عاش الأول من أيار عيد العمال، عيد الطبقة العاملة.
تأخرت الموازنة. في النقاش الرسمي والشعبي حول توجهاتها وأرقامها يطرح كل فريق مطالبه. داخل الحكومة أو في الشارع، يسعى كل فريق علناً. يعرف المواطنون من الإعلام أن الوزير فلان من الحزب الفلاني اقترح أو ناقش كذا في الموازنة، ويعرفون أن المتظاهرين يريدون كذا في الموازنة. إلا "حزب المصارف" مطالبه سرية. له ممثلون في السلطة وربما في المعارضة ولكن لا ييوح بما يريد. تأخر الموازنة ضار. نقاش الموازنة نافع. يرى المواطنون من خلاله كيف يقبع "حزب المصارف" في "أعمق نواة السلطة". حزب خفي، مختبئ، غير ديموقراطي/ استبدادي. يخاف من النقاش العلني للمصالح الإجتماعية والسياسية. حزب منافق، يوحي للمواطنين بأن السلطة في الحكومة أو البرلمان أو في القوات المسلحة، بينما هو بذاته "نواة السلطة" في لبنان.
عاش الأول من أيار عيد الطبقة العاملة في لبنان والوطن العربي والعالم.
الأخبار
من يتحمّل عبء خفض العجز؟
الحكومة تبحث في استدانة 12 ألف مليار ليرة من مصرف لبنان بفائدة واحد في المئة
ضريبة الفوائد إلى 10%: النموذج السويسري أجدى
انطلقت أمس ورشة مناقشة الموازنة، على وقع اعتراضات مطلبية بدأت أمس مع اعتصامات العسكريين المتقاعدين، وتستكمل بإضراب لثلاثة أيام، دعا إليه الاتحاد العمالي العام بدءا من الغد. وبالرغم من الهدوء الذي اتسمت به جلسة مجلس الوزراء أمس، إلا أن ما رشح عن المداولات، أوحى بتباينات كبيرة في كيفية مقاربة مسألة خفض العجز، في ظل استمرار «حزب المصارف» في الحكومة في حمايتها من المساهمة في أي تصحيح مالي. السؤال المركزي لا يزال هو نفسه: من يتحمّل عبء تخفيض العجز؟.
قدّم وزير المالية علي حسن خليل، إلى مجلس الوزراء أمس، تقريراً بأبرز بنود مشروع موازنة عام 2019، مبدياً انفتاحه على كل الاقتراحات. فكان أن كشف عن «سرّ» انخفاض كلفة الدَّين العام عن المتوقع. وأشار إلى أنه بنى أرقامه على إجراءات اتفق عليها مع مصرف لبنان للاكتتاب بسندات الخزينة بقيمة 12 ألف مليار ليرة على 10 سنوات، بفائدة واحد في المئة.
وسيؤدي هذا الإجراء، بحسب مشروع الموازنة، إلى انخفاض كلفة خدمة الدَّين في عام 2019 من 9700 مليار ليرة إلى 8312 مليار ليرة، أي ما يعادل 1388 ملياراً (925 مليون دولار). وبذلك تكون كلفة خدمة الدَّين قد ارتفعت 98 مليار ليرة فقط عن كلفتها في عام 2018 (8214 مليار ليرة).
وبالرغم من أن هذه الخطوة ستُسهم في خفض العجز، إلا أن ربطها بما سبق أن أعلنه حاكم مصرف لبنان رياض سلامة، في اللقاء الشهري مع لجنة الرقابة على المصارف ومجلس إدارة جمعية المصارف، سيعني أن من سيكتتب بالسندات هو مصرف لبنان، لا المصارف. فقد أعلن سلامة حينها أنّ رئيس الحكومة سعد الحريري، أكّد له أنه لن يكون هناك أي زيادة ضريبية على المصارف في موازنة عام 2019، وأنّ المصارف لن تُجبر على الاكتتاب بسندات خزينة بفائدة منخفضة. مع ذلك، يبدو أن الإجراء الذي تطرق له خليل يعطي مصرف لبنان هامشاً للاتفاق مع المصارف للاكتتاب طوعياً بهذه السندات. وإذا لم يتحقق ذلك، فلن يكون أمام «المركزي» سوى طبع المزيد من الأوراق النقدية، لتغطية حجم الاكتتاب، مع ما يسببه ذلك من تضخم في السوق.
وكانت الجلسة، التي عقدت في القصر الجمهوري، قد بدأت بمداخلة من رئيس الجمهورية ميشال عون، شدد فيها على ضرورة إقرار موازنة جدية وبسرعة، واضعاً لها أربعة أهداف:
– تحفيز الاقتصاد.
– لا تؤثر سلباً على الناس.
– تشمل الإصلاحات كل أبواب الإنفاق.
– تعكس توجهات الدولة وسياساتها المستقبلية.
ودعا إلى «إعادة النظر بهيكلية الإدارات والمؤسسات التي باتت ضرورية لمواكبة التطور التقني والمعلوماتي، إضافة إلى التوصيف الوطني والإسراع في مكننة إدارات الدولة».
أما رئيس الحكومة سعد الحريري، فاعتبر في مداخلته أن أرقام الموازنة لناحية خفض العجز غير كافية. وأشار إلى أنه لم يعد بالإمكان الاستمرار في طريقة الإنفاق نفسها، محدداً مشاكل البلد بثلاثة أبواب، هي الرواتب والأجور، دعم الكهرباء، وخدمة الدَّين.
وقدم خليل عرضاً بشأن الرواتب ومعاشات التقاعد. ولكي يبيّن ضخامة كلفة معاشات التقاعد، قارنها برواتب الموظفين الحاليين من دون احتساب التعويضات المختلفة والساعات الإضافية وكلفة النقل والنقل المؤقت. وخلص إلى أنها تشكّل 72 في المئة من إجمالي ما يدفع في بند الرواتب والأجور ومعاشات التقاعد. وأوضح خليل أنه أنجز عمله في ما يتعلق بقطع الحساب، وأحال قطوعات حسابات السنوات الماضية على الأمانة العامة لمجلس الوزراء، وبالتالي لم يعد له علاقة بالأمر.
أما في موضوع الأملاك البحرية، فقال إنه يوجد 1068 مخالفة، وإن القانون الذي أقر وبدأ تطبيقه في عام 2018 ستبدأ مفاعيله بالظهور في واردات هذا العام. هو عاد وأوضح بعد الجلسة أنه «يمكن الأملاك البحرية تأمين نحو 1500 مليار، لكن هذا الأمر لا يمكن حصوله في سنة. وقال إنه عند وضع القانون كانت الفترة خمس سنوات، وبسبب تأخر إصدار المراسيم التطبيقية لم نستفد في عام 2018، لذلك حددنا الحد الأدنى للواردات المتوقعة بـ150 إلى 220 مليار ليرة.
وفي الملخص الذي قدّمه عن الموازنة، اقترح أن تكون هناك إعادة نظر بموضوع التدبير رقم 3 للعسكريين، فصفق له عدد من الوزراء على هذا الأمر. وبادر خليل إلى القول إنه جاهز كوزير للمال على إعداد السيناريوهات المالية اللازمة لمعرفة قيمة اقتطاع نسبة على الرواتب والأجور في القطاع العام ضمن الشطور المطروحة، إلا أنه أشار أيضاً إلى أن موقفه السياسي يعترض على المسّ بالرواتب والأجور. وسجّل خليل موقفاً على اعتراضات وزير الدفاع الياس بو صعب على المسّ برواتب العسكريين، مشيراً إلى أنه تحدث علناً عن الموضوع قبل مناقشته في مجلس الوزراء، فأجابه بو صعب بأن الاعتراض جاء بعدما أدرج خليل في مشروع الموازنة بنوداً تطاول العسكريين من دون التشاور معه، لكونه الوزير المعني بهذا الأمر.
