البناء
الجيش السوريّ يتقدّم ويوقع خسائر تركيّة… وأردوغان لقمّة مع بوتين وميركل وماكرون
فرنسا تدعو لفصل مساعدة لبنان ماليّاً عن المعركة الأميركيّة السعوديّة مع إيران
كورونا لبنان سياسة وتجارة… وبعثة الصندوق تستهلك الوقت… وخطة الحكومة الخميس
مع النتائج الحاسمة التي تحققت في الانتخابات البرلمانية الإيرانية لصالح تيار المواجهة مع الأميركيين، وبناء اقتصاد صمود ومقاومة، لم يعد الرهان على توازنات داخل السلطة الإيرانية واحداً من الخيارات التي يمكن لواشنطن العزف على أوتارها، وباتت محاور العراق وسورية ولبنان في الواجهة، بعد ترك اتفاق وقف النار في أفغانستان قيد الاختبار والقدرة على الصمود، في ظل اعتراض فصائل أفغانيّة على غياب التعهد الأميركي العلني بالانسحاب الشامل في الحل النهائي، ففي العراق بعد التثبت من قدرة حكومة محمد توفيق علاوي على نيل الثقة توجّه الحراك الذي تقوده واشنطن للتأثير على خط سير الحكومة ومحاولات تعديلها لضمّ المكوّنات الحليفة لواشنطن، وجاء الاتصال الذي اجراه لأول مرة وزير الخارجية الأميركية مايك بومبيو بالرئيس علاوي محاولة لفتح قناة اتصال كانت مغلقة بقرار أميركي مبنيّ على حسابات إفشال قيام الحكومة، وقد بات واضحاً وصوله إلى طريق مسدود.
أما في سورية، فالرهان هو على صمود تركيا عند خط الإعاقة للمسار الروسي السوري لفتح طريق اللاذقية دمشق الدولي أسوة بخط دمشق حلب الدولي، وما يترافق معه من إنهاء سيطرة الجماعات الإرهابيّة في مناطق جسر الشغور وأريحا وجبل الزاوية.
وقد خاض الجيش السوري معارك ناجحة بوجه التقدّم التركي محققاً السيطرة على المزيد من البلدات والقرى، وموقعاً خسائر بشرية ومادية بالقوات التركية المنتشرة، والتي تعرّضت أرتالها لضغط ناري روسيّ جويّ في مواقع عدة ما تسبّب بتراجعها، وبدا أن تفادي المواجهة المباشرة لا يزال قرار الرئيس التركي الذي يعرف أنه رغم التشجيع الأميركي سيكون وحيداً إذا وقعت المواجهة.
وجاءت استعانة الرئيس التركي رجب أردوغان بفرنسا وألمانيا لإقامة توازن بوجه الدور الروسي، عبر الدعوة لقمة رباعية تضمه مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين والمستشارة الألمانية أنجيلا ميركل والرئيس الفرنسي أمانويل ماكرون، لتأجيل الموعد الذي قطعه لحملة عسكرية هجوميّة مطلع شهر آذار المقبل ضد الجيش السوريّ لفرض التراجع عليه من المناطق التي دخلها على حساب الجماعات الإرهابية المدعومة من تركيا، فالقمّة تقررت في الخامس من آذار، والجيش السوري بدعم روسي يعمل لفرض وقائع جديدة حتى ذلك التاريخ، وربما بعده قمّة ثلاثية روسية تركية إيرانية، في ظل الإصرار الروسي على الحفاظ على مرجعيّة أستانة في تطبيق اتفاق سوتشي، الذي يلزم تركيا بالتخلّي عن الجماعات الإرهابية، ويربط أي وقف للنار باستثنائها منه، وبالفصل بينها وبين الجماعات المرشّحة للحل السياسي.
على المسار اللبناني بات واضحاً أن لعبة الوقت هي التي يلعبها الأميركيون مباشرة أو بالواسطة عبر البعثات المالية الدولية، التي تتصرّف كأنها في مؤتمر علمي للأبحاث النظرية، وكأن لبنان يملك ترف الوقت لحسم خياراته، وهو المضطر لاتخاذ قرارات إجرائيّة بكيفية التصرّف تجاه استحقاق التاسع من آذار لسندات اليوروبوند، وكشف وزير المالية الفرنسية في كلمته أمام وزراء مالية الدول المشاركة في الاجتماع التحضيري لقمة العشرين في الرياض، وبحضور وزير الخزانة الأميركي ووزير المالية السعودي، عن موقف فرنسي مختلف عن الموقفين الأميركي والسعودي القائمين على الحديث عن شروط مبهمة لتقديم المساعدة المالية للبنان، قائلاً إن فرنسا تعارض الربط بين المواجهة التي تخوضها واشنطن مع إيران، وتقديم المساعدة المالية للبنان، مبدياً الاستعداد لفعل ذلك ضمن صيغ ثنائية لبنانية فرنسية او متعددة الأطراف في إشارة لمقرّرات مؤتمر سيدر.
