداء المشورة المالية مع دراسته خيارات في شأن الدين».
وأشار المصدر إلى ان «هذه الدعوة لا تعني انه قرّر إعادة هيكلة الديون، لكنها تعني انه يدرس كل الخيارات».
لكن مصادر مطلعة في السراي أكدت لـ«اللواء» ان توجه الحكومة، بحسب آخر المعطيات والمعلومات المواكبة للموضوع تُشير إلى ان القرار سيكون بإعادة جدولة الدين، حسب خطة طوارئ انقادية اقتصادية – مالية واضحة المعالم، يفترض ان تكون جاهزة قبل نهاية شباط.
وقالت ان الرئيس حسان دياب يعمل مع المسؤولين على اعداد هذا البرنامج الانقاذي الاقتصادي لكي يتم عرضه امام صندوق النقد، الذي سيمدد مشاوراته مع المسؤولين اللبنانيين من اليوم الخميس حتى الأحد المقبل، لكنه لن يقدم النصح للحكومة بل سيستعرض وضع الدين وإذا كان قابلاً للاستيعاب، علماً ان الاتصالات الأخيرة التي جرت تؤشر إلى ان قرار عدم الدفع يتقدّم على قرار الدفع باعتبار ان الدين أصبح غير قابل للاستيعاب ويجب اتخاذ تدابير لإعادة هيكليته.
وسجل على هذا الصعيد تطوّر تمثل بتشكيل الرئيس دياب لجنة لإدارة الأزمة المالية ولاعداد خطة النهوض برئاسته، وتضم إلى جانبه نائبة رئيس الحكومة وزيرة الدفاع زينة عكر، ووزراء المال والاقتصاد والعدل والصناعة والزراعة ومدير عام رئاسة الجمهورية انطوان شقير وأمين عام مجلس الوزراء القاضي محمود مكية.
وتنبثق عن لجنة إدارة الأزمة، أربع مجموعات تتولى درس أربع قضايا هي: القضايا النقدية المصرفية، القضايا المالية، الاقتصاد الكلي والاستثمار والنمو.
واوحى قرار إنشاء لجنة إدارة الأزمة والذي لم يُحدّد مهلة زمنية محددة لها ان الحكومة تعكف على اعداد هيكلة الدين للنهوض بالوضع الاقتصادي المتردي تشمل مجموعة خطوات وإجراءات إصلاحية صارمة على المستويات المالية والاقتصادية والمصرفية، بما يؤدي في النهاية إلى تخفيض العجز في الميزانية.
مجلس الوزراء
لم يحدد موعد الاجتماع المالي بأنتظار وصول وفد صتدوق النقد الدولي لكنه تردد انه قد يعقد بعيد حلسة مجلس الوزراء التي سيتطرق فيها الرئيس ميشال عون الى عدد من النقاط تتصل بالوضع المالي، ولم يعرف ما اذا كان مجلس الوزراء سيحدد التدابير التي طالب بها حاكم مصرف لبنان منعا للاستنسابية في المصارف والتي توقشت الأسبوع الماضي في الاجتماع المالي، إلا ان المعلومات أكدت ان ملف الكهرباء سيطرح في الجلسة من باب لزوم وقف الهدر في موازنة الدولة.
واكتفى وزير الاشغال ميشال نجار لـ«اللواء» بأن مجلس الوزراء سيركز على معالجة موضوع سندات «اليوروبوند»، والأزمة المالية والنقدية، وان المناقشات ستستمر لاستطلاع آراء الخبراء اللبنانيين، ومن صندوق النقد والبنك الدوليين حول سبل المعالجة للوصول إلى الحل الأفضل والاقل ضرراً على لبنان، مع تفضيل إعادة جدولة الديون والاستحقاقات إذا امكن».
وبحسب المعلومات فإن التوجه الجديد لملف الكهرباء يختلف عن الخطة السابقة لجهة الاعتماد على الشركات الكبيرة لإنشاء معامل إنتاج تستغني عن البواخر، وان هناك عروضاً ستقدمها شركات فرنسية والمانية وأميركية.
