إفتتاحيات الصحف اللبنانية، يوم الثلاثاء 30 نيسان، 2019 

رافي مادايان : الرئيس الأميركي رفض طلب بابا الفاتيكان “رفع الحصار عن لبنان”
بعد “لقاء الأربعاء النيابي”، علي عمار  : الدولة أصبحت مهترئة وتحتاج لاعادة بناء بعيداً عن الطائفية
افتتاحيات الصحف اللبنانية، يوم الخميس 11 تموز ، 2024

ترددت في افتتاحيات الصحف، أصداء "الفرقيع" الذي رماه السيد وليد جنبلاط على حقوق الشعب اللبناني في مزارع شبعا وتلال كفرشوبا التي يحتلها جيش العدو "الإسرائيلي". ولوحظ أن "اللواء" وكذلك "البناء" فسرتا "الفرقيع الجنبلاطي" بـ"صفقة القرن" الأميركية، وأن السيد جنبلاط قد انضم أو يتهيأ للإنضمام إليها. وقد يجد بعض المواطنين في هذا التفسير مبالغة أو مدعاة سخرية، لأن شرارات "الفرقيع" كثيراً ما أحرقت أصابع رماتها. لا ينسى المواطنون أن البيان الوزاري للحكومة التي قدم السيد جنبلاط "تنازلات مؤلمة" ليدخل فيها، ينص على تحرير مزارع شبعا المحتلة بالمعادلة الذهبية : الجيش والشعب والمقاومة …   

Image result for ‫جنبلاط يبدأ‬‎

البناء
«داعش» يحاول تأكيد الوجود بالدم… والحرس الثوري يكشف تحليقه فوق حاملة طائرات أميركية 
الموازنة تبدأ مشوارها الطويل اليوم… وحزب الله لموازنة إصلاح لا تقشف 
«القومي» لوقف الهدر والفساد وتعزيز الإنتاج ومنع فرض الأتاوات على الفقراء
 
التفجيرات المتلاحقة والواسعة النطاق التي طالت سيريلانكا في أعياد الفصح، كانت الشريط الإعلاني التمهيدي لإطلالة بـ «لوك جديد» لأبي بكر البغدادي زعيم تنظيم داعش الإرهابي بعد خسارة الجغرافيا السورية والعراقية التي أطل منها معلناً دولة خلافته قبل خمس سنوات، وبعد عمليات قتلت المئات من الأبرياء والمصلين في سيريلانكا، أطلّ البغدادي بلحية بيضاء استبدل صباغها الأسود بتركها بيضاء طليت أطرافها بالحنة، وجالساً على الأرض بدلاً من الوقوف وراء منبر، في رسالة للجماعات التي تسير على نهج تنظيم القاعدة بأن داعش يعود إلى صفوفه ويُنهي مرحلة حلم الدولة، منافساً بالقدرة والجهوزية التنظيم الأصلي الذي انطلق منه، بدلاً من تغيير المنهج من القتل الأعمى على مساحة العالم بالسعي لبناء خلافة، على جغرافيا محددة.
خطورة العمليات التي أظهرتها تفجيرات سيريلانكا وما تستدعيه من مناخ دولي تعاوني يترفع عن الشقاق والتجاذبات والمواجهات، للتمكن من استئصال الإرهاب، لم تغير في المنهج الغربي الذي يقوم على الإمعان في سياسات التصعيد، وما ينتج عنها من فجوات في العلاقات الدولية تتسرّب من خلالها الجماعات الإرهابية، التي تحظى دائماً بالتبريرات لاحتضانها واحتوائها، تحت شعارات متعددة بصفتها عدواً محتملاً لأعداء الغرب يمكن توظيفه والاستفادة منه. وهذا ما أظهرته الاستراتيجيات الأميركية خصوصاً خلال العقود الماضية في التعامل مع تنظيم القاعدة وتنظيم داعش، وما يبدو مستمراً، مع وجود وجهة واحدة للتصعيد الأميركي هي إيران وقوى المقاومة، وتحت شعار عدو عدوك صديقك، والعداء القائم بين إيران وقوى المقاومة من جهة والفكر الوهابي ومتفرّعاته من القاعدة وداعش من جهة أخرى، تتواصل السلسلة التي بدأت منذ ثمانينيات القرن الماضي في أفغانستان بتوظيف الوهابية في قتال الاتحاد السوفياتي، ولم تعد سراً بعدما اعترف بها أطرافها في واشنطن والرياض، رغم مخاطر ما يظهره القتل المجاني الوحشي من التمهيد لحرب دينية.
على المسار الأميركي الإيراني، أظهرت إيران شريطاً مسجلاً صوّرته طائرات من دون طيار عن قرب لإحدى حاملات الطائرات الأميركية في الخليج، فبادرت واشنطن للنفي والتشكيك بصحة الشريط، ثم اعترفت بصحته، مصححة اسم الحاملة فهي إيزنهاور وليست هاري ترومان، ومصحّحة التاريخ فالصور قديمة وتعود للعام 2016، لكن الأهم هو أن طائرات تابعة للحرس الثوري تمكّنت باعتراف وزارة الدفاع الأميركية من الاقتراب من حرم الحماية الخاص بحاملة طائرات ولم يتم اكتشافها، أو لم يتجرأ الأميركيون على الاشتباك معها. والنتيجة هي ذاتها بمفهوم موازين القوى، إظهار العجز الأميركي، وهو مضمون الرسالة التي أرادت إيران إيصالها وقد وصلت وجاء النفي الأميركي ليصير تأكيداً.
في لبنان، تنطلق اليوم مناقشات الموازنة على طاولة مجلس الوزراء بعد تمهيد تداولي وتشاوري شمل جميع الأطراف، تولاه رئيس الحكومة سعد الحريري، الذي أكد في لقاءات التاشور أنه رغم امتلاكه آراء وتصورات تمثل موقفه وموقف كتلته، لكنه كرئيس للحكومة لن يتبنى إلا ما يتم التوافق عليه، لأن الحزمة المتفق عليها لن تعكس رأي أي من الأطراف منفرداً، لكنها الأفضل لمواجهة الوضع والفوز بمظلة حماية سياسية وشعبية للموازنة. وفي هذا السياق قالت مصادر متابعة، إن حزب الله عرض للموازنة من موقع وصف المطلوب بالموازنة الإصلاحية لا التقشفية، لأن التقشف تشريع ضمني لإلغاء نفقات ضرورية، بينما يعتقد الحزب أن متطلبات تخفيض جدي في العجز ممكن من خلال وقف إنفاق غير ضروري، وضبط المالية العامة ومنع التهرب الضريبي، وتثبيت ضرائب على جميع الأرباح دون استثناءات خصوصاً بالنسبة للمصارف. وهذه كلها إجراءات إصلاحية يحتاجها لبنان وتندرج تحت عنوان تحويل التحدي إلى فرصة، وهو ما يشكل توافقاً بين حزب الله وحركة أمل والتيار الوطني الحر والعديد من القوى النيابية التي تنتظر الموازنة في مجلس النواب لتقول كلمتها، منعاً لمد اليد على جيوب بالفقراء تحت شعار التقشف. وفي هذا السياق أكد الحزب السوري القومي الاجتماعي رفضه أية ضرائب أو اقتطاعات تطال مكتسبات ومداخيل الفقراء وذوي الدخل المحدود باعتبارها أتاوات لن يتم التساهل مع محاولات تمريرها، داعياً لإلغاء العجز وفقاً لرؤية اقتصادية توقف الهدر والفساد وترعى الإنتاج وتعزّزه، وتضع سياسة ضرائبية مدروسة تلبي مقتضيات النهوض الاقتصادي وتبتعد عن جيوب الفقراء وذوي الدخل المحدود.
رأى مجلس العمد في الحزب السوري القومي الاجتماعي أن الحصار الاقتصادي الذي تنفذه الولايات المتحدة الأميركية وحلفاؤها وأدواتها على الدولة السورية، لا يزال مستمراً، ودعا للتعامل مع الحصار والعقوبات الاقتصادية، باعتبارها حلقة من حلقات الحرب الإرهابية، واتخاذ الإجراءات المطلوبة لإفشال أهداف هذه الحرب الاقتصادية العدوانية.
