البناء
بومبيو: صندوق النقد سيمنح لبنان مساعدات لقاء خطة إصلاحيّة… ولودريان إلى بيروت
الراعي في بعبدا لاستثناء «الكيان» من الحياد ودعوة المقاطعين لفكّ حصار الشرعيّة
إبراهيم يلتقي البخاري تمهيداً لزيارة السراي وفتح باب زيارة دياب للسعوديّة!
لا يزال العامل الحاكم للتطوّرات المحيطة بالملف المالي والاقتصادي يتحرك على إيقاع ترددات ثنائية معادلات الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله، التلويح بقلب الطاولة وفقاً للقتل تلاثاً، وفتح الباب لكل الخيارات الإنقاذية اقتصادياً، من التوجه شرقاً إلى المشتقات النفطية من إيران بالليرة اللبنانية، وتتويجاً بالجهاد الإنتاجيّ، فوفقاً لمصدر متابع للموقف الأميركي من الضغوط الأميركيّة على لبنان وعلى صلة بالمفاوضات مع صندوق النقد الدولي، يشكل موقف وزير الخارجية الأميركية مايك بومبيو تأطيراً للموقف الرسمي الأميركي يخرج الإشارات الانفتاحية للسفيرة الأميركية من دائرة مجرد تنفيس الاحتقان الناتج عن تصريحاتها الاستفزازية. فالوزير بومبيو يقول إن صندوق النقد الدولي سيمنح لبنان المساعدات المالية مقابل الالتزام بخطة إصلاحيّة، غير آبه بالحرج الذي يسببه الكشف عن هيمنة أميركية على قرارات الصندوق، فاتحاً الباب لتقدّم المفاوضات التي ظهر أنها تنحو باتجاه الدخول بمناقشة مقترحات الصندوق للإصلاحات المطلوبة، بعيداً عن النقاش الدائر لبنانياً حول أرقام الخسائر، بعدما قرّر الصندوق البدء انطلاقاً من أرقام الخطة الحكوميّة، ولو من باب اعتبار الرقم العالي للخسائر المقدّرة أسوأ الاحتمالات.
بالتوازي مع كلام بومبيو يصل بيروت وزير الخارجية الفرنسية جان ايف لودريان مساء غد للبحث في الملف المالي اللبناني ومستقبل التحضيرات لمؤتمر سيدر، وتأتي زيارة لودريان بالتزامن مع تبدل اللهجة الأميركية في التعامل مع الملف المالي اللبناني، بصورة تتيح تعديل وجهة الزيارة التي كان متوقعاً أن تكون إطاراً لحملة مواعظ فرنسيّة للبنانيين حول الحاجة لضبط الوضع السياسي بما يريح العلاقة بالأميركيين، من دون تفادي الإشارة لمواقف وسلاح حزب الله كعقبة أمام تقديم المساعدة للبنان، كما يصف سفير سابق متابع للموقف الفرنسي، ويرى أن تبدل اللهجة الأميركية يصبّ في تعزيز قناعة باريس بما سبق وقاله وزير ماليتها برونو لومير في مناقشات وزراء مالية دول قمة العشرين قبل شهور، لجهة الدعوة للفصل بين دعم التعافي في لبنان والمواجهة التي تخوضها واشنطن مع طهران. ويتوقع السفير السابق أن يشجع لودريان المسؤولين اللبنانيين على تسريع السلة الإصلاحيّة المقررة في سيدر، لنيل موافقة صندوق النقد الدولي، التي ستجعل تفعيل قرارات سيدر المالية أمراً متاحاً.
على إيقاع التبدلات ذاتها، تغيّرت لهجة البطريرك بشارة الراعي فحطّ في بعبدا متموضعاً في خطابه الداعي للحياد الذي تحلقت حول دعمه القوى المناوئة للمقاومة، فربط الحياد باستثناء كيان الاحتلال، ووجه دعوته لفك الحصار عن الشرعية لقيادات المعارضة التي تقاطع بعبدا. ورأت مصادر مطلعة على مواقف البطريرك أن الفاتيكان كان حذراً من الذهاب بعيداً في خطاب بكركي بما يجعلها مجدداً طرفاً على طريقة ما حدث في فترة تأسيس قرنة شهوان، ويفقدها القدرة على التأثير كمرجعية جامعة، وأن هذا الحذر الفاتيكاني تزامن مع التبدلات الأميركية فأجهضت الرهانات التي بنيت على فرضية تشكيل جبهة تحت عنوان دعوة البطريرك للحياد، لتكون جبهة مواجهة مع المقاومة.
في سياق ليس بعيداً كانت تلبية المدير العام للأمن العام اللواء عباس إبراهيم لدعوة من السفير السعودي للعشاء في منزله، بما وصفته مصادر على اطلاع بالحسابات السعودية تجاه الحكومة والوضع السياسي اللبناني، أنه اختيار مدروس لقناة الانفتاح على الحكومة، وأن دعوة اللواء إبراهيم تمهيد لزيارة السفير وليد البخاري للسراي الحكومي، وربما تفتح الباب لزيارة رئيس الحكومة حسان دياب للسعودية، كبداية لجولة عربيّة تأجلت بانتظار ترتيب العلاقة بالرياض التي بلغت ذروة التأزم مع الكلام المنقول عن السفير السعودي بحق رئيس الحكومة، وتساؤله أمام ضيوفه عن رأيهم بمحمد بعاصيري كرئيس محتمل للحكومة، ما استدعى رداً من رئيس الحكومة أشار فيه إلى سفارات تتحوّل إلى غرف عمليات لتعطيل العمل الحكومي والتحريض على الحكومة. وقالت المصادر إن كلام اللواء إبراهيم بين السطور يمكن أن يقرأ فيه عناصر تبدّل في الموقف السعودي، سواء في إيضاحه ان لبنان لا يطلب ودائع بل يبحث عن مساحات تكامل عربي، تفيد الجميع، أو إشارته إلى السعودية كبداية ونهاية وشقيق كبير ومدخل لسائر العلاقات العربية.
