البناء
منتصف حزيران موعد جواب صندوق النقد المبدئيّ على طلب الحكومة… ومؤشرات إيجابيّة
لقاء الأربعاء في بعبدا بحضور بريّ وغياب المستقبل… وتمثيل نسبيّ للقوات والاشتراكيّ
إطلالة للسيد نصرالله اليوم… واستقرار كورونا.. والغلاء وسعر الصرف الامتحان الأهم للحكومة
قالت مصادر مالية إن الموعد المتوقع للجواب المبدئي لصندوق النقد الدولي على طلب لبنان للمساعدة في تنفيذ خطته الإنقاذية والإصلاحية، هو منتصف شهر حزيران المقبل، بمرور ستة أسابيع على الطلب. وفي حال كان الجواب هو الموافقة، فهذا يستدعي تفاوضاً قد يستمر من ستة شهور إلى سنة ونصف، وفقاً لتجارب الصندوق، سيكون على لبنان خلالها تدبّر أموره بنفسه ووفقاً لمقدراته الماليّة، إلا إذا استطاع الاستفادة من مساهمات الصندوق والبنك الدولي المخصصة لمواجهة وباء كورونا، تحت عنوان دعم الفئات الاجتماعية الضعيفة. وهذا برنامج عالمي لكل من البنك والصندوق تستفيد منه العديد من الدول.
المصادر المالية قالت إنه ما لم تبدأ الحكومة بتنفيذ ما يجب تنفيذه من خطتها، خصوصاً الإفادة من الجواب المبدئي الإيجابي المرجح للصندوق، لبدء التفاوض مع الدائنين الخارجيين من جهة، وبدء الورشة التشريعية المشتركة مع الحكومة لهيكلة القطاعات الاقتصادية والمالية والمصرفية من جهة موازية، بما يتيح تنشيط الدورة الاقتصادية الإنتاجيّة، فإن الانتظار أو الرهان على الإجراءات المرتبطة باستعادة الأموال المهرّبة والمنهوبة، سيزيد من التوترات ويستغرق وقتاً طويلاً، ونتائجه غير مضمونه، ما يعني تآكل الاندفاعة الحكوميّة، خصوصاً أن عودة التحركات إلى الشارع ستزيد زخماً مع رفع إجراءات الحظر تدريجياً في ظل تراجع وباء كورونا، بينما يزيد في هذا الزخم، أن سيف الغلاء يقطع كل قدرة لدى الناس على الصمود مع توقف الكثير من الشركات عن العمل، وسعر الصرف لا يرحم، وهذان الملفان لا يمكن للحكومة انتظار مفاوضاتها مع صندوق النقد الدولي للسير بخطط جدّية في مواجهتهما. فالتفاوض مع مصرف لبنان على منهجية تكاملية بين الحكومة والمصرف لضبط سعر الصرف لا يحتمل الحديث عن تبادل الاتهامات، بعدما بدا أن الحكومة صرفت النظر عن البحث باستبدال حاكم مصرف لبنان في ضوء ما أسماه رئيس الجمهورية بجس النبض السياسي، وبذلك تصير الحكومة مسؤولة أمام الرأي العام عن سياسات المصرف، وعن نتيجة هذه السياسات التي تظهر في سعر الصرف، بينما تتحمّل وحدها مسؤولية ضبط الغلاء، فلا يمكنها التنصل من مسؤولية اعتباره هدفاً ممكناً، بذرائع لا يقبلها المنطق، في ظل ارتفاعات جنونية في أسعار الخضار والحمضيات والبيض والدجاج وكلها إنتاج محلي بنسب تتراوح بين ضعفين وثلاثة أضعاف، ووفقاً لمصادر خبراء حماية المستهلك فإن سلة سلع من عشرين سلعة يتم تسعيرها يومياً، وتقوم مئات الدوريات بالتحقق من فرضها ليست بالأمر المستحيل. وتضيف المصادر أن تأسيس منصة إلكترونية إلزامية تضم وزارة الاقتصاد، والمجمعات الكبرى للاستهلاكيات وتجار الجملة ونصف الجملة، يتم تثبيت أسعار التسليم عليها يومياً، والتحقق منها ميدانياً ليست بالمعجزة، ولا تحتاج إلا للإرادة والمثابرة. وعن السياسات والقرارات الاقتصادية الملحة، قالت مصادر الخبراء يكفي أن تطلب الحكومة ووزاراتها لوائح الصناعات والزراعات التي كانت منتعشة في الثمانينيات، كمصانع الألبسة والأحذية ومصانع الألبان والأجبان والعصائر، وتُعيد إحياء ما يمكن إحياؤه منها بسرعة كزراعة القمح والشمندر السكري، وصناعات الألبسة والأحذية وتوفير الحماية لها من المنافسة الأجنبيّة، حتى تحمل السنة المقبلة للبنان علامات طيبة على الصعيدين الاقتصادي والاجتماعي.
على الصعيد السياسي شكلت دعوة رئيس الجمهورية العماد ميشال عون للقاء بعبدا التشاوري لرؤساء الكتل النيابية محور المواقف المحلية، في ظل تأكيد مشاركة رئيس مجلس النواب نبيه بري وإعلان غياب كتلة المستقبل برئيسها أو مَن يمثله، ومشاركة بتمثيل نسبي لكتلتي القوات اللبنانية واللقاء الديمقراطي، ربما يكون تمثيل المردة مماثلاً لهما أيضاً بغير رئيس الكتلة، بينما يتوقع أن تتمثل سائر الكتل برؤسائها، فيما ينتظر أن ترسم إطلالة الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله بعد ظهر اليوم موقف الحزب من الخطة الحكوميّة ومن العديد من التطورات المحلية والإقليمية بما فيها العمليات الإسرائيلية والقرار الألماني بحظر حزب الله.
وتترقب الأوساط السياسية الاجتماع المرتقب عقده بعد غدٍ الاربعاء في قصر بعبدا بدعوة من رئيس الجمهورية ميشال عون والمخصص لعرض البرنامج الحكومي الاقتصادي.
وإذ كانت كتلة المستقبل أول مَن أطلق موقفاً برفض المشاركة في اجتماع بعبدا، لم تعلن الكتل الأخرى مواقفها وسط معلومات «البناء» عن تأكيد مشاركةرئيس كتلة التنمية والتحرير ورئيس المجلس النيابي نبيه بري ورئيس تكتل لبنان القوي النائب جبران باسيل ورئيس كتلة الوفاء للمقاومة النائب محمد رعد وممثل عن رئيس تيار المردة وممثل عن الحزب الاشتراكي وترجيح مشاركة القوات اللبنانية، رغم أن مصادر قواتية اكدت لـ«البناء» أن الأمر قيد النقاش ولا قرار نهائياً حتى الساعة».