وخلال جلسة عقدها المجلس برئاسة رئيس الحزب حنا الناشف، بحث خلالها المستجدّات على الساحة القومية، لفت الى أنّ سياسة الحصار والعقوبات على الشام، لا تقلّ خطورة عن الجرائم التي ارتكبتها المجموعات الإرهابية والدول الراعية للإرهاب بحق السوريين، وما ظهر خلال سنوات الحرب الثماني، أكد بأن الحرب لا تستهدف إسقاط مؤسسات الدولة وحسب، بل إذلال السوريين بالتهجير والمعاناة ولقمة العيش، غير أن تمسّك السوريين بالكرامة وصمودهم والتفافهم حول قيادتهم وجيشهم أسقط أهداف العدوان والحصار والعقوبات.
ورأى المجلس أن الدولة السورية التي نجحت في إدارة المعركة عسكرياً وسياسياً ودحرت الإرهاب وأفشلت مخطط رعاته، نجحت أيضاً في إدارة المعركة الاقتصادية بخطوات وإجراءات حمائية للاقتصاد. وهذا يشي بأن الدولة لن تقف عاجزة بمواجهة تحديات الحصار والعقوبات الاقتصادية، خصوصاً أن السوريين يتفهمون ويتعاملون بمسؤولية مع أسباب الأزمات التي تحصل بين الحين والآخر، ومنها أزمة البنزين والمحروقات.
ودان المجلس العقوبات الأميركية على الجمهورية الإسلامية الإيرانية، وعلى فنزويلا وعلى الدول التي ترفض الهيمنة الأميركية، واعتبر أنّها تهديد خطير للأمن والسلم الدوليين، عدا عن مخالفة المواثيق والقوانين الدولية التي تحكم التجارة الدولية والعلاقات الاقتصادية.
وتطرّق المجلس الى الوضع الاقتصادي في لبنان ورفض فرض ضرائب جديدة على المواطنين، سواء جاءت عن طريق الزيادة على القيمة المضافة، أو من خلال زيادة سعر البنزين والمحروقات، أو من خلال الاقتطاع من رواتب الموظفين ولا سيما العسكريين منهم. واعتبر أن هذا النوع من الضرائب على المواطنين والاقتطاعات من رواتب الموظفين هي «اتاوات» لا تفرض من قبل الحكومات والدول.
وأوضح أن معالجة الوضع الاقتصادي الصعب، تتطلب سياسة واضحة، والبداية بإقرار موازنة من دون عجز، وتغطية العجز من أبواب الهدر والفساد، وهناك مسؤولية تقع على المصارف، التي راكمت أرباحاً طائلة على مرّ السنوات من جراء الهندسات المالية التي رعت أرباحها.. وبات عليها أن ترعى الخطوات الإنقاذية للبلد من أزماته الاقتصادية.
هل انخرط جنبلاط في«صفقة القرن»؟
فيما انعدم النشاط السياسي والحكومي في عطلة الفصح لدى الطوائف التي تتبع التقويم الشرقي، ملأ رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط الفراغ بتصريحات تصعيدية شغلت الوسطين السياسي والإعلامي، مرفقة بعلامات استفهام عدّة حول سبب هذا التغيّر المفاجئ بمواقفه الخطيرة بدلالاتها السياسية الداخلية والمرتبطة بـ«صفقة القرن» لا سيما أن المواقف الجنبلاطية تؤسس لمرحلة جديدة من التعاطي والتماهي مع المشروع الأميركي الإسرائيلي الجديد المعروف بـ«صفقة القرن» وما إذا كان «زعيم المختارة» فعلاً قد انخرط فيها! علماً أن تصريحات جنبلاط جاءت بعد أيام قليلة من كلام مستشار الرئيس الأميركي دونالد ترامب جاريد كوشنر أن «ترامب سيعلن رسمياً عن صفقة القرن بعد شهر رمضان!».
ورجّحت مصادر مطلعة لـ«البناء» أن يكون تصعيد جنبلاط مرتبطاً بالمستجدات في المنطقة على صعيد مشروع تطبيع الأنظمة العربية مع «إسرائيل» وتصفية القضية الفلسطينية وشرعنة السيادة الإسرائيلية على ما تبقى من حقوق عربية في فلسطين والجولان ومزارع شبعا، فخُيّل لجنبلاط بحسب المصادر بأن قطار صفقة القرن لن يتوقف فعمد الى توجيه رسالة الى الأميركيين أملاً بالاستثمار في هذا المشروع عبر إطلاق مواقف تتماهى مع متطلّبات «الصفقة»، مشيرة الى أن «انقلاب جنبلاط يهدف إلى تحضير البيئة الداخلية السياسية والشعبية لأي قرار أميركي جديد يقضي الاعتراف بضمّ شبعا وكفرشوبا والغجر الى إسرائيل على غرار الجولان، وفي الوقت عينه إعادة مسألة سلاح حزب الله الى واجهة السجالات ورسالة استباقية لحزب الله بأن أي عملية في مزارع شبعا يعني تنفيذ عمل عسكري ضمن الأرض الفلسطينية الخاضعة للسيادة الاسرائلية وليس لتحرير أرض لبنانية، وبالتالي لن تلقى إجماعاً وطنياً».
الاتصالات مجمّدة بين حارة حريك والمختارة
وبحسب معلومات «البناء» فإن رئيس الاشتراكي كان منذ مدة طلب وساطة حزب الله لدى الدولة السورية للسماح له تصدير مواد البناء الى سورية من معمل سبلين فنقل الحزب الرسالة لكن سورية رفضت، ما أثار امتعاض جنبلاط بالتزامن مع إعلان آل فتوش أنهم سيزوّدون سورية بالإسمنت من معمل الأرز. وكشفت مصادر مطلعة على موقف حزب الله لـ«البناء»، الى أن «قيادة حزب الله جمّدت الاتصالات مع جنبلاط بعد الزيارة الأخيرة لوزير الصحة جميل جبق الى راشيا وما رافقها من التباس»، لافتة الى أن «مواقفه من شبعا جاءت لتثير غضب الحزب وتزيده صرامة وتشدداً حيال العلاقة مع جنبلاط»، موضحة أن «الحزب اعتاد على التقلبات المفاجئة لجنبلاط وأساليب الابتزاز بالفتنة المذهبية والسلم الأهلي ويظن أن ذلك سيدفع الحزب للرضوخ والنزول عند مطالبه»، لكن المصادر أكدت أن «الحزب لن يتساهل مع جنبلاط هذه المرة مهما كان الثمن ولا يخشى رسائله التهديدية وتوتير الأجواء في الجبل وتسريب الإشاعات بهدف تخويف الدروز»، مؤكدة أن المعادلة الداخلية والإقليمية تغيرت اليوم ولسنا في مرحلة ما بعد العام 2005 وبالتالي ليس أمام جنبلاط إلا مراجعة مواقفه والإقلاع عن هذه المهاترات والتفاهم مع حزب الله ضمن أطر ومفاهيم جديدة».
باسيل: المزارع لبنانية وسنستعيدها…
وكان نائب شبعا عضو كتلة «التنمية والتحرير» قاسم هاشم رد على جنبلاط في تصريح قائلاً: «اننا لا نحتاج الى نظريات جهابذة التبعية والسيادة لإلحاق مزارع شبعا بسيادة على قياس سياستكم. فهي لبنانية قبلكم وبعدكم»، مضيفاً: «ارتاحوا كيفما كنتم».
أما الرد الرسمي الأول على ادعاءات جنبلاط فجاء من وزير الخارجية جبران باسيل ، الذي أكد أن مزارع شبعا هي أرض لبنانية وحقوقها لبنانية وسنقوم بكل ما يلزم من أجل استعادتها من إسرائيل التي تحتلها». وأضاف: «القرار الأميركي يعزز سورية هضبة الجولان لأن لا احد يمكن ان يقبل بسابقة خطيرة بمنح أرض لا تملكها الدولة التي منحتها الى دولة لا حق لها فيها».
