اللواء
السيطرة على أسعار الدولار المرتفع: تدخُل المركزي برقابة مجلس الدفاع الأعلى!
حكومة دياب تتخوف من تأثير الإحتجاجات على المفاوضات مع الصندوق.. و«المصالحة الدرزية» على حدّ الدم
تزدحم المواعيد والأنشطة، اليوم الاثنين: اجتماع للمجلس الأعلى للدفاع، بعد ليل التخريب والحرائق في وسط بيروت، عشاء مصالحة في عين التينة، اختبار الاتفاق، وما تقرر في جلسة مجلس الوزراء لجهة ضخ الدولار في الأسواق، من قبل حاكم المركزي، ثم الجولة الجديدة من التفاوض بين وزارة المال وصندوق النقد الدولي.
واعتبرت مصادر سياسية ان مبادرة المجلس النيابي القيام باعادة النظر بالاختلافات بين ما تضمنته الخطة الانقاذية للحكومة وورقه المصرف المركزي ورؤية المصارف لحل الازمة المالية التي يواجهها لبنان حاليا، يؤشر لامرين مهمين، الاول فشل حكومة حسان دياب في تقديم خطة متكاملة لحل الازمة لاقناع صندوق النقد الدولي بمكوناتها وتفاصيلها للحصول على المساعدات المطلوبة لحل الازمة لا سيما فيما يتعلق باعتبار الدين العام خسائر وهي ليست كذلك على الاطلاق بالمفهوم المحاسبي البسيط، إضافة إلى تهميش آلية الالتزام الفعلي باجراء الاصلاحات البنيوية والهيكلية في القطاعات والادارات التي تستنزف المالية العامة دون جدوى.
وتشير المصادر إلى انه بالرغم من الوقت الطويل الذي استهلكته الحكومة وكثرة اللجان التي الفتها والاستعانة بجيش من المستشارين لم تستطع تقديم خطة انقاذ متكاملة ولم تتعاط بانفتاح ومهنية مع المصرف المركزي وجمعية المصارف للتفاوض مع الصندوق بموقف موحد، يحظى بالاهتمام والتجاوب، بل تعاطت بعقلية انفعالية وبخلفية سياسية مكشوفة باطار تصفية الحسابات بين الفريق العوني وحزب الله مع حاكم المصرف المركزي وجمعية المصارف، ما ابقى الانقسام قائما والمفاوضات مع الصندوق تدور في حلقة شبه مفرغة.
الأمر الثاني تنازل الحكومة عن دورها بهذه الخطوة لصالح المجلس النيابي وهذا لم يكن ممكنا لو ان الحكومة تمارس مهماتها ودورها كما يجب وقامت بما يتطلبه الامر فيما يتعلق بوضع خطة جدية ومتكاملة.
واستئناف النشاط على هذا النحو، تحيطه ظاهرتان، امنية- حراكية، وسياسية، حكومية.
1 – فعلى الصعيد الأمني- الحراكي، تستمر المناوشات اليومية بين مجموعات الحراك المدني، على اختلاف مشاربهم (مجموعات يسارية، منفردة، أو رسمية، أنصار المستقبل، والمجموعات المرتبطة بحراس المدينة، وغيرهم، مجموعات شعبية، على هامش حزب الله وربما «امل».. إلخ) و(العناصر الأمنية من عناصر مكافحة الشغب في قوى الأمن الداخلي، إلى العناصر العسكرية الأمنية والميدانية، وأمن الدولة إلخ..)
والنتيجة، الممجوجة، قطع طرقات، اعتقال ناشطين، حرائق اطارات، ثم فتح طرقات وإطلاق ناشطين، وتدخل فوج الإطفاء.
ومن النتائج المرتقبة، بعد إلغاء نظام: مفرد- مزدوج للسيارات الخاصة، تقنين حركة «الموتيسيكلات» أو الدراجات النارية، لاتقاء «شرها» في دعم الحراكيين، سواء أكانوا سلميين أو مدسوسين، على طريقة «الغوغاء» أو «الطابور الخامس».
2 – وعلى الصعيد الحكومي- الرسمي، اطمئنان الحكومة إلى بقائها، مهما كانت نتائج الانهيارات، وبصرف النظر عن هزيمة «المشروع الانقلابي»، الذي يحتفظ الرئيس حسان دياب بحقه في كشف واقعه.
على ان الأخطر في الموضوع، العزف على حقوق المودعين، وذر الرماد في العيون، وكأنها في مأمن لدى أصحاب المصارف، وحاكم مصرف لبنان، وبضمانة الدولة، والكلام للرئيس دياب.
وتتلقى الحكومة، دعماً غداً من حزب الله، على لسان أمينه العام السيّد حسن نصر الله، وبعد غد، على لسان نائبه الشيخ نعيم قاسم.
واعتبرت مصادر سياسية ان هجوم دياب، على خصومه من المعارضين، الذين حاولوا «الاستثمار مجدداً، في الهم المعيشي، من دون أي رادع وطني، وضخوا الأكاذيب والشائعات، وساهموا في تعميق أزمة الليرة، وتسببوا بأزمة كبرى ودفعوا النّاس إلى الشارع»، يهدف في جانب منه إلى حماية المحادثات الجارية مع صندوق النقد الدولي، حول برنامج الحكومة الانقاذي، والذي يحتاج إلى تمويل بمليارات الدولارات، ليبدأ الانعاش الاقتصادي من جديد..
وكشفت مصادر مطلعة لصحيفة اللواء ان حاكم مصرف لبنان أعطي فرصة جديدة، ولفتت الى ان دور الحاكم معروف في قانون النقد والتسليف ويكمن بالممارسة وفي اعلاناته كما في الأوقات التي طمأن فيها حتى في التصاريح التي كانت تحت عنوان ثبات سعر الصرف وعندما يسقط هذا العنوان لا يسقط الشخص انما النهج. وافادت المصادر ان الشخص اليوم تحت الرصد والامتحان لأنه يعرف الأرقام والهندسة، مشيرة الى ان مهمة الحاكم الأولى تثبيت سعر الصرف من خلال ضخ الأموال
وكشفت ان الحاكم تحدث داخل مجلس الوزراء عن وجود عائقين، اذ يقول ان الاحتياط الذي لديه محدود وبالتالي فإن استخداماته بالدعم بالمواد الأولية والطبية والفيول قد يطاول قسم من هذا النقد والقسم الأخر يذهب لثبات سعر الصرف وبدل من ان تكون له مهلة السنةقد تصبح 6 اشهر فينفد الاحتياط .
