اللواء
السلطة الغائبة: إدعاء عون على سلامة وشقيقه بـ«تبييض الأموال» يهز المصارف المراسلة!
البابا لعون: أتابع بأسى وضع لبنان والراعي لتسويق الحياد عربياً.. ومفاوضات الصندوق تراوح
الرئيس ميشال عون في الفاتيكان يلتقي البابا فرنسيس، ويستمع اليه في ما خص لبنان «الحاضر في صلاتي واهتماماتي»، وأنه مطلع بأسى على أوضاع البلد الذي سيزوره قريباً، والبطريرك الماروني الكاردينال مار بطرس بشارة الراعي يزور الإمام الأكبر لجامع الأزهر الشيخ أحمد الطيب، والبحث يتناول العلاقات التاريخية بين الأزهر الشريف والكنيسة الكاثوليكية، امتداداً إلى وثيقة «الأخوة الإنسانية» وصولاً إلى العلاقات اللبنانية – المصرية، ودعم الرئيس عبد الفتاح السيسي للبنان واستقراره والتعايش فيه.
علمت «اللواء» أن مجلس الوزراء الذي ينعقد غدا في السراي الكبير على جدول أعماله يضم ٣٩ بندا أبرزها: عرض وزلرة المالية موضوع الاستقراض بين الجمهورية اللبنانية ومصرف لبنان وعرض وزارة الطاقة والمياه طلب مؤسسة كهرباء لبنان توفر عملة احنبية fresh dollar لتأمين الحد الأدنى من سلامة الأستثمار في قطاعات الإنتاج والنقل والتوزيع في المؤسسة لاسيما للأشهر الأربعة المقبلة ومشروعا مرسومين عن دفتر الشروط الخاص بدورات التراخيص في المياه البحرية اللبنانية، تعيين ممثلين عن الدولة في مجلس إدارة مصرف الإسكان وعرض وزيري الاقتصاد والتجارة والزراعة لموضوع الأمن الغذائي.
صحياً، اعلنت وزارة الصحة العامة عن تسجيل 399 إصابة جديدة بفايروس كورونا، ليرتفع العدد التراكمي للاصابات منذ 21 شباط 2022 الى 1088595 إصابة مثبتة مخبرياً.
الأخبار
الفاتيكان لبكركي: حزب الله لبناني، حاوروه!
المصارف خلف سلامة: الضغط بتجفيف السيولة عن المودعين
ملفات عدة رئيسية كانت على جدول أعمال لقاءات رئيس الجمهورية ميشال عون في الفاتيكان أمس، بعضها بقي بعيداً من الإعلام، وبعضها أعلن عنه ولم يُكشف عن كل ما دار فيه (تقرير وفيق قانصوه).
في لقائه مع البابا فرنسيس، سمع عون تأكيداً على «الحفاظ على الحضور المسيحي في الشرق، وعلى العيش معاً في لبنان». وفي لقائه مع أمين سر الكرسي الرسولي (بمثابة رئيس حكومة الفاتيكان) الكاردينال بيترو بارولين، في حضور أمين سر العلاقات بين الدول (وزير الخارجية) بول ريتشارد غالاغر الذي زار لبنان مطلع شباط الماضي، شدّد عون على «أهمية الدور المسيحي الجامع في المحيط العربي والعالم».
وبحسب معلومات «الأخبار»، فقد جرى بحث معمّق بين رئيس الجمهورية ومسؤولي الفاتيكان في موضوع المسيحيين في الشرق وكيفية تجذرهم فيه، خصوصاً بعد موجة التهجير التي تعرضوا لها في العقدين الماضيين، «وكان الاتفاق بين الطرفين تاماً على أن حماية المسيحيين لا تكون بعزل أنفسهم عن بيئاتهم ومحيطهم، ولا باستجرار التدخلات الخارجية، وإنما بالحوار والتواصل مع هذا المحيط». وهو ما أكّده البابا بقوله إن «لبنان، بجميع أبنائه، المسيحيين والمسلمين، لا يجب أن يتخلى عن قيم الأصالة القائمة على الاحترام». وما ينطبق على لبنان ينسحب بطبيعة الحال على كل مسيحيي الشرق.
وفي سياق دعوة الحوار هذه، أكّدت مصادر «الأخبار» أن موقف الفاتيكان «متقدّم جداً» بضرورة أن يكون هناك حوار عميق مع حزب الله. ورغم الإقرار بأن هناك خلافاً في ما يتعلّق بمسألة السلاح، من منطلق أنه لا ينبغي في أي دولة أن يكون هناك سلاح خارج سلطة هذه الدولة، إلا أن الفاتيكان، خلافاً لمن يصفون الحزب بأنه يمثل ذراعاً إيرانية، «يعتبر أن هذا السلاح هو في أيدي مجموعة لبنانية تشكّل جزءاً من النسيج اللبناني. ولذلك، يجب أن يكون الحوار في هذا الشأن حواراً داخلياً وليس مع قوى خارجية». المصادر نفسها أشارت إلى أن الفاتيكان أبلغ عبر الطرق المعتمدة البطريرك الماروني بشارة الراعي بضرورة «ركلجة» الخطاب في ما يتعلق بالعلاقة مع حزب الله على قاعدة «إعادة التواصل»، وأن «القطيعة أمر غير محبّذ حتى لو كان هناك اختلاف في وجهات النظر».
وفي السياق نفسه، أشار المسؤولون إلى أن الفاتيكان لا يحبّذ كل محاولات الضغط الدولي للخربطة الإقليمية، وهو مع تثبيت الحوار مع إيران كدولة، ومع أخذ مصالح هذه الدول في الاعتبار وطمأنتها ومراعاة وضعيتها واستقرارها.
ملف النازحين السوريين كان أيضاً حاضراً بقوة في لقاءات رئيس الجمهورية الذي شدّد أمام البابا وبارولين على أن «لبنان لا يمكنه تحمل عبء النازحين السوريين وعدم عودتهم إلى بلادهم، لا سيما أن مناطق عدة فيها أصبحت آمنة، وسط سكوت العالم ولامبالاته»، مشيراً إلى «الانعكاسات الاقتصادية والمالية والاجتماعية التي تترتب على استمرار وجودهم في لبنان والخشية من أن يؤدي بقاؤهم إلى تغيير التوازن الديموغرافي للتركيبة اللبنانية». وبحسب المعلومات، سمع عون من المسؤولين في الكرسي الرسولي «مخاوف فاتيكانية من أن هناك ما يشبه القرار الأميركي بعدم تسريع عودة النازحين، لعدم الإيحاء، من جهة، بأن سوريا باتت آمنة بما يسمح بعودة مواطنيها. أما الأخطر فهو أن بعض مسؤولي الفاتيكان أعربوا عن اعتقادهم بأن الأميركيين يرون في بقاء النازحين في لبنان كتلة بشرية توازي الكتلة الشيعية الصاعدة بما يحقّق توازناً في الصراع السني – الشيعي في المنطقة»!
كذلك، عرض عون للأزمة الاقتصادية «نتيجة الإدارات المالية الخاطئة لعقود، وتداعيات النزوح السوري، وشهدنا أخيراً موجة هجرة كثيفة إلى الخارج، طاولت النخب، ما يشكل خطراً على الهوية والتعددية في لبنان ويساهم في إضعاف الوجود المسيحي في الشرق». وبحسب المعلومات، أكد عون أن «المطلوب مساعدتنا لأن الضغط الحالي لن يحقّق الأهداف التي تسعى إليها الإدارة الأميركية، وليس حزب الله من يتأثر بهذا الضغط»، مقترحاً على الفاتيكان، بما له من نفوذ معنوي، العمل على إنشاء صندوق وطني للبنان بالتعاون مع برنامج الأغذية العالمي، لدعم العائلات الفقيرة في مجالات الصحة والغذاء والتعليم بعيداً من صندوق النقد الدولي، وهو سمع ترحيباً بالاقتراح ووعداً بدرسه «باهتمام وإيجابية»، ووضع الآليات التنفيذية له.
