اللواء
لقاء بعبدا: الفرصة الأخيرة أو رصاصة الرحمة على وزارة الإخصائيين؟
عون يتحمس للملاحقات بعد تعليق السرية المصرفية.. وسلامة لمعالجة الدعم وبقاء الاحتياطي
اهتمام «بارد» باللقاء المنتظر اليوم في بعبدا بين رئيس الجمهورية ميشال عون والرئيس المكلف سعد الحريري.
والسبب يكمن في ان الحكومة العتيدة ليست أولوية لدى بعض أصحاب القرار أو الشأن، من زاوية سلّم أولويات، أوّل درجاته، الملاحقات، من التحقيق إلى التدقيق، لتسجيل مكاسب، ضاعت في المجالات الحيوية، كإيجاد حلول لأموال المودعين في المصارف، التي تسترد بالليرة اللبنانية، فيجري عليها «الكابيتال كونترول» على منصة الـ3900 ليرة لبنانية لكل دولار (نسبة 50٪ تفقد من قيمتها).
ولا الأسعار المتطايرة، مع اشراقة كل صباح، وضعت آلية مراقبة للحد من تفلتها، ولا الجائحة الوبائية «فايروس كورونا» يمكن الحد من تفشيها، فضلاً عن الأمن الفالت، إذ تسجل يومياً جرائم قتل وسرقة، واعتداءات، وسلب ونهب وخطف و«إرهاب» إلخ..
وعليه، أعربت مصادر سياسية عن مخاوف جدية من عدم توصل اللقاء إلى نتائج عملية، في ضوء إصرار فريق عون – باسيل على فرض «إذعان» على الرئيس المكلف، بتشليحه حق إدارة الوزارة، التي يطمح إلى تأليفها من غير الحزبيين والاختصاصيين الحرفيين، الذين يتمتعون بالكفاءة والنزاهة، بذرائع الدستور والميثاقية والتوازن بين الكتل والأحزاب.
وتذهب مصادر قيادية في 8 آذار إلى اعتبار ان جوهر المشكلة، يتجاوز الحقائب وتوزيعها، وتوازناتها إلى الخلاف المستحكم حول «كيفية مقاربة دور الحكومة في المرحلة المقبلة».
وقالت المصادر ان دخول البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي على الخط أتى بإيعاز دولي، وبتفاهم محلي، ومن هنا فهي مبادرة جدية وليست تقطيعاً للوقت، لكن عدم التقاطها باعتبارها فرصة، يجعل مسألة التأليف، لا تحظى بالأولوية، وتعيد خلط الأوراق، بحيث لا تأتي حكومة الا على قياس التفاهمات المرتقبة بعد تسلم جو بايدن صلاحياته كرئيس للولايات المتحدة في 20 ك2 المقبل، بين واشنطن وطهران، ما خص الملفات العالقة في الشرق الأوسط..
وحسب المصادر فإن الراعي استبق هذه التطورات لئلا يفقد المسيحيون دورهم المستقبلي، إذا لم يتمكن الرئيس القوي وفريقه من الحفاظ أو التأسيس للحفاظ على دور متوازن للمسيحيين في إدارة البلد..
وهكذا، ينتظر الوسط السياسي لقاء الرئيس عون والرئيس الحريري بعد ظهر اليوم في القصر الجمهوري، لمعالجة الاشكالات القائمة حول تشكيل الحكومة، بعد الحركة التي اطلقها البطريرك الماروني بشارة بطرس الراعي لتقريب وجهات النظر، لكن الاجواء لا تميل كثيرا للتفاؤل بعد.
فبعد المعلومات عن نجاح البطريرك الماروني في إقناع الرئيس عون ورئيس التيار الوطني الحر النائب جبران باسيل في التنازل عن الثلث المعطل، ذكرت مصادرمعارضة للعهد ان الفريق الرئاسي تمسك بحقائب الامن (الدفاع والداخلية والعدل)، وهذا ما يرفضه الحريري وعدد من القوى الاخرى المعارضة، بعد اتهامها للعهد بفتح ملفات الفساد إستنسابياً وبما يطال فقط اشخاصاً مقرّبين من نهج الحريري وفريقه وحلفائه.
لكن مصادر القصر الجمهوري اوضحت لـ«اللواء» ان الرئيس عون لم يطرح ولا مرة الحصول على الثلث الضامن بل طرح وحدة المعايير والعدالة في التوزيع، بعدما قدم له الحريري الصيغة النهائية للتشكيلة وفيها اربعة وزراء مسيحيين فقط للرئيس عون، وواحد للحزب القومي وواحد لتيار المردة وآخر ارمني، واحتفظ لنفسه بوزير مسيحي. وهنا طالبه عون بوحدة المعايير لأن التوازن مفقود وتوزيع الحقائب غير عادل، حيث تضمنت حصة الرئيس حقائب الدفاع والتربية والثقافة والشباب والرياضة من دون اي حقيبة خدماتية او اساسية، واحتفظ الحريري لنفسه ولحلفائه بالحقائب الاساسية والخدماتية. عدا عن ان الحريري اخذ وزيراً مسيحيا من دون ان يعطي عون مقابله وزيراً مسلماً.وهناك وزيرمسيحي بمثابة «الوزير الملك» هو جو صدّي لحقيبة الطاقة وهو من اقتراح طاقم الرئيس الفرنسي ماكرون.
اضافت المصادر: من هنا رفض عون هذه التركيبة وطلب من الحريري إعادة النظر بها لتحقيق التوازن والعدالة وفقا للدستور. خاصة ان رئيس الجمهورية هو من يمثل المسيحيين في الحكومة الآن ومن حقه تسمية الوزراء المسيحيين اسوة بالحريري الذي سمى الوزراء السنّة، بعد استبعاد اي حصة للتيار الوطني الحر بحجة انه لم يُسمِ الحريري لرئاسة الحكومة، ومقاطعة القوى المسيحية الاخرى للحكومة (قوات وكتائب).
ولكن المصادراوضحت ان لقاء اليوم يُفترض ان يجد حلاً لهذه المسألة خاصة ان الرئيس عون منفتح تماماً ومستعد لمناقشة الحريري في اي اقتراح آخر يقدمه، ولتسهيل وتسريع تشكيل الحكومة لانه هوايضاً متعجل على تشكيلها لكن وفق معايير موحدة، بما يُرضي كل الاطراف لتحصين الحكومة وتفادي اي مشكلات مستقبلية، خاصة لجهة منحها الثقة النيابية.
وفي السياق، افادت مصادر مطلعة لـ«اللواء» أن لقاء الرئيسين سيركز على تفعيل النقاش في الملف الحكومي بعدما ساد جو يفيد أنه جمد مشيرة إلى أنه سيصار إلى تقييم المرحلة والصيغة الحكومية السابقة واعادة نظر لتوزيع الحقائب على الطوائف بهدف تأمين معايير واحدة وتوازن لأن الصيغة السابقة شابتها عثرات.وعلم أنه سيحصل تشاور بين عون والحريري في هذا الموضوع وهناك تصميم على استمرار النقاش للوصول إلى نتيجة عملية لأن هناك إرادة منهما لتشكيل الحكومة سريعا.
وتوقعت مصادر قريبة من بعبدا أن يسفر لقاء الرئيس المكلف سعد الحريري مع رئيس الجمهورية ميشال عون اليوم في بعبدا عن كسر الجليد في العلاقة التي سادت بين الرئيسين مؤخرا، وذلك نتيجة الدور الذي لعبه البطريرك الراعي، والجهود التي يبذلها لاحداث خرق بملف تشكيل الحكومة الجديدة بعد تفاعل الخلافات حول عملية التشكيل مؤخرا.واستبعدت المصادر ان يؤدي اللقاء الى خرق اساسي في عملية التشكيل لاستمرار الخلافات القائمة لتسمية الوزراء المسيحيين والإصرار ان يتولى عون التسمية اسوة بباقي الاطراف، كررت ان التيار العوني لا يزال متمسكا بالحصول على حقائب الطاقة والعدلية والداخلية في التشكيلة الوزارية فيما يرفض الرئيس المكلف هذا المطلب رفضا قاطعا، ما يبقي عملية تشكيل الحكومة الجديدة تدور حول نفسها دون اي تقدم الى الامام.
المعركة الموازية
ولم يخفِ عون موازنته بين تأليف الحكومة ومكافحة الفساد، إذ قال امام حاكمية أندية الليونز للمنطقة 351: «اليوم نحن في صراع ليس فقط في تأليف الحكومة، لكن في معركة محاربة الفساد التي توازيها معركة تأليف الحكومة»، مؤكداً ان فرنسا تطالب بالتدقيق المالي والولايات المتحدة كذلك تماماً كالبنك الدولي، لكن هناك مقاومة لا تزال قوية بوجهه، لأن ما من أحد من الفاسدين يرضى بتسليم نفسه..