وأشارت مصادر بيت الوسط لـ«البناء» الى أن «قرار الرئيس سعد الحريري وكتلة المستقبل عدم المشاركة في لقاء بعبدا ليس تهرّباً من المسؤولية الوطنية في عملية إنقاذ البلد ولا في مناقشة الخطة الإصلاحية الحكومية، بل لأسباب تتعلق بعدم احترام أصحاب الدعوة للاصول الدستورية وتحويل النظام اللبناني من ديموقراطي الى نظام رئاسي». وأوضحت المصادر أنه «لدينا سلة من الملاحظات والتساؤلات حول الخطة الحكومية لا سيما بما يتعلق بحقوق المودعين وأسئلة تقنية بما يتعلق بطلب مساعدة صندوق النقد وسعر صرف الدولار»، مضيفة أن «موقفنا النهائي من الخطة واقتراحاتنا المقابلة تعود للرئيس الحريري سيعلن عنها عندما ننتهي من قراءة الخطة». وعلمت «البناء» أن «تيار المستقبل تريّث في اعلان موقف من مسألة المشاركة في لقاء بعبدا بل أجرى مشاورات داخلية ومع كل من رئيس الحزب الاشتراكي وليد جنبلاط ورئيس القوات اللبنانية سمير جعجع في محاولة منه لتوحيد الموقف من اللقاء، لكن لم يحصل على أجوبة شافية وواضحة من كلا الفريقين وذلك لوجود تباين في المواقف بين الأحزاب الثلاثة في مقاربة المرحلة الحالية».
وكانت كتلة المستقبل النيابية أعلنت اعتذارها عن عدم المشاركة في اجتماع بعبدا، معتبرة أن «المكان الطبيعي لاطلاع الكتل النيابية على البرنامج هو المجلس النيابي»، ولفتت الانتباه الى ممارسات وفتاوى سياسية وقانونية تتجاوز حدود الدستور لتكرس مفهوم النظام الرئاسي على حساب النظام الديموقراطي البرلمانية».
وأكّدت «انها في صدد إعداد ملاحظاتها السياسية والتقنية والاقتصادية على البرنامج لعرضها فور جهوزها على اللبنانيين، وذلك ضمن الأطر التي تساهم في مواجهة الأعباء المعيشية والظروف الاجتماعية والنقدية القاسية وتلجم المسار الانحداري للدولة.
ورد مكتب الإعلام في رئاسة الجمهورية على بيان المستقبل، معتبراً أنه لا يحق للمستقبل الادعاء بوجود «ممارسات وفتاوى سياسية تتجاوز حدود الدستور»، وذلك لاعتبارات عددة، واوضح البيان ان «أهداف اللقاء واضحة ومحددة في الدعوة التي وجهت الى رؤساء الكتل النيابية، وهي اطلاعهم على تفاصيل الخطة الإصلاحية والاستماع الى ملاحظاتهم حيالها، وليس الهدف من الاجتماع التصويت على الخطة أو مصادرة دور مجلس النواب».
وردت كتلة المستقبل على بيان مكتب رئاسة الجمهورية، مشيرة الى أن الرد «يقدم مادة إضافية للشكوك التي تحيط الدعوة الى الاجتماع يوم الاربعاء»، لافتة الى ان «المسؤولية عن هذه الخطة كما عن تنفيذها تقع كاملة على العهد وحكومته».
وإذ أفيد أن جنبلاط لن يشارك شخصياً باجتماع بعبدا وسيوفد ممثلاً عنه مع بعض الملاحظات على الخطة الاقتصادية، أشارت مصادر مطلعة في الحزب الاشتراكي لـ«البناء» الى أن «الحزب سيوازن في قراره بين تجاوز البعض لصلاحيات السلطة التشريعية والطائف وخلق اعراف جديدة وبين ضرورة المشاركة لإنقاذ الوضع الاقتصادي الذي ينذر بالانهيار الكامل». وأوضح عضو كتلة اللقاء الديموقراطي النائب بلال عبدالله لـ«البناء» الى «أننا بصدد قراءة الخطة الحكومية وعندما ننتهي سنعلن موقفنا منها من موقع المعارضة المسؤولة والبناءة»، مشيراً الى أن أي خطة اقتصادية تحتاج الى دعم مالي خارجي لكن لسنا مغرمين كثيراً بصندوق النقد لكن بحكم الامر الواقع بحاجة الى انقاذ البلد عبر ضخ مليارات من الدولارات مقابل إقرار إصلاحات جدية لم نصبح مؤهلين بعد لاتخاذها».
ولفت الى أن «رأينا في الخطة نعلنه في المجلس النيابي المكان الدستوري الصحيح لنقاش الخطط الحكومية لا سيما ان المجلس هو الذي سيقر مشاريع القوانين الموجودة في الخطة». ونفى عبدالله عقد اي جبهة سياسية موحدة بين الاشتراكي والمستقبل والقوات، مشيراً الى ان «المرحلة لا تحتمل جبهات وسجالات بل الهدف التعاون لإنقاذ البلد من الازمات المالية والاقتصادية والاجتماعية والصحية والبيئية»، ولفت الى «أننا ضد إسقاط الحكومة لأن لا إمكانية لتأليف حكومة جديدة فضلاً عن ان الناس شبعت فراغاً وخلافات سياسية والمطلوب التركيز على الهموم المعيشية».
من جهته لفت مسؤول جهاز الإعلام والتواصل في القوات اللبناني شارل جبور لـ«البناء» الى أن «القوات بصدد دراسة مسألة المشاركة في لقاء بعبدا وجدوى ذلك ومستوى المشاركة إذا كانت على مستوى رئيس القوات سمير جعجع او من تنتدبه الكتلة لتمثيلها». ولفت جبور الى «أننا نفصل بين علاقتنا المقطوعة حالياً مع العهد وبين مشاركتنا في لقاءات تندرج في إطار الدعوات واللقاءات التي تعقدها رئاسة الجمهورية كمؤسسة دستورية، وبالتالي لسنا أمام لقاء سياسي ثنائي بل لقاء وطني إنقاذي». وأضاف جبور ان «هذا الأمر لا يحتاج الى تنسيق مع المستقبل والاشتراكي فكل يقوم بما يراه مناسباً». وعن موقف القوات من الخطة الحكومية، لفت الى أن العبرة بالتنفيذ، فهل ستبدأ الحكومة باتخاذ خطوات عملية أم ستبقى حبراً على ورق؟ وشمول هذه الإجراءات قطاع الكهرباء والاتصالات وضبط المعابر غير الشرعية». وعن موضوع تأليف جبهة سياسية لإسقاط الحكومة والعهد لفت جبور الى ان «الامر غير مطروح وسنتعاطى مع الحكومة على القطعة».
كما لفتت أوساط نيابية في كتلة التنمية والتحرير لـ«البناء» الى أن «الكتلة ستعقد اجتماعاً يوم غد لاتخاذ الموقف وهناك مشاورات سياسية بهذا الصدد، لكن من الطبيعي ان يشارك الرئيس بري في لقاء سياسي وطني تشاوري وليس تقريري وليس الأول من نوعه بل حصلت لقاءات أخرى مشابهة». وعن المعلومات التي تتحدث عن ان اللقاء يتجاوز صلاحية المجلس النيابي نفت الأوساط ذلك معتبرة ان «المجلس النيابي هو المكان الصالح لنقاش الخطة الحكومية والمجلس يقوم بواجباته عبر الجلسات التشريعية او على صعيد الاجتماعات المكثفة للجان النيابية»، واضافت ان «لجنة المال والموازنة ستعقد لقاء مع وزيري المال والاقتصاد للاطلاع ومناقشتهم بخطة الحكومة».
