مع اقتراب موعد اقتراع المواطنين الفلسطينيين في المرحلة الثانية من الانتخابات المحلّية في الضفة الغربية المحتلّة، والتي تتركّز على المدن الكبرى، يصعّد الاحتلال تدخّله في هذا الاستحقاق بشكل فظّ، بهدف ترجيح قوائم حركة «فتح» التي تواجهها أخرى تدعمها حركة «حماس» و«الجبهة الشعبية». وخلال الأيام الأخيرة، شنّت قوات العدو سلسلة اعتقالات ضدّ شخصيات من «حماس» كانت ترشّحت على رأس قوائم تُنافس «فتح»، وذلك بعدما رجّحت معطيات واستطلاعات للرأي حظوظ الأولى، إلى جانب حليفتها «الشعبية». وطالت الاعتقالات، أمس، في مدينة البيرة، كلّاً من إسلام الطويل، رئيس قائمة «البيرة تجمعنا» المحسوب على «حماس»، والأسير المُحرَّر والباحث المختصّ بالشؤون الإسرائيلية عماد أبو عواد، وفي أريحا القيادي في «حماس» شاكر عمارة، والأسير المحرَّر نائل أبو العسل، إلى جانب الشاب عمر أبو جنادي. وبالتوازي مع ذلك، اشتكت «قائمة العزم» التي تُنافس على مجلس بلدية نابلس من عمليات ممنهجة لتمزيق لوحات الدعاية الانتخابية التابعة لها في المدينة، من دون الإشارة إلى أطراف مسؤولة بعينها.
وعلى الرغم من أن موقف «حماس» رافض للانتخابات المحلية في الضفة، في ظلّ تمسّك الحركة بإجراء انتخابات فلسطينية شاملة، إلّا أنها سمحت لعدد من قادتها وعناصرها بالترّشح ضمن قوائم لا تحمل صفة تنظيمية. وينافس ائتلاف الشخصيات المحسوبة على «حماس» و«الشعبية» في عدد من المدن والبلدات الكبرى، بما فيها رام الله ونابلس وجنين وبيت لحم والخليل وطولكرم والبيرة وقلقيلية، بعدما وسّعت الحركتان تحالفهما في المرحلة الثانية من الانتخابات المحلّية، التي تحالفتا جزئياً في مرحلتها الأولى وحقّقتا وقتها نتائج كبيرة، فيما فازتا بنسبة كبيرة في انتخابات نقابة المهندسين في الضفة. وبحسب المعطيات التي نشرتها «لجنة الانتخابات المركزية الفلسطينية»، تتنافس في المرحلة الثانية 259 قائمة انتخابية، منها 81 قائمة حزبية، فيما ثمّة 26 قائمة «تحالفية» بين «حماس» و«الشعبية» ضمن الـ50 هيئة محلية التي تشملها المرحلة الثانية، والتي من بينها 23 ترشّحت في كلّ منها قائمة واحدة ستفوز بالتزكية.
وأدّى تقدّم القوائم التي تدعمها «حماس» في المرحلة الأولى، بالإضافة إلى فوز الحركة وحليفتها في انتخابات «المهندسين»، إلى دقّ ناقوس الخطر لدى سلطات الاحتلال، خاصة أن فوز «حماس» سيعني تصاعد شعبيّتها في الضفة، وتراجُع مكانة السلطة، وتدهور ثقة الجمهور الفلسطيني بقيادتها وقيادة حركة «فتح» نتيجة الفساد الإداري، بالإضافة إلى المواقف السياسية و«التنسيق الأمني». وتجنُّباً لملاحقات العدو، لم تطرح «حماس» أيّ قائمة بصفتها الحزبية، بل قدّمتها على أنها قوائم مستقلّة، أو انخرطت ضمن قوائم عائلية أو «تحالفية» مع مرشّحين مستقلّين أو مع شخصيات وطنية وأكاديمية ومهنية. ومع ذلك، تعرَّض عدد من مرشّحيها لعمليات اعتقال إسرائيلية خلال الفترة الأخيرة، فيما أطلقت «فتح»، بحسب ما تتّهمها به أطراف داخل «حماس»، حملة لترهيب الناخبين من التصويت للشخصيات المحسوبة على الأخيرة تحت طائلة الاعتقال. وفي هذا الإطار، قال الصحافي عماد أبو عواد، قبيل ساعات من اعتقاله: «قمّة العيب والعار أن يقول شخص في دعايته الانتخابية، لا تنتخبوا تلك القائمة لأن رئيسها سوف يُعتقل». وانطلقت، السبت الماضي، الدعاية الانتخابية للمرحلة الثانية من الانتخابات، والتي تستمرّ حتى مساء 24 آذار، على أن يكون يوم الجمعة، الواقع في الـ25 من الشهر ذاته، يوماً للصمت الانتخابي.