البناء
حزب الله و«القومي» يندّدان بالعقوبات على المقداد: علامة على التورّط الأوروبي مع الإرهاب
بكركي لوضع الملف الحكوميّ في العناية الفائقة: السرير عونيّ والأوكسجين حريريّ
خبراء كورونا: تمديد الإقفال إلى 15 شباط و5000 سرير من المستشفيات الخاصة
تتحوّل واشنطن إلى وجهة اهتمام دوليّة أولى للساعات التي ستشهد تنصيب الرئيس الأميركي الجديد جو بايدن، وسط آمال معلقة على وضع وعوده بالعودة للتفاهمات التي أخرج سلفه دونالد ترامب بلاده منها، وفي مقدّمتها التفاهم النووي مع إيران من بوابة رفع العقوبات، والعودة لاتفاقية المناخ الخاصة بخفض نسبة التلوث البيئي الصناعي، وتجديد اتفاق الحدّ من الأسلحة الاستراتيجية مع روسيا، بالإضافة الى العودة للانضواء تحت راية المنظمات الدولية للصحة واليونيسكو واللاجئين التي أعلن ترامب وقف التعاون معها.
في أوروبا ارتباك بين الدعوات الموجهة لواشنطن لإحداث التغيير المنشود، وقلق من قيام إدارة بايدن بهذا التغيير من دون منح أوروبا جوائز ترضية فيه، ومظهر الارتباك واضح في مواقف وزير الخارجية الفرنسية جان إيف لودريان من التفاهم النووي مع إيران الذي بدا منتسباً للخطاب الترامبيّ، والعقوبات الأوروبية على وزير الخارجية السورية فيصل المقداد، الذي وجده حزب الله والحزب السوري القومي الاجتماعي تعبيراً عن التورط الأوروبي مع الإرهاب، بينما كان مستشار الأمن القومي الجديد الذي سماه بايدن، جايك سوليفان يرى في العقوبات التي فرضها ترامب على أنصار الله في اليمن تعقيداً للمساعي الدبلوماسية لحل الأزمة اليمنية.
لبنانياً، سيدخل لبنان عهد الرئيس بايدن من دون حكومة، حتى لو لم يكن للانتخابات الرئاسية الأميركية سبب لتأخير ولادة الحكومة، والجديد الحكومي، تمثل بالكلام الذي صدر عن البطريرك الماروني بشارة الراعي الذي دعا رئيس الجمهورية العماد ميشال عون إلى الاتصال بالرئيس المكلف سعد الحريري ودعوته للقاء مصالحة، من أجل استكشاف أسماء جديدة وخبيرة يتيح اختيارها تجاوز الأزمة الحكومية، وهو ما توقفت أمامه مصادر متابعة للملف الحكومي لجهة ما تضمّنه كلام الراعي من إشارة الى فشل الأسماء التي تضمنتها التشكيلة التي قدّمها الحريري في توفير المطلوب من شروط نجاح الحكومة الجديدة، وبالتوازي اعتبار الكلام الذي تضمنه الفيديو الرئاسي بحق الحريري سبباً للطلب الى رئيس الجمهورية للمبادرة للاتصال بالحريري ودعوته للقاء. وقالت المصادر المواكبة إن كلام الراعي يعني عملياً بلغة زمن كورونا، دعوة لوضع الملف الحكومي مجدداً في العناية الفائقة، مقترحاً على رئيس الجمهورية تأمين السرير وعلى الرئيس المكلف تأمين الأوكسجين.
في مواجهة تفشي وباء كورونا، ومع النجاح المحقق في الإقفال العام حذّر خبراء كورونا من العودة عن الإقفال قبل 15 شباط المقبل، سواء لكون مدة الإقفال الحالية غير كافية، قبل بلوغ رقم الـ 2000 إصابة يومياً بدلاً من الـ 6000، والأهم لخطورة العودة لفتح المطاعم والملاهي والأندية الليلية ليلة 14 شباط كما بدأت توحي استعدادات القطاعات الترفيهية لتنظيم حفلات ستجلب الكارثة التي بدأت مع حفلات عيدي الميلاد ورأس السنة، ويلفت الخبراء الى ضرورة رفع مشاركة القطاع الخاص الاستشفائي في مواجهة وباء كورونا الى المستوى الذي دعت إليه منظمة الصحة العالمية والذي يجب ان لا يقل عن 55%، وقد سجل خبراء المنظمة العالمية استغرابهم أن يكون لدى لبنان 18000 سرير منها فقط 5000 مخصّص لكورونا أغلبها في المستشفيات الحكوميّة، بينما مشاركة المستشفيات الخاصة لا تزال بنسبة 12% أي بما بيعادل 1000 سرير فيما تتيح المعدلات العالمية بلوغ نسبة مشاركة بـ 5000 سرير إضافي، ويدعو الخبراء المسؤولين في الدولة اللبنانية لعقد تفاهم مع المستشفيات الخاصة على تسديد مستحقاتها السابقة ووضع آلية للتسيد اللاحق مقابل خطة وضع هذا العدد من الأسرة في مواجهة كورونا.
تعود المساعي لتنشط من جديد مطلع هذا الأسبوع، مع عودة الرئيس المكلف سعد الحريري مساء أمس من الامارات العربية، ولعل ابرز الوسطاء على خط حل الأزمة العالقة بين الرئاسة الأولى وبيت الوسط البطريرك الماروني بشارة الراعي الذي وفق معلومات بكركي لـ«البناء» سيسعى مجدداً لعقد لقاء بين الرئيس ميشال عون والرئيس الحريري، خاصة أن كل الأجواء تشير الى ان الرئيس المكلف يحظى بتأييد سياسي داخلي وشعبي وبالتالي لن يعتذر، والرئيس عون من جهته يدرك أن مطلب الثلث الضامن لن يلقى تأييد حتى حلفائه في 8 آذار، ومن هنا يجب الدفع نحو التفاهم وفق معايير موحّدة ترضي الجميع بعيداً عن تقاذف الاتهامات. ولفتت المصادر إلى أن جهود الراعي تحظى بدعم وتأييد من الفاتيكان بشكل خاص فضلاً عن الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون الذي لم ييأس بعد من حراكه تجاه القوى السياسية للسير بالمبادرة الفرنسية.