ولم تسجل الساحة السياسية أمس، أي مستجدات تذكر باستثناء الحركة السياسية المكوكية الخارجية – الداخلية التي يقوم بها المدير العام للأمن العام اللواء عباس إبراهيم.
وقد واصل إبراهيم مساعيه لإحداث خرق في جدار الحصار الخارجي للبنان، وبعد جولته الخليجية، زار أمس السفير السعودي في بيروت وليد البخاري في مبنى السفارة في اليرزة.
وأكد إبراهيم بعد لقائه البخاري أن لا هدف لزيارته وليس بحاجة لدعوة وهو على تواصل دائم مع السفير السعودي، وقال: «ننظر إلى السعودية على أنها الشقيقة الاكبر». وأكد اللواء إبراهيم أن «لا حصار على الحكومة اللبنانية وهي تعمل والحكم يكون على النتائج»، وأضاف: «لا شيء يمنع من أن تكون البداية والنهاية من المملكة العربية السعودية ووضعت السفير السعودي في أجواء جولتي».
وعن جولته إلى الكويت، قال: «طالما نحنا عند أشقائنا العرب الأجواء إيجابية ولا نطلب مساعدات بل مساحات اقتصادية مشتركة». ورأى أن «المملكة هي المفتاح للدول العربية ونحن لا نسعى للاصطفاف في أي مكان في العالم».
وأشارت معلومات «البناء» الى أن «المسؤولين الكويتيين أبلغوا اللواء إبراهيم استعدادهم لتقديم كافة انواع الدعم للبنان، لكنهم يفضلون أن يكون الدعم ضمن قرار خليجي جماعي وأن لا تخرق الكويت هذا الإجماع بقرار منفرد، لذلك نصح الكويتيون إبراهيم بالتحدث مع السعوديين والتقارب معهم، وبذلك تكون الكويت وقفت على خاطر السعودية ولم تتجاوز القرار الخليجي». ولفتت المصادر الى أن «اللواء ابراهيم عمل بالنصيحة الكويتية وقصد السفارة السعودية للقاء السفير السعودي في لبنان في مسعى لترتيب زيارة للبخاري الى السرايا الحكومية للقاء رئيس الحكومة الدكتور حسان دياب»، علماً أن البخاري لم يزر دياب منذ توليه رئاسة الحكومة.
وإذا كانت الكويت تريد ضوءاً أخضر سعودياً لمساعدة لبنان فإن قطر متجهة لتقديم الدعم للبنان من دون انتظار قرار سعودي أو خليجي بحسب معلومات «البناء» والتي أشارت الى أن «الأجواء ايجابية حتى الآن لكن لم تتحول الى قرارات تنفيذية وهي بحاجة الى مساعٍ سياسية لإنضاج الطبخة»، لكن أوساطاً مطلعة رجحت لـ«البناء» أن تستمر الولايات المتحدة الأميركية بسياسة حصار وخنق لبنان بشكل تصاعدي حتى يقدّم لبنان أي ورقة تعتبرها واشنطن تنازلاً تحتاجه إدارة الرئيس الاميركي دونالد ترامب وتحتاج مثله في مختلف ساحات المنطقة في ايران وسورية واليمن وفلسطين، أما الملفات التي تطلب واشنطن أن يتنازل لبنان فيها: إبعاد حزب الله عن القرار السياسي في المؤسسات الدستورية لا سيما في الحكومة
وملف ترسيم الحدود البرية. التنازل عما تريده «اسرائيل» في المنطقة الاقتصادية في المياه الاقليمية.
وبرز موقف لوزير الخارجية الأميركي مايك بوبيو خلال مؤتمره الأسبوعي بإشارته إلى أن صندوق النقد الدولي سيوفر التمويل اللازم للحكومة اللبنانية إذا قدمت برنامجاً إصلاحياً.
وأكدت مصادر مطلعة على موقف حزب الله لـ«البناء» أن «الحزب ليس بوارد التنازل قيد أنملة في هذه الملفات ولا في غيرها»، مضيفة «مَن رفض التنازل في أوج العدوان الاسرائيلي على لبنان في 2006 وفي ذروة الحرب الارهابية على سورية ولبنان منذ العام 2001 حتى اليوم، لن يتنازل الآن تحت ضغط الحرب الاقتصادية والمالية والنقدية». مشددة على أن «حزب الله ومحور المقاومة لن يدخلوا بأي بازار وتسويات وتنازلات مع الأميركيين لا سيما مع الادارة الاميركية الحالية فأي تفاوض مع الاميركيين لن يجري مع ادارة ترامب بل مع الادارة الجديدة لذلك تتوقع المصادر اشتداد الضغوط الاميركية على لبنان والمنطقة كلما اقتربنا من تشرين الثاني المقبل موعد الاستحقاق الرئاسي الاميركي على أن تبدأ الانفراجات مطلع العام المقبل».
وفي موازاة الضغوط الأميركية على لبنان والهجمة الشرسة على حزب الله والشروط الغربية التي تصل الى المسؤولين اللبنانيين عبر قنوات دبلوماسية عدة، برزت الحركة السياسية التي يقوم بها البطريرك الماروني مار بشارة الراعي التي تركز على مبدأ حياد لبنان تجاه أزمات المنطقة مع ما يتضمّنه هذا الطرح من استهداف للمقاومة وسلاحها ما يتلاقى مع الضغوط الاميركية. وقد تحوّلت بكركي الى تجمع للمعارضين السياسيين لحزب الله ما دفع اوساط مراقبة للتساؤل: هل هناك من كان يريد تحويل بكركي الى رأس حربة جبهة معارضة لحزب الله وسلاح المقاومة؟ ولماذا تحصر بكركي الأزمة في لبنان بتدخل المقاومة في جبهات خارجية للدفاع عن لبنان؟ ولماذا لا يتم تشكيل جبهة سياسية موحّدة لمكافحة الفساد السبب الرئيسي للأزمات في لبنان والضغط على القضاء لتحريك ملفات الفساد ومحاكمة الفاسدين؟ وتذكر الأوساط بموقف الراعي الدفاعي عن حاكم مصرف لبنان رياض سلامة المسؤول الأول عن السياسة النقدية والتي ادت الى ضرب النقد الوطني.