لبنانياً، تراجعت فوبيا كورونا، في ظل ظهور جديّة الإجراءات التي اتخذتها وزارة الصحة في ملاحقة الحالات المفترضة للإصابة، وخطة الوقاية المعتمدة في المنافذ الحدوديّة، خصوصاً مطار بيروت الدولي، بقي من الحمّى الشق السياسيّ والتجاريّ، حيث الحملة على إيران في بعض الإعلام والسياسة، والمتاجرة بوسائل الوقاية في بعض الصيدليات، بينما بقي الانشغال الحكومي مركزاً على رسم خطط المواجهة مع استحقاقات اليوروبوند الداهمة، وكيفية ترجمة قرار إعادة هيكلة الدين العام، في ظل عدم تقديم الجهات المالية الدولية أية مقترحات عملية على هذا الصعيد، وبعد ثلاثة أيام من الانشغال بالاجتماعات مع هذه البعثات عادت فرق المستشارين والخبراء في رئاسة الحكومة ووزارة المال للعمل على خطط ذاتية سيتم تقديمها للحكومة بصورة رسميّة يوم الخميس على الأرجح، حيث يتوقع عقد جلسة مخصّصة لبحث مسار التعامل مع الدين العام واستحقاقات اليوروبوند، وفيما يبدو محسوماً السير بإعادة الهيكلة كسقف للخطة، تجري مناقشة الخيارات لتصحيح المالية العامة، والوضع المالي العام، مع أزمة خانقة في القطاع المصرفيّ، وعاد الحديث عن فرضيات زيادة معيّنة في بعض الضرائب للتداول، كما الحديث عن إجراءات حسم على الودائع التي تخصّ كبار المودعين، وتخفيض الفوائد المطبقة على سندات الخزينة، فيما البحث في كيفية التعامل مع سعر صرف الدولار ووجود سعرين، مقابل غياب الدولار النقدي عن التعاملات المصرفيّة، لا يزال موضع جدل بين الحكومة وكل من مصرف لبنان والمصارف، وهو ما ربطت به مصادر متابعة عودة أزمات توفير اعتمادات القمح والمحروقات.
وختم وفد صندوق النقد الدولي محادثاته مع المسؤولين اللبنانيين في عين التينة بلقاء رئيس مجلس النواب نبيه بري، بحضور وزير المال غازي وزني.
وجرى عرض مفصل للوضع اللبناني المالي والاقتصادي، وأكد الرئيس بري للوفد حرص لبنان على الالتزام بالإصلاحات الجذرية المطلوبة وعلى كافة الأصعدة لضمان نجاح العملية الإنقاذية وعودة الثقة بلبنان.
وكان الوفد التقى كلاً من حاكم مصرف لبنان رياض سلامة ورئيس لجنة الرقابة على المصارف سمير حمود. وقد أفيد أن اللقاءات المالية والنقدية في السرايا الحكومية ستستكمل بعيداً من الإعلام، وقد اتفق على انه لن يكون هناك قرار قبل 6 آذار أي قبل يومين او 3 كحد أقصى من دفع الاستحقاق، في انتظار اكتمال الصورة من مختلف جوانبها، لدى الحكومة.
وبحسب معلومات «البناء» من مصادر مطلعة فإن «الاجتماعات التمهيدية بين الحكومة ووفد صندوق النقد الدولي انتهت واطلع الوفد على الواقع المالي والاقتصادي للدولة وجمع بعض المعلومات وأجرى مجموعة من الإحصاءات والدراسات وكوّن رؤية عامة عن الوضع تمهيداً لتقديم مشورته حيال اعادة جدولة الدين خلال الايام القليلة المقبلة»، ولفتت المصادر الى أن «الوفد طلب بعض الوقت لمشاورة ادارة الصندوق من ثم إعداد دراسة بناءً على المعطيات التي جمعها في لبنان على أن يعود الى بيروت لتقديم اقتراحات بشأن مسألة الديون».
وقالت أوساط رسمية لـ»البناء» إن «الحكومة ليست ملزمة باقتراحات الصندوق بل ترى ما يتناسب مع المصلحة الوطنية»، وأكدت «إصرار الحكومة على اعادة جدولة الديون بما يشمل استحقاق آذار اضافة الى تعيين مكاتب محامين لمواجهة أي احتمال لرفع دعاوى على الدولة اللبنانية جراء عدم السداد». كما علمت «البناء» أن «الحكومة اتفقت مع 7 شركات دولية ستتولى التفاوض مع الشركات الممثلة للدائنين الاجانب».
وعشية مغادرة وفد صندوق النقد لبنان، برز موقفان من السعودية وفرنسا، ففي حين لفت وزير المالية السعودية الى أن «المملكة كانت وما زالت تدعم لبنان والشعب اللبناني وعلى تواصل مع الدول المعنية بشأن لبنان وتواصل متابعة ما يحدث»، قال وزير المالية الفرنسية: «إذا احتاج لبنان للمساعدة المالية ففرنسا موجودة ولا يجب خلط قضية تعافي الاقتصاد اللبناني بمسألة إيران».
في غضون ذلك، تتوالى الأزمات الحياتية بسبب تجميد البنك المركزي الاعتمادات بالدولار لاستيراد المواد الأوليّة. فبعد أزمة الدولار والكهرباء والمحروقات انفجرت أزمة الخبز مع إعلان رئيس اتحاد نقابات المخابز والأفران كاظم إبراهيم، الإضراب المفتوح حتى تحقيق المطالب، مؤكداً أن «المطالب هي وجود حل لمشكلة سعر صرف الدولار الذي وصل الى الـ2500»، مشيراً الى «أننا نستورد الطحين والقمح بالدولار فكيف سنستطيع الاستمرار؟ ولا أحد يريد الاستماع الينا».