اتعاب بـ30 مليوناً
وخارج السياق، كتب المحرر الاقتصادي، ان موقع BLoomBerg قال أمس ان لبنان طلب من ثماني شركات عالمية تقديم استشارات بشأن سندات «اليوروبوندز» وان هذا الطلب حسب الموقع، لا يعني ان لبنان قد اختار نهائياً جدولة السندات أو تسديدها.
وذكر الموقع ان أسماء الشركات الاستشارية هي: MOELIS & COMPANY, ROTSCHILD & CO., GUGGENHEIM PARTNERS, CITIBANK, LAZARD, JP MORGAN, PJT PARTNERS, AND HOULIHAN LOKEY.
وفي المعلومات المتداولة ان إحدى هذه الشركات الاستشارية طلبت اتعاباً بـ30 مليون دولار!
وذكر الموقع ان السلطات اللبنانية تسعى للحصول على معلومات عن أسماء المصارف التي باعت في الأسواق العالمية بعض ما في حوزتها من «سندات يوروبوندز» التي انخفض سعر بعضها أمس إلى رقم قياسي (57 سنت) لاستحقاق آذار 2009 بـ1.2 مليار دولار.
الى ذلك افيد ان الرئيس عون لن يوقع على مشروع الموازنة لعدم تضمنها قطع حساب، ونقل في هذا السياق عن الرئيس برّي قوله انه عرض النواب للخطر من أجل إقرار الموازنة، وانه كان يفترض به وقف الموازنة قبل اقرارها في المجلس.
توازياً شددت مصادر سياسية لـ«اللواء» علىانه كما أصبح معلوماً فإن رأي صندوق الدولي لا يلزم لبنان بتنفيذه، على اعتبار ان الدولة هي المسؤولة عن اتخاذ القرارات التي تراها مناسبة في هذا الإطار، لافتة إلى ان الدولة لن توفّر جهداً للوصول إلى القرار الصائب والمناسب لظروف لبنان بالنسبة لدفع سندات «اليوروبوند» أو عدمه.
غير ان الموقف الذي أعلنه الرئيس نبيه برّي خلال لقاء الأربعاء النيابي، عزّز التوجه الحكومي نحو الامتناع عن الدفع، حيث أكّد ان «اعادة هيكلة الدين هي الحل الأمثل»، مشدداً على معالجة قضية الكهرباء التي تسببت بنصف الدين العام.
وفي الشأن المالي والمصرفي قال من غير الجائز أن يدفع اللبنانيون ثمن الأزمة المالية الإقتصادية والمصرفية من خلال عملية إذلال وإقتصاص منظمة لودائعهم وجنى أعمارهم، ومن خلال فلتان الأسعار على السلع الإستهلاكية والحياتية. مبدياً إرتياحه لتحرك القضاء لوضع يده على ملف الصيرفة والتلاعب بسعر صرف الدولار من ألف الى يائه.
واللافت انه لم يكد برّي ينهي كلامه حتى أعلنت مؤسّسة «تريد ويب» ان سندات لبنان المقومة بالدولار انخفضت إلى 29 سنتاً بعد دعوته إلى إعادة هيكلة الديون.
بيع السندات وتحويل الأموال
يُشار إلى ان مسألة بيع مجموعة من المصارف اللبنانية حصتها من السندات إلى مجموعات استثمارية في الخارج، كانت موضع تداول بين الرئيس دياب ووفد من جمعية المصارف برئاسة رئيس الجمعية سليم صفير، الذي لم يشر إلى هذه النقطة، بل اكتفى بالاشارة إلى مسألة استحقاق «اليوروبوند»، مؤكداً بأنه إذا كانت الحكومة متجهة إلى جدولة الدين يجب ان تتم بشكل منظم، أي بالتفاوض مع حاملي سندات الدين، ولا سيما الصناديق الاستثمارية في الخارج والذين اظهروا حتى الآن جهوزية للتفاوض على هذا الأساس.