وقالت المصادر ان مجلس الوزراء دعا الحاكم الى القيام بعملية الدعم كما افيد ان المجلس اكد ان الحكومة ستقوم بواجباتها لجهة المعابر وضبط الأمور، وان على الحاكم القيام بواجبة لجهة ضخ مبالغ معينة في السوق من اجل خفض الدولار الى مستويات مقبولة تحاكي المنصة الألكترونية .
اما العائق الثاني فهو تخوف الحاكم من ان يذهب هذا الدعم والنقد النادر خارج الحدود، وهو اثار هاتين النقطتين من باب تخفيف المسؤولية استباقا .
واشارت الى ان لا قرار حتميا اليوم بإزالة الحاكم كما ان لا قرار حتميا بإبقائه اي ما من قرار كما تحدث بعض الاعلام لجهة انتصار فريق على فريق لجهة ان الحاكم باق، مشيرة الى ان الحاكم تحت التجربة ومعه فريق متكامل من مجلس مركزي ومفوض حكومة ولجنة الرقابة على المصارف وهيئة اسواق مالية بأشخاص جدد ما يفسر هذه الانتفاضة من الفريق السياسي الذي كان يعتبر ان هذا الهيكل محصور فيه وبشخصه. واعلنت ان لا غطاء فوق رأس احد والايداعات المصرفية تشكل هاجسا كما الموضوع الاجتماعي والأمني، وامام هذه الهواجس لا حواجز امام اي تحرك على صعيد رئاسة الجمهورية عملا بقسم الرئيس في الحفاظ على الوطن والشعب.
وأعلن نائب نقيب الصرافين ان سعر الدولار اليوم لدى النقابة سيكون 3900 ليرة.. في ضوء ضخ الدولار من قبل مصرف لبنان.
وكان الرئيس دياب ندّد في كلمة نقلت مباشرة عبر الهواء السبت، بما وصفه بـ«مؤامرة التلاعب» بالليرة اللبنانية وبما قال إنّها «حملة مبرمجة تنظمها جهات معروفة». وأضاف أنّ حكومته أرادت «أن توقف مسلسل ابتزاز الدولة والناس».
واتهم «البعض» بأنهم «ضخوا الأكاذيب والشائعات وساهموا في تعميق أزمة الليرة اللبنانية، ودفعوا الناس إلى الشارع»، معتبرا أنه «كان المطلوب من ذلك هو منع الحكومة من تنفيذ قرارها بإزالة الركام، الذي يخفي تحته أسرار هيكل الفساد»، واصفا ما حصل بـ«محاولة إنقلاب سقطت مجددا»، مؤكدا فشل كل «الاجتماعات السرية والعلنية، والاتفاقات فوق الطاولة وتحتها، وأوامر العمليات الداخلية والمشتركة، في إنجاح خطة الإطاحة بورشة اكتشاف الفساد»، معلنا «لدينا من التقارير عن الوقائع ما يكفي من المعطيات، وسنعلن ما نراه مناسبا منها، في الوقت المناسب».
المفاوضات مع الصندوق
وتعقد الجلسة 14 بين الوفد اللبناني المفاوض والصندوق الدولي، بعد الاقتراب من توحيد الأرقام بين المصرف المركزي ومصرف لبنان.
وتواجه المفاوضات، تحديات كبرى، بالنسبة إلى لبنان، حيث تلامس نسبة التضخم في البلد 5٪، بينما يعيش نحو 45٪ من السكان تحت خط الفقر، وتعاني أكثر من 35٪ من قوته العاملة من البطالة.
المصالحة
سياسياً، يرعى الرئيس نبيه برّي على مأدبة عشاء مصالحة بين النائب السابق وليد جنبلاط والنائب طلال أرسلان، وهما القطبان الدرزيان.
وعشية عشاء المصالحة، غرّد أرسلان، ان «مقايضة الدم» مرفوضة بالمطلق.
وكشفت مصادر درزية إن البحث خلال اللقاء سينطلق من معالجة ذيول حادثة قبرشمون- البساتين التي وقعت قبل عام، وقبلها حادثة الشويفات، حيث سيتم التأكيد على مرجعية القضاء في الملف.
وقالت مصادر متابعة للموضوع: ان لقاء عين التينة سيحضره مع جنبلاط مستشاره الوزير السابق غازي العريضي، ومع ارسلان الوزير السابق صالح الغريب الذي تعرض موكبه لإطلاق النار في قبرشمون وسقط فيه مرافقاه. موضحة ان الاجتماع سيحصل مساء ويليه عشاء يقيمه بري على شرف الحضور. وإن التوجه العام للقاء سيكون كيفية توحيد الطائفة الدرزية على كل المستويات وتنظيم الخلافات.
وكان النائب أرسلان جمع بعض اركان الطائفة في منزله السبت، وحضره اليه شيخ عقل الطائفة الدرزية ناصر الدين الغريب ورئيس حزب التوحيد اللبناني الوزير السابق وئام وهاب، والوزيران السابقان مروان خير الدين وصالح الغريب وقيادات الحزب، حيث تم الاتفاق على المواضيع العامة للبحث في لقاء جنبلاط- ارسلان. كما ان الوضع المالي والاقتصادي والمعيشي والاجتماعي المنهار، سيكون من ضمن عناوين البحث الاساسية، خاصة بعد التحركات الشعبية التي جرت في الشارع بعد الارتفاع غير المبرر تقنياً للدولار امام الليرة.
الاحتجاجات
وفي اليوم الثالث من الاحتجاجات، التي شابتها أعمال العنف (بتعبير فرانس برس) لا سيما في طرابلس، سقط 122 جريحاً (الصليب الاحمر) بين المتظاهرين وعناصر الجيش اللبناني.
وفي وسط بيروت، تعرّضت المحال التجارية للتحطيم والتكسير والاحراق.
وكشفت الناشطة نعمت بدر الدين ان الحراك يهدف إلى تشكيل حكومة جديدة مؤقتة بصلاحيات استثنائية تشريعية تضع قانوناً انتخابياً عادلاً يضمن صحة التمثيل النيابي، ويفرز طبقة سياسية جديدة.
ونظّم متظاهرون آخرون لونوا وجوههم بالأبيض وارتدوا الأسود، مأتماً رمزياً «لشعب» تصرّ الطبقة السياسية على «دفنه»، حسب ما قالت الناشطة باولا ربيز. واضافت «أردنا إرسال رسالة قوية(..) لاحياء الحركة الثورية». وتجمّع محتجون أيضاً في مدينة صيدا وبلدة كفررمان في جنوب البلاد، داعين إلى رحيل الطبقة السياسية بمكوناتها كافة. ومساءً، قطع متظاهرون غاضبون طريقًا رئيسيًا يربط بيروت بالجنوب. ويطالب العديد من المتظاهرين بإقالة حاكم مصرف لبنان رياض سلامة، لاتهامهم إياه بالتواطؤ مع السلطة السياسية الحاكمة وبالتقصير في ظل تراجع قيمة العملة المحلية.
