افتتاحيات الصحف اللبنانية، يوم السبت 13 حزيران، 2020

إفتتاحيات الصحف اللبنانية، يوم الخميس 16 أيار، 2019
إفتتاحيات الصحف اللبنانية، يوم الإثنين 23 تموز، 2018
إفتتاحيات الصحف اللبنانية، يوم الخميس 27 أيلول، 2018

البناء
استنفار رئاسيّ وحكوميّ وماليّ ينتهي بحماية سعر الـ«3200»… وإبراهيم منسقاً
شغب وفلتان وحرائق في بيروت وطرابلس وقطع طرقات… والجيش ينفذ حملة سيطرة
«القوميّ»: المصلحة الوطنيّة بأولويّة الأمن الغذائيّ والانفتاح على سورية وضرب تجار الأزمة

رغم القرارات الصادرة عن اللقاءات الرئاسية والحكومية والمالية في بعبدا وقبلها في السراي الحكومي، وبدء ظهور نتائجها بتراجع سعر صرف الدولار إلى ما دون سقف الـ 5000 ليرة، شهدت مناطق بيروت وطرابلس وعدد من طرقات الجنوب والبقاع والشمال، تصعيداً تمثل بأعمال شغب وتكسير وإحراق محالّ، وقطع طرقات، بصورة عمّمت القلق والمخاوف من انتشار الفوضى، وما ينفتح معها من أبواب للفلتان الأمني، ودخول مجموعات منظمة ذات مشاريع تخريبية على الخط.
الانفجار الشعبي الذي ظهر ليل أمس ترجم بملاقاته سياسياً على مستوى رئاسي تمثل بلقاء رؤساء الجمهورية ومجلس النواب والحكومة، وظهور إجماع على التمسك بالحكومة ورئيسها من جهة، خلافاً لكل ما روّجت له بعض الأوساط الداخلية والخارجية عن وجود نيات لإطاحة الحكومة لدى حلفائها، وكذلك ظهور توافق على تفعيل مؤسسة المجلس المركزي في مصرف لبنان، وليس الذهاب لإقالة الحاكم، كما سوقت أوساط مقابلة، فشهد يوم أمس قسمَ يمين نواب حاكم مصرف لبنان ورئيسة وأعضاء لجنة الرقابة على المصارف، تمهيداً لبدء عملهم، وكانت حصيلة المشاورات قد أفضت إلى جملة إجراءات سيتولى تنسيقها المدير العام للأمن العام اللواء عباس إبراهيم، الذي برز في اجتماعات السراي الحكومي، محور الربط بين الحكومة ومصرف لبنان وجمعية المصارف. وهذا ما توّجته اجتماعات بعبدا بتشكيل خلية أزمة تضم جميع المعنيين بالشأن المالي، إضافة إلى إبراهيم الذي سيتولى عملياً مسؤولية تنسيق عمل الخلية.
القرار العملي تمثل بالتفاهم على تثبيت سعر الصرف عند حد الـ 3200 ليرة انطلاقاً من سعر أول هو الـ 3980 الذي حددته نقابة الصرافين لبيع الدولار، وذلك من خلال التزام مصرف لبنان بتأمين الدولارات اللازمة للصرافين وفقاً لطلبات شراء معللة، والتزام المصارف بعدم قبول أي دولارات من زبائنها ليست حاصل شراء من صرافين مرخصين.
تفاعل الشارع مع القرارات الحكومية كان بطيئاً، خصوصاً في ظل مناخات من الغضب التي تطال حاكم مصرف لبنان، والتوقعات التي تمّ ترويجها عن إمكانية إقالته، بعدما شكّلت الإقالة مطلباً للشارع الغاضب، فكانت المشاهد التي عرفتها بيروت ليلاً مصدراً للشغب والتخريب، بينما كان لشوارع مقابلة حضورها على طرقات الجنوب والبقاع، بقطعها بالعوائق والإطارات المشتعلة، فيما شهدت طرابلس حملات كرّ وفرّ بين القوى الأمنية والمتظاهرين، وهو ما تحوّل إليه المشهد في بيروت بعد بدء الجيش حملة سيطرة على الموقف تمكن خلالها من استعادة ساحتي الشهداء ورياض الصلح من أيدي المتظاهرين عند منتصف الليل، بينما دعت مجموعات يساريّة من الحراك الشعبي يتصدّرها الحزب الشيوعيّ لتحرّك يبدأ من أمام وزارة المالية بعد ظهر اليوم ويتجه نحو جمعية المصارف.
الحزب السوري القومي الاجتماعي أكد في بيان على مسؤولية الحكومة عن ضمان الأمن الغذائي للبنانيين، ودعاها للمبادرة لوضع المصلحة الوطنية فوق كل اعتبار آخر، ومقاربة القضايا بعين هذه المصلحة، عبر الذهاب لشراء المشتقات النفطية من دولة لدولة، وتسريع الانفتاح على سورية والتوجه نحو سوق مشرقية، بعيداً عن حسابات الاسترضاء للخارج بما يؤذي لبنان، والتشدد في ضرب تجار الأزمات، وتحمل المسؤولية بالقيام بما يلزم لمراقبة الأسواق وضمان منع تكرار الأزمات كل مرة بعنوان جديد، من المحروقات إلى الخبز وصولاً للدولار.
رأى الحزب السوري القومي الاجتماعي، أنّ تردي الأوضاع الاقتصادية في لبنان بلغ حداً خطيراً، وأفقد اللبنانيين القدرة على تحمّل أعباء كلفة المعيشة، وإذا ما استمرّ الوضع على ما هو عليه، فإنّ التداعيات ستكون كارثية، والحلول التي قد تكون مجدية اليوم، لن تعود مجدية في المقبل من الأيام.

وشدّد الحزب في بيان على أنّ الأمن الغذائي والاجتماعي جزء لا يتجزأ من الأمن الوطني، ومسؤولية الحكومة أن تحقق لمواطنيها الأمن الغذائي والأمن الاجتماعي، وأن تضرب بيدها على الطاولة وتقول هذه هي مصلحة لبنان العليا، وهذه مصالح اللبنانيين ومقتضيات عيشهم الكريم. ولا يرى الحزب سبباً لكي نشهد كلّ يوم افتعال أزمة جديدة. فاللبنانيون ينامون على أزمة رغيف ويصحون على أزمة محروقات، وما بينهما من تراكم أزمات، علماً أنّ هذه المواد مدعومة، وأسعار المازوت والبنزين انخفضت عالمياً، فلماذا لا تبادر الدولة الى تأمين المشتقات النفطية بعقود بين دولة ودولة، وتضع حداً لتجار الأزمات والمافيات وكلّ أشكال الفساد؟

ونّبه الحزب من محاولات التضليل التي ترمي إلى التعمية على أسباب تردّي الأوضاع الاقتصادية والمعيشيّة في لبنان، بإرجاعها تارة إلى معابر التهريب وتارة أخرى إلى سلاح المقاومة. إنّ هذه التعمية إن لم تكن ناتجة عن قصور في إدراك الأسباب الحقيقية المولدة للأزمات، فإنها بالتأكيد متعمّدة وتخدم أجندات خارجية.

واعتبر أنّ جديّة المعالجات تحتاج إلى حزم في اتخاذ القرارات، وبدلاً من أن نرى الحكومة مرتبكة تجاه الخارج حيال بعض المسائل بذريعة العقوبات الأميركية ومفاعيل «قانون قيصر» وما قد ينتج عن ذلك من ضغوط سياسية واقتصادية، عليها أن تضع المصلحة الوطنية فوق كل اعتبار.

ولفت الى أن المصلحة الوطنية تتحقق بفتح الحدود مع سورية لتصدير الإنتاج اللبناني إلى الخارج واستيراد ما يحتاجه لبنان من السلع والمواد بالتنسيق والتعاون والتآزر اقتصادياً بين دول المشرق، لكون لبنان هو المستفيد الأول.

وتوزّع محور أحداث يوم أمس، بين القصر الجمهوري والقصر الحكومي اللذين تناوبا على تطويق تداعيات الانفجار الشعبي في الشارع إثر ارتفاع سعر صرف الدولار، الذي سجل انخفاضاً ملموساً أمس، في الأسواق وذلك بعد سلسلة قرارات اتخذها الرؤساء الثلاثة ومجلس الوزراء في اللقاء الرئاسي الثلاثي وجلستي المجلس في بعبدا والسرايا الحكومي.

