افتتاحيات الصحف اللبنانية، يوم الخميس 21 نيسان، 2016

إفتتاحيات الصحف اللبنانية، يوم الخميس 16 آذار، 2017
افتتاحيات الصحف اللبنانية، يوم الأربعاء 4 تموز، 2018
إفتتاحيات الصحف اللبنانية، يوم الجمعة 23 آذار، 2018

النهار
فرنجية لـ”النهار”: أنا أو غيري… المهمّ البلد التشريع وقانون الانتخاب: من يأسر الآخر
لعلها من غرائب السياسة في لبنان ان تحفل المنابر الاعلامية بمعارك كلامية وسجالات وتراشق بالاتهامات بالفساد بين أفرقاء سياسيين، ثم يجتمع ممثلوهم في اليوم التالي لينسقوا تحالفهم في المعارك الانتخابية البلدية والاختيارية المقبلة كما يشاركون معا في اعتصامات احتجاجاً على التسيب في قطاع الانترنت غير الشرعي. هذا الجانب “النادر ” العجيب من المشهد الداخلي تمثل امس في اعتصام المنظمات الشبابية لقوى 14 آذار والحزب التقدمي الاشتراكي على خلفية ملف الانترنت غير الشرعي، وانسحب أيضاً على اجتماع لقيادتي “تيار المستقبل” والحزب التقدمي الاشتراكي في بيروت اللتين اكدتا “وحدة الحال والتحالف القائم في ما بينهما وقد تم الاتفاق على ابقاء الاجتماعات مفتوحة في ما بينهما خلال هذه المرحلة”.

لكن ذلك لم ينسحب على الملفات السياسية المأزومة الاخرى والابعد أثراً مثل جولة الحوار الجديدة التي خرجت بنصف مخرج شكلي يصعب الجزم في ما اذا كان سيؤدي الى توفير حل لانعقاد جلسات التشريع التي وضعت على نار دفع قوي يتولاه رئيس مجلس النواب نبيه بري وسط تعقيدات لم تتأخر في التعبير عن نفسها من خلال مواقف معظم القوى المسيحية خصوصاً.

وقبل الخوض في وقائع هذه الجولة يجدر التوقف عند الحديث الذي أدلى به رئيس “تيار المردة ” المرشح الرئاسي النائب سليمان فرنجية لدى زيارته أمس مكاتب “النهار” للمرة الاولى ولقائه رئيسة مجلس الادارة النائبة نايلة تويني وعدداً من أفراد أسرة “النهار” وتناول فيه معظم الملفات المطروحة. واختصر النائب فرنجية ما آلت اليه أزمة الفراغ الرئاسي بعبارة “أنا أو غيري… المهم يمشي البلد “. وانطلاقاً من مجريات جولة الحوار التي انعقدت أمس وحضر فرنجية الى “النهار” عقب مشاركته فيها، تساءل “هل في تعطيل مجلس النواب نسرع انتخاب رئيس الجمهورية؟ وماذا يربح المسيحي اذا عطّل التشريع؟”.

ولا يعتبر فرنجية نفسه في منافسة مع العماد ميشال عون، ذلك أن “ظروفه غير ظروفي”، لكنه يشدد على انه “في مكان ما ثمة أمر يجب ان يحرك الامور”. ولا يخفي رؤيته “ان الجميع ضائعون للمرة الاولى ولا فريق يعرف ماذا يريد”. ويؤكد ان “للمسيحيين دوراً أساسياً في تحسين وضعهم اذا ما احسنوا اغتنام الفرصة ولعب هذا الدور في شكل صحيح… واذا لم يصل شخص محدد الى رئاسة الجمهورية فهذا لا يعني ان المسيحيين انتهى دورهم وان المسلمين لا يريدونهم “. ويضيف: “بصرف النظر عمن يكون الرئيس، المهم ان يشعر المجتمع المسيحي بوجود الدولة وان ثمة مستقبلاً له في هذا البلد مع شريكه”. ويدعو فرنجية المسيحيين الى ان يكونوا جاهزين ” لكل المراحل وما يهمني ان يصل رئيس مسيحي يمثل وينبثق من بيئته وآدمي وشريف”. واذ يؤكد انه ليس ضد انتخاب العماد عون، يشير الى ان “الوقائع تقول بوجود مرشحين الآن هما فرنجية وعون والطرح الذي سيأتي برئيس هو الوفاق الوطني وبموافقة الجميع”.

الحوار

أما جولة الحوار الـ18 التي انعقدت أمس في عين التينة وخصصت في معظمها لمناقشة موضوع التشريع وحملت معها احياء للتعقيدات التي يصطدم به مسعى الرئيس بري لعقد جلسات تشريع الضرورة، فقالت مصادر وزارية شاركت فيها لـ”النهار” إنها إستنتجت بعد المناقشات ان الرئيس بري يتجه الى عقد جلسة تشريعية في اقرب وقت.فقد تبيّن أن موقف الوزير جبران باسيل عبّر عن رفض “التيار الوطني الحر” وحزب “القوات اللبنانية” جلسة التشريع ما لم يلتزم إقرار قانون الانتخاب، فيما عبّر رئيس الكتائب النائب سامي الجميل عن موقف مماثل ضد الجلسة ولكن من منطلقات مختلفة. وفي المقابل برز تأييد من أكثرية الحضور للجلسة التشريعية عبّر عنه تباعاً النواب وليد جنبلاط وفرنجية وطلال أرسلان ونائب رئيس المجلس فريد مكاري والرئيس نجيب ميقاتي والرئيس فؤاد السنيورة الذي قال إنه يجب عدم وقف التشريع وربطه بإي شرط.ونفت المصادر أن تكون ذيول السجالات بين الفريق الجنبلاطي و”المستقبل” قد تركت تأثيراً على اجواء الحوار، بل على العكس ظهر جنبلاط منشرحاً وقال لأحد المشاركين إنه لن يمضي في السجالات وتساءل: “هل أنا قدّ هملر؟” في إشارة الى هاينريش هيملر أحد أقوى رجال أدولف هتلر وقائد “الغستابو”.

وكانت للنائب الجميّل مداخلة أكد فيها تلهّفه ونواب حزبه الى التشريع، عارضاً موانع دستورية صارمة وردت في المادتين 74 و75 من الدستور اللتين تلاهما وعلّق عليهما قائلاً إن لا مادة أوضح منهما. وهما تنصان على أن المجلس النيابي لا يمكنه التشريع عندما يلتئم سواء بدعوة من رئيسه أو من دونها بعد أن يتحوّل هيئة ناخبة إلا لانتخاب الرئيس. وحذر بإسهاب من مغبة الخروج على الدستور والإجتهاد في تطبيقه. واقترح الجميّل حلاً لانتخاب رئيس الجمهورية باعتماد أكثرية الثلثين في الدورة الاولى وأكثرية النواب الحاضرين في الجولات التالية، ولقي طرحه قبولاً ضمنياً من رئيس الوزراء تمام سلام والرئيسين السنيورة وميقاتي والنائب بطرس حرب.

وكانت للرئيس ميقاتي مداخلة أيّد فيها عقد جلسة نيابية تشريعية بالحد الادنى من أجل اقرار المشاريع العاجلة واعطاء رسالة ايجابية عن استمرار عمل المؤسسات الدستورية. وفي ما يتعلق بقانون الانتخاب شدد على ضرورة الاتفاق على قانون جديد من دون اقراره في غياب رئيس الجمهورية، لأن الرئيس هو المخول دستوريا اعطاء الموقف النهائي في القوانين سواء لجهة اقرارها أو ردها الى المجلس مع الملاحظات التي يراها ضرورية.