وتحدث نائب رئيس مجلس الوزراء غسان حاصباني، فأشار إلى وجوب إجراء خصخصة جزئية لبعض القطاعات، داعياً إلى وضع سقف للاقتراض وإشراك القطاع الخاص بمعالجة مشكلة الدَّين وخدمته. أما الوزير سليم جريصاتي، فطالب بقطع الحساب من عام 1993 إلى اليوم. وتحدّث عن أخطاء في أرقام سلسلة الرتب يجب تصحيحها. وطالب بأن تكون موازنة 2019 تحفيزية للاقتصاد، وأن تُسهم في التأثير بعجز الحساب الجاري (التعاملات مع الخارج). كذلك دعا إلى: حماية الإنتاج الوطني، فرض رقابة مشددة على كلفة الاستثمارات العامة، وضع قانون لاستعادة الأموال المنهوبة، معالجة مشكلة اللامساواة بين المكلّف الملتزم تطبيق الضريبة وبين غير الملتزم (عدم الاستمرار في نهج الإعفاءات)، زيادة الرسوم على إشغال الأملاك العامة البحرية، إلغاء المؤسسات والمجالس والصناديق غير المنتجة، اعتماد الضريبة التصاعدية على الدخل والأرباح، زيادة التقديمات الاجتماعية، إقرار قانون ضمان الشيخوخة، تطبيق قانون التوصيف الوظيفي.
من جهته، طالب الوزير محمد فنيش بأن تتضمن الموازنة مقاربة اقتصادية شاملة، وألّا تشمل الإجراءات عدداً كبيراً من المتضررين. واعتبر أن ثمة 3 حلقات في الموازنة تحتاج إلى تصحيح، هي دعم الكهرباء وكلفة الرواتب وكلفة خدمة الدَّين العام. وشدد فنيش على ضرورة المواءمة بين السياسات النقدية والمالية. وتساءل: أين أرباح المصرف المركزي؟ إذ إن القانون يفرض أن يحول 80 في المئة من أرباحه إلى الخزينة العامة، فيما هو في الواقع لا يحوّل سوى 60 مليار ليرة. كذلك، طالب باعتماد الشفافية في التلزيمات ودرس أوضاع المرفأ والريجي وأوجيرو. ودعا أيضاً إلى تزويد مجلس الوزراء بنتائج المالية العامة للأشهر الأربعة الأولى من هذه السنة وبكل أرقام سنة 2018.
الوزير عادل أفيوني ذهب إلى الدعوة إلى إقرار موازنة استثنائية ترفع النمو الاقتصادي وتخفّض العجز المالي، لكنه طالب أيضاً بأن تؤمّن الحماية للقطاع الخاص والمصارف والبنك المركزي.
في المقابل، تحدّث الوزير كميل بو سليمان، وهو كان محامياً لشركات تتعامل مع الدولة في إصدار سندات اليوروبوند، عن إمكان خفض خدمة الدَّين العام بالعملات الأجنبية عبر عملية تقوم بها الدولة مع مصرف لبنان.
أما الوزيرة ريا الحسن، فاعتبرت أن المشكلة الكبيرة هي في ميزان المدفوعات. وأشارت إلى أن الخيارات قليلة، وأن «سيدر» يمكن أن يكون هو الحل. وأشارت إلى هروب أكثر من ملياري ونصف مليار دولار من لبنان في الفترة الأخيرة، بنتيجة الثقة المفقودة، داعية إلى أن تُسهم الموازنة في إعادة الثقة. وبعد أن اعتبر الوزير صالح الغريب أن المشكلة الكبيرة هي في خدمة الدَّين العام، طالب بموازنة استثمارية لمواجهة العجز التجاري. وركّز على ضرورة تخفيض الفوائد، واعتبر أن مصرف لبنان يملك دوراً مؤثراً في هذا الإطار. ورأى الوزير جبران باسيل أنه توجد فرصة استثنائية لإقرار موازنة استثنائية. واقترح سلسلة إجراءات تتضمن تخفيض خدمة الدَّين العام وترشيق حجم الدولة ولجم الهدر ومكافحة التهرب الضريبي والتهريب. وطالب بأن تكون أهداف الموازنة مرتبطة بالاقتصاد وخفض العجز التجاري.
ضريبة الفوائد إلى 10%: النموذج السويسري أجدى
من جملة ما هو مطروح في مشروع موازنة 2019، رفع الضريبة على الفوائد من 7% إلى 10%. يكاد هذا الاقتراح يكون الطرح الجدي الوحيد في المشروع، إلا أنه أتى ناقصاً، إذ لا مبرّر لأن تكون هذه الضريبة متدنية مقارنة بضريبة دخل الأفراد والشركات. كذلك فإن هذه الضريبة غير تصاعدية، أي إن النسبة نفسها تُفرض على صغار المودعين كما على الكبار منهم. الذريعة الرئيسية لهذه «المساواة» المجحفة، هي السرية المصرفية. في سويسرا، حيث «ملوك السرية»، قانون أكثر عدالة، ويمنح الحزينة إيرادات إضافية (تقرير محمد وهبة).
الأزمة التي يمرّ فيها لبنان تستوجب تصحيحاً ضريبياً يعوّض نوعاً من الخسائر والأعباء التي تكبّدها الاقتصاد اللبناني بشقي الإنتاج، أي الشركات والعمال. فهولاء يقدّمون قيمة مضافة في الاقتصاد الوطني، خلافاً للأموال المودعة في المصارف والتي تقتصر الإفادة الوحيدة منها على تمويل الدين العام المربح جداً للمصارف ولكبار المودعين.
يقول الوزير السابق شربل نحاس، إن «ملوك السريّة المصرفية» في سويسرا، عرفوا كيف يستفيدون منها. ففي سويسرا، تخضع الفوائد لضريبة بمعدل 30%، إلا أن هذه الضريبة لا تنطبق على ادخارات المودعين إذا تنازلوا عن السرية المصرفية (والتنازل هنا لا يكون مطلقاً، بل يكون لسلطة الضرائب في وزارة المال وحدها حق الاطلاع على ما يجنيه المودِع). ففي الحالة الثانية، تُحتسب أرباح الفوائد من ضمن الدخل الفردي الذي تُفرض عليه ضريبة موحّدة تصاعدية وفق شطور. أما في لبنان، فيخضع صغار المودعين وكبار المودعين لضريبة متدنية وبشكل متساوٍ.
والأسوأ من ذلك، أن هذه الضريبة منخفضة، مقارنةً بالضرائب التي تطاول القطاعات المنتجة، سواء الشركات أو العمل. «كل أشكال الإنتاج في لبنان تخضع لضريبة. بعضها تصاعدي مثل ضريبة الدخل على الرواتب والأجور التي تصل إلى 25% وفق الاقتراحات المقدمة ضمن مشروع موازنة 2019. وبعضها الآخر غير تصاعدي مثل ضريبة الأرباح التي جرت زيادتها في السنة الماضية من 15% إلى 17% والتي تلحقها ضريبة بمعدل 10% على توزيع الأرباح، ليرتفع إجمالي العبء الضريبي عليها إلى 25%. لكن ضريبة الفوائد كانت 5% منذ عام 2003 حين استحدثت هذه الضريبة، ثم رفعت عام 2017 إلى 7% وألغي الإعفاء الذي كان ممنوحاً للمصارف عليها، وباتت تُفرَض على المصارف بدلاً من أن تحسم من ضريبة الدخل».
وطوال 14 عاماً كانت المصارف تحظى بامتياز يعفيها من ضريبة الفوائد. وأُلغي هذا الامتياز إبان البحث عن تمويل كلفة سلسلة الرتب والرواتب، فأقرّ مجلس النواب في نهاية 2017 تعديلاً على القانون 64 يلغي هذا الإعفاء صراحة. استعملت ضريبة الفوائد كأداة لتعزيز إيرادات الخزينة. وعُدَّت هذه الضريبة وتعديلاتها تطوّراً لافتاً في النظام الضريبي لتصحيح التركّز المرتفع في الثروة، لكنه بقي تصحيحاً ناقصاً يساوي بين أصحاب الودائع الكبيرة وأصحاب الودائع الصغيرة.
انطلاقاً من التجربة السويسرية، يعتقد نحاس أنّ الأجدى بالسلطة أن تذهب في اتجاه تصحيح ذي معنى اقتصادي واجتماعي، فتعمد إلى رفع ضريبة الفوائد إلى المعدلات الموازية لمعدلات الضريبة على الدخل، سواء كان أجراً أو أرباحاً، وأن تحدّد إعفاءات معينة من هذه الضريبة. «من يضع أموالاً في لبنان للاستفادة من السرية المصرفية، لن يهرب، لكن يجب أن نفرض عليه دفع كلفة هذه الاستفادة. ومن يصنّف «معتَّراً» يُفتح المجال أمامه للاستفادة من الإعفاء من هذه الضريبة مقابل رفع السرية المصرفية عن حساباته»، يقول نحاس.
في الواقع، ليس الأمر اختراعاً لبنانياً، لكن الدول تفرض هذه الضريبة بما ينسجم مع رؤيتها الاقتصادية. في لبنان العكس يحصل. «هذا البلد فيه مستوى مرتفع من التركز في الودائع، وهذا الأمر يجب أن يؤخذ كمؤشّر جدي على المستوى الذي يعيشه المقيمون في لبنان، فضلاً عن أنه يقتضي أن يكون تسديد الضريبة استناداً إلى نوع الدخل وطريقته»، وفق نحاس.
وكدليل على ذلك، يتطرق نحاس إلى الواقع الحالي: إن ارتفاع معدلات الفوائد زاد إيرادات ضريبة الفوائد، لكنه أدّى أيضاً إلى اتساع الفجوة الضريبية. فمن كان يحصل على فائدة بمعدل 5% على وديعته بالدولار، يبقى له منها بعد اقتطاع ضريبة الفوائد بمعدل 7% نحو 4.65% كـ«فوائد صافية» على الوديعة. لكن بعد ارتفاع أسعار الفوائد بات المودع يحصل على 10% مقابل وديعته، ما يبقي له بعد اقتطاع الضريبة 9.3% كـ«فوائد صافية».
وعلى سبيل المثال، إن الوديعة بقيمة 100 ألف دولار ستحصل من فائدة الـ4.65% على ما قيمته 4650 دولاراً سنوياً، فيما تحصل على 9300 دولار إذا كانت الفائدة 10%. أما إذا كانت الوديعة بقيمة مليون دولار، فإنها ستحصل على 46500 دولار على الفائدة المتدنية، وعلى 93000 دولار بعد ارتفاع الفائدة.
أين العدالة في توزيع العبء الضريبي؟ ألا يفترض أن أصحاب الودائع الكبيرة يمكنهم تحمّل ضريبة أعلى على دخل يأتيهم بسهولة ومن دون أي قيمة مضافة في الاقتصاد؟ ألا يجب أن تؤخذ إحصاءات تركّز الودائع بالحسبان بما أنها تشير إلى أن 0.86% من مودعي المصارف يملكون ودائع تفوق 87 مليار دولار مقابل 59% من المودعين الذين يملكون نحو 1 مليار دولار؟
المساواة بين هاتين الشريحتين من المودعين ظالم. صغار المودعين هم في غالبيتهم أجراء في القطاع العام والخاص ومن صغار الكسبة الذين يدخّرون جزءاً قليلاً من مداخيلهم بهدف توفير التعليم الجامعي لأولادهم، أو للاحتياط في مواجهة الأيام السوداء. في المقابل، إن كبار المودعين ينفقون من الفوائد المحصلة على ودائعهم على السياحة والسفر وشراء السلع الكمالية الباهظة الثمن وعلى رفاهيتهم المطلقة التي لا يحتاجون أصلاً لأن ينفقوا عليها من عمليات تحويل المال العام إلى مال خاص، بل يكفيهم الإنفاق عليها من مداخيلهم.
هذه ليست ثغرة بسيطة في النظام الضريبي، بل خطأ فادح يمكن معالجته من خلال النموذح السويسري. لكن كيف يصبح الأمر مع اقتراح رئيس الحكومة سعد الحريري إعفاء المصارف من هذه الضريبة، أي إعادة الامتياز إليها؟
الحريري اقترح في ورقة مقدّمة للقوى السياسية، أن يوافق على رفع الضريبة من 7% إلى 10% مقابل إعطاء «حق الحسم للمصارف»، أي حق حسمها من ضريبة الأرباح. بمعنى آخر، هو يقترح إعفاءها من هذه الضريبة التي سيتحملها في هذه الحالة المودعون حصراً. وإعفاء المصارف إلى جانب الامتناع عن تشطير الضريبة بحسب قيمة الودائع، سيؤدي تلقائياً إلى زيادة في تركّز الثروة بين شرائح المجتمع اللبناني، ما سيتيح للمصارف ولكبار المودعين من مراكمة الثروة التي جمعوها بفضل النظام الضريبي السائد. سيحصل كبار المودعين على مبالغ هائلة من الفوائد المصرفية على أموالهم، وخصوصاً في ظل ارتفاع معدلات الفوائد إلى أكثر من 18% على ودائع الليرة وأكثر من 10% على ودائع الدولار في بعض الحالات. هذه المبالغ سيعاد توظيفها كودائع منتجة للفوائد… وهكذا دواليك. أما أصحاب الودائع الصغيرة، فسيستعملون الناتج من الفائدة على ودائعهم لتلبية حاجاتهم الأساسية المتنامية في ظل الأوضاع الصعبة، وستستنزف الضريبة جزءاً من قدراتهم بما يؤدي إلى استنزاف أصل ودائعهم.