واعتبر البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي في عظة الأحد أن الباب المؤدّي الى طريق الحلّ هو تشكيل حكومة إنقاذ مؤلفة من نخب لبنانيّة، وشخصيات نجحت وتفوقّت في لبنان والعالم، وتتوق إلى خدمة الوطن بكل تجرّد، وتحمل مسؤوليّة الإنقاذ وترشيد الحوكمة، مشدداً على أن المطلوب من رئيس الجمهورية والرئيس المكلّف أن يقدّما للشعب أفضل هذه الشخصيّات، لا مَن يتمتّع فقط بالولاء للحزب أو بالخضوع للزعيم.
وكشف البطريرك الراعي أنه سعى شخصيًا بحكم المسؤوليّة إلى تحريك تأليف الحكومة من أجل مصلحة لبنان وكل اللبنانيين ولقي كثيرون في هذه المساعي بارقة أمل، قائلاً: «كون الدستور يحدّد بوضوح دور كلّ من رئيس الجمهورية والرئيس المكلّف، تمنّيت عليهما أن يعقدا لقاء مصالحة شخصية تعيد الثقة بينهما، فيُباشرا الى غربلة الأسماء المطروحة واستكشاف أسماء جديدة وجديرة، واضعين نصب أعينهما فقط المصلحة العامة وخلاص لبنان، ومتجاوزين المصالح الآنيّة والمستقبلية، الشخصية والفئوية».
كما تمنى خلال العظة على رئيس الجمهورية ميشال عون أخذ المبادرة بدعوة الرئيس المكلّف سعد الحريري الى عقد هذا اللقاء، معتبراً أن الوقت لا يرحم، وحالة البلاد والشعب المأساوية لا تبرّر على الإطلاق أي تأخير في تشكيل الحكومة.
وأكد أن على السلطة السياسية التقيّد بالدستور والميثاق الوطني المجدَّد في اتفاق الطائف واستكمال تطبيقها، وتصويب ما اعوجّ منها في الممارسة، وتعزيز استقلالية القضاء كسلطة رابعة مستقلة، وحماية مؤسسة الجيش في كرامتها وهيبتها وكامل حقوقها. وقال لا حاجة للدعوة الى تغيير النظام، بل للتقيّد به».
الى ذلك أكدت مصادر مقرّبة من التيار الوطني الحر لـ«البناء» ان الرئيس عون لن يتراجع عن مطالبه بتطبيق الدستور واعتماد المعايير الموحّدة في التأليف بعيداً عن اية استنسابية، لافتة الى ان كل الدعوات الرامية الى وضع العصي في الدواليب وتحميل العهد مسؤولية ما آل إليه الوضع في البلد، لن يدفع رئيس الجمهورية إلى الاستقالة، فجل ما يطالب به الرئيس عون قطع الطريق على مَن يواصل العمل على مصادرة صلاحيات الرئاسة الأولى.
وفي المقابل، جزمت مصادر تيار المستقبل لـ«البناء» أن الرئيس الحريري ليس بوارد الاعتذار عن التكليف رغم كل الدعوات التي تطلب منه الاعتذار وترك العهد يتحمل مسؤولية ما ستؤول اليه الأوضاع، لافتة الى ان الرئيس الحريري يتصرّف من منطلق تحمله للمسؤولية الوطنية التي تفرض عليه عدم التراجع خاصة أنه من منطلق علاقاته الخارجية بإمكانه أن يساعد لبنان مالياً واقتصادياً. واعتبرت المصادر ان الحريري ينتظر موافقة الرئيس عون على التشكيلة الحكومية بعيداً عن النكايات السياسية لإنقاذ البلد من خلال تشكيلة حكومية تحظى بثقة المجتمع الدولي.
الى ذلك، أفادت المعلومات أن لقاحات كورونا الصينية أصبحت على جدول أعمال الرئيس المكلف سعد الحريري في أبو ظبي، لكن اتفاقيات التعاون بين دولة الإمارات والصين تفرض الحصول على أذونات في حال منحها الى دول أخرى.
ولفتت المصادر الى أن «لا كمية محددة لغاية الآن للقاحات التي سيحصل عليها الحريري، وكل الأرقام التي طرحت في الإعلام مجرد تخمينات».
الى ذلك، وقّع وزير الصحة العامة في حكومة تصريف الأعمال حمد حسن العقد النهائي مع شركة فايرز لتأمين أكثر من مليوني ومئة ألف لقاح تصل تدريجاً بدءاً من بداية شهر شباط، وذلك بحسب مكتبه الإعلامي.
وأوضح المكتب في بيان أن هذا العقد يُضاف الى الاتفاقية الموقعة في شهر تشرين الاول الماضي مع منصة كوفاكس العالمية التي ترعاها منظمة الصحة العالمية لتأمين مليونين وسبعمئة ألف لقاح من شركات عالمية متعددة ستصل تباعاً الى لبنان.
وأكد أن وزارة الصحة العامة بالتعاون مع القطاع الخاص في صدد تأمين مليوني لقاح من شركتي Astrazeneca وSinopharm بدءاً من شهر شباط المقبل.
إلى ذلك يشهد لبنان تفشياً غير مسبوق لوباء «كورونا»، وفي جديد أرقامه الكارثية، أعلنت وزارة الصحة العامة تسجيل 3654 إصابة جديدة رفعت العدد التراكمي للحالات المثبتة الـ 252812. كما تمّ تسجيل 40 حالة وفاة.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الأخبار
«إسرائيل» تعترف بعد طول إنكار: حزب الله يملك مئات الصواريخ الدقيقة
تحديد سعر الصرف: ما هي الأهداف السياسيّة ــــ الاجتماعيّة للدولة؟
بعد مدة طويلة من الانكار، أقرّت استخبارات العدو الاسرائيلي بأن حزب الله تمكّن من امتلاك عشرات الصواريخ الدقيقة، التي تصنّفها «اسرائيل» خطراً استراتيجياً لا يمكن التعايش معه. في السابق، كان العدو يتحدّث في احسن الاحوال عن عشرات الصواريخ، التي يمكنها اصابة المواقع الاستراتيجية والحساسة في الكيان. اليوم، اعترف بأن ترسانة المقاومة من السلاح الدقيق الاصابة، باتت تحوي مئات الصواريخ، رغم مئات الغارات التي شنها جيش الاحتلال في سوريا، لمنع نقل هذه الصواريخ او مكوناتها الى لبنان. اعتراف سيكون له اثر عميق على صانع القرار في تل ابيب، وخاصة لجهة الانكفاء عن العمل العسكري ضد لبنان (مقال يحيى دبوق).