وأضاف: الاولوية الثانية بعد جلسة التشريع، وحتى في اسرع وقت، هي وجوب انتخاب رئيس جديد للجمهورية ليكتمل عقد المؤسسات الدستورية وتنتظم دورة الحياة السياسية، وبعد انتخاب الرئيس يصار الى اقرار قانون الانتخاب الجديد واجراء الانتخابات على اساسه”.

مبادرة بري

ثم طرح الرئيس بري اقتراحاً لاجتماع هيئة مكتب المجلس قريباً جداً لتحديد جدول أعمال الجلسة التشريعية التي يفترض ان يدعو اليها مطلع أيار المقبل وتبحث الهيئة العامة للمجلس في القرار الذي سبق لها ان اتخذته العام الماضي باولوية انتخاب رئيس الجمهورية قبل اقرار قانون الانتخاب وطلب من الجميع ردودهم على الاقتراح قبل نهاية الاسبوع الجاري.

البلديات ماشية

الى ذلك، أكدت امس مصادر قريبة من وزير الداخلية نهاد المشنوق لـ”النهار” ان كل الاستعدادات والاجراءات لاجراء الانتخابات البلدية والاختيارية جارية في شكل طبيعي وخصص أمس خط ساخن لمراجعات المواطنين كما سيبدأ خلال أيام بث موقع الكتروني خصصته الوزراة لهذه الانتخابات. واشارت الى ان الوزارة ليست معنية بكل ما يثار من سيناريوات حول تأجيل الانتخابات ولا مكان لهذه المزاعم لدى الوزراة والذي يريد التأجيل ليس أمامه الا طريق واحد هو مجلس النواب واتباع المسالك الدستورية والقانونية.

السفير
من يحاول تعطيل لجنة الاتصالات.. وهل ثمة صفقة لتجهيل «الفاعل»؟
فضائح «الإنترنت» و«الكاميرات»: جزر ودويلات.. وحمايات!
حتى تصل أجوبة الكتل النيابية على المبادرة التي طرحها الرئيس نبيه بري، في جلسة الحوار الوطني، أمس، لتأمين تفاهم حول عقد جلسة تشريعية توفق بين المنادين بأولوية قانون الانتخاب حصرا والمتمسكين بتشريع الضرورة الأوسع مدى، تستمر وقائع ملفات الفساد بالاستحواذ على اهتمام اللبنانيين الذين يساور معظمهم شعور بأن هذه الملفات ستطوى عاجلا أم آجلا بالتي هي أحسن، وبأقل الخسائر الممكنة، استنادا إلى حصيلة التجارب السابقة المريرة، خصوصا في زمن «جمهورية الطائف ـ الطوائف».

ولعل الأجهزة القضائية والأمنية تقف، أكثر من غيرها، على المحك في هذا الامتحان، باعتبار أن الوجهة التي يمكن أن تسلكها الفضائح المتدحرجة، سواء نحو اللّفلفة أو الحسم، إنما تتوقف على طريقة تعاطي تلك الأجهزة معها، ومدى اكتسابها المناعة أو العكس، إزاء «فيروس» المداخلات السياسية الذي اعتاد على التجوال في جسم الدولة الرخو والضعيف.

وفي انتظار تبيان نتائج الاختبار، تقفز الى الواجهة أسئلة، مبني بعضها على معلومات غير مطمئنة، حول المسار القضائي المحتمل لفضائح الفساد، خصوصا تلك التي تكشفت مؤخرا وتنطوي على طابع أمني، وبينها مغارة الانترنت غير الشرعي واختلاسات قوى الامن الداخلي وأبعاد ملف كاميرات بيروت.

«السفير» تقارب هذه الملفات من زاوية هواجس الرأي العام الذي لم يحصل حتى الآن على أجوبة شافية، بل ان أسئلته تتكاثر مع مرور الوقت.

مغارة الإنترنت

وبهذا المعنى، فإن مغارة الانترنت لا تزدحم فقط بالفضائح المتناسلة، بل بتساؤلات ملحة من نوع:

÷ الى أي حد تبدو السلطة على القدر المطلوب من الجدية والمصداقية في التعامل مع فضيحة الانترنت غير الشرعي، التي لو حصلت في أي دولة ديموقراطية ومؤسساتية حقا، لكان وزراء ومسؤولون قد استقالوا على الفور، أقله من باب تحمل المسؤولية المعنوية؟

÷ لماذا لم يبادر المعنيون بهذا الملف الى تعليق مهامهم، بالحد الأدنى، في انتظار انتهاء التحقيقات القضائية وثبوت براءتهم من أي ارتكاب أو إهمال؟

÷ هل يصح أنه بعد مرور أسابيع على انكشاف «دويلات الانترنت»، لا تزال القوى الأمنية عاجزة عن تقديم أجوبة واضحة للبنانيين حول كيفية دخول التجهيزات العائدة الى المحطات المخالفة عبر المرافئ الشرعية ببيانات مزورة، ومن هي الجهات التي تولت تغطية هذا التسلل، وكيف جرى تركيب المعدات الضخمة في الجبال والتلال من دون أن ترصدها القوى الأمنية التي لا يفوتها في المقابل أن تضبط مخالفة صغيرة تتعلق بغرفة أو شرفة مبنية من دون ترخيص؟

÷ ويروى في هذا الإطار، أن مواطنين باتوا يواجهون عناصر أمنية تلاحق بعض المخالفات الفردية بالقول: كيف تلتقطون هذه التفاصيل الصغيرة، بينما فاتكم أن تضبطوا تجهيزات ضخمة لاستجرار الانترنت غير الشرعي، جرى زرعها في مناطق مكشوفة؟

÷ ما الذي يضمن ألا تكون هناك معدات ومواد خطيرة أو ربما أسلحة ايضا قد هُربّت أو تهرب بالطريقة ذاتها الى الداخل اللبناني؟

÷ لماذا لا تزال صورة المتورطين الكبار في ملف الانترنت غامضة وضبابية برغم الاستماع حتى الآن الى عشرات المشتبه فيهم، وهل يجوز أن تكون هوية من يقف خلف محطات التهريب الاساسية (الزعرور، الضنية..) غير واضحة أو مكتملة بعد؟

÷ الى أي حد سيلتزم القضاء بالشفافية في التحقيق وبالتخفف من الحسابات السياسية والشخصية التي قد تكبل أو تضيّق مساحة الحرية في المساءلة والمحاسبة، علما أن أحد النواب قال لقاض يتابع ملف الانترنت: هل تريدنا أن نصدق أن أحداً لا يتصل بكم للتأثير عليكم، فما كان من القاضي إلا أن أجابه.. بابتسامة خبيثة.

÷ هل سيرفع السياسيون أيديهم عن القضاء ويمنحونه «الأمان»، ام ان أصابعهم ستظل تتغلغل بين أوراق ملف الانترنت لحماية اسم هنا أو للتمويه على حقيقة هناك؟

÷ لماذا بدا الجسم الوزاري متشظياً في اجتماعات لجنة الاتصالات والإعلام النيابية بدل أن تكون الحكومة حاضرة بمقاربة واحدة، حتى أن أحد النواب اعتبر ان الوزراء المعنيين يظهرون في النقاشات كأنهم يمثلون حكومات عدة، بعدما تبين أن لكل من وزراء الدفاع والمال والاتصالات والصحة روايته للأحداث والوقائع المتصلة بملف الانترنت، بينما يستمر غياب وزير الداخلية الذي يوحي بأن في فمه ماء، يمنعه من البوح بكل ما يعرف في هذا الملف.