في ظل هذا الواقع، هناك من يقول للناس: سنزيد تركّز الثروة بأيدي القلّة وإفقار الآخرين! فالهدف من اقتراح الحريري، إذا ما أُقرّ، تجنيب المصارف تسديد حصّتها من الضريبة، ما سيفوّت على الخزينة مبلغاً يفوق 600 مليون دولار. وفي المقابل سيُحمَّل المودعون كامل قيمة هذه الضريبة، بما تقدَّر قيمته بنحو 1.3 مليار دولار تصيب صغار المودعين بالمعدل نفسه الذي يصيب كبار المودعين.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
اللواء
الطبقة السياسية تواجه أزمة الموازنة: عجز في المعالجة والتخفيضات حتمية
الجلسات الماراتونية تبدأ اليوم في السراي إلى الأحد.. وجمعية المصارف تحذِّر من ضرائب جديدة
الطبقة السياسية وجهاً لوجه أما الموازنة العامة للدولة لعام 2019. في ظروف أخرى، كان خبر مناقشة الموازنة في جلسة لمجلس الوزراء خبراً عادياً، اما هذه السنة فللمسألة ابعاد خطيرة: كيف يتعامل لبنان الرسمي، سلطة إجرائية، وزارة مال، مجلس نواب، مع واحدة من أخطر المشكلات البنيوية ليس على المستويات المالية والنقدية والاستثمارية بل أيضاً على المستويات الاجتماعية والاقتصادية.
مرد الصعوبات يعود إلى ان المناقشة تتم لموازنة «مع أحد أثقل أعباء الدين العام في العالم وتدني معدلات النمو لسنوات»، على حدّ وصف خبراء اقتصاديون، يعتبرون ان تنفيذ حزمة من الإصلاحات أكثر إلحاحاً من أي وقت مضى (رويترز).
في خطوة احترازية خرج العسكريون المتقاعدون إلى الشوارع، من المرفأ إلى مصرف لبنان، احتجاجاً على أي اتجاه لاحداث تخفيضات في معاشات التقاعد.. على الرغم من تأكيدات وزير المال علي حسن خليل ان لا تخفيضات للرواتب أو معاشات التقاعد.
الجلسة الأولى للموازنة، تمثلت بعرض للارقام والتوجهات من دون الدخول في التفاصيل، على ان تبدأ الجلسات الماراتونية من السراي الكبير اليوم (4 ساعات)، وحتى يوم الأحد لإنجاز المشروع، واحالته الى المجلس النيابي، مع بداية شهر رمضان..
وإذا كان الخبير الاقتصادي المعني بالشرق الأوسط لدى كابيتال ايكونوميكس جيسون توفي يرى انه سيكون من الصعب للغاية على السياسيين ان يوافقوا على إجراءات تقشفية كافية نظراً لكونها غير مرغوب فيها بشكل كبير، معرباً عن اعتقاده ان السلطات اللبنانية ستضطر في النهاية إلى اللجوء لنوع من هيكلة الديون، فإن جمعية المصارف حذرت بعد اجتماع استثنائي عقدته أمس مما أسمته «الاستمرار في نهج تحميل الاقتصاد المتباطئ ضرائب جديدة، سوف تؤدي إلى تفاقم الانعكاسات والمضاعفات السلبية، مشيرة إلى ان حزمة الضرائب التي اقرها المجلس النيابي عام 2017 في قانون منفصل عن الموازنة من أجل تمويل سلسلة الرتب والرواتب أدّت، كما توقعت الهيئات الاقتصادية إلى تأثير سلبي على الاقتصاد الوطني».
جلسة الموازنة
وعلى إيقاع حركة اعتصامات واسعة في الشارع نفذها العسكريون المتقاعدون، وشلت العمل في مصرف لبنان ومرفأ بيروت ومديرية الإيرادات في وزارة المال، على مدى ساعات النهار، للحيلولة دون المس بحقوقهم وتعويضاتهم، بدأ مجلس الوزراء في جلسة عقدها في القصر الجمهوري امس، مناقشة عامة لمشروع موازنة العام 2019، وسط جو هادئ وتقني وعلمي، لكن وسط مخاوف عبرت عنها مصادر وزارية من اكثر من طرف سياسي، من ألاّ تتضمن الموازنة رؤية مالية ونقدية واقتصادية واصلاحية حقيقية وان تكون مجرد تجميع ارقام بين الواردات والنفقات والتخفيضات لتحقيق نوع من التوازن، بينما تراوح الازمة مكانها وربما تتفاقم، خاصة اذا اخطأت تقديرات الواردات ولم تبلغ المدى المرجو فتقع في العجز مجددا، كما حصل في اكثر من موازنة وفي سلسلة الرتب والرواتب.
ويفترض ان يبدأ النقاش التفصيلي بكل بنود الموازنة وموازنات الوزارات والمؤسسات العامة، في جلسات متلاحقة اعتبارا من اليوم في السرايا الحكومية برغم عطلة عيد العمال، ورجحت مصادر وزارية الانتهاء منها يوم الأحد المقبل اذا عقدت جلسة او الاثنين المقبل على ابعد تقدير.
وقد بدأ نقاش الموازنة بعرض عام لوزير المال علي حسن خليل للنقاط الاساسية للموازنة التي وصفتها المصادر الوازرية بأنها مبدئية لجهة ارقام الواردات والنفقات المتوقعة والتخفيضات المقترحة على حجم الانفاق العام لتحقيق خفض في العجز بنسبة تسعة او تسعة ونصف في المائة، حيث هو الان بين سبعة وثمانية مع عجز الكهرباء. ونفى ما تردد عن المس بالرواتب وتعويضات المتقاعدين داعيا الى نقاش في هذا الموضوع اذا تطلب الامر ذلك..
وتحدث الرئيس ميشال عون داعيا الى الاسراع في انجاز الموازنة لتكون في المجلس النيابي قبل نهاية ايار المقبل، وابدى ملاحظات عامة على العرض داعيا الوزراء الى الالتزام الكامل بخفض العجز وتحقيق الاصلاح المالي والنقدي، معتبرا انه لا يجب ان نخاف من الخطوات الاصلاحية الجريئة. وركز على ضرورة مكننة كل الوازرات لخفض نسبة التوظيف وتحديث الادارة ووقف الفساد. ودعا الى اعادة هيكلة الوزارات.
كما تحدث الرئيس سعد الحريري داعيا الى الذهاب في خفض الانفاق والتقشف اكثر مماهومطروح من مقترحات، حتى نصل الى الاهداف المرجوة بخفض العجز والاصلاح. وقال ان احدا لن يمس بالاجور والتعويضات، والاجراءات تشمل الجميع للحفاظ على الاقتصاد.
وتحدث نائب رئيس الحكومة غسان حاصباني في مداخلة طويلة مركزا على ان تكون الموازنة اصلاحية لامجرد تجميع ارقام، ووضع رؤية متكاملة بعيدة المدى تبدأ من الموزانة لتصحيح الخلل البنيوي القائم في المالية العامة، واعادة النظر بهيكلية قطاعات الدولة وخفض القطاع العام تدريجيا، وتحقيق فعالية في القطاع العام عبر اعادة النظر بكيفية تسيير القطاعات الاساسية والمنتجة كقطاع الاتصالات، داعيا في هذا الصدد الى اشراك القطاع الخاص في الاستثمارات لا سيما في الاتصالات بهدف تحقيق اصلاح الادارة فيه وتحقيق دفق مالي بالعملة الصعبة من الخارج عبر الشركات الاجنبية، وخفض انفاق الدولة وتحسين قدرة القطاع وزيادة وارداته الى الخزينة، ليصبح جزءا من معالجة الدين العام. كما هو الحال في خطة الكهرباء التي اعتمدتها الدولة بإشراك القطاع الخاص.
واشار الى وجوب الدخول في اصلاحات مهمة قبل المس بالرواتب والتقديمات للموظفين، وحدد امثلة مثل تفعيل الجباية الجمركية وضبط الحدود البرية والبحرية لمنع التهريب، ووضع صورة دقيقة للنفقات والواردات حتى لا تضع الحكومة توقعات غير قابلة للتطبيق.