في المقابل تشير أوساط في فريق المقاومة الى انه «رغم أن الخطة الحكومية ستصيب المواطن ببعض الأعباء المالية وزيادة في التقشف، لكنها المتاح للانقاذ وليس للإنعاش في ظل الظروف الصعبة التي يواجهها لبنان»، وتثني في هذا الصدد على «تصدي فريق ثنائي امل وحزب الله والتيار الوطني الحر للمسؤولية ومواجهة الازمة في مقابل تهرب أطراف المستقبل والاشتراكي اللذين يتحملان المسؤولية الأكبر في ايصال البلد الى هذا المستوى المتردي». وتضيف المصادر لـ«البناء» الى ان «المجلس النيابي هو مكان نقاش الخطة الاقتصادية الحكومية لكن لرئيس الدولة الحق بمخاطبة مجلس النواب برسالة خطية فمن الطبيعي والمنطقي ان يكون له الحق بمخاطبته شفهياً الى جانب كون رئيس الجمهورية يملك صلاحية التوقيع على القوانين الموجودة في الخطة بعد إقرارها في المجلس النيابي»، مشيرة الى ان «رئيس الجمهورية ينطلق من خطوته هذه لتأمين توافق وطني وتوفيق بين الحكومة والمجلس النيابي لكون الحكومة الحالية ليست كالحكومات الماضية من حيث طبيعتها وتكوينها وهدفها، لذلك يهدف الرئيس عون الى تسهيل إقرار الخطة في المجلس النيابي لا تجاوز اي صلاحية لرئاسات أخرى»، واشارت معلومات «البناء» الى ان «لقاء بعبدا سيعقد بمن حضر، وأن عدم مشاركة بعض الاطراف سيفضح نياتها لجهة محاولة التهرب من المسؤولية اولاً وعرقلة عمل وخطة الحكومة ثانياً عبر الهجوم على الحكومة ومن داخل المجلس النيابي والاستثمار السياسي في الشارع».
اما بخصوص صندوق النقد فلفتت المصادر الى أنه «العقدة التي ستواجه الحكومة وسيأخذ جدلاً واسعاً في المجلس النيابي وما إذا كان سيشكل فرصة للانقاذ أم للانقضاض على لبنان واستغلال اوضاعه الصعبة لفرض شروط مالية وسياسية قاسية».
في غضون ذلك، يطل الامين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله عصر اليوم في كلمة عبر الشاشة، ويتطرق خلالها بحسب معلومات «البناء» الى ثلاث نقاط اساسية: الاولى التهديدات والاعتداءات الاسرائيلية على لبنان، وينطلق من خلال ذلك لمقاربة الوضع الإقليمي. الثاني موضوع القرار الألماني الأخير بإدراج حزب الله على لائحة الإرهاب وسيشرح السيد نصرالله خلفياته وأبعاده والدور الأميركي بالضغط لإعلان هذا القرار، الثالث الخطة الاقتصادية الحكومية والوضع المعيشي وضرورة التكافل والتضامن الاجتماعي لتجاوز الأزمات وأخطار وباء الكورونا وسيؤكد السيد نصرالله على أن الإنقاذ مسؤولية وطنية وليس مسؤولية الحكومة وحدها. كما سيوضح موقف الحزب من طلب الحكومة مساعدة مالية من صندوق النقد الدولي.
وإذ سجل هدوء حذر في الشارع بعدما شهدت مناطق مختلفة تظاهرات وأعمال عنف في الشارع خلال الايام القليلة الماضية، انطلقت امس مواكب سيارة تقل متظاهرين الى طرابلس، قدمت من بيروت والبقاع ومن جل الديب ومناطق عدة، لتأييد حراك طرابلس، حيث التقى الجميع في ساحة النور، وسط تدابير أمنية وعسكرية مشددة أمام سرايا طرابلس وفرع المصرف المركزي وعند تقاطع الطرق المؤدية إلى عاصمة الشمال.
وواكبت التحرك سيارات تبث من خلال مكبرات الصوت الأناشيد الوطنية والشعبية، كما أطلقت الهتافات ضد السلطة الحاكمة، ورفعت الأعلام اللبنانية وبيارق الجيش ووجه المتظاهرون التحية إلى روح الشاب فواز السمان الذي قضى خلال المواجهات والاحتجاجات في طرابلس. وأكدوا أن «انتفاضتهم مستمرة حتى تحقيق المطالب»، داعين الى «محاكمة الطبقة الفاسدة واسترداد الأموال المنهوبة».
ويعقد مجلس الوزراء غداً جلسة في بعبدا على جدول أعمالها ثلاثة بنود اساسية هي: استكمال البحث في بنود ورقة وزير العدل المتعلقة بمكافحة الفساد والإثراء غير المشروع، وملف قطاع الخلوي بعد قرار وزير الاتصالات استرجاع القطاع الى الدولة إثر انتهاء مدة عقد الشركتين المشغّلتين، وطرح وزيرة السياحة أموراً ضريبية تتعلق بالقطاع، والأرجح طلب إعفاء المؤسسات السياحية من الرسوم والضرائب لتخفيف الأعباء عنها.
ولم يُعرف ما اذا سيتم طرح بعض التعيينات المستعجلة، لا سيما منصبي محافظ بيروت ورئيس مجلس الخدمة المدنية، بعد إحالة رئيسة المجلس فاطمة الصايغ الى التقاعد، وبعد انتهاء انتداب المحافظ زياد شبيب وعودته الى وظيفته الأساسية في مجلس شورى الدولة، لكن مصادر رسمية استبعدت طرح التعيينات اذا لم يحصل توافق مسبق عليها قبل الجلسة.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
اللواء
مَنْ أوقع الخطة في شرك الإشتباك السياسي والمالي؟
غياب المشاركة النيابية السنية عن إجتماع بعبدا.. ولقاء أرثوذكسي اليوم دفاعاً عن شبيب
السؤال المشروع والملح، الذي فرض نفسه بقوة: كيف يمكن للإنقاذ ان يحصل، وللخطة المالية ان ترى النور، وسط استفحال الازمات المرتبطة او المتفرعة عنها، فعشية الاجتماع الذي دعا اليه الرئيس ميشال عون رؤساء الكتل النيابية في بعبدا، انفجر الموقف على طريق اللاعودة بين فريق الرئيس عون والرئيس سعد الحريري وكتلة «المستقبل»، بعد اعلان الكتلة الاعتذار عن المشاركة في اجتماع بعبدا، والسجال الذي اندلع غداة هذا الموقف، اذ سارع المكتب الاعلامي في بعبدا، الى انتقاد الموقف، واعتبار الامتناع عن المشاركة تترتب عليه مسؤولية وطنية «تحمله تداعيات القرار تجاه اللبنانيين والمجتمع الدولي»، الامر الذي سارعت الكتلة للرد مجددا عليه، معتبرة ان «المسؤولية عن هذه الخطة كما عن تنفيذها تقع كاملة على العهد وحكومته»، رافضة الكلام عن شراكة وطنية، وواصفة اياه بأنه «كلام في غير محله، ويطرح الكثير من الاسئلة، حول مصير الشراكة وما آلت اليه نتيجة السياسات التي يعتمدها العهد القوي، ومن يقف حوله وخلفه».
2 – سبق هذا الانفجار الجديد- القديم بين الرئاسة الاولى والثالثة، موقف نوعي، لكنه بالغ الخطورة، تمثل برفض جمعية المصارف لما اصطلح، رسمياً على وصفه بخطة الحكومة للتعافي المالي، والتي كشفت أنها لم تستشر، مع تأكيدها أنها جزء من الحل، واصفة عملية إعادة الهيكلة المحلية، كما وردت في الخطة، من شأنها الامعان في تقويض الثقة بلبنان محليا ودوليا، في الوقت نفسه، ذكرت الخطة المقومات الاساسية لاستعادة وتعزيز ثقة المستثمرين، مثل اعداد استراتيجية فعالة لمكافحة الفساد.