وفي طرابلس (شمال)، اعترض متظاهرون السبت مسار شاحنات كانت متجهة إلى سوريا، اشتُبه في أنها تهرّب مواد غذائية، وفق ما نقلت مراسلة فرانس برس. وأطلق عناصر من الجيش أعيرة مطاطية لإفساح المجال أمام عبور الشاحنات. وقال متظاهر في طرابلس يبلغ 51 عاماً «لست مضطراً لأن أموت جوعاً مقابل أن يأكل غيري». وتثير أعمال التهريب بين لبنان وسوريا جدلا واسعا، إذ يعرب لبنانيون عن الاستياء إزاء قصور السلطات عن ضبط الحدود. وعلّق متظاهر بأنّ «كيلوغراما واحدا من السكر يبلغ سعره أربعة آلاف ليرة». وقال إنّ «الشعب يموت جوعاً». وقالت المديرية العامة للجمارك في بيان إنّ «هذه الشاحنات تنقل مساعدات من مادة السكر وغيرها لصالح الامم المتحدة والصليب الاحمر الدولي من ضمن برنامج الامم المتحدة الغذائي». وأكد برنامج الأمم المتحدة الغذائي في بيان صدر مساءً ان 39 شاحنة كانت متجهة الى سوريا لنقل مساعدات الى السكان الاكثر فقرًا هناك.
وليلاً، قطع المشاركون في «وقفة طرابلس مدينة السلام» المسارب المؤدية إلى الساحة، ورشقوا عناصر الجيش المنتشرين في محيط السراي بالحجارة.
وفي بيروت، وضمن إجراءات منع تفلت الشارع، ترددت معلومات ان «مجموعات انضباط» من الثنائي الشيعي، تدقق في حركة التنقل عند مداخل الخندق الغميق.
كما ترددت معلومات عن عددٍ من أصحاب المؤسسات والممتلكات والمصالح في وسط بيروت في بيان «انهم سيقومون بالدفاع عن ارزاقهم وممتلكاتهم بأنفسهم بعد تقاعس الدولة عن ذلك منذ بدأ أعمال الشغب وسيقومون بإطلاق النار على كل معتدٍ يقوم بكسر أو خلع أو إحراق أي مؤسسة أو منزل»، وشددوا على ان «هذا حق مشروع لأن جني العمر ليس لقمة سائغة لبعض الموتورين والمخربين».
وليلاً، انتشرت القوات الخاصة والمغاوير، على طرقات الكحالة، نزولاً إلى غاليري سمعان، وخط صيدا ومداخل الشياح.
وجال، الرئيس سعد الحريري، بعد «تغريدة» له، شدّد فيها على عدم وقوفه موقف المتفرج على تخريب العاصمة، في وسط بيروت، فتفقد المحلات والمؤسسات والأبنية التي تعرّضت للاعتداء، وتحدث إلى المواطنين، وكذلك استنكر المفتي الشيخ عبداللطيف دريان ما قام به «المخربون في العاصمة بيروت»، داعياً إلى ملاحقتهم، واحالتهم إلى القضاء ليحاسبوا»، محملاً الدولة المسؤولية علىما حصل.
دعوة «قواتية للنواب»
وكشف النائب في كتلة القوات اللبنانية (الجمهورية القوية) عماد واكيم ان الدعوة وجهت لجميع نواب بيروت للاجتماع اليوم، للتباحث في ما حصل في وسط بيروت، والمطالبة بتحييد الأشرفية، والتعويض عن الخسائر التي لحقت بالمحلات والمتاجر.
1446
صحياً، أعلنت وزارة الصحة اصابة ٤ حالات جديدة بفيروس كورونا (٢ من بين المقيمين و٢ من الوافدين) ليرتفع العدد الإجمالي إلى ١٤٤٦ حالة.
بالتزامن، أصدر وزير الداخلية محمّد فهمي قراراً ألغى بموجبه نظام مفرد- مزدوج، مع الإبقاء على حصر منع الحركة بين 12 ليلاً والخامسة صباحاً.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الأخبار
آليّة بهلوانيّة لضبط الدولار
الانتفاضة تربك الحكومة و«المعارضة»: حزب الله يطمئن دياب والحريري
طرابلس: إنذار جديد بانفجار اجتماعي واسع
أربكت الانتفاضة السلطة والمعارضة على السواء. الرئيسان حسان دياب وسعد الحريري لجآ سريعاً إلى حزب الله، لتبيان مراميه، فجاءت الإجابة لتزيل عن دياب همّ الاستقالة ولتطمئن الحريري إلى أنه ليس مستهدفاً. لكن بدل التركيز على الأسباب الموضوعية للعودة إلى الشارع، نحت التحليلات باتجاه الخلفية السياسية لما يجري. وعلى خط مواز، كانت الحكومة تجدد الثقة برياض سلامة، مراهنة على آليّته لتخفيض سعر الصرف، بالرغم من أنه شريك في انهيار سعر الليرة على ما أكدت التحقيقات الأمنية.
بعد نهاية أسبوع حملت الدولار إلى سعر قياسي، يفترض أن تحمل بداية الأسبوع الحالي بداية السعي إلى لجم الارتفاع المشبوه لسعر الصرف. لكن التحدي سيكون على الأرجح أكبر من أن تواجهه إجراءات بهلوانية قررها مصرف لبنان للتدخل في السوق السوداء، بحيث سيكون على من يحتاج إلى الدولار أن يقدم أوراقه الثبوتية إلى الصرافين المرخّصين وأوراقاً تثبت وجهة استعمال هذه الأموال، على أن يقوم مصرف لبنان بتحويل المبلغ إلى حساب الصراف بعد ٤٨ ساعة.
تلك الآلية الغريبة، كانت أقصى ما أثمر عنه الاستنفار الحكومي لإنهاء حرب الشائعات التي أدت إلى خسارة الليرة نحو ٢٥ في المئة من قيمتها في يوم واحد. ولذلك، كان بديهياً أن لا يتفاعل الناس مع هذا «الإنجاز»، فأعيد تزخيم الانتفاضة الشعبية، التي تلاقت على المطالب الاجتماعية والاقتصادية.