تعليق السرية المصرفية
ما يهم بعبدا، ان إقرار اقتراح رفع السرية المصرفية عن كل من تعاطى في الشأن العام في مصرف لبنان والوزارات والإدارات العامة وربطه بالتدقيق الجنائي، الأمر الذي ثمنه الرئيس عون جيداً، مدرجاً اقراره بالتجاوب مع رسالته إلى مجلس النواب في 24 تشرين الثاني الماضي، معرباً عن أمله: «أن يأخذ التدقيق الجنائي، بعد رفع السرية المصرفية، طريقه إلى التنفيذ لادانة المرتكبين وفق الأدلة التي ستتوافر نتيجة هذا التدقيق».
الجلسة.. والـ69
في جلسة ارهقت بمشاريع واقتراحات القوانين (68)، وكأن المجلس في عقد عادي، وفي أوضاع عادية، أو في دور استثنائي مقرر جدول أعماله بمرسوم، وانعقدت قبل ظهر أمس في قصر الأونيسكو (مقر الجلسات كبديل لساحة النجمة في عصر كورونا)، حضرت المشاريع والاقتراحات والمادة 69 من الدستور.. إذ ان الرئيس نبيه برّي لم يتأخر في مستهل الجلسة من معاجلة النائب «القواتي» بيار أبي عاصي (عضو الجمهورية القوية) الذي طالبه بتشريع الضرورة وفصل السلطات بالقول: لا إجماع حول هذا الموضوع، وهذا المجلس اسمه المجلس التشريعي، وفي حال الحكومة المستقيلة يكون المجلس في حال انعقاد دائم».
وحسب مصادر حقوقية ودستورية فإن نص المادة جاء في معرض الكلام عن استقالة الحكومة: «عند استقالة النواب حكماً في دورة انعقاد استثنائية، حتى تأليف حكومة جديدة ونيلها الثقة»..
فالدورة الاستثنائية تضيف المصادر، الغاية منها ليس التشريع، الضرورة أو غير الضرورة، بل الاستعداد لمناقشة الحكومة في بيانها الوزاري، ومنحها الثقة بصورة عفوية، من دون الدعوى بمرسوم.
والاهم بالنسبة للمجلس ورئيسه وتحالف «الثنائي» والتيار الوطني الحر إقرار اقتراح «رفع السرية المصرفية في حسابات المصرف المركزي والوزارات والإدارات العامة لمدة سنة»، وأكّد الرئيس برّي «خلصنا».
كما أقرّ المجلس اقتراح القانون المعجل المكرر الرامي إلى إعفاء جميع المركبات الآلية الخصوصية والعمومية والدراجات النارية والمركبات الآلية المعدة للايجار من رسوم السير السنوية للعام 2020 و2021.
وجرى السير بتعديلات، منها عدم إعفاء السيّارات ذات الأرقام المميزة من رسوم السير إضافة إلى إعفاء السيّارات الخصوصية المتبقية بنسبة متدرجة من الرسوم، وذلك بحسب عدد احصنتها وتاريخ صنعها، اما السيّارات العمومية والمعدة للايجار فأعفيت 100٪.
وفي نتاجه امس، أقر مجلس النواب قانون الاجازة للحكومة ابرام إتفاقية بين الجمهورية اللبنانية والمملكة المتحدة. كما اقر اقتراح قانون معاقبة جريمة التحرش الجنسي لاسيما في اماكن العمل. وصدق على تعديل حماية النساء وسائر افراد الاسرة. كما اقرت الهيئة العامة اقتراحات: التمديد لكهرباء زحلة لسنتين على أن تطلق مؤسسة «كهرباء لبنان» دفتر شروط ومناقصة عمومية، تمديد سريان أحكام تعليق الإجراءات القانونية الناشئة عن التعثر في سداد القروض لغاية 30 حزيران 2021، حماية أموال الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي وتقديمات المضمونين.
في المقابل، تمت إحالة اقتراح استرداد الامول المحولة الى الخارج بعد 17 تشرين الى اللجان المشتركة مع مهلة 15 يوما، وكل اقتراحات القوانين المتعلقة بالعفو وتخفيف الاكتظاظ في السجون إلى اللجنة الفرعية المنبثقة عن مجلس النواب لدراسة العفو وإعطاء الجواب خلال ١٥ يوماً كحدّ أقصى للهيئة العامة، فيما احيلت الاقتراحات المتعلقة بالدعم للجان المشتركة لدراستها مرفقة بالخطة الحكومية لترشيد الدعم.
وعند الوصول إلى البند 29 حول إلغاء إعفاءات الطوائف من الضرائب والرسوم، حصل جدل على خلفية مداخلة من النائب جورج عطالله الذي اعتبر ان الغاءه هو عودة لحصر الاعفاءات بالاوقاف والمؤسسات التابعة للطوائف الاسلامية، ومطالبة النائب فريد هيكل الخازن على عدم الالغاء، وهنا رفع الرئيس بري الجلسة.
وفي ما خص قانون معاقبة التحرش الجنسي رحبت الأمم المتحدة بإقرار قانون التحرش، خلال جلسة استمرت نحو ثلاث ساعات «اقتراح القانون الرامي الى معاقبة جريمة التحرش الجنسي لا سيما في اماكن العمل».
ورحب المنسق الخاص للأمم المتحدة في لبنان يان كوبيتش بإقرار القانون، باعتباره «خطوة باتجاه تمكين حقوق المرأة وحقوق الإنسان».
وأضاف في تغريدة أن «التطبيق هو المفتاح».
لكن المفكرة القانونية، وهي منظمة غير حكومية متخصصة بشؤون قانونية وتُعنى بشرح القوانين وتفسيرها، رأت أن القانون يحتوي على إشكاليات عدة على رأسها أنه يقارب الموضوع من منطلق «أخلاقي يهدف إلى حماية المجتمع وليس الضحية».
واوضح كريم نمّور من المفكرة القانونية إشكاليات أخرى عدة بينها «أن الوسيلة الوحيدة للضحية هي اللجوء إلى القضاء الجزائي.. ما يعني أن الأمر سيكون علنياً بمرور الضحية بمخفر وقاضي تحقيق ثم قضاة، وهذا عائق كبير أمام الضحايا وليس تحفيزاً لهم لرفع شكاوى».
واشار أيضاً إلى أن القانون يحتم على الضحية أن «تثبت فعل التحرش ونتائجه، وهذا عبء في ذاته»، فيما كان المطلوب أن يثبت المتحرش عدم قيامه بالفعل.
وبحسب القانون، فإن العقاب يراوح بالحبس بين شهر وعامين سجنا أو دفع غرامة مالية تراوح بين ثلاثة وعشرين ضعف الحد الأدنى للأجور الذي يساوي 675 ألف ليرة، اي 450 دولاراً بحسب سعر الصرف الرسمي وأقل من مئة دولار بحسب السوق السوداء.
ورحبت الهيئة الوطنية لشؤون المرأة اللبنانية بدورها بإقرار القانون «ليصبح للبنان للمرة الأولى قانون يعاقب مرتكبي هذا الجرم ويؤمن الحماية والدعم لضحاياه».
وتصاعد الحراك النسوي في لبنان خلال العقد الأخير تزامناً مع تزايد التغطية الاعلامية لقضايا العنف الأسري وجرائم قتل نساء بأيدي ازواجهن.
وأوضحت المحامية ليلى عواضة، من منظمة «كفى عنف واستغلال» غير الحكومية الناشطة في الدفاع عن حقوق المرأة، أن المجلس النيابي أجرى تعديلات عدة أساسية على القانون بينها «فرض عقوبة على ارتكاب العنف الاقتصادي والنفسي»، لكنه غض النظر عن إشكاليات أخرى كثيرة بينها «الاغتصاب الزوجي».
ورأت آية مجذوب من منظمة هيومن رايتس ووتش في إقرار قانون معاقبة التحرش والتعديلات على قانون العنف الأسري خطوة «إيجابية، وإن جاءت متأخرة وغير كافية».
وأضافت «لا يجدر بالزواج من الضحية أن يستثني المعتدي جنسياً من العقاب».
سلامة: احتياطي ودعم
مالياً، لم يعرف ما إذا كانت وزارة المال، ستجري اتصالات مع شركة «الفايرز ومارسال» التي انسحبت من عملية التدقيق، بعدما بات الطريق القانوني أمامها سالكاً، أم لا بدّ من البحث عن شركة بديلة.
وهي كانت انسحبت من عقد التدقيق في حسابات المصرف المركزي لأنها لم تتلق المعلومات الكافية للقيام بالتدقيق.