المصارف خلف سلامة: الضغط بتجفيف السيولة عن المودعين
ما الذي يحصل على جبهة السياسة النقدية والمصرفية؟ ثمّة رواية تشير إلى أن إضراب المصارف تزامن مع سلوك اضطرابي لصانعي السياسة النقدية، وخصوصاً بعد توقيف رجا سلامة شقيق حاكم مصرف لبنان رياض سلامة، وبعد مؤشرات أخرى عن قرب سقوط «ورقة» الحاكم. ويشير مطلعون إلى الارتفاع غير المبرّر في سعر الصرف السوقي بأكثر من 10% في اليوم الأول من الإضراب، للدلالة على المواجهة المستعرة بين آل سلامة والقضاء، فضلاً عن أن ارتفاع السعر إلى 24200 ليرة يأتي بعد فشل رئيس مجلس الوزراء نجيب ميقاتي في هجومه على القضاء، أو حتى في كبح جماحه نحو الادعاء على الحاكم و«قصّه» من مصرف لبنان، أو حتى فشله في الدفاع عن نفوذ المصارف. فالجلسة الحكومية الأخيرة خصّصها ميقاتي للدفاع عن المصارف «بدليل أننا دُعينا إلى الجلسة يوم السبت، ولم نجتمع سابقاً دفاعاً عن المودعين»، بحسب ما قال وزير العمل مصطفى بيرم لميقاتي. تبريرات رئيس الحكومة كانت جاهزة، إذ إنه شدّد على احترام القضاء، موضحاً أنه تلقى مراسلة أوروبية تشير إلى مخاطر الحجز على أملاك المصارف في لبنان والخارج. عندها ردّ بيرم بالإشارة إلى أن المصارف متعنتة ولا تحترم حقوق الناس، بل تحدّد سقوفاً لسحب الرواتب وتقسيطها، وأشار إلى أنه يحضّر ملفاً يكون له فيه صفة الادعاء الشخصي على المصارف. عندها طلب ميقاتي من وزير المال يوسف خليل أن يتحرّك فوراً لإبلاغ مصرف لبنان عدم وجود سقوف لسحب رواتب الموظفين من المصارف…
ما تلا هذا النقاش هو الآتي: المصارف أصدرت بياناً بأنها ستنفذ إضراباً يومَي الاثنين والثلاثاء، وأمس ذكّرت بأنها مستمرّة في الإضراب لليوم الثاني. وبالتوازي مع ذلك، بدأت السيولة تفقد من آلات الصرافة، رغم أن المصارف لم تعطّل موظفيها بشكل كامل، بل أجبرت بعضهم على العمل في الكواليس باعتبار أن لديها أعمالاً غير منجزة. في الواقع، المصارف تتقصد تجفيف آلات الصرافة من السيولة لأنها تتناغم مع المواجهة التي يخوضها حاكم مصرف لبنان. وربما هي تترقّب نتائج هذه المواجهة لتحجز لنفسها تقدّماً مسبقاً في المواجهة المقبلة التي ستكون معها مباشرة. وهي مواجهة ستبدأ مع العرض الذي سيقدّمه لبنان لفريق صندوق النقد الدولي الأسبوع المقبل، ويتضمن الكثير من «الهيركات» المباشر والواضح والقليل من «الليلَرَة»، خلافاً للعرض الذي فرضه الحاكم سابقاً ويتضمن «ليلَرَة» بقيمة 700 تريليون ليرة وهيركات «مقنّع» على جبهات مختلفة من الودائع والسندات.
في هذه الأثناء، لم تُسطِّر المدعية العامة في جبل لبنان القاضية غادة عون بلاغ بحث وتحرّ بحق حاكم مصرف لبنان الذي لم يحضر جلسة استُدعي إليها في قصر عدل بعبدا، وإنما اكتفت بالادعاء عليه بجرم الإثراء غير المشروع وعلى صديقته آنا كوزاكوفا، وعلى شقيقه رجا بالتدخّل في جرم الإثراء غير المشروع، وأحالت رجا سلامة موقوفاً أمام قاضي التحقيق الأول في جبل لبنان القاضي نقولا منصور. عون أبقت ملف سلامة لديها حتى آخر الدوام، قبل أن تحيله إلى منصور الذي أخذ الملف معه إلى منزله لدراسته تمهيداً لتحديد موعد جلسة لاستجواب الموقوف واتخاذ قراره بشأن إبقائه موقوفاً أو تركه، على أن يكون ذلك اليوم، ولا سيما أنّ القانون يلزمه تحديد موعد جلسة لاستجوابه خلال ٢٤ ساعة من تسلّمه الملف.
بالتزامن مع الادعاء على سلامة، تقدمت مجموعة «رواد العدالة» و«متّحدون» بشكوى ضدّ جميع أعضاء المجلس المركزي ومفوّضي الحكومة في مصرف لبنان بتهمة الموافقة على قرارات المجلس المركزي. وجرى الادعاء جزائياً على كل أعضاء المجلس المركزي ومفوَّضي الحكومة لديه الحاليين والسابقين منذ تولي حاكم مصرف لبنان مهامه، وذلك بجرائم الإهمال الوظيفي والخطأ الجسيم في إدارة مرفق عام وسوء استخدام السلطة وهدر المال العام وتبديده والنيل من مكانة الدولة المالية ومخالفة القوانين والأنظمة المالية والمصرفية والمنصوص عليها جميعاً في قانونَي العقوبات والنقد والتسليف. ورأت المجموعة أنهم «طالما يشاركون الحاكم في قراراته، فإنهم يتحمّلون المسؤولية. وبالتالي، إما أنهم مرتكبون ومشاركون أو مسهّلون وصامتون ليكون فعلهم هذا إما جريمة قصدية أو جريمة غير قصدية من دون أن إعفائهم».
تزداد علامات الاستفهام في أروقة القضاء حول سبب تغييب رئيسة لجنة الرقابة على المصارف مايا دباغ من الاستدعاءات التي تجرى في ملف المصارف، علماً أنها شملت كلاً من حاكم مصرف لبنان وأعضاء المجلس المركزي ورؤساء مجلس إدارة عدد كبير من المصارف. رغم أن القانون رقم 28/67 بتاريخ 9/5/1967 ينص على إنشاء «لجنة مستقلة لدى مصرف لبنان غير خاضعة في ممارسة أعمالها لسلطة المصرف» (المادة 8)، وأناط بها ممارسة «صلاحيات الرقابة الممنوحة لحاكم مصرف لبنان ولمصرف لبنان بموجب قانون النقد والتسليف والصلاحيات المعطاة لها بموجب هذا القانون (القانون رقم 28/67)». كذلك أناط بها «مهمة التحقق من حسن تطبيق النظام المصرفي المنصوص عليه في الباب الثالث من قانون النقد والتسليف على المصارف إفرادياً وفق الأصول المحددة في المادتين 149 و150 من قانون النقد والتسليف». ونصت المادة 9 على وجوب أن «تقوم اللجنة بالتدقيق الدوري على جميع المصارف من دون التقيد، إذا رأت ذلك، بأحكام الفقرتين 1 و2 من المادة 149 من قانون النقد والتسليف». ويبدو واضحاً من خلال تلك المواد الدور الأساس للجنة. علماً أن دباغ كانت من بين الذين ادعت عليهم سابقاً القاضية غادة عون بتهمة حجب المعلومات.
البناء
واشنطن تبدأ مسار عقوبات على بكين… وإيران تعلن دخول المرحلة النهائيّة نحو الاتفاق
الرياض تعلن عجزها عن تلبية طلبات سوق النفط… وأنصار الله: سنواصل الاستهداف
الأزمة المصرفيّة القضائيّة إلى تصاعد… سعر الدولار أيضاً… وانقسام سياسيّ
الإحباط الأميركي من التماسك الروسي الصيني، تحول إلى تخبط سياسي دبلوماسي مع انتقال واشنطن إلى خطوة أولى في مسار العقوبات على الصين، لن ينتج عنه سوى ما توقعه الأميركيون سابقاً في دراساتهم وتقاريرهم التي تقول إن السياسات الأميركية والأوروبية ستدخل في مأزق كبير عندما تواجه حلفاً روسياً صينياً، بقيت واشنطن تنكر وجوده لتعيش في الوهم وتدعو حلفاءها الأوروبيين لمشاركتها هذا الوهم، وهي تسمع اليوم تعليق الصين على دعوتها للمشاركة في فرض العقوبات على روسيا، تفادياً لأن تطالها هذه العقوبات، بكلام منسوب لوزير الخارجية الصيني يقول، إن ما تعرضه واشنطن على بكين، هو ساعدني على خنق صديقك كي أتفرّغ لخنقك لاحقاً.
التأزم الأميركي الصيني يلاقي استمرار المأزق الأميركي الأوروبي في مقاربة ملف الطاقة، وكيفية التعامل مع إمدادات الغاز والنفط من روسيا إلى أوروبا، حيث وقف الإمدادات يضع أوروبا أمام كارثة، ومواصلة الإمدادات يمنح روسيا وضعاً مالياً تصبح معه العقوبات بلا جدوى، وكل المساعي المبذولة لتطويق تداعيات وقف الإمدادات تؤدي الى جوابين، الأول أن الأمر يحتاج الى سنوات إذا كان ممكناً وكانت البدائل واقعية، والثاني أن الكلفة الحاليّة لمجرد البحث بالوقف وما تسببه في سوق الأسعار، والتكلفة الفعلية للبدائل المفترضة، أثقال يصعب على الأسواق تحمل نتائجها، ويصعب على المجتمعات التأقلم معها.
في أوروبا مشهد سياسيّ جديد يرتفع فيه صوت صربيا في احتفالات ذكرى تدمير بلغراد، من قبل حلف الناتو، وتأكيد رفضها بلسان رئيسها لكل دعوات الانضمام إلى حلف الناتو، ومشهد شعبي بدأت طلائعه في إسبانيا حيث انطلقت احتجاجات ينتظر أن تشهد فرنسا وألمانيا مثلها، رفضاً لزيادة أسعار المحروقات.