وتمكن مجلس الوزراء وبجهود من رئيس الحكومة الدكتور حسان دياب من انتزاع وعدٍ من حاكم مصرف لبنان رياض سلامة بضخ دولارات في السوق بسعر 3850 ليرة، فيما وعد رئيس المجلس النيابي نبيه بري الذي لعب دوراً أساسياً في بلورة الاتفاق، بأن التخفيض سيبدأ حقيقة اعتباراً من الاثنين، وإلى ما دون 4000 ليرة للدولار الواحد، وصولاً الى 3200 ليرة وأن الاتفاق تمّ على الإجراءات.

وأعلن وزير المال غازي وزني بعد انتهاء الجلسة أن الدولار انخفض وسينخفض اكثر. وبعد إعلان عن الاتفاق سجل سعر صرف الدولار ليل أمس، انخفاضاً ملحوظاً، حيث بلغ 4550 للشراء و4700 للمبيع.

واتخذ مجلس الوزراء جملة قرارات هامة أبرزها: تكليف وزيرة العدل، الطلب من النائب العام التمييزي إجراء التعقبات بشأن ما اثير ويُثار من وقائع ملفقة او مزاعم كاذبة لإحداث التدني في اوراق النقد الوطني والذي أدى الى زعزعة الثقة في متانة نقد الدولة تمهيداً لإحالة ما ينتج عن تلك التحقيقات من دعاوى على القضاء المختص بما فيه المجلس العدلي.

تشكيل خلية أزمة برئاسة وزير المالية مهمتها متابعة تطورات الوضعين المالي والنقدي وتطبيق القرارات وعلى أن تجتمع هذه الخلية في وزارة المالية مرتين في الأسبوع على الأقل ويقدم من خلالها حاكم مصرف لبنان تقريراً مفصلاً عن تلك التطورات وترفع خلاصة عملها بشكل دوري الى رئيس مجلس الوزراء تمهيداً لعرض الموضوع على مجلس الوزراء.

الطلب من الأجهزة الامنية التشدد في قمع جميع المخالفات المتعلقة بالجرائم المشار إليها أعلاه لاتخاذ الإجراءات القانونية بحق المخالفين.

وسبق جلسة المجلس لقاء ضم الرؤساء الثلاثة ميشال عون ونبيه بري وحسان دياب، وذلك بعد اتصال أجراه دياب بعون صباح أمس تمنى عليه الدعوة الى لقاء للرؤساء الثلاثة للتداول في المستجدات الجديدة. ووضع الرئيس دياب خلال اللقاء الرئيسين عون وبري في أجواء جلسة المجلس الصباحية في السرايا الحكومية، بعد أن أجرى دياب اتصالاً هاتفياً ببري وضعه في أجواء الاتفاق بين الحكومة ومصرف لبنان وجمعية المصارف ونقابة الصرافين.

وأعلن بري بعد الاجتماع الاتفاق على تخفيض قيمة الدولار إزاء العملة اللبنانيّة وصولاً إلى 3200 ليرة ابتداء من اليوم. وأكّد أنّه «تم الاتفاق على مخاطبة الـIMF بلغة واحدة». وعن إقالة حاكم مصرف لبنان رياض سلامة، قال بري: «نحن الآن بحاجة لكل الناس وليس للاستغناء عنهم».

وأكد الرئيس عون خلال الجلسة، ان «ما حصل جعلنا نتساءل هل الرقم الذي أعطي لسعر الدولار هو شائعة تم تعميمها، لينزل الناس الى الشوارع للاعتراض فحصلت مواجهات وأعمال شغب؟ ما يدفعنا الى السؤال: هل هناك لعبة سياسية ام مصرفية او شيء آخر يجدر بنا التفكير فيه؟».

أضاف: «بدا الاعتراض في الشارع وكأنه منظم ويستهدف الحكومة، لأن خبراء أكدوا انه لا يمكن للدولار أن يرتفع قياساً الى الليرة اللبنانية الى هذا الحد»، وأشار الى ان هذه الحكومة سوف تطمئن الجمهور، ويفترض ان يتراجع سعر صرف الدولار تدريجاً».

من جهته، اعتبر دياب أن «ارتفاع سعر صرف الدولار مقابل الليرة الذي أحدث ضجة في البلاد، لا تسقط حكومة فحسب، بل تودي بالبلد بالكامل»، وقال: «البلاد لم تعُد تحتمل خضات إضافية ومطلوبة إجراءات قاسية لوضع حد لأي شخص او جهة تلجأ الى احداث خضات. لا بد من اتخاذ إجراءات عملية تعطي مناعة اكبر للحكومة والدولة لمواجهة خضات من هذا النوع».

وبدأ النهار النقدي والمالي الطويل بلقاء بين المدير العام للأمن العام اللواء عباس إبراهيم وحاكم مصرف لبنان ورئيس جمعية المصارف سليم صفير في السرايا الحكومية، حيث تولى إبراهيم الوساطة بين الحاكم والحكومة للتوصل الى الحل المناسب.

ثم انعقدت الجلسة الصباحية في السرايا برئاسة دياب بحضور سلامة وصفير وإبراهيم ونقابة الصيارفة، وذلك بعدما حاولت جمعية المصارف التهرب من حضور الجلسة ما أثار امتعاض عددٍ كبير من الوزراء، بحسب ما علمت «البناء» متهمين الجمعية بالتخلف عن حضور الجلسة لمصالح شخصية والتنصل من مسؤوليتها في المشاركة في حل أزمة وطنية هم شركاء في صناعتها، لكن رئيس الحكومة أصرّ على حضور الجمعية، فعمل اللواء إبراهيم على إقناع صفير بالدخول الى الجلسة.

وقد ظهر الامتعاض والتعب واضحاً على محيا سلامة لدى دخوله الجلسة التي شهدت سجالات وسخونة حادة لافتة بين رئيس الحكومة وفريقه الوزاري وعدد من الوزراء الآخرين من جهة والحاكم سلامة وصفير من جهة ثانية حيث أبلغ دياب الجميع إصراره على التوصل الى حل واضح اليوم لمسألة الدولار وطمأنة اللبنانيين والشارع الذي انتفض أمس. كما وجّه رئيس الحكومة وعدد من الوزراء انتقادات لاذعة للسياسة النقدية التي اتبعها مصرف لبنان والحاكم سلامة وجمعية المصارف.

وعلمت «البناء» أن سجالاً حصل بين وزير التربية طارق المجذوب ورئيس جمعية المصارف سليم صفير، على خلفية تحميل المجذوب المصارف مسؤولية أساسية في ما آلت اليه الأوضاع، فرد صفير بأن المصارف ساهمت في إنماء وإعمار البلد فتدخل رئيس الحكومة لتهدئة الوضع. كما وجهت وزيرة المهجرين غادة شريم انتقادات لاذعة لسياسات حاكم مصرف لبنان والمصارف.

أما الموقف الأعنف ضد ثنائي المصارف والمصرف المركزي فجاء في مداخلة ناريّة لوزيرة العدل ماري كلودين نجم التي شكلت مضبطة اتهام لسلامة، اذ توجهت بكلامها الى الأخير بالقول: «انت مسؤول لانك مؤتمن على سلامة النقد والحكومات المتعاقبة والمصارف تتحمل أيضاً المسؤولية عما وصلنا اليه. التدقيق يجب ان يطال الحاكم ونوابه والمجلس المركزي وكل من تولى مسؤولية عامة في مجال المالية من وزراء ومديرين عامين ومفوضي حكومة». وطالبت نجم بأن يبدأ التحقيق بأسرع وقت وان يمنع كل هؤلاء من السفر طيلة التحقيق وان ترفع السرية عن حساباتهم وممتلكاتهم.

وقالت لسلامة: “يللي حامل 4000 $ على الموتوسيكل بالضاحية مش هو سبب الأزمة. 17 تشرين مش سبب الأزمة. هذه نتائج الازمة. والازمة نتيجة سياسات مالية خاطئة لا بل مجرمة أدت الى هدر المال العام وتعميم الفساد بالدولة. الأزمة نتيجة هندسات مالية جرت لتغطية خسائر المصارف التي قامت باستثمارات فاشلة خارج لبنان».