وفي السياق المالي، أكّد حاكم مصرف لبنان رياض سلامة في حديث لقناة «الحرّة» الأميركية أنّ «هناك إمكانية لحل أزمة الدعم من دون الوصول إلى تخفيض نسبة الإحتياطي لكن المطلوب من الحكومة أخذ التدابير اللازمة»، مشيراً إلى أنّ «السلع الأساسية تباع للبنانيين على سعر الدولار الواحد مقابل 1500 ليرة لبنانية».
وأوضح سلامة أنه «ما زال هناك أكثر من 2 مليار دولار لاستخدامها في الدعم»، وقال: «لن نمس بالاحتياطي الإلزامي».
وأشار حاكم المصرف المركزي إلى أنّ «تم سحب 30 مليار دولار من الودائع الموجودة في المصارف اللبنانية خلال عام»، موضحاً أنّ «الإستيراد والعجز ساهما في الضغط على السيولة بالدولار في المصارف اللبنانية»، وقال: «الأموال التي خرجت من البنك المصرف المركزي إلى الخارج هي للإستيراد فقط».
وكشف سلامة أنّ أموال المودعين ليست في البنك المركزي، مشيراً إلى أنّ أزمة الدولار في المصارف اللبنانية بدأت تتراجع تدريجياً، وأضاف: «تشير الأرقام في الفترة الممتدة بين أول الـ2017 حتى أول أيلول إلى أننا أعدنا كافة الدولارات للمصارف وأعطيناهم 13 مليار إضافية كما أن المصرف المركزي أسلف الدولة ومعظم هذا الدين بالليرة اللبنانية».
وعن مسألة تحرير سعر صرف الليرة، قال سلامة: «هذا السعر يُحدد بإتفاق بين وزير المالية وحاكم مصرف لبنان وسنرى سياسة الحكومة القادمة لأن المصرف المركزي لا يمكنه تقرير سعر الصرف بنفسه».
وأضاف: «أسعار الليرة المتعددة أثّرت على القدرة الشرائية وليس لدينا تأثير على السوق السوداء التي تؤثر على القدرة الشرائية لأن التجار يعتمدون أسعارها لتسعير السلع».
ومع هذا، فقد أوضح سلامة أنّ «التقارير التي تحدثت عن تغطية مصرف لبنان لعمليات تبييض أموال لحزب الله غير دقيقة»، وقال: «لا علاقة لنا بمصارف حزب الله فهي غير مرخصة من البنك المركزي».
وفي ما خص التدقيق الجنائي، قال سلامة: نحن معه، وسلمنا حسابات مصرف لبنان كاملة لوزارة المالية التي سلمتها لشركات التدقيق الجنائي، وسنسلم حسابات الدولة بعدما وردنا طلب خطي من وزير المال، وبعد التوصية من مجلس النواب.
طلب إضافي لزعيتر وخليل
قضائياً، قدم الوزيران السابقان غازي زعيتر وعلي حسن خليل طلباً اضافياً من محكمة التمييز الجزائية، لنقل الدعوى للارتياب المشروع من عند المحقق العدلي في انفجار المرفأ القاضي فادي صوان، وذلك سنداً للمادة 340 من قانون أصول المحاكمات الجزائية.
وفيما يتوقع، مدعي عام التمييز السابق حاتم ماضي ان ترد محكمة التمييز طلب الوزيرين زعيتر وخليل إلى الطلب الثاني ذكرت مصادر متابعة انه طلب الوزيرين السابقين غازي زعيتر وعلي حسن خليل اللذين استدعاهما القاضي فادي صوان للتحقيق معهما في قضية تفجير مرفأ بيروت، فقدما دفوعهما الشكلية، ذكرت بأنهما أثارا في طلب رفع يد المحقق العدلي فادي صوان عن التحقيق، مسألة ان القاضي صوان له مصلحة كونه يسكن في الاشرفية وتضرر من الانفجار، أشارت مصادر قضائية رفيعة المستوى ومطلعة على ما تتناقله وسائل الاعلام، الى ان القاضي صوان طالما أنه ليس مدعيا شخصيا في القضية، فإن ما يدلي به الوزيران لهذه الناحية، لا اساس قانوني له، فالقاضي صوان ليس إلا متضررا، وبالتالي هذا الإدلاء لا يؤثر في مسار التحقيق الذي يقوم به صوان ولا يوجد سبب يلزمه رفع يده عن الملف. بل الأهم أن ما يدلي به الوزيران يشكل دون ادنى شك قرينة على الاعتراف بالمسؤولية.
وتضيف المصادر القضائية ان قبول طلب نقل الدعوى يطيح بأي أمل في الوصول الى العدالة وإعطاء المتضررين من التفجير حقوقهم، والاقتصاص من منفذي هذه الإبادة الجماعية والدمار الذي نكب بيروت كلها.
نفط أسود عراقي
على صعيد الكهرباء، أبرم اتفاق بين وزارة الطاقة ممثّلة بالوزير في حكومة تصريف الأعمال ريمون غجر، ونظيره العراقي إحسان عبد الجبار ويقضي ببيع لبنان النفط لتوليد الطاقة الكهربائية بالأسعار العالمية، من دون وسطاء، ومن دولة إلى دولة.
وأكّد غجر أنّه تم الاتفاق على استيراد وقود النفط الأسود من العراق لتغطية احتياجات محطات توليد الطاقة الكهربائية في لبنان.
ونقلت الوزارة عن عبد الجبار قوله إن كميات الوقود ستكون محدودة وسيتم الإعلان عنها لاحقاً، وستغطي جزءاً من احتياجات لبنان من الوقود لتوليد الكهرباء.
لا وقف للرحلات من لندن
وبالنسبة لموجة كورونا، اجتمعت اللجنة الوزارية برئاسة الرئيس حسان دياب لمتابعة وباء الكورونا وحضور الوزراء زينة عكر، راوول نعمة، محمد فهمي، عماد حب الله، ميشال نجار، حمد حسن، طارق المجذوب وشربل وهبه، الأمين العام لمجلس الوزراء القاضي محمود مكية، الأمين العام للمجلس الأعلى للدفاع اللواء محمود الأسمر، والمستشارين خضر طالب وبترا خوري.
وتركز النقاش حول السلالة الجديدة للفايروس في بريطانيا.
وتم اتخاذ جملة إجراءات للحد من انتقال الفيروس إلى لبنان أبرزها: «إجراء فحص pcr لجميع الوافدين من المملكة المتحدة إلى لبنان عند وصولهم إلى مطار بيروت الدولي مع إلزامية إجراء هؤلاء فحص pcr للمرة الثانية بعد 72 ساعة من دخول الأراضي اللبنانية في إحدى المختبرات المعتمدة.
159286 إصابة
صحياً، أعلنت وزارة الصحة العامة عن تسجيل 1182 إصابة جديدة بفايروس كورونا، وتسجيل 13 حالة وفاة، خلال الـ24 ساعة الماضية، ليرتفع العدد إلى 159286 إصابة مثبتة مخبرياً، منذ 21 شباط 2019.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الأخبار
«صحوة» تشريعية تتيح استئناف التدقيق الجنائي: هل يستسلم حزب المصرف؟
بغداد تمد بيروت بالوقود بثمن مؤجل: أين يكرّر النفط العراقي؟
لم يُعرف عن المجلس النيابي قدرته على التمرّد على «حزب المصرف». لذلك، كانت التوقعات تشير إلى أن قانون تعليق السرية المصرفية لغايات التدقيق الجنائي لن يمر. لكن ما حصل أن القانون أُقِر. وهذا أحال النقاش إلى احتمال من اثنين: إما أن المجلس اقتنع بأنه لم يعد بالإمكان تخطّي مطلب التدقيق في حسابات مصرف لبنان، أو أن ألغاماً فخّخت النص الذي أُقِر ليغدو حبراً على ورق. أداء وزارة المالية، المسؤولة عن الملف، سيكون المعيار في الفترة المقبلة. إذا أصرّت على «التوازي» في التدقيق في حسابات مصرف لبنان وحسابات المؤسسات الأخرى، يكون «حزب» المصرف قد انتصر مجدداً مقال إيلي الفرزلي).