في سوق الأسعار فشل جديد لواشنطن في تشجيع الرياض على ضخ المزيد من إنتاجها في الأسواق للجم ارتفاع الأسعار، بعدما أصابت صواريخ أنصار الله منشآت أرامكو وأعلنت السعودية عجزها عن الوفاء بمتطلبات سوق الطاقة، بعدما قدّمت واشنطن للرياض المزيد من الأسلحة لمساندتها في حربها ضد اليمن، في طليعتها شبكة صواريخ باتريوت سبق للسعودية أن طلبتها قبل شهور، وتمنعت واشنطن عن تلبية طلبها، وجاء الردّ اليمني بصواريخ آرامكو ليقول إن صفقة مزيد من الدماء اليمنية مقابل مزيد من النفط لن تمرّ، وأعلن أنصار الله عزمهم على مواصلة استهداف المنشآت النفطية السعودية ما لم يتوقف العدوان على اليمن ويفك الحصار عن مطار صنعاء وميناء الحديدة.
بالتوازي في المشهد الإقليميّ كلام لافت لوزير الخارجية الإيرانية حسين أمير عبد اللهيان، حول بلوغ الشوط النهائيّ من مرحلة الذهاب الى توقيع الاتفاق النووي، ما يعني وفقاً لمصادر روسية أن واشنطن وافقت على ما كانت تخشاه تل أبيب لجهة شطب اسم الحرس الثوري من لوائح الإرهاب، وفتح الطريق بالتالي أمام العودة للاتفاق، في محاولة أميركية لتعويض النقص في أسواق النفط بعودة إيران التي تملك القدرة التصاعدية خلال سنتين للانتقال من مليوني برميل يومياً الى أربعة ملايين برميل وصولاً لستة ملايين بعد خمس سنوات.
لبنانياً، المشهد الذاهب نحو الانتخابات يرتبك بتأثيرات العاصفة المصرفية القضائية، وسط مخاوف من تصعيد مصرفي مزدوج، بين المصارف ومصرف لبنان، ينتهي بشح مالي وإقفال مصرفيّ وارتفاع في سعر صرف الدولار، وما يمكن أن ينتج عن كل ذلك من مخاطر انفجار اجتماعي وفوضى في الشارع يُخشى تحولها الى فوضى أمنية ترسم علامات استفهام حول إجراء الانتخابات النيابية، بينما الوسط السياسي والحكومي يدخل مناخ التشنج والتجاذب حول كيفية التعامل مع هذا التعقيد الجديد، فرئيس الحكومة الذي يضغط للتدخل والأخذ على يد القضاء لمنع الملاحقات بحق حاكم مصرف لبنان ورؤساء مجالس إدارة المصارف الكبرى، سبق ورفض دعوات ثنائي حركة أمل وحزب الله لوضع حد للمسار القضائيّ الذي سلكه المحقق العدلي طارق البيطار، رغم تسبب ذلك بتجميد أعمال الحكومة لعدة شهور، ما يجعل فرص تجاوب الثنائي معه صعبة، بينما رئيس الجمهورية والتيار الوطني الحر يتمسكان بعنوان ترك القضاة يقومون بمهامهم في ملفي المرفأ والمصارف.
وبقي ملف النزاع القضائي – المصرفي في صدارة المشهد الداخلي وسط غموض يعتري نتائج المعالجات السياسية والقضائية والمالية لهذه المعركة المتفجّرة، علماً أن مصادر مواكبة للأزمة تؤكد لـ«البناء» أن المشاورات لم تفضِ الى حلول حتى الساعة والاتجاه نحو التصعيد في الأيام المقبلة انطلاقاً من الادعاء الجديد الذي سطرته النائبة العامة الاستئنافية في جبل لبنان القاضية غادة عون، ضد حاكم مصرف لبنان رياض سلامة بجرم الإثراء غير المشروع، ومضيها بالملاحقات القضائية لدفعة جديدة من المصارف، كما تشير أجواء القاضية عون لـ«البناء»، مقابل تمنّع رياض سلامة عن المثول أمام القضاء، وتوجّه قطاع المصارف نحو التصعيد وإعلان جمعية المصارف الاستمرار بالإضراب التحذيريّ اليوم بانتظار كيفية تصرّف مجلس الوزراء في جلسته الأربعاء المقبل، للبناء على الشيء مقتضاه، كما تقول أوساط مصرفية لـ«البناء».
وبعد ادعاء القاضية غادة عون منذ أيام على حاكم مصرف لبنان، وشقيقه رجا سلامة بجرم «الإهمال الوظيفي وهدر المال العام وإساءة الأمانة»، ادعت أمس على «الحاكم» بجرمي الإثراء غير المشروع وتبييض الأموال، وعلى شقيقه والأوكرانية أنا كوزاكوفا وعدد من الشركات، بالتدخل بهذا الجرم، وأحالتهم الى قاضي التّحقيق الأوّل في جبل لبنان نقولا منصور. وسطّرت عون قراراً يقضي بموجبه وضع إشارة منع تصرّف على كافة الممتلكات العقارية العائدة لشقيق حاكم مصرف لبنان رجا سلامة، وذلك حفظاً لحقوق الخزينة العامة الثابت إهدارها بنتيجة التحقيقات الأولية التي أجرتها في الشكوى المقدمة من الدائرة القانونيّة لمجموعة رواد العدالة.
وفي مؤشر على تسعير المعركة القضائية على حاكم مصرف لبنان، أفادت المعلومات أن الدائرة القانونية لـ«روّاد العدالة» و»متّحدون» تقدمت بدعوى جزائية على جميع أعضاء المجلس المركزي لدى مصرف لبنان ومفوَّضي الحكومة لديه الحاليين والسابقين منذ تولي حاكم مصرف لبنان مهامه.
والملاحظ أنه للمرة الأولى يتجرأ القضاء بالادعاء على حاكم مصرف لبنان وتوقيف شقيقه وملاحقة أصحاب مصارف والحجز على ممتلكاتهم وختمها بالشمع الأحمر، ما يُعدّ بحسب مصادر سياسية لـ«البناء» مؤشراً ايجابياً يمكن التأسيس عليه للمستقبل على صعيد مكافحة الفساد وهدر المال العام واستعادة الودائع المصرفية وأموال الدولة واللبنانيين، لكنه مسار طويل ويحتاج الى متابعة وتضامن سياسي وحكومي والتفاف شعبي ووطني حول القاضية عون وتوفير الغطاء السياسيّ لها، كي تستمر بمهامها وواجبها القضائي. وتشير أوساط القاضية عون الى أنها ماضية بملفات الفساد المالي غير عابئة بكل الضجيج السياسي والخلاف الحكومي والضغوط والتهديدات والابتزاز التي يمارسها حاكم مصرف لبنان وجمعية المصارف.
وفي سياق ذلك، كانت لافتة إشارة السياسي السويسري من الحزب الاشتراكي الديمقراطي وعضو في المجلس الوطني، فابيان مولينا، بقوله إن «لبنان بلا فساد ممكن، مع وجود قاضية مثل مدّعي عام جبل لبنان غادة عون، لأن سيادة القانون مثيرة للإعجاب وتستحقّ الدعم الدولي». مضيفاً: «آمل أن تسمح السلطات القضائية اللبنانية للقاضي جان طنوس بالعمل على طلب مساعدة قانونيّة سويسريّة».
وأوضحت مصادر قانونية لـ«البناء» إلى أن «القضية الآن باتت أمام قاضي التحقيق نقولا منصور الذي يفترض أن يحدّد جلسة لاستجواب المدعى عليهم الذين من حقهم أن يتقدّموا بواسطة وكلائهم بمذكرات دفوع شكلية يبت بها قاضي التحقيق، وقراره خاضع للطعن لدى الهيئة الاتهامية، وبعدها في حال تمّ رد الدفوع الشكلية، تباشر التحقيقات من حيث الأساس حيث يقرّر في ختامها قاضي التحقيق الظن بالمدعى عليهم وإحالتهم أمام محكمة الأساس أو منع المحاكمة».
فهل هذا يعني أن القاضية عون لم يعُد لديها الحق بالتدخل في الملف؟
تشير المصادر القانونية الى أن «القضية باتت أمام قاضي التحقيق، ولكن النيابة العامة تقدم مطالعات ولها صلاحية تقديم طلبات»، مشيرة الى أنه «في حال لم يمثُل المدعى عليه أمام قاضي التحقيق، فيستطيع الأخير إصدار مذكرة توقيف غيابية بحقه وإحالتها الى الأجهزة الأمنية لتنفيذها، وفي حال تخلفت عن التنفيذ، سيترتب مسؤوليات قانونية على الممتنعين».
في المقابل لم يحضر حاكم مصرف لبنان أمس، للتحقيق أمام القاضية عون، وفي أول تصريح له بعد توقيف شقيقه والادعاء عليه مرة جديدة، قال سلامة لـ«رويترز» بشأن اتهامه بـ«الإثراء غير المشروع»: «أمرت بإجراء تدقيق لم يكشف بدوره أن الأموال العامة تمثل أي مصدر لثروتي». ولفت الى أن «تقرير المراجعة هذا قُدم إلى السلطات المختصة في لبنان والخارج».