وأضافت: “انت مسؤول عن سلامة النقد الوطني وضروري تلاقي حل. مش عم أفهم صرلكم اشهر تصدرون تقارير تطمئن لسلامة الليرة وإذا بالدولار يقفز دون رقيب او رادع».

وبحسب معلومات «البناء» فقد نشطت الاتصالات مساء الخميس لاحتواء تداعيات التحركات الشعبية وضبط سعر الصرف، وذكرت المعلومات أن «الرئيس دياب أجرى اتصالات حتى ساعات متأخرة من ليل (الخميس) مع القوى السياسية، لمعرفة موقفها من إقالة سلامة، لكن أغلب القوى أبدت رفضها أي خطوة في المجهول مع غياب البديل، وان وجود أربعة نواب للحاكم من شأنه ضبط أداء المركزي، عدا الخشية من أن إقالته من دون الاتفاق على بديل لسلامة قد يجعل الوضع متفلتاً أكثر وقد يصل سعر الدولار الى 20 الف ليرة».

وأشارت مصادر مطلعة لـ»البناء» إلى أن إقالة سلامة لم يحن أوانها، لأسباب عدة منها عدم الاتفاق على بديل وثانياً المخاوف من ارتفاع سعر الصرف الى 10 آلاف ليرة وأكثر في حال الإقالة من دون تحسب وضوابط، مشيرة الى أن البديل حالياً هو تقييد الحاكم بمجلس الحاكميّة ومفوض الحكومة لدى المصرف ولجنة الرقابة على المصارف. وهذا كان السبب الاساسي لتعيينهم لملء الفراغ في الحاكمية في اتخاذ القرارات بالتصويت، علماً أن مفوض الحكومة يستطيع إلغاء أي قرار يتخذه الحاكم او حتى مجلس الحاكمية.

واتخذ المجلس في جلسة السرايا قراراً بضخ الدولارات في الأسواق. وأشار وفد نقابة الصيارفة، بعد انتهاء الجلسة، إلى انّ «ضخ الدولارات هو لتلبية حاجات المواطنين من المستلزمات الضرورية وخلص الاجتماع الى دعم القوى الأمنية لقمع السوق السوداء من أجل مساعدة الصرافين المرخصين لضبط الدولار». وأكّد أن «هناك إصراراً لدعم الدولار مادياً وليس بالكلام فقط كما كان يجري سابقاً»، لافتاً الى انّ «المشكلة كانت إجمالاً بسبب ضخّ الدولار لذلك البنك المركزي يضخ دولاراً نقدياً استثنائياً من خلال الصيارفة الفئة «أ» وسنرشّد بيع الدولار». وأشار الوفد الى انّ «سلامة صرّح للمجتمعين انّ هناك دولاراً يكفي لتسديد حاجة المواطنين شرط أن نقوم نحن بترشيد البيع ولن نبيع الدولار لمن يقوم بالمضاربة على الليرة اللبنانية». وقال: «سنلتزم ببيع الدولار بسعر 3940 ليرة لبنانية»، مضيفاً: «ما فينا نعرف لأيمتى فينا نضاين». وشدّد الوفد على انّ «كل شيء خارج إطار دعم المصرف المركزي للصيارفة فئة «أ» يعتبر سوق سوداء»، معلناً انّ «المصارف لن توافق على تسلم الدولار إلا بموجب إشعار صادر عن صراف من فئة أولى مرخص».

وأوضح خبراء في الشأن الاقتصادي والمصرفي ​أن «هناك بعض الآليات سيتم اعتمادها لضخ ​الدولار​ في الأسواق ومن ضمن هذه الآليات أن يتقدم الصراف بطلب الى مصرف ​لبنان​ وخلال 48 ساعة يقوم ​المركزي​ بإرسال الموافقة للمصرف المعتمد من أجل شحن الأموال من الخارج، أما الخيار الثاني المتبع فهو السماح للصيارفة بشراء الدولار من شركات التحويلات المالية بسعر متفق عليه».

وانعكست نتائج اللقاءات والجلسات والقرارات المتخذة هدوءاً حذراً في الساحات والشوارع التي سجلت تراجعاً كبيراً في الزخم الشعبي في ساعات النهار، رغم بعض الخروقات في بعض مناطق الشمال والبقاع والجنوب وجسر الرينغ. ما يفسر بحسب مراقبين وجود أيادٍ سياسية مالية مصرفية داخلية وخارجية للتلاعب بالنقد الوطني عبر أساليب «غب الطلب» على إيقاع المصلحة السياسية الخاصة. مشيرة الى دور رئيسي للولايات المتحدة وأدواتها السياسية والمالية في الداخل.

واتهم النائب حسن فضل الله الولايات المتحدة بالضلوع في عمليّة التلاعب بسعر الصرف، واعتبر في حديث تلفزيوني إلى أن «الخطأ الأساسي في مشكلة تدهور سعر الصرف هو تحويله سلعة تجارية خاضعة للعرض والطلب، وهو ليس وليد اليوم، وأول مشكلة هي الموضوع البنيوي، والشح في كمية ​الدولار​ وتجاره، و​الولايات المتحدة​ فرضت ضغوطاً حتى لا يصل الدولار إلى ​لبنان​ وهو سبب خارجي من أجل حصار لبنان، فشركات نقل الأموال و​البنك المركزي​ لا يمكنهم إدخال الدولار إلى البلد، وثانياً هم مَن سحب الدولار من السوق، ووفق معلوماتنا أنه من آب 2019 هناك من يعمل على سحب الدولار من السوق وكميات ضخمة سحبت من السوق وأُرسلت إلى خارج الأراضي اللبنانية، واتضحت الصورة من خلال ​القضاء​، والأموال اشتريَت من السوق وهرّبت إلى خارج لبنان».

إلا أن أعمال الشغب والمواجهات اشتعلت في ساعات المساء واستمرّت الى ما بعد منتصف الليل في ساحة الشهداء وسط بيروت وساحة النور في طرابلس، حيث عمد عدد من ​مثيري الشغب على تحطيم واجهات عدد من المحال التجارية وإحراق مبنى العازارية في وسط بيروت وسط مواجهات وعمليات كر وفر بين المحتجين والقوى الأمنية. كما اندلعت مواجهات عنيفة في طرابلس بعدما اعتدى مثيرو الشغب على الجيش بالحجارة والمفرقعات ما أدى الى وقوع اصابات.

وأقفل آخرون أوتوستراد الناعمة جزئياً على المسلك المؤدي من بيروت إلى الجنوب قبل ان تعيد القوى الأمنية فتحها. كم نظمت وقفة احتجاجية امام وزارة الداخلية في الصنائع.

على صعيد آخر، ردت نائبة رئيس الحكومة وزيرة الدفاع الوطني زينة عكر على رئيس الحكومة السابق سعد الحريري عن وجودها في السراي، مؤكدة أن ذلك غير صحيح. وقالت: «بناءً على طلب رئيس الحكومة أنا في السراي للمشاركة في كل اللجان، وكل نواب رؤساء الحكومات السابقين كانوا يقومون بالعمل نفسه».

 


ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

 

اللواء
قلب بيروت يحترق.. والسلطة تمارس «هواية الترقيع»!
سلامة بدأ تغذية السوق بعد إعلان برّي تخفيض الدولار.. ولا لحوم في الأسواق بدءاً من اليوم

مَنْ يلوي ذراع مَن: الشارع المتجد إلى العنف الليلي، عبر الحرائق والحجارة، والتصدي للقوى الأمنية، أو السلطة، التي لم ترتقِ اجراءاتها إلى مستوى ما يجري على الأرض، ويهدّد ليس إسقاط حكومة، بل إسقاط بلد (والتعبير للرئيس حسان دياب)، بل اكتفت بإجراءات، بعضها قضائي، والآخر عدلي، والثالث أمني، وصولاً إلى وضع حاكم مصرف لبنان رياض سلامة، الذي نجا «بجلده» كما يقال، وتعهد بضخ دولارات في الأسواق، عبر نقابة الصرافين لوقف الصعود الهستيري للدولار، الذي تجاوز الـ5000 ليرة، بعد ان نجح الرئيس نبيه برّي، بإبعاد «كأس الاقالة» عن الحاكم، بعد الكشف عن آلية لتخفيض سعر الدولار إلى ما تحت الأربعة آلاف ليرة لبنانية.