مع ذلك، لا يتوقع أن تساهم إجراءات شكلية أو محدودة في تقليص الفجوة بين السعر الرسمي للدولار وسعر السوق لوقت طويل، لكون الأزمة أكثر عمقاً من علاج موضعي لها. وعلى قاعدة «الحاجة إلى تعاون الجميع»، جاءت مراهنة الحكومة على تدخّل من حاكم مصرف لبنان، بالرغم من أن التحقيقات الأمنية سبق أن بيّنت تورطه بالتلاعب بسعر الصرف. الإجراء الفعلي كان يفترض أن يتخذ ضد رياض سلامة، لكن الحماية السياسية التي لا تزال تؤمنها شبكة مصالح تخترق ٨ و١٤ آذار وحلفاء كل منهما، جعلت اللجوء إلى سلامة نفسه للتدخل هو الحل الوحيد أمام الحكومة.
لكن إذا كانت الحكومة غير قادرة على القيام بأي إجراء بحق سلامة، إلا أنه لم يعد مقبولاً أن تتلكأ أكثر في تنفيذ ما سبق أن أقرته. ولذلك، عليها أن تحسم مسألة التدقيق في حسابات مصرف لبنان. فبعد التعثر الذي طرأ على الملف بسبب شبهات حول هوية الشركة التي أقر مجلس الوزراء الاتفاق معها، فإن شراء الوقت لن يفيد. لذلك، لا بد من قرار سريع، يؤدي إلى اختيار شركة أخرى غير متورطة بعلاقات وثيقة مع العدو الإسرائيلي، أو أن تتحمّل الحكومة مسؤوليتها وتعلن قرارها، مهما كان. وبالتوازي، لم يعد بالإمكان الاسترخاء في مقاربة كل الملفات. الأسابيع الماضية أثبتت أن كلفة التلكؤ كبيرة. على الحكومة العمل بوتيرة أسرع من السابق، على الأقل بما يوازي سرعة الانهيار، بدلاً من التركيز على تحليل خلفيات التحركات وأهدافها.
وفيما تهيّبت القوى السياسية مشهد الشارع وتوتراته المُتصاعدة، تكثفت الاتصالات في اليومين الماضيين لمنع أي انزلاق إلى الفوضى الأمنية وفقدان السيطرة على الشارع. لكن بشكل منظم، عملت ماكينة إعلامية على تحميل حزب الله مسؤولية أعمال الشغب وتحطيم عدد من المحال التجارية، وحرق فروع المصارف في مدينتي بيروت وطرابلس. وقد تواصل الرئيس سعد الحريري مع قيادتي حزب الله وحركة أمل، معبّراً عن غضبه، ظناً منه أن الجموع نزلت بأمر حزبيّ. وأكد الحريري أن «المشهد لا يُمكنه أن يحمله في العاصمة»، سائلاً عن السبب وراء هذا الانفجار المفاجئ. لكن الحريري سمع كلاماً من قيادتَي الثنائي تؤكدان فيه أن لا علاقة للحزب وأمل، وأن لا قرار حزبياً بأي تحرك في الشارع وأن المتظاهرين ليسوا من طائفة محدّدة، بل أتوا من مناطق مختلفة. وشددتا على أنهما لا تغطيان أي مرتكب، وأن بإمكانه (الحريري) التواصل مع قائد الجيش، وليتخذ الإجراءات التي يراها مناسبة. وبحسب المعلومات، وفي إطار التعاون والتنسيق، جرت اتصالات بين حزب الله وحركة أمل مع الجيش اللبناني. وقد اتفق على تنفيذ إجراءات مساعِدة بدأت أول من أمس في عدد من المناطق التي يوجد فيها جمهور الثنائي. إذ عمد مسؤولو المناطق إلى تشكيل مجموعات على مداخلها، لمنع مجموعات الدراجات النارية من الخروج، كما وضعت عوائق حديدية في البعض منها.
من جهة أخرى، خض هذا المشهد رئيس الحكومة حسان دياب الذي تواصل مع قيادة الحزب للاستفسار عمّا يجري، وعمّا إذا كان هناك نية فعلية للانقلاب على الحكومة، وخاصة أنه منذ ظهر الجمعة كانت بعض الجهات المحسوبة على فريق ٨ آذار تسرّب معلومات عن قرار استقالة. لكن الحزب أكد مرة جديدة أن «المتظاهرين ليسوا من منطقة واحدة ولا ينتمون الى طائفة واحدة». كما أن «الحزب لا يناقش هذه المسائل في الشارع»، مشددين على التمسك بالحكومة لأن الظرف لا يسمح بالفراغ.
طرابلس: إنذار جديد بانفجار اجتماعي واسع
لم يكن ما شهدته طرابلس يوم السبت الماضي من احتجاجات يشبه ما اعتادت المدينة أن تعيشه منذ اندلاع شرارة الحراك الشعبي في 17 تشرين الأول من العام الماضي. تطورات ساعات الاحتجاج الطويلة، أول من أمس، كشفت عن تحوّلات وتطوّرات على الأرض، تتناسب مع حجم الانهيار الاقتصادي، وتُنذِر بانفجار اجتماعي كبير في عاصمة الشمال (تقرير عبد الكاقي عبد الصمد).
وما يدعو إلى الارتياب ممّا يمكن أن تحمله الأيّام المقبلة من تطورات وتحرّكات شعبية قد تتحول إلى أعمال شغب، هو تصفيح واجهة سرايا طرابلس بالحديد، وكذلك فرع مصرف لبنان في عاصمة الشمال، إضافة إلى تصفيح واجهة بلدية طرابلس، ما يشير إلى وجود مخاوف حقيقية من تصعيد التحرّكات في الشارع خلال الأيّام المقبلة. وما يزيد من الارتياب أن السلطة، سواء على المستوى البلدي أو على المستوى السياسي في بيروت، وبدل القيام بأي خطوة من شأنها تخفيف الاحتقان في المدينة التي أصيب فيها أكثر من 80 شخصاً بجروح نتيجة المواجهات بين المحتجين والجيش، لجأت إلى تصفيح مراكزها.
غير أنّ عملية التصفيح هذه، والتي بدأت بها فروع المصارف العاملة في طرابلس قبل فترة، لم تحمها من غضب محتجّين عليها، وإحراقها، كما حصل مع فرع البنك العربي في ساحة التل وسط المدينة، وبعدما كان المحتجّون قد أحرقوا أيضاً فرع بنك البحر المتوسط الموجود في ساحة عبد الحميد كرامي (ساحة النور)، وهي المرّة الأولى التي يتعرّض لها أحد فروع هذا البنك الذي يملك الرئيس سعد الحريري جزءاً كبيراً من أسهمه. في السابق، كان البعض في طرابلس يتهمون أنصار تيار المستقبل بأنهم يقفون خلف التحرّكات الاحتجاجية، وأنّهم بقوا بعيدين عن فروع بنك البحر المتوسط في مدينتهم، لأن ملكيته تعود إلى زعيمهم، في مقابل تفجير غضبهم على فروع مصارف أخرى.