أشارت التقديرات الاستخبارية الإسرائيلية إلى نجاح حزب الله في التزوّد بمئات من الصواريخ الدقيقة، التي عدّت حتى الأمس القريب خطاً أحمر لا يمكن لتل أبيب أن تسمح بتجاوزه. هذا الإقرار جاء بعد إنكار طويل، سعت تل أبيب خلاله عبر وسائل مختلفة وفي أكثر من اتجاه، للحؤول دون تحقّقه، لكن من دون جدوى.
هل يعني ذلك اقتراب موعد تنفيذ العدوّ تهديداته والتسبّب بمواجهة عبر استهداف عسكري مباشر لما يعرفه عن هذا السلاح، وخاصة أن المواجهة العسكرية الواسعة كانت محلاً لمناورة ضخمة نفّذها جيش الاحتلال في الفترة الأخيرة؟ أم أن السلاح الدقيق نفسه (وأخواته) الذي سعت «إسرائيل» إلى منع المقاومة من اقتنائه، هو نفسه عاملٌ مؤثر في تعزيز واقع انكفاء العدو عسكرياً عن لبنان، بعدما تحول «مشروع الدقة» المتعلق بصواريخ حزب الله إلى «ترسانة دقة»؟
وفقاً للتقديرات الإسرائيلية المنشورة في الأيام القليلة الماضية، والنشر في ذاته لافت (القناة 13 العبرية)، فشلت مساعي «إسرائيل» في منع حزب الله من التزود بالسلاح الصاروخي الدقيق. وهو فشل جاء بعد الضربات التي شنتها في سوريا والتي استهدفت إرساليات صاروخية دقيقة ووسائل نقل تتعلق بمكونات ما تسميه «مشروع الدقة»، وهي ضربات وفقاً للتقدير الإسرائيلي «لم تمنع حزب الله من تطوير قدرة ذاتية على تصنيع وتركيب صواريخ دقيقة متوسطة وبعيدة المدى».
الإقرار في ذاته، بعد إنكار، لا يغيّر واقع امتلاك حزب الله هذا النوع من الصواريخ، التي تؤكد التقديرات في تل أبيب أنها قادرة على «شل منظومات استراتيجية في إسرائيل». إذ سبق لحزب الله، على لسان أمينه العام السيد حسن نصر الله، أن أكد في أكثر من مناسبة، في الأشهر الأخيرة، النجاح في امتلاك ما يكفي من صواريخ دقيقة. وفي حينه حاولت «إسرائيل» الإبقاء على إيحائها بأن «دقة الصواريخ» مجرد فكرة وطموح لدى حزب الله لم تترجم ميدانياً نتيجة الجهود الإسرائيلية لصدّه، وهذا هو الهدف من إصرارها على مصطلح «مشروع الدقة». فما الذي تغيّر الآن؟
الإقرار بعد إنكار، من شأنه أن يشير إلى اتجاه ومستويات المواجهة بين الجانبين للفترة المقبلة، وتحديداً من ناحية «إسرائيل»، التي باتت في موقع المتخلّف عن وعود أطلقها صنّاع القرار في تل أبيب، وفي المقدمة رئيس حكومة العدو بنيامين نتنياهو، بأن «إسرائيل لن تسمح» لحزب الله بالتزوّد بالسلاح الدقيق، وأن «كل الخيارات مطروحة على الطاولة».
وهذا التغيير، أي امتلاك حزب الله صواريخ دقيقة بالمئات وهو مقبل على مراكمة المزيد منها، يعدّ سبباً في دفع «إسرائيل» إلى «اتخاذ قراراتها»: إما السعي إلى الصدّ والمنع، ولاحقاً محاولة تدمير الصواريخ مادياً، رغم ما يمكن أن يعقب ذلك من مواجهات يقدَّر بقوة أن تتحوّل إلى مواجهة شاملة؛ وإما الانكفاء، لأن استهداف بعض الصواريخ الدقيقة لا يلغي وجود بعضها الآخر الذي يتعذّر تحييده، ويمكن لحزب الله استخدامه في المقابل رداً على الاعتداء نفسه، وهو قيمة إضافية عسكرية مؤثّرة تضاف إلى القدرة العسكرية «التقليدية» التي كانت كافية في ذاتها لمنع «إسرائيل» من تفعيل خياراتها العسكرية ضد لبنان.
عملياً، قد تكون الدائرة مفرغة: الصاروخ الدقيق الذي يدفع «إسرائيل» إلى مباشرة اعتدائها العسكري، هو نفسه الذي يتسبب في امتناعها عن الاعتداء. كانت هذه المعادلة قائمة ومؤثرة بين الجانبين في «السلاح التقليدي» الذي تراكم بعشرات الآلاف، رغم التهديدات الإسرائيلية. وهي معادلة باتت معززة أكثر مع السلاح الصاروخي الدقيق، القادر على الإيذاء المركّز والموجّه، وبما يتيح للمقاومة، كما يرد في التقرير العبري، إصابة مبنى الكريا في تل أبيب (وزارة الأمن وأركان الجيش).
ما تقدّم يعني أن العدو الذي سعى طويلاً للحؤول دون امتلاك المقاومة للصواريخ الدقيقة، بات معنياً الآن بمنع مراكمة إضافية عددية لهذه الصواريخ، مع سعي للحؤول دون استخدامها الفعلي. وهو تطوّر من شأنه تخفيف مستوى دافعية «إسرائيل» للاعتداء، وإن كان لا يلغيه. فخيارات «إسرائيل» الواقعية والهادفة إلى منع حزب الله من امتلاك «الدقة» شيء، وخياراتها في منع استخدامه لهذه الصواريخ التي باتت موجودة، شيء آخر. بل إن واحداً من محددات معظم الخيارات المتاحة، بداهة، أن تسعى «إسرائيل» إلى مواجهة هذه الصواريخ عبر امتناعها عن فعل ما يتسبب في دفع حزب الله لاستخدامها ضدها، الأمر الذي يؤدي بالتبعية إلى مواصلة انكفائها عن شن الاعتداءات المباشرة في الساحة اللبنانية.