وأفادت مصادر في مصرف لبنان بحسب قناة «أل بي سي» أن «التراجع بالاحتياطي ليس بسبب التدخل بسوق القطع فقط، فالمركزي يتدخل للجم ارتفاع سعر الصرف في السوق السوداء». وأوضحت المصادر أن «لا رقم دقيق لحجم التدخل بالسوق، ولا سياسة نقدية واضحة في لبنان، ومصرف لبنان ليس قادراً على وضع سياسة نقدية بظل الوضع الحالي». وذكرت المصادر للقناة، أن «إمكانات مصرف لبنان للتدخل بسوق القطع محدودة بسبب النزف المستمر بسبب تطلّبات الدولة». وطالبت المصادر الحكومة «بوضع جدول واضح للتمويل والدعم على مدى سنة لإدارات الدولارات بشكل جيد».
في موازاة ذلك، شهدت مصارف لبنان أمس، إضراباً تحذيرياً رفضاً للإجراءات القضائية ضدها، وذكّرت جمعية المصارف في بيان باستمرار المصارف بالإضراب التحذيري اليوم.
إلا أن مصادر مصرفية أشارت الى أن «المصارف ستتابع عملها الأربعاء بشكل طبيعي، الا أنها سوف تكون على جهوزية للتعاطي مع أية توجّهات سلبية تتخذ اتجاهها»، مطالبة بـ«إيضاحات عن المسار القضائي الذي يطال بعض رؤساء المصارف».
وعما يمكن أن يقوم به وزير العدل لاحتواء النزاع بتكليف من مجلس الوزراء في جلسته الأخيرة، أوضح خبراء في القانون لـ«البناء» الى أن «دور وزير العدل محدود في هذا المجال.. إذا لم يتبين أن ثمة مخالفات قضائية فلا يستطيع إحالة القاضي على التفتيش القضائي، إنما الخيار الأفضل أن يعد وزير العدل مسودة مشروع قانون كابيتال كونترول مع وزير المال ويعرضه على مجلس الوزراء».
وعن قدرة النائب العام المالي ومدعي عام التمييز التدخل في الملف، قال الخبراء: «غالبية المنازعات مع المصارف هي أمام القضاء المدني».
وأفادت مصادر مصرفية لـ«البناء» الى أن «المصارف لن تتجه الى الإضراب الشامل كما يُشاع، لأن ذلك يرتب تداعيات على المصارف نفسها وعلى علاقاتها مع المصارف المراسلة في الخارج والشركات العالمية، فضلاً عن الأذى الذي سيلحق بالمودعين من جهة وبالموظفين من جهة ثانية، ما يثير غضب وردّات فعل شعبية ضد المصارف لن تحمد عقباها»، لافتة الى أن «المصارف تريد تنظيم العلاقة مع المودعين ومع القضاء الذي له الحق بالحصول على كافة المعلومات والاستيضاحات واستجواب مَن يشاء ومتى يشاء، لكن ليس بالتعسف باستعمال الحق القانوني وتحميل المصارف مسؤولية كل الخسائر والديون والسياسات الحكومية المتعاقبة وتحويل المصارف الى كبش محرقة وتشويه سمعتها وضرب ما تبقى من ثقة داخلية وخارجية بها». وطمأنت المصادر الى أن «المصارف ستبقى تقوم بالخدمات المصرفية طالما وضع مجلس الوزراء ووزارة العدل يدهما على ملف الملاحقات القضائية ضد المصارف»، كما طمأنت الى أن سعر صرف الدولار في السوق السوداء سيبقى مضبوطاً طالما مستمر مصرف لبنان بالتعميم 161».
لكن مصادر مطلعة تكشف لـ«البناء» عن ضغوط واتصالات يقوم بها كبار المصرفيين مع مراجع وشخصيات سياسية ونيابية لتحشيدها ضد القرارات القضائية والتحذير من مغبة «تطويع» قطاع المصارف بموازاة اتصالات يقوم بها سلامة لإخراج شقيقه رجا من قيد التوقيف، الا أن المصادر تتوقع أن يطول أمد النزال القضائي – المصرفي، كاشفة بأن القاضية عون والفريق السياسي الداعم لها لن يفوّت فرصة تشديد قبضته على الملف وحشر رياض سلامة والضغط عليه بشقيقه عله يُحرَج فيخرج ويقدّم استقالته من منصبه ويتم تعيين مكانه، أو يمثل أمام التحقيق ويدلي بما لديه من معلومات ما يساهم في كشف الكثير من الحقائق التي تتعلق بعمليات تبييض أموال وإثراء غير مشروع وتبديد ودائع اللبنانيين والمال العام.
على صعيد آخر، واصل رئيس الجمهورية العماد ميشال عون زيارته الى الفاتيكان في إطار جولة اوروبية يقوم بها، حيث استقبله الحبر الأعظم البابا فرنسيس في الفاتيكان وعقدا خلوة في المكتب البابوي. وقال البابا لعون: «للبنان مكانة خاصة في صلاتي واهتماماتي وسأزوره قريباً لإعادة إحياء الرجاء فيه». من جانبه، جدد عون الدعوة للحبر الأعظم لزيارة لبنان قائلاً: «لبنان يجتاز مرحلة صعبة، لكنه سينتصر عليها حتماً بإرادة أبنائه مجتمعين».
وأضاف: «هناك مسؤولية على المجتمع الدولي لكي يقوم بواجباته في الحفاظ على وطن هو قيمة باعتراف الجميع».
في موازاة ذلك، زار البطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي، بطريرك انطاكية وسائر المشرق، شيخ الجامع الأزهر أحمد الطيب في مقر المشيخة بالدراسة. وتناول اللقاء العلاقات الأخوية والتعايش المسيحي الاسلامي ودور الكنيسة المارونية والكاثوليكية والازهر في تكريس سبل المحبة والسلام والعيش المشترك. كما تطرّق اللقاء الى العلاقات المصرية واللبنانية ودعم الرئيس السيسي للبنان، ووثيقة الأخوة الإنسانية، وتاريخ العلاقات المميّزة بين الكنيسة الكاثوليكية والأزهر الشريف.
الى ذلك، أعلن رئيس مجلس الوزراء نجيب ميقاتي التزام الحكومة إعادة العلاقات بين لبنان ودول مجلس التعاون الخليجي الى طبيعتها، مشدداً على «أن الاتصال الذي جرى بينه وبين وزير خارجية دولة الكويت الشيخ أحمد ناصر المحمد الصباح يصب في هذا الإطار».
وجدد في بيان «التزام الحكومة اللبنانية باتخاذ الإجراءات اللازمة والمطلوبة لتعزيز التَّعاون مع المملكة العربية السعودية ودول مجلس التَّعاون الخليجي، وعلى التزام لبنان بكل قرارات جامعة الدول العربية والشرعية الدولية، والتزام العمل الجدي والفعلي لمتابعة واستكمال تنفيذ مندرجاتها بما يضمن السِّلم الأهلي والاستقرار الوطني للبنان وتحصين وحدته».
وتستمر الاجتماعات مع صندوق النقد الدولي خلال الأسبوع الحالي تحضيرًا لزيارة بعثة الصندوق إلى لبنان الأسبوع المقبل لاستكمال المفاوضات. وتم الاتفاق على تحضير مشروع قانون للتعامل مع إعادة هيكلة القطاع المصرفي بعد الاتفاق على استراتيجية التصحيح المالي.
وأشار مكتب نائب رئيس مجلس الوزراء سعادة الشامي في بيان الى أن «الاجتماعات مع صندوق النقد الدولي تركّزت على المواضيع التالية: – مشروع قانون الكابيتال كونترول وملاحظات الصندوق عليه، وذلك بعدما طلب أعضاء مجلس النواب أن يتم التوصل إلى اتفاق مع الصندوق على هذا القانون قبل عرضه على مجلس النواب. – موضوع السرية المصرفية وضرورة تعديل بعض المواد في القانون الحالي بما يسمح بتسهيل مكافحة التهرب الضريبي والفساد بشكل عام. – استكمال البحث في موضوع القطاع المصرفيّ بهدف حماية المودعين قدر الإمكان ولا سيما الصغار منهم وإعادة تفعيل دور القطاع المصرفي بشكل يخدم الاقتصاد من خلال تمويل القطاع الخاص وذلك لتحفيز النمو وخلق فرص عمل. كما تناول البحث مساهمة الجميع في تحمّل المسؤولية للتعامل مع خسائر القطاع المصرفي مع ضرورة الالتزام بالمعايير الدولية لحل هذه الأزمة. ولهذه الغاية تمّ الاتفاق على تحضير مشروع قانون للتعامل مع إعادة هيكلة القطاع المصرفي بعد الاتفاق على استراتيجية التصحيح المالي. وتستمر هذه الاجتماعات خلال الأسبوع الحالي تحضيرًا لزيارة بعثة الصندوق إلى لبنان الأسبوع المقبل لاستكمال المفاوضات».