ولاحظت ان «الخطة غير ممؤلة: فهي الدعم المالي الدولي، ولا سيما من صندوق النقد الدولي و/أو مؤتمر سيدر. وبحسب علمنا، فإن المناقشات الرسمية مع الصندوق حول هذه المسألة على وشك ان تبدأ في حين ان مدفوعات «سيدر» هي رهن تنفيذ الاصلاحات اللازمة.
– وتبقى الاجراءات المتعلقة بالايرادات والنفقات والضرورية لنيل دعم صندوق النقد الدولي غامضة وغير مدعمة بجدول زمني دقيق للتنفيذ.
وأعتبر خبير اقتصادي بارز ان خطة الانقاذ المالي والاقتصادي ألتي اقرتها الحكومة الاسبوع الماضي، تتطلب بعض الوقت لقراءتها والتدقيق بما فيها قبل إعطاء تقييم نهائي بخصوصها ولكن بشكل عام يمكن ملاحظة بعض ما تضمنته من عناوين رئيسية بانه لا يوحي بانها خطة تحاكي الواقع القائم بدقة وهي تفتقر إلى العناصر والمقومات الضرورية لتحفيز الوضع الاقتصادي والخروج من الأزمة على مراحل، لافتا إلى أنه كان من الضروري الوقوف على آراء المعنيين ولاسيما منهم القطاعات الاقتصادية والمصرفية وأصحاب الخبرة المخضرمين والأخذ بملاحظاتهم قبل اقرار الخطة لانهم معنيون بها وبنجاحهاو بنتائجها .
واذ لاحظ توجهات وإجراءات تضمنتها الخطة تتسم بمنحى النظم الاقتصادية الموجهة للدول وهو مايتناقض كليا مع النظام الاقتصادي الحر الذي يعتمده لبنان ويتعارض مع رغبة غالبية اللبنانيين، ولاسيما مايتعلق منها بتوجه الدولة لاستعادة الفوائد المصرفية أو بعضها عن السنوات الماضية أو في ما يخص الاقتطاع الطوعي الملتبس للودائع المالية للمواطنين في المصارف. وهناك مسائل وامور تتعلق بالسرية المصرفية وغيرها من شأنها ان تعيق اعادة اطلاق الدورة الاقتصادية وتؤثر سلبا على تحفيز المستثمرين الأجانب والعرب في لبنان مستقبلا ولا بد من اعادة النظر فيها لتدارك تداعياتها مستقبلا.
وبانتظار الاجتماع الذي سيعقد في مصرف لبنان بين الحاكم رياض سلامة ووفد جمعية المصارف حول تعاميم المصرف، وضرورة الالتزام بها، اعلنت نقابة الصرافين المضي في الاضراب، حتى يطلق سراح بعض الصيارفة، الذين خالفوا سعر الصرف الاقصى الذي حدده لهم مصرف لبنان 3200 ليرة لبنانية لكل دولار.
3 – على ان بين اعتذار «المستقبل» عن المشاركة في اجتماع بعبدا ورفض جمعية المصارف خطة الانقاذ المالي، حذرت صحيفة «فايننشال تايمز» اللندنية من تداعيات الخلاف العلني بين الرئيس حسان دياب والحاكم رياض سلامة، وقالت ان الخلاف العلني، يعرض جهود الدولة للحصول على الدعم المالي الدولي الذي تشتد الحاجة اليه للخطر.
وعلى خط موازٍ، تنتظر الحكومة أن تتبلغ من صندوق النقد الدولي ردّه على طلب المساعدة للتفاوض حول كيفية خروج لبنان من ازمته، وعلى اي اسس ستكون المفاوضات مع صندوق النقد الدولي والدائنين وعلى ماذا سيحصل لبنان.
وفي هذا الصدد يقول مصدر رسمي معني لـ«اللواء»: نتوقع بدء الاتصال مع صندوق النقد الدولي هذا الاسبوع، للاتفاق على الالية المفروض ان نعتمدها للوصول الى البرنامج المشترك، والصندوق يعتبر الخطة التي وضعتها الحكومة بداية صالحة للنقاش والتعاون، ولكن المهم ان نعرف ماذا يريد الصندوق وماذا سيقترح على لبنان وهل يناسبنا ما سيقترحه ام لا يناسبنا، وما هي الخيارات البديلة في حال لم يحصل التوافق مع صندوق النقد. واشار المصدر الى ان كل الدول المانحة تقريباً بما فيها دول مؤتمر «سيدر» ربطت دعمها للبنان بالبرنامج الذي يمكن ان يتفق حوله مع صندوق النقد.
أجندة الاسبوع
وهكذا مع دخول لبنان المرحلة الثانية من تخفيف اجراءات التعبئة العامة يزدحم مطلع هذا الاسبوع بالاجتماعات المهمة بين القصر الجمهوري والسرايا الحكومية والمجلس النيابي، ومحورها خطة الاصلاح المالي والاقتصادي، وبرامج مكافحة الفساد والاثراء غير المشروع، وسط تجاذبات متوقعة بين القوى السياسية المعارضة وبين الحكم والحكومة حول هذين الموضوعين الحساسين، وما سبقهما من مواضيع فجّرت التحالفات والتسويات وقلبت المشهد السياسي.
في الامور الاجرائية، دعت لجنة المال والموازنة النيابية وزيري المال غازي وزنة والاقتصاد والتجارة راوول نعمة الى حضور جلسة للجنة لشرح الخطة الاقتصادية المالية التي اقرتها الحكومة مؤخراً. ومعلوم ان هذه اللجنة تضم تقريبا كل الاطياف السياسية للمجلس النيابي الموالية والمعارضة والتي بين بين، ما يعني ان الجلسة ستشهد نقاشاً عاصفاً.
ويعقد مجلس الوزراء جلسة يوم غدٍ الثلاثاء في القصر الجمهوري، يتضمن جدول اعمالها حسبما علمت «اللواء» ثلاثة بنود اساسية هي: استكمال البحث في بنود ورقة وزيرة العدل ماري كلود نجم المتعلقة بمكافحة الفساد والإثراء غير المشروع. وملف قطاع الخلوي بعد قرار وزير الاتصالات استرجاع القطاع الى الدولة إثر انتهاء مدة عقد الشركتين المشغّلتين. وطرح وزيرة السياحة امورا ضريبية تتعلق بالقطاع السياحي، والارجح ان تطلب اعفاء المؤسسات السياحية من الرسوم والضرائب لتخفيف الاعباء عنها.
وفي حين تردد انه قد تُطرح في الجلسة بعض التعيينات المستعجلة، لا سيما منصبي محافظ بيروت ورئيس مجلس الخدمة المدنية، بعد إحالة رئيسة المجلس فاطمة الصايغ الى التقاعد، وبعد انتهاء انتداب المحافظ زياد شبيب وعودته الى وظيفته الاساسية في مجلس شورى الدولة، لكن مصادر رسمية استبعدت طرح التعيينات اذا لم يحصل توافق مسبق مع تداعي الارثوذكس الى لقاء في دار مطرانية في بيروت بدعوة من المتروبوليت الياس عودة للدفاع عن المحافظ شبيب.
اجتماع بعبدا
اما يوم الاربعاء فيوم لقاء الحوار الموسع الذي دعا اليه رئيس الجمهورية ميشال عون الكتل النيابية حول ورقة الاصلاح الاقتصادي، وبدأت تباشير الرفض من الكتل المعارضة من إعلان كتلة المستقبل عدم حضورهأ «وان المكان الطبيعي لمثل هذه اللقاءات هو المجلس النيابي»، وعدد الكتل المدعوة عشر، عدا النواب المستقلين، وعددهم 10 نواب مستقلين، وهي:
1 – تكتل «لبنان القوي» الذي يرأسه وزير الخارجية جبران باسيل، يضم 21 نائباً و3 كتل صغيرة، ليصبح مجموع نواب الكتل 29 نائبا.