واوضحت وزيرة الداخلية ريا الحسن بأن مؤتمر «سيدر» تضمن في ما تضمن مشاركة القطاع الخاص في خفض النفقات وزيادة الواردات عبر المشاركة في الاستثمارات والمشاريع المنتجة.
اما وزراء «حزب الله» فركزوا على ضرورة وضع رؤية اقتصادية ومالية ونقدية واصلاحية شاملة وربطها بخطوات عملية قابلة للتنفيذ الفوري. وقال الوزير محمد فنيش: انه يجب مشاركة الجميع في القرار والمسؤولية، وان الاوان للتنسيق بين السياسات النقدية والسياسات المالية.
فيما عرض وزير الاقتصاد منصور بطيش ورقة متكاملة (سبق وعرضها في مؤتمر صحافي قبل نحو شهر) تتضمن رؤيته للاصلاح المالي والاقتصادي والنقدي واعتماد سياسات جديدة. وركز على تفعيل الجباية وخفض الانفاق واشراك المصارف في معالجة العجز. وطالب بانجاز قطوع حسابات الموازنات السابقة.
وطالب وزير الخارجية جبران باسيل بسلة متكاملة لخفض الانفاق لا ان يشمل قطاعات دون اخرى وبعدم ازدواجية المعايير والا فليتحمل الجميع المسؤولية. فيما تحدث الوزيران عادل افيوني وكميل ابو سليمان عن ضرورة وضع مقاربة جديدة لمعالجة خدمة الدين العام. وركز وزير التربية اكرم شهيب على وجود فائض في الاساتذة في مدارس معينة ونقص في مدارس اخرى ووجوب الغاء مدارس لا يوجد فيها تلامذة او اساتذة بعدد كاف ومدارس بحاجة الى تطوير ما يسهم في خفض الانفاق.
وعلمت «اللواء» ان الوزير خليل سأل عن «الهمروجة» الحاصلة وراء موضوع العسكريين المتقاعدين والمزايدة حولها، مع العلم انه لم يتطرق إليه بعد ولم يقدم فيه أي شيء جديد، وتوجه إلى وزير الدفاع الياس بوصعب قائلاً: «توجهت اليوم إلى عرسال وتحدثت في هذا الموضوع في حين اننا لم نقدم أي شيء جديد يتصل بتخفيضات تطاول رواتب هؤلاء العسكريين وكأنك تزايد علينا، كما ان رئيس الجمهورية قال ان هناك من يزايد علينا. نتفق معها في الداخل على أمر وتقول امراً آخر في الخارج، وتذهب إلى الاعتراض، كما تحدث الوزير باسيل فقال انه عندما تحدثنا في موضوع الحلول في عجز الموازنة، اثرنا ذلك مع ممثلي جميع الكتل ومن المفترض ان يسير الجميع وفق الخط نفسه أي اننا اتفقنا على حل مشكلة الكهرباء في موقف تخفيض الدين وهذا الحل يقوم بمشاركة جميع القطاعات من المصارف إلى تخفيض الرواتب، فلا نقول شيئاً في الداخل ثم نخرج ونقول أمراً آخر.
كذلك علم ان رئيس الجمهورية لم يعرض افكاره لتخفيف عجز الموازنة لكن المصادر الوزارية توقفت عند مطالعة وزير الاقتصاد والتجارة منصور بطيش وانتقاده أرقام الوزير خليل مُفصلاً الإجراءات الواجب اتخاذها لمعالجة العجز.
من جهة ثانية، أفادت المصادر ان الوزير خليل تعاطى مع بطيش بإيجابية وقال: «ان لست على خلاف معك في ما تعرضه والموازنة التي قدمتها لا اقول انها منزلة إنما اعرضها وهي اقتراحات من الممكن تطويرها وإضافة أمور عليها في مجلس الوزراء».
اما بالنسبة إلى ما اقترحه الوزير بطيش ولاقى اعتراض الوزراء ولا سيما الوزير محمّد شقير ومحمّد فنيش فهو يمثل باقتراح زيادة 37٪ على جميع البضائع المستوردة من الخارج، حيث اعتبر ان هذا الموضوع يعني وكأنه زيادة مقنعة للضريبة على القيمة المضافة (TVA) 30٪، ويطاول جميع النّاس. أما بطيش فأكد ان الهدف من ذلك حماية الصناعة الوطنية.
ولاحقاً، أعلن الوزير خليل عبر حسابه على موقع «تويتر» رفضه لاقتراح بطيش لأنه يطاول كل المستوردات الاستهلاكية، واعداً بأن الكلام تتمة.
مطالعة بطيش
وكان الوزير بطيش رأى في مطالعته ان مشروع خليل يقوم على فرضيات تحتاج إلى تدقيق وايضاحات، مورداً ثلاث ملاحظات، منها:
1- ان نتائج الفصل الأوّل من هذا العام 2019 تشي باستمرار التباطو في نمو الاقتصاد، في حين ان المشروع بني على نمو حقيقي بمعدل 1.2٪ للعام 2019 من تضخم بنسبة 1.7٪ فقط. فكيف يُمكن، استناداً إلى هذه المعدلات، ان يصل إجمالي الناتج المحلي للعام 2019 إلى 89935 مليار ليرة كما هو متوقع في التقرير؟ وكيف سيلجم تنامي الدين العام وخدمته ونسبتهما من اجمالي الناتج المحلي في ظل معدلات الفوائد المرتفعة في السوق المحلي؟ وإلى أين ستصل هذه النسب في السنوات الثلاث المقبلة.
2 – يقدر وزير المالية في تقريره المرفق، العجز المحقق في العام 2018 بنحو 9816 مليار ليرة (ما يُوازي 6.511 مليار دولار). ويقدر ان يتراجع هذا العجز إلى 8887 مليار ليرة عام 2019 (ما يوازي 5.895 مليار دولار) ما يعني انخفاضاً في العجز بقيمة 929 مليار ليرة (ما يُوازي 616 مليون دولار).
اللافت بالمقابل ان مشروع قانون الموازنة قدر العجز المرتقب بـ5352 مليار ليرة يضاف إليه 2500 مليار ليرة لدعم الكهرباء، فيبلغ المجموع 7852 مليار ليرة لبنانية. أي ان هناك فارقاً بقيمة 1035 مليار ليرة بين تقرير وزير المالية ومشروع قانون الموازنة. فمن أين اتى هذا الفارق ولماذا؟ واي حساب هو الصحيح ليُبنى على الشيء مقتضاه؟
3- تقدر الإيرادات في مشروع قانون الموازنة بـ18265 مليار ليرة بالمقارنة مع 18686 مليار ليرة في قانون موازنة 2018 أي ان المشروع يتوقع ايرادات أقل مما توقعه في عام 2018 علماً ان الإيرادات المحققة خلال 11 شهراً من العام 2018 بلغت 15051 مليار ليرة. اتمنى ان يكون لدى وزير المالية تفسيراً لذلك؟ وإذا كانت التوقعات للعام 2018 غير دقيقة، فكيف يُمكن ان نضمن دقتها لهذا العام؟
وانتهى بطيش إلى تقديم مجموعة اقتراحت، ابرزها: لجم التهرب الضريبي بكافة مندرجاته وابوابه، والذي قدره بحوالى 1.7 مليار دولار، إلغاء كل الاعفاءات والتسويات الضريبية واعتماد نظام الحوافز وتخفيض الحد الأدنى من الخضوع الإلزامي للضريبة على القيمة المضافة من 100 مليون إلى 25 مليون ليرة، وزيادة معدل الضريبة على فوائد الودائع مرتفعة على أرباح الامتيازات التي تمنحها الدولة، زيادة رسوم اجازات العمل والاقامة للأجانب، تحسين إدارة الدين العام بما يؤدي إلى تخفيض كلفته، إعادة النظر بهيكلية الدولة، بحيث يتم إلغاء المؤسسات والمجالس والصناديق والهيئات التي لا حاجة لها، وإعادة تنظيم مرفأ بيروت بهدف تحويله خلال ستة أشهر إلى مؤسّسة عامة، وإعادة النظر بالقروض المدعومة وبآلياتها المعتمدة.