في المواقف، أكد المكتب السياسي لحركة أمل، «ضرورة إزالة كل العقبات من طريق حفظ حق اللبنانيين جميعهم في تأمين شبكة أمان اجتماعية واقتصادية ومالية تحمي مطالب الناس المحقة بعيداً عن المزايدات». ودعا «إلى ضرورة الاستعجال في إنجاز وضع استراتيجية اقتصادية واضحة تؤمن التصحيح المالي والاقتصادي المطلوب، وتعيد التوازن فيه خصوصاً لجهة فتح باب المنافسة البنّاءة، بعد إصدار مجلس النواب قانون منع الاحتكار الذي يشكل فرصة لإعادة التوازن لسوق العرض والطلب، من خلال المنافسة لصالح الناس مما يُسهم في لجم طمع التجار والكارتلات وفلتان الأسعار».
بدوره، اعتبر رئيس «كتلة الوفاء للمقاومة» النائب محمد رعد، أن «أميركا تريد محاصرتنا، وتريد أن تمنع عنا الكهرباء وتريد تجويعنا، كما تعمل على منع وصول وسائل التدفئة إلينا وتريد التحكم بالدولار». وقال: »مشكلتنا هذه، السياسة الطغيانيّة التي تجد للأسف مَن يؤيدها، بالذين يقنعون أنفسهم بأن المشكلة هي سلاح المقاومة وحلها هو نزع هذا السلاح الذي يؤدي إلى استمرار الصراع والحرب مع «إسرائيل»، يعني لن يكون هناك تنمية ولا تطوير في هذا البلد». وأشار إلى أن «المعركة الانتخابية اليوم عنوانها لا لسلاح المقاومة عند كل من يؤيد السياسة الأميركية، ونحن على هذا الأساس نخوض هذه الانتخابات، ومرشحونا لا يطلبون وجاهة أو زعامة بل هم مثلكم في مواضيع الكهرباء والحاجات اليوميّة».
الجمهورية
تعيينات قضائية لغرف التمييز .. والحكـــومة: رسالة ودّية الى العرب
السؤال الذي يشغل بال كل اللبنانيين، من يحرّك عناصر التوتير في هذه الفترة؟ وأي مفاجآت او منزلقات يخفيها أو يمهّد لها هذا التوتير؟ لبنان اليوم أيضاً معطّل مصرفيًّا وماليًّا، يُضاف ذلك الى العطب المستحكم منذ أكثر من سنتين، في كلّ مفاصله الإقتصادية والإجتماعيّة والحياتيّة والمعيشية.
وعلى ما تؤشّر الوقائع المحيطة بالإشتباك بين بعض القضاء والمصارف، فإنّ غيوماً داكنة سياسيّاً وقضائياً ومصرفيّاً تتكوّن في أفق هذا الاشتباك، ولغة التحدّي القائمة تنذر بتفاعل أكبر وربما أخطر، لهذه الأزمة التي بلا أدنى شكّ هشّمت الصّورة القضائية، وزادت من تهشيم القطاع المصرفي.
انقسام حاد
الداخل منقسم بشكل حاد حيال هذا الإشتباك، في السياسة إرباك حكومي واضح في كيفية مقاربته، وما انتهت اليه جلسة مجلس الوزراء السبت الماضي خير دليل على انّ السلطة التنفيذية مكبّلة أمام هذا الامر، وليس في يدها ان تتّخذ ايّ قرار أو إجراء حياله. وأما على مستوى النّاس، فالصّورة في ذروة «الغباش»، يتبدّى في جانب منها سخط علني على طرفي الأزمة، وفي جانب آخر، تتبدّى حيرة إلى من ينحاز الناس، هل إلى إجراءات قضائيّة تحوم حولها شكوك، ومحاطة بالتباسات واتهامات بالإنصياع لايحاءات سياسية؟ أم إلى مصارف كانت أول من استغل الأزمة التي ضربت البلد، ووضعت يدها على أموال المودعين وأخضعت أصحاب الحقوق لأبشع عملية ابتزاز، وتحاول في هذه الأزمة ان تظهر نفسها ضحية إجراءات كيدية وافترائية ظالمة تستهدفها؟ المتضرّر الوحيد وعلى ما هو واضح، فلا أحد يملك مفتاح لغز التوتير الجديد والاشتباك القضائي – المصرفي الناجم عنه والسرّ الكامن وراء إشعاله في هذا التوقيت، وهو بالتأكيد سيُبقي البلد محكوماً لإيقاعه إلى أجل غير مسمّى.
والأكثر وضوحاً في موازاة هذا اللغز، هو أنّ طرفاً وحيداً متضرّراً هو النّاس، التي تُدَفّع عن سابق تصوّر وتصميم ثمن أيّ اشتباك يحصل حول أيّ عنوان أو تفصيل، فها هم اليوم يدفعون في رواتبهم واموالهم المحجوزة في المصارف، وفي العودة الى التلاعب بالدولار والاسعار، وفي إعادة صفّهم في طوابير امام محطّات المحروقات، لا لسبب، او مبرّرات موضوعية، بل جراء إجراء خبيث اتخذته مافيا المحروقات بالإمتناع عن التوزيع، والسلطة ساكتة وكأنّها غير معنية، فبدل أن تفرض هيبتها وتردع هذه المافيا يُكتفى باتصال هاتفي من وزير الطّاقة يتوسّلها الإستمرار في التّوزيع.. ونتيجة انعدام الهيبة من الطبيعي أن تُرفع الخراطيم، فليس من يسأل او يحاسب، وليس مستبعداً أبداً في ظل هذا الإفلات الفاضح من المحاسبة والعقاب، أن تنتقل العدوى من جديد إلى سائر الأمور المعيشية والحياتية؟!
إدعاء
وفي سياق الإجراءات، إدّعت القاضية غادة عون على حاكم مصرف لبنان رياض سلامة بجرمي الإثراء غير المشروع وتبييض الاموال، كما ادّعت على رجا سلامة وأنا كوزاكوفا وعدد من الشركات بالتدخّل بهذا الجرم. وأحالتهم عون على قاضي التحقيق الاول في جبل لبنان نقولا منصور.
ولم يحضر حاكم مصرف لبنان رياض سلامة جلسته امام النائبة العامة الاستئنافية في جبل لبنان القاضية غادة عون، التي كانت مقرّرة أمس الاثنين عند الساعة الـ11 من قبل الظهر. وقد سطّرت القاضية عون قراراً يقضي بموجبه وضع إشارة منع تصرّف على كافة الممتلكات العقارية العائدة لرجا، وذلك حفظاً لحقوق الخزينة العامة الثابت إهدارها بنتيجة التحقيقات الأولية التي أجرتها في الشكوى المقدّمة من الدائرة القانونية لمجموعة «رواد العدالة» ممثلةٌ بالمحامي هيثم عزُّو.
إلى ذلك، ورداً على سؤال عن اتّهامه بالإثراء غير المشروع، كشف سلامة لـ»رويترز» أنّه أمر بإجراء تدقيق في ما خصّ هذا الموضوع، مشيراً إلى أنّه لم يكشف بدوره أنّ الأموال العامة تمثل أي مصدر لثروته.
يأتي ذلك، في وقت ادّعت فيه الدائرة القانونية لمجموعتَيّ «روّاد العدالة» و»متّحدون» الممثلَتيّن بالمحامييّن هيثم عزُّو ورامي عليّق، جزائياً، على جميع أعضاء المجلس المركزي لدى مصرف لبنان ومفوَّضي الحكومة لديه الحاليين والسابقين منذ تولّي حاكم مصرف لبنان لمهامه، وذلكَ بجرائم الإهمال الوظيفي والخطأ الجسيم في إدارة مرفق عام وسوء استخدام السلطة وهدر وتبديد المال العام والنيل من مكانة الدولة المالية ومخالفة القوانين والأنظمة المالية والمصرفية والمنصوص عليها كافة في قانونَيّ العقوبات والنقد والتسليف.
تطوّر مهمّ قضائياً
في معلومات لـ»الجمهورية»، وبعد الجلسة المطولة أمس لمجلس القضاء الأعلى، أصدر قراراً بتعيين رؤساء غرف محاكم التمييز الشاغرة التي تفاقم الخلاف حولها بين القضاة في الآونة الأخيرة، إلّا أن الضغوط الداخلية وخاصة بعد اجتماع مجلس الوزراء الأخير ربما زادت الضغوط التي سرّعت في التعيينات، فأسفرت عن تعيين وتبديل وملء الشغور في الهيئة العامة لمجلس القضاء الذي التأم برئاسة القاضي سهيل عبود والنائب العام التمييزي القاضي غسان عويدات ورئيس هيئة التفتيش القضائي القاضي بركان سعد والأعضاء القضاة: عفيف الحكيم وحبيب مزهر وداني شبلي وميراي الحداد والياس ريشا، واستقر الرأي على تعيين القضاة ناجي عيد، ماجد مزيحم، وسانيا نصر، وأيمن عويدات وحبيب رزق الله و منيف بركات. كما تقرر نقل القاضي ماجد مزيحم من رئاسة محكمة الإستئناف في الجنوب الى رئاسة الغرفة الثامنة لمحكمة التمييز، وتم نقل القاضي سانيا نصر من رئاسة محكمة الإستئناف في جديدة المتن الى رئاسة الغرفة الخامسة لمحكمة التمييز، وحلت مكان القاضي جانيت حنا، التي عادت الى رئاسة محكمة الإستئناف في بيروت.