– وتتألف الكتل الصغيرة ضمن تكتل «لبنان القوي» من «كتلة الارمن» (3 نواب).
– و«كتلة ضمانة الجبل» (4 نواب) اضافة الى رئيس حركة «الاستقلال» النائب ميشال معوض.
2 – ثاني كبرى الكتل النيابية هي كتلة «المستقبل»، التي تضم 19 نائباً، إضافة الى الحليف الرئيس السابق تمام سلام.
3- ثالث كبرى الكتل النيابية النيابية هي كتلة «التنمية والتحرير» التي يرأسها رئيس البرلمان نبيه بري، وتضم 17 نائباً من القياديين في حركة «امل» والحلفاء، وتضم الكتلة نواباً من الشيعة، اضافة الى نائب سني وآخر درزي وآخر ماروني وآخر كاثوليكي.
4 – في المرتبة الرابعة، تأتي كتلة «الجمهورية القوية» وهي كتلة «حزب القوات اللبنانية»، وتضم 15 نائباً.
5 – خامس كبرى الكتل النيابية هي كتلة «الوفاء للمقاومة»، وهي كتلة «حزب الله» النيابية، وتضم 13 نائباً.
6 – في المرتبة السادسة، تأتي كتلة «اللقاء الديمقراطي» وتضم 9 نواب.
7 – «كتلة التكتل الوطني» وتضم 7 نواب منتخبين في جبل لبنان والشمال، وهي تجمع نواب «تيار المردة» وحلفائه الوزير الاسبق فيصل كرامي، وفريد هيكل الخازن.
8 – «كتلة الوسط المستقل» برئاسة رئيس الحكومة الاسبق نجيب ميقاتي، وتضم 4 نواب.
9 – «الكتلة القومية» الاجتماعية، وتضم 3 نواب.
10 – كتلة نواب «حزب الكتائب» وتضم 3 نواب.
الرئيس نبيه بري نأى بنفسه عن السجالات، وكشف زوار عين التينة ان رئيس المجلس النيابي نبيه بري سيشارك شخصياً في اجتماع بعبدا وليس صحيحاً انه ممتعض من طريقة الدعوة الى الاجتماع.
وأكد الزوار للـ«أل بي سي» أن ما يهم بري في هذه المرحلة الخطيرة هو إنجاح المفاوضات مع دائني اليوروبوند وصندوق النقد الدولي، وانقاذ الوضع المالي والاقتصادي والاجتماعي في البلد.
وفي سياق متصل أشارت معلومات «أم تي في» إلى أن حزب «القوات اللبنانية» سيشارك في الاجتماع ممثلاً بالنائب جورج عدوان وليس برئيس الحزب سمير جعجع . أما بالنسبة لرئيس الحكومة السابق نجيب ميقاتي ورئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط فسيتمثّلان بنائبين من كتلتيهما.
وستتمثل كتلة فرنجية بالنائب فريد الخازن.
ويقرر حزب الكتائب المشاركة او عدمها في اجتماع المكتب السياسي للحزب اليوم الاثنين.
ويشارك النائب فيصل كرامي في اجتماع بعبدا (بوصفه النائب السني، ربما الوحيد).
وسألت «اللواء» عضو اللقاء الديموقراطي النيابي الدكتور بلال عبد الله عن موقف التكتل من المشاركة؟ فقال: نحن ما زلنا ندرس الموضوع من كل الجوانب، واذا اخذنا الجانب السياسي كموقف فقط فلا نشارك، لكننا نبحث ايضا اهمية الخطة الاقتصادية وضرورتها من اجل مساعدة لبنان وتخفيف الاعباء عن كاهل المواطنين فهذه لها حساب آخر غير سياسي. ويُفترض ان يجتمع التكتل اليوم على الارجح أو غدا من اجل تحديد الموقف، فلا زلنا نزين الامور من كل النواحي.
لكن لماذا دعت لجنة المال والموانة وزيري المال والاقتصاد الى الاجتماع بها، ولماذا دعا رئيس الجمهورية الى لقاء الكتل النيابية؟
تقول مصادر رسمية أن الخطة الاقتصاية– المالية تضمنت إقتراحات ومشاريع تتطلب إقرار قوانين يُصدرها المجلس النيابي، لذلك لا بد من وضع النواب في تفاصيل هذه الخطة لتبيان رأي الكتل فيها قبل إحالة ما يجب ان يُحال من مشاريع قوانين جديدة او تعديلات على قوانين موجودة، ليصار بعدها الى الطلب من رئيس المجلس النيابي نبيه بري تحديد جلسة لإقرار هذه القوانين.
واوضحت مصادر سياسية مطلعة لـ«اللواء» ان الاجتماع المرتقب انعقاده بعد غد الاربعاء في القصر الجمهوري لا يهدف الى الانتقاص من اي دور للادوار المؤسساتية وهدفه معروف وواضح وسبق للقصر الجمهوري ان استضاف لقاءات تحمل العناوين نفسها. واشارت الى انه لا يزال في موعده المقرر ويتوقع ان تتلقى الدوائر المعنية في القصر الجمهوري في الساعات المقبلة الأسماء النهائية للمشاركين من رؤساء الكتل النيابية.
واكدت المصادر ان ما من شيء يحول دون تبادل وجهات النظر حيال الخطة الاقتصادية والاستماع الى ملاحظات الكتل منها ولا سيما في الشق المتعلق بالقوانين مشيرة الى ان ما من قرارات ستصدر انما فتح باب النقاش.
ولفتت الى ان هناك كلمة استهلالية للرئيس الجمهورية عون الذي يتحدث عن الخطة واهميتها فيما يتوقع ان تكون هناك كلمة للرئيس دياب.
قضائياً، يقدم النائب في كتلة «الجمهورية القوية» انطوان حبيش مستنداته اليوم، بحق وزراء الطاقة المتعاقبين وموظفين، وذلك لدى النياية العامة التمييزية.
عودة المغتربين
على صعيد عودة اللبنانيين من الخارج، وصلت بعد ظهر امس الى مطار رفيق الحريري الدولي، طائرة تابعة للميدل ايست، وعلى متنها 149 مواطناً لبنانيا، وكان 34 راكباً اجروا فحص PCR في دبي قبل التوجه الى لبنان.
واعلنت بلدية النبطية، ان المغترب المصاب لم يخالط احداً، والعائدون معه يلزمون الحجر.
الترصد 737
وأعلنت وزارة الصحة امس على صعيد ترصد كورونا عن تسجيل 4 اصابات جديدة بفيروس كورونا، فارتفع العدد الى 737 حالة.
وتضمن التقرير اليومي لمستشفى رفيق الحريري الجامعي حول مستجدات حول فيروس كورونا Covid-19، والذي تضمن:
«- أجرى المستشفى 157 فحصا مخبريا، جاءت كل الفحوصات سلبية، ولا تسجيل لاصابات جديدة.
– يبلغ مجموع الحالات التي ثبتت مخبريا إصابتها بفيروس كورونا، والموجودة حاليا في منطقة العزل الصحي في المستشفى، 6 إصابات.
– تم استقبال 9 حالات مشتبها بإصابتها بفيروس كورونا نقلت من مستشفبات أخرى.