وكان السؤال ليكون منطقياً أكثر، إزاء المواجهة واحتمالاتها، في الفترة التي سبقت امتلاك حزب الله الصواريخ الدقيقة، إذ إنّ ما بعدها مغاير لما قبلها. في التفصيل، يشار الى أن تحمّل «إسرائيل» تكلفة المواجهة المحتملة كنتيجة معقولة ومقدّرة لمحاولة منع حزب الله من امتلاك «الدقة»، أكثر منطقية وأكثر ترجيحاً من تحمل تكلفة حرب عوائدها وفوائدها تقتصر على تحييد مؤقت وجزئي لهذا السلاح. يعني ذلك أن «إسرائيل» باتت الآن معنية أكثر من السابق ــــ نتيجة نجاح حزب الله في تدعيم جهوزيته ومستويات ردوده بالسلاح الدقيق ــــ بتحييد المواجهة ومنع مسبباتها. إذ لا يعقل أن تتسبب في تفعيل سلاح ما ضدها، في سياق مساعيها التي باتت مركّزة أكثر على منع تفعيله. وهو ما ينطبق بشكل كبير جداً على السلاح الدقيق في لبنان.
قد يناقش البعض في أن هذا التغيير، أي الصواريخ الدقيقة، من شأنه دفع العدوّ الى فعل ما كان يهدد به، وإن أدى ذلك إلى مواجهة بين الجانبين، فهذه ترجمة فعلية لتهديداته. والإقرار بعد إنكار، مقدمة للاعتداء الإسرائيلي المقبل على هذه الأسلحة، عبر تهيئة الرأي العام الداخلي والخارجي لتلقّي تبعاتها.
بالطبع، هذه المجادلة لا تخلو من وجه صحة. فالعدو غير مأمون الجانب، وهو يتحيّن الفرصة لتوجيه اعتداءات حتى في الساحة اللبنانية، وخاصة إن كان هدف الاعتداءات تحييد تهديد استراتيجي على شاكلة وبمستوى السلاح الصاروخي الدقيق لدى حزب الله. لكن في المقابل، العوامل التي من شأنها منع تنفيذ الاعتداءات، أقلّه تلك المباشرة التي تستدعي في أعقابها ردوداً مقابلة وتبادل ضربات، ومن ثم مواجهة واسعة، أكثر ثقلاً وتأثيراً على طاولة القرار في تل أبيب، من العوامل الدافعة لشن الاعتداءات، وإن كانت تلك العوامل الدافعة للاعتداء حاضرة دائمة كما هي حالها منذ سنوات، ومدار تقدير وإعادة تقدير على مدار الساعة.
يضاف إلى هذه المجادلة أيضاً، عامل التأثير في القرار الإسرائيلي المرتبط بالانتخابات المبكرة المقرر إجراؤها في آذار المقبل، وخاصة أن نتنياهو، صاحب القرار السياسي في تل أبيب، مأزوم جداً في معسكره اليميني حيث التنافس على أشده على قيادة هذا المعسكر، ما يعني أنه يحتاج الى رافعة تأثير على الجمهور اليميني للالتفاف حوله في الانتخابات، وهو ما يتساوق مع أفعال عدائية وإنجازات عسكرية، من بينها «إنجاز» تحييد صواريخ حزب الله الدقيقة، وإن كان ذلك عبر اعتداءات عسكرية مباشرة.
في الشأن الانتخابي بوصفه عاملاً دافعاً لتحسين موقف نتنياهو انتخابياً، الحديث مكرر جداً وبات عادة متّبعة تلقائية لدى البعض عشية الاستحقاقات الانتخابية في الكيان. وهذه المجادلة بلا دعائم منطقية، إذ لا يعقل لنتنياهو وغيره، إن سُمح له في الأساس بتفعيل خيارات متطرفة في لبنان بناءً على مصالح شخصية، أن يدعم موقفه الانتخابي عبر مواجهة تؤذي «إسرائيل» والإسرائيليين، وإن كانت تؤذي في المقابل الجانب الثاني أكثر. كان ليكون الدافع معقولاً أكثر في ساحات أخرى، حيث يمكن للإنجاز العسكري إن حصل بلا تبعات وردود فعل مقابلة، ومن دون مخاطرة في الانجرار إلى مواجهة واسعة، وهو واقع منتفٍ تماماً في الحالة اللبنانية. ما يمنع «إسرائيل» من «المعالجة العسكرية» للتهديدات التي تصفها بالاستراتيجية في لبنان، يمنعها وبشكل أكثر تأكيداً، إن كان الهدف منها تحسين الموقف الانتخابي لهذا السياسي أو ذاك، وإن كان رئيساً للحكومة.
الواضح أن «إسرائيل» خسرت، باعترافها، معركة منع حزب الله من امتلاك السلاح الدقيق، الذي كانت وما زالت تؤكد أنه يمثل تهديداً استراتيجياً «لا يمكن تحمّله والتعايش معه». إلا أن التهديد في المقابل منعة للبنان، وخاصة أنه يتكاتف مع عوامل المنعة الموجودة التي دفعت العدو إلى تقييد هامش مناورته العدائية قبالة الساحة اللبنانية وحيّدت بالنتيجة رافعة الضغط العسكرية الموجودة لديها، لفرض إرادتها وأطماعها على لبنان.
إلا أن النجاح في معركة الدقة لا يلغي الحرب الدائرة بين الجانبين على تعاظم القدرة العسكرية لدى حزب الله، التي تهدف إلى إشباع الموقف الدفاعي في وجه العدو، المعني في المقابل بأن يسعى لمنع هذا التعاظم.