جولة بوصعب
يُشار إلى ان وزير الدفاع الياس بوصعب، جال أمس على مواقع الجيش اللبناني على الحدود الشمالية الشرقية مع سوريا، طمأن خلالها العسكريين على ان «لا خوف على حقوقهم ولا أحد سيمس بها ما دام هو وزيرا للدفاع»، موجها تحية احترام ومحبة «للمتقاعدين ومعتذراً منهم لنزولهم الى الشارع للمطالبة بحقوقهم».
ودعا الحكومة الى اقفال كل ابواب الهدر ، مشددا على انه من غير المسموح تحميل الجيش الوضع الاقتصادي الذي وصلنا اليه.
وبعد الجولة التفقدية لموقع قلعة شروق عقد بو صعب مؤتمرا صحافيا اعلن فيه ان «مجلس الوزراء قام بتكليف الجيش بالتدابير الأمنية في البلد فلا يحق لأحد سوى قيادة الجيش إلغاء التدابير هذه، خاصة تدبير رقم 3 لأنه إذا عدنا إلى التدبير رقم 1 يعني هذا إعادة الجيش إلى الثكنات», متسائلاً: «ومن يحمي الحدود بعد ذلك؟».
اعتصامات العسكريين
تزامناً، نفذ العسكريون المتقاعدون وقدامى القوات المسلحة منذ الخامسة صباحا سلسلة اعتصامات شلت مداخل العاصمة احتجاجا على المسّ بحقوقهم المالية في مشروع الموازنة. وانطلق العسكريون من ساحة رياض الصلح متوجهين الى اكثر من نقطة، فمنهم من توجه الى مصرف لبنان في الحمرا، وقسم الى وزارة المالية وقسم آخر الى مرفأ بيروت حيث أقفلوا جميع مداخله. وقامت قوى الأمن بقطع الطريق الممتدة من الدورة باتجاه مرفأ.
وأقفل العسكريون مداخل مرفأ بيروت منذ الساعة الخامسة صباحا وتوزعوا فرقا على المداخل 3 و4 و14، ومنعوا دخول وخروج السيارات. وحصل إشكال بين موظف في الجمارك ومجموعة من العسكريين المتقاعدين الذين منعوه من الدخول إلى مرفأ بيروت. وتفقد رئيس الاتحاد العمالي العام بشارة الاسمر المعتصمين عند مدخل المرفأ الباب 14، مؤكدا دعمه «كل تحرك يطالب برفع الظلم عن الطبقة العاملة في القطاع العام او القطاع الخاص، عبر تخفيض الاجور والتقديمات او عبر ضرائب جديدة تفرض»، مشيرا الى أنه «يؤيد كل تحركاتهم التي ترفع الصوت عاليا، في وجه المس بمكتسباتهم وحقوقهم».
كما تجمع عدد من العسكريين في شارع الحمرا امام مصرف لبنان، وتوزعوا على مجموعات، وتولت كل مجموعة اقفال مدخل من مداخل المصرف. وتحدث باسم المعتصمين رئيس الهيئة الوطنية للمحاربين القدامى العميد المتقاعد مارون خريش، فقال «الاعتصام مستمر الى ان تصدر إشارة واضحة ايجابية بإلغاء جميع المواد التي تتعلق بتخفيض رواتبنا او تعويضاتنا او التقديمات الاجتماعية عن مجلس الوزراء المنعقد في بعبدا».
وتوجه قسم من المعتصمين إلى مبنى الواردات التابع لوزارة المالية في بشارة الخوري.
وانضم عضو تكتل «لبنان القوي» النائب شامل روكز الى المعتصمين، معلناً بأن «الموازنة مرفوضة من البداية لأنها قائمة على حقوق القطاع العام والعسكريين ونأمل ان توضع اليوم خلال جلسة مجلس الوزراء النقاط على الحروف». وتساءل «هل يكافأ العسكري الذي دافع عن لبنان وفدى الوطن بدمه ووقف بوجه إسرائيل بهذه الطريقة؟». وأضاف «اناشد رئيس الجمهورية ميشال عون «بي العسكر» ومجلس الوزراء ان يضعوا يدهم على الموضوع وان يكونوا منصفين مع العسكريين».
وكان بشارة أعلن باسم اتحاد النقابات العمالية في المؤسسات العامة والمصالح المستقلة الإضراب العام والاقفال التام في جميع المؤسسات العامة والمصالح المستقلة يومي الخميس والجمعة 2 و3 أيّار 2019 إضافة الي يوم السبت في 4 منه للمؤسسات التي تعمل فيه هذا اليوم، احتجاجا على تردي الأوضاع المعيشية.
والمصارف
في المقابل، حذر مجلس إدارة جمعية المصارف في بيان أصدره، بعد اجتماع استثنائي من ان الاستمرار في نهج تحميل الاقتصاد اللبناني ضرائب جديدة سوف يؤدي إلى تفاقم الانعكاسات والمضاعفات السلبية ما يتعارض كليا في الأهداف المنشودة والمعلنة اصلا، واهمها خفض نسبة عجز الموازنة إلى الناتج المحلي، ورأى انه في ضوء الهدر وسوء الإدارة السائدين، من واجب الحكومة معالجة مكامن ومسالك هاتين الافتين بحزم وفعالية، بدلا من تكرار اللجوء إلى زيادات ضريبية.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
البناء
محاولة انقلاب عسكري فاشل في فنزويلا… وإيران تلوّح مجدداً بالانسحاب من التفاهم النووي
الموازنة تبدأ مشوار الألف ميل على طاولة الحكومة… والشارع يُشهِر سيف التحرّك
حردان: لا للمساس بالرواتب… ولا تخيفنا التهديدات بتكامل ثلاثية الشعب والجيش والمقاومة
تكشفت نتائج محاولة الانقلاب العسكري الفاشل في فنزويلا عن آخر الرهانات الأميركية على حسم الوضع لمصلحتها في أميركا اللاتينية، وبعدما كان الرئيس الأميركي دونالد ترامب ومستشاره للأمن القومي جون بولتون قد كشفا تورّط واشنطن بالمحاولة الانقلابية التي هدفت لإسقاط الرئيس نيكولاس مادورو، نجح الجيش الفنزويلي وأنصار الرئيس مادورو بالسيطرة على العاصمة كاراكاس والإعلان عن إنهاء المحاولة الانقلابية.