– تماثلت 5 حالات للشفاء من فيروس كورونا، بعد أن جاءت نتيجة فحص الـPCR سلبية في المرتين، وتخلصها من كل عوارض المرض.
– بلغ مجموع الحالات التي شفيت تماما من فيروس كورونا منذ البداية حتى تاريخه، 141 حالة شفاء.
– تم إخراج حالة واحدة مصابة بفيروس كورونا من المستشفى إلى الحجر المنزلي، بعد تأكيد الطبيب على شفائها سريريا وابلاغها بكل التدابير والارشادات المتعلقة بالحجر المنزلي.
لمعرفة عدد الإصابات على الأراضي اللبنانية كافة، يرجى متابعة التقرير اليومي الصادر عن وزارة الصحة العامة».
وحده دمّك بيّ الكل
وانطلقت مسيرة في طرابلس من ساحة عبد الحميد كرامي إلى منزل الشهيد فوّاز السمّان، ردّد خلالها المتظاهرون شعارات مؤكدة على الاستمرار في الثورة حتى تحقيق المطالب ومنها «يا فوّاز كرهنا الذل، وحده دمّك بيّ الكل». وقد انضم مئات المتظاهرين الذين حضروا من مختلف المناطق اللبنانية إلى المسيرة.
كما حصلت تجمعات في باب التبانة، استنكارية لاطلاق النار على الشيخ موسى قرحاني، قبل غروب امس.
وفي البقاع، افاد التحكم المحوري ان طريق تلعبايا قطعت بالاتجاهين.
وفي بيروت، تعرّض فرع بنك «عودة» في النويري لقنبلة مولوتوف، الحقت اضراراً في الواجهة الخارجية.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الأخبار
صندوق النقد: الفقراء أكثر فقراً
تجارب دول مع صندوق النقد: المأساة الاجتماعية
«عندما يُفكّر الناس في الضرر الذي تُسبّبه الدول الغنية – التي تقودها الولايات المتحدة وحلفاؤها عادةً – لأشخاص آخرين في العالم، ربما سيُفكّرون في الحرب. لكن الدول الغنية لديها أيضاً سلطة كبيرة على حياة مليارات البشر، من خلال سيطرتها على مؤسسات عالمية، كصندوق النقد الدولي». هذا الموقف ورد في مقال نُشر في «الغارديان» البريطانية، في 27 تموز 2019. الحديث هنا عن صندوق النقد الدولي، المؤسّسة التي تضمّ 189 عضواً فيها، تُهيمن عليها خمس دول: الولايات المتحدة (16.74%)، اليابان (6.23%)، ألمانيا (5.81%)، فرنسا (4.29%) وبريطانيا (4.29%). «فيتو» من واشنطن وحدها كفيل بإلغاء أي قرار. ما تُسلّط «الغارديان» الضوء عليه، أنّ من غير المُمكن التعامل مع المؤسسات العالمية، بمعزل عن الصراعات الجيو-سياسية، والتصرّف وكأنّ «المال» أو «الثقافة» أو «الإنسانية» أمور مُنفصلة عن السياسة. ولمزيد من الشرح، يُقارن مقال «الغارديان» بين الإكوادور والولايات المتحدة الأميركية. البلد اللاتيني وقّع العام الماضي اتفاقية مع صندوق النقد لاقتراض 4.2 مليارات دولار على مدى ثلاث سنوات، «شرط طرد موظفي القطاع العام ورفع الضرائب بشكل يُضرّ بالفقراء وتخفيض الاستثمار العام، وتقليص الميزانية بنسبة 6% من الناتج المحلي الإجمالي طيلة فترة البرنامج… هل تتخيّل تقليص الميزانية الأميركية بمقدار 1.4 تريليون دولار؟». يُهدّد البرنامج نسف «عقد سابق من الإصلاحات السياسية». ولكن المشكلة في الإكوادور أنّ «الحكومة السابقة كانت يسارية ومُستقلة عن الولايات المتحدة. الآن، تكتسب إدارة دونالد ترامب قوّة هائلة في الإكوادور، عبر قرض صندوق النقد، وقرض بقيمة 6 مليارات دولار من مؤسسات متعددة الأطراف مقرها واشنطن».
قبل أيام، أعلنت الحكومة اللبنانية طلب برنامج مع صندوق النقد الدولي. يجري تصوير الخطوة على أنّها «الخلاص المُنتظر»، الذي سينتشل البلد من عجزه، ويُعيد تفعيل الحركة الاقتصادية، ويُغرق البلاد بالاستثمارات… «الغرق» حاصل فعلاً، ولكن بسبب الشروط التي سيفرضها «الصندوق» ولن يكون للحكومة «ترف» المفاوضة بشأنها. فحين تعلق السمكة في الصنّارة، تُصبح عودتها إلى المياه رهنا بالصيّاد: إما يُطلقها أو يرميها في سلّته.
يقول الاقتصادي الأميركي، جوزف ستيجلز، إنّ «الإصلاحات الاقتصادية التي يطلبها صندوق النقد كشروط ليُقدّم القروض، تسبّبت في كثير من الأحيان بنتائج عكسية للاقتصادات ومُدمّرة للسكان». في ما يأتي تجارب الأرجنتين، واليونان، ومصر، والأردن، وتونس مع المؤسسة الدولية.
الأرجنتين: مقامرة سياسية ضخمة
الأرجنتين هي واحدة من الدول الأعضاء في مجموعة العشرين (منتدى يُمثّل أكبر 20 اقتصاداً في العالم، وتستحوذ دوله على ثلثي التجارة العالمية وأكثر من 90% من الناتج العالمي)، وتُعدّ ثالث أكبر اقتصاد في أميركا اللاتينية… ومن «الأشهر» على مستوى الأزمات الاقتصادية. منذ العام 2001، يُعاني الاقتصاد الأرجنتيني من عجز وانكماش وتفاقم مُعدّلات الفقر وتجاوز معدّلات التضخم عتبة الـ50%. اللافت أن يكون صندوق النقد الدولي «مُواكباً» للأرجنتين خلال كلّ هذه السنوات، ويستمر في إغراقها بالديون من دون أن تظهر أي نتيجة إيجابية لعمله. فمشوار صندوق النقد في البلد اللاتيني، يعود إلى العام 1999، مع تبنّي خيار الخصخصة في قطاعات البترول والاتصالات والطاقة، والموافقة على كلّ «الأوامر». أما «مُساعدته» الأضخم، فكانت سنة 2018 يوم وافق الرئيس الأرجنتيني موريسيو ماكري، والذي يوصف بأنّه «صديق الأسواق المالية والمستثمرين»، على قبول قرض بقيمة 57 مليار دولار، أخذت منه الحكومة 44 مليار دولار، قبل أن تُعلن عدم قدرتها على إيفاء الدين. «مُقامرة سياسية ضخمة»، اعتُبر قرار ماكري. أما فرانسيس كوبولا، فكتب في «فوربس» مقالاً بعنوان: «صندوق النقد لم يتعلّم أي شيء من الأزمة اليونانية». ردّ الفعل المُعارض تبلور لأنّ الاقتصاد الأرجنتيني تدهور بسرعة كبيرة بمُجرّد المُباشرة في تطبيق البرنامج الأخير مع صندوق النقد، «وكانت المرّة الأخيرة التي شهدنا تدهوراً على هذا النحو، في اليونان سنة 2012»، بحسب كوبولا. استمر صندوق النقد في إقراض بلد غير قادرٍ على تسديد ديونه ويُعاني من الركود (الهبوط في النموّ). ارتفع الدين العام من 241 مليار دولار إلى 321 مليار دولار، وبات يُشكّل في الـ2019 أكثر من 90% من الناتج المحلي، بالتزامن مع انخفاض حادّ في قيمة العملة، فضلاً عن خروج رؤوس الأموال الأجنبية من البلد. فرضت الأرجنتين إجراءات تقشفية، مثل تخفيف الدعم على الكهرباء والمياه وزيادة الضرائب. ارتفع معدّل الفقر من 29% إلى 35%، وارتفعت الأسعار بمعدّل 5% كلّ شهر، وبالتالي انخفضت القدرة الشرائية لعدد هائل من المواطنين.