÷ هل ثمة صفقة بدأ ترتيبها للملمة الفضيحة واختصارها برئيس هيئة «أوجيرو» عبد المنعم يوسف، الذي يجب أن يخضع بالتأكيد الى المساءلة والمحاسبة، لكن ليس وحده، لان يوسف إذا ثبتت إدانته في الاتهامات الموجهة اليه، لن يكون سوى رأس جبل الجليد؟

÷ هل صحيح أن الرئيس سعد الحريري والنائب وليد جنبلاط تفاهما حول ضرورة إزاحة يوسف عن موقعه، وأن الأمر سيطرح بأسرع وقت ممكن على مجلس الوزراء، لاستثمار زخم الحصار السياسي المطبق على رئيس «أوجيرو» في هذه اللحظة من أجل الدفع في اتجاه اتخاذ قرار بإقالته، بعد تحميله الجزء الأكبر من المسؤولية عن فضيحة الانترنت؟

÷ هل بدأ «تيار المستقبل» تسويق اسم بديل ليوسف، يرجح أن يكون أحد موظفي الإدارة الرسمية من أصحاب الخبرة، وهو نبيل يموت؟

÷ لماذا حاول البعض تجميد عمل اللجنة النيابية عند الحد الذي وصلت اليه، وما مدى صحة المعلومات المتسربة حول سيناريو وُضع لإنهاء مهمة اللجنة، بحجة انها ليست لجنة تحقيق برلمانية وان المطلوب ترك القضاء يعمل بهدوء وبالتالي تحريره من رقابة اللجنة النيابية، وضغط الإعلام الذي يواكب عملها.. لكن هذا السيناريو أحبط في ظل إصرار اللجنة على متابعة المهمة؟

÷ لماذا بدأ وزراء ونواب وكتل نيابية يعربون عن تذمرهم من دور الإعلام، محاولين وضعه في إطار التشويش على المسعى المبذول للوصول الى الحقيقة؟

الكاميرا.. الخفية!

وما قبل الانترنت وبعده، ما هي حقيقة صفقة كاميرات بيروت؟

÷ هل يجوز أن تُعتبر مسألة حيوية بهذه الحساسية والدقة من اختصاص بلدية العاصمة حصراً، بدل أن يشرف مجلس الوزراء على تفاصيلها انطلاقا من كونها تتصل بأمن بيروت في مواجهة الارهاب والتحديات الاخرى الداهمة؟

÷ ألا يُخشى من أن يؤدي تفرد المجلس البلدي، في إقرار مشروع الكاميرات وتنفيذه، الى الانزلاق نحو ما يشبه «الأمن الذاتي» المقونن؟

÷ هل كان المجلس البلدي للعاصمة مجرد واجهة لفرع المعلومات في قوى الامن الداخلي، والذي يراد لداتا الكاميرات أن تصب عنده، من دون ان يكون للجيش أو الأمن العام أي علاقة بهذا المشروع؟

÷ أين المصلحة في تكريس صراع الأجهزة وجزرها الأمنية، في حين ان المطلوب رفع مستوى التنسيق بينها الى أعلى الدرجات؟

÷ ما هي حقيقة الشق المالي في هذه الصفقة، وأي ملابسات كان ينطوي عليها عقد الـ20 مليون دولار المتعلق بـ«الفايبر اوبتيك» قبل أن يؤدي تدخل عبد المنعم يوسف الى تجميده؟

÷ كيف يمكن تفسير النقص في بعض المعطيات الجوهرية لدى وزير الاتصالات بطرس حرب الذي أكد خلال أحد اجتماعات اللجنة النيابية أن بلدية بيروت حاولت مد خط «الفايبر» لوصل الكاميرات به، لكن طلبها رُفض لان أي أمر من هذا النوع يحتاج الى قرار من مجلس الوزراء، فما كان من يوسف إلا ان انتقل الى جانبه وتكلم معه، ليعدّل الوزير بعد ذلك أقواله، موضحا ان رئيس «أوجيرو» أخبره للتو أن البلدية قبلت بالشروط المحددة ومدت «الفايبر أوبتيك» عبر الدولة، ما يدفع الى التساؤل: كيف لم يكن حرب يعرف بهذا المعطى، في حين ان الموافقة على طلب بلدية بيروت تحتاج الى توقيعه وأين دور وزارتي الداخلية والدفاع حيال أمر سيادي أمني خطير كهذا؟

اختلاسات قوى الأمن

وفي سياق متصل، تحوم مجموعة من الاسئلة – الهواجس حول ملف اختلاسات قوى الامن، من بينها:

÷ لماذا تأخر فتح ملف الاختلاس حتى اليوم برغم ان معطياته كانت متوافرة، وأي وظيفة للتوقيت؟

÷ هل المخفي أعظم في أدراج المدير العام لقوى الامن اللواء ابراهيم بصبوص، خصوصا أن هناك فسادا متسربا من مزاريب مالية أخرى كانت مفتوحة خلال السنوات الماضية؟

÷ ما هو المدى الذي ستصل اليه المحاسبة، صعودا نحو الرتب العالية، وهل ثمة حصانات قد تحمي بعضها؟

÷ برغم أهمية المحافظة على معنويات رجال الامن وهيبة المؤسسة.. ما هي إمكانية التعامل مع نتائج التحقيق بشفافية، والإعلان رسميا عن بعض جوانبها، لاستعادة ثقة الرأي العام في قوى الامن الداخلي، وتحويل الفاسدين الى عبرة لمن يعتبر، بغية ردع أي ارتكابات محتملة مستقبلا؟

هذه عينة من علامات الاستفهام والتعجب التي تحوم حول بعض الملفات، فهل من مجيب ام ان الانتظار سيطول؟

الاخبار
هكذا تشتري «أرامكو» النفوذ لآل سعود
عدوان طويل على اليمن بضوء أميركي أخضر، إسقاط المحاكم الأميركية لدعاوى دفع الرياض تعويضات لعائلات ضحايا هجمات 11 أيلول، حماية أميركية مباشرة للنظام السعودي، تصدير أسلحة أميركية متطورة إلى الرياض، ومنعها عن باقي العرب. كل هذه الوقائع تؤكد أن المال النفطي أنقذ الرياض كثيراً، وما يزال، وأمّن لها موقعاً إقليمياً… لكن لا يُعرف كثيرون كيف تمّ ومن يؤمّن ذلك.

كثيرةٌ هي الوثائق التي انتشرت في الإعلام العربي والغربي، والتي تضمنت تفاصيل تلقّي دول ومنظمات وسياسيين وإعلاميين أموالاً وعطايا كبيرة من النظام السعودي. وصل بعض تلك الرشى حدود مئات ملايين الدولارات.

كما تبيّن مع بداية العام الحالي، في قضية تلقّي رئيس وزراء ماليزيا نجيب رزاق، عام 2013، مبلغ 681 مليون دولار من السعوديين على شكل «هبة». بعض هذه الرشى أظهرتها «ويكيليكس» في وثائق وزارة الخارجية السعودية، والتي نشرتها في حزيران 2015. توجب السعودية على قابض «الهبة» تقديم خدمات عدّة. يهدف معظمها إلى تلميع صورة النظام السعودي في العالمين العربي والإسلامي.

مؤخراً، علت أصواتٌ من داخل الولايات المتحدة هاجمت المملكة السعودية، واتهمتها بشراء مرشحي الرئاسة الأميركيين! في نيسان 2015، اتهم زعيم «الحزب الجمهوري» الأميركي المرشحة عن «الحزب الديموقراطي» لانتخابات الرئاسة، هيلاري كلينتون، بتلقي ملايين الدولارات من السعودية.

وكأنه كان مقدّراً أن تهبط أسعار النفط، وتصبح واشنطن في غنىً عن النفط السعودي، حتى نسمع الرئيس الأميركي، باراك أوباما، يهاجم السعوديين في مقابلته الأخيرة مع The Atlantic. أو أن يصعد المرشح الجمهوري، دونالد ترامب، المنبر في أحد مهرجاناته الانتخابية ليهاجم السعودية ويشبهها بـ«البقرة الحلوب التي تدرّ ذهباً ودولارات بحسب الطلب الأميركي وسيذبحها حين يجف حليبها».