تحديد سعر الصرف: ما هي الأهداف السياسيّة ــــ الاجتماعيّة للدولة؟
التعامل بـ«المفرّق» مع العناوين الاقتصادية في لبنان لا يؤدّي سوى إلى المزيد من الفشل. فالبحث في الملفات يجب أن يتمّ ضمن سلّة مُتكاملة، ومن ضمنها يأتي سعر الصرف. الحديث عنه يتمّ بشكل عشوائي، كما لو أنّ الاختيار بين سعر صرف ثابت أو عائم أو مزدوج، عملية حسابية سهلة. في حين أنّ الموضوع يرتبط بالخطة الاقتصادية للدولة، وأي نظام تُريد أن تبني للمواطنين والسكّان. من جهته، أطلق مصرف لبنان معركته لإرساء نظام صرف يحمي مصالح «حكّام السوق» (تقرير ليا القزي).
انطلاق النقاش في لبنان حول سعر صرف الليرة المنوي اعتماده، بشكل مُنفصل عن بناء أساسات الاقتصاد الحقيقي، أشبه بتنصيب ملك على أرضٍ قاحلة. فسعر الصرف هو «جزء من السياستين الاقتصادية والنقدية للدولة»، يقول الوزير السابق، والنائب السابق لحاكم المصرف المركزي، ناصر السعيدي. ليست الرؤية الاقتصادية للدولة وحدها المُغيّبة عن هذا النقاش، بل مُستقبل الطبقات الشعبية، وخطة التنمية الداخلية، وتحسين مستوى معيشة السكان.
في 8 كانون الثاني، أعلن الحاكم رياض سلامة انتهاء عصر تثبيت سعر صرف الليرة، مُتحدّثاً عن «تعويم العملة»، لكنّه رهن ذلك بالاتفاق المستقبلي مع صندوق النقد الدولي. لم يحمل كلام حاكم المصرف المركزي أي جديد، بعدما سقط تثبيت سعر الصرف منذ صيف الـ 2019، وقبل أشهر من اندلاع انتفاضة تشرين الأول من العام نفسه، وبما أنّه يُكّرر دائماً إمكانية تكرار تجربة مصر التي حرّرت عملتها بعد اتفاقها مع صندوق النقد. كما أنّها لم تكن المرّة الأولى التي «يعترف» فيها مسؤول رسمي بأنّ واحداً من أُسس النظام السابق قد انهار. ففي أيار 2020، صرّح وزير المالية غازي وزني لوكالة «أ ف ب» بأنّ لبنان «مُستعد لتلبية طلب صندوق النقد الدولي بتعويم سعر صرف الليرة، لكن بعد تلقّيه الدعم الخارجي، على أن يُعتمد في المرحلة المُقبلة سعر صرف مرن». إلا أنّ تصريح سلامة يأتي ليجزم بأنّ لبنان يتّجه نحو سعر صرف عائم يُحدّده «العرض والطلب» في السوق، من دون أي تدخل للمصرف المركزي، وفي أنّه «يدفن» ما ورد في خطة الإصلاح المالي لحكومة الرئيس حسّان دياب، عن أن «الحكومة تعتزم الانتقال إلى سعر صرف مرن مضبوط سيبلغ 4297 ليرة مقابل الدولار في 2024».
يرى أحد الاقتصاديين أنّ كلام سلامة هو عبور من إنكار تداعيات الأزمة «إلى مرحلة الإقرار الذي يفرض أن يبدأ معه البحث بالخطوات الواجب اتخاذها لمواجهة الأزمة». وبتحديد سعر الصرف العائم، يكون الحاكم «قد رفع سقف التفاوض عبر تغليب خيار مُتطرّف، يحمي مصالح الفئات التي يُمثّلها، والتي تستفيد من كفّ يد الدولة نهائياً وترك السوق يُحدّد السعر، ما سيكون له انعكاسات قاسية على الجزء الأكبر من الفئات الاجتماعية». المعضلة الأساسية في هذه الحالة أنّ سعر الصرف «ليس طرحاً تقنياً بحتاً. كلّ نظام يتبنّى سعر الصرف الذي يخدم أهدافه، وبالتالي لا يُمكن فصله عن الأهداف السياسية ــــ الاجتماعية للدولة».
ما هو هدف الدولة اللبنانية؟ إذا كان «تعزيز الصادرات للحصول على الدولارات، يكون أفضل نظام صرف هو العائم، لأنّه كلّما انخفض السعر ارتفعت كمية الصادرات». أما في حال كان الهدف الحفاظ على قدرات الناس الاستهلاكية فـ«يُعتمد سعر صرف ثابت». فيما يتم اللجوء إلى «سعر صرف عائم مضبوط، إذا كان الهدف التوفيق بين زيادة الصادرات وتعزيز التنمية الداخلية». يبقى القاسم المشترك بين مختلف أشكال سعر الصرف، أنّه قرار «تتخذه الحكومة وليس المصرف المركزي».
قبل تثبيت سعر الصرف عام 1997، كان لبنان يعتمد سعر صرف مرن «يتبدّل حسب العرض والطلب، وكان أفضل الأنظمة لبلد عرضة دائماً لعوامل سياسية وأمنية واقتصادية ويعيش في حالة عدم يقين»، بحسب ناصر السعيدي. انطلاقاً من هنا، يرى الخبير النقدي أنّ «الأفضل للبنان هو سعر صرف مرن، بدون ضوابط»، إلا أنّ هذا الخيار مشروطٌ «أولاً بإصلاح السياسات الاقتصادية والنقدية والمالية». يشرح السعيدي أنّه «يجب إعادة هيكلة الدين العام وديون مصرف لبنان، وتخفيض حجمها، وتخفيض العجز السنوي في الموازنة العامة بطريقة مستدامة، أي تأمين إيرادات إضافية للدولة وعصر النفقات. أما بالنسبة إلى مصرف لبنان، فيجب أن يتوقف عن تمويل الدولة (علماً بأنّه في دراسة أعدّها الخبير الاقتصادي توفيق كسبار، تبيّن أن الدولة هي من أقرضت مصرف لبنان 17.5 مليار دولار بين 2009 و2019، مقابل إقراض «المركزي» الدولة 13 مليار دولار ــــ سُدّدت جميعها، ولكن بالليرة اللبنانية ــــ، لتكون النتيجة إقراضاً صافياً من الحكومة للمصرف يُساوي 4.5 مليارات دولار) ويُنهي عمليات الدعم على أنواعها، بما فيها القروض المُيسّرة، فتقتصر وظيفة مصرف لبنان على الاستقرار النقدي والقطاع المصرفي».