وقد بدأ الغضب الشعبي يتفاقم في الشارع جراء اشتداد وطأة الأزمات، ما ينذر بـ»ثورة» جياع تعمّ مختلف المناطق اللبنانية وكان الرئيس نبيه بري حذر منها في وقت سابق. وشهدت مدينة صيدا أولى نذر هذه «الثورة» حيث انطلقت مسيرة حاشدة تحت عنوان “ثورة الجياع” من تقاطع ايليا وجابت شوارع رفضاً للغلاء وسياسة التجويع.
وبرز موقف لحزب الله في مسألة الديون وسياسة مصرف لبنان، على لسان عضو كتلة “الوفاء للمقاومة” النائب حسن فضل الله الذي اعتبر أن “نجاح الحكومة نجاح للبلد، لكن هناك عقبات تقف في طريق الحلول. فالحكومة المسؤولة عن الأموال العامة، ممنوع عليها أن تعرف كم يحتوي المصرف المركزي لأنه لا يفصح بدقة عما لديه، في حين لم يحصل في أي دولة في العالم أن تمنع جهة رسمية المعلومات عن رئيس الجمهورية والحكومة والمجلس النيابي، وهذا يتطلّب من الحكومة اتخاذ إجراءات لحل هذه المشكلة”.
واضاف: “حتى الآن لم نحصل على المعلومات الصحيحة عن التحويلات المالية للخارج، والقضاء يستطيع من خلال سلطته التي منحه إياها الدستور والقانون أن يقوم بجردة دقيقة لكل التحويلات التي قام بها الرؤساء والوزراء والنواب وقادة الأجهزة الأمنيّة وكبار الموظفين الحاليين والسابقين والمتعهّدين في الدولة، وأن يراسل الدول الخارجيّة ويطلب هذه الأسماء وما عندها من أموال ويحقق فيها ويصل إلى النهاية، وإلا مَن سيتخذ الإجراءات ما لم يتحرّك القضاء؟”. وتابع فضل الله: «كنا نأمل أن يستفيد القضاء من المناخ الموجود في البلد، ويضرب بيد من حديد، فهو يستطيع استعادة الأموال المنهوبة ومنع نهب أموال الدولة، لكن المشكلة وبالفم الملآن في القضاء، في حين أن إصلاح الدولة يبدأ بإصلاح القضاء من خلال استقلاليته ونزاهته».
على صعيد آخر، انخفض مستوى الهلع الذي رافق الإعلان عن اصابة إمرأة بمرض كورونا، بعد سلسلة إجراءات قامت بها وزارة الصحة لاحتواء الأمر. وأكد وزير الصحة الدكتور حمد حسن لـ»الوكالة الوطنية» أنه حتى الساعة تم إجراء فحوصات لـ 27 شخصاً من المشتبه بإصابتهم بفيروس الكورونا، وقد أثبتت الفحوص خلوهم من أي فيروس».
كما أعلن المستشفى الحكومي في بيروت عن أن 25 شخصاً خضعوا للكشف ولم يحتج أحد منهم الى دخول المستشفى. وأعلنت رئاسة مجلس الوزراء، أن «مطار بيروت الدولي شهد تركيب أجهزة حديثة برعاية رئيس الحكومة حسان دياب، الذي تلقى هذه الأجهزة من شركة Sky care services، سابقاً بذلك معظم مطارات الشرق الأوسط والعالم العربي”.
وأُفيد أن مجلس الوزراء سيعقد جلسة غداً في القصر الجمهوري لـ”بحث التدابير والإجراءات الوقائية لفيروس كورونا”.
وفي إطار الاستغلال السياسي لقضية إصابة مواطنة آتية من إيران بـ”كورونا”، كان مستغرباً دعوة بعض الجهات السياسية والاعلامية الى وقف الرحلات الجوية بين لبنان وايران، فيما لم يطالبوا في الوقت عينه بوقف الرحلات من دول أخرى شهدت حالات اصابة في هذا المرض! وأوضح رئيس مطار بيروت الدولي فادي الحسن، إلى أنّ “عدد الرحلات من بيروت وطهران ذهابًا وإيابًا يبلغ ثلاثاً أسبوعيًّا، ولا يبدو أنّه سيُتّخذ إجراء بوقف هذه الرحلات أو تخفيض عددها”، موضحًا أنّه “لا يمكن وقف الرحلات منإيران وإليها، والإبقاء على رحلات من بلدان أُخرى ينتشر فيها “فيروس كورونا أيضًا”.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
اللواء
خلاف أميركي – فرنسي حول مساعدة لبنان في إجتماع «مجموعة العشرين»
«ملهاة الكورونا» تطغى على مهمة الصندوق.. وتعليق إضراب الأفران بعد إحراج «الثنائي الشيعي»
انضمت بيروت، إلى العواصم المذعورة من وباء كورونا، في وقت يواصل فيه فريق من بعثة صندوق النقد الدولي لقاءاته مع مسؤولين ماليين، ويحتل لبنان بنداً على جدول أعمال اجتماع مسؤولي المالية من مجموعة العشرين في «دافوس»، إذا تناول المجتعون، وفقا لم رشح عن نقاشات، ربطت بين الوضع المالي، والتجاذب الاميركي- الإيراني على الساحة الداخلية اللبنانية، وتأثيرات ذلك على تعافي البلد الاقتصادي.