وعيّن النائب العام الاستئنافي في البقاع القاضي منيف بركات رئيس الغرفة السادسة لمحكمة التمييز مكان القاضي رندة كفوري التي رفض تثبيتها في السابق النائب العام التمييزي القاضي غسان عويدات بعد قرارها الخاطئ من الناحية القانونية برد المحامي العام التمييزي القاضي غسان الخوري في قضية إنفجار مرفأ بيروت.
وتم تعيين رئيس محكمة الإستئناف في بيروت القاضي أيمن عويدات في رئاسة الغرفة الثانية لمحكمة التمييز بدلاً من القاضية المنتدبة رولا المصري، والتي تحال على التقاعد بعد شهر تقريباً. و تم نقل الرئيس الأول لمحكمة الإستئناف في بيروت القاضي حبيب رزق الله الى رئاسة الغرفة العاشرة لمحكمة التمييز.
وبذلك تصبح رئاسة غرف محاكم التمييز العشر على الشكل التالي:
الغرفة الأولى القاضي ناجي عيد، الغرفة ٢ القاضي أيمن عويدات،الغرفة الثالثة القاضي سهير الحركه، الغرفة الرابعة القاضي عفيف الحكيم، الغرفة الخامسة القاضي سانيا نصر، الغرفة السادسة القاضي منيف بركات، الغرفة السابعة القاضي جمال الحجار، الغرفة الثامنة القاضي ماجد مزيحم، الغرفة التاسعة جمال الخوري، الغرفة العاشرة حبيب رزق الله.
وبعد هذه التعيينات أصبح عديد الهيئة العامة لمحكمة التمييز مكتملاً، وأصبح بإمكانها ان تجتمع بشكل طبيعي مع مستشاريها. وفي المعلومات أن وزير العدل القاضي هنري خوري سيعيّن العضو الخامس من حصة الحكومة وهي القاضي سانيا نصر.
وبهذا التعيين يكون عدد الهيئة العامة لمحكمة التمييز قد اكتمل، وأصبح بإمكانها العودة للعمل بشكل طبيعي .
قلق وحذر وشكوك
هذا المناخ الملبّد بالغبار الحاجب للرؤية الواضحة، أبقى البلد في حال من انعدام التوازن، حيث يتأرجح على حبال الاحتمالات؛ نظرياً، تحدّد موعد اجراء الانتخابات في 15 ايار وانتهت جولة تقديم الترشيحات ووزارة الداخلية أكملت تحضيراتها لإنجاز هذا الاستحقاق في موعده، والموقف الرسمي المعلن، يكرّر «اللازمة» التي تقول إنّ الانتخابات ستجري في موعدها ولن تتأخّر دقيقة واحدة، انّما هذا الموقف الرسمي لا يقترن بتأكيد جازم يقطع الشكوك القائمة بعدم إجرائها. بل أنّ كلام المجالس السياسية الرسميّة وغير الرسمية يفوح قلقاً على هذه الانتخابات وحذراً من ألعاب شيطانية تفتعلها جهات سياسية، وغرف سوداء، للإطاحة بالانتخابات وفتحِ البلد على مجهول.
خصوم عون لا يصدقونه!
على أنّ في موازاة القلق والحذر، تتموضع «اتّهامات متبادلة» بين القوى السياسية يبدو أنّها ستكون عنوان فترة الـ53 يوماً الفاصلة عن 15 أيّار. وعلى ما تفيد أجواء الفريق «المعادي» لرئيس الجمهورية العماد ميشال عون و»التيار الوطني الحر»، الذي يضمّ قوى متعددة، كحزب «القوات اللبنانية»، وقوى حراكيّة ومدنيّة، وأحزاباً أخرى صنّفت نفسها «ثورية» و»تغييرية»، ونواباً مستقيلين لبسوا ثوب الثورة والتغيير، فإنّ هذا الفريق يتّهم عون وتياره بالسّعي الأكيد الى تطيير الانتخابات، عبر افتعال مجموعة من عناصر التوتير لتفجير الإستحقاق، كما حصل بداية مع ملف المغتربين، ثم مع إثارة موضوع «الميغاسنتر» قبل إفشاله، وصولاً إلى رعاية الهجوم القضائي المباشر على حاكم مصرف لبنان رياض سلامة والمصارف. كما يتهم هؤلاء «حزب الله» بتوفير التغطية لعون ورئيس التيار النائب جبران باسيل في هذا المسعى، لتجنيبه انتخابات تخسّره وتنتزع منه صدارته للمشهد التمثيلي المسيحي، وتظهر ان شعبيّته السياسية وأكثريته النيابية قد تقلّصت وتهالكت.
وتذهب مصادر معارضة الى أبعد من ذلك، حيث تقول لـ«الجمهورية»: «الامور شديدة الوضوح بالنسبة الينا، وبناءً على ذلك، نحن لا نصدّق رئيس الجمهورية حينما يؤكّد على إجراء الانتخابات، لأنّه في حقيقة موقفه لا يريد انتخابات. لأنّه يعتقد انّ تعطيل إجرائها، سيعطّل حتماً الانتخابات الرئاسية، وقد سبق له ان أعلن صراحة انّه لن يسلّم الفراغ. وتبعاً لذلك فإنّ كل قوى المعارضة متضافرة لمنع تحقيق هذا الهدف مهما كان الثمن، لأنّ هذا الامر يفتح البلد على خراب»؟
اتهامات مقابلة
في المقابل، يلقي فريق رئيس الجمهورية وحلفاؤه وتحديداً «حزب الله»، تهمة السّعي إلى تعطيل الانتخابات على «الفريق المعادي»، ويركّزون بالدرجة الأولى على «القوات اللبنانية». واما السبب، كما تقول مصادر مؤيّدة لعون وتياره لـ»الجمهورية»، فهو «لأنّ «القوات» باتت تدرك انّ ساعة الحقيقة قد دنت، وكل الشعارات التي رفعتها واستثمرت عليها منذ 17 تشرين الاول 2019، وشكّلت وقوداً لـ»الثورة»، لن تمكّنها من تحقيق التغيير الذي وعدت به، بل انّ الانتخابات ستأتي بنتائج عكسية، وإحراجية لـ»القوات» قبل أي فصيل معارض او حراكي آخر، حيث ستعيد تأسيس الخريطة النيابية الحالية ولن تغيّر فيها شيئاً، بل ربما ستزيد من اكثريتها».
وبحسب المصادر عينها، «فإنّ الطرف الساعي فعلاً الى التعطيل، يحظى بتغطية خارجية، وخصوصاً من قِبل الاميركيين، الذين يريدون انتخابات تحقق ما سمّوها طموحات الشعب اللبناني الذي اختصروه في تجمعات في بعض الساحات والشوارع، طالبت بالتغيير وإحداث انقلاب جذري في الواقع النيابي والسياسي. وبالتالي كلّ ما بنوه منذ 17 تشرين الاول 2019 وحتى اليوم، سيتهدّم مع صدور نتائج انتخابات 15 ايار، والتي تؤكّد كل الدراسات والاستطلاعات بما فيها استطلاعاتهم ودراساتهم، انّها ستظهر حفاظ حلفاء «حزب الله» على أكثريتهم في المجلس النيابي الجديد وبما يزيد عن نصف المجلس النيابي. وبناءً على ذلك، ليس مفاجئاً ابداً ان يسعى هذا الفريق الى تعطيل الانتخابات».
مسؤول أممي: نراقب
وسط هذه الاجواء، أبلغ مسؤول اممي إلى «الجمهورية» قوله رداً على سؤال: «المجتمع الدولي يراقب عن كثب مسارات التحضير للانتخابات النيابية، ويريد ان تجري في الموعد المحدّد، في أجواء من الاستقرار والحيادية الكاملة من قِبل السلطات اللبنانية، وترك الشعب اللبناني يعبّر عن توجّهاته بكل حرية، بعيداً من أي خطوات او مداخلات او ممارسات وضغوط تضعها موضع شك في نزاهتها وصدقيتها وشفافيتها. وأي خطوة لتعطيلها هي خطوة مدانة مسبقاً من المجتمع الدولي. وقد سبق لكل المستويات الدولية أن وجّهت تحذيرات بهذا المعنى الى المسؤولين اللبنانيين، بأنّ تعطيل الانتخابات سيلحق ضرراً كبيراً بلبنان، ويفاقم أزمته أكثر، وسيُقابل بردّ فعل دولي شديد القساوة وعقوبات غير مسبوقة على المعطّلين، ومن يماشيهم في توجّههم هذا».
وكشف المسؤول الأممي، «اننا ندرس جدّياً ارسال مراقبين للانتخابات في ايار، والقرار في هذا الشأن قد يتبلور خلال الاسابيع القليلة المقبلة».