ولفت باسيل في حديث تلفزيوني، الى «ان من ضمن العلاقات المميزة مع سورية، أن لبنان سيحصل على أرضه وهي حق له»، مضيفاً ان «علاقتنا مع سورية هي ندية وتؤكد سيادة لبنان على ارضه وهذه العلاقة الندية هي ما تجعل العلاقة مع سورية مميّزة، بعد تنظيم العلاقات الدبلوماسية وتبادل السفارات»، وشدّد على ان «من واجبنا ان نرسم الحدود بين لبنان وسورية وبخاصة في منطقة مزارع شبعا».
ورأى باسيل أن «السلام مع إسرائيل أبعد من موضوع الحقول النفطية بين لبنان وإسرائيل»، مشيراً الى ان «هناك تفاهماً بين حزب الله والتيار الوطني الحر على حماية لبنان من ضمن استراتيجية دفاعية وموضوع الحدود هو مسؤولية الدولة اللبنانية التي يشكل حزب الله جزءاً منها». واكد ان «لبنان لم يبادر في يوم من الايام الى الحرب على إسرائيل وما حصل في العام 2006 كان هدفه تبادل الأسرى»، مضيفاً ان «لبنان لا يريد شنّ حرب على إسرائيل ولكن اذا فرضت الحرب عليه فسيكون جاهزاً للدفاع عن نفسه وحماية شعبه، وكل ما نريده هو العيش بحرية وكرامة وسيادة على ارضنا».
وفي الشأن الاقتصادي والموازنة، أوضح أننا «نسعى لاتباع سياسة مالية تحافظ على الليرة، ولكن مع تخفيض الفوائد، كما علينا ان نحافظ على القطاع المصرفي ولكن على ان تكون أرباحه معقولة».
انطلاق قطار الموازنة
على صعيد آخر، ينطلق قطار إقرار الموازنة من مجلس الوزراء في أولى جلساته التي تعقد اليوم في بعبدا برئاسة رئيس الجمهورية العماد ميشال عون على وقع استعدادات فئات وظيفية عدة للتظاهر في الشارع رفضاً للمسّ برواتبهم ومعاشاتهم ومخصصاتهم التقاعدية.
أما وزير المال علي حسن خليل فمهّد لهذه الجلسات الحكومية بلقاءين مع البنك الدولي ومع مكتب صندوق النقد الدولي ، وبحسب قناة «المنار» فإن « رئيس الجمهورية سيطلب خلال الجلسة من وزير المالية تقديم ملخّص لمشروع الموازنة يفصل فيه ابواب النفقات والواردات». ولفتت القناة الى ان «هناك خيارين في الجلسة الاولى، هو المضي بالنقاش التفصيلي حيث يدلي الوزراء بدلوهم حول المقترحات في الموازنة وأما ان تكون جلسة عامة حول العناوين الأساسية من دون الدخول في التفاصيل وتترك جلسة الخميس من أجل البحث في التفاصيل وفي موازنة كل وزارة من الوزارات».
وأشارت مصادر «البناء» الى أن مشروع الموازنة سيأخذ نقاشاً طويلاً في مجلس الوزراء، في ظل الخلاف بين مكونات الحكومة حول الموازنة، إذ إن المجلس سيناقش كل بند في مشروع وزارة المال لجهة التخفيضات ونتائجها الاقتصادية والمالية والاجتماعية، حتى التوصل الى موازنة متوازنة تنطلق من رؤية محددة وهي تخفيض العجز وإدخال إصلاحات جدية دون خلق مشاكل اقتصادية واجتماعية عبر تحميل ذوي المداخيل المتدنية والمتوسطة أعباء، وفي الوقت عينه البحث عن إيرادات جديدة لتمويل الموازنة والخزينة من خلال توسيع القاعدة الضريبية للشركات الكبرى والمصارف وسد ابواب الهدر والفساد وتفعيل الاجهزة الرقابية على مصادر ايرادات الدولة لا سيما في الجمارك والتهرب الضريبي»، لافتة الى أن «تحقيق هذه الأهداف وتأمين التوازن المطلوب والذي يلبي مصلحة الجميع ليس أمراً سهلاً»، مستبعدة إقرار الموازنة في مجلس النواب قبل 31 أيار المقبل».
حراك الشارع
وفي موازاة مناقشة الموازنة في مجلس الوزراء يشهد الشارع حراكاً ينفذه العسكريون المتقاعدون رفضاً للاقتراحات التي تتناول حقوق العسكريين في مختلف الأسلاك، وأشار النائب اللواء جميل السيّد أنّ لدى الرئيس عون ملاحظات على مشروع الموازنة سيطرحها في مجلس الوزراء وسيكون له موقف من حقوق العسكريين. واعتبر أنّ قبل المساس بحقوق الموظفين المدنيين والعسكريين تنبغي معالجة الهدر المستمرّ وتحسين الجباية وزيادة الإيرادات لا سيما أن قراءة متأنية لمشروع الموازنة تشير الى ان التخفيضات المقترحة تصيب الموظفين الأوادم لأن الفاسدين يعتاشون من الرشى التي يحصلونها وليس من رواتبهم».
من جهتها، أعلنت لجنة الأساتذة المتعاقدين بالساعة في الجامعة اللبنانية في بيان، الاستعداد لكافة أشكال التحرك، ومنها الإضراب المفتوح، في حال تم المساس بالرواتب والتقديمات الاجتماعية والنظام التقاعدي»، لافتة إلى أنه «لن يسقط أهداف التحرك، تحقيق المطالب الخاصة بالأساتذة، وأهمها: الحفاظ على صندوق التعاضد، الدرجات الثلاث، السنوات الخمس، الدرجات الاستثنائية، الدخول إلى الملاك والتفرغ».


ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
 


الأخبار
عون: تعويضات الجيش لن تُمسّ
معركة جنبلاط الحقيقية: سلب أوقاف المتين

من اليوم، الثلثاء، يبدأ مجلس الوزراء في السرايا مناقشة مشروع قانون موازنة 2019 في جلسات متتالية، تسبق وصوله الى قصر بعبدا. هناك ينتظره رئيس الجمهورية الذي يقول ان ثمة ملاحظات له على المشروع، ناهيك بإضافات
في النصف الثاني من السنة الثالثة للولاية، يبدو رئيس الجمهورية ميشال عون مرتاحاً الى الاجراءات والتدابير المتسارعة «لاعادة ثقة المواطن بالدولة»، رغم الصعوبات والمشكلات. ما يسمعه منه زواره ان قراءته الاولى لمشروع قانون موازنة 2019 «فيه ثغر. ثمة ما لم يرد، سأقترحه في جلسة قصر بعبدا. العديد الجديد للدولة ليس مدرجاً في مشروع الموازنة. ما دمنا سلكنا طريق المكننة، لن نكون بعد الآن في حاجة الى هذا الجيش من الموظفين. المكننة تصغّر حجم الدولة وتريحها، وتلغي الفساد منها. لن نطرد احداً، بل ننتظر احالتهم على التقاعد ولا يؤتى بسواهم».
«العوائق كبيرة وصعبة» يقول الرئيس، ويبدي قلقه على تردي الوضع الاقتصادي رغم تطمينات مقابلة: «لسنا في خطر حرب رغم الاشاعات وما يتردد. لا حزب الله يريد ان يحارب، ولا اسرائيل في وارد القيام بها او جاهزة لها. لست خائفاً على الامن، ولا على الخلافات السياسية التي لا ننتهي منها. اولويتي الاقتصاد فقط. الموازنة بالنسبة الينا هي الجرافة التي ستشق الطريق الى الخطة الاقتصادية، والى مباشرة تطبيق اصلاحات مؤتمر سيدر. الدول المانحة تنتظر منّا اشارة ايجابية الى خفض العجز. نحن في صدد خفضه نقطة او نقطتين. نعرف انه مستمر وليس من السهل التخلص منه، لكن الاشارة الاولى المطلوبة منا اقرار الموازنة بعجز اقل».
