على الرغم من تناول العديد من أعمال الدراما المصرية السابقة للمشاكل التي تتعرض لها المطلقات، إلا أن المسلسل المصري فاتن أمل حربي، الذي يتناول قصة سيدة مطلقة، ما زال يشهد جدلا كبيراً عبر منصات التواصل الاجتماعي، بين مؤيد ومعارض لتعديل بنود قانون الأحوال الشخصية الخاصة بالمطلقات.
مشاكل بالجملة
يتناول مسلسل فاتن أمل حربي الدرامي، الذي يعرض في شهر رمضان 2022، عدة قضايا تتعرض لها المرأة المصرية بعد الطلاق.
إذ يستعرض المسلسل قضايا: الولاية التعليمية للأطفال في حالة الطلاق، وحضانة الأم للأبناء في حال زواجها مرة أخرى.
وبحسب قانون الأحوال الشخصية المصري، تفقد المطلقة حقها في حضانة أطفالها بمجرد الزواج مجدداً.
قضية أخرى أثارها المسلسل تتعلق بتعنت كثير من الفنادق المصرية مع النساء المصريات دون سن الأربعين، فلا يسمح لهن بحجز إقامة إلا في حال وجود رجل من أقاربهن: كالأب أو الأخ أو الزوج.
رد المجلس القومي للمرأة
وقد أصدر المجلس القومي للمرأة في مصر بياناً، عبر صفحته الرسمية على فيسبوك، للرد على عدة نقاط تناولها مسلسل فاتن أمل حربي.
وأكد مكتب شكاوى المجلس أن “منع السيدات من الإقامة بالفنادق بمفردهن يعد مخالفة لمبادئ الدستور المصري”.
وكانت وزارة الداخلية المصرية قد نشرت بيانا في يونيو حزيران الماضي تؤكد فيه على “عدم وجود تعليمات أو قرارات للفنادق والمنشآت السياحية بعدم السماح للسيدات المصريات أو مواطنات دول مجلس التعاون الخليجي اللواتي تقل أعمارهن عن (40 عاماً) بالإقامة بها دون “محرم””.
الولاية التعليمية على الطفل
وأضاف المجلس أن الكتاب الدوري رقم 29 لسنة 2017 لوزارة التربية والتعليم، حدد أنّه “في حالة انقضاء العلاقة الزوجية تكون الولاية التعليمية للحاضن دون حاجة لصدور حكم قضائي بذلك”.
وسلط المجلس في، بيان ثان أصدره، الضوء على شروط حضانة الطفل ومتى تسقط.
إذ قال المجلس إن “الحضانة تسقط عن الحاضن لاختلال العقل أو عدم الأمانة على الصغير أو عدم القدرة على تربية المحضون ورعايته أو صدور حكم ضد الحاضن في جريمة ماسة بالشرف والاعتبار أو الإصابة بأحد الأمراض النفسية أو العصبية أو المعدية بما يضر الصغير، أو في حال تزوجت الأم بأجنبي عن الصغير أو استوطنت بلدا يعسر معه على ولي المحضون القيام بواجباته أو كان الرجل الحاضن مختلفا في الدين مع الصغير أو لم يكن ذا رحم محرم للصغيرة الأنثى، ويراعى في ذلك كله مصلحة الصغار، ويتغير الوضع القانوني بتغير تلك الأحوال، كما يمكن نقل الحضانة مؤقتًا عن الحاضنة عند الامتناع عن تنفيذ حكم الرؤية”.
وكان الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر، قد أوضح، في مقابلة أجريت معه في عام 2017، رأيه في مسألة حضانة الأم المطلقة حال رغبتها في الزواج مرة أخرى، مستدلا على ذلك بأدلة من الأثر والعقل.
وأكد شيخ الأزهر الشريف في المقابلة أنه “لا يوجد نص صريح في القرآن أو السنة يقضي بأنه إذا بلغ الطفل 7 سنوات والبنت 9 سنوات ينزع من الأم ويذهب للأب”، لافتًا إلى أن هذا من إعجاز الشريعة الإسلامية؛ التي هي صالحة لكل زمان ومكان.
تفاعل كبير عبر مواقع التواصل
وقد شهد المسلسل تفاعلا كبيراً وترددت أصداؤه خارج مصر، إذ أعربت “الجمعية النسوية في الأردن” عن دعمها للقضايا التي يناقشها المسلسل.
وأشادت محامية دستورية من الكويت بواقعية وقسوة مشاهد المسلسل.
فيما أشار البعض إلى العنف الأسري الذي تتعرض له سيدات في بيوتهن.
الدفاع عن قانون الأحوال الشخصية
في المقابل شن مغردون هجوماً حاداً على المسلسل وعلى بطلته نيللي كريم إذ تناولت الحلقة الخامسة مشهداً لها وهي تسأل رجل دين ما إذا كانت هناك آية في القرآن تنص على تخلي السيدة المطلقة عن أبناءها في حال زواجها مجدداً.
ووصل الأمر ببعض المغردين إلى وصف المسلسل بـ”الجريمة الممنهجة”.
فيما أكد أخرون أن “قانون الأحوال الشخصية لا يسقط حضانة السيدة للطفل، ولكن يسقط أوليتها فقط”.
جدل حول تعديل بنود القانون
جدد مسلسل فاتن أمل حربي الجدل حول إمكانية تعديل بنود قانون الأحوال الشخصية المصري المستمدة من نصوص وأحكام الشريعة الإسلامية.
وعبر مغردون عن استنكارهم لقول البعض بأن باب الاجتهاد في الفقه الإسلامي قد أغلق.
ووسط الجدل المحتدم بين الجانبين تصاعدت دعوات لتغيير قوانين الأحوال الشخصية في مصر.
في الوقت الذي اتهم فيه آخرون المسلسل ومولفه إبراهيم عيسى بمحاولة “هدم الدين”.
47 عاماً بين “أريد حلا” و”فاتن أمل حربي”
في عام 1975 قدمت الممثلة المصرية فاتن حمامة فيلم “أريد حلا”، الذي يحكي قصة سيدة تسعى إلى الطلاق من زوجها وتصطدم بعقبات القانون المصري التي لا تسمح لها بذلك.
الفيلم أثار جدلاً كبيراً وقتها كما تعرض إلى حملة انتقادات كبيرة بعد مناقشته لمشاكل قانون الأحوال الشخصية في مصر.
وفي عام 1978، بعد سنوات من عرضه، شملت قانون الأحوال الشخصية في مصر عدة تعديلات تمكن المرأة من رفع قضية طلاق ضد الزوج.
وكان مجلس النواب المصري قد ناقش مشروعاً لتعديل قانون الأحوال الشخصية عام 2020، ولكنه أثار جدلاً واسعاً وتأجلت مناقشته.
ورأى حقوقيون وقتها أن قانون الأحوال الشخصية بحاجة إلى مراجعة شاملة تتواكب مع التغيرات الاجتماعية والقانونية في العصر الحديث.