وكشفت مصادر (المستقبل ويب) اطلعت على أجواء لقاء بعبدا بين رؤساء الجمهورية ومجلس النواب والحكومة بعد ظهر أمس، ان الرئيس نبيه برّي تصدّى لاتجاه كان جدياً منذ يوم أمس الأوّل ويرمي إلى إقالة سلامة، وأكّد انه لن يقبل بأن «يخرب البلد على أيامي».

وأضافت المصادر انه تمّ التوافق في ضوء تحذير برّي على وجوب توحيد أرقام خطة الحكومة المالية بالتوافق مع سلامة، بالتوازي مع تخفيض سعر الدولار تمهيدا لاحالة الخطة إلى مجلس النواب لمناقشتها واقرارها.

ولاحظت مصادر سياسية أن الاحداث التي حصلت طوال نهار الخميس الماضي وفي الليل بدءا بالارتفاع الصاروخي لسعر صرف الدولار مقابل الليرة حيث كانت منطقة البقاع الاكثر تداولا لعمليات شراء العملة الخضراء واجواء الشحن الشعبي والتحركات في معظم المناطق، لم تكن صدفة، وانما جرت ضمن سيناريو مخطط له لتحقيق اهداف عدة.

الهدف الأول محاولة حزب الله واتباعه من النزول للمشاركة بالاحتجاجات الشعبية جنبا الى جنب مع المنتفضين بالشارع الظهور بمظهر الداعم لهذه التحركات الشعبية لمحو صورة الاعتداءات والتصدي ضد الاحتجاجات التي حصلت ليل السبت الماضي وما عليها من شعارات الشحن الطائفي والمذهبي التي كادت ان تجر إلى ردود فعل لا تحمد عقباها من جهة وللامساك بقرار وتوجهات المعترضين والتحكم بها ولو بشكل غير مباشر.

اما الهدف الثاني المهم فهو الحملة السياسية والاعلامية المركزة ضد حاكم مصرف لبنان رياض سلامه والتهويل باقالتة، انما كان لأجل ابتزاز ه ولحمله على ضخ  كميات كبيرة من الدولار، كي يتم الاستحصال على قسم كبير منها لإرسالها الى سوريا لسد النقص في العملة الخضراء لديها والتي  ستتزايد مع البدء بتطبيق قانون قيصر بعد ايام معدودة.

والهدف الثالث استمرار ابتزاز حكومة حسان دياب وللتأكيد بأن مصيرها في يد حزب الله وذلك لوقف اندفاعة رئيسها في التماهي وتلبية معظم مطالب رئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل على حساب الاطراف الآخرين.

وازاء ذلك لوحظ انه رغم الهمروجة السياسية والاعلامية التي رافقت جلستي مجلس الوزراء بالامس والضجيج المفتعل حول اهمية القرارات المتخذة لحمل الحاكم على ضخ كميات اكبر من الدولارات في السوق، فان تأكيد الحاكم رياض سلامة على التعاميم التي اصدرها سابقا بهذا الخصوص بقيت هي ذاتها ولم تستتبع باي تعاميم جديدة، وهذا الواقع يؤكد ان ما حصل كان مفتعلا وليس عفويا.

وبين مشهد وسط بيروت، أو قلب العاصمة، الذي كانت عملية إعادة بنائه ايذاناً بطي صفحة الحرب، يحترق، وإجراءات السلطة، التي تغرق في تدابير لا تتلاءم مع طبيعة المرحلة والمواجهة الجارية على صعيد المنطقة، ووضعية لبنان داخل هذا الاشتباك الدولي- الإقليمي، صدم المواطنون بقرار المجلس التنفيذي لنقابة اتحاد القصابين، مساء أمس، وتجار المواشي، بالتوقف عن العمل، بسبب العجز عن تأمين الدولار لاستيراد المواشي، (البيان) محملاً الدولة اللبنانية كامل المسؤولية لفقدان مادة اللحوم وارتفاع أسعارها.

واستعانت الحكومة، الغارقة في بحر الأزمات المتلاحقة، «بصديق» من «أهل البيت»، علناً، ومن دون كتمان أو ما يشاكله، لتدبُّر طريقة لكسب الوقت، والخروج بأقل خسائر ممكنة من «مأزق الدولار» وارتباطه «بقانون قيصر» السوري، الذي تواجهه سوريا من لبنان، ويواجهه لبنان بلعبة تشاطر، لم تعد تنطلي على أحد، بعيداً عن «النأي بالنفس»، وعلى طريقة «ضربة على الحافظ، وضربة على المسمار».

وكان انفجار ليل الخميس- الجمعة مفاجئاً للجمهور الغاضب، لكنه ضمن سيناريو الضغوطات المتبادلة بين الولايات المتحدة وفريقها اللبناني والإقليمي وطهران وفريقها اللبناني والإقليمي أيضاً، للاعلان: مَنْ يصرخ أولاً.

اتجهت الأنظار، إلى ما أعلنه الرئيس نبيه برّي من قصر بعبدا، بعدما توجه إليها بين الجلستين..

1 – الإعلان عن تخفيض قيمة الدولار إزاء الليرة، بدءاً من الاثنين إلى ما دون سقف الـ4000 ليرة لكل دولار..

2 – مخاطبة صندوق النقد الدولي بلغة واحدة، تحت نظر المجلس النيابي.

وحمل الموقف انفراجاً حذراً، وتنفست حكومة دياب الصعداء، بعد جلسة بدت عاصفة، في ضوء كلام وزيرة العدل ماري كلود نجم، التي كشفت ان الاستقالة العامة أو حتى الخاصة، ليست على الطاولة.. في وقت لاحق الحاكم رياض سلامة يضرب اخماساً بأسداسٍ كاشفاً عن ضخ الدولارات في الأسواق للصيارفة، فيما الشارع، اعتبر نفسه غير معني لا بجلسة مجلس الوزراء صباحاً، ولا بالاجتماع الرئاسي الثلاثي، ولا بقرارات الجلسة من بعبدا عصراً.

ضخ السيولة بعد الجلستين فما الذي حدث؟

بسحر ساحر، وبعد انتفاضة شعبية واسعة على السلطة الحاكمة مالياً وسياسياً ليل الخميس ويوم امس، بسبب الارتفاع الجنوني لسعر صرف الدولار مقابل الليرة وتردّي الاوضاع الاقتصادية والمعيشية للبنانيين، قررت هذه السلطة «الافراج» عمّا لديها من مخزون الدولار لضخّه في السوق، بعد تعهد حاكم مصرف لبنان رياض سلامة ونقابة الصرافين بذلك، وبعدما وصلت الى مسامع سلامة معلومات عن نية جدية لدى الرئيسين ميشال عون وحسان دياب، لا سيما الاخير، بإقالته بسبب تفلت سعر الدولار بلا ضوابط وعدم التدخل في السوق. وسط تساؤلات حول كيف كان هناك عجز بضخ الدولار وكيف اصبح هناك كميات لضخها في السوق، ومن الذي كان يخفي الدولار او يتلاعب به ولأي سبب مالي او سياسي؟ فيما لوحظت بصمات رئيس المجلس نبيه بري في التسوية وايجاد الحل بزيارته قصر بعبدا قبيل الجلسة الثانية حيث التقى الرئيسين عون ودياب. كما لوحظ تشدد المجلس بملاحقة المخالفين والمتلاعبين بالنقد الى المحاكم المختصة، بما فيها المجلس العدلي واعتباره ضمنا ان المسّ بالنقد الوطني بمثابة مسّ بالامن الوطني والقومي.

فقد انعقدت جلسة مجلس الوزراء امس في جلستين، اولى صباحاً في السرايا الحكومية برئاسة حسّان دياب، وفي حضور سلامة، وجمعية المصارف والمدير العام للامن العام اللواء عباس ابراهيم وانضم اليهم وفد من نقابة الصرافين، وثانية بعد الظهر في القصر الجمهوري برئاسة الرئيس عون، صدرت عنها قرارات الافراج عن الدولارات وضخها في السوق.