عامل ارتياب آخر زاد من منسوب القلق والخوف في المدينة خشية انفلات الأوضاع وذهابها نحو المجهول، هو المواجهات التي حصلت بين الجيش والمحتجين، والتي تحوّلت إلى «حرب شوارع» غير مسلحة، وخصوصاً في ساحة كرامي (النّور) ومحيطها، وفي محلة باب التبانة التي لها حساسيتها النابعة من وضعها الخاص، حيث تعرّض المحتجون لجنود الجيش وآلياته في المنطقتين. وبدا لافتاً نزول مجموعات من المواطنين إلى الشارع لدعم الجيش في مواجهة المحتجين، في تطور لافت يحصل للمرّة الأولى في المدينة.
تطورات المشهد الطرابلسي اكتملت فصولاً بعد تعرّض محتجّين لرتل من 39 شاحنة تعود إلى برنامج الأغذية العالمي التابع للأمم المتحدة، محمّلة بالبضائع والسلع الغذائية، أبرزها السكّر، وهي متجهة نحو سوريا. وبرر المحتجون اعتداءهم بأنهم ظنّوا أن الشاحنات تحمل بضائع وسلعاً غذائية لبنانية يجري تهريبها إلى سوريا، فيما هم يعانون في سبيل الحصول عليها، إما بسبب فقدانها من السوق أو ارتفاع أسعارها بشكل جنوني. وحاول المحتجون إيقاف الشاحنات ومنعها من متابعة سيرها عند أوتوستراد الملولة، أول مرّة يوم الجمعة الماضي، ومرّة ثانية وبشكل أوسع أول من أمس السبت، وتعرّضوا لشاحنات بالتكسير، برغم أنها جميعها تحمل لوحات تسجيل لبنانية وأغلب سائقيها لبنانيون، وحاولوا وضع يدهم على محتوياتها. لكن تدخل الجيش أجبرهم على التراجع، والإفساح في المجال أمام الشاحنات لمتابعة طريقها باتجاه معبر العريضة الحدودي.
التعرّض للشاحنات على هذا النحو دفع الحريري إلى استنكار ما حصل، معتبراً في تغريدة له أن «قطع الطريق على مساعدة الأشقاء ليس من شيم أهلنا في الشمال»، ما طرح أسئلة حول ما إذا كان الحريري يتبرأ من قيام مناصريه بهذا الأمر، أو أن من فعلوا ذلك ليسوا من مؤيديه بل تابعون لطرف آخر دخل على الخط وحاول استغلال الوضع لمصلحته.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
البناء
دياب: سقط الانقلاب ولست منهم * بري يرعى حوار جنبلاط إرسلان * نصرالله يطل غداً
التخريب والشغب في بيروت وطرابلس يشيران إلى جماعة بهاء الحريريّ والأتراك؟
تسليم أميركيّ بأن المفاوضات مع العراق خاتمتها الانسحاب… والفدراليّة عنوان قانون قيصر
يتحرّك الأميركيون كما تصفهم مصادر متابعة لملفات المنطقة، على حدَّي تفادي المواجهات وملء الوقت اللازم لنضج خيارات ما قبل الاستحقاق الانتخابي على مسافة مئة وأربعين يوماً بما يلزم من الحركة السياسية التي تتصدرها العقوبات والتلويح بالمزيد منها، أملاً بخلق وقائع تعزز أوراقها التفاوضية في اللحظات الحاسمة لنضج الخيارات، التي يزداد ترجيح اتجاه ميلها التفاوضي في ظل الأزمات التي تعصف بنيوياً بالاقتصاد والمجتمع الأميركيين، وتعطل إدارة الظهر من جهة، والذهاب لخيارات تصعيدية من جهة مقابلة.
هذا الاتجاه يترجم وفقاً للمصادر ذاتها، بثنائية طرفها الأول هو التسليم بالانسحاب من العراق كسقف للتفاوض الذي بدأ مع حكومة الرئيس مصطفى الكاظمي، الذي جدّد الالتزام بسقف التفاوض وفقاً لتوجيهات المرجعية وتوجهات مجلس النواب، ومضمونها جدول زمني للانسحاب الأميركي، وطرفها الثاني هو ما يختصره قانون قيصر للعقوبات على سورية، الذي لا يضيف جديداً يذكر على حصار سورية المطبق منذ سنوات، ولا يهدّد إيران بجديد من عقوبات ترزح تحت أشد منها بمقدار ما يتوجه لتهديد روسيا كراعٍ للعملية السياسية بهدف فتح الباب للتفاوض على خيارات تضمن مصالح واشنطن والميليشيات الكردية التابعة لها، تحت عنوان الفدراليّة، وهو ما عبرت عنه ميليشيا قسد بمصادرة قمح السوريين في المنطقة الشرقية، تحت عنوان التزامها بقانون العقوبات، بينما ثمة من يحاول في لبنان رسم معادلة شبيهة لمعادلة مقايضة الفدرالية بالقمح في سورية، بمشروع موازٍ لمقايضة الدولار بالفدرالية في لبنان.
محاولات فرض الفيدرالية في سورية بدأت بفرض سيطرة ميليشيات الأمر الواقع على جزء من الجغرافيا السورية مدعومة بالاحتلالين التركي والأميركي، والسعي لإضعاف قدرات الدولة ومؤسساتها، وسيطرتها على الجغرافيا، فهل ما تشهده مناطق الشمال اللبناني هو مسار شبيه لما بدأ في سورية قبل سنوات تحت عنوان الاحتجاجات التي انتهت بسيطرة ميليشيات مدعومة من الخارج على بعض الجغرافيا، وتطل اليوم بمشروع الفدرالية، وفقاً لتساؤلات طرحتها مصادر أمنية، بعد ورود معلومات عن تورط المخابرات التركية بالوقوف وراء الجماعات التي دأبت على تشكيل عنوان المواجهات مع القوى الأمنية في ساحات بيروت، وتقف اليوم وراء المواجهات مع الجيش في الشمال، بينما تحدثت مصادر أمنية أخرى عن معلومات وإشارات لتورط جماعات مدعومة من رجل الأعمال بهاء الحريري بأعمال الشغب والتخريب التي شهدتها العاصمة بيروت وعاصمة الشمال طرابلس، بعدما تم تجنيد عناصر من مناطق مختلفة لقاء بدلات مالية لتنفيذ أعمال الشغب، بصورة أسقط تكرارها في طرابلس بعد بيروت عدم وجود أي صدقية لاتهام مقرّبين من حركة أمل وحزب الله بالقيام بها.