إذا كانت السرية المصرفية هي الذريعة التي شهرها حاكم مصرف لبنان رياض سلامة في وجه التدقيق الجنائي، فقد أسقط المجلس النيابي هذه الذريعة، بإقرار قانون يعلّق العمل بقانون السرية المصرفية لغايات التدقيق الجنائي في مصرف لبنان. نظرياً، بعد مرور نحو عام على إقرار مجلس الوزراء للتدقيق الجنائي وتكليف وزير المالية التفاوض مع الشركة المعنية (٢١ آذار ٢٠٢٠)، يبدو أن القرار سينفذ. هذا ما أكدته وقائع الجلسة التشريعية التي عقدت أمس، في قصر الأونيسكو، وتضمّن جدول أعمالها ٧٠ بنداً، من بينها أربعة اقتراحات تتعلق بالتدقيق الجنائي. الخشية كانت من التذرّع بوجود هذا العدد من الاقتراحات لإعادة الملف إلى اللجان بحجة السعي إلى توحيد النص والعودة مجدداً إلى الهيئة العامة. لكن قراراً كهذا بدا أكبر من أن يُبرّر أمام الرأي العام، خصوصاً أن النائب جورج عدوان طالب بأن يتم التصويت بالأسماء في حال الإصرار على التأجيل، نظراً إلى خطورة الموضوع، وليعرف الناس فعلاً من يريد التدقيق الجنائي ومن لا يريده.
وبعدما كان النائب إبراهيم كنعان مؤيداً لتحويل الاقتراحات الأربعة إلى لجنة المال والموازنة تمهيداً للخروج بصيغة واحدة، عاد وأصرّ على بتّ الموضوع في الجلسة من دون تأجيل، داعياً إلى الأخذ باقتراح تكتل لبنان القوي، لأنه الأبعد مدى (لا يحدد رفع السرية المرتبطة بالتدقيق الجنائي ولا يقتصر على التدقيق في مصرف لبنان). كذلك أصرّ النائب حسن فضل الله على أن يُقَرّ القانون في الجلسة، لإلزام مصرف لبنان بالتعاون مع التدقيق الجنائي من دون التذرّع بالسرية المصرفية، مشيراً إلى أن المصرف سبق أن التفّ على قرار المجلس النيابي (لم يحوّل حساباته إلى وزارة المالية، بل اكتفى بتحويل حسابات الوزارات والإدارات العامة).
أمام إصرار ثلاثي القوات – التيار – حزب الله على السير في التدقيق، لم يبق أمام المجلس سوى البحث في نص القانون. وقد تولى النائب علي حسن خليل الإخراج. فاعتبر أن اقتراح القوات هو الأكثر قدرة على التنفيذ، لأنه يحصر رفع السرية بسنة واحدة ولغاية التدقيق الجنائي حصراً. لكنه أصرّ على ربط الاقتراح بالقرار الذي سبق أن اتخذه المجلس النيابي، ومفاده أن «تخضع حسابات مصرف لبنان والوزارات والمصالح المستقلّة والمجالس والصناديق والمؤسسات العامة، بالتوازي، للتدقيق الجنائي دون أي عائق أو تذرّع بسرية مصرفية أو خلافها».
الساعون إلى التدقيق الجنائي تلقّفوا الأمر. فهذه إشارة إلى أن القانون سيمر. لذلك، لم يتم التمسك باقتراح وزيرة العدل ماري كلود نجم، التي اعتبرت أن الربط بقرار المجلس يجب أن تتم الإشارة إليه في الأسباب الموجبة وليس في نص القانون. ولدى مناقشة الصيغة النهائية بين ثلاثي كنعان، عدوان، فضل الله إضافة إلى نجم، فكّكت الأخيرة لغماً، من خلال طلبها التأكيد على القرارات الحكومية السابقة (كي لا يتم انتظار الحكومة الجديدة لإقرار قرار جديد). خليل بادر النواب الذين يعدّون الصيغة النهائية بالقول مازحاً: ماذا تفعلون؟ صار القانون في المطبعة، فيما هدّد نواب المستقبل بسحب الموافقة على القانون، في حال تغيير النص. بالنتيجة، تم اعتماد الاقتراح المقدّم من القوات كقاعدة، مع إجراء بعض التعديلات عليه، لناحية تعميم التدقيق والربط مع قرار مجلس النواب. فنص القانون على التالي: «يعلق العمل بقانون سرية المصارف الصادر بتاريخ 3\9\1956 وجميع المواد التي تشير إليه لمدة سنة تسري من تاريخ نشر هذا القانون في كل ما يتعلق بعمليات التدقيق المالي والتحقيق الجنائي التي قررتها وتقررها الحكومة على حسابات المصرف المركزي، أياً كانت طبيعة هذه الحسابات، والوزارات والإدارات والمؤسسات العامة والهيئات والمجالس والصناديق، كما جاء في قرار المجلس النيابي، ولغايات هذا التدقيق ولمصلحة القائمين به حصراً. ويشمل مفعول التعليق كل الحسابات التي تدخل في عمليات التدقيق».
النص يزيل الشك في إمكانية أن لا تكون المصارف التجارية مشمولة به، بإشارته إلى كل الحسابات التي تدخل في عملية التدقيق. لكنه لا يتطرق بشكل مباشر إلى مسألة التزامن من عدمه، علماً بأن العودة إلى المحضر لتفسير النص، تقود حكماً إلى التأكيد أن المستهدف في التحقيق أولاً هو مصرف لبنان. وبالتالي، فإن عدداً من النواب يؤكد أن الخشية من أن يهدف إقحام عبارة «كما جاء في قرار المجلس النيابي» (التوازي في التحقيق بين مصرف لبنان والمؤسسات الأخرى) إلى تفخيخ القانون ليست في محلها، لأنه حتى لو تم افتراض طلب المعلومات من كل الجهات المعنية بالتدقيق في الوقت نفسه، فإن ذلك لا يعني أن النتائج ستصدر بالتزامن. كذلك، ليس بالضرورة أن يصار إلى التعاقد مع شركة تدقيق واحدة لإجراء التدقيق في كل المؤسسات المستهدفة. أضف أن القانون واضح بالتأكيد على تناوله عمليات التدقيق الجنائي التي «قررتها وتقررها الحكومة». وهو بذلك يؤكد القرار المتخذ من حكومة حسان دياب بشأن التدقيق في حسابات مصرف لبنان تحديداً. وهذا يقود إلى إمكانية إحياء العقد الموقّع مع شركة «ألفاريز أند مارسال»، بما يسمح لها باستئناف العمل الذي كانت بدأته، علماً بأن مصادر مطّلعة تؤكد أن الشركة، وفي مراسلة رسمية، أكدت أنها لا تمانع ذلك متى حصلت على الضمانات التي تسمح لها بتنفيذ عملها. وهو ما تحقق فعلاً مع إقرار القانون. وإذا حصل ذلك، فإنه يمكن التعاقد مع شركة أخرى لإجراء التدقيق الجنائي في المؤسسات والإدارات الرسمية الأخرى.
ذلك لا يعفي من القلق. «حزب المصرف» لن يألو جهداً لعرقلة عملية التدقيق، كما فعل منذ عام إلى اليوم. فهل ستكون حجة «التوازي» الشمّاعة الجديدة، بعدما سقطت حجة السرية المصرفية؟ العين ستتجه نحو وزارة المالية المحسوبة على الرئيس نبيه بري. إما تستعيد العمل مع «ألفاريز أند مارسال» حتى لو بعقد جديد، لكن محصور بمصرف لبنان، أو تعمد إلى عرقلة التدقيق الجنائي في المصرف، من خلال السعي إلى إيلاء مهمة التدقيق في حسابات كل المؤسسات إلى شركة واحدة. ذلك سيعني عملياً تضييع التدقيق في مصرف لبنان مجدداً، أولاً لأن سنة واحدة لن تكفي لإجراء التدقيق في كل حسابات الدولة، وثانياً لأن عقداً كهذا قد يحتاج إلى أشهر للتفاوض بشأنه ثم توقيعه (خاصة إذا فتح الباب أمام تقدم شركات جديدة)، وهي مدة ستُحسم من السنة التي يحددها القانون، والتي تبدأ منذ لحظة نشره في الجريدة الرسمية.
اعتماد أدوية الجنريك
أقر المجلس النيابي تعديل قانون مزاولة الصيدلة، بما يسمح باعتماد أدوية الجنريك. وبهذا التعديل، صار يحق للصيدلي أن يصرف لحامل الوصفة الطبية دواء تحت اسم جنيسي (generic) حتى لو كان كان غير مذكور فيها. وألغيت الفقرة التي كانت تشترط موافقة الطبيب إلزامياً على الوصفة على الاستبدال أو عدمه وفق النموذج المعتمد من قبل وزارة الصحة العامة.