وأفادت المعلومات أن مجلس الوزراء أخذ علما في الجلستين، بتعهد حاكم مصرف لبنان بضخ دولارات بالسوق بسعر 3850 ليرة فورا على ان يبدأ من يوم الاثنين تراجع سعر الصرف تدريجيا حتى يصل الى 3200 ليرة.

وتم تشكيل خلية أزمة وزارية لمتابعة المواضيع المالية، وتكليف وزير الداخلية بالتشدد مع الصيارفة غير الملتزمين ووزيرة العدل بملاحقة الذين ينشرون الأخبار والمزاعم الكاذبة عن طريق المدعي العام التمييزي.

وعلمت «اللواء» ان خلية الازمة برئاسة وزير المالية وعضوية وزراء: الاقتصاد، والتنمية الادارية، والصناعة، والاعلام، وحاكم مصرف لبنان واللواء عباس ابراهيم، ورئيس جمعية المصارف ونقيب الصرافين، ومهمتها حسب القرار الرسمي: «متابعة تطورات الوضعين المالي والنقدي وتطبيق القرارات، على ان تجتمع هذه الخلية في وزارة المالية مرتين في الاسبوع، ويقدم من خلالها حاكم مصرف لبنان تقريراً مفصلاً عن التطورات وترفع خلاصة عملها بشكل دوري الى رئيس مجلس الوزراء لعرضها على مجلس الوزراء».

وفي القرارات التي صدرت رسميا: كلّف مجلس الوزراء وزيرة العدل ماري كلود نجم الطلب من النائب العام التمييزي اجراء التعقبات بشأن ما اثير ويُثار من وقائع ملفقة او مزاعم كاذبة لإحداث التدني في اوراق النقد الوطني، والذي ادى الى زعزعة الثقة في متانة نقد الدولة وغيرها من الافعال الجرمية المنصوص عنها في الباب الاول من الكتاب الثاني من قانون العقوبات، تمهيدا لاحالة ما ينتج عن تلك التحقيقات من دعاوى على القضاء المختص بما فيه المجلس العدلي.

كذلك، طلب مجلس الوزراء من الاجهزة الامنية على اختلافها وتنوعها التشدد في قمع جميع المخالفات واحالتها فوراً على المراجع القضائية المختصة تمهيداً لاتخاذ الاجراءات القانونية بحق المخالفين لا سيما مصادرة العملات الاجنبية التي يثبت انها شكلت موضوع تلك الجرائم.

وكان قد سبق جلسة الصباح، لقاء بين رئيس الحكومة واللواء عباس ابراهيم، الذي قام حسب المعلومات باتصالات واسعة مع المعنيين من الرؤساء الثلاثة الى سلامة ونقابة الصرافين، لتقريب وجهات النظر بين الحكومة وسلامة، «الذي يرفض تحميله المسؤولية الكاملة لا سيما بعد افتتاح المنصة الالكترونية امس ولكن لم يحضر أي صرّاف لطلب الدولار».

وكشفت مصادر وزارية أن الوزيرة نجم قدمت خلال الجلسة الصباحية، مداخلة عالية النبرة حول مسؤوليات ما وصلت اليه الامور وحمّلت فيها سلامة جزءاً كبيرا من المسؤولية إضافة الى الحكومات المتعاقبة والمصارف، مشددة على مسؤولية الوضع النقدي التي هي على عاتق مصرف لبنان. وقالت أمام الوزراء حسب معلومات «اللواء» ومحطة «ال.بي.سي: لم نأتِ الى الحكم لنجري تسويات ولا للدفاع عن الذين تسببوا بالازمة، نحن نصطدم بنظام مهترئ فاسد ويعيد انتاج نفسه. وضعنا خطة مالية وعلقنا دفع السندات، عدا عن ذلك لم نجرِ التدقيق المحاسبي الذي وعدنا به. اصطدمنا بعدم وجود ارادة في مجلس النواب لاقرار القوانين بالصيغة التي تحقق فعلا مكافحة الفساد.

وتوجهت بكلامها الى حاكم مصرف لبنان بالقول: انت مسؤول لأنك مؤتمن على سلامة النقد، والحكومات المتعاقبة والمصارف يتحملون ايضا المسؤولية عما وصلنا اليه. التدقيق يجب ان يطال الحاكم ونوابه والمجلس المركزي وكل من تولى مسؤولية عامة في مجال المالية من وزراء ومديرين عامين ومفوضي حكومة.

وطالبت نجم بأن يبدأ التحقيق بأسرع وقت وان يمنع كل هؤلاء من السفر طيلة التحقيق وان ترفع السرية عن حساباتهم وممتلكاتهم داعية الى اتخاذ قرار باجراء انتخابات نيابية في ايار المقبل والاعلان عن ذلك. وقالت: المطلوب ان نواجه لا ان نهرب.

وقالت نجم لسلامة: «يللي حامل ٤٠٠٠ دولار على الموتوسيكل بالضاحية، مش هو سبب الازمة. ١٧ تشرين مش سبب الازمة». هذه نتائج الازمة. والازمة نتيجة سياسات مالية خاطئة لا بل مجرمة ادت الى هدر المال العام وتعميم الفساد بالدولة. الازمة نتيجة هندسات مالية جرت لتغطية خسائر المصارف التي قامت باستثمارات فاشلة خارج لبنان.

وأضافت: «انت مسؤول عن سلامة النقد الوطني وضروري تلاقي حل. مش عم افهم صرلكم اشهر تصدرون تقارير تطمئن لسلامة الليرة واذا بالدولار يقفز دون رقيب او رادع».

لكن مصادر وزارية قالت لـ«اللواء» ان الحاكم سلامة رد بان المركزي كان يضخ الدولار بالسوق للصيارفة لكن ليس بالكميات الكافية، وان نقاشات واسعة حصلت خلال الجلستين وجرت مداخلات من معظم الوزراء حول تشكيل خلية الازمة ومهامها ومسوؤلياتها، ومن يضمن تعهد المركزي والصيارفة الالتزام بالتعهد بضخ الدولار، فيما طلب بعض الوزراء بتسهيلات مصرفية للتجار لشراء المواد الاستهلاكية، وتحويل الاموال للمحتاجين في الخارج مثل الطلاب واصحاب القروض المالية. وعدم بيع المصارف الدولار لتجار العملة غير المرخصين.

اجتماع ثلاثي

وقبيل الجلسة الثانية في قصر بعبدا، عُقِدَ اجتماع ضم الرؤساء عون وبري ودياب، قال بعده بري: عادة لا احب ان اتحدث الى الاعلام كي لا ازعجكم، ولكن بعد الذي حصل بالامس وما لمسته من خطورة على البلد وعلى المواطن خاصة، لا بد من الكلام. وتم الاتفاق خلال هذا اللقاء على ما يلي:

اولاً، تخفيض قيمة الدولار ازاء العملة اللبنانية ابتداء من اليوم (امس)، ولكن حقيقة سيبدأ ذلك بدءاً من الاثنين، الى ما دون 4000 ليرة للدولار الواحد، وصولاً الى 3200 ليرة للدولار. هذا الامر سوف يحصل، وتم الاتفاق على الاجراءات في جلسة مجلس الوزراء التي انعقدت قبل الظهر.

ثانياً، الموضوع الثاني الذي تم الاتفاق عليه هو مخاطبة صندوق النقد الدولي بلغة واحدة، برعاية المجلس النيابي.

وسُئِلَ بري عما اذا كان البحث قد تناول اقالة حاكم مصرف لبنان؟ فقال نحن بحاجة اليوم الى جميع الناس، ولسنا بحاجة الى الاستغناء عنهم.

الجلسة الثانية

وانعقدت الجلسة الثانية للحكومة قرابة الثالثة بعد الظهر، وانتهت قرابة الخامسة واكدت على مقررات جلسة الصباح، لكن لوحظ ان الرئيس عون اعلن خلالها أن «ما حصل بالأمس نتيجة ارتفاع سعر الدولار من دون اي مبرر يجعلنا نتساءل عما اذا كان الرقم الذي اعطي لسعر الدولار هو شائعة تم تعميمها لينزل الناس الى الشوارع وتقع المواجهات؟ وهل هي لعبة سياسية ام مصرفية ام شيء اخر؟».