الازمة الاقتصادية «متأتية من المجتمع سياسياً واقتصادياً ومالياً. موازنة 2019 امام الامتحان الفعلي. لا يمكن فرض ضرائب على الفقراء لأنهم غير قادرين على تسديدها، ولا على الاغنياء لأنهم يرفضونها ويعتبرونها عقبة في طريق استثماراتهم بذريعة انهم يغذون الدولة. الفقراء معروفون في كل مكان، اما الاغنياء فنعثر عليهم في المصارف وفي كل ما يدور من حولها. تبقى امامنا الطبقة الوسطى التي نعدّها قادرة، مع ان معظمها – ويا للاسف – اصبح في كندا واوستراليا. لستُ موافقاً على حصر الضرائب بالطبقة الوسطى، لكننا أمام خيارات صعبة تلزمنا الوصول الى تمويل الخزينة بأفضل معيار من العدالة. يمكن النظر الى عصر نفقات السلطات العامة. في هؤلاء ايضاً نجد اغنياء وطبقة وسطى، لكن حتماً ليس بينهم فقراء. أوقفنا التطويع في الاسلاك العسكرية والامنية، والتوظيف في الادارة. تعويضات الجيش لن تُمس لكنه مدعو الى التقشف. سننظر ايضاً في الرواتب الخيالية في بعض الادارات».
لبّ مواجهة الفساد عند عون يكمن في توفير «كرباج» رئيسي، هو القضاء الذي يفرض تطبيق القانون: «أنا مرتاح الى المعركة التي يخوضها القضاء في الملاحقات التي يجريها ضد المرتكبين والفاسدين، سواء من داخله او في خارجه. في الفترة الأخيرة اخرجنا الى العلن كل الارتكابات التي اخفيت لسنوات طويلة، في المستشفيات الحكومية وفي الضمان الاجتماعي وقصور العدل والدوائر العقارية وفي الاجهزة الامنية وسواها، اضف الاختلاسات والتزوير. وضعنا ايدينا على ما لم نتوقعه في بعض الاحيان، ان تكون ثمة علاقة رشوة بين قاض ومحام وتواطؤ. من اجل ذلك معركتنا طويلة ومستمرة. تبدأ بتنظيف القضاء نفسه بنفسه، وقد بدأها وانا أخوضها بقوة. حضر إليّ اخيراً قضاة يخبرونني، منذ اطلقت معركة تنظيفه، انهم في كل مرة يتلقون مكالمات هاتفية من سياسيين، كما اعتادوا قبلاً، في معرض ملفات قضائية امامهم يقفلون السماعة للفور. الذريعة: مش فاضيين. هكذا قالوا لي كي يعكسوا نَفَسَاً جديداً في قصور العدل. ثمة حذر من الرشاوى. اذن ضربنا الارض بأقدامنا وبدأنا نفعل».
يضيف: «القضاء عند رئيس الجمهورية، اي رئيس للجمهورية، صنو الاستقرار. كما الاول يضمن العدالة وفرض القانون، فإن الجيش والاجهزة الامنية يفرضان الاستقرار والانضباط. اريد ان ارى القضاء على صورة الامن، مصدر الاطمئنان الحقيقي لدى اللبنانيين جميعاً ومرجع احتكامهم الى العدالة. وهو قطع شوطاً رئيسياً في ذلك. القضاء، كالامن، قاعدة اساسية لبناء الاقتصاد واستجلاب الاستثمار واطلاق المشاريع».
عندما يُسأل عن تقويمه في منتصف السنة الثالثة، لا يقلل رئيس الجمهورية من حجم المشكلات السياسية الحالية والمتراكمة، لكنه يضيف: «نحن في استقرار امني نُحسد عليه من الدول المحيطة بنا. لا خلاف على الوطن، ولا خلاف على الاستراتيجيا التي قررها لبنان. استقرارنا السياسي هو الاساس. اما خلافاتنا الداخلية فلا تنتهي. الآلية المتبعة الآن في مجلس الوزراء هي الآتية: متفقون على سياسة النأي بالنفس، وعلى فرض الاستقرار السياسي رغم الخلافات على الملفات. اما خارج مجلس الوزراء، فليُغرّد كل فريق ما طاب له وحيث شاء وتحالف في الخارج مع مَن يريد. ممنوع التعرّض للاستقرار السياسي، ومحظر على اي احد التلاعب بالامن. ثمة مشكلة لا تزال مثار خلاف داخلي مرتبطة بالنازحين السوريين. انا اعدّها الاخطر التي نواجهها، بينما ثمة آخرون يقللون من اهمية هذا الخطر. مشكلة النازحين باتت تتحكم بأكبر مقدار من قطاعاتنا وقدراتنا الاجتماعية والاقتصادية والامنية والتربوية والانسانية. لا الاقتصاد قادر على تحمّل عبئهم، ولا المدارس تتسع لاستيعاب ابنائهم. كل ما نسمعه من الخارج هو شكرنا على حسن الضيافة، ثم ينكفئ عنا هذا الخارج ولا يساهم في معالجة المشكلة معنا، وتقليل تداعياتها، ليس على بنى الدولة فحسب، بل كذلك على بنى المجتمع اللبناني وتركيبته الحساسة».
ليس لدى رئيس الجمهورية شكوك في ان نظام الرئيس بشار الاسد يريد عودة مواطنيه: «حتى الآن تقول ارقامنا الرسمية ان 192 الف نازح عادوا. اذن عادوا الى بلدهم، واستقبلتهم دولتهم، بمَن فيهم الذين غادروا او عادوا على نحو غير شرعي. عندما اتكلم مع سوريا لا اعقد صلحاً معها، ولا أطبّع علاقاتي بها ما دامت بين بلدينا علاقات ديبلوماسية قائمة ومنتظمة، وسفيران يقومان بعملهما. عندما يذهب وزراء لبنانيون الى هناك يعودون بنتائج تبعث فيّ الاطمئنان. حينما ذهب اخيراً وزير الزراعة كان لمناقشة تصريف الانتاج وخفض الرسوم المجباة عليه بعدما تسببت الحرب السورية في ايصاد طريق وصولنا الى الداخل العربي. كذلك عندما ذهب وزير شؤون النازحين. آلية العودة يتولاها المدير العام للامن العام اللواء عباس ابراهيم بتكليف مني. مع ذلك، نواجه بعض التداعيات بأكبر قدر من الحزم. في الاجتماع الاخير للمجلس الاعلى للدفاع طلبت، عملاً بالقانون، التشدد في تطبيق اجراءين: اولهما كل نازح يدخل الى البلاد خلسة يُرحّل او يُسجن. وثانيهما كل عمل تجاري يُقدم عليه نازح في اي بقعة على الاراضي اللبنانية، بفتح دكان او ممارسة تجارة او عمل يعتدي به على حقوق اللبنانيين، ولا يستوفي الشروط القانونية، يُقفل للفور. هذان التدبيران بوشر تطبيقهما».
يضيف الرئيس عون امام زواره: «قد يكون البعض في الخارج تفهّم وجهة نظرنا حيال اصرارنا على العودة الآمنة للنازحين السوريين الى بلادهم. عندما حضر اليّ وزير الخارجية الاميركي مايك بومبيو (22 آذار 2019) فصلت له ما بين العودة الآمنة والحل السياسي الذي لا ازال اجده مؤجلاً ومتعذراً، وتكلمت عن مثلين: الاول هو قبرص التي انقضى على تقسيمها 45 عاماً ولا تزال بلا حل سياسي، الا ان النازحين من شطريها عادوا الى مساقطهم بعد وقف النار. والثاني فلسطين التي لا تزال منذ 71 عاماً تنتظر الحل السياسي الذي لم يصل بعد، ولا احد يعرف متى وهل يحصل حتى؟ اعتقد ان بومبيو، بعد الذي ادلى به امام الكونغرس لدى عودته، ربما اعتقد بصواب وجهة نظرنا، وهي ضرورة ان يعود النازحون الى بلدهم. ما قاله هناك فيه الكثير من موقفنا كدولة لبنانية حيال العودة الآمنة. هل أذكّر ايضاً بما قلته للمستشارة الالمانية انجيلا ميركل عندما حضرت الى بيروت (22 حزيران 2018): ماذا لو استيقظتِ يوماً ووجدتِ 41 سورياً قبالة كل 82 المانياً. سكتت ولم تجب. وصلنا في لبنان الى معادلة مماثلة. من 400 شخص على الكيلومتر الواحد صرنا 700 شخص».