المس بأموال الضمان محظور
قانون حماية أموال الضمان كان من أبرز ما أقرّه المجلس النيابي أمس. وبموجبه، يمنع منعاً مطلقاً التصرف بأموال الضمان الاجتماعي وديونه، أو الحسم منها أو اقتطاعها، من أي جهة كانت ومهما كانت طبيعة هذا التصرف، ولا سيما لجهة الإجراءات الاقتصادية أو النقدية لمعالجة الوضع الاقتصادي أو النقدي. كما يحظر على أيّ كان، بما في ذلك مجلس الوزراء أو المصرف المركزي، وعلى جميع المصارف اللبنانية أو الأجنبية العاملة في لبنان، المساس بأموال الضمان الاجتماعي وديونه. وتشمل أحكام هذا القانون جميع أموال الصندوق المودعة لدى المصرف المركزي أو المصارف العاملة في لبنان، ولا سيمّا: الودائع المصرفية العائدة لهذا الصندوق وأمواله المكتتب بها بسندات خزينة، أو بشهادات إيداع في المصرف المركزي، وأي أموال مستثمرة لصالحه أو مودعة له أو سندات مالية مهما كان نوعها. ويجب على المودع لديه أو المستثمر لديه، أياً كان، أداء هذه الأموال فور طلبها وبالعملة المودعة بها. كما تعتبر هذه الأموال والودائع مستحقة الأداء والتسليم للصندوق قبل أي وديعة، وفي أي ظرف كان، ولا سيّما في حالات الإفلاس أو الحل أو التصفية أو في حالة التوقف عن الدفع. ويجب على المصارف كافة التسديد الفوري للتقديمات التي يقدمها الصندوق من حساباته المفتوحة لديها، للمضمونين وأصحاب العلاقة المستفيدين من دون أي تأخير.
إعفاء من رسوم الميكانيك
صدّق المجلس اقتراح القانون المقدم من النائبين ياسين جابر وأمين شري لإعفاء جميع المركبات الآلية الخصوصية والعمومية والدراجات النارية والمركبات الآلية المعدّة للإيجار من رسم السير السنوي للعام 2020 و2021. ووفقاً للقانون، فإن السيارات العمومية وباصات نقل الركاب والسيارات المخصصة للتأجير ستحصل على إعفاء بنسبة 100 في المئة. أما المركبات والدراجات النارية الخصوصية فستعفى تبعاً لعدد الأحصنة وسنة الصنع، بنسبة تراوح بين 70 و90 في المئة. ولن تعفى السيارات من الرسوم في بعض الحالات، كأن يكون عدد الأحصنة ما فوق 51 حصاناً وتاريخ الصنع ما بعد العام 2005…
بغداد تمد بيروت بالوقود بثمن مؤجل: أين يكرّر النفط العراقي؟
في محاولةٍ لتأخير «موعد» الانهيار الاقتصاديّ الكامل، يسعى المسؤولون اللبنانيّون إلى إيجاد سبل المدّ بعمر الدولارات المتبقيّة في المصرف المركزي. ولأن النفط واحدٌ من وجهات «صرف» تلك الدولارات، فإن الدولة اللبنانية تبحث عن سبلٍ لـ«ترشيده»، مستفيدةً من العرض العراقيّ المقدّم، لكنّها – في الوقت عينه – تبحث عن حلّ المعضلة الأبرز: من يكرّر النفط العراقيّ (مقال نور أيوب)؟
بعيداً عن «حساباتها» الخاصّة محليّاً ودوليّاً، وبعد انفجار مرفأ بيروت، قرّرت الحكومة العراقيّة برئاسة مصطفى الكاظمي رفع «مستوى» الدعم والتعاون مع الحكومة اللبنانيّة. يُنقل عن الكاظمي دعواته المتكرّرة، في زياراته ولقاءاته مع رؤساء الدول الإقليمية والغربيّة، إلى الوقوف مع لبنان. آخر تلك الدعوات كانت في مؤتمر «داعمي لبنان» الذي عُقد بدعوةٍ من الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، مطلع الشهر الجاري.
وفق معلومات «الأخبار»، قرّرت بغداد تقديم ما أمكن من مواد أوليّة، من شأنها أن تسهم في حلحلة الأزمة الكهربائيّة، خصوصاً أن لبنان مهدد مع مطلع العام المقبل بظلامٍ دامس. فلا الحكومة المستقيلة ولا المصرف المركزي قادران على تأمين الاعتمادات الماليّة بالعملة الصعبة لاستيراد الكميّات النفطيّة اللازمة لتشغيل المعامل الكهربائيّة.
أمس، حلّ وزير الطاقة والمياه ريمون غجر ضيفاً على وزير النفط العراقي إحسان عبد الجبار. أكّد الأخير – وفق بيانٍ صادرٍ عنه – حرص العراق على تعزيز العلاقات الثنائية، مضيفاً أن «الاجتماع جاء تواصلاً مع المشاورات التي عقدت في وقت سابق بين البلدين». وأشار إلى أن ثمة «اتفاقاً على بيع كميةٍ من النفط الأسود الفائض عن حاجة المصافي العراقيّة إلى لبنان خلال العام 2021، وبكميات محدودة سيتم الإعلان عنها لاحقاً، ووفق أسعار النشرة العالمية».
من جانبه، قال غجر إن «الاتفاق يقضي باستيراد كمية من وقود النفط الأسود، وفق أسعار النشرة العالمية، لتغطية حاجة محطات توليد الطاقة الكهربائية في لبنان»، مضيفاً أن «الجهات المعنية في الوزارتين ستضع آليات تنفيذ الاتفاق».
وفيما وصفت مصادر وزارة النفط العراقيّة أجواء اللقاء بـ«الإيجابيّ جدّاً»، أكدت لـ«الأخبار» أن «الجانبين بحثا الآليات التنفيذيّة»، من دون أن تخوض في التفاصيل، علماً بأن اللقاءات الثنائيّة السابقة أُحيطت بتكتّمٍ شديدٍ من الطرفين، بإصرار من الجانب العراقي، مع الأخذ في الاعتبار أن «معارضي» حكومة الكاظمي يرفضون شعار «دعم لبنان» في وقتٍ ترزح فيه بلاد الرافدين تحت مشكلة اقتصاديّة مستفحلة، لاحت بوادرها في عجز الحكومة العراقيّة – قبل أسابيع – عن تسديد رواتب موظفي القطاع العام في الموعد المحدّد، وخفض قيمة الدينار أمام الدولار.
مسؤولٌ في الحكومة العراقيّة كشف لـ «الأخبار» أنّه منذ 3 أسابيع عُلّقت المباحثات بعدما «عجز الجانب اللبناني عن تأمين مصدرٍ يكرّر فيه النفط العراقي الأسود».
أساس المشكلة أن لبنان لا يملك أي محطّةٍ لتكرير النفط، فيما معامل توليد الطاقة الكهربائيّة تعمل على «الفيول أويل» (مادة ناتجة عن تكرير النفط الأسود). غجر، سبق أن طلب من نظيره العراقي تأمين كامل الحاجة اللبنانيّة لهذا الغرض، غير أن الأخير أكد عدم قدرة بلاده على ذلك راهناً، متعهّداً بتأمينها «على مراحل».
بادئ الأمر، لم يتوصّل الجانبان إلى صيغةٍ ماليّةٍ مشتركة؛ حكومة دياب أرادت تسديد «الفواتير» بالليرة اللبنانية. رفضت بغداد هذا المقترح في ظل انهيار العملة اللبنانيّة، وهي تبحث – أساساً – عن موارد/ أسواقٍ جديدةٍ لتوسيع إيراداتها الماليّة. تالياً، قدّمت حكومة دياب مقترحاً آخر، يقضي بتسديد «الفواتير» بالدولار ، على أن تخفّض بغداد – في المقابل – من قيمتها وبنسبةٍ بلغت 30 في المئة. رفضت بغداد مجدّداً هذا الطرح. وبعد أخذٍ ورد، وزياراتٍ بعيدةٍ عن الأضواء للمدير العام للأمن العام اللواء عباس إبراهيم للعاصمة العراقيّة، توصّل الجانبان إلى الصيغة التاليّة: تبيع بغداد «النفط الأسود» وفق السعر العالمي، على أن تسدّد بيروت «فواتيرها» بالدولار بعد عامٍ، من دون أي فائدةٍ، ووفق «سعر يوم البيع».