وكان الراعي زار بعبدا أمس والتقى الرئيس عون وعرض معه آخر التطورات على الساحة المحلية. وجرى التطرق خلال اللقاء الى مواقف البطريرك الأخيرة لا سيما التي وردت في عظتي الاحد الأخيرتين حول موضوع حياد لبنان.
وبحسب معلومات «البناء» فإن الراعي سمع كلاماً حاسماً من الرئيس عون بأن «موضوع الحياد يحتاج الى وفاق وطني وهو غير متوفر الآن، وأن أي حياد عن ملفات المنطقة يعني الاستسلام والتسليم بالشروط الأميركية الإسرائيلية»، كما شدّد عون للراعي على ان مثل هذه الطروح التي تفتقد الإجماع تؤدي الى شرخ وانقسام سياسي داخلي بغنى عنه في الوقت الراهن وقد يفجر البلد».
وذكرت قناة «ال بي سي» أن «الراعي عرض لعون بالتفصيل الطرح الذي قدمه بموضوع الحياد. وقال إن الفكرة لا تستهدف اي طرف انما تحييد لبنان عن الصراعات».
وأشارت مصادر عسكرية لـ«البناء» الى أن «مبدأ الحياد وضبط سلاح المقاومة من دون تمكين الجيش بأسلحة ثقيلة ودفاعات جويّة للدفاع عن لبنان هي خطوة في المجهول وتضعف البلد وبالتالي فإن عجز السلطة السياسية عن تسليح الجيش يثبت بأن سلاح المقاومة لا يزال حاجة استراتيجية للبنان حتى الحصول على البديل أي جيش قوي مع قرار سياسي وطني موحّد ينطلق من مصلحة لبنان وكيفية الدفاع عنه لا من مصالح سياسية داخلية خارجية».
واشار الراعي في تصريح بعد اللقاء أن «لا خلاف مع الرئيس عون على الإطلاق وحياد لبنان مهمّ ليكون مكاناً للالتقاء»، موضحاً ان «الحياد ليس موجهاً ضد أحد، بل هو لمصلحة جميع المكوّنات اللبنانية لأن هذا الحياد يجلب الاستقرار والنمو ولا ينتشلنا من حالتنا الحالية شيء الا الحياد».
في غضون ذلك، وفيما يسيطر الجمود على ملف المفاوضات مع صندوق النقد الدولي والمعالجات المالية والاقتصادية وسط حديث عن تعثر هذه المفاوضات لأسباب عدة منها استقالة مدير عام وزارة المال ألان بيفاني وإصراره علي الاستقالة واستمرار الخلاف على الأرقام بين الحكومة والمصارف والمصرف المركزي وعدم إنجاز أي إصلاحات جدية حتى الآن باستثناء تعيينات الكهرباء.
وواصل سعر صرف الدولار تأرجحه صعوداً ونزولاً بين 7000 و8000 ليرة للدولار الواحد، تترقب اوساط حكومية لـ«البناء» أن يبدأ الدولار بالانخفاض خلال اسبوعين مع دخول اتفاق السلة الغذائية المدعومة حيز التنفيذ، وبالتالي انخفاض أسعار معظم السلع 40 في المئة، كما طمأنت الأوساط الى ان «ازمة الكهرباء الى المعالجة خلال أيام قليلة مع وصول 3 بواخر فيول الى لبنان وصلت الباخرة الأولى مساء امس.
وخيم الظلام أمس على مدينة بيروت ومناطق اخرى بعد نفاد مادة المازوت لدى اصحاب المولدات الخاصة (الاشتراكات) في ظل تقنين غير مسبوق بالتيار الكهربائي والذي وصل إلى 20 ساعة يومياً، في ظلِّ انقطاع مادة المازوت من السوق الرسمي حيث بلغ سعر الصفيحة فيه ١٦ ألفاً، بينما وصل سعرها في السوق السوداء اكثر من ٣٠ الفاً وغير متوفر. ووزع أصحاب المولدات الكهربائية في بيروت مناشير على المشتركين وجاء فيها: «سنضطر آسفين الى اطفاء مولداتنا بدءاً من اليوم لعدم توفر مادة المازوت».
وسجل الشارع جملة تحركات احتجاجية امس، فيما غاب مشهد قطع الطرقات لا سيما في تقاطع الرينغ وطريق الناعمة وبرجا وعدد من طرقات البقاع والشمال، وذلك بعد زيارة السفيرة الأميركية في بيروت دوروتي شيا الى السرايا الحكومية ولقائها الرئيس دياب.
وانطلقت تظاهرة من أمام مدخل وزارة السياحة باتجاه شارع الحمرا ضمّت العشرات الذين طالبوا باستقالة وزير السياحة رمزي مشرفية وسط انتشار لعناصر قوى الأمن عند مدخل المبنى. وعمد بعض المتظاهرين الى رشق المبنى بالبيض ورفعوا لافتات تدعو «لإنشاء دولة مدنية لاطائفية وتحقيق كامل المطالب»، كما دعوا «لاستقالة الحكومة».
وانتشر فيديو عبر مواقع التواصل الاجتماعي لقيام مجموعة من الشبان بطرد النائب علي درويش من منصة المجلس الطالبي في معرض الكتاب، وقال أحد المحتجين للنائب «هيدي سلطة آخر هما أي مشروع ثقافي ما منتحاور مع حدا بمثل السلطة. مقاطعين».
على صعيد آخر، أعلنت وزارة الصحة العامة تسجيل 91 إصابة كورونا جديدة رفعت العدد التراكمي للحالات المثبتة الى 2542. وتم تسجيل حالة وفاة جديدة امس لترتفع حصيلة الوفيات إلى 38.
كما سُجلت 21 اصابة بين عناصر الصليب الاحمر اللبناني. وفي التفاصيل ان احد المتطوعين والذي يعمل ممرضاً في أحد مستشفيات بيروت اصيب بالفيروس ولدى انتقاله الى مركز الصليب الاحمر نقل العدوى الى زملائه. وقد ظهرت حالتان عليهما العوارض فقط، فيما تبين أن تسع عشرة حالة أخرى اصيبت من دون عوارض.