وفي المعلومات أيضاً، ان تبايناً في الرأي وقع بين الوزير الأميركي ووزراء المجموعة الأوروبية إزاء ما يتعين عمله لمنع الانهيار في لبنان، وتداعيات ذلك على الوضعين الإقليمي والدولي.
وفي هذا الاطار كشفت وزير المالية الفرنسي برونو لو مير (أمس) إن فرنسا مستعدة لدعم لبنان ماليا، في إطار ثنائي أو متعدد الأطراف، محذرا من خلط التعافي الاقتصادي في لبنان مع الجهود التي تقودها الولايات المتحدة لمواجهة إيران في المنطقة.
وقال لرويترز في نهاية اجتماع لمسؤولي المالية من مجموعة العشرين «فرنسا مستعدة دائما لمساعدة لبنان. لقد كان الحال دائما في الماضي وسيكون هذا هو الحال في المستقبل».
وأضاف «نعرف أن ثمة روابط بين المسألتين، لكننا لا نريد خلط قضية التعافي الاقتصادي في لبنان، وهو اليوم في حالة طوارئ واضحة، ومسألة إيران».
بدوره، اشار وزير المالية السعودي محمد الجدعان يوم الأحد إن المملكة على اتصال ببلدان أخرى لتنسيق أي دعم للبنان على أساس الإصلاحات الاقتصادية، مضيفاً «المملكة كانت وما زالت تدعم لبنان والشعب اللبناني».
اما وزير الخزانة الأميركية ستيفن منوشين، فلم يشر إلى مسألة العقوبات، مشيراً إلى ان الولايات المتحدة تتطلع لمساعدة صندوق النقد الدولي لبنان في ازمته الاقتصادية، مؤكداً رغبة واشنطن في رؤية الاستقرار الاقتصادي والسياسي في لبنان.
وقال مونشين، في مقابلة مع الإعلامية هادلي غامبل عبر «CNBC»: «صندوق النقد الدولي سيساعد إذا كان السياسيون اللبنانيون مستعدين لإجراء الخيارات الاقتصادية الصعبة، التي أظن أنها ستكون جيدة للشعب اللبناني».
«كورونا» أمام مجلس الوزراء
في هذا الوقت، يعقد مجلس الوزراء جلسة طارئة له عند الواحدة من بعد ظهر غد الثلاثاء في القصر الجمهوري لبحث التدابير والإجراءات الوقائية من فيروس «كورونا»، علماً ان خلية الأزمة الوزارية، كانت قد اتخذت في اجتماع طارئ برئاسة رئيس الحكومة حسان دياب في السراي الحكومي، مجموعة إجراءات بناء على توصيات لجنة متابعة الإجراءات الوقائية لفيروس «كورونا»، يُمكن ان تشكّل خارطة طريق للوقاية من هذا الفيروس الخبيث، وحصر اضراره فيما لو تمّ الالتزام بتطبيقها بحذافيرها، من دون ان يتشاطر أحد بالافلات من هذه الإجراءات.
وأبرز القرارات: عزل الأشخاص الذين تظهر عليهم عوارض الإصابة والوافدين من المناطق (أو الدول) التي سجلت اصابات في مستشفى رفيق الحريري الحكومي، ومنع المواطنين اللبنانيين وسائر المقيمين في لبنان من السفر إلى المناطق التي سجلت اصابات وتوقيف الحملات والرجلات إلى المناطق المعزولة في الدول الآتية: كوريا الجنوبية، إيران ودول أخرى، على ان تستثنى من ذلك حالات السفر الضرورية مثل الطبابة والتعليم والعمل، وحصر نقل حالات الإصابة أو المشتبه باصابتهم بجمعية الصليب الأحمر اللبناني من دون سواها.
وحسب مصادر وزارية، فإن هذه القرارات كافية، خصوصاً وانها شملت كافة الإدارات والوزارات، وتحديداً الصحة والسياحة والداخلية والبلديات والخارجية، فضلاً عن الاقتصاد والإعلام والرياضة، كل في مجاله، للتأكيد على حالة الطوارئ الصحية المعلنة، ولا سيما إذا ما اعتمدت نظرية اعلام الرأي العام اللبناني بشكل شفاف ودوري بكل الإجراءات والتطورات تباعاً، بالتعاون مع وسائل الإعلام المسموعة والمرئية والمكتوبة ومواقع التواصل الاجتماعي، وهو ما تمّ بالفعل، حيث تقرر ان يصدر مستشفى رفيق الحريري الجامعي، نشرة دورية عند الخامسة من عصر كل يوم عن اخر المستجدات لديه، فيما تجاوب المجلس الإسلامي الشيعي الاعلى مع قرار وقف الرحلات متمنياً التريث في أداء الزيارات الدينية في هذه المرحلة للحد من انتشار «كورونا».
وفي تقريره اليومي، أفاد المستشفى انه استقبل في الساعات الـ24 الماضية، 25 حالة في الطوارئ المخصص بالاستقبال الحالات المشتبه باصابتها بفيروس «كورونا» وقد خضعوا جميعهم للكشوفات الطبية اللازمة ولم يحتج أحد منهم إلى دخول المستشفى، موضحاً ان فحوصاً مخبرية اجريت لـ13 حالة، جاءت نتيجة 12 حالة منها سلبية، ما عدا حال واحدة، هي الحالة ذاتها التي سجلت اصابتها بفيروس «كورونا» المستجد 2019 والتي لا زالت تخضع للعناية في وحدة العزل داخل المستشفى، وقد أجرى لها الفحص المخبري للمرة الثانية، وكان ايجابياً.