قَبِل الطرفان بهذا الطرح. دخل النقاش في مرحلته الثانية: أين يكرّر لبنان النفط»؟ أمام هذه المعضلة، سعى رئيس مجلس النواب، نبيه برّي، إلى التواصل مع الجانب المصري لإيجاد صيغةٍ تذلل هذه العقبة. إضافةً إلى «فواتير» النفط الأسود، تتحمّل بيروت كلفة النقل البحري من العراق إلى مصر فلبنان، عدا عن «فواتير التكرير». حاول برّي إقناع المصريين باعتماد آلية الدفع لاحقاً، كتلك المعتمدة مع العراقيين. لكن المصريين رفضوا، واقترحوا تكرير كل شحنة مقابل الحصول على جزء منها. رفض العراقيّون واللبنانيون المقترح المصري؛ فالشحنة العراقيّة لن تسدّ الحاجة أساساً، وعليه لا يمكن التفريط بأي نسبةٍ منها. حاول اللبنانيون البحث عن بدائل، أبرزها الطريق/ الأنبوب البرّي من العراق إلى سوريا فلبنان. أبدت دمشق جاهزيّتها لذلك، لكنّها أبلغت بيروت بضرورة تحمّل كلفة إصلاح الأنبوب البرّي (خط كركوك – بانياس). إضافةً إلى مخاطر تخريبه، فإن كلفة إصلاحه باهظة، وهذا ما لا تقوى عليه الحكومة اللبنانيّة، الأمر الذي «شطب» هذا الخيار عن قائمة الحلول المتاحة.
وفي مسعىً لحلّ هذه العقدة، زار غجر بغداد. حتى الساعة، تؤكّد بغداد عجزها عن تكرير حاجات لبنان النفطيّة، ولا يزال البحث جارياً عن طرقٍ لتأمين ذلك، زد عليها تأمين الكميّة المتبقيّة، فبغداد لن تؤمّن الكميّة الكاملة. وفي هذا الإطار، يبرز حراك إبراهيم، على خطّ بيروت – الجزائر، ومسعاه لإقناع الحكومة الجزائريّة بضرورة استمرار اتفاق الحكومة اللبنانيّة مع شركة «سوناطراك»، التي قررت التوقف عن تزويد لبنان بالفيول، بعد ملاحقتها قضائياً في بيروت في ملف «الفيول المغشوش». وبحسب مصادر متابعة، ثمة بوادر إيجابية بأن توافق الجزائر على الاستمرار في تزويد لبنان بالشحنات التي سبق أن طلبها من الفيول.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
البناء
مجلس النواب يقطع الشك باليقين في التدقيق الماليّ وفي الحصانة النيابيّة بوجه المحقق العدليّ
اليوم تظهر «قمحة» بكركي من «شعيرة» الحكومة… فهل يسمّي الراعي الوزير الملك؟
سلامة يطمئن بملياري دولار بحوزته… وإبراهيم ينجز تأمين النفط من العراق
إذا سارت الأمور نحو تمهيد الطريق إيجاباً لولادة الحكومة الجديدة في اجتماع قصر بعبدا اليوم الذي يجمع بعد قطيعة رئيس الجمهورية العماد ميشال عون والرئيس المكلف بتشكيل الحكومة سعد الحريري، تكون «قمحة» بكركي قد أثمرت ولو بعد حين، وإذا انتهى الاجتماع إلى انتظار متغيرات تتيح ولادة الحكومة، تكون «شعيرة» الحكومة الخارجيّة قد صارت في بازار البورصات الدولية التي تنتظر الإدارة الأميركية الجديدة نهاية الشهر المقبل.
الفرضيّة التي تتيح فتح الباب لولادة الحكومة الجديدة، تقوم على كسر جليد تمثله خطوة اليوم بين الرئيسين وفتح كوة نحو التوافق على تشكيلة الحكومة، التي كما تقول المصادر المتابعة للملف الحكوميّ إنها واقفة عند تفاصيل تتصل بالحقائب وأخرى تتصل بالأسماء، لكنها في الجوهر تعود الى حسم مصير حق تسمية أحد الوزراء المسيحيين، بصورة يتمسك بها رئيس الجمهورية تحت شعار ضمان الشراكة المسيحية، ويرفضها الرئيس المكلف تحت شعار الخشية من التعطيل. والفرضية التي يجري التداول بها تقوم على تولي البطريرك الراعي بموافقة رئيس الجمهورية وعدم ممانعة الرئيس المكلف بطرح لائحة من ثلاثة أسماء يوافق عليها رئيس الجمهورية ويختار منها الرئيس المكلف اسماً، بحيث يضمن البطريرك عدم مشاركة الوزير الملك المسمّى من قبله في أي انسحاب أو استقالة أو تصويت مع الوزراء الذين يسمّيهم رئيس الجمهورية في أي خلاف ينشأ داخل الحكومة، بينما يضمن البطريرك لرئيس الجمهورية انضمام الوزير الملك الى وزراء الرئيس في حال استمرت الحكومة حتى نهاية العهد وتولت صلاحيات رئيس الجمهورية.
إذا فازت «قمحة» بكركي على «شعيرة» الحكومة تكون نهايات سعيدة تهبط على اللبنانيين دفعة واحدة للكثير من الأزمات، مع حسم المجلس النيابي لمقتضيات السير بالتدقيق المالي الجنائي، بعد أخذ ورد واتهامات نتج عنها تعطيل التدقيق. وبالمثل أقر مجلس النواب قانوناً طال انتظاره لتجريم التحرش الجنسي وتأمين الحماية من العنف الأسري. بينما حسم المجلس النيابي بلسان رئيسه نبيه بري طريق التحقيق في تفجير المرفأ عبر الإعلان عن أن المجلس في حال انعقاد دائم تعني استدامة الحصانات النيابية، وإلزامية المرور بمجلس النواب وصولاً للاتهامات الجنائيّة، بحق نواب ووزراء ورؤساء، لا يجب أن تخفي الهدف الرئيسي للتحقيق وهو من جلب المتفجّرات ولأي غاية وضمن أي مخطط ومَن عاونه ومَن سانده ومَن سهّل له، ومن فجّر بالتالي، قبل الوصول لاتهامات التقصير، التي بدت كأنها جوهر التحقيق حتى اليوم.
يتزامن ذلك مع إعلان حاكم المصرف المركزي عن امتلاك المصرف ملياري دولار قبل بلوغ الاحتياط الإلزامي، ما يتيح له مواصلة الدعم لفترة أطول، ما يعني فترة أمان تزيد عن شهور عدة، بينما كان لبنان يوقع بشخص وزير الطاقة عقد استجرار النفط من العراق، بعدما كانت مساعي المدير العام للأمن العام اللواء عباس إبراهيم مع رئيس الحكومة العراقية مصطفى الكاظمي قد وفّرت الأرضية اللازمة لهذا الاتفاق الذي يضمن من دولة الى دولة تأمين حاجات لبنان النفطية للعام المقبل، مع نهاية عقد سوناطراك وما شابه من شبهات فساد، إضافة لميزات تناسب وضع لبنان الحالي لجهة السعر وآليات الدفع.
وفيما كانت الأنظار متّجهة إلى بعبدا التي يزورها الرئيس المكلف سعد الحريري اليوم للقاء رئيس الجمهورية العماد ميشال عون بعدما مهّدت مبادرة البطريرك الماروني بشارة الراعي الطريق لها، خطف الأضواء قصر الأونيسكو الذي شهد جلسة تشريعية عقدها المجلس النيابي مسجلاً إنجازاً في ملف التدقيق الجنائي. إذ أقر رفع السرية المصرفية عن حسابات المصرف المركزي والوزارات والإدارات لمصلحة التدقيق لمدة سنة وفقاً للنص الذي أصدره في جلسته الأخيرة رداً على رسالة رئيس الجمهورية.
وكان رئيس المجلس النيابي نبيه بري رفع الجلسة التشريعيّة بعدما وصلت الى البند 29، المتضمن اقتراح قانون معجّل قدمته كتلة اللقاء الديموقراطي يرمي الى إلغاء القانون رقم 210/2000 الذي يعفي كل طائفة معترف بها في لبنان والأشخاص المعنويين التابعين لها من الضرائب والرسوم، بعدما اعترض عليه النائبان جورج عطا الله وفريد هيكل الخازن، ولم يتم البحث بالقانون بعد ان تم رفع الجلسة لفقدان النِصاب، فلم يُقر ولم يُرفض. وتمّ التصويت على نحو عشرين قانوناً جرى إقرارها، وأعيدت بعض اقتراحات القوانين المعجّلة والمعجّلة المكررة الى اللجان كما أعيد مشروع قانون الى الحكومة، لكن معظم البنود التي جرى بحثها أُقرّت. لكن حسب المعلومات فقد جرى دمج اقتراحات ومشاريع القوانين المتعلقة بقانون العفو العام بمشروع واحد سيتم درسه في جلسة للجان النيابية بعد 15 يوماً، مع مشاريع واقتراحات أخرى جرى دمجها.
وبحسب مصادر اللقاء الديموقراطي، فإن الدافع لتقديمها اقتراح إلغاء القانون 210 هو ان الطوائف الغنيّة لا تدفع الضرائب والرسوم، بينما يجري تحميلها إلى المواطن الفقير، لذلك فالاقتراح يعامل الطوائف الكبرى كما يعامل القانون المواطن العادي.