وقال الرئيس عون في هذا الإطار: أن «الخبراء الماليون أكدوا انه لا يمكن للدولار او اي عملة اخرى ان تقفز خلال ساعات الى هذا الحد. وهذا ما يبعد صفة العفوية عن كل ما حصل، ويؤشر لمخطط مرسوم نحن مدعوون للتكاتف لمواجهته».

اما رئيس الحكومة حسان دياب فاكد في مستهل الجلسة أن «البلاد لم تعد تحتمل خضات إضافية، والمطلوب اجراءات قاسية لوضع حد لأي شخص او جهة تلجأ إلى هذا الأسلوب، ولا بد من اتخاذ اجراءات عملية تعطي مناعة اكبر للحكومة والدولة».

وكشفت مصادر وزارية لـ«اللواء» انه بعد كلام الرئيسين عون ودياب، تحدث بعض الوزراء فحمّل الحاكم سلامة المسؤولية، والبعض رأى ان المسؤولية جماعية. وسجلت مداخلات لوزراء العدل والتنمية الإدارية والتربية والصناعة والشؤون الاجتماعية والمهجرين حول تدهور الوضع موضوع المسؤولية للحاكم.

وعلم ان عدداً من الوزراء رأى ان المسؤولية جماعية، فيما رأى البعض منهم ان وجود نواب لحاكم مصرف لبنان ومباشرة عملهم سيدفع إلى تدقيق أكثر ومتابعة عمل المصرف، وجاء ذلك على لسان وزير الصحة، ولم يتم التطرق بأي شكل من الاشكال إلى إقالة سلامة من منصبه.

ولفتت المصادر إلى وزراء سألوا أين أصبح التدقيق المالي في حسابات المصرف، وقد أوضح وزير المال ان الإجراءات الإدارية الخاصة بالموضوع انتهت ومن المرتقب ان يبت الموضوع الأسبوع المقبل لتباشر الشركتين المكلفتين في التدقيق، وذهب الوزير رمزي مشرفية إلى القول ان الحاكم فشل في مهمته ووعوده بقيت حبراً على ورق.

وأشار وزراء الى موضوع الآلية التي يتم من خلالها إرسال الأموال من مصرف لبنان إلى الصيارفة ورأى البعض ان الطريقة الفضلى هي تسليم الأموال للتجار وذلك للاعتمادات المطلوبة بواسطة المصارف كي نضمن وصول الأموال إلى الجهات التي طلبتها ولا تقع في أيدي السماسرة.

وطرح وزير الاقتصاد وفق المصادر ان يكون الأمر بواسطة وزارة الاقتصاد لضبط اتجاه الأموال لتفادي أخذ الأموال للمضاربة إلى خارج لبنان. وتحدث عن 41 شحنة بقيمة 30 مليون. في حين طرح وزير الصناعة آلية موازية للصناعة من أجل المواد الأولية.

وطرح موضوع التجاوزات التي تحصل من قِبل الصيارفة غير الشرعيين والذين يجري توقيفهم ثم اطلاقهم من دون مدة توقيف معينة أو غياب استدامة التوقيف، وطالب وزراء بدور أفضل للأجهزة الأمنية، اما فكرة إنشاء خلية مالية والتي طرحت في اجتماع السراي اضحت واقعاً في اجتماع مجلس الوزراء في قصر بعبدا مع العلم ان نقاشاً دار حول المهمات المطلوبة منها واتفق على متابعة الإجراءات التي تمّ التوافق عليها ورفع التقارير إلى مجلس الوزراء، على ان هذه الخلية ستجتمع بشكل دائم في وزارة المال للتدقيق في الإجراءات وتنفيذ ما التزم به مصرف لبنان والصيارفة.

وعلم ان معظم الوزراء قدموا أفكاراً حول مهمة هذه الخلية، وذكرت المصادر ان ثمة وزراء اعتبروا انه في كل مرّة تؤخذ قرارات ولا تنفذ أو تبقى حبراً على ورق، وطالبوا بالتشدد. واقترح البعض المجلس العدلي كهيئة قضائية تتابع المخالفات. ومعلوم ان المجلس العدلي هو أعلى سلطة قضائية واحكامها غير قابلة للأخذ والرد وتم التأكيد ان الأمن المالي يوازي الأمن الأمني.

ومن بين المداخلات داخل الجلسة مداخلة لوزيرة العدل التي قالت ان هيئة التشريع والقضايا أبدت رأيها في عملية تلزيم مراقبين في عملية التدقيق وهي في مراحلها الأخيرة.

وطرحت وزيرة الإعلام منال عبد الصمد ما تعتمده بعض المواقع الالكترونية من أسلوب تهويل على النّاس لتوتير الأجواء ثم طلب تقرير عن المواقع الإعلامية التي تعتمد أسلوب التحريض.

ولفت وزير التربية والتعليم العالي طارق المجذوب إلى ان هناك أخطاء ارتكبت ويجب محاسبة من ارتكبها.

وقال رئيس مجلس الوزراء انه تمّ اليوم توصيف العلاقة بين الحكومة ومصرف لبنان بهدف قيام تعاون أكبر وتفادياً لعدم حصول تباين. وكان قرار إنشاء خلية الأزمة على ان يكون التعاون يومياً في ما خص النقد المالي وصرف الدولار.

ثم تلي نص القرار وكانت مناقشة، وتحدث وزراء عن التشدّد في موضوع متابعة الحاكم لمهامه وهو الذي لم يفِ بوعوده.

وإذ طلب الوزير حب الله ادراج موضوع تدقيق الحسابات في قرار الحكومة، قيل له انه ليس في مكانه.

ولفت الوزير نعمة إلى ان هناك بعض الصرافين الذين يتحولون إلى تجار ولا بدّ من متابعة عملهم ومعالجة أي خطأ.

اما وزير الاتصالات طلال حواط فقال: انه يجب الا تذهب دولارات المصرف المركزي إلى الصرافين من دون ضبط.

وقال وزير الصحة ان ما من مانع في وضع المخالفين في السجون…

وبعدما تمّ تعداد نص القرارات وفق الملاحظات التي ادخلت، افيد ان الوزير قطار قال ان ما حصل اليوم هو خطوة مهمة في وضع الجهات المعنية امام مسؤولياتها.

وختم الرئيس دياب النقاش بالقول ان للقرارات أبعاداً قانونية ويمكن لمجلس الوزراء الاجتماع متى دعت الحاجة لمتابعة القرارات.

وأثير كلام حول بعض الصرافين الذين وعدوا الدولة بالالتزام بموضوع سعر صرف الدولار وفي حال تخلفوا تتخذ الإجراءات بحقهم في سحب الرخص واقفال محالهم بالشمع الأحمر ومصادرة الأموال.

وكان تأكيد على موضوع الثقة وحاجة النّاس إلى إجراءات تعيد هذه الثقة إليهم على ان يكون يوم الاثنين الموعد مع تغذية السوق بالدولار من قبل مصرف لبنان.

وافيد انه تمّ إلقاء القبض على 6 صيارفة من بينهم أثيوبي.

وعلم انه في خلال الاجتماع الثلاثي بين عون وبري ودياب كان تأكيد على مواكبة قرارات الحكومة، فيما برز تخوف من ان تكون أهداف ما جرى بالأمس أبعد من الدولار.

وكان وزير الداخلية أوضح بعد الجلسة ان ما حصل بالأمس ليس بريئاً، وهناك من يجيش على وسائل التواصل والتحقيقات مستمرة.

إلى ذلك، أكدت نائبة رئيس مجلس الوزراء زينة عدرا ان الجيش والقوى الأمنية موجودة على الأرض وان هناك استنزافاً يحصل لها.

وتعليقاً على ما اثير حول وجود مكتب لها في السراي، قالت عدرا: اقوم بمهامي داخل السراي بناء على طلب رئيس الحكومة الذي كلفني بمتابعة عدد من اللجان، والقرارات تتخذ بقرار من رئيس مجلس الوزراء ومن الحكومة وهذا الأمر كان معتمداً في السابق واين الخطأ في ممارسة مهامي بهذا النشاط.