بالتوازي تواصلت المواقف الإيرانية التصعيدية في مواجهة القرارات الأميركية العقابية التي تستهدف تصدير النفط الإيراني، فأعلن الرئيس الإيراني الشيخ حسن روحاني أن لا شيء سيمنع إيران من مواصلة تصدير نفطها، بينما تناوب عدد من المسؤولين الإيرانيين على التحذير من عواقب القرارات الأميركية والمشاركة السعودية والإماراتية في تعويض النقص الذي سينجم عنها في الأسواق النفطية على الاستقرار في الخليج، وكان لافتاً كلام الرئيس روحاني عن إصداره الأوامر بتفعيل قرار تصنيف الجيش الأميركي على لوائح الإرهاب المعتمدة في إيران.
آخر المواقف التصعيدية الإيرانية كان قول مساعد وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي أن صبر إيران يوشك أن ينفد، مشيراً إلى أن «الاتفاق النووي كان اتفاقاً أمنياً أكثر من ان يكون اقتصادياً. وله ارتباط مع كل العالم وفي الوقت الذي تعرض الاتفاق النووي للخطر بسبب الموقف الأميركي فإن احتمال انتهائه موجود في أي لحظة».
وأكد عراقجي أنه «رغم أن هذا الاتفاق أبرم بين إيران ومجموعة الدول الخمس، ولكنه في الأصل هو اتفاق متعلق بالمجتمع الدولي بأسره»، مشدداً على أن «الاتفاق النووي هو النجاح الوحيد للدبلوماسية في المنطقة»، مشيراً إلى أن «خروج اميركا من الاتفاق النووي يتعارض مع قرارات مجلس الأمن الدولي وقاد الى الحد من ثقة إيران بالاتفاقيات الدولية لأن اميركا تريد القضاء على النجاح الوحيد للدبلوماسية في المنطقة».
لبنانياً، بدأت رسمياً مناقشات الموازنة في الحكومة، ومعها يُنتظر أن يستهلك النقاش شهر أيار لتحط الموازنة رحالها في مجلس النواب وتستهلك شهر حزيران بين مناقشات اللجان النيابية والجلسات العامة قبل إقرارها، وتزامن بدء النقاش الحكومي مع إشارتين، الأولى عزم الهيئات النقابية على تنظيم تحرّكات تحذيرية موازية للمناقشات الحكومية، منعاً لأي تفكير بالمساس بمكتسبات موظفي القطاع العام ورواتبهم وتعويضاتهم، من دون أن يكون كلام وزير المال واللوائح المرفقة بالموازنة مطمئناً، لجهة خلو أي بند من بنود الموازنة من إجراءات تمسّ الرواتب والتعويضات. فالمصادر النقابية تؤكد أن لا اطمئنان للنيات المبيتة، وأن الجهوزية النقابية في الشارع هي الضمانة لمرور آمن للموازنة لا يمس ذوي الدخل المحدود، خصوصاً أن النيات بالاستهداف التي تم تسريبها ثبتت صحتها، وبالمقابل محاولات التملص من السير بالإجراءات الإصلاحية الجدية ستستمرّ، لأن الجهات التي ستطالها هذه الإجراءات تملك من يدافع عنها في الحكومة بشراسة، بينما أنصار الطبقات الفقيرة قد يخضعون للابتزاز ويتراجعون، وقيمة الحضور في الشارع أنه تذكير دائم بخطر انفلات الأمور إذا تم تخطي الخطوط الحمر التي يعلن الجميع اليوم الالتزام بها ويتبرأ من مسؤولية النيات المسربة. وهذا بقدر ما هو مؤشر جيد هو دعوة لعدم التراخي في التحرك منعاً لأي استضعاف أو استسهال، كما جرت العادة دائماً في ما يتعلق بالطبقات الفقيرة والنيل منها.
الإشارة الثانية كانت السجال الذي ظهر بين وزير المال ووزير الاقتصاد، والذي طال موارد الموازنة، حيث وصف وزير الاقتصاد مشروع وزارة المال للموازنة بمجرد عمليات حسابية يفترض أن تتخطّاها الموازنة نحو رسم سياسات اقتصادية ومالية واجتماعية، فكان ردّ وزير المال بأن وزير الاقتصاد دعا لضريبة شاملة على المستوردات الاستهلاكية رفضها وزير المال، ولم يعرف ما إذا كان سجال الوزيرين تعبيراً عن خلاف بين رئيس الجمهورية ورئيس مجلس النواب أم هو مجرد نيران صديقة أصابت وزير المال؟
وفي مواكبته لنقاش الموازنة أكد الحزب السوري القومي الاجتماعي بلسان رئيس مجلسه الأعلى أسعد حردان على التحذير من أي مساس بالطبقات الشعبية، خصوصاً المسّ برواتب وتعويضات موظفي الدولة والعسكريين.
أكد رئيس المجلس الأعلى للحزب السوري القومي الاجتماعي النائب أسعد حردان أن «الأزمات والمشكلات الاقتصادية والاجتماعية والمعيشية التي يشهدها لبنان وتطال كل اللبنانيين، تحتاج إلى حلول سريعة، من دون تحميل أصحاب الدخل المحدود والفقراء أية تبعات، وعدم المسّ برواتب الموظفين أو فرض ضرائب جديدة أو رفع أسعار، لأن الناس لا طاقة لها ولا قدرة على تحمل أعباء إضافية في ظل الوضع المعيشي المتردي الذي يطال السواد الأعظم من اللبنانيين».
وشدّد حردان خلال استقباله في دارته براشيا الفخار وفوداً رسمية وشعبية وفاعليات على أنّ «لبنان يحتاج إلى كل عناصر القوة والوحدة والاستقرار لمواجهة كل التحديات والأخطار، لا سيما الخطر «الإسرائيلي» الذي يشكل تهديداً مستمراً لسيادة لبنان واستقراره. ولذلك فإن مواجهة هذا الخطر، تحتاج إلى المزيد من التضافر والوحدة، والتمسك بعناصر القوة التي يمتلكها لبنان، وبحق لبنان الثابت في تحرير مزارع شبعا وتلال كفرشوبا وقرية الغجر من الاحتلال الصهيوني».
وختم حردان مؤكداً أن «لبنان في ظل ثلاثية الجيش والشعب والمقاومة، لا يخشى من التهديدات التي يطلقها قادة العدو، ولن يتراجع عن حقه في استعادة ارضه وحماية سيادته وثرواته، والمسؤولية الوطنية تملي على الجميع التمسك بهذا الحق».
وعلى وقع حراك العسكريين المتقاعدين، وإعلان اتحاد النقابات العمالية في المؤسسات العامة والمصالح المستقلة الإضراب العام والإقفال التام في جميع المؤسسات العامة والمصالح المستقلة يومي الخميس والجمعة 2 و3 أيار 2019 إضافةً إلى يوم السبت في 4 منه للمؤسسات التي تعمل في هذا اليوم، التأم مجلس الوزراء في قصر بعبدا برئاسة رئيس الجمهورية ميشال عون، لمناقشة مشروع قانون الموازنة العامة للعام 2019، على أن يبدأ النقاش التفصيلي في جلسة لمجلس الوزراء اليوم في السراي الحكومي برئاسة الرئيس سعد الحريري على ان تعقد جلسات متتالية للانتهاء من درسها وإحالتها الى المجلس النيابي. وطلب الرئيس عون الإسراع في مناقشتها بحيث يتم إقرارها في مجلس النواب قبل نهاية الشهر المقبل وان تعكس سياسة الدولة الاقتصادية والمالية. علماً أن المقربين من الرئيس عون أكدوا أنه لديه جملة ملاحظات على مشروع الموازنة، لعدم إلحاق الغبن بالمؤسسة العسكرية والعسكريين.