وأشار التقرير إلى وجود 7 حالات في منطقة الحجر الصحي، غادر اثنان منهم المستشفى بعد توصيتهما بالاقامة تحت الحجر الصحي المنزلي لمدة 14 يوماً، وأجرى لهما فحص مرتين في مختبرات المستشفى وجاءت النتيجة سلبية في المرتين، فيما بقيت خمس حالات في الحجر الصحي داخل المستشفى بعد ان أجرى لهم الفحص لمرة واحدة وكات نتيجة المختر سلبية.
وبحسب المعلومات، فإن جميع هذه الحالات كانت في الطائرة الإيرانية التي نقلت الحجاج اللبنانية إلى مدينة قم المقدسة يوم الخميس الماضي، ومعظمهم من منطقة النبطية، وما زالوا في منازلهم في حالة حجر صحي بناء لارشادات وزارة الصحة، التي توجهت إليهم مجدداً أمس، طالبة منهم عدم إرسال أولادهم إلى المدارس طيلة وجودهم داخل العزل المنزلي. وفي هذا السياق أصدر وزير التربية طارق المجذوب قراراً اجاز بوجبه عدم تلقى الدروس لاولاد ركاب رحلة إيران حتى انقضاء فترة العزل المنزلي.
وستصل إلى مطار رفيق الحريري الدولي في بيروت اليوم طائرة إيرانية ثانية، تنقل حجاجاً لبنانيين أيضاً، الا ان ركاب هذه الطائرة سيخضعون لإجراءات متشددة في طهران قبل صعودهم إلى الطائرة، بناء لاتصالات جرت بين السلطات الصحية في كلا الدولتين تلافيا للارتباك الذي حصل مع ركاب الطائرة الأولى، خصوصاً وانها أثارت هلع النّاس بسبب السماح لهؤلاء الركاب الذهاب إلى منازلهم، وبالتالي الاختلاط باقربائهم وانسبائهم، قبل التأكد من سلامة وضعهم الصحي.
وأكدت معلومات الجانب اللبناني، بأن السلطات الإيرانية ستخضع جميع المسافرين المتوجهين إلى بيروت اليوم إلى فحوصات، ويمنع من مغادرة الأراضي الإيرانية من يثبت اصابته بالفيروس، فيما يسمح للآخرين بالصعود إلى الطائرة، على ان يُصار إلى إخضاع جميع هؤلاء الركاب إلى فحوصات مماثلة لدى وصولهم إلى مطار بيروت، ومن يشتبه باصابته سيتم نقله إلى مستشفى العزل فوراً، وستطلب السلطات في المطار من بعثة الركاب ملازمة منازلهم طيلة فترة احتضان المرض، أي 14 يوماً، وعدم الاختلاط بأحد.
صندوق النقد
وفيما البلاد منهكة ومنهمكة بهستيريا فيروس «كورونا»، أضيف إلى الهموم اليومية، إضراب الأفران ابتداء من اليوم، حيث شهدت الأفران ومحلات البقالة والسوبر ماركت تهافتاً غير مسبوق على ربطات الخبز، فضلاً عن خوف من احتمال وصول افواج من الجراد إلى لبنان، بعد وصوله إلى الأردن والعراق، لكن وزير الزراعة عباس مرتضى نفى هذا الاحتمال على اعتبار ان الرياح الشمالية الغربية، لا تسمح بوصول الجراد إلى لبنان، كموجات، وان بعضها وصل فعلاً، بحسب ما اوردته بعض المواقع واشرطة التواصل الاجتماعي.
ويبدو ان كل هذه الهموم تأتي في كفة، ومشكلة سندات «اليوروبوند» والوضع المالي والنقدي والمصرفي وتوفير السيولة، لدى الموطن، تأتي في كفة ثانية، أكثر وجعاً وأكثر خطورة، خصوصاً وان الحكومة لم تتوصل حتى الساعة إلى قرار أو إلى خيار حول كيفية التعامل مع مشكلة استحقاق السندات الشهرالمقبل، على الرغم من المشاورات المكثفة التي جرت مع بعثة صندوق النقد الدولي والاجتماعات العديدة التي عقدها الوزراء المعنيون بالأزمة، مع رئيس الحكومة للوصول إلى خطة إنقاذية.
وفي معلومات «اللواء» ان وفد صندوق النقد الدولي ينهي مهمته قريباً، ويغادر عدد من افراده اليوم، لتحضير تقريره الاول عن نتيجة المحادثات التي اجراها مع رئيس الحكومة حسان دياب ووزيري المالية والاقتصاد وحاكم المصرف المركزي ولجنة الرقابة على المصارف وجمعية المصارف، على ان يبقى قسم آخر من الوفد لمواصلة الاجتماعات، وذلك بعد اجتماع عقده الوفد امس الاحد مع الرئيس نبيه بري ومع الحاكم رياض سلامة وجمعية المصارف، وقبله السبت اجتماع في السرايا ضم الرئيس دياب ونائبة رئيس الحكومة وزيرة الدفاع زينة عكر ووزير المالية غازي وزني وبعض المستشارين، للبحث في نتائج الاجتماعات مع وفد صندوق النقد الدولي وخبراء البنك الدولي والخيارات المتاحة امام لبنان من موضوع سندات يوروبوند. واسهمت هذه الاجتماعات في تحديد الخيارات الممكنة بناء للنصائح التي اسداها الوفد وبعض الخبراء اللبنانيين، لكن اي قرار لم يتخذ بعد.
