أعادت معركة سيف القدس ربط الحبل السري بين فلسطينيي الداخل المحتل وقطاع غزة، فخلال المعركة التي اندلعت في أيار 2021، شهدت مدن الداخل المحتل ذات الأغلبية العربية، تظاهرات واحتجاجات تضامناً مع القطاع مساندةً لحيّ الشيخ جراح، تطورت إلى اشتباكات بين سكان مدينتي اللد والرملة وأمّ الفحم، وقوات الاحتلال، التي أقدمت على قمعهم بالقوة، ما تسبب بسقوط عدد من الشهداء؛ واليوم، تحاول فصائل العمل الوطني في القطاع، بالشراكة مع مكونات المجتمع والعشائر، البناء على ذلك التطور، الذي عملت إسرائيل على تبديده منذ احتلال فلسطين عام 1948، إذ أعلن يوم أمس السبت، تشكيل الهيئة الوطنية لدعم وإسناد فلسطينيي الداخل المحتل.
من على أرض مخيم ملكة شرق مدينة غزة، أعلنت فصائل العمل الوطني، بالشراكة مع عدد من المؤسسات الأهلية واللجان الشعبية والعشائرية، انطلاق الهيئة الوطنية لدعم وإسناد «شعبنا الفلسطيني في الداخل المحتل»؛ وقال محسن أبو رمضان وهو رئيس الهيئة، إن التشكيل الجديد في هذا التوقيت المهم «يعكس إجماع الكل الوطني والمساهمة الفاعلة لغزّة في تفعيل الهوية الوطنية الجامعة».
الهيئة التي انطلقت من فكرة «توحيد خطاب وفعاليات الأرض والهوية دون الالتفات إلى التقسيمات الجغرافية والسياسية التي يحاول الاحتلال تعزيزها» ستطلق باكورة فعالياتها بالتزامن مع ذكرى يوم الأرض الذي يوافق 30 آذار من كل عام.
وستعمل الهيئة على الحدّ من سياسة الاحتلال بالاستفراد بمكونات الشعب الفلسطيني وفقاً لوجوده الجغرافي. بدوره، أكد خالد البطش وهو رئيس الهيئة الوطنية لمسيرات العودة وكسر الحصار أن «معركة سيف القدس وحّدت شعبنا في كل الأراضي المحتلة (…) وسنكون أوفياء للدماء الفلسطينية التي سالت دفاعاً عن الأرض والثوابت. ولن نسمح لأحد بالنيل من كرامتنا وهويتنا الوطنية ووحدة شعبنا في الداخل والخارج الركيزة الأساسية في مواجهة مشاريع التصفية».
من جانبه، قال عضو المكتب السياسي للجبهة الديموقراطية، طلال أبو ظريفة، إن تشكيل الهيئة جاء بالتوافق مع لجنة القوى الوطنية والإسلامية بضرورة أن تكون غزة جزءاً من المواجهة الشعبية ضد الاحتلال.
وبيّن أبو ظريفة أن «الهيئة ستكون بمثابة مرجعية لتحديد أشكال النضال والتواصل مع أبناء شعبنا لتوحيد شكل المواجهة. وقد شكلت هذه الهيئة لجنة عمل يومية لتحديد الأنشطة والفعاليات التي توائم أبناء شعبنا في الداخل المحتل، بما فيها توسيع مساحة الاشتباك مع الاحتلال في داخل المدن وعلى الحدود».
الاحتلال يقرّ قانون المواطنة
وتزامن الإعلان عن «الهيئة» مع إعادة حكومة الاحتلال إقرار قانون «المواطنة الإسرائيلي» الذي أقرّ في ذروة انتفاضة الأقصى الثانية عام 2003، ويجري تجديده سنوياً ضمن قانون الطوارئ، وتذرّع الاحتلال حينها بقيام بعض فلسطينيّي الداخل الذين يحملون الهوية الإسرائيلية، بتوفير المساعدة لعدد من منفذي العمليات الاستشهادية التي كانت تضرب مدن العمق الإسرائيلي، وبموجب القانون «لن يُسمح لأي شخص يحمل بطاقة هوية الضفة الغربية أو غزة بالانتقال إلى إسرائيل للانضمام إلى زوجته/ زوجها هناك»، وفي عام 2005، أجرت حكومة الاحتلال تعديلاً على القانون، يسمح بموجبه للنساء فوق سن 25 عاماً وللرجال فوق سن 35 عاماً بالتقدم للحصول على تصاريح مؤقتة للعيش في إسرائيل، مع استمرار عدم منح الجنسية لجميع الحالات إلا لعدد قليل منهم. كما تم توسيع القانون في عام 2007 ليشمل مواطني إيران والعراق وسوريا ولبنان. وفي المقابل، يمكن لغير اليهود الآخرين الذين يتزوجون من يهود إسرائيليين التقدم بطلب للحصول على الجنسية من خلال عملية مدتها خمس سنوات، تخضع لفحوصات أمنية فردية.
وكانت حكومة الاحتلال قد فشلت في تجديد القانون العام الماضي، لكنها نجحت في إقراره أخيراً. بدورها، أدانت الفصائل الفلسطينية إقرار القانون، ورأت فيه «عدوانية تستهدف الوجود والحق الفلسطيني».
كما أدان المجلس التشريعي الفلسطيني في قطاع غزة إقرار قانون المواطنة، ورأى النائب المستشار محمد فرج الغول أن إقرار كنيست الاحتلال لما يسمّى بـ«قانون المواطنة» بمثابة تكريس للعنصرية الإسرائيلية.
وأوضح أن هذا القانون هو امتداد لقانون القومية، ويندرج ضمن سلسلة من القوانين العنصرية التي أقرّها ما يسمّى الكنيست الإسرائيلي؛ والتي تستهدف طمس حقوق الشعب الفلسطيني وترسيخ احتلاله للأراضي الفلسطينية.
عودة للفعاليّات
وكانت الفصائل الفلسطينية قد عقدت اجتماعاً في معسكر ملكة شرق مدينة غزة سبق المؤتمر الصحافي الذي أعلنت فيه تشكيل هيئة دعم فلسطينيّي الداخل، علماً بأن معسكر ملكة كان قد شهد طوال الأعوام الماضية فعاليات «مسيرات العودة وكسر الحصار».
يوسف فارس، الأخبار، الأحد 13 آذار 2022