ورأى وزير المال علي حسن خليل أن «النقاش كان هادئاً ومسؤولاً ولامس كل القضايا المرتبطة بالموازنة وربط بين الوظائف الضرورية للموازنة بالجانب الاقتصادي والمالي والنقدي والرؤية المطلوب أن تستهدفها الموازنة». وأكد أنه «متفائل لإقرار الموازنة بشكل سريع… والمهم ألا تكون هناك جبهات داخل مجلس الوزراء، لغة واحدة في الداخل والخارج ومشتركة بين بعضنا البعض لأن أهداف الفرقاء واحدة».
وفيما اشارت مصادر وزارية الى نقاش حصل بين وزير المال علي حسن خليل ووزير الدفاع الياس بو صعب هو حول التدبير رقم 3»، لفتت المصادر الى أن وزير المال صرح بأن التدبير رقم 3 لم يرد في مشروع الموازنة، وشددت المصادر نفسها لـ«البناء» على ان هناك إجماعاً على ضرورة تخفيض العجز من خلال تخفيض النفقات وزيادة الإيرادات. ولفتت المصادر الى شبه إجماع على عدم المسّ بالرواتب، قائلة هناك اقتراحات عدة تصبّ في خانة خفض العجز وتتمثل بضبط التهريب، ورفع الضريبة على المرامل والكسارات ووضع حد للصناديق التي لا حاجة لها، معتبرة أن دور الموازنة اساسي في إرسال رسائل ايجابية الى المجتمع الدولي للحصول على اموال سيدر.
ولفتت مصادر قواتية في حديث لـ«البناء» الى خلل يحيط بالموازنة، فكيف لا يأتي بند الواردات على ملف الأملاك البحرية والمصارف والتهرب الضريبي، داعية الى إشراك القطاع الخاص مع العام في بعض القطاعات لتحقيق إنتاجية أكثر وتوفير المليارات للخزينة.
وشددت مصادر مطلعة على موقف حزب الله لـ«البناء» على أن الأمين العام لحزب الله حدد في خطابه قواعد يجب على المعنيين التوقف عندها لجهة عدم المسّ برواتب الطبقة المتوسطة، انطلاق من ان هناك أبواباً كثيرة يمكن الركون اليها لتخفيض العجز وضبط المالية العامة. وشددت المصادر على ان حزب الله يؤكد أهمية اقرار موازنة وفق رؤية إصلاحية متكاملة لا تقشفية، خاصة، أن السياسة المالية التي جرى اعتمادها منذ سنوات كانت وراء الوضع الاقتصادي المتردي الذي وصل اليه لبنان. وقالت المصادر إن حزب الله لن يقبل بفرض ضرائب جديدة تستهدف أصحاب الدخل المحدود، في ما يدعو ويطالب بزيادة الضريبة على أرباح المصارف.
وعلى خط الموازنة، وفيما تولى وزير الاقتصاد منصور بطيش النقاش الاقتصادي في الموازنة، حيث قدم مطالعة أساسية حدد فيها نقاطاً تتصل بضرورة المباشرة بإعادة هيكلة إدارات الدولة، مؤكداً أن الموازنة هي رؤية متكاملة لا عمليات حسابية فقط، وتولى وزير الدولة لشؤون رئاسة الجمهورية سليم جريصاتي الجانب الدستوري، تردّدت معلومات نقلتها مصادر وزير الخارجية جبران باسيل لـ«البناء» مفادها أن الأخير لن يقبل إطلاقاً بعدم وضع اعتماد طريق القديسين ومرفأ جونيه في موازنة 2019 وإلا لن يمشي أي مشروع آخر في البلد، علماً أن وزير المال أكد أن طريق القديسين ومرفأ جونية في صلب الموازنة ولم يلغ أي اعتماد مخصص لهما كما لم يلغ اعتمادات أياً من المشاريع.
وكان العسكريون المتقاعدون نفذوا سلسلة اعتصامات وانطلقوا من ساحة رياض الصلح في اتجاه أكثر من نقطة، فمنهم من توجّه الى مصرف لبنان في الحمرا، وآخرون الى وزارة المالية وقسم الى مرفأ بيروت وحيث أقفلوا جميع مداخله. وقامت قوى الأمن بقطع الطريق الممتدة من الدورة باتجاه المرفأ.
وأعرب وزير الدفاع الياس بو صعب عن رفضه بشكل قاطع «أيّ مساس بحقوق العسكريين، لأن وجودهم ضمان للأمن والذي هو بحدّ ذاته أحد أهم أسس الاقتصاد »، داعياً إلى «الاتفاق على موازنة مسؤولة وسدّ منافذ الهدر و الفساد». وأكد بو صعب في مؤتمر صحافي له، خلال تفقده وقائد الجيش العماد جوزيف عون أحد المراكز العسكرية المتقدمة التابع لفوج الحدود البرية الرابع على الحدود الشرقية، أن حقوق الجيش لن نفرِّط بها والرئيس عون المتقاعد الأول يَعرف كيف يحافظ على الحقوق. وحول موضوع مزارع شبعا قال بو صعب هناك صكوك في الدولة تثبت لبنانيّتها والبيان الوزاري يؤكد الالتزام بتحرير مزارع شبعا وتلال كفرشوبا.
ويتجه النواب العمداء الى التحرك تجاه رئيس الجمهورية العماد ميشال عون للبحث في مسألة المتقاعدين العسكريين، انطلاقاً من ان الموازنة وفق النائب اللواء جميل السيد الذي تحدث عقب اجتماعه والنواب وليد سكرية، شامل روكز، وهبي قاطيشا، جان تالوزيان، انطوان بانوا، في مجلس النواب، أن هذه الموازنة لا تتضمن اي جدية في الإيرادات، وخصوصاً تلك التي يمكن تحصيلها من الاملاك البحرية والنهرية و مرفأ بيروت والمؤسسات العامة والميدل ايست، مشددين على ان الدولة ليست جدية في التحصيل بأي من هذه المجالات، كما ان الموازنة لم تتضمن الإعفاءات الضريبية عن الغرامات.
الى ذلك بقيت مواقف النائب السابق وليد جنبلاط من مزارع شبعا محط تساؤل ومتابعة، وفيما لم يصدر أي موقف عن حزب الله الذي يرفض الدخول في اي سجال مع جنبلاط في الاعلام، برز موقف النائب السابق نقولا فتوش الذي عقد مؤتمراً صحافياً مؤكداً ان رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط ، بإقراره ان مزارع شبعا ليست لبنانية ارتكب جريمتين، الاعتداء على الدستور وارتكاب الخيانة العظمى، داعياً رئيسي الحكومة ومجلس النواب الى التحرّك أيضاً كما وزير الخارجية جبران باسيل لإبراز الوثائق الثابتة غير القابلة للنقاش التي تملكها الخارجية وتثبت لبنانية مزارع شبعا. دعا فتوش النيابة العامة التمييزية الى التحرّك ضد مرتكب الجناية العظمى، وليد جنبلاط وتنفيذ القانون بحقه وتجريده من حقوقه المدنية، وكل كلام آخر يضرب أي توجّه إصلاحي أو محاربة للفساد، لأن جنبلاط هو رأس حربة لخلايا خيانية نائمة في الخارج والداخل، مطالباً أن يصبح عِبرة للغير.