ورجحت مصادر المعلومات احتمال اتخاذ القرار خلال اسبوع بعد ان ينتهي وفد صندوق النقد من كل الاجتماعات، لتحديد الخيار النهائي بالنسبة للتسديد او عدمه، اضافة الى الخيارات المتاحة حيال الدين العام لجهة الجدولة او الهيكلة. وإن الاتجاه الغالب هو التفاوض مع الدائنين لتأخير الاستحقاق. فيما ذكرت معلومات اخرى ان القرار قد يؤجل الى حين عودة وفد صندوق النقد الى بيروت في الاسبوع الاول من شهر اذار المقبل لمتابعة مهمته، اي قبل موعدالاستحقاق المحدد في 9 من اذار، علماً ان الخبير والمستشارالقانوني الدولي الوزير السابق كميل ابو سليمان يقول: انه من الممكن اعطاء فترة سماح للبنان للدفع تصل الى حدود 15 او 20 اذار، ما يعني اعطاء لبنان وقتاً اضافياً للتفاوض.
واوضحت مصادر مطلعة لـ«اللواء» ان الخطة الانقاذية التي تنجزها الحكومة حول استحقاق سندات اليوروبوند ستكون محكمة باعتبار انها ستساعد على تكوين الفكرة عن الالتزام بالقرار الذي سيصار الى اعتماده من قبل الحكومة.
وافادت انه ليس مستبعدا ان تناقش الخطة وتقر في مجلس الوزراء كي تحظى على توافق اعضاء الحكومة مشيرة الى ان ثمة نقاطاً أساسية، ستشير إليها الخطة ولا بد من ان تشكل ضمانة موثوقة لاسيما ان الجهات الدائنة وفي حال طلب لبنان جدولة للدين تريد ضمانات والصندوق هو الجهة الموثوق بها امام هذه الجهات.
وعلم ان وفد الصندوق الدولي لا يزال يواصل لقاءاته ويجتمع اليوم مع رئيس لجنه المال والموازنة النيابية النائب ابراهيم كنعان وهناك فريق منهم غادر لبنان وفريق اخر بقي واخر سيزور لبنان لاحقا وعلم ان الوفد لم يعد تقريره بعد وهو لا يزال يستطلع ويجمع المعلومات من اجل اعداد تقريره الذي يرفع الىالحكومة اللبنانية.
في المقابل، نقلت محطة MTV عن أحد المشاركين في الاجتماعات مع وفد الصندوق، أن الوفد لم يلمس من المسؤولين اللبنانيين أي خطوة جدية لجهة التعاطي في «الملف المالي اللبناني»، مؤكدا أن «الوفد لم يأت بخطة الى لبنان لأنه لا يثق بالمسؤولين اللبنانيين».
وأشار المصدر الى أن «صندوق النقد الدولي يعلم أن لبنان بحاجة الى برنامج بشروط نقدية إلا أنه يريد أن يعطي لبنان خطة بشروطه هو والتي ستكون موجعة جدا على اللبنانيين والحكومة»، موضحا أن «الإجراءات ستكون موجعة على اللبنانيين من جهة زيادة الضرائب على المحروقات وبعض السلع، وستكون موجعة على الحكومة من جهة إجبارها على تخفيض العجز في ميزانية الدولة وخصخصة قطاع الكهرباء»، فضلاً عن مسألة تثبيت سعر صرف الليرة مقابل الدولار، حيث تتشدد الحكومة على التثبيت في حين ينصح وفد الصندوق بجعله متحركاً.
ومن جهتها، أشارت مصادر تلفزيون «المنار» إلى أن عودة وفد الصندوق في شهر آذار المقبل «وارد جداً»، وأن الحكومة تناقش خياراً بين اثنين: الأول هو عدم التسديد للمستحقات القادمة والثاني هو تسديد الفوائد فقط، وليس تسديد المستحقات كما هي، ولفتت المصادر إلى أن الملف المالي الحالي يشهد مزيداً من الزخم.
وأوضحت «المنار» أن الحديث عن ملف النفط وبداية الحفر قريباً (يوم الخميس المقبل) يشكل أمراً إيجابياً جداً لناحية الوفد، رغم أنه لن يعكس تأثيراً كبيراً في الوقت الحالي».
تهافت الأفران
اما التهافت على الخبز في الأفران، فلم يخل من إشكالات وقعت امام عدد من الأفران في بيروت والضاحية الجنوبية، بين المواطنين الذين اصطفوا في طوابير سعياً للحصول على ربطة خبز، وبين العاملين في الافران الذين بدأوا التقنين في البيع لتلبية الجميع، إضافة إلى إشكالات وتلاسنات بين المواطنين أنفسهم.
وافيد ان شباناً تجمعوا مساء أمس في منطقة المشرفية في الضاحية، منددين باضراب الأفران والتلويح برفع سعر الخبز، فيما دعت حركة «أمل» في بيان إلى فتح الأفران اليوم وبدء الحوار مع الدولة، وسط إحراج الثنائي الشيعي أمام جمهوره في الجنوب إلى الصناعية وبيروت.
وليلاًَ، وبعد مساع من حركة أمل وتمنٍ من الرئيس نبيه برّي علّق أصحاب الأفران إضرابهم الذي كا مقرراً اليوم.