لآل سعود ذراع قوية بالغة النفوذ، تعدّ الأكبر من حيث رأس المال والقدرة الاقتصادية. استعملوها في الولوج إلى أماكن حساسة في واشنطن، كالكونغرس ومجلس النواب الأميركيين. إنها إمبراطورية «أرامكو» التي يعرض بعضاً من أسهمها ولي ولي العهد محمد بن سلمان اليوم للبيع.

تشرح إحدى وثائق الخارجية السعودية التي نشرتها «ويكيليكس» الصيف الفائت أهمية «أرامكو» لآل سعود. الوثيقة مؤرّخة بتاريخ 16/05/2012. أمر ولي العهد الأسبق، وزير الداخلية نايف بن عبد العزيز، بتشكيل لجنة من أجهزة الدولة الأمنية والوزارات السيادية لدراسة ما إذا كان تعاقد شركة «هواوي» الصينية، مع الحكومة الإيرانية سوف يؤدي إلى تهديد أمن معلومات شركات الاتصالات وشركة «أرامكو». إذ أن الأولى تقدّم خدمات تصميم وبناء إدارة قواعد البيانات للثانية.

نشأة «أرامكو» وتطورها

بعد مرور أشهر على إعلان مملكته عام 1932، أعطى عبد العزيز آل سعود امتيازاً حصرياً للتنقيب واستخراج النفط في المنطقة الشرقية لمدة 60 عاماً لشركة «ستاندرد أويل أوف كاليفورنيا». عام 1936 اندمجت شركتا «ستاندرد أويل أوف كاليفورنيا» و«تكساكو» في شركة واحدة سُميت «شركة كاليفورنيا العربية للزيت القياسي»، والتي استخرجت أول نفطها من البئر رقم 7 في الدمام. مبهوراً بإنجازها، أصدر عبد العزيز أمراً بتوسيع امتياز تنقيب الشركة، ليغطي نصف مساحة مملكته.

دفع هذا الاكتشاف الرئيس الأميركي فرانكلين روزفلت إلى تكليف وزير خارجيته كوردل هال بحماية مصالح واشنطن في الامتياز الحصري بالتنقيب واستخراج النفط في السعودية. وبعد اكتشاف ثلاث حقول نفطية كبيرة، تم تغيير إسم الشركة ليصبح «الشركة العربية الأميركية للزيت ــ أرامكو».

وظّفت إدارة الشركة الأميركية سعوديين لإرضاء ابن سعود. وفي عام 1950 وقعت الحكومة الأميركية اتفاقاً مع عبد العزيز نصّ على اعطاء السعوديين نسبة 50% من أرباح الشركة تحت مسمى «ضريبة». وهي أموال تم اقتطاعها من الضرائب المستحقة على شركات النفط للحكومة الأميركية.

كانت تلك الخطوة الأولى لاستعمال «أرامكو» كأداة نفوذ وتأثير في العلاقة بين واشنطن والرياض. استحوذ السعوديون على «أرامكو» تدريجياً. عام 1980 امتلكوا حصة 100% من أسهم الشركة، لكن النفوذ الأميركي بقي في إدارتها حتى عام 1990.

عام 1981 برز دور «أرامكو» حين ضغطت شركات النفط الأميركية على صانعي القرار في الكونغرس. كان الرئيس الأميركي، رونالد ريغن، قد طرح حينها بيع السعودية نظام الإنذار والتحكم المحمول جواً، والمعروف باسم «أواكس».

صرفت شركة «موبيل»، الشريك الأبرز لـ«أرامكو» في الولايات المتحدة، مبلغ نصف مليون دولار على حملة دعائية في الصفحة الأولى لصحيفة «نيويورك تايمز»، تناولت «أهمية الشراكة الاقتصادية بين المملكة السعودية والولايات المتحدة». ودعا رئيس «موبيل» سيناتور ولاية أركنساس، ديفيد برايور، للضغط والتسويق داخل الكونغرس لتمرير صفقة «الأواكس». وهذا ما حصل، رغم الأصوات الكثيرة المعارضة للصفقة في تلك الفترة.

بين عامي 1991 و2003 باعت شركة «أرامكو السعودية» نفطها الخام للمصافي الأميركية بحسومات كبيرة، مقارنة بأسعار البيع للمصافي الآسيوية. يقدّر الخبراء التكلفة الإجمالية لتلك الحسومات بحوالى 8.5 مليار دولار أميركي. لم تنعكس الأرباح، نتيجة الأسعار المخفّضة، على أسعار المحروقات التي يشتريها مستهلكوها، بل اعتبرت أرباحاً ذهبت إلى جيوب المتنفّذين من أصحاب الشركات العملاقة والسياسيين الأميركيين الذين حرصوا على الاعتناء بصديقهم السعودي كلما داهمته الأخطار.

وبينما يعتقد الكثيرون أن أسعار بيع النفط السعودي ثابتة حول العالم، تعتمد شركة «أرامكو السعودية» سياسة بيع الخام نفسه بأسعار تختلف باختلاف الدول المصدَّر إليها نفطها. ربح الأميركيون ما يقارب 1.9 مليار دولار عام 2001، بتخفيضات بلغت 30% من سعر برميل الخام السعودي، وفارق بلغ 6.3 دولار للبرميل الواحد، مقارنةً مع سعر البرميل المباع للدول الآسيوية.

بالإضافة إلى تحديد القيمة الإجمالية من خلال حصص التصدير وسياسات التسعير، تحكمت «أرامكو» بعملية توزيع هذا النفط المنخفض السعر داخل الولايات المتحدة، بحيث ذهب إلى مصافٍ تعتمد سياسات متشددة في عقود البيع التي تبرمها في السوق.

ورغم ضخامة عملية السمسرة التي حصلت بتوزيع عطايا التخفيضات على أسعار الخام السعودي في السوق الأميركي، لم يلفت ذلك نظر الأكاديميين والصحافيين الاقتصاديين في الولايات المتحدة. لقد حصل كل ذلك في غفلة من المهتمين. أو أُريد له أن يمرّ دون أن يتعرّف العالم على كيفية نهب ثروات ومقدرات الشعب في الجزيرة العربية.

عام 2012، قامت الباحثة جينيفر بيك، الحائزة شهادة الدكتوراه في الاقتصاد السياسي من «معهد ماساتشوستس للتقنية MIT»، بإجراء دراسة تحت عنوان: «هل للهدايا الأجنبية دور في شراء العمل السياسي المؤسسي؟ الأسباب والنتائج لبرنامج حسومات الخام السعودي». أجرت الباحثة الأميركية دراسة بالأرقام والقواعد الرياضية، لتقييم نجاح برنامج الحسومات في خلق آلية للتأثير السياسي من خلال تتبع الجهات التي استفادت بشكل مباشر من البرنامج وتحركت سياسياً وفقاً للمصالح السعودية في الولايات المتحدة.

تعتبر بيك أن برنامج الحسومات توقف عام 2003، بعد توتر طرأ على العلاقات بين الرياض وواشنطن. إلا أن «أرامكو» استمرت، حتى اليوم، في دعم شركائها النفطيين في الولايات المتحدة. كانت موجة الغضب على السعودية في الداخل الأميركي في أوجها عقب هجمات11 أيلول، والتي نفذها 19 «قاعدياً» (بينهم 15 سعودياً). إضافةً إلى خيبة الأمل السعودية جراء عدم حماسة الرئيس بوش الإبن للمبادرة العربية للسلام مع إسرائيل، والتي أطلقها ولي العهد السعودي آنذاك عبد الله بن عبد العزيز.

تتبعت بيك المصافي الأميركية التي صبّ فيها الخام السعودي، واحتسبت قيمة أرباح الشركات المالكة للمصافي وأسعار بيع الوقود محلياً في كل منطقة. ثم قامت بقياس حجم تأثير الحسومات على مؤسستي الكونغرس ومجلس النواب الأميركيين. تحليلها تتبع تدفق الأموال من مرحلة شحن الخام وصولاً إلى تمويل الحملات الانتخابية لسياسيي الحزبين «الجمهوري» و«الديمقراطي».