معركة جنبلاط الحقيقية: سلب أوقاف المتين
فيما يتسلى النائب السابق وليد جنبلاط بالجدل الذي أثاره أخيراً تصريحه عن مزارع شبعا، يخوض على جبهة أخرى معركته الحقيقية لإخضاع الدروز الذين لا يخضعون لإمرته وإمرة شيخ العقل نعيم حسن. لذلك، قرر جنبلاط مناكفة دروز المتين على وقف بلدتهم الصغيرة في المتن الشمالي. ويسخّر في معركته هذه كل علاقاته السياسية وسلطته على المجلس المذهبي للطائفة وبالتالي القضاة الذين يحكمون في المحاكم المذهبية، من أجل وضع يده على العائدات المالية لهذا الوقف (تقرير رلى إبراهيم)!.
في عام 2006، استفاد رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط من فوزه في العام السابق بجميع نواب الطائفة الدرزية لإمرار قانون تنظيم شؤون طائفة الموحدين الدروز، مفصلاً على قياسه. وبفضل هذا القانون ــــ معطوفاً على نفوذه القوي في السلطة آنذاك وعلاقته المتينة بآل الحريري، استحوذ على المجلس المذهبي لإحكام سيطرته على مقدرات الطائفة. انطلق بعدها لتوسيع نفوذه عبر تعيين مجموعة من القضاة في المحاكم المذهبية يدينون بالولاء له، لينهي أي صراع يتعلق بأمور الطائفة قبل أن يبدأ حتى؛ فكان أن وضع يده على الأوقاف الدرزية تباعاً… تلك التي تدرّ عائدات مالية بالطبع. وفي القاموس الجنبلاطي، الشعار الأول «فرّق تسد»، إذ لا بدّ من تأجيج الخلافات بين أبناء البلدة الواحدة، ثم بين قضاة المحاكم المذهبية، لفرض السلطة على الوقف. وقف بلدة عبيه (عاليه) مثالاً، وقف مدينة بيروت مثال آخر، فيما يجري اليوم وضع اليد على وقف بلدة المتين (المتن الشمالي).
بدأت القصة منذ نحو 10 سنوات، عند توجه بعض أعضاء المجلس المذهبي الى المتين تحت عنوان «الكشف على الوقف»، الذي هو عبارة عن 17 عقاراً، بينها عقار بمساحة تقارب الـ 400 ألف متر في منطقة الزعرور. سريعاً، تيقّن أهالي المتين من نيّات زائريهم، وخصوصاً أن عائدات هذه العقارات المستثمرة تقدّر بنحو 300 ألف دولار سنوياً، فأكدوا لهم أن الوقف خاص بالبلدة وليس وقفاً عاماً. ويقول أحد وجهاء البلدة من المشايخ الدروز إن الأهالي ينظّمون عريضة كل ثلاث سنوات تحمل توقيع غالبية المتينيين الدروز من أجل تشكيل لجنة لإدارة هذا الوقف، يتم إيداعها لدى القاضي المذهبي في بيروت. ثم تذهب نسخة منها الى المجلس المذهبي لأخذ العلم والحفظ لا غير. إلا أن شيخ العقل نعيم حسن أبى الالتزام بالدور المحدد له وفق المضبطة العثمانية التاريخية التي تعطي دروز المتين الحق بإدارة وقفهم، وأصدر قراراً، بصفته رئيساً للمجلس المذهبي، في عام 2008 بتعيين لجنة إدارة وقف المتين، ملتزماً بالأسماء التي اختارها أهالي البلدة. وأرفق قراره بآخر، لتشكيل لجنة مالية وفتح حساب مصرفي في بنك بيروت والبلاد العربية لإيداع عائدات وقف المتين. لم يدرِ يومها دروز البلدة أن القرار هذا سيفتح الباب لاحقاً أمام سيطرة المجلس المذهبي على وقفهم أو بالأحرى على أموالهم.
استمر الأمر على ما هو عليه الى حين انتهاء عقود استثمارات بعض العقارات بداية العام الماضي، ومن بينها العقار الكبير في الزعرور الذي يسمى بـ«الحبش». أبدى أهالي المتين رغبة بإجراء مزاد علني للراغبين في استئجار هذه العقارات، ولا سيما أن مستثمر «الحبش» القديم كان قد حصل على العقد بسعر بخس. لكنهم فوجئوا بإعادة تأجير المستثمر نفسه بقيمة منخفضة من خلال عقد مستحدث بقيمة منخفضة أيضاً ويحمل توقيع 4 وكلاء من أصل 6 (القانون يحتّم موافقة الوكلاء بالاتحاد) ومن دون علم أمين الصندوق. جرى ذلك بواسطة أحد أعضاء اللجنة «المزروعين من قبل شيخ العقل»، يقول رئيس جمعية المرشدية الوطنية، الشيخ خطار القنطار لـ«الأخبار». وبرأي القنطار، وهو أحد المشايخ البارزين في المتين، أدى قرار إعادة تأجير «الحبش» إلى «خلق حالة إرباك كبيرة في المتين واستنفار درزي، تبعته شكوى ضد أحد أعضاء اللجنة بالسمسرة، قبل أن يتدخل شيخ العقل نعيم حسن لحمايته خلافاً للأصول». استنفد وجهاء البلدة كل المساعي للوصول الى حلول منصفة، فتوجّه الشيخ القنطار برفقة وفد الى القاضي العقاري يوسف الحكيم لتثبيت ملكية البلدة للوقف. أصدر القاضي قرارين أثبتا ملكية مسجد قرية المتين للوقف المؤلف من 17 عقاراً، أي أن عائدات الاستثمارات تعود الى عموم دروز المتين ويشرف عليها قاضي المذهب الدرزي في بيروت كما ورد في الإفادات العقارية.
اعترضت مشيخة العقل على هذين القرارين مشككة في صحتهما، وطلبت وضع الوقف مجدداً تحت إشرافها. ولما رفض «سائسا» البلدة الشيخان سلامة وأسد القنطار الانصياع لرغبة شيخ العقل، أصدر قراراً بتجميد كل إجازات «السُّوّاس» ما قبل عام 2006، وأبلغه الى مجلس المتين من أجل عزل الشيخين من منصبهما سعياً وراء «الهيمنة والسيطرة على العقارات خلافاً للقانون»، بحسب الشيخ خطار الذي يضيف: «اتّضح لوجهاء البلدة أن عضو لجنة الوقف، كمال بلوط يتبرع سنوياً بعائدات وقف المتين للجنة اجتماعية في المجلس المذهبي من دون معرفتنا، وبما يتعارض مع المضبطة التي تؤكد أن ريع الوقف يعود لدروز المتين. وبالتالي، تيقّنّا أن غرض مشيخة العقل من السيطرة على وقفنا هو النهب والسرقة، فتقدمنا بدعوى أمام مجلس شورى الدولة لإبطال قرار شيخ العقل الجائر». بموازاة ذلك، ردّ القاضي العقاري طلب مشيخة العقل، محيلاً القضية على المحكمة المذهبية في بيروت، معتبراً أنها صاحبة الصلاحية لبتّ هذا الموضوع. تزامن الأمر مع انتهاء ولاية اللجنة التي تدير وقف المتين، فألّف المشايخ لجنة جديدة من دون العودة الى شيخ العقل، فما كان من الأخير إلا إصدار قرار فردي، من دون موافقة دروز المتين، بتعيين شخص لمتابعة أمور الوقف في البلدة. ويشير الشيخ القنطار الى أن المشيخة تمادت في «الاستيلاء على أموالنا عبر الضغط على بنك بيروت والبلاد العربية لسحب أموال الوقف المودعة لديه من دون موافقتنا وخلافاً للقانون الذي يحصر التصرف بهذه الأموال بدروز البلدة». فتقدم المتينيون بشكوى ثانية أمام مجلس شورى الدولة تم إدخال البنك ضمنها، ولا سيما أن رئيس مجلس إدارة البنك في بيروت هو رئيس لجنة في المجلس المذهبي ومدير أحد فروع المصرف في المتن الشمالي هو عضو في المجلس، ولم يمتثلا للقرار الصادر عن القاضي المذهبي في بيروت نصوح حيدر بحصر وكالة الوقف بالشيخين سلامة وأسد القنطار.