ورداً على سؤال، تجنّب المسؤول الأممي ربط المساعدات للبنان بشكل المجلس النيابي الذي سيتولّد عن انتخابات أيّار، واكتفى بالقول: «ما نراه ضرورياً جداً هو ان تجري الانتخابات في موعدها، ويمارس الشعب اللبناني حقه في اختيار ممثليه في البرلمان. واما المساعدات للبنان، فكما سبق واكّد عليه المجتمع الدولي وكل المؤسسات المالية الدولية، فهي مرتبطة بإجراء اصلاحات جذرية في لبنان».
المساعدات
الّا انّ مصادر في لجنة الشؤون الخارجية في مجلس النواب، كشفت بدورها لـ»الجمهورية»، انّ مسؤولاً كبيراً في أحدى المؤسسات المالية الدولية أكّد امام بعض اعضاء اللجنة «أنّ المساعدات للبنان مرهونة بشكل المجلس النيابي الجديد، الذي يرى المجتمع الدولي انّ من الضروري جداً أن يتشكّل بصورة ملبية لما يتطلع اليه اللبنانيون، وللتغيير الذي يريدونه ونادى به الغاضبون في ساحات التظاهر والاعتصام».
صندوق النقد
إلى ذلك، اعلن نائب رئيس الحكومة سعادة الشامي انّ الأسبوع الفائت شهد عدداً من الاجتماعات مع صندوق النقد الدولي، تركّزت على مشروع قانون «الكابيتال كونترول» وملاحظات الصندوق عليه، وذلك بعدما طلب أعضاء مجلس النواب أن يتمّ التوصل إلى اتفاق مع الصندوق على هذا القانون قبل عرضه على مجلس النواب. وموضوع السرية المصرفية وضرورة تعديل بعض المواد في القانون الحالي، بما يسمح بتسهيل مكافحة التهرّب الضريبي والفساد بشكل عام. واستكمال البحث في موضوع القطاع المصرفي بهدف حماية المودعين قدر الإمكان، ولا سيما الصغار منهم، وإعادة تفعيل دور القطاع المصرفي بشكل يخدم الاقتصاد، من خلال تمويل القطاع الخاص، وذلك لتحفيز النمو وخلق فرص عمل. كما تناول البحث مساهمة الجميع في تحمّل المسؤولية للتعامل مع خسائر القطاع المصرفي مع ضرورة الالتزام بالمعايير الدولية لحل هذه الأزمة. ولهذه الغاية تمّ الاتفاق على تحضير مشروع قانون للتعامل مع إعادة هيكلة القطاع المصرفي، بعد الاتفاق على استراتيجية التصحيح المالي. وتستمر هذه الاجتماعات خلال الأسبوع الجاري تحضيرًا لزيارة بعثة الصندوق إلى لبنان الأسبوع المقبل لاستكمال المفاوضات».
البابا.. للحفاظ على لبنان
سياسياً، التقى رئيس الجمهورية العماد ميشال عون البابا فرنسيس في الفاتيكان امس، حيث أكّد البابا لرئيس الجمهورية «أنّ للبنان مكانة خاصة في صلاته، وهو في صلب اهتماماته، على الرغم من الوضع الدولي المتأزم على أكثر من صعيد»، مشدّداً على أنّه «لا يغيب عن اهتمامات الكرسي الرسولي».
وأشار البابا الى انّه «مطّلع بأسى على ما آلت اليه الاوضاع الاقتصادية والاجتماعية الصعبة فيه، مشدّداً على انّ لبنان، بجميع ابنائه، المسيحيين والمسلمين، لا يجب ان يتخلّى عن قيم الأصالة القائمة على الاحترام. واعتبر انّ «من الواجب الحفاظ على الحضور المسيحي في الشرق، كما من الواجب الحفاظ على العيش معاً في لبنان، وهي صيغة جعلت منه رسالة». وأكّد البابا ايضاً انّه «يسعى مع الجميع في العالم من اجل الحفاظ على هذا الوطن، الذي لطالما اعتبره الكرسي الرسولي رسالة ونموذجاً، مبلغاً الرئيس عون اصراره أكثر من أي وقت مضى، كما عبّر عن ذلك تكراراً، على أن يزور لبنان لإعادة إحياء الرجاء فيه وقال: «في وقت قريب سأزور لبنان. هذا قرار اتخذته، ذلك انّ لبنان يبقى على الرغم من اي شيء نموذجاً للعالم».
ميقاتي والعرب
وعشية انعقاد مجلس الوزراء غداً، اكّد رئيس الحكومة نجيب ميقاتي «التزام الحكومة بما تضمنته بنود المبادرة الكويتية، وبإعادة العلاقات بين لبنان ودول مجلس التعاون الخليجي الى طبيعتها، واتخاذ الإجراءات اللازمة والمطلوبة لتعزيز التَّعاون مع المملكة العربية السعودية ودول مجلس التَّعاون الخليجي، ومشدّداً على ضرورة وقف كل الأنشطة السياسية والعسكرية والامنية والاعلامية التي تمسّ سيادة المملكة العربية السعودية ودول مجلس التعاون الخليجي وأمنها واستقرارها والتي تنطلق من لبنان.
كما أكّد في بيان أمس «التزام لبنان باتفاقية الرياض للتعاون القضائي وتسليم المطلوبين إلى المملكة العربية السعودية، وكذلك الإلتزام باتخاذ الإجراءات كافة لمنع تهريب الممنوعات وخصوصًا المخدرات، إلى المملكة العربية السعودية ودول مجلس التعاون الخليجي بشكل مباشر أو غير مباشر، والتشديد على كافة المنافذ». مشدّداً على أنّ الحكومة اللبنانية ستعمل على منع استخدام القنوات المالية والمصرفية اللبنانية لإجراء أي تعاملات مالية قد يترتب عليها إضرارًا بأمن المملكة العربية السعودية ودول مجلس التعاون الخليجي».
الراعي
من جهة ثانية، التقى البطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي أمس، إمام الازهر الشيخ أحمد الطيب، وتناول اللقاء العلاقات الأخوية والتعايش المسيحي- الاسلامي ودور الكنيسة المارونية والكاثوليكية والأزهر، في تكريس سبل المحبة والسلام والعيش المشترك. كما تطرق اللقاء الى العلاقات المصرية واللبنانية، ودعم الرئيس السيسي للبنان، ووثيقة الأخوة الإنسانية، وتاريخ العلاقات المميزة بين الكنيسة الكاثوليكية والأزهر الشريف. كما التقى الراعي أمين عام جامعة الدّول العربية أحمد أبو الغيط، واكّد انّ لبنان يبقى عضوًا فاعلًا في جامعة الدول العربية، مطالباً الإعلام بأن يقوم بدور داعم للبنان عبر التركيز على الإيجابيات بعيداً من أولئك الذين ينشرون أخباراً كاذبة. وشدّد على ضرورة حياد لبنان حتى يمكنه القيام بدوره واستعادة مكانته، مؤكّداً أنّ انعزال لبنان عن محيطيه الدولي والاقليمي لا يرضي أحداً.
«أمل»
انتخابياً، جدّدت حركة «امل» الدعوة «إلى المشاركة الواسعة والفاعلة وبذل كل الجهود الممكنة في لبنان والخارج من أجل أن تكون الإنتخابات النيابية المقبلة وسيلة عبور نحو لبنان الوطن الذي تسوده العدالة الإجتماعية وتحكمه المؤسسات، في دولة مدنية تعطي للمواطن دوره في البناء والتنمية، بخاصة أنّ الانتخابات النيابية هي تعبير عن إختيار حرّ وديمقراطي للبرنامج والخط والمشروع، في لحظة تستوجب جمع كل الطاقات لتحصين لبنان وزيادة منعته».
وشدّدت في بيان لمكتبها السياسي على «ضرورة إزالة كل العقبات من طريق حفظ حق اللبنانيين جميعهم في تأمين شبكة أمان اجتماعية واقتصادية ومالية تحمي مطالب الناس المحقة بعيداً من المزايدات»، واعتبرت «أنّ البطاقة التمويلية وغيابها عن التزامات المسؤولين ومشروع الموازنة، في الوقت الذي تزداد الأعباء على المواطنين الذين نكرّر المطالبة بحقهم في استعادة ودائعهم وأموالهم، وهي الضريبة الأولى التي دفعوها باحتجاز ودائعهم، وها هي جلجلتهم اليوم تتجدّد في صورة الصراع القضائي المصرفي الذي منع عنهم حقهم في أموالهم ومخصصاتهم ورواتبهم». كما دعت إلى «ضرورة الإستعجال في إنجاز وضع استراتيجية اقتصادية واضحة تؤمّن التصحيح المالي والاقتصادي المطلوب، وتعيد التوازن فيه خصوصاً لجهة فتح باب المنافسة البنّاءة، بعد إصدار مجلس النواب قانون منع الإحتكار الذي يشكّل فرصة لإعادة التوازن لسوق العرض والطلب من خلال المنافسة لصالح الناس، مما يسهم في لجم طمع التجار والكارتيلات وفلتان الأسعار».