لاحظت الباحثة أن الشركات النفطية التي تقدّم مساهمات لأعضاء «لجنة القوات المسلحة في مجلس النواب» و«لجنة العلاقات الخارجية في مجلس الشيوخ» كانتا الأكثر حصولاً على الخام السعودي المخفّض سعره. بينما الشركات التي لديها تبرعات لأعضاء لجنتي «الطاقة» و«الشؤون الخارجية في مجلس النواب»، و«لجنة القوات المسلحة في مجلس الشيوخ» كانتا أقل احتمالاً للحصول على الخام السعودي.

هنا يظهر أنّ السعوديين سعوا لإيصال الدعم لأعضاء في لجان تمتلك صلاحيات لا تمتلكها لجان في الكيان التشريعي الموازي. مثلاً، من صلاحيات «لجنة القوات المسلحة في مجلس النواب» الموافقة أو رفض تصدير التكنولوجيا العسكرية والرقابة على صادرات شركات الأسلحة الأميركية. وهي صلاحيات لا تمتلكها «لجنة القوات المسلحة في مجلس الشيوخ».

تبنّى مجلسا النواب والكونغرس، خلال فترة برنامج حسومات الخام السعودي، قوانين كان بعضها يعدّ في غير المصلحة العربية ككل. ولكن جرى تعديله لإعطاء الرئيس سلطة إبطال مفعول بعض الفقرات التي تتعلق بالسعودية. مثلاً في «قانون مكافحة التمييز الاقتصادي»، لعام 1995، والذي ينص على منع بيع معدات عسكرية وأسلحة لدول تتبنى مقاطعة إسرائيل، استعمل الرئيس بيل كلينتون حقه في استثناء السعودية لتستمر عملية بيع الأسلحة لها. وفي قانون المخصصات الخارجية عام 2005، أُعطي الرئيس حق تعطيل بعض الفقرات التي يعتبرها مؤذية للعلاقة مع دول حليفة كالسعودية. فمارس بوش الابن حقه المعطى له في القانون بتعطيل فقرة «منع تمويل أي مساعدات خارجية للمملكة العربية السعودية».

السعي السعودي المبكّر للنفاذ إلى دوائر سلطة القرار والتشريع في الولايات المتحدة عبر النفط، رصده ثيودور موران (مسؤول فريق تخطيط السياسات، ورئيس قسم الطاقة الدولية وشؤون أمن الخليج في وزارة الخارجية الأميركية بين عامي 1977 و1978)، حيث ذكر في كتابه «تصميم سلوك أوبيك – البدائل السياسية والاقتصادية»، والذي نشره عام 1980، أنّ السعوديين ومن خلال سلوكهم في «أوبيك» بين عامي 1973 و1980 سيسعون إلى التغلغل لدوائر القرار الأميركي بعد سعوَدة «أرامكو».

لم يعر الساسة الأميركيون بالاً لتوصية موران، أو أنهم عرفوا وأرادوا للأمر أن يحصل لكي يستفيدوا من عائدات النفط السعودي المدعوم مقابل فتات من المصالح والامتيازات للسعودي في منطقة الشرق الأوسط… وصولاً إلى المرحلة الحالية التي تشهد هبوطاً في أسعار النفط الخام، واعتماد متصاعد على النفط الصخري، الأمر الذي أدى إلى تراجع السعودي ــ اقتصادياً ــ في سلّم أولويات السياسة الأميركية الحالية والمستقبلية.

احتفظت شركة «أرامكو السعودية» باستقلاليتها في التشغيل. تحكم نفسها ذاتياً رغم أنها مملوكة للدولة. تتعطّل مفاعيل التعاليم «الوهابية» في منشآتها، فقضايا تحريم الاختلاط وقيادة المرأة للسيارة تختفي داخل مجمّعاتها. الباحث عن معلومات عن الشركة لن يجد الكثير، فالشركة طوّرت نظاماً دفاعياً يحصّنها من محاولات الوصول إلى أسرارها، والتي تحرص كل من إدارتها المستقلة والعائلة الحاكمة على بقائها سريّة وغامضة. أصحاب القرار في العائلة الحاكمة لا يسمحون للبيروقراطية النافذة ولا حتى للأمراء المحيطين بالملوك ووزارة النفط بالاطلاع على أسرار الشركة.

مطلع عام 2013 أصدر الملك السعودي الراحل، عبد الله بن عبد العزيز، أمراً ملكياً قضى بعزل أمير المنطقة الشرقية القوي محمد بن فهد (الصورة) من منصبه. وبحسب الباحث بالشؤون السعودية في كلية لندن للاقتصاد والعلوم السياسية، ستيفان هيرتوغ، فإن سبب عزله كان تدخله المباشر في سياسات «أرامكو».

البناء
أوباما وسلمان يفشلان في رسم خارطة طريق للحروب والتسويات

اتفاق أميركي سعودي على تجميد قانون الملاحقة مقابل بقاء الأرصدة
هيئة الحوار: حوار طرشان حول الرئاسة وقانون الانتخاب والتشريع
وصل الرئيس الأميركي باراك أوباما إلى السعودية مع وصول الحروب والتسويات في المنطقة إلى محطة فاصلة، عبرت عنها التوقعات بإقلاع مسار جنيف في سورية ومسار الكويت في اليمن، وتلاقي كليهما بحكومتين تجمعان القوى المتصارعة تلتقي مع حكومة عراقية جديدة قيد التشكل، وحكومة ليبية لا تزال في مخاض الولادة، لتتشكل وراء هذه الحكومات جبهة عالمية إقليمية تضم طرفي الحروب التي دارت منذ خمس سنوات، فتشترك روسيا وأميركا كما تشترك السعودية وإيران وتركيا ومصر، وتتاح للبنان مع هذا التلاقي فرصة إعادة تشكيل مؤسساته والانخراط من موقعه في هذه الجبهة الواسعة المتشكلة تحت شعار الحرب على الإرهاب، بقيت السعودية في نقطة حرجة تعطل هذا المسار، فتضع للتسويات في سورية واليمن سقوفاً تجعلها في طريق المستحيل، وتتموضع السعودية على حالة إنكار المعادلات التي أفرزتها الحروب رهاناً على اضطرار الساعين للتسويات إلى دفع الثمن الذي تريد من أجل الإفراج عن مسارها، طالما أن التسويات الواقعية تعني هزيمة معنوية ومادية لا تبدو العائلة السعودية الحاكمة قادرة على تحمّل تبعاتها.

كانت العين على ما سيخرج من لقاء الرئيس أوباما بالملك السعودي سلمان بن عبد العزيز لمعرفة مصير خيارات التسويات والحروب، لتتكشف المحادثات عن أولوية مقايضة طالت تجميد قانون ملاحقة السعودية بأحداث الحادي عشر من أيلول مقابل تراجع السعودية عن التصرف أموالها الاحتياطية الموظفة في سندات الخزينة الأميركية والبالغة سبعمئة مليار دولار.

الكلام عن دعم المسار السياسي في سورية من جهة والكلام عن الرئاسة السورية بلهجة سعودية، يعني أن الجمود سيستمرّ سياسياً، وأن العودة إلى لغة الميدان وحدها ستكون الحاسمة قبل أن تخرج من الرياض كلمة نعم، لأن الـ«لا» التي استبدلها أوباما بـ»لعم» لا تكفي للذهاب إلى التسويات، فيما قدّمت تجربة الهدنة في اليمن وعجز السعودية عن الوفاء بتعهداتها، ما ترتب على مواصلة القصف الجوي من تعثر في مشاركة وفدي أنصار الله والمؤتمر الشعبي، دليلاً على حجم الارتباك السعودي والحاجة لوقائع أشد قوة وقسوة في الميدان حتى تترسم المواقف على ضفاف التسويات.