وسرعان ما استسلم القاضي المذهبي في بيروت لضغط المجلس، وعاد عن قراره بإصدار قرار مضاد بتاريخ 12/2/2019 يؤكد فيه أن وقف المتين عام وليس خاصاً، ويخضع بالتالي لسلطة شيخ العقل. لكن بعد اطمئنان حيدر الى «وقف التشكيلات القضائية التي حصلت بإيعاز من جنبلاط لنقله من بيروت الى حاصبيا عقاباً له على قراره الأول، أصدر قراراً ثالثاً بتاريخ 1/3/2019 يوقف فيه مؤقتاً قراره الثاني، وعيّن جلسة للحكم بعد خمسة أيام». وما بين القرار وموعد الجلسة، طلب رئيس محكمة الاستئناف المذهبية الشيخ فيصل ناصر الدين من حيدر وقف النظر بكل ما له علاقة بوقف المتين. على الأثر تقدم حيدر بدعوى ضد ناصر الدين في التفتيش الخاص بمحكمة الاستئناف، فتعرض له ناصر الدين بالضرب بعد رفضه إلغاء الجلسة والانصياع لأوامر مشيخة العقل.
القنطار: غرض مشيخة العقل من السيطرة على وقفنا النهب والسرقة
حتى الساعة، كان رئيس الحزب الاشتراكي وليد جنبلاط يحرك المشيخة في الكواليس، إلا أنه بعد حادثة الضرب دعا القاضيين وزملاءهما الى مصالحة أفضت الى تأجيل جلسة الحكم. تبعها كتاب من شيخ العقل الى قاضي المحكمة المذهبية في المتن الأعلى غاندي مكارم يطلب فيه تفسير الوصية والمضبطة العثمانية الخاصتين بوقف المتين. فلجأ مكارم الى الوكيلين المعينين من شيخ العقل (غير منتخبَين من دروز المتين) والمطعون بصحة منصبهما في مجلس شورى الدولة، فأصدر قراراً باعتبار وقف المتين وقفاً خاصاً، ولكن، في الوقت عينه، وضعه تحت إشراف شيخ العقل، مانحاً إياه كل الصلاحيات للتصرف به. حصل ذلك قبل صدور الحكم عن محكمة بيروت، ومن دون العودة الى شيخ البلدة سلامة القنطار الموكل من قبل 100 درزي في المتين، ومن دون الاعتراف بالوكلاء المعينين بحكم قضائي من محكمة بيروت. استأنف مشايخ المتين القرار لدى محكمة الاستئناف، وتوجهوا الى وزير العدل ألبرت سرحان، طالبين منه كف يد المحاكم المذهبية الدرزية عن الملف لأنها تدين بالولاء لشيخ العقل الذي يقف وراء تعيين هؤلاء القضاة. وقبل 10 أيام، أصدر كل من رئيس الحزب الديموقراطي النائب طلال أرسلان ورئيس حزب التوحيد وئام وهاب موقفاً بخصوص النزاع الحاصل. فغرّد أرسلان على تويتر قائلاً: «ما يحصل بموضوع وقف المتين ومشايخها وعائلاتها معيب وعار وسرقة موصوفة. وكل من يسكت عن هذا التطاول يساهم في تدمير أسس قدسية الوصايا لدى الموحدين ومُطالب إلى يوم الدين مهما كان كبيراً أو صغيراً». أما وهاب، فدعا «الشيخ نعيم حسن إلى الاستقالة والعودة إلى تقاليد بيته الدينية، فالفضائح وآخرها فضيحة وقف المتين أصبحت لا تحتمل. استقالتك تفتح الباب لتسمية شيخ عقل يحظى بموافقة الجميع بناءً على تسمية لقاء خلدة كما تقضي المداورة».
وإلى حين صدور الحكم النهائي لهذه النزاعات بين أهالي المتين من جهة، ومشيخة العقل والمجلس المذهبي من جهة أخرى، يطالب الأهالي بتطبيق القانون الذي يعطي كل ذي حق حقه ويقر بولايتهم على مسجد بلدتهم. مشيخة العقل مستنفرة لفرض سيطرتها. وفي زمن أفول نفوذه، يبدو النائب السابق وليد جنبلاط أكثر حاجة من أي وقت مضى لإحكام قبضته على مقدرات الطائفة الدينية والمالية. ومن الطبيعي هنا أن يلجأ الى قضاة المذهب لفرض سطوته، كون هؤلاء مدينين له بمناصبهم وهم أصلاً أعضاء في الهيئة العامة للمجلس المذهبي وفي الوقت نفسه يَحكمون في النزاعات بين هذا المجلس والأهالي. وبحسب أحد المراجع الدرزية، الإشكالية الرئيسية تكمن في إعادة صياغة قانون عام 2006 الذي صيغ بطريقة فضفاضة خدمة لمصالح الحزب الاشتراكي، وجعل من القاضي المذهبي الخصم والحَكَم في آن.
مشيخة العقل: الخلاف بين الأهالي… لا معنا!
ترى مصادر في لجنة الأوقاف العامة في المجلس المذهبي لطائفة الموحدين الدروز أن وقف المتين وقف خاص بموجب مضبطة عثمانية عمرها أكثر من 100 سنة، ويدار من خلال لجنة من أهالي البلدة. هذه اللجنة، بحسب المصدر، يعيّنها شيخ العقل وفق ما نصّ عليه قانون العام 2006 وتُشكّل بالتساوي بين العائلات؛ وهي مؤلفة اليوم من شخصين: الشيخ سطان القنطار والشيخ فؤاد مرداس. فشيخ العقل نعيم حسن «حاول التوصل الى حلّ توافقي بين المتنازعين في المتين أفضت الى تعيين الشيخين لمدة سنتين». لكن المجلس المذهبي يلتزم بالوصية التي تقول إن عائدات الوقف «يستفيد منها أهالي البلدة حصراً ولا تتصرف بها لا لجنة الوقف ولا المشيخة. في الواقع، اللجنة السابقة عملت كثيراً وجنت أموالاً كثيرة نفذت بفضلها عدة مشاريع في المتين». ويشدد المصدر على أن المجلس المذهبي الدرزي يحافظ على مصلحة الموحدين الدروز ككل ولا يتدخل في السياسة ولا يسأل حتى عن الانتماء السياسي للفرد، بل يهتم بمصلحة كل فرد بشكل متساوٍ». أما الدعاوى العالقة في ما خصّ وقف المتين، «فنترك الفصل فيها للقضاء بعد استنفاد شيخ العقل كل السبل لحلّ الموضوع، بما فيها عدم إعادة تسمية عضو في اللجنة السابقة اسمه كمال بلوط». كذلك تمّ «تعيين خبير مالي للتدقيق في عمل اللجنة السابقة، فلم يتبين له أي خلل ناتج من سوء نية». لكن القضاة المذهبيين هم أعضاء في المجلس المذهبي الذي يرأسه شيخ العقل، ألا يؤثر ذلك على قرارهم؟ يجيب المصدر: «نحن كلجنة أوقاف لا نتدخل بعمل القضاة، فهم أعضاء حُكميّين في المجلس كما الوزراء والنواب الحاليون والسابقون، إلا أنهم تابعون للدولة ويتقاضون رواتبهم منها بمعنى أنهم يتمتعون باستقلالية قضائية ومادية». ويختم المصدر أن «المجلس المذهبي للجميع وعلى مسافة واحدة من أبناء الطائفة، متمنياً على من لديه استفسار أن يلجأ الى اللجنة وإلا هناك نيابة عامة مالية وقضاء ونحن جاهزون لملاقاتهم في العدلية».