جعجع
من جهته، قال رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع في معراب امس: «بكل راحة ضمير وحقيقة وواقع، نقول، لكل من يتحالف مع «حزب الله» بالاستحقاق الانتخابي المقبل، انّه يتحالف مع قتلة الرئيس الشهيد رفيق الحريري على خلفية الحكم القضائي الدولي العالي المستوى، الصادر في هذه الجريمة، والذي استُكمل منذ شهر بالشكل الذي استُكمل به، مروراً بجميع شهداء «ثورة الارز»، وصولاً الى شهداء جريمة انفجار «مرفأ بيروت»، هذا الانفجار الذي اصرّ «حزب الله» ولا يزال، على تعطيل تحقيقاته. وبالتالي من المهم كثيراً، ولو كنا في خضم الحملات الانتخابية في الوقت الحاضر، ان نتميّز بالحدّ الأدنى من الموضوعية».
النهار
تضييق الخناق على الحاكم والمركزي والمصارف
م يتبدل مشهد التعقيدات المتزايدة في المواجهة القضائية المصرفية في مطلع الأسبوع، بل أظهرت المعطيات والوقائع التي برزت ان عقب الخطوة القضائية الجديدة للنائب العام الاستثئنافي في جبل لبنان القاضية غادة عون في ملاحقة حاكم مصرف لبنان رياض سلامة وشقيقه، او في تصاعد الموقف بين المصارف والقضاء على وقع الاضراب المصرفي ان المواجهة قد تتجه نحو مرحلة اشد تعقيدا واكثر اثارة للتداعيات. بل ان اوساطا واسعة الاطلاع ومعنية بهذه الازمة أعربت عن اعتقادها ان تضييق الخناق على المصارف يبدو متواصلا وتصاعديا، ولو ان كلاما تردد امس عن مساع جارية لتخفيف الاحتقان واجتراح مخرج يحول دون اتساع المأزق الى درجة يصعب بعدها ضبط التفلتات الاجتماعية لهذه المواجهة التي تهدد المواطنين والمودعين في المقام الأول. وتلفت هذه الأوساط الى التضييق على المصارف يسير جنباً الى جنب مع التضييق على حاكم مصرف لبنان، وكذلك في اتساع الدعاوى على أعضاء المجلس المركزي برمته لمصرف لبنان بما يعكس اتجاهات حادة وغير قابلة للاحتواء حتى الان، علما ان ردة فعل المصارف حيال التضييق التصاعدي عليها ستظهر في الساعات المقبلة من خلال تقرير ما اذا كان الاضراب سيتوقف الأربعاء وتعود المصارف الى عملها، ام سيتم اعلان الاضراب المفتوح. اما ابرز تداعيات المواجهة المتصاعدة فتمثل في الارتفاع المطرد لسعر الدولار الأميركي في السوق السوداء اذ تخطى مساء امس سقف الـ 24 الف ليرة لبنانية.
ووسط الشلل المصرفي الذي عم البلاد مع بدء الاضراب التحذيري للمصارف الذي يستمر اليوم أيضا، وبعدما ادعت القاضية غادة عون قبل يومين على حاكم مصرف لبنان رياض سلامة، وشقيقه رجا سلامة بجرم “الإهمال الوظيفي وهدر المال العام وإساءة الأمانة”، ادعت مجددا امس على الحاكم بجرمي الإثراء غير المشروع وتبييض الأموال، وعلى شقيقه والأوكرانية أنا كوزاكوفا وعدد من الشركات، بالتدخل بهذا الجرم، وأحالتهم الى قاضي التّحقيق الأوّل في جبل لبنان نقولا منصور.
في المقابل، قال حاكم مصرف لبنان رياض سلامة الذي لم يحضر امام عون امس لـ”رويترز” بشأن اتهامه بـ”الإثراء غير المشروع”: “أمرت بإجراء تدقيق لم يكشف بدوره أن الأموال العامة تمثل أي مصدر لثروتي”.
وسطرت عون قراراً يقضي بموجبه وضع اشارة منع تصرّف على كل الممتلكات العقارية العائدة لشقيق حاكم مصرف لبنان رجا سلامة وذلك حفظاً لحقوق الخزينة العامة الثابت إهدارها بنتيجة التحقيقات الأولية التي أجرتها في الشكوى المقدمة من الدائرة القانونية لمجموعة رواد العدالة.
وفي غضون ذلك تقدمت مجموعة “رواد العدالة” وتحالف “متحدون” بشكوى أمام النيابة العامّة المالية على جميع أعضاء المجلس المركزي لدى مصرف لبنان ومفوَّضي الحكومة لديه الحاليين والسابقين من تاريخ تولي حاكم مصرف لبنان رياض سلامة لمهامه، وذلكَ بجرائم الإهمال الوظيفي والخطأ الجسيم بإدارة مرفق عام وسوء استخدام السلطة وهدر وتبديد المال العام والنيل من مكانة الدولة المالية ومخالفة القوانين والأنظمة المالية والمصرفية المنصوص عليها جميعاً في قانونَيّ العقوبات والنقد والتسليف.
بين الفاتيكان والقاهرة
ومن المفارقات اللافتة ان تبرز ظاهرة سياسية تمثلت في انه فيما كانت الحلقات الجديدة من المواجهة القضائية المصرفية تشهد تصعيدا مقلقا وتضع البلاد امام عاصفة غامضة العواقب والتداعيات، كان اكبر مرجعين مارونيين سياسي وديني يقومان بزيارتين بارزتين لكل من الفاتيكان ومصر. فالبابا فرنسيس استقبل امس رئيس الجمهورية ميشال عون وابلغه انه مطلع بأسى على ما آلت اليه الاوضاع الاقتصادية والاجتماعية الصعبة فيه، وعزمه زيارة لبنان قريبا لاحياء الرجاء فيه، في حين كان شيخ الازهر احمد الطيب يستقبل البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي وبعده التقى الراعي أيضا الامين العام لجامعة الدول العربية احمد ابو الغيط .
وقد استقبل البابا فرنسيس في الفاتيكان امس الرئيس عون وأشار امامه الى انّه “مطلع بأسى على ما آلت اليه الاوضاع الاقتصادية والاجتماعية الصعبة فيه”، مشددا على “ان لبنان، بجميع ابنائه، المسيحيين والمسلمين، يجب الا يتخلى عن قيم الاصالة القائمة على الاحترام”. واعتبر ان “من الواجب الحفاظ على الحضور المسيحي في الشرق، كما من الواجب الحفاظ على العيش معا في لبنان، وهي صيغة جعلت منه رسالة”.
وأكد البابا فرنسيس ايضا انه “يسعى مع الجميع في العالم من اجل الحفاظ على هذا الوطن، الذي لطالما اعتبره الكرسي الرسولي رسالة ونموذجا”، وابلغ الرئيس عون اصراره على ذلك أكثر من أي وقت مضى، كما عبّر تكرارا، على أن يزور لبنان لإعادة إحياء الرجاء فيه وقال: “في وقت قريب سأزور لبنان. هذا قرار اتخذته، ذلك ان لبنان يبقى على الرغم من اي شيء نموذجا للعالم”.
من جانبه، جدد الرئيس عون الدعوة الى البابا فرنسيس لزيارة لبنان واعتبر ان “لبنان يجتاز مرحلة صعبة لكنه سينتصر عليها حتما بإرادة ابنائه مجتمعين”. واضاف: “هناك مسؤولية على المجتمع الدولي لكي يقوم بواجباته في الحفاظ على وطن هو قيمة بإعتراف الجميع”.
بدوره زار البطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي في اطار زيارته للقاهرة الإمام الاكبر أحمد الطيب شيخ الجامع الازهر في مقر المشيخة بالدراسة. وتناول اللقاء “العلاقات الأخوية والتعايش المسيحي الاسلامي ودور الكنيسة المارونية والكاثوليكية والازهر في تكريس سبل المحبة والسلام والعيش المشترك.” كما تطرق اللقاء الى العلاقات المصرية واللبنانية ودعم الرئيس السيسي للبنان ، ووثيقة الأخوة الإنسانية، وتاريخ العلاقات المميزة بين الكنيسة الكاثوليكية والازهر الشريف.
كما التقى الراعي الأمين العام لجامعة الدّول العربية أحمد أبو الغيط واكد ان أبو الغيط “لديه حب كبير للبنان، موضحا أنه يعيش القضايا التي يشهدها لبنان، بمشاعره”، مؤكدا “قدرة لبنان على تجاوز التحديات بفضل تاريخه وامكاناته”. وأوضح الراعي “ان لبنان يبقى عضوا فاعلا في جامعة الدول العربية وأن لبنان لابد ان يلجأ للأصدقاء في ظل الصعوبات التي يمر بها، مطالبا الاعلام أن يقوم بدور داعم للبنان عبر التركيز على الإيجابيات بعيدا عن أولئك الذين ينشرون أخبار كاذبة. وأشار إلى الدور الذى تلعبه الجامعة العربية باعتباره مكانا لوحدة العرب . وشدد على ضرورة حياد لبنان حتى يمكنه القيام بدور واستعادة مكانته، مؤكدا أن انعزال لبنان عن محيطيه الدولي والاقليمي لا يرضي أحدا.