اليونان: برنامج سبّب البؤس
في نيسان 2016، نشر موقع «ويكيليكس» وثيقة تتضمّن محادثة بين رئيسة بعثة صندوق النقد إلى اليونان ديليا فيلكوليسكو، ومدير الإدارة الأوروبية في الصندوق بول تومسن، وإيفا بيتروفا العاملة في الصندوق. كانوا يبحثون كيفية فرض تخفيف أعباء الديون اليونانية على جدول أعمال الدائنين الأوروبيين. بمعنى آخر، أراد هؤلاء التهديد بالخروج من صفقة إنقاذ اليونان التي كانت قيمتها تبلغ 86 مليار يورو، والتوقّف عن دفع المال، لإجبار «الترويكا» الأوروبية على تخفيض ديون أثينا. لماذا أراد صندوق النقد تعريض اليونان لخطر الإفلاس؟ حتى تتدخل الدول الأوروبية، فتُساعد أحد أعضاء منطقة اليورو، وتستمر اليونان في تسديد ديونها، ومن بينها القروض لصندوق النقد. أثارت الوثيقة يومها ضجّة داخل الحكومة اليونانية، التي اتّهمت «الصندوق» بمحاولة «زعزعة الاستقرار السياسي في أوروبا».
وكشفت وثيقة «ويكيليكس» أيضاً أنّ رئيسة بعثة صندوق النقد إلى اليونان كانت «مُتفاجئة» من أنّ اليونان «استسلمت للإجراءات»، التي وصفها وزير المالية اليوناني، اقليدس تساكالوتوس بـ«القاسية»، وتضمنت الاقتطاع من المعاشات التقاعدية. تسبّب البرنامج بالبؤس للسكان، الذين خسر معظمهم ثلث رواتبهم، وارتفعت البطالة إلى نسبة 27.8 في الـ2014 قبل أن تنخفض حالياً إلى 16.4%، وبات يُغادر اليونان سنوياً 100.000 شخص منذ بدء الأزمة في الـ2010، وبلغت نسبة الدين إلى الناتج المحلي الإجمالي 180.2% في نهاية الربع الثاني من العام الماضي، وباتت المصارف مُثقلة بالقروض غير المُسدّدة.
مصر: «نجاح اقتصادي»… وارتفاع نسبة الفقراء
في تشرين الثاني 2016، وقّعت مصر اتفاقية دين مع صندوق النقد الدولي بقيمة 12 مليار دولار، حين كانت تُعاني من ارتفاع في عجز الحكومة والدين العام، وانخفاض الاحتياطي في العملة الأجنبية، وانخفاض معدل النمو الاقتصادي، واتساع الفارق بين أسواق العملات الرسمية وغير الرسمية. الاتفاقية لم تدخل حيّز التنفيذ قبل أن تُحرّر مصر سعر صرف الجنيه وتُخفّض الدعم للوقود والمواد الغذائية وتبيع أملاكاً للدولة وتفرض ضرائب جديدة. نفّذت مصر، بقيادة عبد الفتّاح السيسي، كلّ ما هو مطلوب منها. وعندما أراد «الصندوق» المزيد من التنازلات، أوقف الدفعة الخامسة من القرض، حتّى ألغت الحكومة كلّ الدعم لأسعار الطاقة. ما حصل أنّ تحرير سعر الصرف أدّى إلى ارتفاع كبير في التضخم (ارتفاع المستوى العام للأسعار لكافة السلع والخدمات)، ما أثّر على معيشة السكان. ارتفعت في الـ2016 أسعار الوقود المدعوم بنسبة تراوح بين 30 و 46.8%. وسنة 2017، رُفعت أسعار الدواء ما بين 15 و20%. ارتفعت الضريبة على القيمة المُضافة من 10% إلى 14%، مع استثناء بعض المنتجات الغذائية الأساسية، إضافة إلى خفض الإنفاق العام على الصحة والتعليم. تزامنت الإجراءات المصرية مع اكتشاف احتياطيات كبيرة من الغاز في البحر، إلا أنّ ذلك لم يؤثّر على مجمل الصادرات المصرية، وبالتالي لم يُسهم في خلق فرص العمل إلا في هذا القطاع.
«من المثير للاهتمام كيف يتم ربط النجاح الاقتصادي في مصر بزيادة كبيرة لنسبة الذين يعيشون تحت خط الفقر»، كما كتب الصحافي أمير خفاجي في موقع «Open Democracy» سنة 2019. فوفق مسح رسمي لدخل الأسرة والإنفاق والاستهلاك (HIECS)، ارتفعت نسبة الفقراء من 27.8% في الـ2015 إلى 32.5% في الـ2017. ولكن كيف نما الاقتصاد بمعدّل 4.2% سنوياً، ونما دخل الفرد بنسبة 2%، وانخفضت البطالة من 13.1% إلى 8.1% ما بين الـ2014 والـ2018؟ «الملايين من المصريين يتقاضون أقل من الحدّ الأدنى، والنمو يطال فئة الـ1% من السكان».
الأردن: استمرار ارتفاع الدَّين الحكومي
وافق صندوق النقد، في آب 2016، على منح الأردن قرضاً بقيمة 723 مليون دولار على ثلاث سنوات. إلا أنّه لم يكن القرض الأول، ولا التجربة «الفاشلة» الأولى. فمنذ الـ2012، لم تنجح القروض في خفض الدين الحكومي في الأردن، على الرغم من تشديد الإجراءات التقشفية. وحتى في 2017، بعد سنة من بدء البرنامج الجديد، قال مدير إدارة التواصل في صندوق النقد، جيري رايس إنّه «من أجل إنهاء الزيادة السريعة في الدين العام، يجب توسيع القاعدة الضريبية كجزء من إصلاح الإيرادات. لم نوصِ بالمنتجات التي يجب أن تخضع لضرائب أعلى، وأكّدنا عدم رفع أسعار السلع التي يستهلكها الفقراء». ولكن في العام 2018، اندلعت احتجاجات في البلد بسبب خفض الإنفاق الحكومي على الأمور الأساسية وارتفاع الأسعار والتعديلات على ضريبة الدخل. وفي تقرير التنمية في العالم 2019، ظهر تخفيض الحدّ الأدنى للأجور في الأردن، وعقود الساعة الصفر، مع تجاهل حقوق العمال الأساسية.
على الرغم من ذلك، جرى تسويق الأردن كنموذج ناجح لصندوق النقد. في ورقة بحثية أعدّها كلّ من جين هاريجان وحامد السعيد وتشينغانغ وانغ، يظهر أنّ ذلك «مُبالغ فيه، وجرى اللجوء إليه لتبرير استمرار الدفع للأردن»، مُلمّحين إلى أنّ للأمر علاقة بالتحالف مع الولايات المتحدة الأميركية. فالأرقام التي استُخدمت في الدراسة لم تكن موثوقة، والأردن لم يلتزم بـ«الإصلاحات المُوجّهة»، وتقييم البرنامج «استند إلى نتيجة النمو وليس إلى مصدر النمو، الذي لم يترافق مع تحسينات إنتاجية كبيرة وتركّز في قطاع واحد، ما يُثير تساؤلات بشأن الاستدامة الطويلة الأجل لنتائج النموّ».