بانتظار ما ستقوله التحقيقات حول ما جرى في بيروت وطرابلس، بعدما أحكم الجيش والقوى الأمنية السيطرة في المدينتين، كان كلام رئيس الحكومة الدكتور حسان دياب عن إسقاط مشروع الانقلاب، محور اهتمام داخلي وخارجي، وتساؤلات عن معلومات قال إنه سيأتي وقت كشفها، حول المتورطين الذين هدفوا لإطاحة الدولة وأهداف التغيير التي رمزت إليها انتفاضة 17 تشرين، وليس الحكومة فقط، رابطاً ذلك بالمواجهة التي تخوضها الحكومة ضد الفساد والمسار الذي قطعته في إزالة الركام الذي خلفه مَن حكموا البلد لعقود، مستخدماً مصطلح إمساك مفاتيح هيكل الفساد، وسعي الانقلابيين لاستردادها، وركز دياب في كلمته على إيمانه بالقدرة على إحداث التغيير المنشود، وعلى أنه ليس “منهم” رداً على بعض الشعارات التي اتهمته بعد التعيينات الأخيرة بأنه صار جزءاً من الطبقة السياسية القائمة على المحاصصة.
الامتحان الحقيقي، وفقاً لمصادر سياسية ومالية متابعة للملف الحكومي، ستكون من اليوم وصاعداً بقدرة الترتيبات التي أقرّت في لقاءات بعبدا، وبعد التعيينات التي أحيت المجلس المركزي لمصرف لبنان ولجنة الرقابة على المصارف، على ضمان السيطرة على سعر الصرف ومن خلاله على أسعار المواد الاستهلاكية في الأسواق، وعند تحقيق هذا الهدف سيكون بمستطاع الحكومة التحدث عن الإنجاز.
بالتوازي يرعى اليوم رئيس مجلس النواب نبيه بري في مقره في عين التينة لقاء حوار مباشر بين رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي النائب السابق وليد جنبلاط ورئيس الحزب الديمقراطي اللبناني النائب طلال إرسلان، وفيما تحضر في خلفية اللقاء مساعي إنهاء ذيول حادثتي الشويفات وقبرشمون، ويحضر في قراءة نتائجها ملف التعيينات، قالت مصادر معنية باللقاء إن الأولوية ستكون لملفات أشد تعقيداً وصعوبة لها مكانة تاسيسية في رسم سقف العلاقة داخل البيت الدرزي، وتتصل بمستقبل مشيخة العقل والأوقاف الدرزية، فإذا أبدى جنبلاط استعداداً لفتح باب توحيد القوى تحت العباءة الموحّدة لمشيخة العقل ومجلس الأوقاف، سيكون ممكناً فتح الباب لتفاهم يسهّل مقاربة الملفات الأخرى، من دون التورط بمقايضات تضعف المسارات القضائية التي يجب أن تبقى الأساس في حادثتي الشويفات وقبرشمون.
في هذه المناخات الإقليمية والمحلية تأتي إطلالة الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله غداً، لتشكل منصة رسم مواقف وسقوف للكثير من الأحداث التي حفلت بها الساحتان، في المنطقة والداخل اللبناني، خصوصاً ما يتصل بالعقوبات على سورية، ومقاربتها، من موقع المصلحة اللبنانية، أو ما جرى من أحداث شغب رافقتها محاولات توجيه الاتهامات لحزب الله بالوقوف وراءها.
وفيما سجل الشارع هدوءاً حذراً في بيروت خلال عطلة نهاية الأسبوع بعد مواجهات عنيفة وأعمال شغب يومَيْ الخميس والجمعة، بقي التوتر سيد الموقف في بعض مناطق الشمال والبقاع، تترقب الساحة السياسية والشعبية إطلالة الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله يوم غدٍ الثلاثاء الثامنة والنصف مساء للحديث عن المستجدات الأخيرة. فيما تنتظر الأوساط الحكومية والشعبية والاقتصادية بدء سريان نتائج اتفاق بعبدا الرئاسي ومقررات مجلس الوزراء وانعكاسه على حركة سعر صرف الدولار المرجح انخفاضه الى حدود الى 3200 ل. ل. كما وعد رئيس المجلس النيابي نبيه بري.
وأشارت مصادر مطلعة على أجواء عين التينة لـ«البناء» الى أن الرئيس بري يتابع عن كثب تنفيذ اتفاق بعبدا وقرارات مجلس الوزراء، وهو من موقعه ودوره المحوري يشكل ضمانة لتنفيذ الاتفاق لا سيما بعد موقفه برفض إقالة حاكم مصرف لبنان رياض سلامة من منطلق الحرص على المصلحة العامة واستقرار النقد الوطني، لأن اي قرار متهور في ظل هذه الازمة الكبيرة والحساسة سيؤدي الى نتائج عكسية على البلد ويرتفع سعر صرف الدولار الى 10 آلاف ليرة مع صعوبة الاتفاق على بديل للحاكم، وما اذا كان البديل يملك رؤية جديدة تخدم المصلحة الوطنية. وعلمت «البناء» أن «الحكومة تعرضت لضغوط أميركية لإحباط اي محاولة لإقالة سلامة، اذ لا تزال واشنطن تتمسك به رغم بعض الانتقادات التي توجهها له».
واعتبر عضو كتلة التنمية والتحرير النائب الدكتور قاسم هاشم أن «دقة الظروف التي يمر بها الوطن وخطورة ما وصلت اليه الاوضاع الوطنية بمستوياتها السياسية والمالية والنقدية والاقتصادية وارتداداتها على الواقع الاجتماعي والأمني واهتزاز شبكة الأمن الاجتماعي، استدعت استنفاراً مسؤولاً قاده الرئيس بري لإطفاء النيران التي كادت تشتعل في كل مكان لتحرق الأخضر واليابس»، لافتاً لـ«البناء» الى أن «الرئيس بري استطاع بحكمته ورؤيته الوطنية الجامعة أن يضع الامور في نصابها وتتم مناقشة الازمة من كل جوانبها بموضوعية وهدوء بعيداً عن الانفعال تمهيداً لقرارات وإجراءات حاسمة تضع حداً لحالة التفلت والانهيار الذي استشعره اللبنانيون في اليومين الماضيين».
ولفت تصريح وزيرة المهجرين غادة شريم بقولها أنه «في حال استطاع الصرافون ومصرف لبنان تثبيت سعر الصرف بحسب ما تم الاتفاق عليه في الجلسة الحكومية أي عند 3200 ليرة، فهذا يعني ان الثقة عادت. واذا لم يستطيعوا عندها سنتدخل كحكومة. فلننتظر حتى بداية الأسبوع».