نشاط الحراك
وفي نشاط الحراك الشعبي أمس، وقفة امام قصر العدل في بيروت دعماً لاستقلال القضاء، ولاصدار تشكيلات قضائية مستقلة، بعد ان تناهت إليه معلومات عن تدخلات سياسية لعرقلة التشكيلات التي يجريها مجلس القضاء الأعلى.
ونظم حراك الجنوب مسيرة في صيدا مساء أمس بمشاركة مجموعة من حراكي النبطية وكفررمان، رفضاً للغلاء المعيشي والسياسة الاقتصادية التي اوصلت المواطن إلى فقدان سبل العيش.
وعلى عادته كل سبت، نظم حراك بيروت مسيرتين للمطالبة باسترداد المال المنهوب ومحاربة الفساد، انطلقت الأولى من منطقة فردان، والثانية من ساحة ساسين في الأشرفية، والتقتا في ساحة الشهداء، قبل ان ينصرف المشاركون بهدوء، الا ان اشكالاً حصل امام مبنى مصرف لبنان المركزي في الحمراء عندما عمد المحتجون إلى رشق المبنى بالبيض، فتدخلت القوى الأمنية وحصل تدافع بينهم، لكن الناشطين واصلوا سيرهم في اتجاه كليمنصو، وتوقفوا امام منزل رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط ورددوا هتافات ضده.
وفي طرابلس، نظم ناشطو الحراك مسيرة جابت شوارع المدينة، منددة بالسياسة المالية والمطالبة بمحاسبة الفاسدين واسترداد الأموال المنهوبة.
انقذوا صخور نهر الكلب
توازياً لهذه النشاطات، نظمت مجموعة من الناشطين البيئيين مسيرة احتجاجية امام لوحة الجلاء في نهر الكلب، احتجاجاً على تشييد مركز للتيار الوطني الحر فوق الجبل الأثري، مؤكدين ان التراخيص المعطاة لم تراع الأثر البيئي والآثار المعرضة للانهيار والزوال بسبب أعمال الحفر في الصخر التي تجري على قدم وساق.
وطالبت «جمعية الأرض» في بيان بوقف أعمال تنفيذ مشروع بناء مجمع التيار المحاذي لآثار وادي نهر الكلب الذي يشمل حوالى 23 نقشاً ونصباً يعود تاريخها إلى ما قبل الألف الثاني قبل الميلاد. وأكد البيان ان المشروع يُشكّل مخالفة جسيمة لقانون حماية البيئة رقم 44، وأعلن وضع الأمر بمثابة اخبار بعهدة النيابة العامة البيئية، وخاصة وانه يتم نقل صخور الموقع لردم البحر في جونيه من قبل المتعهد.
وتعقيباً على الحملة الموجهة ضده، أصدر «التيار الوطني الحر» بياناً أكد فيه ان عمليات الحفر لم تطاول الموقع الأثري والتاريخي، ولم تحدث أي ضرر، وان التيار ليس في وارد التعدّي على مواقع أثرية أو بيئية أو طبيعية أو تاريخية.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الأخبار
حزب الله وأمل: لا لوصاية صندوق النقد
تتجنّب القوى السياسية والحكومة إعلان مواقف حاسمة من رفض الوصفات الجاهزة لصندوق النقد الدولي، أملاً بالحصول على مشورة تقنية من دون شروط تعجيزية. إلّا أن حزب الله وحركة أمل، على الأقل، توّصلّا إلى قرار حاسم برفض الوصفات الجاهزة، مع عدم ممانعة المشورات التقنية
لا يزال الارتياب يسيطر على الكثير من المعنيّين واللبنانيين، حيال طريقة تعامل الحكومة والقوى السياسية مع صندوق النقد الدولي. فالموقّت في لبنان عادةً، أبدي. وعلى هذه القاعدة، قد تتطوّر الاستشارة التقنية التي من المفترض أن يقدّمها خبراء من صندوق النقد الدولي، إلى وصاية كاملة لهذه المؤسسة الدولية «الاستعمارية» على النظام الاقتصادي والمالي في البلاد. ولا يُلام المرتابون طالما أن أحداً من القوى السياسية الرئيسية، لم يقطع الشّك باليقين على العلن، برفض الوصفات الجاهزة التي يقدّمها الصندوق للدول المتعثّرة، والتي عادةً ما تنتهي بإفقار الشعب وضمان استدامة الدين العام على حساب الفئات الأكثر ضعفاً في المجتمع.
فعدا عن حزب الكتائب الذي أيّد بشكل واضح تسليم البلاد لصندوق النقد، وموقف الحزب السوري القومي الاجتماعي الذي انتقد عدم رفض الحكومة في بيانها الوزاري بشكل قاطع وصفات الصندوق، لا تزال القوى السياسية الرئيسية بلا إعلان واضح لمواقفها، مع أن بعضها قد حسم خياراته.
وعلى ما علمت «الأخبار»، فإن حزب الله والرئيس نبيه برّي اتخذا قراراً واضحاً برفض الخضوع للوصفات الجاهزة من قبل صندوق النقد، في مقابل عدم ممانعة المشورة التقنية التي يمكن أن يقدّمها ممثلو الصندوق للحكومة.