الراعي في بعبدا

وفي محاولة، للحؤول دون اتخاذ القرار بإبعاد رياض سلامة عن المصرف المركزي، بإقالته أو بأي إجراء آخر، باكر البطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي بزيارة بعبدا، قبل «الصعود إلى الصيفية» بتعبيره..

وقال الراعي رداً على سؤال عن التحركات في الشارع التي اما تطالب باستقالة الحكومة أو بتحميل المسؤولية لحاكم مصرف لبنان، : «ان شعار كلن يعني كلن» اول من اطلقه فخامة الرئيس وقاله امامنا عندما زرناه لتهنئته بانتخابه رئيساً للجمهورية، وكان يتكلم وقتذاك عن الفساد العارم، وعندما سأله أحد المطارنة إذا ما كان الكل فاسداً، اجاب: «كلن يعني كلن». وهذا يعني ان علينا الا نرمي التهم على احدهم». وهذا ما قلناه في السابق، بأنه «علينا ان نحدد المسؤوليات وكل المسؤولين، وساعتئذ لن يكون هناك خط احمر او اخضر في وجه احد. لذلك تعالوا نحدد المسؤوليات ونبحث في الأسباب التي اوصلتنا إلى ما نحن عليه لاتخاذ الاجراءات اللازمة.

من جانبه، حذر نائب تكتل الجمهورية القوية جورج عقيص في تصريح لـ«اللواء» من مشهد مخيف في حال تفلتت الأوضاع اي ربما نشهد مناطق منغلقة على بعضها ورؤساء احياء وشبيحة، معلنا في الوقت نفسه ان القوى العسكرية تظهر تماسكا وحزما واستيعابا انما المطلوب ايضا الاستقرار السياسي اذ لا مصلحة لأحد ومهما كانت الانقسامات السياسية كبيرة ومهما تباعدت القوى عن بعضها البعض في ان تذهب الأمور الى الفوضى.

واستغرب ما تقوم به الحكومة لاغضاب الناس والمجتمع الدولي, ما يطرح سؤالا عما اذا كان الامر متقصدا, معلنا ان الحكومة بعيدة عن اجراء الاصلاحات وانه بدلا من السعي لجلب المساعدات نهربها.

وليلاً، قال عضو كتلة «الوفاء للمقاومة» ‏النائب حسن فضل الله في حديث لقناة المنار أن «الأميركيين طلبوا بالإسم تعيين محمد بعاصيري كنائب لحاكم مصرف لبنان وهم قالوا بعد رفض ذلك «شوفوا شو رح نعمل».

وأكد أن «الولايات المتحدة الأميركية فرضت قيوداً على وصول الدولار إلى لبنان»، مشيراً الى أن « الولايات المتحدة تسعى لفرض حصار على لبنان وهناك منع إدخال الدولار من طرفها».

وقال: «لدينا معلومات أنه ومنذ آب ٢٠١٩ كان هناك جهات تعمل على سحب الدولار من السوق وهربت إلى حسابات خارج لبنان»، مشيراً «الى أن مصرف «سوسيتيه جنرال» سحب الدولارات من السوق منذ شهر آب2019».

فتح المطار

وقررت الحكومة إعادة فتح المطار، بعد اجتماع خصص لهذه الغاية، بدءاً من الأوّل من تموز، بقدرة تشغيل توازي 10٪ من «حركته التشغيلية العام الماضي والتوقيت نفسه».

حرائق

وبانتظار الاثنين، مطلع النصف الثاني من هذا الشهر، موعد تنفيذ إجراءات الحكومة، بقي المحتجون في الشارع، فتجمع هؤلاء امام وزارة الداخلية، بعد تجمع على جسر الرينغ، وسط انتشار كثيف للجيش والقوى الأمنية.

ميدانياً، وتحت شعار «كلنا جائعون» استمر الغضب الشعبي، والأخطر في ما حصل وسط بيروت، الاقدام على حرق المحلات في شارع اللعازارية، وتحوّل الحراك من سلمي إلى عنفي، إذ لجأت القوى الأمنية إلى استخدام القنابل المسيلة للدموع، وخراطيم المياه لاخماد الحرائق.

وكان شبان وصلوا على دراجات نارية إلى ساحة الشهداء، وبدأوا برشق القوى الأمنية بالحجارة، فردت بإطلاق قنابل مسيلة للدموع باتجاههم..

وفي طرابلس، تطوّر الصدام بين المتظاهرين في ساحة النور والعناصر الأمنية إلى سقوط جرحى، نقلوا إلى مستشفيات في المنطقة لكن لم تشهد المدينة إحراق محلات تجارية.

وفي النبطية، أقدمت مجموعات شبابية من حراك النبطية مساء أمس على اقفال مدخل النبطية الشمالي وعمدوا إلى إحراق كمية من الاطارات المطاطية وهم يرددون هتافات منددة بالأوضاع الاقتصادية والمعيشية الصعبة وبتدهور سعر صرف الدولار وباقالة سلامة، وقد عملت عناصر من القوى الأمنية على إعادة فتحها فيما جاب المحتجون شوارع النبطية”.

 

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

 