وأعلن نائب نقيب الصرافين محمود حلاوي أمس، أن الدولار سيفتح اليوم على سعر 3900 ليرة، مشيراً الى ثلاثة عوامل تتحكّم بوضع الدولار الأول مدى التزام حاكم مصرف لبنان بوعده ضخ دولار في السوق، والثاني قدرة الأجهزة الأمنية على ملاحقة الصرافين غير الشرعيين وضبط السوق السوداء والثالثة الحملات الإعلامية على مواقع التواصل الاجتماعي التي تروّج لأسعار متعددة للدولار ما يؤثر على العرض والطلب والسعر في السوق.
وخطفت السرايا الحكومية الأضواء من الشارع يوم السبت الماضي بسلسلة مواقف هامة أطلقها رئيس مجلس الوزراء الدكتور حسان دياب توجّه خلالها برسائل متعددة الاتجاهات والمضامين وصفتها مصادر سياسية بأنها جرس إنذار للجميع قبل وضع الحقائق والمعطيات أمام اللبنانيين. وتركت كلمة دياب ارتياحاً شعبياً بعكس مواقف وردود فعل أحزاب المعارضة التي انتقدت كلام رئيس الحكومة، علماً أن هذه الأطراف، وبحسب مصادر سياسية تناوبت على تولي رئاسة الحكومة والمواقع الوزارية وفشلت فشلاً ذريعاً في سياساتها الاقتصادية والمالية واوصلت البلد الى الهاوية وها هي اليوم تتباكى وتهدد وترمي المسؤولية على الحكومة ورئيسها! مشيرة الى أن هذه الاطراف تمارس سياسية الاضاليل والكذب والتشويه للتهرب من المسؤولية ورمي المسؤولية على الحكومة الحالية، متسائلة: وهل لدى هذه القوى التي تنتقد الحكومة ورئيسها بديل جاهز في حال استقالة الحكومة يحظى بتوافق الاطراف؟ وهل لديها رؤية وخطة اقتصادية بديلة وهي التي تربعت على عرش السلطة والحكومات ولم تأتِ للبنان الا بالدمار والخراب؟
وتوجّه الرئيس دياب الى اللبنانيين مطمئناً إلى أن حقوقهم «محفوظة، عند المصارف، وعند المصرف المركزي، والدولة هي الضمانة»، مشدداً على أن «لن نسمح بأن تضيع أموال الناس، الودائع في المصارف هي اليوم أرقام، لكن، وبكل ثقة، أؤكد للناس أننا لن نسمح أن تبقى مجرد أرقام». كما طمأنهم إلى أن «الدولة غير مفلسة، هناك تعثر مالي، لكن البلد غني بكم أولاً، وغني بطاقاته وإمكاناته وموارده وعقول أبنائه الخلاقة». ودعا إلى أن «نحمي الدولة، ونحصنها، كي تكون ضمانة لجميع أبنائها، ولممتلكاتهم، وأموالهم، ومستقبلهم». وشدد على ضرورة «الانتقال إلى منطق الدولة، وتحقيق حلم الوطن، والانتقال نحو منطقة الأمان، رغم الحواجز السياسية»، مؤكداً أن «التغيير آت لا محالة».
وإذ أكد أن «هذه الحكومة حققت الكثير»، لكن هناك «من يريد طمس الحقائق»، سأل: «ألا يكفي أننا نحاول إزالة الركام، الذي تركوه خلفهم بعد أن دمّروا كل شيء وغادروا على عجل؟ ألا يكفي أننا نفتش حتى اليوم، عن ودائع اللبنانيين، التي أهدروها في لا مسؤوليتهم، حتى لا نقول أكثر من ذلك؟ ألا يكفي أنهم أغرقوا البلد بالديون الهائلة، التي تسببت في هذا الانهيار المالي الكبير الذي نعيشه؟، مردفاً: «لقد صمتنا كثيرا، واستمعنا كثيرا إلى اتهامات، تحاول التهرب من الكبائر التي ارتكبوها، لرميها على هذه الحكومة»، مؤكدا عدم الرغبة «في الدخول في سجال مع الماضي، الذي نعالج نتائجه».
واتهم «البعض» بأنهم «ضخوا الأكاذيب والشائعات وساهموا في تعميق أزمة الليرة اللبنانية، ودفعوا الناس إلى الشارع»، معتبراً أنه «كان المطلوب من ذلك هو منع الحكومة من تنفيذ قرارها بإزالة الركام، الذي يخفي تحته أسرار هيكل الفساد»، واصفاً ما حصل بـ»محاولة انقلاب سقطت مجدداً»، مؤكدا فشل كل «الاجتماعات السرية والعلنية، والاتفاقات فوق الطاولة وتحتها، وأوامر العمليات الداخلية والمشتركة، في إنجاح خطة الإطاحة بورشة اكتشاف الفساد»، معلناً «لدينا من التقارير عن الوقائع ما يكفي من المعطيات، وسنعلن ما نراه مناسباً منها، في الوقت المناسب».
وفيما واصل أصحاب المحال والمصالح التجارية في وسط بيروت تفقد الأضرار التي لحقت بممتلكاتهم على أمل الحصول على تعويضات من الدولة، استمرت التحقيقات الامنية والقضائية بحوادث ليلتي الخميس والجمعة الماضيين، وسط معلومات تتحدث عن ضلوع شقيق الرئيس سعد الحريري بهاء الحريري بدعم من جهاز استخبارات الدولة التركية، مشيرة الى «توقيف عدد كبير من المشاركين في الأحداث واعترافات تفيد بأن جهة خارجية تمول خلايا داخلية في طرابلس وبيروت لافتعال اعمال شغب تخفي اهدافاً سياسية».
وكانت القوى الأمنية في شتورا منعت مرور باصات تقل مجموعة من الأشخاص تتجه الى بيروت للمشاركة بالتظاهرة في وسط بيروت ما أدى الى اشتباك بين المجموعة والقوى الأمنية التي أكدت بأنها تنفذ قرار وزير الداخلية بمنع انتقال مجموعات من البقاع والشمال الى وسط بيروت.
ولوحظ أمس، انتشار كثيف للقوات الخاصة والمغاوير في الجيش اللبناني على طرقات الكحالة نزولاً إلى غاليري سمعان وخط صيدا ومداخل الشياح.
وكانت ساحة الشهداء شهدت أمس، تظاهرات من حراك 17 تشرين، تحت عنوان «لبنانية ضد الطائفية»، ورفع المشاركون فيها الأعلام اللبنانية ولافتات دعت الى «سقوط منظومة الفساد بكامل تفرعاتها وزواريبها»، وسط حضور كثيف للقوى الأمنية ومكافحة الشغب. كما شارك في التظاهرات أهالي مسجونين ومحكومين من بعلبك، رفعوا لافتات تطالب بإقرار بقانون العفو العام، كتب على إحداها «عفو عام شامل لا عفو خاص ظالم»، موقعة باسم «عشائر بعلبك الهرمل».
وتخللت التظاهرة إشكالات متفرقة بين المتظاهرين ومجموعة من الشبان، عمل المنظمون على تهدئتها، لكنها سرعان ما اتسعت وتنقلت من مكان إلى آخر في ساحة الشهداء، مع دخول مجموعات جديدة.
وقد بادر المتظاهرون في ساحة الشهداء الى اجبار مراسلة قناة «الحرة» على إيقاف رسالتها وطردها من المكان، بعدما ادعت بأن بعض المتظاهرين طالبوا بنزع «سلاح الميليشيات»، ما أثار امتعاض المتظاهرين الذين أكدوا بأنهم لم يتظاهروا ضد سلاح المقاومة بل لإصلاح الاوضاع الاقتصادية والاجتماعية.
ودعا رئيس الجمهورية ميشال عون المجلس الأعلى للدفاع الى اجتماع اليوم للبحث في الاوضاع الامنية بعد التطورات الاخيرة.
على صعيد آخر، شهدت منطقة باب التبانة مواجهات بين شباب تجمهروا في المنطقة، وعناصر من الجيش، وأدت إلى إصابة 23 شخصاً بينهم 4 عسكريين، بحالات اختناق وجروح ورضوض عديدة. وذلك بعدما اعترض شباب من باب التبانة شاحنات محملة بالمواد الغذائية، بحجة أنها متجهة إلى سورية وأنهم أحق بهذه المواد لأن الجوع أصابهم ولا يملكون قوت يومهم بسبب الغلاء البطالة. علماً أن منظمة التغذية في الامم المتحدة أعلنت في بيان أن هذه الشاحنات أرسلتها المنظمة الى سورية وبعلم السلطات اللبنانية في اطار برنامج الدعم الغذائي المخصص لسورية وتحمل مساعدات غذائية وطبية. مع اشارة المنظمة الى أن هذه المساعدات كانت تنقل خلال حكومة سعد الحريري وفق اتفاق مع الحكومة.
ولفتت أوساط نيابية لـ«البناء» الى أن الاعتداء على الشاحنات المتجهة الى سورية عمل متعمد وممنهج ويشكل خطوة استباقية تنفيذية لقانون العقوبات الأميركي الجديد قيصر عشية دخوله حيز التنفيذ، مشيرة الى أن «الحقد والغوغائية باتا يحكمان حركة بعض الشارع».
ولفتت أوساط مطلعة على فريق المقاومة لـ«البناء» الى أن «لبنان لن يكون جزءاً من حصار سورية وعقاب الشعب السوري كما تتمنى الولايات المتحدة الاميركية التي تريد استخدام لبنان لاستكمال الحرب على سورية»، مشيرة الى ان «المرحلة صعبة، لكن الحزب لن ينجر الى اي ساحة للفتنة يخطط لها اعداء لبنان، ويدرك ان كل هذه الاحداث تهدف لاستدراجه لآتون الفتنة لتشويه سمعته من جهة وللضغط عليه وعلى الموقف اللبناني الرسمي في ملفات عدة كترسيم الحدود وصفقة القرن، لكن الحزب سيعمل على تحصين الحكومة من داخلها وتفعيل عملها لجهة مكافحة الفساد والاصلاحات وتوفير شبكة أمان اجتماعي وأمني وذلك لتمرير المرحلة الصعبة التي ستمتد حتى تشرين المقبل اي انطلاق الانتخابات الرئاسية الاميركية»، ولفتت الأوساط أن «عودة الرئيس الحريري حالياً غير واردة، وأن الحكومة باقية والمعادلة السياسية والحكومية مستمرّة حتى بلورة مشهد دولي اقليمي جديد ينتج تسوية سياسية جديدة في لبنان لكن هذا قد يطول سنة وربما أكثر، وبالتالي الحكومة هي حاجة وطنية اجتماعية رغم بعض الثغرات التي تواجهها حتى إشعار آخر».
على صعيد آخر، يعقد اليوم لقاء المصالحة بين رئيس الحزب «التقدمي الاشتراكي» وليد جنبلاط ورئيس الحزب «الديمقراطي اللبناني» النائب طلال ارسلان في عين التينة ويتخلله غداء وذلك بجهود ورعاية الرئيس نبيه بري. لكن لم يُعرَف مضمون الحل واذا كان سيشمل الملف القضائي في حادثتي الشويفات وقبرشمون وهل سيجري إخراج قضائي للملف؟
وفيما أعلن أرسلان في تغريدة أمس أن «مقايضة الدم مرفوضة بالمطلق»، لفتت مصادر نيابية في الحزب الاشتراكي لـ«البناء» الى أن «الحزب الاشتراكي ورئيسه جنبلاط مستعدون لأي خطوة تساهم في تهدئة الشارع وحماية السلم داخل البيئة الدرزية والساحة اللبنانية بشكل عام»، موضحة أن «الخلاف كان مع التيار الوطني الحر واستفزازات من قبله طالت الحزب الاشتراكي أدت الى أحداث أليمة كنا بغنى عنها»، متمنية أن يكون اللقاء منتجاً ويطوي مرحلة سوداء من تاريخ المنطقة واهلها في الجبل». ولفتت مصادر قيادية في التيار الوطني الحر لـ«البناء» الى «أننا ندعم اي خطوة لتتويج المصالحة بين أرسلان وجنبلاط وكان الرئيس عون سعى الى حصول هذا الأمر وقطع شوطاً هاماً، ونحن كتيار نرحّب بأي اتفاق بينهما وملتزمون بالتهدئة في الجبل ونسعى لعدم تكرار الأحداث الأليمة في السابق».
وكان الرئيس بري بادر الى إتمام هذا اللقاء والمصالحة بعدما تعثرت جهود الرئيس عون نظراً لكون رئيس المجلس على مسافة واحدة من أرسلان وجنبلاط فيما يعتبر الاشتراكيون أن رئيس الجمهورية طرف ويقف في خندق أرسلان.
وأوضحت مصادر مطلعة على موقف الرئيس بري لـ«البناء» الى أن «لقاء اليوم هو استكمال للمصالحة بين جنبلاط وأرسلان وجاء بطلب من أرسلان بعد لقائه الأخير مع الرئيس بري نظراً لعلاقة بري الممتازة بالطرفين، ولذلك تدخله ودوره أفعل وقادر بحكمته على إزالة ما بقي من آثار سلبية لحادثة الجبل والتقريب بين الفريقين. وهذا يسهل مسيرة التعيينات التي بدأت في الجلسة الأخيرة للحكومة».