وهذا الرفض ليس موقفاً سياسياً فحسب، برفض خضوع البلد لشروط صندوق النقد، إنّما أيضاً لأن حلول الصندوق الجاهزة تبدأ دائماً من فوق إلى تحت، أي من مالية الدولة والموازنة، ثم تنتقل إلى المصارف، ما يعني زيادة الضرائب على المواطنين وتخفيض الرواتب في القطاع العام وزيادة تعرفة الكهرباء والضريبة على القيمة المضافة وعلى المحروقات، والمسّ بالنظام التقاعدي وشروط إفقارية أخرى قبل معالجة الأزمات الناجمة عن السياسات المصرفية. وهذه الشروط لن تحلّ المشكلة، بل ستجرّ البلاد إلى الرضوخ لتنازلات سياسية، لطالما صمد لبنان في رفضها. صحيح أن الرئيس ميشال عون والوزير جبران باسيل ليسا بعيدين عن موقف «الحزب والحركة»، لكنّ الحديث الذي يردّده بعض المحيطين بالرئيس والمقرّبين من باسيل، حول أن الحل الأخير قد لا يكون سوى صندوق النقد، يجعل موقفهما عرضة للشكّ، في ظلّ الصمت الرسمي. بينما يزداد الحديث عن توصّل رئيس الحكومة حسان دياب إلى شبه اقتناع واضح برفض الوصفات الجاهزة مسبقاً، والعمل مع «صندوق النقد» على القطعة.
لكن إلى جانب الاجتماعات التنسيقية المشتركة بين حزب الله وأمل، يجري الحديث عن تشكيل لجنتين مشتركتين تضمان ممثلين عن حزب الله والتيار الوطني الحر وحركة أمل، الأولى ماليّة لدراسة الأزمة وتقديم اقتراحات الحلول، ولجنة ثانية لدراسة ملف الكهرباء والخروج بموقفٍ موحّد من القوى الثلاث حيال هذا الملفّ المزمن.
وحتى الآن، يمكن القول إن مهمة مستشاري صندوق النقد لم تبدأ بعد. فالجلسات الأولية التي عقدها هؤلاء التزموا فيها عدم تقديم أي فكرة، وتكرار الحديث عن النهج العام لعمل الصندوق. فيما يلاحظ هؤلاء الانقسام في صفوف اللبنانيين حيال طروحاتهم. ويتوقّع أكثر من معني أن تأخذ الخطة التي تعمل عليها الحكومة واللجان المتفرعّة عنها أسبوعاً جديداً على الأقل، قبل أن تتّضح معالمها ليجري الطلب من مستشاري الصندوق العودة لإطلاعهم على الخطّة المفترضة، على أن يعلّق هؤلاء عليها ويقترحوا التعديلات.
وفيما تستمر السلبية الأميركية تجاه لبنان بشكل عام، برز أمس موقف وزير المال الفرنسي برونو لو مير من السعودية، على هامش اجتماع مسؤولي المالية في مجموعة العشرين، حيث أعلن استعداد «فرنسا لدعم لبنان مالياً، في إطار ثنائي أو متعدد الأطراف. لقد كان الحال دائماً في الماضي وسيكون هذا هو الحال في المستقبل». لكنّ الأبرز في كلام لو مير، هو تحذيره من «خلط التعافي الاقتصادي في لبنان مع الجهود التي تقودها الولايات المتحدة لمواجهة إيران في المنطقة». وأضاف: «نعرف أن ثمة روابط بين المسألتين، لكننا لا نريد خلط قضية التعافي الاقتصادي في لبنان، وهو اليوم في حالة طوارئ واضحة، ومسألة إيران». بدوره، كرر وزير المال السعودي محمد الجدعان الكلام المعتاد الذي يصدر عن الرياض، لكن مع جرعة إضافية من «الإيجابية»، إذ قال إن «المملكة على اتصال ببلدان أخرى لتنسيق أي دعم للبنان على أساس الإصلاحات الاقتصادية»، وأضاف إن «المملكة كانت ولا تزال تدعم لبنان والشعب اللبناني».
الاهتمام الفرنسي بالأزمة اللبنانية مضاعف هذه الأيام، حتى بات السفير الفرنسي في بيروت برونو فوشيه يراسل إدارته بصورة يومية، ويعدّ التقارير التفصيلية، مع متابعة دقيقة من باريس. وترك الموقف الفرنسي أصداء إيجابية في بيروت، وفهم على أنه كلام موجّه بالدرجة الأولى إلى الإدارة الأميركية. ويقول مطّلعون على أجواء الدبلوماسية الفرنسية إن كلام وزير المال هدفه لفت انتباه الأميركيين إلى خطورة التفكير بأن إفلاس لبنان لأجل القضاء على حزب الله، في إطار الحرب مع إيران، هو مغامرة خطيرة على أوروبا وفرنسا، ويجب العمل على تحييد المسارات، وفصل المعركة مع إيران عن إفلاس لبنان وانهياره الاقتصادي والأمني. كذلك يحرص الفرنسيون على مطالبة الأميركيين بعدم وضع خطوط حمر أمام الدعم العربي إلى لبنان، مع تأكيدهم أن اهتزاز الاستقرار اللبناني سيؤثّر على الخليج أيضاً، ولا بدّ من مساعدة لبنان ووضعه على سكة الإصلاحات. كما يخشى الفرنسيون أن تتحوّل تدخلات صندوق النقد الدولي إلى وسيلة للهيمنة الأميركية الكاملة على القرار المالي والاقتصادي، وإخراج فرنسا من واحدٍ من آخر معالم نفوذها المتآكل في الشرق وإفريقيا.