تونس: برنامج «الصندوق» في خدمة «الفساد»
تملك تونس تاريخاً طويلاً مع صندوق النقد الدولي. فبين عامَي 1987 و2001، وقّع صندوق النقد 9 اتفاقيات قروض مع تونس، من دون أن يشهد البلد النمو المطلوب. على العكس من ذلك، أدّت سياسة الخصخصة والتقشّف إلى تفاقم «بؤس السكّان» عبر غياب خطط للحماية الاجتماعية، وتعطيل تنمية القطاعات الإنتاجية، وبالتالي خلق فرص العمل. كانت النتيجة، يومها، ارتفاع مستوى «الفساد» وتركّز الثروة في يد المُقربين من الرئيس السابق زين العابدين بن علي.
في الـ 2013، جرى توقيع قرض جديد بقيمة 1.74 مليار دولار. ارتفاع كلفة المعيشة، وفرض ضرائب جديدة، مع خفض الدعم المُقدّم للسكّان، أدّت إلى اندلاع احتجاجات شعبية. فمنذ تقديم البرنامج، ارتفع متوسط التضخم أكثر من 6%، وأسعار المواد الغذائية 10%، وأسعار الكهرباء والغاز المنزلي 10%. استمرت «الزيادات» في الـ 2014 لتشمل الضرائب على المركبات، ما أثّر بشكل مباشر على سائقي سيارات الأجرة والمزارعين. اتجهت تونس إلى خصخصة ما تبقى من أملاك الدولة، وحرّرت الأسواق المالية، وانخفضت قيمة العملة، وخفّضت الإنفاق الحكومي. ثم انطلقت في الـ 2016 للاقتراض مُجدّداً من صندوق النقد، طالبة 2.8 مليار دولار أميركي على أربع سنوات. حصلت تونس على 320 مليون دولار في الدفعة الاولى، فيما جُمّدت الدفعة الثانية (350 مليون دولار) بسبب عدم اتخاذ إجراءات إضافية في ما خصّ إلغاء ما يصل إلى 20 ألف وظيفة في القطاع العام، وبيع حصص في البنوك التجارية، وزيادة الضرائب، ما دفع الاتحاد النقابي الدولي إلى القول بأنّ «الإملاءات الأيديولوجية لصندوق النقد ستُلقي بالآلاف في براثن الفقر».
الجزائر: نكره الاقتراض من الأجانب
الجزائر من الحالات القليلة في العالم، العربي تحديداً. قبل أيام قليلة، أعلن الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون أنّ بلاده لن تطلب قرضاً من صندوق النقد الدولي، على الرغم من الأزمة المالية التي نجمت عن انهيار أسعار النفط العالمية وإغلاق البلاد بسبب وباء «كوفيد – 19». وأعلن خلال لقاء مع وسائل الإعلام الجزائرية أنّ «تراكم الديون يضرّ بالسيادة الوطنية. الجزائر تُفضّل الاقتراض من مواطنيها بدلاً من صندوق النقد الدولي أو البنك الدولي»، مُذكّراً بالديون الثقيلة التي حملتها الجزائر في التسعينيات بسبب برنامج مع صندوق النقد، ومُعرباً عن رفضه الاقتراض من البنوك الأجنبية، لأنّ ذلك «سيمنع الجزائر من توضيح موقفها بشأن قضايا، من بينها مصير الفلسطينيين والصحراء الغربية».
الخطة الحكومية «أدّت وظيفتها»: التشخيص لنا والقرار لصندوق النقد
بعد غد سيعقد اجتماع بعبدا بمن حضر. وبالرغم من التوتر الذي ساد خط رئاسة الجمهورية ــ كتلة المستقبل، إلا أنه لن يكون له تأثيره على مسار الاجتماع. في الأساس لا وظيفة تقنية لهذا اللقاء أو تأثير على مسار الخطة الحكومية. أدّت الحكومة قسطها، وبات القرار بيد صندوق النقد!
تحوّل الاجتماع التشاوري الذي دعا إليه رئيس الجمهورية يوم الأربعاء إلى مادة للهو السياسي. لم تعد الخطة الاقتصادية التي أقرّتها الحكومة هي الحدث. «المعارضة» أخذت النقاش إلى مكان آخر. كل من أركانها تدلل، ساعياً إلى إفراغ الاجتماع من مضمونه. الأساس أنه إن كان رئيس الجمهورية يريد أن يعطي مشروع الحكومة الغطاء السياسي، فإن في المقابل من حسم أمره بمواجهة الحكومة والعهد معاً. وتحت هذا العنوان، لن تُترك فرصة من نوع الاجتماع التشاوري من دون استغلالها في الصراع السياسي الذي يحتدم يوماً بعد آخر. لكن المشكلة أن ضحالة السياسة سمحت بأن يتحول اجتماع شكلي إلى حدث أول في بلاد تغرق في مآسيها.
تُقرأ مبادرة رئيس الجمهورية على أنها لزوم ما لا يلزم، بعد إقرار الخطة. ربما كانت مفيدة أكثر قبل إقرارها. هذا رأي كتلة المستقبل، أو حجتها لعدم الحضور. على الأقل كان رئيس الجمهورية، كما رئيس الحكومة، قد تخفّفا من ثقل قرار الارتهان لصندوق النقد الدولي، بحجة أن الأغلبية تريد هذه الخطوة. كان ذلك سيقلل من حدة الاستدارة التي وصلت في النهاية إلى توقيع رئيس الحكومة ووزير المالية طلب برنامج إنقاذي من الصندوق.
عدم مشاركة المستقبل في اللقاء ليس مفاجئاً. المفاجأة ستكون في مشاركته. الحريري، أو من ينوب عنه، سيكون شاهد زور على خطة أُقرّت، فكان الانسحاب. لكن المشكلة في انتقاد فكرة الاجتماع بذاتها. اجتماع رؤساء الكتل النيابية تكرر مراراً أيام كان الحريري في رئاسة الحكومة، ولم يُسمع منه اعتراض أو انزعاج. الظروف تغيّرت. اليوم، والحريري خارج السلطة، صار اجتماع كهذا في خانة الاعتداء على صلاحيات رئاسة الحكومة وعلى النظام البرلماني برمّته. تلك الفكرة نفسها التي يغزل عليها المستقبل في هذه المرحلة. كانت البداية الأوضح في بيان رؤساء الحكومة السابقين. وها هي كتلة المستقبل «تلفت الانتباه الى ممارسات وفتاوى سياسية وقانونية تتجاوز حدود الدستور، لتكرّس مفهوم النظام الرئاسي على حساب النظام الديموقراطي البرلماني».
ذلك استدعى رداً من رئاسة الجمهورية ثم رداً على الرد من المستقبل. الأول أعاد تأكيد أن الهدف من الدعوة هو الاطلاع والتشاور في مسألة تهمّ جميع اللبنانيين، بعيداً عن «تضليل المستقبل» و»منطقه الأعوج»، كما وصفت الرئاسة بيان المستقبل. الكتلة رأت أن ردّ رئاسة الجمهورية يقدم مادة إضافية للشكوك التي تحيط بالدعوة إلى الاجتماع.