لبنانياً، فشلت هيئة الحوار الوطني في جلسة الأمس في التقدّم خطوة واحدة نحو صناعة التفاهمات على أي من بنود جدول أعمالها الأساسي، ففيما يخيّم الجمود في الملف الرئاسي لم تنجح مقاربة ملفَّي قانون الانتخابات النيابية وتشريع الضرورة بإحداث أي اختراق وبلورة اي ملامح تسوية يمكن الانطلاق منها لتحريك الجمود السياسي، بينما كانت لملمة شظايا حرب الإنترنت التي أدت إلى مواجهة بين النائب وليد جنبلاط والوزير نهاد المشنوق تشكل الوجه الثاني لنشاط الأمس السياسي.

مبادرة بري خرقت الجمود

لم ترتقِ هيئة الحوار الوطني في جولتها الـ17 أمس، إلى الواقع المزري الذي يعيشه لبنان بدءاً بفضائح الفساد السياسي والمالي والأمني، مروراً بالسجالات الإعلامية ولا انتهاءً بأزمة النظام السياسي التي تعكس عجز القوى السياسية عن انتخاب رئيس للجمهورية أو الاتفاق على تفعيل عمل المؤسسات.

وحدها مبادرة رئيس المجلس النيابي نبيه بري لعقد جلسات تشريعية التي قدمها خلال الجلسة خرقت الجمود السياسي السائد، وتتضمّن المبادرة أن تجتمع هيئة مكتب المجلس لوضع جدول أعمال الجلسات العتيدة وفق «تشريع الضرورة»، على أن يكون من ضمنه قانون الانتخاب، وإذا وافقت، تُعقد الجلسة. وسيتعين على الهيئة العامة للمجلس أن تعيد ترتيب أولوياتها، فتعيد النظر بما كانت أقرته سابقاً لناحية أن قانون الانتخاب يجب ألا يُقرّ في غياب رئيس الجمهورية، فإذا تراجعت عن هذه التوصية، يبحث القانون وقد يُقرّ قبل انتهاء دورة المجلس نهاية أيار. وقد أعطى بري مهلة للمتحاورين لآخر الأسبوع لإبداء الرأي حولها. لكن هذه المبادرة لم تشكل محطّ إجماع، حيث ظهرت مواقف المتحاورين لدى خروجهم من الجلسة تبايناً، فـ«التيار الوطني الحر» ممثلاً بوزير الخارجية جبران باسيل قال: «لم نتفق على شيء والقصة قصة عدالة ومساواة بين اللبنانيين، ومنطق العدالة بينهم فقد»، واصفاً ما يحصل بالـ»مناورة لعدم طرح أو إقرار قانون الانتخاب»، في حين أيّد الطرح أفرقاء آخرون من بينهم وزير الاتصالات بطرس حرب والرئيس نجيب ميقاتي. واستدعى موقف باسيل رداً مباشراً من وزير المال علي حسن خليل إذ قال «لم نسمع تحفظاً على طاولة الحوار على عقد جلسة تشريعية».

سجال جنبلاط – المشنوق إلى انحسار

وأمس، سجل انحسار السجال الساخن بين رئيس اللقاء الديمقراطي النائب وليد جنبلاط ووزير الداخلية نهاد المشنوق، بعد الاتصال الذي حصل بين الرئيس سعد الحريري وجنبلاط مساء الثلاثاء، وتم الاتفاق على وقف التراشق الإعلامي بين الطرفين. وقد رفض عضو كتلة اللقاء الديمقراطي النائب علاء الدين ترو في اتصال لـ«البناء» التعليق على هذا الموضوع، بينما أكدت مصادر مستقبلية لـ«البناء» أن هذا الخلاف يعالجه الحريري وجنبلاط.

ونقلت مصادر نيابية عن مقربين من جنبلاط لـ«البناء» أن «جنبلاط هو الذي طلب من أبو فاعور شن حملة على المشنوق بسبب التضييق الذي يمارسه على الشرطة القضائية التي يعتبرها جنبلاط الجهاز الأعلى في الطائفة الدرزية وموقع يخصّه بشكلٍ مباشر، فضلاً عن أن المشنوق يضيق على كل طلبات جنبلاط والحزب الاشتراكي في وزارة الداخلية ولا يتم التعاون معها، فضلاً عن أن مستشاري المشنوق الدرزيين لا يكنّان الولاء لجنبلاط ويقفان حجر عثرة أمام جميع طلباته في الداخلية».

14 آذار إلى الانهيار؟

وعن أسباب وقف الاشتباك بعد اتصال الحريري بجنبلاط قالت المصادر: «الطرفان شعرا بأن من مصلحتهما التوقف عند هذا الحد، لأن فريق 14 آذار بات في وضع صعب وانكشفت فضائحه أمام الرأي العام ما اضطر الحريري إلى العمل على ضبضبة الوضع مع جنبلاط بأي طريقة، لأن العقد العام لـ 14 آذار بدأ بالانفراط ويتدرج إلى الانهيار بدءاً بتردي علاقة الحريري مع رئيس القوات سمير جعجع، ثم التشققات والخلافات في البيت المستقبلي نفسه إلى ظهور فضائح الإنترنت وقوى الأمن الداخلي والآن تصاعد الخلاف مع جنبلاط ما يعني وصول هذا الفريق إلى وضع سياسي مأساوي سينعكس أولاً وأخيراً على الحريري وتياره بشكل خاص لا سيما على أبواب الاستحقاقات الانتخابية».

ورجحت المصادر أن تنحصر دائرة الاشتباك الإعلامي بين الطرفين، «إلا إذا استمر جنبلاط بتصريحاته التويترية والفايسبوكية النارية، فضلاً عن أن لجنبلاط سوابق في عدم الالتزام بالاتفاقات والعهود».

.. والمستقبل اتخذ القرار!

ولفتت المصادر إلى أن «تيار المستقبل يدرك تورط مدير عام هيئة أوجيرو عبد المنعم يوسف في فضيحة الإنترنت، وتيقن بأن الفضيحة لا يمكن لها أن تمرّ مرور الكرام أو حصرها أو استيعاب مفاعيلها بعد فضحها أمام الرأي العام، وأنها ستطال رؤوساً كبيرة في المستقبل وغيره وستتسبب بخلافات مع أطراف سياسية حليفة له، لذلك اتخذ قراراً منذ أسابيع برفع الغطاء عن يوسف وحصر التهمة به، لأن مصلحة المستقبل تقتضي ذلك في الوضع الراهن».

وحذرت المصادر من أن «هذا الملف لا يمكن أن ينتهي عند هذا الحدّ، أي بمحاسبة يوسف فقط وتبرئة من وراءه ومَن غطاه، بل تجب محاسبة جميع المتورطين والمتواطئين وإعادة الأموال المهدورة إلى الدولة، وإلا فالملف لن ينتهي».

وعلى صعيد ملف الإنترنت غير الشرعي، كلف المدعي العام التمييزي القاضي سمير حمود رئيس قسم المباحث الجنائية المركزية العميد موريس أبو زيدان التوسع في التحقيق، في ضوء محضر التحقيق المنظم من قبل مخابرات الجيش في شأن الإنترنت غير الشرعي، ومخابرته بالنتيجة.

لائحة أميركية بأسماء أشخاص وشركات

على صعيد آخر، تتجه الأنظار إلى كيفية تعامل المصارف اللبنانية بعد إصدار مكتب وزارة الخزانة الأميركية لمراقبة الأصول الأجنبية OFAC مراسيمه التطبيقية لقانون «منع التمويل الدولي لحزب الله» متضمنة لوائح بـ95 اسماً لمسؤولين سياسيين ورجال أعمال وشركات ومؤسسات تعتبرها واشنطن مرتبطة بحزب الله، وفي مقدمها الأمين العام السيد حسن نصرالله.