وقدّم عضو اللقاء الديموقراطي النائب هادي أبو الحسن مداخلة بهذا المعنى، لكن النائبين جورج عطا الله وفريد هيكل الخازن قدّما مداخلتين اوضحا فيهما ان هذا الاقتراح يُلحِقُ غبناً بالطوائف المسيحيّة وان كل القوى المسيحية وبكركي ترفضه.
وفي حصيلة الجلسة، أقرّ مجلس النواب قانون الإجازة للحكومة إبرام اتفاقية بين الجمهورية اللبنانية والمملكة المتحدة. وقانون معاقبة جريمة التحرّش الجنسيّ لا سيما في أماكن العمل.
وصدّق المجلس على اقتراح قانون تعديل قانون حماية النساء وسائر أفراد الأسرة من العنف الأسري، رغم طلب النائب إبراهيم الموسوي إعادته الى اللجان لكون بعض بنوده قابلاً الطعن من قبل رؤساء الطوائف.
وأقرّ المجلس أيضاً قانون التمديد لشركة كهرباء زحلة. وقانون تمديد سريان احكام تعليق الإجراءات القانونية المتعلقة الناشئة عن التعثر في سداد القروض بصيغة معدّلة.
واقترح عضو تكتل لبنان القوي النائب ابراهيم كنعان إقرار قانون رفع السرية المصرفية اليوم وعدم التأجيل والذهاب الى رفع السرية المصرفية بالاقتراح المقدّم من التكتل للسير بالتدقيق الجنائي. فتم إقرار قانون رفع السرية المصرفية عن حسابات المصرف المركزي والوزارات والإدارات العامة لمدة سنة وأسقط المجلس النيابي صفة العجلة عن البند 12 المتعلق بإنشاء صندوق بطالة موقت. وتمّت إحالة القانون المعجل المكرر الرامي الى استرداد الأموال المنهوبة الى اللجان المشتركة على أن يتم إنجازه خلال 15 يوماً.
ورأى رئيس لجنة المال النائب إبراهيم كنعان أن «إقرار المجلس النيابي اليوم رفع السرية المصرفية والتدقيق الجنائي يعني أن طلب رئيس الجمهورية للمجلس النيابي بات قانوناً»، فيما لفت رئيس لجنة الإدارة والعدل النائب جورج عدوان الى أن «اقتراح رفع السرية المصرفية أصبح قانوناً اليوم ولا أحد يستطيع التذرّع بأيّ شيء لرفض التدقيق الجنائي وبتحقيق هذا الهدف سنعلم كلّ المخالفات التي حصلت في الماضي وكل الفساد، وهذا الأمر يُعدّ إنجازاً».
وكان برّي وبعد افتتاحه الجلسة، قال «إنّ المجلس اسمه مجلس تشريعي ومش حتى نتفرّج على بعض والمادة 69 من الدستور تقول إنّ المجلس في حال انعقاد دائم في حال الحكومة المستقيلة».
ورداً على عضو كتلة القوات اللبنانية النائب بيار بو عاصي وطلبه الالتزام بتشريع الضرورة، أضاف بري: ما من إجماع حول هذا الموضوع. وهذا المجلس اسمه المجلس التشريعي وفي حالة الحكومة المستقيلة يكون المجلس في انعقاد دائم. وعمل المجلس في حال الحكومة المستقيلة لا يجب أن يأخذ مداه وتجب مسايرة التعاون بين السلطات». كما أشار بري الى أن «لا يحق لمجلس النواب الردّ بقانون على رسالة رئيس الجمهورية لذلك ردّ بقرار».
وبحسب مصادر نيابية لـ»البناء» فإن الجلسة كانت منتجة ما يؤكد على ممارسة المجلس النيابي دوره الطبيعي في إقرار القوانين والتشريعات لا سيما في ظل حكومة تصريف الأعمال على أن يستمر المجلس في عمله عقد جلسات عدة ريثما يتم تأليف حكومة جديدة، علماً ان المجلس في حالة انعقاد دائم في ظل حكومة تصريف الأعمال، كما قال الرئيس بري».
كلام بري عن أن المجلس بحالة انعقاد دائمة كان بمثابة رسالة غير مباشرة للقضاء بأن الحصانة النيابية مستمرّة على النواب طالما ان المجلس بحالة انعقاد ما يُخالف رهان القاضي فادي صوان على انتهاء مدة دورة الانعقاد العادية للمجلس النيابي ورفع الحصانة النيابية وبالتالي استدعاء النواب المدعى عليهم إلى التحقيق.
عون
وأدلى رئيس الجمهورية بسلسلة مواقف من ملفي الفساد والتدقيق الجنائي ومرفأ بيروت، ولفت إلى أن «الفساد هو الكارثة الأكبر في لبنان، لأنه كالمرض المزمن مستمرّ في الزمان، ولا إصلاح في لبنان اذا لم يتم القضاء عليه»، مشيراً الى «ان هذه الآفة لها جمهورها في لبنان لكن لها أيضاً قادتها. واليوم نحن في صراع ليس فقط في تأليف الحكومة، لكن في معركة محاربة الفساد التي توازيها معركة تأليف الحكومة». أضاف: «ان معركة القضاء على الفساد دقيقة جداً، لكننا لن نتراجع أبداً. هذا وعد قطعناه على انفسنا، وأقسمنا اليمين في شأنه ولن نتراجع»، مشيراً الى «إن لم نقم بهذه المعركة اليوم فلا قيامة لنا ابداً، وكافة دول العالم داعمة لنا بها»، كاشفاً «ان فرنسا التي تريد ان تساعدنا تطالب بالتدقيق المالي والولايات المتحدة كذلك تماماً كالبنك الدولي. لكن هناك مقاومة لا تزال قوية بوجهه، لأن ما من أحد من الفاسدين يرضى بتسليم نفسه».
وشدّد رئيس الجمهورية على «أننا لن نتهم أحداً قبل أن يظهر في التحقيق بهذا المرض المزمن مَن هو مرتكب الخطأ الجسيم الذي أدّى الى أهدار أموال الدولة وأموال المواطنين. نحن نعيش في مجتمع توالت الجروح في جسمه ونفسه، لكن الضرر الكبير أصاب الطبقة الفقيرة والوسطى التي ادخرت بعض المال لوقت الحاجة. وقد ظهر تزايد العوز عند المواطنين، من دون ظهور أي حركة إصلاح حتى الآن، بسبب وجود مقاومة للأمر».
ويلتقي الرئيس الحريري اليوم الرئيس عون في بعبدا وسط أجواء تتأرجح بين التفاؤل والتشاؤم بإمكانية تحقيق خرق في الجدار الحكومي وتقدم الحكومة عيديّة للشعب اللبناني في الأعياد المجيدة. لكن مصادر مطلعة استبعدت ولادة الحكومة في الأيام الفاصلة عن نهاية العام الجاري، مشيرة لـ»البناء» إلى أن اللقاء بين عون والحريري اليوم بمثابة ترطيب الأجواء لكي لا تمر الأعياد على زغل بين الرئيسين، وبالتالي تكبر كرة الخلاف والتباعد السياسي بينهما، ولذلك يجري البحث بمقترحات ومخارج للحلول قد تبدو صعبة التطبيق حالياً، لكنها قد تؤسس لأرضية تساهم في التوصل إلى الحل في العام المقبل». وتوقعت المصادر أن يشهد الملف الحكومي تقدماً مطلع العام المقبل مع اتضاح المشهد الإقليمي والدولي الذي سينتج عن انتقال الحكم في الولايات المتحدة الأميركية التي لن يكون الملف اللبناني أولوية مقارنة مع الاستحقاقات الكبرى داخل الولايات المتحدة من الانقسام الداخلي الى المشاكل الاقتصادية المستجدة الى الخطر الصحي المتأتي من وباء كورونا.
ولا يبدو التفاؤل سيد الموقف في بعبدا بل سيطر الترقب طيلة يوم أمس، إذ تسرّب عن مصدر قريب من بعبدا قوله: «لا أرى سنابل القمح أمامي واضحة». وأضاف: «لأن الشروط ما زالت هي هي وكذلك المقاربات المعقدة والاختزال والاستبعاد». وجزم المصدر أن «الثلث المعطل أو الضامن لم يكن يوماً مطلباً رئاسياً، كما ان الكلام عن ان رئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل طلب هذا الثلث ايضاً غير صحيح، بل هذا الثلث وحسابياً حاصل لصالح الرئيس المكلف وحلفائه في الصف الواحد، ولو لم يكونوا مرتبطين»، داعياً الحريري الى الإقرار ان عون شريكه الدستوري في هذا التأليف، وقد يطلب منه رئيس الجمهورية أن يسقط حقائب على طوائف او العكس انطلاقاً من المادة 95 من الدستور، وفيها: «تمثل الطوائف بصورة عادلة عند تشكيل الحكومة». وأضاف: «اذا كان تطبيق هذه المادة غير ممكن عند الحريري فعبثاً ندخل في لعبة الأسماء»، وتابع محذراً: «لعبة الأسماء تعني مستشارين وأخصائيين في ادق ظروف لبنان، والسؤال: من يقف وراءهم ومن يقف امامهم؟ هل لديه ارتباطات دولية ام لا؟».
ولفتت مصادر مطلعة على الملف الحكومي، ان التشكيلة الحكومية التي قدّمها الرئيس الحريري الى الرئيس عون تضمّنت أربع حقائب مسيحيّة لرئيس الجمهورية فقط هي الدفاع والتربية والثقافة والشباب والرياضة، مقابل أربع حقائب مسيحيّة لغيره، واحدة للحريري وأخرى لتيار المردة والثالثة للحزب القومي والرابعة للأرمن، فيما بقي الوزير التاسع بمثابة الوزير الملك وهو جو صدّي لحقيبة الطاقة ومن اقتراح الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون، ولذلك اعترض الرئيس عون مطالباً بوحدة المعايير والتوازن والعدالة في توزيع الحقائب، خاصة أن الحريري أخذ لنفسه حق تسمية الوزراء السنّة ووزير مسيحي، واحتفظ وحلفاءه بحقائب اساسية وخدمية لم يحصل على واحدة منها الرئيس عون، الذي طالب بالمقابل بحقيبتي الداخلية والعدل.
وبحسب المصادر، يُفترض ان يجري البحث في الاجتماع المقرر اليوم بين عون والحريري في إيجاد مخرج لهذه المسألة بعد تدخل البطريرك الماروني لتقريب وجهات النظر بين الرئيسين، وبعدما صار الثلث الضامن بمثابة كلام لا أساس له من الصحة، حيث لم يطالب به ولم يطرحه الرئيس عون للبحث في كل لقاءاته مع الحريري.
وعلى صعيد ملف تفجير مرفأ بيروت، تقدّم النائبان في كتلة التنمية والتحرير غازي زعيتر وعلي حسن خليل بطلبٍ إضافيّ الى محكمة التمييز الجزائيّة لنقل الدعوى الخاصّة بانفجار المرفأ من قاضي التحقيق فادي صوان الى قاضٍ آخر. وقال خليل: «توجّهت لدى المحقق العدلي وأجبت عن سؤال واحد، وكان الاستجواب اقلّ من دقيقة ونصف كون لا علاقة لي، ومستعدّ في كلّ لحظة للمثول امام المحقق العدلي». وأوضح في حديث متلفز: «منطق التمرد غير موجود لدى مجلس النواب والمحقق العدلي قام بشكل انتقائي باختيار رئيس حكومة ووزراء ومن حقي تقديم دعوى ارتياب وأنا سأطبّق الدستور وقرار محكمة التمييز». وأكد أن «الغش عند الابتعاد عن السؤال عمن أتى بالنيترات الى لبنان والقضاء هو من يتحمّل مسؤولية إبقاء النيترات لـ7 سنوات في المرفأ».
وبعد أسابيع على جريمة مقتل العقيد المتقاعد منير ابو رجيلي في قرطبا، استفاقت منطقة الكحالة على جريمة مروّعة بقيت أسبابها وظروفها غامضة بانتظار نتيجة تحقيقات الأجهزة الأمنية. إذ أقدم مسلحون مجهولون على قتل الشاب جوزيف بجاني أمام منزله في البلدة بمسدس كاتم الصوت بينما كان يهمّ بنقل أولاده الى المدرسة. والضحيّة كان يعمل في شركة اتصالات وهو يعمل حاليًا في مجال التصوير. وذكرت وسائل إعلام خارجيّة نقلاً عن مصادر أن بجاني كان وثّق أدلة مع محققين أميركيين وفرنسيين حول انفجار بيروت.
واحتجاجاً قطع أهالي الكحالة الطريق أمام كنيسة البلدة، مطالبين بكشف ملابساتها سريعًا. مؤكّدين أنّهم لن يسكتوا عما حصل. وقال رئيس بلدية الكحالة: نريد حقنا ومعرفة من قتل هذا الشاب؟ ولماذا؟ فوراء هذه الجريمة قصة كبيرة. وأضاف «نريد تحقيقاً سريعاً في مقتل جوزف بجاني. فالأمن فلتان في البلد».
وبحسب ما علمت «البناء» فقد عبّر مصدر أمني سابق يعيش في إحدى الدول الغربية عن معلومات لأطراف داخلية حول مخاوفه من عمليات اغتيال وتفجير تطال شخصيّات لبنانيّة لا سيما تلك التي لها علاقة بتفجير مرفأ بيروت.
في غضون ذلك وفيما يواجه لبنان استحقاق رفع او ترشيد الدعم عن المحروقات والسلع. أعلنت وزارة النفط العراقيّة أنّه تم التوصل إلى اتفاق مع لبنان لبدء إمدادات تصدير الوقود إلى بيروت في عام 2021 وفقاً للأسعار العالمية. وجاء هذا الإعلان بعد اجتماع بين وزير النفط العراقي إحسان عبد الجبار ووزير الطاقة في حكومة تصريف الأعمال ريمون غجر في بغداد. وأكّد غجر أنّه تم الاتفاق على استيراد وقود النفط الأسود من العراق لتغطية احتياجات محطات توليد الطاقة الكهربائية في لبنان. ونقلت الوزارة عن عبد الجبار قوله إن كميات الوقود ستكون محدودة وسيتم الإعلان عنها لاحقاً، وستغطي جزءاً من احتياجات لبنان من الوقود لتوليد الكهرباء.
على صعيد وباء كورونا، أعلن وزير الصحة العامة في حكومة تصريف الأعمال حمد حسن «التوصيات الصادرة عن اجتماع اللجنة العلمية في وزارة الصحة العامة والمتعلقة بشكل خاص بالإجراءات الواجب اتباعها في لبنان بعد تأكيد وجود سلالة جديدة من فيروس كورونا وأبرزها توقيف الرحلات من لندن بضعة أيام للاستيضاح. توصية للوافدين المغتربين بتغيير وجهة السفر من خلال لندن، والتزام الوافدين الذين أتوا عبر لندن بحجر منزلي إلزامي لخمسة أيام يخضعون بعدها لفحص PCR مع متابعة من قبل وزارة الصحة العامة والسلطات المحلية والأجهزة الأمنية، مع رفع توصية للجنة الوزارية الحكومية بإلزامية الحجر للوافدين عبر لندن في الفندق ثلاثة أيام يخضع بعدها هؤلاء لفحص الـPCR قبل مغادرتهم الفندق، والتوصية بالدعوة إلى التروّي في إطلاق النظريات المختلفة والمتضاربة عن السلالة الجديدة في مقابل ترصد آراء المرجعيات الطبية والصحية العالمية بهدف تناول الموضوع بشكل علمي وتحديد طريقة التدخل».
ولفت حسن إلى أن من غير المرجّح لغاية الآن أن يكون هناك تأثير للطفرة الجديدة على الاستجابة للقاحات، مضيفاً أن «اللقاح الذي حجزه لبنان من شركة فايزر فعّال في انتظار معطيات لاحقة تفيد وتغني الموضوع».
وكان رئيس حكومة تصريف الأعمال الدكتور حسان دياب ترأس مساء امس في السرايا الحكومية، اجتماعاً للجنة متابعة وباء الكورونا بحضور الوزراء المعنيين.
وناقشت اللجنة المستجدات على صعيد وباء كورونا في ضوء ظهور السلالة الجديدة للفيروس في بريطانيا. وتم اتخاذ جملة إجراءات للحد من انتقال الفيروس إلى لبنان أبرزها: «إجراء فحص pcr لجميع الوافدين من المملكة المتحدة إلى لبنان عند وصولهم إلى مطار بيروت الدولي مع إلزامية إجراء هؤلاء فحص pcr للمرة الثانية بعد 72 ساعة من دخول الأراضي اللبنانية في أحد المختبرات المعتمدة.
وتتولى وزارة الصحة تزويد وزارة الداخليّة بكافة المعلومات المتعلّقة بعناوين الوافدين ليصار إلى تتبعهم من قبلها، على أن يتمّ حجر الحالات الإيجابية عند ظهور النتائج في مراكز الحجر الصحيّ إلى حين إجراء فحص يحدد سلالة الفيروس المصابين به. وتتولى شركة طيران الشرق الأوسط كلفة فحصي الـ pcr المذكورين أعلاه، من دون أن يتكبّد المسافر أية تكلفة إضافية».