وأكد أن «هدف جمعية المصارف كان ولا يزال الحفاظ على حسن سير المرافق العامة كما الحفاظ على الودائع المؤتمنة عليها المصارف، وذكّر بأن «أي قرار في موضوع الـ «يوروبوندز» هو قرار تأخذه الحكومة حصراً بما تراه مناسباً للبنان».
وبالتوازي، حضرت مسألة تحويل الأموال إلى الخارج في لقاء الرئيس دياب مع المدعي العام التمييزي القاضي غسّان عويدات، الذي اطلعه على النتائج الأوّلية للتحقيق في تحويل الأموال إلى سويسرا اعتباراً من 17 تشرين أوّل 2019.
وأفادت معلومات، انه تمّ البحث في إمكان التوسع في التحقيقات لتشمل التحويلات المالية إلى الخارج بحيث لا تقتصر على تلك المحولة إلى سويسرا، كما تم البحث أيضا في توسيع الفترة الزمنية التي حصلت خلالها تلك التحويلات.
على الخط عينه، أعلنت هيئة التحقيق الخاصة في مصرف لبنان (مكافحة تبييض الأموال وتمويل الإرهاب) أنه «بعد طلب مساعدة قضائية من النائب العام التمييزي لمعرفة حجم الأموال المهرّبة التي تم تحويلها إلى سويسرا، قررت الطلب من المصارف الإفادة عن حجم المبالغ وعدد الحسابات والعمليات التي حوّلت إلى الخارج»، علماً أن الهيئة كانت طلبت الموضوع نفسه، من دون ان تتلقى أي جواب.
يذكر ان «التيار الوطني الحر» كان قد دعا إلى تحرك امام مصرف لبنان الخامسة من بعد ظهر اليوم، للمطالبة بمعرفة كامل الحقائق في ملف الاموال المهربة الى الخارج وبضرورة استردادها، علماً ان التجمع والانطلاق سيكونان من امام المقر العام للتيار في سن الفيل عند الرابعة بعد الظهر، وقد طلب التيار من المشاركين الالتزام برفع العلم اللبناني في شكل حصري.
هجوم على المصارف
وعلى خط أزمة الدولار وتفلت سعر صرفه في السوق، ادعى النائب العام المالي القاضي علي إبراهيم، على 17 صرافا في مناطق مختلفة من بيروت، بجرم مخالفة قانون الصيرفة، وأحال الملفات الى قاضي التحقيق الأول بالإنابة في بيروت جورج رزق.
تجدر الإشارة إلى ان الفرع الرئيسي لبنك «عودة» في منطقة باب ادريس في وسط بيروت، وكذلك فرع «فرنسبنك» تعرضا مساء أمس، لمحاولات تحطيم واجهات ماكينات الصرف الآلي، وكتابة عبارات ضد المصرفين، على أثر ورود معلومات على مواقع التواصل الاجتماعي تفيد بأن بنك «عودة» أوقف سحوباته النقدية بالدولار، لكن إدارة البنك أصدرت بياناً نفت فيه هذه المعلومات، وأكدت انها لا تزال ضمن السقوف المعمول بها سابقاً، فيما تدخلت قوى من الجيش ومنعت مجموعات من الحراك من التمادي في الاعتراض على المصرفين المذكورين.
وغرد الجيش لاحقا عبر «تويتر» مؤكدا انه منع متظاهرين من تكسير واجهات عدد من المصارف في بيروت، مجددا التأكيد على حق التظاهر ورفض الاعتداء على الأملاك العامة والخاصة.
واتصل الرئيس ميشال عون بالمسؤولين عن جمعية المصارف للسؤال عن حقيقة الموضوع، داعياً الي وضع حدّ للشائعات التي تطاول القطاع المصرفي بشكل عام وتؤثر على الثقة العامة به.
الحريري
سياسياً، شدّد الرئيس سعد الحريري في دردشة مع الإعلاميين على هامش اجتماع المجلس المركزي لتيار «المستقبل» في حضور نواب الكتلة وأعضاء المكتبين السياسي والتنفيذي، على ان «ما يحصل في المصارف والهجوم على الحاكم رياض سلامة يدل على وجع النّاس، ولكن هناك فرقاء يستعملون الهجوم لتغيير أسباب الوصول إلى هنا». مشيراً إلى انه «لا يدافع عن المصارف، لكن علينا معرفة أساس المشكلة وأسبابها لنعالجها، ووضع اللوم عليهم فقط لا يكفي لحل المشكلة»، لافتا إلى انه «لا يتنصل من المسؤوليات، وحن أوّل فريق قال اننا كنا موجودين داخل الحكومات ونتحمل مسؤولياتنا».
اضاف: «يجب ان نكون صريحين قمنا باخطاء واي مرتكب نرفع الغطاء عنه».
وسأل: «لماذا اضطررنا ان نتحمل نصف الدين على الكهرباء؟ لأن المشكلة الأساس هنا في قطاع الكهرباء».
وعما قاله رئيس «التيار الوطني الحر» النائب جبران باسيل عن عودة طويلة للحريري، قال: «اذاً هو يُقرّر أي متى ارجع يعني مثل ما قلت هو الرئيس الظل».
وكشف النائب محمّد الحجار الذي سيغادر إلى أبو ظبي خلال الساعات المقبلة، ان الحريري قدم في بداية الاجتماع مداخلة أكّد فيها على ان المحكمة الدولية الخاصة بلبنان هي من ثوابت التيار، مشدداً على وجوب الاستعداد للتعامل مع استحقاق المرحلة المقبلة، معتبراً ان ما كان يصح قبل 17 تشرين لم يعد ممكنا بعد هذا التاريخ، داعياً إلى الفصل بين تطورات الانتفاضة وبين المصير الذي انتهت إليه التسوية الرئاسية.
وقال ان السنوات الثلاث المقبلة لن تكون على صورة السنوات الثلاث التي انقضت، ونتطلع إلى التعاون مع أوسع الشرائح السياسية لاعداد قانون جديد الانتخابات على أساس اتفاق الطائف يمهد لانتخابات نيابية مبكرة.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الأخبار
سلامة والمصارف: تهويل على دياب
مصرف لبنان يبيع سندات للأجانب بما يعقّد إعادة هيكلة الدين
أيها اللبنانيون: "اسرائيل" تدير الـــ sms؟
حملة التهويل التي أطلقها حاكم مصرف لبنان رياض سلامة وجمعية المصارف استؤنفت أمس، في زيارة وفد الجمعية لرئيس الحكومة حسان دياب لـ«تحذيره» من أن لجوء لبنان إلى عملية إعادة هيكلة الدين والتوقف عن الدفع سيؤدي إلى إفلاس المصارف وامتناع مصارف المراسلة عن فتح الاعتمادات لها، وسيغلق أبواب التدفقات الخارجية أمام لبنان الذي يحتاج إليها بشكل ملحّ. وبحسب مصادر مطّلعة، لم يتجاوب رئيس الحكومة مع هذه الضغوط، وأبلغ المصارف أن القرار النهائي بشأن التوقف عن الدفع وإعادة الهيكلة يبقى مرهوناً بانتهاء الخطة الإنقاذية التي يعدّها فريق من الخبراء المتخصصين، وستكون مدعومة بتقييم صندوق النقد الدولي لاستدامة الدين العام (تقرير محمد وهبة).