وميّزت مصادر مطلعة لـ«البناء» بين الأشخاص الذين وردت أسماؤهم في القانون الأميركي وبين أسماء الشركات، واعتبرت أن «أسماء الأشخاص لها أبعاد سياسية ومعنوية وليس مالية، لأن هذه الشخصيات لا تملك حسابات في المصارف اللبنانية ولا في المصارف الخارجية، وبالتالي لا مفاعيل قانونية ومالية ومصرفية للقانون الأميركي، أما الشركات فلها أبعاد مالية، وبالتالي فإن المصارف اللبنانية ملزمة بالتوقف عن التعامل معها وهناك تفاهم بين كل المصارف بأن تتوقف عن التعامل مع الشركات التي وردت أسماؤها في القانون كما أن مصرف لبنان سيتصرف وفقاً للمعطيات الواردة في القانون الأميركي».

لا تأثير سلبي على الاقتصاد

وقللت المصادر من حجم تأثير هذه العقوبات سلبياً على القدرة المالية للشركات الواردة في القانون، كاشفة أن «معظم هذه الشركات كانت تنتظر ذلك منذ عامين كشركة «تاجكو» وعملت على اتخاذ إجراءات تمكنها من استيعاب وامتصاص تأثير العقوبات عليها وستعمل على إيجاد طرق ووسائل أخرى غير مباشرة للتعامل مع المصارف وإبقاء أموالها واستثماراتها في إطار الدورة الاقتصادية». وكما استبعدت المصادر «أي تأثير لهذه العقوبات على القطاع المالي والمصرفي في لبنان ولا على الاقتصاد اللبناني بشكلٍ عام». وأوضحت أن حصر العقوبات بهذه الأسماء والشركات يعكس حرصاً أميركياً على عدم إلحاق الضرر بالاقتصاد اللبناني والتركيز على الفصل بين لبنان وحزب الله».

اللواء
برّي ينذر عون و«القوات»: لا تحرجوني فتخرجوني
إصرار على عقد الجلسة التشريعية .. ومسؤول أميركي إلى بيروت لمراقبة تطبيق العقوبات على حزب الله
باختصار شديد، خيم الاشتباك واللاثقة على اقتراحات المخرج لعقد جلسة تشريعية عرضت على طاولة هيئة الحوار الوطني بنسختها السابعة عشرة في عين التينة.

لعب «التيار الوطني الحر» على الطاولة «صولد الميثاقية» وقال رئيس التيار وزير الخارجية جبران باسيل بصفته ممثلاً للنائب ميشال عون الذي دأب على عدم المشاركة شخصياً في الحوار منذ اشهر: «لم نتفق على شيء، والمشكلة مشكلة عدالة ومساواة وليست مشكلة مؤسسة».

ادرك الرئيس نبيه برّي ان الجواب الذي طلب ان يصله بعد أيام حول مبادرته التي توفق بين جلسة التشريع التي يتمسك بانعقادها مهما كلف الأمر، والأخذ بعين الاعتبار تمسك الأحزاب المسيحية لا سيما المشاركة منها في طاولة الحوار، أي «التيار الوطني الحر» وحزب الكتائب بإقرار قانون جديد للانتخابات قبل نهاية العقد العادي للمجلس في 31 أيّار المقبل، ادرك ان جواب باسيل وصله، واصفاً مبادرة الرئيس برّي بأنها «مناورة»، مما رفع الحرارة لدى رئيس المجلس، ورد على الملاحظات والانتقادات بكلمات ثلاث تنطوي على ما يشبه الانذار: «لا تحرجوني فتخرجوني». ومع هذه النتيجة، لم يتردد أحد الوزراء الذي آثر ترك الجلسة والذهاب إلى واجب اجتماعي في وصف الجلسة بأنها ليست «حرزانة».

بدا الموقف صعباً، وأن ممثلي الكتل والأحزاب وضعوا طاولة الحوار وانفسهم امام المأزق، في وقت وضعت فيه إدارة الرئيس باراك أوباما المراسيم التطبيقية لقانون مكافحة تمويل «حزب الله» على الطاولة، وأصبحت المصارف اللبنانية ملزمة بتطبيق هذه المراسيم. وقررت الإدارة إيفاد مساعد وزير الخزانة الأميركية لشؤون تمويل الإرهاب في «مكتب شؤون الإرهاب والاستخبارات المالية» دانيال غلازر إلى بيروت في الأسبوع الأوّل من أيّار، بعدما أصبح قانون «منع التمويل الدولي لحزب الله» والذي حمل الرقم 2297، ساري المفعول اعتباراً من يوم الجمعة الماضي، وأصبحت الخزانة الأميركية معنية بمراقبة الأصول الأجنبية (OFAC) الذي تضمن لوائح بـ95 اسماً لمسؤولين سياسيين ورجال أعمال وشركات ومؤسسات تعتبرها واشنطن مرتبطة «بحزب الله»، وفي مقدمها الأمين العام للحزب السيّد حسن نصر الله والمسؤول العسكري مصطفى بدر الدين (أحد الأربعة الذين تتهمهم المحكمة الدولية الخاصة بلبنان باغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري)، ورجال أعمال على صلة بالحزب، إضافة إلى مؤسسات الحزب الاعلامية: تلفزيون «المنار»، واذاعة «النور».

وبالتزامن، كان وزير الدفاع الأميركي اشتون كارتر يصف «حزب الله» بأنه «احد الأنشطة الخبيثة التي تقوم بها طهران في المنطقة»، مؤكداً استمرار بلاده بفرض العقوبات على إيران من جرّاء دعمها الإرهاب، إضافة إلى تجارب الصواريخ البالستية التي تعد خرقاً لبنود الاتفاق الموقع بشأن برنامج إيران النووي.

وقبل وصول المسؤول الأميركي المكلف بمراقبة تطبيق العقوبات في المصارف اللبنانية، أعلن حاكم مصرف لبنان رياض سلامة ان المصارف اللبنانية تتحمل مسؤولية تطبيق قانون مكافحة تمويل حزب الله، ولديها الخيار، فإذا لم ترغب بتطبيقه فلا يكون لها عمل مع الخارج»، أي مع المؤسسات المالية الدولية.

المهم، بالنسبة لحاكم المركزي ان على المصارف اللبنانية ان تطبق المراسيم الأميركية لجهة علاقتها مع زبائنها فتقفل ما تشاء من الحسابات، أو تمتنع عن فتح حسابات لأشخاص مشمولين بالعقوبات الأميركية، وعليها (أي على المصارف) ان تبلغ هيئة التحقيق في مصرف لبنان المسار الذي ستتعامل بموجبه مع المراسيم التطبيقية الأميركية لا سيما لجهة حجم الأموال في العمليات المصرفية. وأكد سلامة ان «مسؤولية المصارف ان تعرف كيف تعمل على الموضوع، وسيكون لها إمكانية ان تبلغ قراراتها لهيئة التحقيق، وإذا كان هناك أي أمر نجده مبالغ به يمكننا ان نتدخل».

ولا تتردد المصادر النيابية المقربة من عين التينة من ربط إصرار الرئيس برّي على عقد جلسة تشريعية وتمرير ما بين 8 و9 مشاريع واقتراحات قوانين معظمها قروض ومعاهدات، بالاجراءات الأميركية والدولية المشار إليها، وذلك لعدم إلحاق اذى بالقطاع المصرفي وبتحويلات اللبنانيين العاملين بالخارج، التي تشكّل دعماً قوياً للاقتصاد اللبناني الذي بلغ أمس النمو فيه في العام الحالي حدود الصفر، وفي ظل غياب الموازنة للعام الثاني عشر، فضلاً عن قطع الحساب واستمرار الأزمة السياسية.