الى ذلك علمت «البناء» من مصادر مطلعة أن ما أشيع عن انتشار وباء كورونا بين فريق الطاقم الطبي في مستشفى الزهراء في بيروت غير صحيح، وقد أعاد المصابون الأربعون إجراء فحوصات pcr في مختبرات متنوعة وأظهرت النتائج انها سلبية، ما يطرح أكثر من علامة استفهام حول من روّج لهذه المعلومات الكاذبة وهل الهدف منها تشويه سمعة هذا المستشفى الذي يعتبر مستشفى الفقراء وبالتالي ضرب الثقة به؟
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الأخبار
بطء في تلقّف العرض العراقي و«تطنيش» للعروض الإيرانية: الحكومة رهينة واشنطن
«حياد» البطريرك: على خطى «الكونت» ميشال سليمان
الراعي يكتشف «إكسير» الحل
فيما تواصل واشنطن التلويح بشروط المساعدات، تبدو الحكومة في انتظار «غمزة» رضا أميركي يقيها «شر» التوجه شرقاً. أو هذا، على الاقل، ما يوحي به التباطؤ الشديد في تلقّف العروض العراقية، و«التطنيش» المستمر للعروض الإيرانية بالمساعدة.
وكأن السلطات اللبنانية كانت تنتظر إشارة، أي إشارة، من الأميركيين، فيها شيء من الرضا، حتى تتملّص من الاحتمالات البديلة من الخضوع الكامل للسياسات الاقتصادية السابقة. فالبحث عن البدائل بالانفتاح على خيارات بديلة في النفط والكهرباء والاستثمار، من بغداد إلى بكّين، سرعان ما يتجمّد أو ينام في الأدراج، ما إن تلوح في الأفق «غمزة» أميركية بتخفيف الهجوم على لبنان، لا وقفه.
ظلّ السفيرة الأميركية دوروثي شيا حاضر، منذ جولتها التي تلت زيارة قائد المنطقة الوسطى في الجيش الأميركي الجنرال كينيث ماكنزي لبيروت، تحديداً عند من يملكون قرار قبول أو رفض العروض العراقية والإيرانية لتعويض نقص الوقود في السوق، في وقت تغيب الكهرباء عن يوميات اللبنانيين.
وحتى هذه اللحظة، رغم الإيجابية التي طبعت لقاءات الوزراء اللبنانيين بالوفد الوزاري العراقي، لم يُسجّل أي تقدّم مع استمرار سياسة عدم الحسم، فيما تصف قوى داعمة للحكومة ومدافعة عنها، آليات العمل بـ«البطيئة»، مع تلميحٍ إلى أن «البعض لا يزال يراعي الأميركيين الذين لم يقولوا إنهم يمانعون العمل مع العراق، لكنّهم لا يحبّذون أي حلول للأزمات المتلاحقة، ويسعون لتشديد الحصار ومضاعفة الأزمة الاقتصادية والأمنية». وهو بطء لا يمكن تبريره. فرغم أن لبنان هو من يحتاج إلى المساعدة وليس العراق، جاءت المبادرة من الحكومة العراقية، بعد مسعى سرّي لحزب الله وعلني للمدير العام للأمن العام اللواء عباس إبراهيم.
الأمر نفسه ينسحب على العرض الإيراني، الذي تأكدت جديته للمرة الثالثة، بشكل رسمي وعلني، مع إعلان السفير محمد جواد فيروزنيا، أول من أمس، استعداده لزيارة رئيس الحكومة حسّان دياب وعرض مساعدة إيران للبنان في الحصول على المشتقات النفطية بالعملة اللبنانية، علماً بأنه لم يصدر حتى الساعة أي ردّ رسمي على كلام فيروزنيا!
في المقابل، تؤكّد مصادر حكومية أن «العمل مع الجانب العراقي مستمر، ومن المفترض أن تظهر الاتجاهات الواضحة خلال عشرة أيام»، نافية أن يكون موقف الحكومة مرتبطاً بكلام السفيرة الأميركية، بل بـ«إجراءات لوجستية وتقنية»، مع تأكيدها أن «الحكومة ستفعل كل ما يلزم لحلّ أزمة الكهرباء والنفط».
ويشبّه البعض عدم اندفاع الحكومة للعمل بسرعة وتراجعها عن القرارات أو الخيارات تحت ضغوط إعلامية وسياسية، بانكفائها في الدفاع عن خطّتها المالية التي، رغم الثغرات، «تشكّل خطوة مهمّة إلى الأمام». وتقول مصادر «وسطية» إن «الحكومة أقرّت في خطتها، على سبيل المثال، استعادة جزء من أموال الهندسات المالية. وبما أن هذا الأمر يحتاج إلى مشروع قانون، بماذا يُفسّر عدم إعدادها مشروع قانون وإرساله إلى مجلس النواب والتواصل مع القوى السياسية لإقراره؟». والأمر نفسه ينطبق على «خيارات الصين والعراق وإيران. الحكومة جديّة في البحث عن الحلول، وهذه الحلول موجودة، إلا أنها تنكفئ وتتباطأ أمام الحملات والتحريض، والنتيجة أن لا خطوات عملية حتى الآن». وتخشى المصادر أن تكون «التهدئة الاميركية المزعومة خطة لتضييع الوقت، ولإبعاد لبنان عن التعاون مع الصينيين، فيخسر اللبنانيون الفرصة الصينية المحتملة ولا يربحون أي دعم أميركي»، علماً بأن التصريحات الأميركية تقطع الشكّ باليقين لناحية الإصرار على التصعيد. فقد كان وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو واضحاً أمس في ربط موقف صندوق النقد الدولي بالرضى الأميركي، مشيراً إلى أن الصندوق «سيساعد لبنان ويقدّم دعماً للحكومة» مشترطاً أن «تقدم الحكومة برنامجاً إصلاحياً». وإصلاحات بومبيو، مختلفة عن تلك التي يطالب بها الأوروبيون، إذ إن واشنطن لا ترى من الإصلاح إلّا مواجهة الحكومة لحزب الله تدرّجاً نحو إخراجه منها وعزله. وكان ماكنزي سبق بومبيو، قبل يومين، من خلال «إحاطة» لعدد من المواقع اللبنانية، هدّد فيها حزب الله بعواقب وخيمة «إذا شنّ حرباً على إسرائيل».
إبراهيم على مائدة البخاري: السعودية مفتاح الدول العربية
بالتوازي، استكمل إبراهيم مسعاه نحو الدول العربية موفداً من رئيس الجمهورية ميشال عون. ومساء أمس، توّج زيارتيه إلى قطر والكويت، بتلبية دعوة السفير السعودي في بيروت وليد البخاري إلى العشاء في منزله. وأكّد إبراهيم خلال اللقاء أن «السعودية هي المفتاح للدول العربية والشقيق الأكبر للبنان، ولسنا ساعين للاصطفاف في أي مكان». كلام المدير العام للأمن العام يذكّر بما قاله الكويتيون بصورة غير مباشرة، عن أن أي دور عربي في مساعدة لبنان يبدأ من السعودية. وفيما يشكّك كثيرون في إمكانية وصول إبراهيم إلى نتائج من المسعى العربي، في ظلّ القرار الأميركي بمنع أي مساعدة عن لبنان تخفّف من وطأة الحصار، تقول المصادر إن «ما يقوم به اللواء إبراهيم إلقاء للحجّة على من يقولون إن لبنان لا يريد التعاون مع العرب، ولننتظر النتائج».
الراعي يوضّح لعون: قصدت الدفاع عنك
منذ أيام، وتصريحات البطريرك بشارة الراعي حول «حياد لبنان» تأخذ أبعاداً سياسية في الداخل، وتجمع حولها مؤيّدين. وفيما استغلّ البعض كلام الراعي عن «حصار الشرعية» بالتصويب على عون، كانت زيارة البطريرك إلى بعبدا للتأكيد لعون أنه لم يقصد الإشارة إليه. وبحسب مصادر في القصر الجمهوري، فإن «الراعي أكّد للرئيس عون أنه يقصد بذلك كل من يقاطع بعبدا، وانتقد استغلال البعض موقفه للهجوم على رئيس الجمهورية». ومن بعبدا، أطلق الراعي شرحاً «مقتضباً» و«سجالياً» حين قال إن ما يقصده هو أن «الحياد يعني أن نلتزم القضايا العربية المشتركة من دون الدخول في صراعات سياسية وعسكرية، أو الدخول في أحلاف، إنما أن نكون المدافع الاول عن العدالة والسلام والتفاهم في القضايا العربية كما الدولية مع استثناء إسرائيل»، في نسخة معدّلة عن «الحياد الإيجابي» للسبعينيات. ولكي يزيد الطين بلّة، لم يوفّق البطريرك في تبريره سبب عدم قدرة لبنان على الحياد الكامل، حين ختم كلامه بالقول إن بين لبنان وإسرائيل عداوة… «للأسف»!
«حياد» البطريرك: على خطى «الكونت» ميشال سليمان
الراعي يكتشف «إكسير» الحل
اكتشف البطريرك الماروني أن الحياد هو الحل. ما أن يقرّه لبنان حتى يُغدَق عليه الدعم من كل حدب وصوب ويهنأ بسلام. ببساطة، هذا هو برنامج الراعي وداعميه في مسعاهم للخروج من الأزمة النقدية والاقتصادية والمالية والاجتماعية. وهو إن كان شعاراً رناناً بالنسبة إلى فريق «لبنان أولاً»، إلا أنه لا يشكّل سوى اصطفاف في المعسكر الأميركي، لاستكمال الطوق على حزب الله (تقرير رلى إبراهيم).
هذه المرة، اختار البطريرك بشارة الراعي عنوان «الحياد» ليعيد إلى بكركي بريقاً يبحث عنه منذ اختياره رأساً للكنيسة المارونية. يريد الراعي للتاريخ أن يذكره، أسوة بالبطريركين الياس الحويك وأنطوان عريضة. في عهد الأول أُعلنت دولة لبنان الكبير وفي عهد الثاني أعلن استقلال لبنان… على أن يكون الثالث، عهده، عهد إعلان الحياد. العنوان هنا تغطية لعبارة أكثر وضوحاً: «الحياد الإيجابي نحو الغرب». ليس الديمان بمنأى عن الصراع الحالي بين التوجه شرقاً أو غرباً، لا بل، في وقت امتنعت الأحزاب السياسية المتحالفة مع السفارة الأميركية عن النطق باسمها، «تبرّع» الراعي بنداء ينسجم مع ما تحاول الولايات المتحدة وسفارتها في لبنان إرساءه منذ سنوات. بين ليلة وضحاها، صار البطريرك مقصد تيار المستقبل والقوات والكتائب وبقايا ما كان يسمّى بقوى 14 آذار وسفير السعودية في لبنان. هي معادلة تسعد الطرفين: الراعي الباحث عن مجد يُعطى لعهده، وحلفاء أميركا الباحثين عمّن يتبنى معهم شعارات «تحرير الشرعية اللبنانية والانضمام إلى الشرعية الدولية» في وجه من يقيدها، أي حزب الله. يتناغم مطلبهم مع كلام الراعي بـ«رفض عبث أكثرية شعبية أو نيابية بالدستور والميثاق والقانون، وبنموذج لبنان الحضاري، وأن تعزله عن أشقّائه وأصدقائه مِن الدول والشعوب، وأن تنقله من وفرة إلى عوز، ومِن ازدهار إلى تراجع، مِن رُقيّ إلى تخلّف». سريعاً، تبنى الراعي الدعاية الأميركية الساعية إلى تحريض اللبنانيين ضد حزب الله عبر ربط الانهيار الاقتصادي وشح الدولارات وتبخر الودائع بخيارات سياسية مرتبطة بالانقسام في الإقليم. لا يتحمل حاكم مصرف لبنان رياض سلامة، المسؤول عن السياسة النقدية في البلد مسؤولية، ولو محدودة، عن الخسائر والديون والمليارات المهربة والدولارات المحتجزة. لذلك انتفض البطريرك قبيل أسابيع لحمايته عند طرح احتمال إقالته. فالمشكلة، في نظر الراعي، سياسية، ولا صلة بها بالسياسات النقدية والاقتصادية والمالية.
هكذا، دخل الراعي المعركة إلى جانب السفيرة الأميركية و«حزب المصرف». فالمعركة الرئيسية اليوم ليست سوى معركة توزيع الخسائر ومن يتحملها، المصارف أو الشعب؛ ومعركة آلية الخروج منها: إنتاج نظام اقتصادي جديد وإعادة هيكلة الدين الداخلي ورسملة المصارف، أو تحييد المصارف بالتزامن مع حصار أميركي غربي على لبنان بذريعة العقوبات على حزب الله وتحميله مسؤولية الإفلاس. ثمة ماكينة إعلامية – حزبية – دبلوماسية تعمل على تسويق الدعاية الأميركية، لزيادة الضغط الشعبي على حزب الله وتحوير الحقائق. حسم الراعي أمره مع الخيار الثاني، متجاهلاً أن الأزمة الاقتصادية تصيب دولاً التزمت «الحياد الأميركي»، والصلح مع إسرائيل، كمصر والأردن والبحرين، حيث لا سلاح ولا خلافات داخلية على الخيارات الاستراتيجية. الأمثلة في العالم كثيرة، من الأرجنتين إلى بورتو ريكو والإكوادور وصولاً إلى قبرص واليونان. بعضها مستعمرات أميركية وجميعها خاضعة لما يطيب للبعض تسميته بـ«الشرعية الدولية». رغم ذلك، لم تنقذ هذه الشرعية وهذا «الحياد» تلك البلاد من الانهيار الاقتصادي والنقدي والإفلاس.
يشير المقرّبون من البطريرك الراعي إلى أن «أساس «الحياد» هو حماية مسيحيي الشرق. فلبنان آخر موطئ قدم لهم، وانهياره يعني القضاء على وجود الطائفة ودفعها إلى الهجرة القسرية. والحياد نظرية عمرها أكثر من 80 عاماً، تبناها كل من بشارة الخوري ورياض الصلح، وصولاً إلى« إعلان بعبدا» في عهد الرئيس السابق للجمهورية ميشال سليمان. واليوم يطمح البطريرك، على ما قاله أول من أمس، لحياد منفتح يعيد لبنان «سويسرا الشرق». هو شعار ارتبط بقانون السرية المصرفية الذي تحوّل إلى أحد أبواب السرقة والتهرب الضريبي وإخفاء الثروات المنهوبة. يتابع الراعي: «بات لبنان منعزلاً عن كل العالم. لا يمكن أن نتغنّى بلبنان الرسالة والحوار من دون أن تكون لنا علاقة بأيّ دولة عربية أو غربية أو أميركية. وهويتنا الحياد الفاعل والإيجابي والبنّاء، وليس الحياد المحارب». إذاً، هنا لبّ المشكلة ولا شيء آخر، في رأي رأس الكنيسة المارونية. لا الانهيار الاقتصادي ولا الطائفية التي تمنع الإصلاح ولا الفساد المتغلغل في كل الإدارات والوزارات. ولا هو الحنين الى «سويسرا الشرق». مشكلة الراعي والمشروع الذي يحمله ويدعمه الأميركيون هي مع ما سماه «حياد محارب»، رغم أن كلمة حياد في غير مكانها هنا إذا كان المعني بهذا الكلام حزب الله. فالصراع اليوم بين مشروعين أحدهما الحياد الذي يخدم إسرائيل أي تحت عنوان السلام، وبين حركات التحرر اللاحيادية التي تنتزع حقوقها وتدافع عن قضاياها وتجبر العدو على التراجع بلا شروط. سمع الراعي كلاماً من هذا القبيل من سياسيين لا يوافقونه على نظرية «الحياد»، كالنائب السابق سليمان فرنجية الذي زاره أول من أمس. ويرى بعض من يعارضون «اكتشاف» الراعي الأخير أنه يحمل شعاراً بلا مضمون، أقنعه به «الكونت النمساوي المحايد» ميشال سليمان، والوزير السابق روجيه ديب، في استعادة لـ«إعلان بعبدا» الذي احترقت لوحته في القصر الجمهوري بعد انتخاب العماد ميشال عون رئيساً للجمهورية عام 2016. وإلى النسخة الجديدة من «إعلان ميشال سليمان»، هرول مناصرو «الحياد» من تيار المستقبل والحزب الاشتراكي والقوات والكتائب ومستقلي ما كان يسمى بـ14 آذار.
حجُّ الاذاريين إلى الديمان تفسره مصادر مقرّبة من الراعي بأنه «تأييد للطرح اللبناني الجامع ولا يتعلق بالطائفة المسيحية بل يسعى إلى تبديد الانقسام بين اللبنانيين عبر منعهم من نقل صراعات الإقليم إلى الداخل. وأول من ينقذه هذا الطرح هو حزب الله. فالنموذج المطروح في مذكرة البطريرك لا يحمي جونية بل الجنوب. خصوصاً أن إعلان حياد لبنان يفترض أن يترافق مع اعتراف إسرائيلي به وإعادة الأراضي اللبنانية المحتلة». كيف ذلك؟ «الشرعية الدولية ستفرض على إسرائيل الانسحاب». «الشرعية» نفسها التي عجزت عن تحرير حي من قرية اسمها الغجر، رغم وجود قرار صادر عن مجلس الأمن بذلك! ذلك لا يعني التخلي عن القضية الفلسطينية بل «دعمها دبلوماسياً لا عسكرياً».
كرة تأييد طرح البطريرك تكبر، وفقاً للمصادر، خصوصاً بعد تأييد دار الفتوى والعديد من المسؤولين لها، لذلك يحمل الحياد ضمن مذكرة سيسلمها إلى الفاتيكان هذا الأسبوع، كون الكرسي الرسولي «هو الأصلح للتسويق لهذا الطلب». يريد الراعي «نظاماً دستورياً يعتمد الحياد أسوة بالنمسا والسويد وفنلندا، وينص على عدم الخوض في أي صراعات عسكرية وسياسية أو الانحياز إلى طرف أو صراع أو حرب. يقود ذلك إلى ضرورة تطبيق قول حزب الله بأن سلاحه دفاعي، بوضعه على طاولة النقاش جدياً لإعداد استراتيجية دفاعية». هنا مربط الفرس، في نظر مسوّقي «مبادرة» البطريرك. أما الانهيار الاقتصادي، «فحلّه سهل». «نعوضه»، وفقاً لما يهمسه البعض في أذن البطريرك، «بالمساعدات»، لا بنموذج اقتصادي جديد ولا باستعادة الأموال المنهوبة وتحرير ودائع الناس ولا بمحاسبة مهندسي الهدر والسرقات.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
اللواء
ربط نزاع أميركي مع حزب الله.. والراعي وضع دعوة الحياد في بعبدا
70 شخصية تطلق «الجبهة المدنية الوطنية».. والكورونا يتفشى جنوباً.. وازدحام مرعب أمام مستشفى الحريري
مَنْ يذر الرماد في عيون مَنْ؟. وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو، بات طرفاً مباشراً في الاشتباك اللبناني، من زاوية «مناجزة» حزب الله السجال، أو القتال «بالحرب الكلامية».
وما قاله أمس، في مؤتمر صحفي، ان رهان حزب الله وحلفائه في الحكومة على نتائج الانتخابات الأميركية المقبلة، أمر غير واقعي، فحتى لو تغيرت الإدارة، فموقف واشنطن إزاء تقديم المساعدة للبنان لن يتغيّر.
وردا على سؤال لقناة «الحرة» في مؤتمره الصحفي، أمس، قال بومبيو إن «الشعب اللبناني لديه مجموعة من المطالب وهي بسيطة وصريحة جدا، لا يريد الفساد يريد حكومة تلبي مطالب الشعب وحكومة لا تخضع لنفوذ منظمة مصنفة إرهابية وهي حزب الله».
وأضاف «الشعب يريد ما تريده كل الشعوب حول العالم ولذلك هو في الشارع يتظاهر ويطالب بذلك. اللبنانيون يريدون نشاطا اقتصاديا عادياً، يريدون جمع الضرائب بشكل عادل، هذا ما يطالب به الشعب اللبناني ويجب أن يواصل المطالبة بذلك».
وأكد بومبيو أنه عندما تظهر الحكومة اللبنانية أنها تقوم بهذا العمل بشكل جيد وصحيح «فأنا على ثقة أن دولا من مختلف أنحاء العالم وصندوق النقد الدولي سيكونون مستعدين لتقديم الدعم المالي الذي تريده الحكومة لتنفيذ خطة إصلاحية يستحقها الشعب اللبناني».
والسؤال: هل هذا ذر رماد أم إشارة، يمكن ان يلتقطها البلد، الذي تحرص طبقته الحاكمة على انه متعثر، وليس مفلساً، للذهاب باتجاه إنجاز الإصلاحات، المتفق عليها دولياً، في مؤتمر «سيدر» أو التي يتطلبها صندوق النقد الدولي للشروع في إجراءات تقديم قروض للبنان، بما لا يقل عن 10 مليارات دولار، لالتقاط انفاسه الاقتصادية.
لكن الثابت ان نزاعاً اميركياً ما يزال مربوطاً مع حزب الله، بصرف النظر عن الإدارة الأميركية الجديدة.
الحياد و«الاكاديمية»
في بعبدا، مسحت تصريحات البطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي ما سبقها من رهانات على دور لبكركي، يدخلها طرفاً في الصراعات الداخلية..
غلب على كلام البطريرك، وهو يتحدث بعد لقاء الرئيس ميشال عون عند الخامسة من بعد ظهر أمس، معتبراً ان دعوته «للحياد والتحييد» تتفق مع مشروع رئيس الجمهورية لجعل لبنان مركزاً لاكاديمية «التلاقي والحوار» وهذا لا يصح إذا كان «لبنان غير حيادي»..
وتساءل: «ما معنى الحياد؟ هو لا يعني ان اتنحى جانبا ولا اتعاطى بأي امر. بل المقصود الحياد الإيجابي المفيد والناشط، حيث ان لبنان اذا ما تمتع بنظام حيادي يشبه سويسرا والنمسا وفنلندا والسويد، فهو يلتزم بالقضايا العامة للعالم العربي من دون الدخول في شؤون الصراعات السياسية والعسكرية او في احلاف، لكنه يكون المدافع الأول والمعزز للعدالة والسلام والتفاهم في القضايا العربية والدولية. بالإضافة طبعا اننا نستثني دائما إسرائيل التي بيننا وبينها عداوة. ولبنان يحمل القضية الفلسطينية بكاملها لأنها قضية حقوق للفلسطينيين..
وحول دعوته إلى فك الحصار عن الشرعية والتوجه إلى الأمم المتحدة، أكّد الراعي انه لا يسعى لاحراج رئيس الجمهورية..
وقال: انا اقصد اذا سيادة القرار الحر وشرعية الدولة، حيث لا يفتح كل احد شرعيته على حسابه. وهم كثر وانا لا اعني فئة واحدة. وقد ناشدت الدول الصديقة لكي تكون الى جانبنا لكوننا نعيش ازمة اقتصادية كبرى..
ونفى ان يكون قصد حزب الله بعظته الأخيرة: انا اعني الجميع، وكل واحد ع قده.. داعياً ان يكون الولاء للبنان وليس للحزب أو الزعيم..
وادرجت مصادر مطلعة لـ«اللواء» لقاء الرئيس عون مع البطريرك الراعي في اطار عرض وجهة نظر البطريركية المارونية من موضوع الحياد على ان الحوار بين بكركي وقصر بعبدا كان ضروريا لاجراء تقييم شامل في ما خص الموقف من الحياد. وعبر البطريرك وفق المصادر عن تفاهم مع الرئيس عون على وحدة البلد وعدم الحاق اي ضرر بها.
وقالت المصادر لـ«اللواء» إن البطريرك عرض للرئيس عون طرحه في مسألة الحياد وقال ان الفكرة التي طرحها ليست موجهة ضد اي فريق او طرف لبناني وبالتالي لا تستهدف اي فريق انما الهدف منها تحييد لبنان عن الصراعات.
وافادت ان رئيس الجمهورية اكد ان التوافق بين المكونات اللبنانية هو الأساس لأي خيار يتناول الواقع اللبناني واعتبر ان الوفاق الوطني هو الضمانة لأي حل للأزمة اللبنانية.
وفي سياق المقاربة الرسمية للانفتاح العربي، بحثاً عن مساعدات، زار المدير العام للأمن العام اللواء عباس إبراهيم سفير المملكة العربية السعودية في لبنان وليد البخاري في اليرزة، حيث تناول العشاء إلى مأدبته.
وبعد اللقاء صرّح اللواء إبراهيم بأن لبنان يتطلع إلى مساحات اقتصادية مشتركة تعود بالنفع علينا، وعلى الدول العربية التي نزورها.
وأكّد إبراهيم ان السعودية هي المفتاح للتعاطي مع الدول العربية، وننظر إلى المملكة على انها الشقيق الأكبر..
في هذا الوقت استمر الأخذ والرد حول مداخلة مدير عام وزارة المال المستقيل آلان بيفاني، الذي تردّد انه متمسك باستقالته، وانه اقترح اسم رئيس دائرة خدمات الخاضعين في مديرية الضريبة على القيمة المضافة روجيه لطفي (حامل دكتوراه من جامعة فرنسية) ليخلفه كمدير عام لوزارة المال.
«الجبهة المدنية الوطنية»
سياسياً، ووسط هذه التداعيات الخطيرة، وطنياً وسياسياً واجتماعياً، أطلق عدد من الناشطين في انتفاضة 17 تشرين، أمس، «الجبهة المدنية الوطنية» التي أكدت في وثيقتها التأسيسية على مجموعة ثوابت «سيادية» وما تعتبره الجبهة برنامجاً لتحقيق ذلك، وفي مقدمة الثوابت قيام حكومة مستقلة، بمواكبة برنامج انقاذ اقتصادي وإقرار إجراء انتخابات نيابية مبكرة، والتمسك بالسيادة الوطنية وتنفيذ إصلاحات بنيوية وقطاعية.
وعلمت «اللواء» أن عدد المشاركين في احتفالية الإطلاق قارب الـ70 مجموعة وناشط مع عدد كبير من قادة الرأي، مع تأكيد الجميع أن الصيغة الوليدة لا تلغي أحداً، بل تحترم البرنامج الخاص بكل مجموعة.
وأبلغت مصادر الجبهة «اللواء» أن «الجبهة ليست صيغة حزبية، بل إطار تنسيقي، وستعمل على توحيد المساعي والخطط والمبادرات لتحقيق أهداف الانتفاضة من جهة، ومن جهة ثانية ملاقاة كل جهد قائم داخلي أو خارجي لإخراج لبنان من أزماته المستفحلة، وملاقاة كل اللبنانيين في بناء دولة ومواطنة تلبي طموحاتهم».
وشددت الوثيقة على «التشبّث بالسيادة اللبنانية بكافة مقوّماتها والعودة إلى كنف الشرعيتين العربية والدولية عبر احترام قرارات الجامعة العربية والأمم المتّحدة، وحصر قرار السلم والحرب في يدّ السلطات اللبنانية، والأمن بالقوات العسكرية الشرعية اللبنانية والنأي بلبنان عن صراعات الاقليم تطبيقًا لإعلان بعبدا الذي أضحى وثيقة دولية، ووضع سياسة خارجية تخدم أولاً وآخراً المصلحة الوطنية العليا».
النفايات
على صعيد النفايات، كشف وزير التنمية الإدارية دميانوس قطار ان هذا الملف سيكون على جدول أعمال اجتماع مشترك اليوم بين مجلس الإنماء والاعمار وعدد من الوزارات لإيجاد حل مستديم..
وعلى صعيد المازوت، تدخل الرئيس عون شخصياً لتوفير هذه المادة لمستشفى الحريري، ليتمكن من استمرار العمل..
٢٥٤٢
صحياً، اعلنت وزارة الصحة العامة تسجيل 91 اصابة كورونا جديدة رفعت العدد التراكمي للحالات المثبتة الى 2542، وافيد عن إصابة 21 شخصاً بالفيروس، من عناصر الصليب الأحمر.
زحمة PCR
إلى ذلك، سُجّل أمس، اكتظاظ وزحمة كثيفة من المواطنين اللبنانيين والرعايا العرب والأجانب، أمام مستشفى رفيق الحريري الجامعي في بيروت – قسم أخذ عيّنات pcr، حيث شكا الموجودون من عدم اعتماد آلية وقائية، الأمر الذي يشكّل خطراً على المنتظرين لإجراء الفحص.
وناشدوا وزير الصحة ومدير المستشفى الدكتور فراس أبيض، العمل على تسيير أمورهم، واتخاذ إجراءات تنظيمية وقائية تسرع اجراء الفحوص وتجنب المنتظرين خطر الفيروس نتيجة الزحمة الحاصلة.
وأوضح مستشفى الحريري ان الاكتظاظ سببه التقدم لاجراء فحص الـPCR من أجل معاملات السفر، معرباً عن اسفه، واعداً باعتماد آلية مغايرة لما حدث، مثل تحديد عدد الفحوصات اليومية، وتسجيل المواعيد وأسماء المواطنين قبل يوم، بحيث يكون عدد استقبال الأشخاص وعدد الفحوصات ممكناً.
التفشي جنوباً
والبارز، هو تفشي وباء كورونا جنوباً، ففي النبطية أعلنت البلدة الاشتباه بحالة كورونا لوافد سوري.. واتخذت بلدية ميفدون إجراءات بعد إصابة اثنين من أبناء البلدة.
وأعلنت بلدية إركي (قضاء صيدا) وجود اصابتين في البلدة، داعية إلى الحيطة، وأقفلت بلدية حاصبيا مداخل بلدة عين جرفا وعزلتها بعد إصابة 4 أشخاص خالطوا المصابة الوافدة من دولة قطر..