لكن سلامة والمصارف لم ييأسوا بعد، بل بدأوا يمارسون لعبة المضاربة على سندات اليوروبوندز وبيعها للأجانب. فقد تبيّن أن مصرف لبنان يحمل القسم الأكبر من سندات اليوروبوندز التي تستحقّ في 2033 و2034 التي بدأ تداولها، فجأة، في الأسواق الدولية، بأسعار متدنّية جداً. إذ إن عروض البيع كانت مسعّرة بنحو 25 دولاراً و26 دولاراً، علماً بأن سعر إصدار السند يبلغ 100 دولار. وتبيّن أن عدداً من المصارف اللبنانية وشركة «أوبتيموم أنفست»، المعروفة بتنفيذ عمليات تجارة السندات لحساب مصرف لبنان، هي التي تبيع هذه السندات، رغم أن من يحملها هو مصرف لبنان منذ إصدارها في أيار 2018، ما أثار ريبة حول ما يحصل.
هذه الضغوط على أسعار سندات اليوروبوندز ترافقت مع حملة تهويل روّجت أمس أن وزارة المال قرّرت تسديد السندات التي تستحق في آذار المقبل. إلا أن مصادر مسؤولة نفت أن يكون هناك أي قرار متّخذ بهذا الشأن.
إذاً، ما الذي يحصل في سوق السندات؟ ولماذا يبيع مصرف لبنان السندات التي يحملها بأسعار بخسة؟
تقول المصادر إن مصرف لبنان لمس توجّهاً واضحاً لدى الحكومة بالتوقف عن السداد وإعادة هيكلة الدين، ما يعني أن السندات التي يحملها لن تكون لها منفعة قريبة على سيولته، وخصوصاً أن عملية إعادة الهيكلة ستأخذ وقتاً طويلاً، وهو لن يكون قادراً على تسييل هذه السندات في هذه الفترة، في وقت هو بحاجة إلى السيولة. لذا لجأ سلامة، كعادته، إلى عمليات غير اعتيادية في السوق مثل الهندسات المالية، وأجرى هندسات على السندات مع المصارف انطلاقاً من الآتي:
ـ يتوجّب على مصرف لبنان أن يدفع للمصارف فوائد شهادات الإيداع بالدولار، فيما تطالبه المصارف بالحصول على المزيد من السيولة بالدولار لسداد الالتزامات المترتّبة عليها بالدولار لمصارف المراسلة. وبما أن خروج كمية كبيرة من الأموال يعني نقصاً في احتياطاته بالعملات الأجنبية، قرّر أن يعرض على المصارف إمدادها بفوائد شهادات الإيداع بالدولار، شرط ألا يتم تحويل هذه الأموال إلى الخارج، وأن تستعملها المصارف لشراء سندات اليوروبوندز من فئة استحقاقي 2033 و2034. وبما أن عمليات شراء السندات وبيعها تتم عبر «يوروكلير»، أي في أوروبا، فهناك صعوبة في معرفة هوية البائع والشاري في العمليات المنفذة فعلياً والتي تبقى مخفية. وهذا الأمر يعني أن مصرف لبنان سيتمكن من تسييل سندات ولو بثمن بخس، وهو ما يعكس حاجته الماسة إلى مزيد من السيولة.
ـ المصارف اشترت هذه السندات ودفعت ثمنها في بيروت، ولكنها بمقدار ما تبيع منها ستتمكن من تسجيل هذه العمليات على أنها أموال طازجة يمكن إدخالها إلى لبنان وإعادة تحويلها إلى الخارج لتعزيز سيولتها الخارجية.
ـ مشكلة هذا الأمر أنه يؤدي إلى توسيع نسبة حملة السندات الأجانب، وبالتالي تعقيد عمليات إعادة الهيكلة والتخفيف من النسب المطلوبة من قبل الدائنين للموافقة على هذه العمليات. فعقود اليوروبوندز تنصّ على أن إعادة الهيكلة تتطلب موافقة 75% من حملة السندات في كل شريحة من الشرائح. بمعنى آخر، إن عمليات البيع للخارج هي بمثابة محاولة لتعطيل القيام بعملية إعادة الهيكلة، ولو أن لها أهدافاً أخرى تتعلق بسيولة مصرف لبنان والمصارف.
ـ الخطوة التي قام بها مصرف لبنان والمصارف هي بمثابة ردّ على رئيس الحكومة حسان دياب الذي بات مقتنعاً بأن إعادة الهيكلة هي الطريق نحو المعالجة.
أيها اللبنانيون: اسرائيل تدير الـــ sms؟
الشركة التي تتولّى إدارة قسم خدمات الرسائل النصية في «تاتش» منذ ثلاث سنوات تقوم بمعظم أبحاثها في إسرائيل التي تموّل نحو 50% من هذه الأبحاث. هذا ما يخلص إليه مسار «تتبّع» شركة Mavenir التي تملك القدرة على الوصول إلى بروتوكول ss7 الحساّس جدّاً والذي يحتوي على ثغرات خطيرة تسمح باختراق أي حساب على شبكة الإنترنت مرتبط برقم هاتف «الضحية» والتجسس عليها ودخول حساباتها المصرفية أو على مواقع التواصل الاجتماعي (تقرير هديل فرفور).
قبل ثلاث سنوات، «وُلدت» شركة اسمها Mavenir. للوهلة الأولى، سيكون الاسم مألوفاً للعاملين في قطاع الاتصالات، لأنه يُذكّر باسم شركة عالميّة تعمل في مجال التكنولوجيا، سبق أن عملت في الشرق الأوسط وأفريقيا.
لكنّ التدقيق في «تاريخ» هذه الشركة التي تتولى منذ عام 2017 مهمة إدارة وتشغيل قسم خدمات الرسائل النصية في شركة «تاتش»، يُظهر بشكل واضح أنها ليست إلّا شركة Comverse الإسرائيلية، وأن Mavenir العالمية «ماتت» عام 2015، عندما اشترتها شركة MiTEL.
في 24 تموز 2017، صرّح رئيس شركة Mavenir ومديرها التنفيذي بارديب كوهلي بأن «إسرائيل هي وادي السيليكون 2 وإلى الأبد»، في إشارة إلى التفوّق الإسرائيلي على صعيد التكنولوجيا والأبحاث والتطوير الرقمي، «لأنها تستثمر نحو 4.3% من ناتجها المحلي الإجمالي في البحث والتطوير (…)». وقال إن شركته «تتطلّع إلى الاستفادة من المواهب في إسرائيل لإقامة ابتكار عالمي لهذا الجيل».
فكيف ورثت هذه الشركة العمل في لبنان؟ وما هي خطورة أن يكون لديها القدرة على الوصول إلى بروتوكول SS7؟
كل الشركات تؤدي إلى تل أبيب
منذ أكثر من عشر سنوات، كانت شركة Acision البريطانية المتخصصة في خدمات المراسلة تتولّى إدارة قسم خدمات الرسائل النصية في شركة MIC2 المملوكة من الدولة اللبنانية والتي تُديرها شركة «زين» حالياً باسم «تاتش».
في 6 آب 2015، أعلنت شركة Comverse أنها استحوذت على Acision مُقابل 136 مليون دولار. وبحسب موقع wikispooks، فإنّ comverse شركة تكنولوجيا، مقرّها الرئيس في الولايات المتحدة، «وتقوم بمعظم أبحاثها في إسرائيل»، وتموّل وزارة الصناعة والتجارة الإسرائيلية نحو 50% من تكاليف أبحاثها.
بعد استحواذها على شركة Acision، أعلنت الشركتان (Comverse وAcision)، في 9 أيلول من العام نفسه، إطلاق شركة عالمية تحمل اسم Xura. وفي كانون الأول 2016، اشترت الأخيرة شركة Mitel التي سبق أن استحوذت على Mavenir العالمية التي تعمل في مجال التكنولوجيا. وعوضاً من أن تُسمّي Xura الشركة باسمها أو تبقي على اسم MiTEL، قرّرت تسمية نفسها باسم شركة اندمجت مُسبقاً بـ MiTEL، وهي بحكم «الميتة» لكنّها «مشهورة» بين المعنيين في قطاع الاتصالات وهي شركة Mavenir .
وفق مصادر مُطّلعة، فإن «التلاعب بالتسميات متعمّد ويهدف إلى إحداث التباس واضح بين شركة Mavenir التي لم يعد لها وجود منذ منتصف 2015 تاريخ شرائها من MiTEL، وبين شركة Mavenir المملوكة من Xura، وبالتالي من Comverse. من هنا، تجزم المصادر بأن شركة Mavenir ليست إلّا شركة Comverse الإسرائيلية!
«تاتش» على علم بالأمر؟
في 23 آذار 2016، راسل المعنيون في شركة «تاتش» هيئة المالكين في وزارة الاتصالات (Owner Supervisory board)، للمُطالبة بإطلاق مناقصة لتغيير الشركة التي تتولى إدارة قسم حسّاس وذي بعد أمني. لم يتلقَّ هؤلاء جواباً، في 10 حزيران 2016، أعاد هؤلاء الكرّة وبعثوا بمراسلة تحت عنوان «Comverse تستحوذ على Acision»، مُرفقة بتقارير ومستندات تثبت علاقة الشركتين، من ضمنها إفادة صادرة عن المديرة العامة لوزارة الاقتصاد والتجارة عليا عباس في 18 تشرين الأول 2016 (الرقم 12998/2016) مرسلة إلى محامي «تاتش»، تُفيد بأنّه «استناداً إلى المواقع الإلكترونية، تبيّن بأنها شركة إسرائيلية، وبالتالي تُعتبر حُكماً محظورة ولا يمكن التعامل معها». وفيما كان متوقعاً أن تتلقّف الهيئة الخبر بـ«استنفار» كبير وأن تتجاوب مع الرسالة، كان لافتاً ردّها على رئيس مجلس إدارة مجموعة «زين» المُشغّلة لـ«تاتش» بدر الخرافي (الرقم 1435/ تاريخ 24 تشرين الأول 2016)، إذ تطرّقت إلى الشق التجاري لافتةً إلى أنّ «عمل الرسائل انخفض بشكل كبير، وبالتالي يطلب من شركة ميك 2 تقديم مبررات تقنية وتجارية مُفصّلة لمثل هذا المشروع». وبحسب المصادر نفسها، فإنّ المعنيّين في «تاتش» أصرّوا على إطلاق مناقصة أخرى لتغيير الشركة، «وفي حزيران 2017، كانت آخر خطوة لاجتثاث الشركة بعد تصفية مطلوباتها أواخر عام 2016». فما الذي حصل؟
بعد خروج أحد المعنيين من شركة «تاتش»، «جرى الانقلاب على المناقصة، ومضى عدد من الفاعلين في الشركة في التعامل مع الشركتين تحت اسم Mavenir بهدف الالتفاف والتحايل». يعني ذلك أن الدائرة القانونية في «تاتش» كانت على علم بارتباط الشركتين ببعضهما بعضاً، وأنها لم تتحرّك تجاه «الانقلاب» الذي حصل. فما الذي تغير وأدّى إلى انتقال «تاتش» من ضفّة المستشرس لخروج الشركة إلى ضفة المتعامي عنها؟ «وإذا كانت إدارة الشركة على علم بالأمر فهي مُصيبة، وإن كانت لا تدري فالمصيبة أعظم». وقد حاولت «الأخبار» التواصل مع الشركة، إلا أنها لم تردّ على مراسلاتها.
Mavenir: لا وجود لشركة Comverse
في اتصال مع «الأخبار»، نفى ممثل شركة Mavenir محمد عيسى وجود أي علاقة بين الشركة وإسرائيل، متّهماً «المُنافسين بالوقوف وراء هذه اللعبة». وأوضح أن Acision هي «نتاج» دمج شركتَي CMG «أول من اخترع الرسائل النصية» وLOGICA. وأوضح «أننا بقينا حتى عام 2016 نعمل باسم Acision، خلال تلك الفترة برزت شركة منافسة هي Comverse التي ترتبط بعلاقات مع إسرائيل، لكنها أصبحت شركة أميركية وقمنا بشرائها كأيّ شركة تقوم بعمليات الشراء والدمج. بعدها أتت شركة ضخمة هي شركة SIRIS CAPITAL وقد امتلكت Xura وMavenir. اليوم، لا وجود لشركة Comverse، بل هناك Mavenir ومقرها في أميركا، وهي مملوكة من SIRIS CAPITAL». وشدّد على أن من يروّج لارتباط Mavenir بـ Comverse ، «إنّما يروج لوهم شركة قديمة».
«صحيح أنه لا وجود لشركة Comverse حالياً لأنها، ببساطة، تحوّلت إلى شركة Mavenir»، وفق تعبير المصادر التي تُشير الى أن سرد عيسى يُناقض تسلسل عمليات الاستحواذ الموثقة. اللافت هو ما تُشير إليه المصادر لجهة أن شركة SIRIS Capital التي اشترت Mavenir هي شركة مالية تقوم بشراء الشركات ولا تتدخّل نهائياً في هويتها التقنية والتجارية، «وهذا لا يعني تالياً ذوبان شركة Mavenir أو Comverse». وتُضيف المصادر: «شركة SIRIS Capital هي كشركة FRANCISCO Partners التي كانت قد استحوذت على شركة NSO الإسرائيلية، ما خلق لها مشاكل على مستوى العالم، لم تتخلّص منها حتى بعد بيع NSO للمالكين الأصليين».
المُفارقة أنّ عيسى طلب اللوذ بـ«ويكيبيديا» من أجل التحقق من عدم وجود شركة Comverse بعد الآن، فيما تبيّن أن الضغط على اسم الشركة يقود تلقائياً إلى التعريف بشركة Mavenir، وهو ما يؤكد سياق الرواية منذ البداية!
ما هو بروتوكول SS7؟
خطورة عمل الشركة المشبوهة في «تاتش» ليست محصورة باحتمال كونها إسرائيلية وحسب، بل تنبع أيضاً من «الموقع» الحسّاس الذي تشغله الشركة التي تملك القدرة على الوصول إلى بروتوكول SS7 الخطير جدّاً، وفق عدد من الخبراء الذين تواصلت معهم «الأخبار».
(Signalling System No. 7) Ss7 هو عبارة عن بروتوكول يسمح لشبكات الهاتف بتبادل المعلومات اللازمة لإمرار المُكالمات والرسائل النصية، وهو يسمح لمستخدمي الهاتف بالاتصال على شبكة أخرى عند السفر. ويعود تاريخ تأسيسه إلى عام 1975، وتم اعتماده من قبل الاتحاد الدولي للاتصالات عام 1981.
وإلى السماح بإجراء اتصالات هاتفية وإرسال رسائل نصية، يسمح البروتوكول بإدارة المكالمات الهاتفية وتوجيهها وتبادل معلومات المُتّصلين وإجراء خدمات الفوترة وتقديم الدعم للشبكات الذكية.
ووفق عدد من الخبراء، فإنّ هذا البروتوكول يحتوي على ثغرة «تُعدّ من أخطر الثغرات في مجال الاتصالات حالياً ولا توجد طريقة للحماية منها». هذه الثغرة تسمح باختراق أي حساب على شبكة الإنترنت مرتبط برقم هاتف «الضحية» كالحسابات البنكية أو الحسابات على مواقع التواصل الاجتماعي، كما يستطيع المُخترق أن يتنصّت ويتتبع جميع نشاطات «الضحيّة» عبر الرقم. اللافت أنّ «تياراً» يرى أنّ هناك تعمّداً بالإبقاء على هذه الثغرة، عالمياً، لأن الكثير من الحكومات وأجهزة الاستخبارات تستغلّ هذه الثغرة للتجسّس بما يناسب مصالحها.