ويؤكد قطب شارك في جلسة الحوار أمس ان الرئيس برّي يتجنب الوقوع في «شرك» يعمق الأزمة السياسية، ويحرص على عقد الجلسة التشريعية بمشاركة الكتل المسيحية الوازنة، خارج نغمة الميثاقية والحقوق المسيحية أو التشريع في ظل غياب رئيس الجمهورية، لكنه يُصرّ على عقد الجلسة، وانه لهذا الهدف طرح مبادرة تنص على ان تنعقد هيئة مكتب المجالس لوضع جدول أعمال الجلسة العتيدة وفق تشريع الضرورة، يكون من ضمنه قانون الانتخاب، فإذا وافقت تعقد الجلسة وسيتعين على الهيئة العامة للمجلس عندها ان تعيد ترتيب اولوياتها، فتعيد النظر بما اقرته سابقاً لجهة ان قانون الانتخاب يجب الا يُقرّ في غياب رئيس الجمهورية، فإذا تراجعت عن هذه التوصية نبحث جميع القوانين وتقر واحداً قبل انتهاء الدورة العادية نهاية أيّار.

وأشارت مصادر سياسية إلى ان تأييد كتل «المستقبل» و«اللقاء الديمقراطي» وكتلة «المردة» و«الطاشناق» والنواب المسيحيين المستقلين، يوفّر العدد اللازم لنصاب الـ65 وبالتالي إقرار مشاريع القوانين، لكن رئيس المجلس أبقى الباب مفتوحاً امام كتل «القوات» و«التيار العوني» والكتائب لاتخاذ القرار اللازم بالمشاركة، في ظل الحاجة القصوى لجلسة تشريعية شبيهة بالجلسة التي عقدها المجلس قبل نهاية العام الماضي.

ولئن كان الرئيس برّي أعطى الكتل المعترضة على عقد الجلسة التشريعية مهلة لا تتجاوز نهاية الأسبوع الحالي للرد على مبادرته، فإن مخاوف تصاعدت من ردّ مسيحي عوني – قواتي سلبي على المبادرة التي وصفها وزير الاتصالات بطرس حرب بالمعقولة.

ومع نجاح التدخلات لوقف الحملات بين النائب وليد جنبلاط والوزير نهاد المشنوق، وارتفاع أوار الخلافات المتصاعدة حول التحالفات والتفاهمات والترشيحات للانتخابات البلدية، فإن الأنظار تركزت على النتائج غير المريحة التي آلت إليها جلسة الحوار أمس، وشرّعت الأبواب أمام تجاذبات جديدة – قديمة تخطت قانون الانتخاب والتشريع إلى التجاذب حول الرئاسة الأولى التي دخلت في المجهول، مع إشارة وزير التربية والتعليم العالي الياس بو صعب إلى أن «حزب الله» لن يمارس أي ضغط على النائب عون للإنسحاب من الانتخابات الرئاسية، وأن التيار العوني ينتظر تبني تيار «المستقبل» ترشيح عون، الأمر الذي يعني أن مأزق الانتخابات مقبل على تفاقم في ظل وضع إقليمي متفجّر، لا سيما على الجبهة السورية.

جلسة الحوار
فماذا دار على طاولة الحوار، وما هو تقييم النتائج التي انتهت إليها؟ في تقدير قطب مشارك في الحوار أن القيادات المشاركة ما تزال في حالة من الظلام، لافتاً إلى أن الرئيس برّي كان يريد من الحوار أمس أمرين إثنين:
الأول: فتح مجلس النواب لتشريع الضرورة. والثاني أنه غير مستعجل لإقرار قانون الانتخاب.

وكشفت القطب لـ«اللواء» أن الرئيس برّي أورد لائحة تضمنت41 مشروع واقتراح قانون قال أن من بينها ثمانية مشاريع يعتبرها ضرورة لأنها تتعلق بقروض ومعاهدات، وطلب بموجب هذه اللائحة أن يمشي الأقطاب بالتشريع.

وبحسب المعلومات فإن الرئيس فؤاد السنيورة والنواب وليد جنبلاط وسليمان فرنجية وطلال أرسلان وافقوا على طرح الرئيس برّي بالنسبة للتشريع، فيما عارضه رئيس حزب الكتائب النائب سامي الجميّل، معتبراً أن التشريع مخالف للدستور في ظل غياب رئيس الجمهورية، وقرأ في هذا السياق نص المادتين 75 و76 من الدستور، لافتاً نظر الرئيس برّي إلى أن اعتماد نصاب الثلثين لانتخاب الرئيس أمر مستحب ولكنه لم يعد واقعياً.
وأعلن الوزير باسيل أنه باسم «التيار الوطني الحر» وباسم «القوات اللبنانية» لا يمشي بتشريع الضرورة قبل أن يكون قانون الانتخاب على جدول أعمال الجلسة.

وردّ النائب فرنجية قائلاً: نحن لم نأت إلى هنا لنبحث في الدستور، ولا في القوانين، نحن بصفتنا قيادات يجب أن نسعى لحل المشاكل المستعصية، لا أن نشرّع أو نبحث في القوانين. أضاف: أنا بصفتي ممثلاً لأكبر بلدة مسيحية في الشمال لا أرى أن التشريع يمكن أن يمسّ بالميثاقية ولا بالمسيحيين ولا باللبنانيين، لكن ما يمسّ اللبنانيين هو عدم انتخاب رئيس للجمهورية. وتابع: في انتخاب الرئيس لا نستطيع أن نكسر إرادة أحد، وأنا متأكد أنه لو تمّ انتخابي رئيساً غصباً عن فريق معيّن، فستقوم حرب في اليوم الثاني.

أما الرئيس نجيب ميقاتي فكانت له مداخلة لاحظ فيها تناقضاً بين طرح قانون الانتخاب والتشريع، لافتاً الى أن تمرير 8 أو 9 مشاريع قوانين لتسيير عجلة الدولة هو أمر طبيعي وضروري لكن طرح قانون الانتخاب يجب أن لا يكون قبل انتخاب رئيس الجمهورية، فدعونا نذهب إلى تشريع الضرورة ونسعى في الوقت نفسه لانتخاب الرئيس.

وقال ميقاتي: لو افترضنا أننا أقرّينا قانوناً للإنتخاب وتمّ حلّ المجلس الحالي، وأجرينا إنتخابات نيابية، ثم لم ننجح في انتخاب رئيس ماذا ستكون الحالة عندئذٍ، لا رئيس جمهورية ولا حكومة في ظل حكومة مستقيلة، لماذا نُدخل أنفسنا في المحظور؟ وأضاف: ما يُطرح غير واقعي على الإطلاق.

وتابع متسائلاً: ثم من يضمن أننا نستطيع أن نجري انتخابات نيابية، في ظل عدم انتخاب رئيس للجمهورية، ومن يضمن أن يخوض المسيحيون معركة من أشرس المعارك وهم يتنافسون على من يمثلهم في المجلس القادم وتغليب فريق على آخر، دعونا إذن نمشي في تشريع الضرورة، وأن يكون إقرار قانون الانتخاب بعد انتخاب الرئيس.

وفي تقدير المصدر أن الرئيس برّي عازم على الدعوة الى عقد جلسة تشريعية، بعد أن يستشير هيئة مكتب المجلس في وضع جدول أعمالها، يكون من ضمنه مشروع قانون الانتخاب، على أن تصوّت الهيئة العامة على إلغاء التوصية الصادرة عن المجلس بأنه لا يجوز وضع قانون الانتخاب قبل انتخاب رئيس الجمهورية أو استمرار السير بها وهو المرجح، لكن الرئيس برّي يكون قد نجح في هذه الحالة بفتح المجلس لتشريع الضرورة فقط.

Please follow and like us:

COMMENTS