سعر الصرف العائم يعني تكتيف الدولة يديها وترك اللعبة بين أيدي الأقوى في السوق، وللمفارقة أنّ جزءاً أساسياً من أزمات لبنان ناجم عن غياب «الدولة» وعدم ممارستها لواجباتها، وليس العكس، في مقابل إطلاق يد الأوليغارشية المحلية لتنهب الثروة العامة وتُراكم أرباحاً لها على حساب الأجيال الحالية والمقبلة. بالنسبة إلى الوزير السابق منصور بطيش، اعتماد سعر صرف ثابت «كان الخطأ الكبير. فسعر الصرف هو قوّة العملة بالنسبة إلى بقية العملات». قانون النقد والتسليف يذكر «استقرار النقد، والاستقرار يتطلب مرونة وليس تثبيتاً جامداً لا يواكب المعطيات النقدية والاقتصادية والاجتماعية». سنة 1997، «ارتُكبت أكبر جريمة بحقّ الوطن بتثبيت سعر الصرف عبر استخدام النموذج السعودي، من دون الأخذ بعين الاعتبار بأنّ الرياض قادرة على تثبيت الريال وربطه بالدولار بسبب وجود إيرادات ناتجة من تجارة النفط، ولدى السعودية فائض يُمكنها من تحمّل كلفة التثبيت». أما في لبنان، فقد أتى «السعر الثابت على حساب استقرار سعر الصرف، وعلى حساب مالية الدولة التي عاشت على الدين خدمة للمُقرضين وكبار المودعين، ثمّ على حساب السياسة النقدية وقد ظهر ذلك في الفجوة داخل حسابات مصرف لبنان». لذلك، يعتبر أنّ الحلّ الأمثل هو «اعتماد سعر صرف مرن ضمن ضوابط». لا يُمانع السعيدي هذا الخيار، «شرط أن يكون الهامش واسعاً، يعني 10% بالحدّ الأدنى و10% بالحدّ الأقصى، فلا يتدخل المصرف المركزي إلا في حال حصول أزمة». ولكن ما بعد اعتماد سعر الصرف، يأتي توفير الأدوات اللازمة للحفاظ عليه، وإلا ستبقى أنظمة السعر المُتعدّدة تتحكّم بالسوق. مثلاً في حال اعتماد سعر صرف مرن ضمن ضوابط، يجب تأمين احتياطات بالعملة الأجنبية لدى «المركزي»، تُخوّله التدخل في حال تخطّى سعر الصرف الهوامش المُحدّدة له. يقول بطيش إنّ «توحيد الأسعار المتعددة مسألة حيوية، لأنّها تُشكّل ضرراً كبيراً على الاقتصاد والمجتمع. لذلك من الواجب تحفيز الإنتاج وقطاع التكنولوجيا، ووضع آلية لنظام ضرائبي وقانون المنافسة، والمزاوجة بين النفقات والإيرادات… حين يتم وضع كل هذه الأمور بخطة متكاملة، نُوفّر الثقة للناس ويُصبح تأمين التمويل أسهل».
المشكلة في «تحرير» سعر الصرف، هي في ارتداداته السلبية على الناس. كيف يتم حمايتهم؟ يُجيب السعيدي بأنّه «عن طريق اقتصاد فعّال ومُنتج، لا ريعي. عشنا في السنوات السابقة في ظل اقتصاد ريعي، موّل الإنفاق الجاري والاستهلاك من دون الاستثمار في البنى التحتية والخدمات والقطاعات المُنتجة». ويُضيف بطيش بأنّه «قبل تحرير سعر الصرف يجب وضع نظام حماية اجتماعية».
في بداية الـ 2020، كان المسؤولون النقديون والماليون في البلد يُقرّون في مجالسهم باستحالة الخروج من الأزمة قبل 5 سنوات على الأقل، لذلك يجب إيجاد علاجات «مؤقتة» إلى حين بناء «أساسات الاقتصاد الحقيقي». سعر الصرف شكّل أحد المواضيع التي وُضعت على الطاولة، من خلفية أنّه «مرتبط بقوة الاقتصاد، ولتكون الليرة قوية يجب بناء اقتصاد فعّال». 16 شهراً مرّت على انفجار الفقاعة، ولا تزال المواضيع المُهمة تُبحث على طريقة اختيار أرقام شبكة «لوتو» عشوائياً.
أنواع أسعار الصرف
سعر الصرف هو القيمة لعملة بلد مقابل عملة دولة أخرى، مثلاً، سعر صرف اليورو مقابل الدولار. يلعب أهمية كبرى، فهو يُساعد على تحديد قوة النظام الاقتصادي لدولة ما، وفي عمليات الاستيراد والتصدير. يوجد أنواع مُتعدّدة لأسعار الصرف:
ــــ العائم الحر: يرتفع وينخفض بحسب المتغيرات في السوق.
ــــ العائم المُدار: تتدخل الدولة، عبر مصرفها المركزي، لتوجيه سعر الصرف حين يتخطّى الحدّ الأدنى أو الأقصى الذي تمّ تحديده.
ــــ الثابت الجامد: ربط دولة عملتها بعملة أجنبية (غالباً ما تكون الدولار) بسعر ثابت لا يتبدّل.
ــــ الثابت المُتحرك: تُقرّر الدولة تثبيت سعر صرف عملتها تجاه عملة أجنبية، ولكن هذا السعر الثابت يتبدّل تبعاً للتطورات الاقتصادية والاجتماعية داخلها.
ــــ سعر الصرف المُزدوج: تعتمد الدولة سعراً خاصاً بالمعاملات الخارجية وسعراً خاصاً بالمعاملات داخل البلد.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
اللواء
«التأليف» يدخل على خط الكورونا: 3 أسابيع حاسمة!