الأخبار
سلامة: أنا أو لا ليرة

حزب حاكم المصرف المركزي رياض سلامة هو الحزب الأقوى في لبنان. بمجرّد أن تنفّس أحد ما بنقاش إقالته، استنفر الجميع، الرافضون من عوكر إلى «بيت الوسط»، والراغبون يتمنّعون خوفاً من انهيار آتٍ، بوجود سلامة أو غيابه
هكذا هو الحال إذاً، في بلد أنجح حاكم مصرف مركزي في العالم: العملة تنهار، والاقتصاد ينهار والدولة تنهار والشعب يجوع ويئنّ ويموت، ويبقى رياض سلامة واقفاً، ويقول للجميع: «لا فيكم تشيلوني، لا فيكم تخلّوني».
إنها معادلة الاقتصاد «المدولر» والمنتفخ بلا زراعة ولا صناعة ولا تنمية مستدامة، تلك التي تُوصل موظّفاً، مرضياً عليه أميركياً، أو مُودعاً من واشنطن على رأس القطاع المصرفي اللبناني، أحد أكبر مراكز التأثير الاقتصادية الأميركية في لبنان والمنطقة. فالذين يعتقدون أن دولارات سلامة الممنوعة، تفعل فعلها في لبنان وحده، مخطئون. إنه «أثر الفراشة» يرتدّ عبر المصارف اللبنانية من بيروت إلى أربيل ومن دمشق إلى عمّان، على أعتاب نهاية عصر وبداية عصرٍ جديد. فرياض سلامة ليس شخصاً، بل دَور.
قبل يومين، صعد الدولار إلى 7 آلاف ليرة في السوق، الجامد أصلاً، في ارتفاع مدمّر لأي قدرة للبنانيين على الصمود ربّما لأسابيع مقبلة، فانفجر الشارع ولم يهدأ من وقتها، ولن يهدأ. وبالأمس، امتد مسلسل الاحتجاجات وقطع الطرقات وتطوّر الأمر في بيروت وطرابلس إلى حرق مصارف ومبانٍ في وسط مدينة بيروت، وكرّ وفرّ مع الجيش اللبناني. ووسط هذا، تُنهك المؤسسة العسكرية من شارع إلى شارع على مساحة لبنان، وهي الواقعة بين ضرورتَي حفظ الأمن وضبط الانفلات الأهلي بكلّ أشكاله، وبين غضب الناس المتألمين من فقدان أبسط مقوّمات الأمن الغذائي والاجتماعي والسياسي مع كمّ يسير من اليأس. وصار القلق على المؤسسة مضاعفاً، من قوى الداخل وبعض قوى الخارج، التي تخشى تراجع قدرة الجيش على لجم الفوضى مع تطوّر الأزمة وامتدادها وتأثر مداخيل العسكريين.
الوقائع السياسية في اليومين الماضيين، عادت لتؤكّد أن «حزب سلامة» هو الحزب الأقوى في البلد. فعلى الرغم مما قيل عن قرار بإقالته، وانقسامات حوله بين الكتل السياسية، فإن أحداً لم يطرح مطلب إقالة سلامة، بل كلّ ما جرى هو مشاورات حول الطريقة التي من الممكن فيها إيقاف انهيار الليرة وارتفاع الدولار، ومن ضمن هذه المشاورات، احتمال الإقالة. وبحسب المعلومات، فإن الرئيسين ميشال عون وحسان دياب والوزير السابق جبران باسيل أجروا قبل أيام اتصالات بالرئيس نبيه بري وحزب الله وآخرين للتشاور حول آليات وقف انهيار الليرة، وجرى السؤال إن كان بإمكان هذه الخطوة أن تجمّد الانهيار. وجاء ردّ حزب الله وبرّي محدّداً أن كل الخيارات مفتوحة، لكن يجب أن تكون هناك بدائل وضمانات بأن لا يتم رفع سعر الدولار بشكل متسارع وتنهار الليرة بأضعاف، ما يفجّر فوضى شاملة في البلاد.
وليل الخميس – الجمعة، تمّ الاتفاق بين القوى الرئيسية على تأجيل البتّ بمصير سلامة والضغط عليه لضخ دولارات في السوق لتهدئة الليرة وإعادتها إلى حدود أدنى، وعقد اجتماع بين الرؤساء الثلاثة في قصر بعبدا قبل جلسة مجلس الوزراء.
وعدا عن مداخلة وزيرة العدل ماري كلود نجم النارية ضد سلامة خلال الجلسة، فإن نقاش الإقالة لم يُطرح خلال الجلسة، بخلاف ما جرى الحديث في الإعلام في ساعات بعد الظهر.
لكنّ حزب سلامة ممتّد محليّاً ودوليّاً، وبمجرّد أن شعر الحاكم بأن نقاشاً حول إقالته قد فتح، حتى استنفر حزبه للدفاع عنه والتهويل بانهيار الليرة. طبعاً، لا يمكن أن تترك السفيرة الأميركية دوروثي شيا سلامة من دون دعم متجدّد. وإن كان عدم إعادة تعيين نائب الحاكم السابق محمد بعاصيري في التعيينات الأخيرة، قابلته ضغوط أميركية انعكست كجزء من أسباب ارتفاع سعر الدولار، فإن أي تفكير في إقالة سلامة شبّهته شيا بطريق من دون «خط رجعة» وتكفّل جماعة السفارة بنشر التهديد هنا وهناك، مقابل لباقة ودبلوماسية مفرطة أمام عون في بعبدا قبل يومين، مع تبريرات بشأن ما نُشر عن مشروع لمعاقبة حلفاء حزب الله، أبرزهم بري وباسيل.
ومع أن سلامة خضع أمس لضرورة ضخ دولارات في السوق لتهدئة انهيار الليرة، إلا أنّه تراجع عن قراره بالرفض سابقاً، بأن هذا الإجراء مؤقّت وأن السعر سيعود إلى الارتفاع مجدداً وسيضطر لضخ المال مجدداً.

لا أحد يثق بأن حاكم مصرف لبنان سينجح في حماية العملة الوطنية، وهو الذي لا يزال يدير هندسات مالية غير معلنة بالتوافق مع المصارف، ومع كبار المودعين هذه المرة. حتى إنه فتح الباب أمام تسويات تنقذ بعض المؤسسات من خطر السقوط بعدما غرقت في الدين ولا من يطالبها. اليوم يقف سلامة وخلفه وأمامه حشد من كبار المضاربين العقاريين وأصحاب المواقع وأصحاب وسائل إعلامية ورجال سياسيين وشخصيات في أرفع المناصب في الدولة. كل هؤلاء يعرفهم سلامة واحداً واحداً منذ اليوم الأول لتورطهم في عملياته المالية، إذ أقاموا الشركات وموّلوا المشاريع وحسّنوا أوضاعهم مقابل ديون تعتبر اليوم هالكة، لكن ما من أحد يحقق ويحاسب. وسلامة عاد للتواصل مع جميع هؤلاء، ولديه من الرسل من يذكر الجميع بأن لديه من الملفات ما يكفي للإيقاع بالجميع إن هو وقع. وأظهرت الاتصالات التي جرت خلال الساعات الـ24 الماضية، أن بعض الوسطاء الذين يعملون على الملف المالي والنقدي هم أقرب الى سلامة من بقية أركان الدولة. وهم الذين يهاجمون «حزب المستشارين» رداً على الهجوم على «حزب المصرف». وهؤلاء النافذون موجودون اليوم في قلب مركز القرار. وهذا كاف ليكون سلامة محاطاً بأسوار من الحماية السياسية وحتى القضائية. وخشيته الوحيدة هي من أن «يفلت» الشارع من قبضة السياسيين ويتقدم خطوة كبيرة نحو إحراق الجميع. وهذا ما شعر به رئيس الحكومة الذي كان خائفاً على مصير حكومته، وخصوصاً أنه استفسر من قوى بارزة عن سبب الاندفاعة التي ظهرت عند الرئيس سعد الحريري الذي يردد أنه على وئام مع جميع القوى «ما عدا القصر والصهر»… والقلق على الحكومة ساد غالبية وزارية شعرت خلال الساعات الماضية بأنها أقرب الى رحلة العودة الى البيت وأجرى بعضهم اتصالات سياسية للتثبت من عدم وجود قرار بإطاحة الحكومة.

منذ عام 2016، ومصرف لبنان يعتمد سياسة لَمّ الدولارات حتى جفّت، في اقتصاد مدولر من أوّله إلى آخره. ثم يأتي سلامة أخيراً، ليصدر تعميماً مهولاً، يخضع فيه من يريد شراء دولارات مهما كانت قيمتها إلى «تفييش» أمني في مصرف لبنان، ويحتاج معه إلى يومين لكي يحصل على المبالغ المطلوبة المعروفة الوجهة والنتيجة. وهذه الآلية الجديدة، ليست إجراءً نقدياً وحسب، بل تحمل دلالات أمنية وسياسية خطيرة بالقضاء على أي أسواق بديلة موجودة في البلاد منذ الحرب العالمية الثانية على الأقل.
إجراءات سلامة تعني تقنيناً للدولار، فضلاً عن حجز أموال المودعين بالدولار ومصادرة التحويلات الآتية للبنانيين من الخارج. ويستغرب الجميع لماذا يرتفع سعر الدولار؟ فمن الطبيعي، أن الكتلة النقدية الضخمة التي صارت بحوزة اللبنانيين بالليرة نتيجة الطبع المستمر من قبل المصرف المركزي، ستحفزهم على شراء الدولار خشية فقدان هذه أموالهم لقيمتها، ما سيرفع السعر أكثر فأكثر. أمّا الأسوأ، فهو الاعتقاد بأن تعميمات سلامة والاعتقالات الأمنية للصرافين قد توقف ارتفاع السعر، بينما أثبتت التجارب أن هذا الإجراء لا يمكن أن يؤتي ثماره. فكيف إذا كان ذلك مدعوماً بقرار أميركي لاستغلال الدولار كوسيلة ضغط على حزب الله؟ بينما في المقابل، يُفتح في البلد سوق على مصراعيه، اسمه سوق الشيكات، يهرَّب عبره الدولار الكاش بعد أن يتنازل أصحاب الودائع عن نسب تكاد تصل إلى 50% من ودائعهم مقابل أموال نقدية من الصرافين.
بالأمس، اعترفت الدولة على لسان الرئيس نبيه بري بسعر شبه رسمي للدولار، يصل إلى 4 آلاف ليرة، الأمر الذي يدفع سريعاً إلى ضرورة القيام بعملية تصحيح أجور بوجود أربعة أسعار شبه رسمية للدولار، وإلّا فإن مئات آلاف الناس مهددون بالجوع في وقت قصير مع تراجع القدرة على دعم السلع الأساسية في المرحلة المقبلة وغياب العدالة في التوزيع. وكلّ هذا الخراب، والنزف اليومي بالعملات الصعبة، تستمر الحكومة بالسماح باستيراد الكماليات والأطعمة غير اللازمة والمواد الفاخرة، ونصف الشعب يكاد يئن من الجوع”.

Please follow and like us: