النهار
زحلة تلتهب وجبيل تتأهب وبيروت للتوافق لبنان أمام الاختبار الحاسم في قمة اسطنبول
قد يكون أفضل ما واكب الذكرى الـ41 لبداية الحرب التي أحياها لبنان أمس وسط انغماس اللبنانيين في بحر الازمات والفضائح والملفات المثقلة بروائح الفساد، تزامن الذكرى مع تصاعد الاستعدادات للانتخابات البلدية والاختيارية التي يؤمل ان تشكل محطة بارزة على طريق اثبات قدرة اللبنانيين على النهوض مجددا من ارث السياسات التي تكاد تدفن الاصول الديموقراطية.
ذلك انه قبل زهاء ثلاثة أسابيع من الجولة الاولى من الانتخابات البلدية والاختيارية، بدأت رياح المبارزات الكبيرة تتضح في عدد من المدن والبلدات التي تتداخل فيها عوامل الاصطفافات الحزبية المسيحية تحديداً مع عناصر التحالفات والمعارك الاهلية والعائلية ولا سيما منها في زحلة التي تبدو مرشحة لاحتلال صدارة الاستحقاق البلدي، كما برزت مفاجأة في جبيل التي كان يعتقد انها لن تشهد معركة انتخابية، فيما اندفعت في المقابل مساع حثيثة نحو توافق واسع في بيروت، ويجري سعي مماثل ولو من منطلقات مختلفة لتوافق يوفر على طرابلس مبارزة حادة.
زحلة التي تشهد أجواء حارة للغاية اتجهت “رسمياً” أمس الى المعركة الكبيرة بعد سقوط كل احتمالات تجنب المبارزة.
وغداة اعلان ترشيح اسعد زغيب مدعوما من الاحزاب المسيحية الثلاثة “التيار الوطني الحر” و”القوات اللبنانية ” والكتائب، ردت “الكتلة الشعبية ” بلسان رئيستها السيدة ميريام سكاف أمس باتهامها الاحزاب الثلاثة بخوض “حرب الغاء ضد الكتلة وبيت ايلي سكاف” واعلنتها تالياً “معركة الكتلة الشعبية منفردة” في وجه الاحزاب الثلاثة كما في وجه النائب نقولا فتوش بعد سقوط التوافق. وأوضحت انها لم تبدأ بعد مشاوراتها مع ” تيار المستقبل” و”حزب الله” وحركة “أمل”.
في غضون ذلك، بدا فجأة ان التوافق يكاد يسقط في الانتخابات البلدية في جبيل. فبعدما كانت ثمة محاولة من “القوات اللبنانية” و”التيار الوطني الحر” ورئيس البلدية الحالي زياد الحواط لتشكيل لائحة توافقية، أكد الأخير لـ”النهار” ان الاتفاق مع “التيار” لم ينجح، معتبراً أنه يشكّل وحده 82 في المئة من المدينة، و”بالتالي مجرد قبولي المشاركة كان بهدف إشراك الجميع في العمل البلدي والانمائي وفي الفورة الانمائية للمدينة. قدّمت عضوين من “التيار” في المجلس المؤلف من 18 عضواً لكنهم رفضوا بحجة أن حجم “التيار” التمثيلي اكبر. فأنا لا أقوّم الأحجام وما أريده إجماعاً جبيلياً وليس حزبياً”.
وأوضح انه اتفق مع “القوات اللبنانية” على “المشروع والرؤية والخطة من دون التطرق الى الحصص”، وأكد الحواط انه سيعلن لائحته في الايام المقبلة.
وقال منسق هيئة قضاء جبيل في “التيار الوطني الحر” طوني أبي يونس لـ”النهار” ان المفاوضات مع الحواط لم تتوصل الى تفاهم، “والآن ندرس حيثية المعركة، وثمة اتصالات نقوم بها مع الحلفاء من أحزاب وفاعليات في جبيل”. في المقابل، أفاد منسق “القوات اللبنانية” في جبيل شربل أبي عقل أنه “يراهن على أن الموضوع لن يذهب بعيداً، لأن النية موجودة عند الطرفين، أي “التيار” والحواط، في مبدأ المشاركة، والمشكلة تتوقف على الرقم. أنا أعوّل على الاتصالات الحثيثة التي يجريها كل الأطراف وكل الخيرين لترتيب المسألة ولتحييد المدينة عن معركة وفي رأيي سنصل الى مكان ما”.
اما في بيروت، فعلمت “النهار” ان الاطار العام للاستحقاق البلدي والاختياري ينطلق من تغيير المجلس البلدي الحالي وابقاء المخاتير.أما في شأن البلدية، فالاتجاه هو نحو التوافق على قاعدة المناصفة التي أرساها الرئيس رفيق الحريري وهي يتابعها الرئيس سعد الحريري من أجل اعطاء صورة عن العاصمة كمركز للعيش المشترك في لبنان.
ولفتت مصادر مواكبة الى أن عدم حصول التوافق قد يعرّض مبدأ المناصفة للاختراق. وتردد في بورصة الاسماء المطروحة لرئاسة المجلس البلدي المهندس جمال عيتاني يليه خالد قباني وعصام قصقص .
وترتسم علامة استفهام كبيرة حول توزع حصة الاعضاء المسيحيين في ظل تعدد المرجعيات وهو أمر اتخذ بعده الواضح في الحركة الناشطة التي بدأ يشهدها “بيت الوسط” حيث كان أمس لقاء للرئيس الحريري ورئيس
حزب الكتائب النائب سامي الجميل والنائب نديم الجميل .
كما ان الاستحقاق البلدي والاختياري كان محور لقاء للحريري والنائب وليد جنبلاط. وشدد الحريري في لقاء مع وفد “مؤتمر انماء بيروت” على “اننا جادون في الانتخابات البلدية وكل التحضيرات تجري على قدم وساق”، مطالباً المواطنين بالنزول الى صناديق الاقتراع.
كما اكد تمسكه بالمناصفة بين المسلمين والمسيحيين باعتبارها ” جزءاً من ارث رفيق الحريري وعلينا ان نحافظ عليه وخصوصاً في بيروت “.
الموقف في اسطنبول
في غضون ذلك، تتجه الأنظار الى الموقف اللبناني الرسمي الذي سيعلنه رئيس الوزراء تمام سلام لدى مشاركته في القمة الاسلامية في اسطنبول التي تنعقد اليوم وغداً نظراً الى ما يمكن ان يتركه من انعكاسات مباشرة على الازمة الناشئة بين لبنان والدول الخليجية وخصوصاً بسبب الموقف من “حزب الله”.
وأفادت موفدة “النهار” الى اسطنبول سابين عويس ان البيان الذي وضعه الاجتماع الوزاري التحضيري للقمة حظي بموافقة لبنان باستثناء الفقرة المتعلقة بادانة “الاعمال الارهابية لحزب الله “التي تحفظ عنها ولكن بدا لافتا في المقابل ان الفقرة المتعلقة بالشأن اللبناني رحبت بـ”الحوار بين الاطراف السياسيين اللبنانيين” وحضت الدول الاعضاء على تقديم كل الدعم لتعزيز قدرات الجيش اللبناني. وبدا ذلك بمثابة موقف جديد اذ جاء بعد العاصفة الخليجية في شأن الموقف اللبناني.
وعلمت “النهار” ان الرئيس سلام الذي يرافقه وفد وزاري يضم الوزراء جبران باسيل وعلي حسن خليل وأكرم شهيب ومحمد المشنوق سيلتقي اليوم أميري الكويت وقطر، فيما لم يحدد بعد موعد للقاء محتمل بينه وبين العاهل السعودي الملك سلمان بن عبد العزيز.
وعلم ان الكلمة التي سيلقيها سلام امام القمة أدخلت عليها تعديلات واضافات أمس في ظل الاتجاه العام في القمة الى التنديد بسياسات التدخل الايراني في المنطقة اذ يفترض ان يأتي الموقف اللبناني واضحاً وحاسماً.
هولاند
الى ذلك علمت “النهار” ان برنامج زيارة الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند للبنان السبت المقبل يتضمن مبدئياً بعد وصوله من المطار زيارة لمجلس النواب في ساحة النجمة حيث سيكون رئيس المجلس نبيه بري وعدد من النواب في إستقباله .
وبعد المحادثات في البرلمان ينتقل هولاند الى السرايا للقاء الرئيس سلام. ثم يتوجه الرئيس الفرنسي الى قصر الصنوبر للقاء الجالية الفرنسية من أصل لبناني. ومساء يقام عشاء وجهت الدعوات اليها الى كبار المسؤولين والزعماء وعدد من الشخصيات النيابية والسياسية والدينية والاجتماعية.
وقبيل زيارة هولاند للبنان أفاد مراسل “النهار” في باريس ان وزير الخارجية الفرنسي جان – مارك ايرولت بحث أمس مع المنسقة الخاصة للامين العام للامم المتحدة سيغريد كاغ في التحديات التي يواجهها لبنان، ووجها دعوة لتخطي الانقسامات الداخلية وانتخاب رئيس للجمهورية في أسرع وقت. وأكد ايرولت في بيان صدر عن الخارجية الفرنسية “دعم فرنسا للبنان ولمؤسساته، وخصوصاً القوى العسكرية اللبنانية، لجبه التحديات الداخلية المهمة التي يواجهها لبنان”.
السفير
سلام «وسطي» في القمة الإسلامية: إرضاء «حزب الله» والسعودية!
الإنترنت: متهمون جدد.. وضغوط تتسلل.. وخرق محتمل
يواجه رئيس الحكومة تمام سلام والوفد الوزاري المرافق، المشارك في مؤتمر قمة منظمة المؤتمر الإسلامي، المنعقد في اسطنبول، مهمة صعبة تتمحور حول تدوير الزوايا الحادة، في ظل الخلافات الخليجية ـ الإيرانية التي تجلّت في مشروع البيان الذي صدر عن الاجتماعات التمهيدية لوزراء الخارجية وكبار الموظفين، والذي يدين «تدخل ايران في شؤون الدول العربية»، كما يدين ما وصفه الاقتراح السعودي بـ «الأعمال الإرهابية التي يقوم بها حزب الله».
ولعل التركيبة المتوازنة والمدروسة للوفد التي تضم الوزراء جبران باسيل وعلي حسن خليل ومحمد المشنوق وأكرم شهيب، برئاسة سلام، إنما تؤشر الى ضوابط تحكم الموقف اللبناني الرسمي الذي لا يحتمل، نتيجة التركيبة الداخلية المرهفة، حمولة ثقيلة من نوع توصيف «حزب الله» بأنه منظمة إرهابية، انطلاقاً من أنه مكوّن لبناني أساسي، ممثل في الحكومة ومجلس النواب ويملك قاعدة شعبية واسعة.
وعلى هذا الأساس، تحفّظ لبنان شفهياً في اجتماع كبار الموظفين على الفقرة التي تدين «حزب الله»، ثم سُجل التحفظ خطياً في محضر الجلسة، كما تحفّظ كل من الجزائر وايران واندونيسيا فيما ارتأى مندوب العراق مراجعة قيادته لاتخاذ القرار المناسب.
أما بالنسبة الى الموقف من السياسات الايرانية في المنطقة، فإن سلام يحاول توسيع هامش حركته على هذا الصعيد، تناغماً مع الطرح السعودي، وهو ما تُرجم بتأييد لبنان الإجماع العربي والإسلامي في القمة، وبالتالي الموافقة على إدانة التدخل الإيراني.
وهكذا يكون سلام «الوسطي» قد سعى الى «مقاربة مركبة» لاختبار القمة الإسلامية، قوامها مراعاة «حزب الله».. ومسايرة السعودية، امتداداً لمعادلة والده الشهيرة: «التفهم والتفاهم».
الإنترنت.. قضاء وسياسة
على صعيد آخر، بقيت قضية الانترنت غير الشرعي قيد المتابعة القضائية، حيث ادّعى النائب العام المالي القاضي علي ابراهيم، على ثلاثة أشخاص، بينهم موقوفان، في جرم تركيب وبيع انترنت غير شرعي، وأحالهم الى قاضي التحقيق الأول في الشمال.
كذلك ادعى على ثلاثة أشخاص بجرم تركيب انترنت غير شرعي وبيعه في بيروت، وأحالهم الى قاضي التحقيق الاول في بيروت.
وادعى أيضاً على سبعة أشخاص في أربعة ملفات في جرم تركيب انترنت غير شرعي وبيعها في محافظة جبل لبنان وأحالهم الى قاضي التحقيق الاول في جبل لبنان.
وقال ابراهيم لـ «السفير» إن عمل القضاء مستمر بهدوء ورصانة، لكشف كل ملابسات الانترنت غير الشرعي، لافتا الانتباه الى أن الادعاء على أشخاص مشتبه فيهم «هو جزء طبيعي من دورنا الذي كنا ولا نزال نؤديه بأفضل طريقة ممكنة».
وأكد أنه لم يتلق حتى الآن أي اتصال أو مراجعة من أي جهة سياسية لحماية أحد من المدعى عليهم. وأضاف: أقول للجميع، دعوا القضاء يعمل ويؤدِّ واجبه، وخففوا كل هذا الضجيج من حوله..
وأكد ابراهيم ان المهم المحافظة على النَفَس الطويل والاستمرارية الدؤوبة في التحقيقات والملاحقات، لافتا الانتباه الى ان الصخب السياسي سيتراجع عاجلا أم آجلا، أما القضاء فإنه معني بأن يواصل سعيه الى الإمساك بكل خيوط هذه القضية.
في المقابل، قالت أوساط مطلعة لـ «السفير»، نقلا عن أحد القضاة، ان تدخلات حصلت من قبل قيادات سياسية في «14 آذار»، لدى القضاء، بغية التوسط لمراعاة مسؤول الأمن في محطة الزعرور الذي أوقف على ذمة التحقيق ثم أطلق سراحه بسند إقامة.
وأشارت الاوساط الى ان سبب محاولة التأثير على القضاء هو تخوف البعض من ان يؤدي التوسع في التحقيق في حادثة الاعتداء على القوى الامنية وموظفي «اوجيرو» في الزعرور، الى انكشاف حقائق جديدة تتعلق بجوهر ملف الانترنت غير الشرعي، على قاعدة أن اعترافاً واحداً يمكن أن يجر خلفه المزيد من المتورطين.
وشددت الأوساط المواكبة على أن هناك سباقاً محموماً بين محاولة تمييع الحقائق والإصرار على تظهيرها، موضحة ان الـ «كارتل» الأساسي المتورط في فضيحة الانترنت غير الشرعي بات معروفاً بالأسماء، آملة أن يتمكن القضاء من إثبات ارتكابات أصحابها وتوقيفهم جميعا.
وأبعد من الـ «كارتل» المحلي، أكد مصدر رسمي لـ «السفير» أن فرضية ان تكون اسرائيل قد اخترقت شبكة الانترنت غير الشرعي، بغرض التجسس وتجميع المعلومات حول المشتركين فيها، هي على المستوى النظري فرضية ممكنة وواقعية، سواء تحولت الى حقيقة أم لا، لان هذه الشبكة هي «خاصرة رخوة» لقطاع الاتصالات، يمكن أن يتسلل عبرها الإسرائيلي بسهولة الى العمق اللبناني.
وأوضح المصدر أن المؤشرات التي تدعو الى القلق هي:
– ان حركة التخابر عبر الانترنت غير الشرعي مع قبرص وتركيا اللتين تربطهما علاقات مع اسرائيل، هي خارج سيطرة الدولة كليا ومن غير الممكن رصد مساراتها، لا ذهابا ولا إيابا، علما ان المعبرين الشرعيين الوحيدين لخدمات الانترنت هما في الجديدة وراس بيروت.
-ان الاسعار الزهيدة، بأقل من الكلفة، للسعات الدولية المهرّبة الى لبنان تدفع نحو الارتياب والتساؤل عمن يستطيع بيعها للتجار اللبنانيين بهذه القيمة المتدنية، ولأي غاية، وهل هناك من أراد استخدام هذا العرض كطعم أو كحصان طروادة، ليخترق عبره «داتا» المشتركين في الشركات المخالفة، وبالتالي ما الذي يمنع وجود عمل استخباراتي اسرائيلي خلف تسويق هذه «السعات المسمومة»؟
– ان تفكيك بعض التجهيزات من محطات الانترنت غير الشرعي، قبل الوصول اليها أو بعده، يدفع الى القلق من إمكانية أن يكون قد جرى طمس «داتا» أو أدلة، تنطوي على قدر من الأهمية.
البناء
الأسد ينتخب: جزءٌ من كفاحنا ضدّ الإرهاب… وتأكيدٌ على فشل الحرب
اسطنبول: فشل المصالحة التركية المصرية وتردّد باكستاني يُحبطان السعودية
سلام موعود بسلمان بعد حكم سماحة… والمحكمة الدولية تستعدّ لاتهام السيد نصرالله
لم تشهد استحقاقات حلب وجنيف في المسارين العسكري والسياسي تباعاً ما يجعل من أحدهما حدثاً سورياً، ففي حلب تستمرّ الاستعدادات في الأرياف الجنوبية والشمالية لمواجهة، لا يبدو ممكناً توقع موعدها، وفي جنيف تبدأ الجولة بوصول الوفد السوري الرسمي برئاسة السفير بشار الجعفري يوم غد الجمعة، فيما يملأ المبعوث الأممي ستيفان دي ميستورا وقته، والصفحات الفارغة من ملفاته بمحاضر جلساته مع وفد جماعة الرياض التي يبدو من مواقفها المعلنة أنّ جنيف سيراوح مكانه في انتظار أن تقول حلب كلمتها بتصفية آخر جيوب التدخل التركي وآخر معاقل «جبهة النصرة» في إدلب، باعتبارهما السند المادي الذي يمنح جماعة الرياض موطأ قدم في الجغرافيا السورية.
الانتخابات التشريعية السورية صارت هي الحدث، بصفتها استحقاقاً سورياً مئة بالمئة، لم ينجُ من انتقادات بعض الحلفاء ونصائحهم بتأجيله، وكان محور هجمات وضغوط متعدّدة في جبهات الغرب من واشنطن إلى لندن وباريس، وشكل الإصرار على إنجاز هذا الاستحقاق الدستوري في موعده رسالة متعدّدة الأبعاد، طغت على البعد الداخلي فيه، الذي يدور حوله نقاش تفصيلي لاستخلاص العبر والدروس لتمرين ديمقراطي تحتاجه سورية لمعاركها المقبلة، وتحتاج للإفادة من كيفية جعله قادراً على حشد أوسع الشرائح الشعبية إلى الإيمان بالسياسة وممارسة العملية الانتخابية بما يتخطى وظيفة الاستفتاء على الخيارات التي غلبت على هذا الاستحقاق، الذي نجح السوريون في تقديمه دليلاً على فهمهم وممارستهم للتحالفات ضمن مفهوم الحفاظ على القرار السيادي المستقلّ، فلا أحد يملك قرار سورية السيادي إلا سورية نفسها، وبرغم حجم عمق التحالف الذي يربطها بمن تقاتل معهم في خندق واحد منذ سنوات ولا تزال، فسورية ليست ورقة بيد أحد ولا يمكن لأحد أن يقرّر بصدد مناصبها السيادية ومؤسساتها الدستورية بالنيابة عنها، كما نجح السوريون في إيصال رسالة تؤكد للخارج أنّ الشعب الذي يحتضن الجيش ويقاتل في وجه الإرهاب، لا يزال رغم كلّ التضحيات والمعاناة بوجوهها المتعددة ممسكاً بالبوصلة السياسية لسورية الموحدة والسيدة ولدولتها المدنية العلمانية العابرة فوق المناطق والطوائف والأعراق. وهذا ما يؤكده كلّ من تناول الانتخابات، من مختلف المشارب السياسية، بمن في ذلك من تناولوا العملية الانتخابية بانتقادات إجرائية أو بتمنيات وتطلعات تحت عنوان كي تكون أفضل، فبقي الإجماع على المضمون السياسي للرسائل السورية، كما اختصرها الرئيس السوري بشار الأسد، بقوله إنّ هذه الانتخابات هي وجه من وجوه الكفاح الذي يخوضه السوريون ضدّ الإرهاب، وتأكيد على فشل الحرب التي استهدفت سورية في تحقيق أهدافها وخصوصاً النيل من الهوية الجامعة للسوريين، التي عبّرت عن ذاتها في الانتخابات بينما قال رئيس الحزب السوري القومي الاجتماعي أسعد حردان، إنّ مشاركة السوريين في هذه الانتخابات انتصار للقرار السيادي السوري وهذا الانتصار يوازي بمفاعيله انتصارات الميدان التي يحققها الجيش السوري وحلفاؤه في مواجهة الإرهاب.
ليس بعيداً عن حدود سورية الشمالية، حيث تترقب عيون الرئيس التركي رجب أردوغان بقلق وخوف، يترأس اليوم القمة الإسلامية في اسطنبول، حيث ينعقد رهان سعودي على إنجاز حلف في وجه إيران فيما روّجت الصحافة السعودية، لجعل القمة الإسلامية المرتقبة محكمة لإيران وحليفها حزب الله اللبناني، كما كتبت مقالاتها الافتتاحية، وتنبّأت بتحوّل المصالحة المصرية التركية، التي سيرعاها الملك سلمان بن عبد العزيز، بين الرئيسين المصري عبد الفتاح السيسي والتركي رجب أردوغان، قبل أن تحمل أنباء القاهرة أخباراً معاكسة أحبطت الرهان السعودي، مع حملة الاحتجاج التي تجتاح الشارع المصري والجيش وأركان الدولة على فكرة المصالحة، خصوصاً في ظلّ التبنّي العلني التركي لجماعة «الإخوان المسلمين»، والكلام التركي الفجّ عن انقلاب عسكري في مصر وعدم الاعتراف بشرعية الحكم والرئاسة فيها، ليُضاف ذلك إلى البلبلة التي تعيشها مصر في قضية الجزر التي وقّعت على التنازل عنها للسعودية، بصورة وضعت تحت المجهر كلّ خطوة تبدو مجرّد مسايرة مصرية للسعودية لاعتبارات مالية تُشعر المصريين بالمهانة وتستعيد مناخ التعامل القطري مع مصر أيام حكم «الإخوان».
الغياب الرئاسي المصري عن القمة يترافق مع حضور الرئيس الإيراني الشيخ حسن روحاني، رغم كلّ الحرب الإعلامية السعودية التي بدت حرباً نفسية لدفع إيران إلى التسليم بخسارة جولة اسطنبول وتفادي المواجهة، ويصل الرئيس روحاني على خلفية ما أنجزته زياراته السابقة لكلّ من تركيا وباكستان، بعد التصعيد السعودي ضدّ إيران وقطع العلاقات الدبلوماسية، وتقدّم تركيا وباكستان بمبادرات وساطة رحّبت بها إيران وتشكلت لجان ثنائية لمتابعتها.
لبنان المشارك في القمة بوفد يترأسه رئيس الحكومة تمام سلام موعود بلقاء سلام مع الملك السعودي، خصوصاً بعد الحكم الذي صدر بحق الوزير السابق ميشال سماحة، بعدما كان الحكم السابق قد وضع من قبل وزير الخارجية السعودي عادل جبير في الأسباب الموجبة لتدهور العلاقات وحجب الهبة المالية المخصصة لتسليح الجيش اللبناني، دون أيّ اعتراض من لبنان على هذا التدخل السافر في شأن القضاء اللبناني الذي وصفه الجبير بالتابع لقيادة الجيش والخاضعة لهيمنة حزب الله ما يستدعي وقف الهبة، لتسليح الجيش. وبعدما عملت الحكومة بموجب وصفة الجبير تنتظر أوساط حكومية علامة الرضا السعودية باستقبال رئيس الحكومة، الذي تؤكد مصادره أن لا موعد للقاء بعد.
ولبنانياً أيضاً تفاعل سياسياً وشعبياً ما تسرّب عبر ما نشرته صحيفة «روز اليوسف» المصرية، وعمّمته قناة «أم تي في» اللبنانية، عن قرار المدعي العام في المحكمة الدولية الخاصة بلبنان توجيه الاتهام للأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله باعتباره صاحب القرار في الحزب الذي تقول لوائح المدعي العام للمحكمة إنّ الذين وجّه إليهم الاتهام من أعضاء وقيادات الحزب لا يمكنهم القيام بما يوجه إليهم من اتهام دون قرار من الأمين العام، والقرار في حال صدوره سيرتب وفقاً لمصادر متابعة تصعيداً في التعامل بين حزب الله والمحكمة الدولية، تقدم عليه المحكمة، دون أن تمتلك السيناريوات التي سيردّ بها الحزب على هذا التصعيد.
سلام إلى اسطنبول…
توجّه رئيس الحكومة تمام سلام إلى اسطنبول يرافقه وفد وزاري ضمّ الوزراء جبران باسيل وعلي حسن خليل وأكرم شهيب ومحمد المشنوق، للمشاركة في قمة منظمة التعاون الإسلامي التي تنعقد اليوم.
ونفت مصادر وزارية لـ»البناء» علمها بما تردّد عن لقاء على هامش قمة اسطنبول، سيجمع سلام مع الملك السعودي سلمان بن عبد العزيز للبحث في العلاقة بين لبنان والمملكة السعودية، مؤكدة أنه لم يتم تحديد موعد لهذا اللقاء.
وحول موقف رئيس الحكومة والوفد الوزاري من أي قرار يصنف حزب الله تنظيماً إرهابياً في القمة، أجابت المصادر: ربما يكون الموقف كما المواقف السابقة في المؤتمرات السابقة، لكن فلننتظر ماذا سيُطرح في القمة وبناءً عليه سيتخذ سلام القرار المناسب.
وكشفت المصادر أن هناك «أطرافاً داخلية تعمل على ترطيب أجواء العلاقة بين لبنان ودول الخليج وخصوصاً مع السعودية بعد الأزمة التي مرّت بها العلاقة منذ أشهر حتى الآن»، وشدّدت على أن «هناك قلقاً لدى اللبنانيين في الداخل من تأزم هذه العلاقة، كما لدى اللبنانيين العاملين في دول الخليج، وعمل الحكومة وسلام ينصبّ على تطويق تداعيات تأزم هذه العلاقة وعدم انعكاس ذلك على لبنان اقتصادياً».
عسيري: نشجّع أي مبادرة رئاسية
وفي موازاة ذلك، برزت مواقف للسفير السعودي في لبنان علي عواض عسيري اتسمت بالتهدئة، حيث شدّد على أن «العلاقات بين السعودية ولبنان تاريخية وعميقة». وجدد التأكيد على حرص المملكة على لبنان ووحدة الصف فيه وعلى الحوار اللبناني – اللبناني كي يصل إلى الحلول البناءة في ظل مرحلة إقليمية ودولية صعبة». وأشار عسيري، بعد زيارته الرئيس سعد الحريري أن «المملكة شجّعت ولا تزال أي مبادرة وأي تحرك جدي يؤدي إلى تعجيل انتخاب رئيس للجمهورية».
قرار جديد للمحكمة الدولية؟
على صعيد آخر، ومواكبة للضغوط الخليجية على حزب الله وتزامناً مع مؤتمر القمة الإسلامية في اسطنبول الذي من المتوقع أن يصنف حزب الله تنظيماً إرهابياً، تردّدت معلومات عن أن المحكمة الدولية الخاصة باغتيال الرئيس رفيق الحريري انتهت قبل أيام، من صيغة قرار يُنتظر إعلانه قريباً، بضم كل من الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله، وبعض الشخصيات في الدولة السورية إلى لائحة المتّهمين باغتيال الحريري.
وسيلة جديدة للضغط على حزب الله
وعلقت مصادر مطلعة في 8 آذار لـ»البناء» على هذه المعلومات، واعتبرت أن «هذا القرار الجديد للمحكمة إن صدر، يأتي في ظل الهجمة الدولية الممنهجة التي تشن على حزب الله في هذه المرحة بالذات لمحاولة الالتفاف على الدور المؤثر الذي يؤديه الحزب في أكثر من ساحة لمواجهة المؤامرة الأميركية التفكيرية»، وشدّدت على أن «هذه الهجمة تأخذ أشكالاً وأوجهاً مختلفة ومتعددة أبرزها الهجمة الخليجية الشرسة على حزب الله وإعادة تفعيل المجموعات الإرهابية في سورية ووسائل أخرى يجري استنباطها وقرار المحكمة المتوقع يأتي من ضمنها كوسيلة جديدة للضغط بعد فشل كل الوسائل السابقة في تحقيق أهدافها».
اتهام السيد نصرالله يحتاج لتقييم جديد
وعن كيفية مواجهة قيادة حزب الله لهذا القرار، رأت المصادر أن «الحزب لديه قواعد معروفة في التعاطي مع المحكمة الدولية وهو يعتبرها غير موجودة ولا يعترف بها ولا بشرعيتها ولا بأحكامها وقراراتها، ومتيقن من أن أهدافها مشبوهة، وبالتالي غير معني بإصدار ردة فعل خارج هذه المعايير، أما إذا تم توجيه الاتهام مباشرة إلى السيد نصرالله كما يُشاع فعندها لكل حادث حديث».
واستبعدت المصادر أي تداعيات سلبية للقرار على الساحة المحلية، وأضافت: «إلا إذا كان هناك قرار فعلي بتوجيه الاتهام إلى السيد نصرالله وحينها يحتاج الأمر إلى تقييم جديد على ضوء الحدث والمشهد الأكبر في المنطقة الذي يأتي الاتهام من ضمنه».
هولاند في بيروت بعد غد السبت
وفي غضون ذلك، يصل الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند إلى بيروت يوم بعد غد السبت في إطار زيارة يقوم بها إلى المنطقة.
وأكد السفير الفرنسي ايمانويل بون أن «زيارة الرئيس هولاند للبنان ستكون تأكيداً جديداً على الموقف الفرنسي الداعم للبنان وشعبه وأن فرنسا تقف إلى جانب لبنان تكريساً للعلاقات التاريخية التي تربط بين البلدين وتزداد تجذراً يوماً بعد يوم».
زيارة محصورة بموضوع النازحين
وأشارت مصادر مطلعة على الزيارة لـ«البناء» إلى أن «زيارة هولاند محصورة بموضوع النازحين السوريين وللاطلاع على أحوالهم وعلى الخدمات الاجتماعية والمعيشية والصحية التي يتلقونها وللاطمئنان إلى عدم تفاقم وضعهم الإنساني كي لا يؤدي ذلك إلى نزوحهم باتجاه أوروبا».
ولفتت المصادر إلى أن «الرئيس الفرنسي سيطلب من المسؤولين اللبنانيين خلال لقائه بهم ضمان استقرار الوضع الإنساني في المخيمات، وسيؤكد لهم اهتمام فرنسا بوصول المساعدات الدولية المخصصة إلى لبنان».
وأضافت أن «الرئيس الفرنسي سيعمل على استغلال ملف النازحين خلال زيارته إلى لبنان كما استغل الكثير من الملفات لاستثمارها في الانتخابات الفرنسية»، ونفت المصادر أن «تكون للزيارة أي علاقة بالملف الرئاسي بل إن الهدف المركزي لها هو أخذ الصور مع النازحين السوريين».
بري: لتفعيل المؤسسات
وأطلع رئيس مجلس النواب نبيه بري العائد من مصر النواب خلال لقاء الأربعاء، على أجواء اللقاءات التي عقدها مع المسؤولين المصريين وفي مقدمهم الرئيس عبد الفتاح السيسي، كما في أجواء مؤتمر الاتحاد البرلماني العربي الذي رأسه في القاهرة وتفاصيل ما دار في المؤتمر والمقررات التي صدرت عنه إن بالنسبة للبنان أم للتطورات في الوطن العربي والقضية الفلسطينية.
وشدّد الرئيس بري كما نقل عنه نواب الأربعاء لـ«البناء» على «ضرورة تفعيل عمل المؤسسات لا سيما المجلس النيابي والجلسات التشريعية حرصاً على استمرار مصالح المواطنين الاجتماعية والحياتية وتحصيناً للوضع الاقتصادي الصعب الذي يعاني منه لبنان في ظل الوضع المتوتر في المنطقة».
كما أشار بري إلى ضرورة عقد لقاءات بين المسؤولين الإيرانيين والسعوديين وذلك للتقريب بين السعودية وإيران وتصحيح العلاقة بينهما للعمل على تسوية ملفات وأزمات المنطقة.
ولفتت المصادر إلى أن بري لم يتطرّق إلى أي جديد على صعيد الاستحقاق الرئاسي الذي يحافظ على جموده ومراوحته في مكانه في الوقت الحالي.
هل يُنتخب رئيس في أيار؟
ورجّحت مصادر مطلعة على الملف الرئاسي لـ«البناء» أن يتم انتخاب رئيس للجمهورية في أيار المقبل، محذرة من استمرار الفراغ في الرئاسة الأولى منذ عامين وخطره على لبنان في المجالات كافة. وأشارت المصادر إلى أن «إنجاز هذا الاستحقاق لا يتم من دون اتفاق بين القوى الإقليمية والدولية والمحلية بما يشبه اتفاق الدوحة».
الحل بعون أو عنده…
واعتبرت المصادر أن القوى المحلية كافة ستعمل على إتمام هذه التسوية لاستعجالها التوصل إلى حل للأزمة الرئاسية، وشدّدت على أن «الحل سيكون بانتخاب رئيس تكتل التغيير والإصلاح العماد ميشال عون أو أن الحل سيكون عنده»، موضحة أن «العماد عون وحزب الله سيعملان على إيجاد الحل في نهاية المطاف إذا تعذّر وصول عون إلى قصر بعبدا في الوقت الحالي». مرجّحة خيار انتخاب رئيس وسطي يوافق عليه عون أكثر من خيار انتخاب رئيس ينتمي إلى فريق سياسي معين.
ملف «أمن الدولة» معلّق
حكومياً، لا جديد بانتظار عودة الرئيس سلام والوفد المرافق من قمة اسطنبول، ومن المتوقع أن تعقد جلسة لمجلس الوزراء الاثنين المقبل لاستكمال البحث في بنود جدول الأعمال، على أن يوضع ملف جهاز أمن الدولة بنداً أول. وفي السياق، نفى وزير الشؤون الاجتماعية رشيد درباس لـ»البناء» أي تقدم على هذا السياق، مؤكداً أن الاتصالات للتوصل إلى حل مجمّدة والملف معلّق.
المستقبل
الحريري في ذكرى الحرب: الرئاسة تُحصّن السلم
في الذكرى الـ41 لاندلاع الحرب الأهلية، شدّد الرئيس سعد الحريري على ضرورة إنهاء الفراغ وانتخاب رئيس للجمهورية لتحصين السلم الأهلي في مواجهة النيران المحيطة، وقال: «نكرر أننا لن نتوقف عن العمل لتحصين السلم الأهلي ومنع الفتنة لضمان أنها ولّت الى غير رجعة بإذن الله، كما نؤكد في هذه الذكرى تمسكنا باتفاق الطائف الذي وضع حداً نهائياً للحرب وأعاد لبنان نموذجاً للعيش الواحد والتنوع في عالم يزداد انعزالاً وإقصاء».
وأكد الحريري في سلسلة تغريدات له عبر موقع «تويتر» على ثقته «بأن كل المخلصين من كل الطوائف والانتماءات السياسية لن يسمحوا بعودة الاقتتال الأهلي تحت أي ظرف من الظروف»، معتبراً أن «تجربة الحرب المدمرة علمت جميع اللبنانيين أن التمسك بالدولة ومؤسساتها هو السبيل الوحيد للاستقرار والأمن والحياة الكريمة لكل اللبنانيين»، و«ان إنهاء الفراغ الرئاسي بأسرع وقت يحصن سلمنا الأهلي من مخاطر امتداد نيران الحروب المحيطة إليه».
وختم الحريري قائلاً: «هذه الذكرى الأليمة مناسبة لنترحم على أرواح ضحايا الحرب الأبرياء، ولنتضامن مع جرحاها، ولنكرر المطالبة بمعرفة مصير الذين اختطفوا وفقدوا خلالها، وندعو اليوم بالرحمة للرئيس الشهيد رفيق الحريري الذي أضاء شمعة الأمل في عتمة اليأس ورفع لواء العلم في وجه الميليشيا وأعاد الإعمار والإنماء».
«البعض يتغنّى بالدستور في مواقفه ولا يلتزم به في ممارساته»
الحريري: التحضيرات لـ «البلدية» على قدم وساق والمطلوب الحفاظ على المناصفة
رأى الرئيس سعد الحريري أن «الأوان آن لأن ننتخب رئيساً للجمهورية«، لافتاً الى أن «الالتزام بالدستور واحترام القوانين يعيد دورة الحياة السياسية إلى طبيعتها ويؤدي إلى النهوض بالبلد«. وأشار الى أن «البعض يتغنى بالدستور في خطبه ومواقفه، ولا يلتزم به في ممارساته وسلوكه السياسي.
فتارة يعلن تمسكه بالدستور وتارة أخرى يعطله ولا يذهب إلى المجلس النيابي لانتخاب رئيس للجمهورية. ثم يذهبون إلى اليمن وإلى دول أخرى للقتال فيها من دون تفويض من أي فريق لبناني، كما يفعل حزب الله».
وأوضح أن «المشكل ليس بقانون الانتخابات النيابية ولكن بالعقلية والمنطق«، مستغرباً «كيف أن بعض حلفائنا الذين ربحنا الانتخابات معهم، يريدون تغيير القانون«. وأكد «أننا جادون بالانتخابات البلدية وهي مهمة جداً بالنسبة إلينا، وكل التحضيرات تجري على قدم وساق«، طالباً من المواطنين «النزول إلى صناديق الاقتراع لاختيار من يمثلهم، إن كان في بيروت أو في كل المناطق اللبنانية«. وشدد على «المناصفة بين المسلمين والمسيحيين«، معتبراً ذلك «جزءاً من إرث رفيق الحريري، وعلينا أن نحافظ عليه وخصوصاً في مدينة بيروت التي دفعت ثمناً غالياً لتكريس هذه المعادلة«.
كلام الحريري جاء خلال استقباله في «بيت الوسط» مساء امس، «مؤتمر إنماء بيروت» في حضور المنسق العام للمؤتمر النائب محمد قباني والنواب: عاطف مجدلاني، هاني قبيسي، جان أوغاسابيان، عمار حوري، سيرج طور سركيسيان وسيبوه قلبكيان، النائبين السابقين سليم دياب ومحمد الأمين عيتاني، الوزير السابق حسن السبع، رئيس بلدية بيروت بلال حمد وأعضاء المجلس البلدي، رئيس غرفة التجارة والصناعة والزراعة في بيروت محمد شقير، مخاتير العاصمة ورؤساء الهيئات المنتخبة فيها، نقيب الصحافة عوني الكعكي، وفعاليات بيروتية.
استهل اللقاء بكلمة للنائب قباني شكر فيها الرئيس الحريري على استقباله «مؤتمر إنماء بيروت»، الذي «هو عملياً برلمان بيروت الشعبي، ويتألف من هيئات منتخبة ونواب ومجلس بلدي ومخاتير وهيئات اقتصادية وفعاليات ونقابات وجمعيات وغيرها».
ورد الحريري بالقول: «أهلاً بكم جميعاً في هذا البيت الذي يجمع اللبنانيين ولا يفرقهم. بيروت كانت حبيبة رفيق الحريري وبيته وكل ما لديه، حتى قبل أن يعمل في السياسة، فقد كانت عينه عليها منذ الثمانينيات، وأتى إليها وعمل فيها وبدأ مسيرته السياسية معكم أنتم أهالي بيروت، واستشهد في بيروت، ونحن أكملنا هذه المسيرة. لا شك أن إنماء بيروت هو بالنسبة الينا الهدف والأساس لكي نتمكن من القيام مجدداً بهذه العاصمة، وسط العواصم التي نراها حولنا تنهار يومياً. الحمد لله، نحن تمكنا من الحفاظ على بيروت وعلى لبنان، وسط هذه العواصف المحيطة، وهدفنا الأساسي أن يقوم البلد مجدداً ونشهد من جديد نمواً اقتصادياً وإنماء حقيقياً، لكي يعيش المواطن اللبناني بكرامته ولا يحتاج إلى أحد. هذه كانت فكرة رفيق الحريري الأساسية، وهي الإنماء بالاقتصاد وإعطاء الناس فرص العمل لكي يتمكنوا من النهوض بحياتهم، وهو عليه أن يمهد لهذه الفرص ويخلق نوعاً من الاستقرار السياسي والإنمائي والاقتصادي في البلد.
وخلال السنوات الاحدى عشرة التي فقدنا فيها رفيق الحريري، لم نر سوى استهداف لكل فكرة رفيق الحريري، بدءاً من وسط بيروت، سوليدير، وصولاً إلى كل ما يحصل من استنزاف للعاصمة ومحاولة إحباط عزيمة أبنائها، ولكن يبقى أهل بيروت هم الأساس والقادرون وحدهم على القيام بمدينتهم. لا شك أنه خلال هذه المرحلة الصعبة التي مررنا بها، تأثرت بيروت بعوامل سلبية، وخصوصاً الاحتقان والانقسام الحاصلين، واللذين أديا إلى تراجع كبير في نطاق الخدمات للعاصمة، ونحن واجبنا كتيار سياسي، وأنا واجبي كسعد الحريري، أن نستنهض الناس، ونقول لهم اننا لا نقبل أن نفقد الأمل، فبيروت حين تسلم أمورها رفيق الحريري كانت أسوأ بكثير مما هي عليه اليوم، والآن علينا فقط أن نرى كيف يمكننا أن نؤمن الاستقرار للبلد، وأنا على ثقة بأنه في لحظة انتخاب رئيس للجمهورية وتولي حكومة جديدة، سنرى مدى الأمل الموجود عند الناس وكم هم قادرون على القيام بهذا البلد، ومدى قدرة بيروت على استرجاع موقعها بين عواصم العالم».
أضاف: «بيروت شمعتها لا تنطفئ، بل ستظل مضاءة دائمة، أنا مؤمن بذلك فعلاً، وبأن مشروعنا هو الوحيد القادر على أن يقوم بالبلد، وبأننا بإذن الله سنعمل سوياً مع أهل بيروت وشبابها وشاباتها وسنكون قادرين على القيام بالبلد. هناك تحديات كبيرة ومشكلات كثيرة، هذا صحيح، ولكن ذلك لا يعني أننا لسنا بمستوى ذلك، نحن «قدها وقدود» إن شاء الله علينا أن نخرجها من العاصفة التي تمر في المنطقة. قد يقول البعض ما هي الإنجازات التي حققناها؟ ونحن نقول اننا إذا نظرنا حولنا ورأينا مدى العواصف التي دمرت البلدان المحيطة، إن في مصر أو سوريا أو ليبيا أو تونس أو العراق أو غيرها، فنحن في قلب هذه المنطقة وعلى الرغم من ذلك تمكنا من الحفاظ على البلد وعلى وحدتنا وتجنبنا الانجرار إلى اقتتال طائفي ومذهبي، وهذا أمر نفخر به، كما نجحنا في أن نقول ان التطرف ليس هو الحل بل الاعتدال. ولكن آن الأوان أن ننتخب رئيساً للجمهورية، والآن لدينا انتخابات بلدية في كل لبنان، وهذا أمر صحي لنا ولبيروت ولكل المناطق اللبنانية لأنه يجدد بعض الدماء ويقويها. وأنا أقول انني إن شاء الله باق معكم في بيروت، ولكن كما سبق أن قال رفيق الحريري، ممنوع علينا أن نفقد الأمل، وأنا أكرر هذا الأمر اليوم، لأنه بالأمل فقط يمكننا أن نعيد بيروت إلى ما كانت عليه، فهناك دائماً أمل وضوء خلف ذاك الظلام الذي شهدناه في السنوات الماضية، ونحن سنجد هذا الضوء إن شاء الله، وسننهض ببيروت وسنعيدها كما يحبها أبناؤها وكما أرادها الشهيد رفيق الحريري».
حوار
ثم دار حوار بين الحريري والحضور تمحور حول مطالب العاصمة ومشكلاتها، وأهمهما إنشاء سوق مركزية للخضار ومعمل لمعالجة النفايات على أسس حديثة وتوفير الكهرباء على مدى 24 ساعة، إضافة إلى تزويد بيروت بمياه الشفة التي تزداد الحاجة الملحّة اليها يوماً بعد يوم من مصادر جديدة وتنظيم الشوارع في العاصمة.
وعما يقوله للمواطنين على أبواب إجراء الانتخابات البلدية، أجاب: «نحن جادون بالانتخابات البلدية، وكل التحضيرات تجري على قدم وساق، ونطلب من المواطنين النزول إلى صناديق الاقتراع لاختيار من يمثلهم، إن كان في بيروت أو في كل المناطق اللبنانية. هذه الانتخابات بالنسبة إلينا مهمة جداً، ونؤكد على المناصفة بين المسلمين والمسيحيين، وهذا نعتبره جزءاً من إرث رفيق الحريري، وعلينا أن نحافظ عليه وخصوصاً في مدينة بيروت التي دفعت ثمناً غالياً لتكريس هذه المعادلة. رفيق الحريري استشهد في بيروت لأنه كان حريصاً على العاصمة وعلى المناصفة وتكريس صيغة العيش المشترك فيها بالفعل وليس بالقول«.
واعتبر أن «الالتزام بالدستور واحترام القوانين يعيد دورة الحياة السياسية إلى طبيعتها ويؤدي إلى النهوض بالبلد«، وقال: «المشكل أن البعض يتغنى بالدستور في خطبه ومواقفه، ولا يلتزم به في ممارساته وسلوكه السياسي. فتارة يعلن تمسكه بالدستور وتارة أخرى يعطله ولا يذهب إلى المجلس النيابي لانتخاب رئيس للجمهورية. ثم يذهبون إلى اليمن وإلى دول أخرى للقتال فيها من من دون تفويض من أي فريق لبناني، كما يفعل حزب الله».
وعن موضوع قانون الانتخابات النيابية، أوضح أن «المشكل ليس بالقانون ولكن بالعقلية والمنطق. ذهبنا إلى مؤتمر الدوحة وتوافقنا على سلة متكاملة لكل المسائل المختلف عليها ومن ضمنها قانون الستين الذي أطلق عليه البعض شعار «عاد الحق لأصحابه». وتم إجراء الانتخابات الماضية على أساس قانون الستين، وربحنا الانتخابات حينها، ولم يعد القانون الذي طالبوا به يعجبهم، فطالبوا بتغييره. نحن لا نرفض تغيير القانون وتوافقنا مع القوات والحزب التقدمي الاشتراكي على مشروع قانون يجمع بين النسبي والأكثري، وقلنا فلنبحث المشروع في المجلس النيابي، ولكنهم يرفضون ذلك لأنهم غير راضين عن المشروع المطروح. وأنا أستغرب كيف أن بعض حلفائنا الذين ربحنا الانتخابات معهم، يريدون تغيير القانون.
ووصف ما يطرح من صيغ لأحزاب مذهبية أو طائفية بأنه «أمر مؤسف«، مؤكداً «أننا نرفض كل هذه الطروح، وعلينا أن نعود الى فكرة 14 آذار وكيف نشأت. هي لم تكن على أساس سني أو شيعي أو مسيحي أو مسلم، الفكرة لم تفرق بين كل المكونات، وعندما خضنا الانتخابات النيابية في العام 2009 خضناها على أساس برنامج سياسي وليس طائفياً أو مذهبياً».
وشدد على أن «لبنان يقوم على أساس أحزاب وطنية وليس طائفية، وعلى سياسة وطنية. رفيق الحريري نجح لأن سياسته كانت وطنية تشمل كل المناطق اللبنانية من دون استثناء«، متسائلاً «لماذا التهجم على سعد الحريري اليوم؟ لأنني أرفض أن أتصرف على أساس مذهبي أو طائفي بل على أساس وطني». وعما يحكى عن إحباط من قبل أهالي بيروت، وخصوصاً عدم الحماس للمشاركة في الانتخابات النيابية المقبلة، قال: «البعض يقول اننا أصبنا بالإحباط واليأس، وأنا شخصياً، ومع كل الذي واجهته منذ 14 شباط 2005 وحتى اليوم، لم أفقد يوماً الأمل، ولن أفقده وليس مسموحاً أن أفقده، ومن سيفقد الأمل هم من يحاولون أخذ البلد إلى المكان الذي يريدونه، لأننا سنبقى في مواجهتهم وسنجعلهم يفقدون الأمل. يريدون أخذ بيروت وابتلاعها، لكن بيروت لا تُبتلع وهي أكبر منهم جميعاً. وفي الوقت نفسه نقول، نحن لا يمكننا أن نعيش إلا سوياً، وإذا كان هناك من يحاول الوصول إلى مآربه السياسية، منذ 11 سنة وحتى اليوم، فإني أؤكد أنهم لن يصلوا إلى هدفهم هذا».
بعد ذلك، استقبل الحريري رئيس «اللقاء الديموقراطي« النائب وليد جنبلاط في حضور وزير الصحة وائل أبو فاعور ونادر الحريري ومستشار الرئيس الحريري النائب السابق غطاس خوري، وجرى عرض للتطورات والأوضاع السياسية من مختلف جوانبها.
والتقى وفداً من «المعهد الديموقراطي الوطني للشؤون الدولية« برئاسة نيكول روزيل، وتناول البحث الأوضاع في لبنان ومنطقة الشرق الأوسط.
وكان الحريري استقبل قبل الظهر رئيس حزب «الكتائب اللبنانية« النائب سامي الجميل والنائب نديم الجميل، وتناول اللقاء تطورات الاوضاع السياسية في البلاد وشؤوناً عامة.
ثم التقى الوزير السابق خليل الهراوي، فرئيس حزب «الحوار الوطني« فؤاد مخزومي الذي قال: «إن الزيارة كانت للبحث في أمور المنطقة في ظل الجولات التي نقوم بها، والاطلاع على قراءة الرئيس الحريري للتطورات والواضح أن الأمور تسير بشكل سليم لكن تحتاج إلى تنسيق أكبر». وشدد على أهمية «الحوار بين فاعليات الطائفة السنية وكذلك وحدة الصف السني، لا سيما مع عودة الرئيس الحريري إلى بيروت ومبادرته بالانفتاح على مختلف الفاعليات ليس على المستوى السنّي فحسب، بل وعلى المستوى الوطني عموماً وهذا مؤشر إيجابي».
الاخبار
توقيف ضباط جدد في الأمن الداخلي | الحريري لريفي: كِش!
أوقِف ضابطان جديدان في المديرية العامة لقوى الأمن الداخلي، على خلفية التحقيقات في ملف فساد. وفي الوقت عينه، ازدادت الهوة عمقاً بين وزير العدل أشرف ريفي ورئيس تيار المستقبل سعد الحريري، الذي أكّد أن ريفي غادر إلى غير رجعة. بدا الحريري كمن يقول لوزيره: كِش ملك!
اتسعت رقعة التحقيقات في فضيحة الفساد داخل المديرية العامة لقوى الأمن الداخلي. وبعدما جرى التركيز في الفترة الماضية على قضية سرقة أموال العسكريين والمتقاعدين والمساعدات المرضية، انتقلت التحقيقات إلى مصلحة الآليات.
وذكرت مصادر أمنية لـ»الأخبار» أن وزير الداخلية نهاد المشنوق أصدر قراراً بتوقيف ضابطين لمدة 40 يوماً، في سجن المديرية.
وأحد الموقوفين هو رئيس مصلحة الآليات في قوى الأمن العقيد ن. ب، وسبق أن ورد اسمه ضمن المشتبه في تورّطهم في فضائح الفساد.
ومصلحة الآليات هي أحد مسارب الهدر والسرقة الرئيسية في المديرية، وبأساليب عديدة.
ويتداول ضباط ورتباء في «الأمن الداخلي» بروايات عديدة أساليب السرقة في هذه القطعة، سواء من خلال التلاعب بكشوفات كمية المحروقات المخصصة للآليات التابعة للمديرية، أو عبر تزوير فواتير شراء قطع غيار هذه الآليات.
ورغم أن التحقيق لم يكتمل في هذا المجال، إلا أن مصادر أمنية أكّدت لـ»الأخبار» أن وقائعه لا تقلّ خطورة عما كُشِف في الإدارة المركزية، لناحية سرقة مليارات الليرات من درجات رواتب العسكريين ومساعداتهم المرضية.
كذلك يجري الحديث عن ملفي فساد لم يُفتحا بعد بصورة واسعة، هما ملفا المساعدات الاجتماعية في المديرية، وكيفية صرفها، إضافة إلى تلزيمات تشييد أبنية الأمن الداخلي وتجهيزها.
وتذكّر المصادر الأمنية بأن قضية الفساد في تأمين مادة المازوت لقوى الأمن الداخلي لم تُستكمل كما يجب، بسبب الحماية التي حظي بها مقربون من المدير العام السابق اللواء أشرف ريفي.
وعند ذكر ريفي، يبدأ الشق السياسي من القضية، وخاصة لناحية ما يراه وزير العدل استهدافاً له، من قبل الرئيس سعد الحريري والوزير نهاد المشنوق.
وعلمت «الأخبار» في هذا الإطار أن الحريري أحبط مسعى السفير السعودي علي عواض العسيري، لعقد مصالحة بين رئيس تيار المستقبل وريفي.
ولفتت إلى أن الحريري وضع حداً لهذا المسعى عندما أعلن قبل 3 أيام أنه لو كان في لبنان رئيس للجمهورية لكانت استقالة ريفي قُبِلت.
وأتى هذا التصريح بعد عودة وزير العدل المستقيل إلى ممارسة جزء كبير من صلاحياته، من خلال التوقيع على بريد الوزارة وعلى عدد من المراسيم، لكن من منزله.
يُتداول بمعلومات في الأمن الداخلي عن فساد في تلزيمات الأبنية والمساعدات الاجتماعية
وتقول مصادر «دائرة القرار» في تيار المستقبل، إن الحريري لا يزال يرفض مناقشة أمر عودة ريفي إلى مجلس الوزراء، معتبراً أن وزير العدل خرج إلى غير رجعة.
وأكّدت المصادر أن الحريري لم يضغط باتجاه قبول استقالة ريفي بصورة ناجزة، لا لأنه يفتح له باباً للعودة، بل لعدم «استفزاز المسيحيين» الذين يعتبرون قبول استقالة وزير من الصلاحيات الحصرية لرئيس الجمهورية.
هذا القرار الحريري دفع ريفي أمس إلى تصعيد موقفه، في مقابلته أمس مع الزميل وليد عبود على قناة «ام تي في»، إذ اعتبر أن الحريري سيندم لأنه رشّح النائب سليمان فرنجية لرئاسة الجمهورية.
وفصل ريفي نفسه بصورة نهائية عن تيار المستقبل، لافتاً إلى أنه يرفض أن يكون «في حزب توتاليتاري».
ورأى أن الحريري أخطأ بحقه، لكنه قرر أن يسامحه! وفي الشأن الطرابلسي، هاجم مفتي طرابلس والشمال مالك الشعار، واصفاً إياه بـ»مفتي السلطان»، قبل أن يضع نفسه في مواجهة «المستقبل» في الانتخابات البلدية المقبلة، متحدثاً عن كونه ينسّق حصراً مع وليد معن كرامي.
وبالنسبة إلى استقالته من الحكومة، أعلن ريفي موقفاً ملتبساً: فهو من جهة أكّد أنه مصرّ على الاستقالة، لأن هذه الحكومة لا تشبهه، ومن جهة أخرى أصرّ على توقيع معاملات وزارة العدل من مكتبه الخاص، وأنه سيسلّم «الأمانة عند انتخاب رئيس للجمهورية». وبذلك، قطع الطريق على وزيرة العدل بالوكالة أليس شبطيني، مانعاً إياها من ممارسة صلاحيات وزير العدل.
هدوء بانتظار الثأر لزيدان
من جهة أخرى، كانت الأجواء حتى مساء أمس في مخيمي عين الحلوة والمية والمية تشير إلى أن جريمة اغتيال أمين سر حركة فتح في المية ومية العقيد فتحي زيدان، ستمر كالجرائم التي سبقتها واستهدفت ضباط وعناصر في فتح، من العميد جميل زيدان إلى العميد طلال الأردني، وصولاً إلى العنصر في قوات الأمن الوطني الفلسطيني حسين عثمان.
والسبب بحسب قائد القوات اللواء صبحي أبو عرب، أن «الحركة لن تنجرّ إلى الفتنة التي يريدها المجرمون، وستحرص على استقرار المخيمات».
في ظل تلك الأجواء، شيع زيدان عصر أمس إلى مثواه في مقبرة سيروب الجديدة بعد أن جابت جنازته شوارع المية ومية، تقدمها أبو عرب والسفير الفلسطيني أشرف دبور وأمين سر فصائل منظمة التحرير الفلسطينية فتحي أبو العردات، وسط إضراب وحداد عام شمل مخيمات صيدا.
على صعيد التحقيقات لكشف الجهة التي تقف وراء الاغتيال، أعلنت لجنة التحقيق التي شكلتها اللجنة الأمنية العليا أنها تتابع جمع الأدلة.
ولفتت معلومات إلى أن كاميرات المراقبة في المية ومية التي قد تُسهم في كشف من وضع العبوة الناسفة تحت مقعد زيدان في سيارته، لم يجرِ الإطلاع عليها حتى الآن.
خطّة CIA لما بعد انهيار الهدنة: سلاح أقوى لـ«المعتدلين»
نقلت صحيفة «ذي وول ستريت جورنال» أمس عن مسؤولين أميركيين قولهم إن وكالة الاستخبارات المركزية «سي آي إيه» وشركاءها في المنطقة وضعوا خططاً لإمداد مقاتلي المعارضة «المعتدلة» في سوريا بأسلحة أكثر قوّة، وذلك في حال انهيار الهدنة المستمرة منذ ستة أسابيع.
وأوضح المسؤولون أن الاستعدادات للخطة البديلة «تتركز على تقديم أنظمة سلاح لوحدات المعارضة من شأنها أن تساعدهم على توجيه هجمات ضد طائرات النظام السوري ومواقع المدفعية الخاصة به».
وكانت الصحيفة قد كشفت في شهر شباط الماضي أن كبار المستشارين العسكريين والاستخباريين للرئيس باراك أوباما «يضغطون على الكونغرس للتوصل إلى خطة بديلة لمواجهة روسيا في سوريا»، ومنذ ذلك الوقت، ظهرت تفاصيل جديدة حول طبيعة الأسلحة الجديدة التى يمكن نشرها بموجب البرنامج السري، أضافت الصحيفة.
تفاصيل البرنامج ذاك والاستعدادات لما بعد انهيار الهدنة، تمّت مناقشتهما في «اجتماع سرّي لرؤساء وكالات الاستخبارات في الشرق الأوسط قبل تفعيل اتفاق وقف إطلاق النار في 27 شباط الماضي، تلتها اتصالات لاحقة في ما بينهم»، كما أكدت «وول ستريت جورنال».
وحسب ما قال المسؤولون المطلعون على النقاشات، فإن أعضاء التحالف «تلقّوا تأكيدات من السي آي إيه بأنهم سيحصلون على موافقة لتوسيع دعمهم للمعارضة المعتدلة في سوريا». وفيما وافق أعضاء التحالف على الخطوط العريضة للخطة البديلة، إلا أن البيت الأبيض يجب أن يوافق بدوره على قائمة الأسلحة المحددة الواردة في الخطة قبل إمكانية إرسالها إلى ميدان المعركة، كما أوضحت الصحيفة، فيما كشفت أنه خلال المناقشات الأميركية مع قوات التحالف، ضغطت تركيا والسعودية لمدّ المقاتلين بأسلحة الدفاع الجوي المحمولة المعروفة بـ«مانپادس MANPADs» (منظومة دفاع جوي محمولة)، لكن واشنطن «حملتهما على التراجع عن ذلك المطلب باقتراح نظام أسلحة بديل».
يذكر أن المسؤولين تحفّظوا على ذكر أي معلومة تتعلق بنوعية السلاح الذي تعد به واشنطن المعارضة السورية في «الخطة ب»، وذلك بهدف «منع الجيش السوري وحلفائه، روسيا وإيران وحزب الله، من اتخاذ الاستعدادات اللازمة المضادة له».
وقال مسؤولون إن «سي آي إيه» أوضحت لحلفائها أن أنظمة الأسلحة الجديدة، عند الموافقة عليها، ستمنح للمعارضة «فقط في حال فشلت الهدنة والعملية السياسية الرامية لتحقيق السلام، وتمّ استئناف القتال الكامل».
وعلّقت الصحيفة بالقول إن المناقشات الخاصة بالخطة البديلة «هي جزء من محاولات أكبر من قبل إدارة أوباما تجري وراء الكواليس لردع خصومها فى الصراع السوري ومنع شركائها في التحالف الذين يدعمون المعارضة من التصرف من تلقاء أنفسهم». من جهتها، ذكّرت الصحيفة بأن «سي آي إيه» قامت منذ بداية برنامجها في سوريا بإدخال صواريخ «تاو» وأسلحة أخرى مكّنت مقاتلي المعارضة من تحقيق بعض المكاسب.
كذلك زعمت الصحيفة أن رسالة سرية نقلها مسؤولون أميركيون إلى نظرائهم الروس تفيد بأن «المعارضة السورية المعتدلة لن تزول، وأن العودة إلى القتال الكامل في سوريا ستضع الطيارين الروس في خطر حقيقي».
وتعليقاً على ما جاء في مقال «وول ستريت جورنال» قال نائب وزير الخارجية الروسي، سيرغي ريابكوف، إنه إذا كانت «الخطة ب» التي تتضمن احتمال التحول إلى العمليات العسكرية موجودة بالفعل، فإن «ذلك يثير قلقاً عميقاً».
COMMENTS