وكان المكتب الإعلامي لمشيخة العقل والمجلس المذهبي لطائفة الموحدين الدروز قد أصدر بياناً أوضح فيه أن «وقف المتين وقف خيري يستفيد منه عموم دروز المتين (…) وشيخ العقل نعيم حسن يعيّن الوكلاء على هذا الوقف منذ عام 2008 بموجب القانون الصادر في عام 2006». وأشار البيان الى أن «الخلاف هو بين أبناء المتين، إلا أن البعض يحاول جعل الخلاف بين أبناء البلدة ومشيخة العقل زوراً وافتراءً».

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
 

اللواء
الموازنة اليوم بين تحرُّك الشارع وشروط «سيدر»!
البنك الدولي يرغب بإقرار الموازنة خلال شهر.. والعسكريون المتقاعدون وأساتذة الجامعة إلى تصعيد التحرُّك؟

موازنة العام 2019 امام مجلس الوزراء اليوم، في أولى جلساته، التي قد تمتد، وسط حرص على تحقيق جملة من الشرائط التي وضعها مؤتمر «سيدر»، وذلك من دون إبطاء، على ان تحال إلى مجلس النواب لتأخذ طريقها إلى الإقرار، مع العلم ان روح الموازنة، سرت في جملة إجراءات في الكهرباء والمياه والنفايات، وإجراءات الفساد، وصولاً إلى القضاء نفسه، الذي أخذ المبادرة للتطهير، وفقا للقوانين المعمول بها..
على ان الأهم ان الموازنة لا تتحرك بحرية اقتراحات البنك الدولي وصندوق النقد، وتوجهات السلطات المعنية، مالية ونقدية ورسمية مسؤولة، بل تقابل على الأرض بقطاعات الموظفين العاملين في القطاع العام، سواء اكانوا من العسكريين أو المدنيين، المتقاعدين، أو الذين لا يزالون في الخدمة، بدءاً من تحركات العسكريين المتقاعدين من ضباط كبار ورتباء وجنود اليوم في الشارع.
وفي سياق رقابة «سيدر» اجتمع وزير المال علي حسن خليل مع فريق البنك الدولي برئاسة المدير الإقليمي ساروج كومار، وعقدا اجتماعاً ثانياً مع مسؤولة مكتب صندوق النقد الدولي في لبنان نجلا نخلة، وجرى نقاش في النقاط التالية: 1 – التطابق بين أرقام الموازنة قيد التخفيض واقتراحات مؤتمر «سيدر».
2 – نفقات القطاع العام، وتحديث قوانين وتشريعات وحصة من مجمل المالية العامة.
3- رفع تخفيض العجز، بحيث يصبح بدل «نسبة 5٪ من إجمالي الناتج المحلي في السنوات الخمس المقبلة بواسطة مجموعة من الإجراءات المتعلقة بالواردات، خصوصاً زيادة التحصيل الضريبي، والنفقات مثل تخفيض الدعم لشركة كهرباء لبنان من أجل تحقيق فائض اولي إلى نسبة 8.5٪ كما طالب البنك الدولي وصندوق النقد الدولي».
4- وحدد ممثّلو البنك الدولي وصندوق النقد الدولي ان المهلة المعطاة للبنان، وفقاً لمسؤول لبناني ليست مفتوحة، فهي محدودة ضمن مُـدّة شهر على أبعد مدى.
وعليه، نقل عن الرئيس نبيه برّي قوله ان الجميع متفق على اجراء التخفيضات على الموازنة، ولكن الأمر يحتاج إلى اتفاق على الأبواب التي يطالها التخفيض، مشدداً على ان المجلس النيابي ينتظر مشروع الموازنة للحكومة  ليعكف فوراً على البدء بدراسته بنداً بنداً أو ضمن الفترة الزمنية المتاحة دستورياً، نظراً لحساسية الوضع الاقتصادي.
الموازنة امام الحكومة
وفيما أخذت البلاد «نفساً عميقاً» في عطلة عيد الفصح لدى الطوائف المسيحية التي تتبع التقويم الشرقي، تستعد الحكومة لانطلاق أولى جلسات مجلس الوزراء اليوم، والمخصصة لدرس مشروع موازنة العام 2019، والتي ستتوالى فصولاً وصولاً إلى اقرارها حكومياً قبل احالتها إلى المجلس النيابي، والذي سيأخذ وقته، رغم انه يفترض ان يتم التصديق على المشروع قبل 31 أيّار المقبل، وهو موعد انتهاء الصرف قانوناً، وفق القاعدة الاثني عشرية.
ومع ان عطلة الفصح شهدت اتصالات بعيدة من الأضواء من أجل تقريب وجهات النظر حول الموازنة التي جرى توزيعها على الوزراء في أعقاب جلسة الخميس الماضي والتفاهم على الإجراءات التقشفية التي لحظتها لمعالجة نسبة العجز إلى الناتج المحلي، الا ان جميع المؤشرات توحي، لا بل تؤكد، ان مناقشة الموازنة والمقدر لها ان تستمر في مجلس الوزراء أربع أو خمس جلسات لن تمر برداً وسلاماً، ومن دون تعديلات أو اضافات، قد تكون بعضها جوهرية، ليس بسبب التحركات المعترضة عليها في الشارع، والتي يحمل لواءها العسكريون المتقاعدون الذين سيستأنفون تحركهم اليوم، عبر اعتصامات وتنظيم تجمعات وربما قطع طرقات، بالتزامن مع انعقاد أولى جلسات الحكومة بل بسبب وجود الكثير من الاعتراضات والملاحظات على مشروع وزير المال، من قبل عدد من القوى السياسية داخل الحكومة، ومنها «التيار الوطني الحر» و«حزب الله» و«القوات اللبنانية» وتيار «المردة»، فيما نقل النائب اللواء جميل السيّد أمس عن رئيس الجمهورية ميشال عون ان لديه ملاحظات على مشروع الموازنة سيطرحها في مجلس الوزراء، وسيكون له موقف من حقوق العسكريين.
وقالت قناة «المنار» الناطقة بلسان «حزب الله» ان الرئيس عون سيطلب خلال جلسة الحكومة اليوم من الوزير خليل تقديم ملخص لمشروع الموازنة يفصل فيه أبواب النفقات والايرادات، مشيرة إلى ان هناك خيارين في الجلسة الأولى، وهو اما المضي بالنقاش التفصيلي حيث يدلي الوزراء بدلوهم حول المقترحات الواردة، واما ان تكون جلسة عامة حول العناوين الأساسية دون الدخول في التفاصيل التي ستترك لجلسة الخميس.
وافادت مصادر وزارية لـ«اللواء» ان جلسة مجلس الوزراء اليوم الثلاثاء ستطلق صفارة النقاش في مشروع الموازنة مع العلم ان هذه الجلسة ستكون محطة ضمن محطات بحث المشروع في جلسات متتالية. ولفتت الى ان الجلسة اليوم ستشهد شرحاً من وزير المال علي حسن خليل عن المشروع بالارقام والتفاصيل وفق ما وزع على الوزراء.
واوضحت ان النقاش قد لا يصل الى تقديم الوزراء ملاحظاتهم الا بشكل عام من دون تفاصيل عن موازنات وزاراتهم كما ان وزير المال سيتحدث بالتفصيل عن فذلكة الموازنة.
وقالت ان البحث في الموازنة سيكون عاما اما ملاحظات رئيس الجمهورية فستكون عامة أيضاً وهو سيبادر الى تقديم اقتراحات وكذلك رثيس الحكومة سعد الحريري، مشيرة الى ان ما من نقاش مفصل انما عرض عام. واكدت ان هناك افكارا معينة سيطرحها الرئيس عون فضلا عن ملاحظات في سياق جعل الموازنة اكثر تماسكا وانسجاما.
وفي إطار التحضير لبدء جلسات مناقشة الموازنة، عقد الوزير خليل أمس اجتماعين منفصلين، الأول مع فريق ​البنك الدولي​ برئاسة المدير الإقليمي ساروج كومار جاه والثاني مع السيدة نجلا نخلة مسؤولة مكتب ​صندوق النقد الدولي​ في ​لبنان​ وجرى البحث في أمور ​الموازنة​ العامة بخطوطها ​العريضة​ والخطوات الإصلاحية التي تتضمنها والأرقام المتوقعة استناداً إلى المعطيات القائمة. كما جرى نقاش وتبادل للآراء للمساعدة في بلورة مجموعة من الأفكار التي توصل إلى موازنة متوازنة تتضمن خطوات إصلاحية عملية.