الحريري عاد إلى بيروت.. وبري يتحرك والراعي يدعو عون للمبادرة
المعركة المفتوحة لمجابهة هجمة الكورونا وتفشي الوباء في المجتمع اللبناني ماضية، ومفتوحة على تمديد جديد، يستمر حتى نهاية الشهر الحالي، أو إلى الأسبوع الأوّل من شباط المقبل، في ضوء اجتماعات اللجان المختصة، والموزعة بين العلمية (وزارة الصحة) والصحية (السراي الكبير) والوزارية وصولاً، إلى المجلس الأعلى للدفاع، والتي تبدأ اليوم، متزامنة مع استئناف الجهود السياسية لإعادة وصل ما انقطع بين الرئيسين ميشال عون وسعد الحريري، الذي عاد مساء أمس إلى بيروت، آتيا من ابوظبي، مستجيباً لاتصالات جرت معه، في ضوء دعوة الكاردينال الماروني البطريرك مار بشارة بطرس الراعي للرئيس عون لأخذ المبادرة والاتصال بالرئيس المكف، بعد «شريط الاهانة»، لإعادة احتواء الموقف، والعودة إلى آلية تأليف الحكومة.
وعلمت «اللواء» ان خطوط الاتصالات ستنشط، مع بداية هذا الأسبوع، على مستويات ثلاثة: 1 – رئاسة مجلس النواب، بعدما لمس الرئيس نبيه برّي إمكانية للدخول على خط حلحلة النقاط المستعصية. 2 – نائب رئيس المجلس ايلي الفرزلي، الذي يتولى الوساطة مع التيار الوطني الحر، ومع بعبدا أيضاً، المدير العام للأمن العام اللواء عباس إبراهيم، الذي يتولى التواصل مع الرئيس الحريري وبعبدا.
عودة الحريري انتظار الاتصال
سياسياً، عاد الرئيس المكلف سعد الحريري مساء أمس إلى بيروت آتيا من ابوظبي.
وتوقعت مصادر سياسية ان تعيد دعوة البطريرك الماروني بشارة الراعي لرئيس الجمهورية ميشال عون للمبادرة والاتصال بالرئيس المكلف سعد الحريري لإنهاء القطيعة بينهما، الحرارة ولو ببطء لعملية تشكيل الحكومة الجديدة باعتبار ان توجيه هذه الدعوة من سيد بكركي لرئيس الجمهورية تحديدا تحمل في طياتها اكثر من معنى ويجب أخذها بعين الاعتبار. وتضيف المصادر ان البطريرك يعتبر رئيس الجمهورية بحكم موقعه مسؤولاً عن ازالة الموانع والأسباب التي تعيق انطلاق تشكيل الحكومة وان لم يذكر ذلك بالتحديد او لتسببه بالكلام المسيء للحريري. ولذلك عليه ان يبادر شخصيا لتجاوز ما حصل لانه لا يجوز بقاء الأمور على حال الجمود الحاصل وتمترس كل طرف بمواقفه في الوقت الذي تتدهور الاوضاع نحو الأسوأ وتزداد معاناة الناس اقتصاديا ومعيشيا بشكل لا يطاق بالتزامن مع عجز الدولة ككل في ادارة الأزمة المترتبة عن تفشي وباء كورونا وبداية انهيار النظام الصحي في لبنان عموما. واشارت المصادر ان دعوة البطريرك الراعي للرئيس عون قد تتطلب كذلك اتصالات ومشاورات لوضعها موضع التنفيذ، لاسيما التمهيد لازالة تداعيات الفيديو المسيء للرئيس المكلف من قبل رئيس الجمهورية وهذا الامر قد يقف حائلا دون معاودة اللقاءات بينهما الا اذا نجح الوسطاء الذين يتحركون بعيدا من الاعلام بين بعبدا وبيت الوسط بايعاز من البطريرك او غيره، في التوصل الى صيغة اعتذار مقبولة لتجاوز الاساءة التي تسبب بها الفيديو المسيء للحريري وهذا يتطلب بعض الوقت. وختمت المصادر السياسية ان كلام البطريرك سيكون له وقع خاص بعد ان دعا رئيس الجمهورية للمبادرة من موقعه ولذلك لا يمكن تجاهل هذه الدعوة، وتوقعت ان تشهد الاتصالات حرارة لتجاوز الجمود السياسي مع عودة الرئيس الحريري المرتقبة خلال الساعات المقبلة الى بيروت.
وقد اوضح الراعي في عظة امس بعض تفاصيل مساعيه بين الرئيسين فقال: سعيت شخصيا بحكم المسؤولية الى تحريك تأليف الحكومة من أجل مصلحة لبنان وكل اللبنانيين. فلقي كثيرون في هذه المساعي بارقة أمل. وكون الدستور يحدد بوضوح دور كل من رئيس الجمهورية والرئيس المكلف، تمنيت عليهما أن يعقدا لقاء مصالحة شخصية تعيد الثقة بينهما، فيباشرا بغربلة الاسماء المطروحة واستكشاف أسماء جديدة وجديرة، واضعين نصب أعينهما فقط المصلحة العامة وخلاص لبنان، ومتجاوزين المصالح الآنية والمستقبلية، الشخصية والفئوية.
وفي هذه الحالة نتمنى على فخامة رئيس الجمهورية اخذ المبادرة بدعوة دولة الرئيس المكلف الى عقد هذا اللقاء. فالوقت لا يرحم، وحالة البلاد والشعب المأساوية لا تبرر على الاطلاق أي تأخير في تشكيل الحكومة.
عملياً، تخطت اصابات كورونا، في أقل من سنة ربع مليون إصابة مثبتة بوباء فايروس كورونا، في وقت مضت «الاجراءات المتأخرة» في طريقها، الذي تظهر معالمه وتختفي، وفقا لمقتضيات العفوية، والأمور الطارئة، خارج خطة واضحة المعالم، وبروتوكولات تطبيقية إدارية وعلاجية، قادرة على الحد من تدهور الوضع الصحي للبنانيين، مع المفاجآت اليومية، التي تظهر تباعاً، سواء في ما خصت أرقام المصابين المؤلفة، أو «يوم الحشر» في المستشفيات الخاصة والعمومية.
والارباكات المالية، في ما خص حقوق أصحاب المستشفيات، أو توفير السيولة بالعملة الصعبة لشراء الآلات والتجهيزات الطبية، والتي تحتاج إلى قرار أو قرارات من حاكم مصرف لبنان رياض سلامة، المتوقعة عودته اليوم إلى بيروت.
فهم من مصادر مطلعة أن تقييم الأقفال العام ينطلق من منتصف الأسبوع المقبل وعندها يدرس القرار المقبل أي التمديد أو الفتح التدريجي. وأشارت المصادر عبر «اللواء» إلى أن موضوع القدرة الاستيعابية للمستشفيات هو ما يؤرق المعنيين فضلا عن موضوع آلات التنفس ومعالجة حاجات المستشفيات وهو ما يفترض أن يبحث مع حاكم مصرف لبنان في اقرب وقت ممكن.
ولفتت المصادر إلى أن متابعة موضوع اللقاحات بعد توقيع العقود يستحوذ الاهتمام.
وشدّدت المصادر إن عدم الاستمرار في ضبط الالتزام يؤدي إلى تفلت الوضع ولذلك يتوقع أن تقوم الأجهزة المعنية بمواصلة التشدد وتحرير محاضر الضبط.
وفي مواجهة تفشي الالتفاف المجتمعي على مستلزمات قرار الطوارئ الصحية، ردّت قوى الأمن الداخلي بالتلويح بالاجراءات كتنظيم محاضر بحق المخالفين، وختم المؤسسات بالشمع الأحمر.
ورأى الأمين العام لمجلس الدفاع الأعلى اللواء محمود الأسمر، ان تقارير غرفة العمليات ان الاغلاق الكامل جدّي، ببقاء المواطنين بمنازلهم، بسبب ارتفاع الإصابات والوفيات، وهذا كان له تأثير إيجابي على بقاء النّاس في المنازل، مؤكداً ان الالتزام 90٪.
وتوقع اجتماع لجنة كورونا قريباً، وان اللجنة الصحية الوزارية هي التي تأخذ القرار لجهة رفع تدابير استمرار الاغلاق لمدة جديدة.
وحسب الدكتور محمّد حيدر مستشار وزير الصحة، فإن اللجنة العلمية تجتمع اليوم، وإذا بقيت الأرقام مرتفعة 5 آلاف أو أكثر، فإن التوجه، سيكون تمديد الاقفال.
وستخفض اللجنة تصنيف المستشفيات التي لا تستقبل مرضى الكورونا، من دون اعذار، متهماً بعض المستشفيات بتجاوب بسيط.
وفي إجراءات المواجهة، وقع وزير الصحة في حكومة تصريف الأعمال حمد حسن الاتفاق النهائي مع شركة الفاريزر (alfezer)، لاستيراد اللقاح..
وميدانياً، تمّ تفكيك المستشفى الميداني، الذي قدمته قطر للبنان، ونقله من قضاء صور الىبيروت، حيث يوضع في مستشفى رفيق الحريري، ويتولى طاقم طبي من جامعة البلمند تشغيله.
252812 إصابة
صحياً، انخفض عدد الإصابات بالفايروس، عن السبت الماضي إلى ثلاثة آلاف وستماية وأربع وخمسين (3654 إصابة) العدد التراكمي حسب تقرير وزاة الصحة، وإلى 252812 إصابة مثبتة مخبرياً منذ 21 شباط الماضي.
الطقس
في ما خص الأحوال الجوية، سجل أمس المنخفض اليومي تطوراً نوعياً في تساقط المطر، وانخفاض درجات الحرارة إلى ما يقرب 14 درجة على السواحل من طرابلس إلى بيروت.
وعليه، توقعت دائرة التقديرات في مصلحة الارصاد الجوية أن يكون طقس اليوم (الإثنين) غائما جزئيا الى غائم أحيانا مع انخفاض إضافي وبسيط بدرجات الحرارة وضباب على المرتفعات ورياح ناشطة، تتساقط أمطار متفرقة خلال النهار، يتحول مساء الى غائم وتشتد غزارة الأمطار وتكون مترافقة بعواصف رعدية ورياح شديدة تصل سرعتها الى 60 كلم/س بخاصة في المناطق الشمالية يرتفع معها موج البحر الى ثلاثة أمتار وتتساقط الثلوج على ارتفاع 1300 متر وما دون ذلك شمال البلاد، نحذر من تشكل السيول، وتساقط حبات البرد، انجراف التربة وتطاير اللوحات الاعلانية على الطرقات.
أحوال المناطق
وفي هذا الإطار، أفادت مراسلة «اللواء» في صيدا ثريا حسن زعيتر بأنّ العاصفة التي تسيطر على لبنان والساحل الجنوبي أدت إلى توقف حركتي الصيد والملاحة البحرية في ميناء صيدا، بسبب الانواء وارتفاع الموج، فيما تساقطت الامطار بغزارة ما أدى الى تشكل السيول على جوانب الطرق وسط تدن ملحوظ في درجات الحرارة، وخلت الشوارع بفعل قانون التعبئة العامة وأحوال الطقس.
عكار
كما غطت الثلوج المرتفعات الجبلية في محافظة عكار على ارتفاع 1800 متر وما فوق، وسط انخفاض ملحوظ ومتسارع في درجات الحرارة المتوقع أن تنخفض أكثر مع ساعات الليل واحتمال تساقط الثلوج على ارتفاع 1200 متر وما فوق. ونبه رئيس مركز جرف الثلوج في منطقة جرد القيطع خالد ديب، السائقين الى «مخاطر القيادة ليلا على هذه الطرق الجبلية التي باتت بحكم المقطوعة، وإلى إمكان تشكل الجليد ليلا ومع ساعات الصباح»، موضحا أن «طريقين باتا بحكم المقطوعين بسبب الثلوج هما طريق وطى مشمش – مرجحين – الهرمل وطريق القموعة – الشنبوق – بيت جعفر – القبيات».
وتشهد محافظة عكار منذ مساء أمس عاصفة وأمطارا تسببت بأضرار في البيوت الزراعية المحمية في عدد من القرى والبلدات الساحلية وبخسائر في المنتجات الزراعية، بالإضافة إلى ارتفاع منسوب مياه النهر الكبير وأنهر الأسطوان وعرقة والبارد. (راجع ص 4).