وافاد المكتب الاعلامي لوزير المال أن وفدي البنك وصندوق النقد الدولي أثنيا على هذه الخطوات التي تعكس شفافية ووضوحاً ومقاربة مسؤولة تجاه هذا الملف الحساس.
مواقف من الموازنة
اما بالنسبة لمواقف المكونات السياسية داخل الحكومة، والتي يبدو ان لديها ملاحظات تصل إلى حدّ الاعتراض على مشروع الوزير خليل، فقد لوحظ ان عضو تكتل «لبنان القوي» وزير الاقتصاد منصور بطيش تحفظ عن الخوض في التفاصيل، واكتفى بابلاغ «اللواء» بأن هناك إجراءات جيدة قد يكون لا بدّ منها، ولكن هناك اجراءات بحاجة لنقاش وربما تعديل، وسنعطي رأينا بوضوح خلال جلسات مناقشة الموازنة، في حين اعتبر رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع ان مشروع الموازنة مخيف للآمال ولا يرتقي إلى مستوى المعالجة الواجبة في مواجهة أزمة اقتصادية خطيرة لتلك التي تعصف بالبلاد راهناً، لا بل تقتصر المعالجات الواردة على إجراءات عادية لا يُمكن ان توفّر الحل المنشود.
ورأى ان مشروع الموازنة لم يطرق الأبواب الأساسية الكثيرة التي من شأنها ان تدر الاموال لخزينة الدولة وتضع الأمور على سكة المعالجة الجدية، وحدد منها: املاك البحري، وغياب أي بند يتصل بدور المصارف، التهرب الضريبي، مزاريب الهدر اللامحدود في الجمارك والفساد، واشراك القطاع الخاص مع العام في بعض القطاعات والمضمونة نتائجه لتصبح أكثر انتاجية وتوفر مليارات الدولارات للخزينة.
وبالنسبة ليتار «المردة»، فقد علمت «اللواء» ان قيادته عقدت مساء أمس اجتماعاً مطولاً مع رئيس التيار النائب السابق سليمان فرنجية، في حضور رئيس الكتلة النيابية طوني فرنجية والوزير يوسف فنيانوس، وخلص الاجتماع على تأكيد الموافق على إجراءات التقشف في الموازنة، وستتم مناقشتها بنداً بنداً بما يتناسب مع مصلحة المواطنين، بما يعني عدم المس بحقوق الموظفين، من دون الكشف عن تفاصيل.
وحدد الوزير محمود قماطي توجهات حزب الله بـ: رفض رفع قيمة الضريبة على القيمة المضافة، ورفض أي مس او اقتطاع من رواتب صغار الموظفين ومن تبلغ رواتبهم ثلاثة أو أربعة ملايين ليرة، ورفض رفع سعر تعرفة الكهرباء قبل تأمين الطاقة للمواطنين بنسبة لا تقل عن 20 ساعة، التشديد على دور المصارف في خفض العجز ووضع سقف أعلى للرواتب في القطاع العام والمؤسسات العامة وبعض المجالس، وهذا بحاجة إلى موافقة مجلس النواب، إذ لا يجوز ان يتخطى راتب أي موظف مهما كان منصبه أو موقعه راتب رئيس الجمهورية، مشيراً إلى ان الرواتب العالية معروفة أين وهي مصدر هدر وانفاق كبير للدولة.
تحركات في الشارع
نقابياً، لوحت رابطة الأساتذة المتفرغين في الجامعة اللبنانية بالإضراب المفتوح، في حال «المساس بالرواتب والتقديمات الاجتماعية والنظام التقاعدي»، فضلاً عن الحفاظ على صندوق التعاضد والمطالبة بالدرجات الثلاث، والسنوات الخمس، والدرجات الاستثنائية، والدخول إلى الملاك والتفرغ.
وفي الإطار الجامعي، أعلنت لجنة الأساتذة المتعاقدين بالساعة في الجامعة الإضراب التحذيري في 8 أيّار، والمفتوح بعد أسبوع، وصولاً إلى مقاطعة الامتحانات والمراقبة، ووضع الأسئلة، وتصحيح المسابقات إلى حين رفع التفرغ في مجلس الجامعة إلى وزير التربية.
واعتبرت رابطة قدماء القوى المسلحة​ اللبنانية أنه «وبالتوافق مع المكتب التنفيذي للمجلس الوطني لقدامى موظفي الدولة والإتحاد العمالي العام، أي تحرك اعتراضي على هذه التدابير التي تطال الرواتب والمعاشات التقاعدية شرط أن تبقى محكومة بالمناقبية العسكرية».
ودعت المعنيين بأمور العسكريين وبخاصة وزيري الدفاع والداخلية وقادة الأجهزة العسكرية والأمنية كافة إلى «إجراء الإتصالات الضرورية واتخاذ التدابير المناسبة للحفاظ على حقوق العسكريين وعائلاتهم إستدراكا لعدم الذهاب إلى ما لا تحمد عقباه».
مزارع شبعا
سياسياً، أفاد موقع «إيلاف» الالكتروني ان لبنان تبلغ رسمياً ان الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون ادرج زيارة رسمية للبنان على جدول مواعيده، تلبية لدعوة رسمية من الرئيس اللبناني ميشال عون.
وفيما لم يُحدّد تاريخ الزيارة بعد، توقع الموقع ان يقوم وزير الخارجية الفرنسي جان ايف لودريان بزيارة بيروت في الشهر المقبل، قد يسبقها، بحسب معلومات «اللواء» زيارة للسفير الفرنسي المشرف على متابعة مقررات مؤتمر «سيدر» بيار دوكان للاطلاع على آخر التفاصيل المتعلقة بالمؤتمر الفرنسي على صعيد إجراءات خفض الانفاق ومعالجة مسألة العجز، والتي حددها «سيدر» كشروط للانفاق على مشاريع البنى التحتية في لبنان، وفي ضوئها يمكن ان يُحدّد المجتمع الدولي عمّا إذا كانت الإصلاحات التي نفذت سواء على صعيد الموازنة أو الكهرباء كافية لفتح طريق أموال الدول المانحة واستثماراتها نحو بيروت.
تزامناً، حذر الأمين العام للأمم المتحدة انطونيو غوتيرس في التقرير نصف السنوي التاسع والعشرين في شأن تنفيذ القرار 1559 من احتفاظ حزب الله بـ«قدرات عسكرية ضخمة ومتطورة»، ودعا الحكومة والجيش اللبناني إلى اتخاذ كل الإجراءات الضرورية المدعوم من إيران وغيره من حيازة الأسلحة والعمل من أجل تحويله إلى «حزب سياسي مدني صرف».
وفيما لم يشر غوتيريس إلى مسألة مزارع شبعا، بقيت تصريحات رئيس الحزب الاشتراكي وليد جنبلاط عن ان مزارع شبعا ليست لبنانية، في دائرة المتابعة والاهتمام والرصد من قبل كافة الجهات السياسية في لبنان والمنطقة، لمعرفة ابعاد إطلاق هذا الموقف وتوقيته في اللحظة السياسية الراهنة، سواء على صعيد ما يتعلق بالاستراتيجية اللبنانية التي تحدث عنها وزير الدفاع، أو على صعيد «صفقة القرن» التي سيتم الكشف عن تفاصيلها من قبل الإدارة الأميركية بعد انتهاء شهر رمضان.
ولم تستبعد المواقف السياسية التي عارضت كلام جنبلاط، ان يكون توقيت تصريحه مرتبطاً بما يقال عن «صفقة القرن» والحديث عن مستقبل الجولان السوري، نافية بشدة علاقته بالتوتر الذي ساد على جبهة الضاحية الجنوبية وكليمنصو، على خلفية قرار مجلس الشورى وقف العمل بقرار وزير الصناعة وائل أبو فاعور وأعطاء الاذن مجدداً لكسارة آل فتوش بالعمل في عين دارة.

Please follow and like us: