الأخبار
غالبيّة 65 صوتاً بعد الامتحان الأول: ميقاتي رئيساً مكلّفاً
لكل من الأرقام الثلاثة في اقتراعات ثلاثة متتالية في جلسة مجلس النواب (31 أيار) دلالة برسم المستقبل القريب والبعيد، أكثر منها اكتفاؤها بما أفضت إليه الجلسة. غالب الظنّ أنها جلسة الأصوات المستعارة التي احتاج إليها مَن خاض انتخابات الثلاثاء.
مع أن أرقام جلسة انتخاب هيئة مكتب مجلس النواب الثلاثاء متدنّية وضعيفة، يفترض أن تنتهي الى تفسير سلبي بإزاء حضور النواب الـ 128 جميعاً، ومشاركتهم في دورات الاقتراع – إذ نادراً ما ظلّ الالئتام مكتملاً الى الدقيقة الأخيرة – إلا أنها في الواقع قدّمت تفسيراً معاكساً، أظهر الأحجام الأولية للكتل في اختبارها الأول. سرعان ما ستتأكد هذه الأحجام، أو تتقلص، في الامتحان التالي، وهو تسمية رئيس مكلف تأليف الحكومة. أما انتخابات رئاسة الجمهورية، فحساباتها مختلفة، تعلّق التوقيت المحلي على الملاءمة الإقليمية والدولية.
كل تفسير وتأويل أُلحِقَ بجلسة الثلاثاء، يمكن أن يصحّ ويكون صائباً. له حججه وما يبرّره، وقابل للتصديق ومقنع:
– إذا قيل إن فوز الرئيس نبيه برّي بولاية سابعة بأصوات لم يعتدها من شأنه إضعاف قيادته البرلمان ومرجعيّته السياسية فهو قول صحيح. إلا أن الصحيح أيضاً أن توازن القوى وليس الصلاحيات في المجلس والحكومة والشارع، هو الذي يدير اللعبة السياسية وينظّم الخلافات ويوزّع الأدوار والتحالفات.
– والقول إن النواب الـ 13 للمجتمع المدني افتقروا الى المناورة منذ اليوم الأول لدخولهم الى البرلمان، فلم يسعهم سوى الاحتجاج ورفع النبرة والتصرّف كأنهم «ناظر» على رئيس المجلس، هو صحيح. لكن الصحيح أيضاً أنهم خسروا الجولة الأولى، فلم يصل أيّ منهم أو أيّ ممّن دعموا انتخابه الى هيئة مكتب مجلس النواب.
– القول إن التيار الوطني الحر كان يحتاج الى الحليف الذي هو حزب الله، وفي الوقت نفسه تجرّع كأساً مرّة هي حليف الحليف الذي هو حركة أمل، صحيح. بيد أن الصحيح أيضاً أن لنيابة رئاسة المجلس ممراً إلزامياً هو رئيس المجلس، لا وصول إليه من دونه.
– صحيح أن حزب القوات اللبنانية اعتقد أن انتفاخ كتلته النيابية جعله فريقاً لا يُستغنى عن عداوته، وفي الوقت نفسه حاجة لمعارضي حزب الله الى التحالف معه. لكن الصحيح أيضاً أن ما انتهت إليه جلسة الثلاثاء كشف مرة جديدة أن من الصعوبة بمكان هضم الحزب في المعادلة الداخلية. مقدار ما أغراه حجمه الجديد، لم يُثِر حتى الآن على الأقل قلق منافسيه وأعدائه.
أما ما يفترض أن يُستخلص ممّا حدث الثلاثاء، فهو أن حزب الله ربح كل شيء تقريباً، ولم يخسر أيّ تفصيل:
1 – بعض المعلومات تحدّث عن اهتمام شخصي للأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله باليوم الطويل في ساحة النجمة، وخرج منه بثلاثة انتصارات، مفارقتها أن رقمها واحد هو 65 نائباً، في انتخاب رئيس المجلس ثم في انتخاب نائبه وفي الانتخاب الوحيد لأمين السر، أحد الأعضاء الخمسة الآخرين في هيئة المكتب. على إثر انتهاء انتخابات 15 أيار، قال نصر الله مسلّماً بنتائجها إن أيّاً من الأطراف لم يحز الغالبية المطلقة، سواء كان فريقاً واحداً أو كتلاً متضافرة. على طرف نقيض منه، قال رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع إن الأكثرية «صارت عندنا»، في إشارة الى كتلته النيابية التي زاد أعضاؤها، وتحالفه المحتمل مع الأحزاب والشخصيات المسيحية المعارضة والمستقلين ونواب المجتمع المدني الـ 13. واقع الأمر أن جلسة الثلاثاء قلبت شعار اللافتة الانتخابية الحمراء: مَن قال إنه لا يملك أظهر أنه يملك، ومَن قال إنه يملك بَانَ لا يملك.
2 – ليس خافياً أن انتخاب رئيس المجلس هو الأصل، وانتخاب نائبه هو الفرع. ذلك ما انتهى إليه اقتراع الثلاثاء وقاده حزب الله بين حليفين عدوّين. إلا أن كلاً منهما يحتاج الى الاستعانة بالآخر، واستعارة ما عنده أو بعض ما عنده. فوز برّي حاصل في كل حال بصفته مرشحاً وحيداً. لكنّ الاكتفاء بالدورة الأولى من الاقتراع تطلّب ثلاثة نواب من التيار الوطني الحر من غير الحزبيين، فضلاً عن النواب الثلاثة لحزب الطاشناق، بينما فوز الياس بوصعب احتاج في المقابل الى الأصوات الـ 15 في كتلة برّي.
3 – لم يعنِ تمسّك حزب الله بانتخاب برّي رئيساً للمجلس من الدورة الأولى، سوى تأكيدٍ على أن مقاربته المنصب أنه موقع دستوري للمقاومة، أكثر منه منصباً شيعياً. في جلسة الثلاثاء، ربما للمرة الأولى، أكسب حزب الله موقع رئاسة المجلس رمزية لم تكن له قبلاً بمثل هذا الظهور والعلانية، بأن ربطها بـ«المقاومة» بكل ما تنطوي عليه من انقسام وطني داخلي، كان الى حدّ يميّز رئيس حركة أمل عن حزب الله، ويعثر فيه على ما لا يريده في الحزب.
لهذا السبب، في الغالب، لم يسع معارضو انتخاب برّي سوى أن يسقطوا في صندوقة الاقتراع 23 ورقة بيضاء، زائداً 40 ورقة ملغاة، ما جعل التصويت السلبي هذا يساوي نصف عدد مجلس النواب. كان محتوماً أن لا يكون ثمة مرشح شيعي آخر. إلا أن المحتوم الآخر هو حصول الانتخاب بالغالبية الدستورية الطبيعية لأيّ تصويت مماثل. لم تكن الأرقام العالية السابقة (1992 – 2018) لرئيس المجلس ما بين 90 و124 صوتاً سوى تعبير عن توافق سياسي مسبق، كان جزءاً لا يتجزّأ من المراحل تلك وتوازناتها الداخلية وإيقاعها المنتظم، وخصوصاً في ظل تفاهم شيعي – سنّي. آنذاك، كان يُعدّ أقرب الى شبه الإجماع، يطبّق على رئاستَي المجلس والحكومة، لم يعد متيسّراً الآن.
أسوأ ما كان يمكن توقّعه، وصول الاقتراع الى الدورة الثالثة للفوز بالغالبية النسبية. إلا أن التصويت السلبي لنصف مجلس النواب، بين أوراق بيض أو ملغاة، ليس سوى تصويت صريح ضد رمزية «المقاومة».
4 – رغم ضراوة المنافسة بينه وبين غسان سكاف، ليس انتخاب بوصعب نائباً لرئيس المجلس هو الانتصار الفعلي للتيار الوطني الحر، ولم يكن يستحق بالفعل المجازفة في ظلّ تحالفه مع حزب الله، بل فوز آلان عون على زياد حواط في أمانة سر هيئة المكتب بفارق كبير في الأصوات (65 صوتاً في مقابل 38). خلافاً لعون الحزبي، لم تسعف عدم حزبية حواط، وربما بسبب وجوده في كتلة حزبية، وتشفع له بحصوله على عدد أكبر من الأصوات. مع ذلك، اتخذت المواجهة بينهما طابعاً مسيحياً محضاً بين الكتلتين المسيحيّتين الكبريين، كي يخرج أحدهما رابحاً والآخر خاسراً.
5 – إذا صح الظنّ بأن نجاح غالبية 65 نائباً في امتحانها الأول يصلح لأن يكون قاعدة أتاحت لحزب الله – مباشرة أو مداورة – جمع الأعداء والخصوم من حوله (الى كتلتَي الثنائي الشيعي والتيار الوطني الحر ووليد جنبلاط وحزب الطاشناق ونواب مسيحيين وسنّة مستقلّين وسبعة نواب سنّة يدورون في فلك الرئيس سعد الحريري صاروا وحدهم يمثّلون الشرعية السنّية المحظرة)، فلا مناص من القول إن نتائج انتخابات 2022 وما حدث الثلاثاء لا يقودان إلا الى تكليف الرئيس نجيب ميقاتي ترؤس الحكومة الجديدة.
البناء
واشنطن قلقة من التصعيد في المنطقة وتسعى مع القاهرة لتسوية حول القدس والأسرى والحصار
التموضع النيابي يتبلور حكومياً مع أرجحية لميقاتي… وإمكانية إصدار مراسيم تشكيل ذات الحكومة
حردان: ذكرى الرشيد ستبقى حية ودماؤه ستُسقط محاولات تبييض صفحة الذين اغتالوه
كشفت مصادر فلسطينية لـ «البناء» عن بعض التفاصيل التي رافقت اليوم الطويل لمسيرة الأعلام الصهيونيّة، فقالت إن الرسائل المصرية التي وصلت لقيادة قوى المقاومة في غزة تضمنت أجوبة على الأسئلة التي طرحتها قوى المقاومة حول مصير التعهدات التي كفلها المصريون بعد معركة سيف القدس العام الماضي، وقالت إن المخابرات المصرية نقلت قلقاً أميركياً من خطورة انفجار كبير يخرج عن السيطرة في المنطقة، سواء في ظل تصعيد ايراني – إسرائيلي أو تركي – سوري، ما يشكل سبباً كافياً لإقناع واشنطن بضرورة سحب فتيل التفجير الذي تشكله المواجهات المتصاعدة في فلسطين، تحت عناوين القدس والأسرى وفك الحصار عن غزة، التي كانت موضوع التعهّدات في وقف النار بعد معركة سيف القدس، ولم يتم تنفيذ أي منها. وتضيف المصادر أن قوى المقاومة التي تجاوبت مع المسعى المصريّ ضمن ضوابط رئيسية أبرزها عدم وصول مسيرة الأعلام الى باحات المسجد الأقصى، حدّدت مهلة لبدء تطبيق التعهدات، وأنها أبلغت المصريين بأنها لن تردّد ببدء المعركة هذه المرة تحت عنوان عمليّة أسر جديدة لفتح ملف الأسرى، أو تسيير سفن من ميناء غزة وإليه وتحدّي جيش الاحتلال محاولة وقفها.
لبنانياً، بدأت المشاورات التمهيديّة لبلورة صورة تموضع الكتل النيابية الكبرى حول الخيارات الحكومية، حيث يبدو ترشيح الرئيس نجيب ميقاتي لرئاسة الحكومة، موضع توافق بين طرفي ثنائي حركة أمل وحزب الله، وأبرز حلفائهما في قوى 8 آذار، بينما لا يمانع رئيس الجمهورية إعادة التسمية وفقاً لما أوحت به الدعوة غير الرسمية المسرّبة لتعويم الحكومة الحالية، بينما يتمهل التيار الوطني الحر بدراسة الموقف تحت عنوان الدعوة لحكومة سياسية، فيما تعارض القوات وحلفاؤها الـ 38 الذين ظهروا ككتلة موحدة في انتخاب أمين سر هيئة مكتب مجلس النواب، خيار ميقاتي وتبدو أقرب لخيار الدعوة لتسمية السفير السابق نواف سلام وحشد أوسع تحالف نيابي لصالحه بضم كتلة اللقاء الديمقراطي، ونواب التغيير الذين تتحرّك على خط توحيدهم وراء ترشيح سلام جهات داخلية وخارجية، لكن موقف النائب السابق وليد جنبلاط الذي تحدّث في تغريدة له عن هزيمة الغالبية الجديدة، محذراً من أن 8 آذار لا ترحم، يبدو بدعوته هذه ممهداً لتسمية ميقاتي عبر التحذير من تكرار ترشيح غسان سكاف والفشل مجدداً مع نواف سلام، أما عن الحكومة وإمكانية تفادي هدر الوقت على مناكفات التأليف، بين حكومة سياسية وتكنوقراط، والتسميات والمحاصصات، قالت مصادر نيابية إن لا وجود لشيء اسمه تعويم حكومة مستقيلة، لكن لا شيء يمنع إعادة تعيين الوزير في حكومة مستقيلة وزيراً في حكومة جديدة، واذا توافقت القوى الرئيسية على أن عمر الحكومة القصير والحاجة لتسريع ورشة التشريعات الإصلاحية وملف الكهرباء، يستدعيان إعادة تسمية الوزراء في الحكومة المستقيلة وزراء في الحكومة الجديدة، فإن لا شيء يمنع ان تصدر مراسيم الحكومة الجديدة بالأسماء القديمة ذاتها وحقائبها، خلال أيام بعد التكليف.
على الصعيد المالي، قالت مصادر حقوقية إن خيبة الأمل من نواب التغيير، بعد أدائهم الاستعراضيّ والعبثيّ في الأيام الأولى لتولي المسؤولية، ربما تعوّضه الحركة الناضجة التي تدور في كواليس نقابات المهن الحرة، في مواجهة المصارف، تحت عنوان الودائع وحقوق المودعين وصناديق التقاعد والتعاضد المهنية، وإن نقابة المحامين التي تقود الجانب القانوني من التحرّك، قد اعدّت عدة سيناريوهات للمواجهة القانونية، رست في نهايتها على خيار رفع دعوى مدنيّة تنتهي بطلب تعيين مشرف قضائي كمدير مؤقت لكل مصرف من المصارف موضوع الشكوى، ما يتيح الاطلاع على كل خبايا وخفايا اللعبة التي ضاعت فيها أموال المودعين، والتحويلات التي تمّت بصورة غير شرعية الى الخارج، وآليات استعادتها، وأرباح المصارف وممتلكاتها وسيولتها في الخارج وأملاكها وأملاك أصحابها ومدرائها في لبنان، ونسبة ما تغطيه من الودائع، ووضع خطة تسييل تتيح برمجة زمنية لإعادة الحقوق المنهوبة. وقالت المصادر إن هذه العملية ستشكل ثورة قانونية تغيّر شكل النظام المصرفيّ وتتيح إعادة تأسيس هذا النظام على قواعد جديدة تنطلق من تخديم حاجات الاقتصاد، بدلاً من وظيفة السمسار المقامر طلباً للربح السريع مهما ارتفعت نسب المخاطرة.
أجرى رئيس الحزب السوري القومي الاجتماعي أسعد حردان اتصالاً برئيس تيار الكرامة فيصل كرامي، في ذكرى اغتيال الرئيس رشيد كرامي، أكد خلاله أنّ الرئيس الرشيد، كان رجل دولة بامتياز، وجسّد خلال مسيرته القيم الوطنيّة، دفاعاً عن ثوابت وحدة لبنان وهويته وسيادته. وأشار حردان إلى أنّ ذكرى الرئيس الرشيد ستظلّ حية، وحرارة دمه كفيلة بإسقاط كلّ محاولات تبييض صفحة الذين اغتالوه. كما اتصل حردان برئيس مجلس النواب نبيه بري، مهنئاً بانتخابه لولاية جديدة، وبالنائب الياس بوصعب، وهنّأه بانتخابه نائباً للرئيس.
وفي الذكرى نفسها، رأى رئيس تيار الكرامة فيصل كرامي، أن «طرابلس لم تكن يوماً مقراً للعملاء، ولن تكون ممراً لهؤلاء ولو كانوا برتبة نواب». ولفت كرامي، الى أن «معركتنا ستبقى لاسترجاع حقوق الناس»، مشيراً الى «أنني تعرضت في الانتخابات الى عمليات اغتيال معنوي، ولفقوا الحكايات والوقائع وكان واضحاً أن الاستهداف يطالني شخصياً».
وأكد كرامي أن «الحملات ضدي ما زالت مستمرة كل يوم، ومؤسسات كرامي وجدت لخدمة كل الناس»، وشدّد كرامي على «أنني سأظل أنا وآبائي وأجدادي ثابتاً في عروبتي ومؤمناً أن ما أخذ بالقوة سيُرد بالقوة، وسأظل منادياً للحوار لتنظيم الخلاف بين اللبنانيين».
وبعدما طويت معركة استحقاق انتخاب رئيس للمجلس النيابي ونائبه وهيئة مكتب المجلس، واكتمل عقد «المطبخ التشريعي» للمجلس الجديد، انصرفت القوى السياسية الى «استراحة محارب» للاستعداد لمعارك جديدة، وتتجه الأنظار الى الاستحقاق الحكومي في ظل تحضير رئاسة الجمهورية لإطلاق الاستشارات النيابية الملزمة لتكليف رئيس لتشكيل الحكومة الجديدة وسط غموض يخيّم على المشهد الحكومي في أعقاب الأحجام والتوازنات التي أفرزتها جلسة الانتخاب أمس الأول.
وبانتظار جلسة مجلس النواب المقبلة لانتخاب رؤساء وأعضاء اللجان النيابية وإرسال رئاسة المجلس لائحة بأسماء الكتل النيابية الى رئاسة الجمهورية ليتمّ وضع جدول الاستشارات، بقيت وقائع الجلسة النيابية والفائزين فيها والأرقام التي نالوها، في دائرة القراءة السياسية والتحليل من جهات سياسية عدة داخلية وخارجية، لا سيما انكشاف الحجم الحقيقي للكتل والقوى النيابية كـ»القوات اللبنانية» و»الكتائب» والمجتمع المدنيّ، وسقوط الأكثريات المزيفة التي تباهوا بها خلال إعلان نتائج الانتخابات، ما سيعكس هذه التوازنات على الاستحقاقات المقبلة لا سيما في الحكومة ورئاسة الجمهورية.
ولفتت أوساط سياسية مطلعة لـ«البناء» الى أن «فوز تحالف ثنائي أمل وحزب الله وحلفاء المقاومة والتيار الوطني الحر بثلاثة استحقاقات متتالية في الجلسة نفسها – رئاسة المجلس ونائبه وأمين السر، يعد انتصاراً سياسياً لفريق المقاومة ونكسة إضافية لفريق القوات اللبنانية والكتائب وقوى التغيير، ومنح هذه القوى حجمها الحقيقي، وقد بدت متشرذمة ومشتتة في أول تجربة ميدانيّة لها في المجلس النيابي ما يجعل دورها فقط للتشويش على بعض القوى السياسية في المجلس والمشاغبة والاستعراض وقنبلة صوتية ومطية تستخدمها كتل نيابية حزبية كالقوات لخدمة مصالحها».
كما أشرت نتائج الجلسة وفق الأوساط الى دور رئيس مجلس النواب نبيه بري الهام والمحوري في المرحلة المقبلة أكان في ادارة الجلسات والعمل التشريعي أو في تأليف الحكومة وضبط إيقاع الوضع السياسي الداخلي تحت عناوين الاستقرار والتعاون للنهوض الاقتصادي بالبلد كما أكد خلال كلمته في المجلس عقب انتخابه، ما يجعل الرئيس برّي محور أي أكثرية نيابية قد تتألف في أي استحقاق أكان بين الثنائي أمل وحزب الله مع التيار الوطني الحر أو الثنائي مع رئيس الحزب الاشتراكي وليد جنبلاط».
إلا أن بعض القوى لم يرق لها المشهد النيابي الجديد في الجلسة الأولى، فعمدت الى رفع سقف خطابها السياسي بالتحذير من أكثرية توالي إيران وسورية، علماً أن هذه القوى سارعت للتهليل والاحتفال والاحتفاء بنتائج الانتخابات النيابية، ما يدعو للتساؤل: كيف تكون أكثرية المجلس موالية لإيران وسورية وهذه القوى تدعي فوزها بالأكثرية في الانتخابات؟ وهل تدخلت إيران وسورية في العملية الانتخابية؟ مقابل التدخل الفاضح والواضح للسفارة الأميركية في لبنان وللسفير السعودي وليد البخاري.
واعترف رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط بـ»هزيمة الأغلبية الجديدة في المجلس النيابي في انتخاب نائب رئيس نتيجة سوء التنسيق، وقد يكون من الأفضل صياغة برنامج مشترك يتجاوز التناقضات الثانوية من أجل مواجهة جبهة 8 آذار السورية الإيرانية التي للتذكير ستنتقم لهزيمتها في الانتخابات بكل الوسائل ولن ترحم أحد».
وردّ عضو تكتل «لبنان القوي» النائب سيزار أبي خليل، تعليقًا على جنبلاط بالقول: «فليفسر لنا جنبلاط بانتخابات رئاسة مجلس النواب كيف كان مصطفًا مع امل وحزب الله، وبعد 10 دقائق اصطف مع الآخرين ضد التصويت لنائب رئيس المجلس إلياس بو صعب، فهل بدّل بغضون 10 دقائق من ممانع لغير ممانع؟».
وأطلق رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع سلسلة تهديدات ضد قوى أخرى، وقال في مقابلة مع «رويترز«: «ما ينبسطوا كتير حزب الله»، مضيفاً أن «الانقسامات في البرلمان ستؤدي إلى مواجهة كبيرة بين حزب الله وحلفائه من جهة وحزب القوات اللبنانية من جهة أخرى». مشدداً على أن «القوات سترفض أي شخص متحالف مع حزب الله لمنصب رئيس الوزراء وسيلتزم بمقاطعته للحكومة إذا تشكلت حكومة توافقية جديدة»، وأضاف: «إذا حكومة مثل العادة مع الكل أكيد ما منوافق وما منشارك».
وعزت مصادر نيابية تصعيد جعجع الكلامي الى انكشاف أوراقه النيابية والسياسية مبكراً في أول جلسة نيابية، وبالتالي تعطيل دوره في الاستحقاقات المقبلة، ما سيقتصر عمله على محاولة تعطيل الاستحقاقات الدستورية، وافتعال المواجهات والحروب الكلامية والتحريض على الفتن الطائفية وتهديد السلم الداخلي على غرار ما حصل في الطيونة.
وبعد هزيمة «القوات» في «ساحة النجمة» عمدت الى نقل المعركة الى الجامعات من خلال الاعتداء بالضرب على طلاب التيار الوطني الحر في كلية الحقوق والعلوم السياسية – في الجامعة اللبنانية في جل الديب على خلفية نزع مناصري «التيار» بعض لافتات «القوات» ورفع لافتة تطالب بالتدقيق الجنائي.
الى ذلك، دعا الرئيس بري المجلس النيابي الى جلسة لانتخاب أعضاء اللجان المشتركة، الثلاثاء المقبل عملًا بأحكام المادة 19 من النظام الداخلي.
وفي ما يصرّ التيار الوطني الحر على حصول اتفاق مع الرئيس بري في جلسة الانتخاب، جزمت مصادر التيار لـ«البناء» الى أن «نواب التكتل لم يمنحوا بري أصواتهم رغم أن كتلة التنمية والتحرير أعطوا جميع أصواتهم لأبو صعب، ما يدل على أن التفاهم بين الأخير والرئيس بري منفصل عن العلاقة بين التيار وعين التينة، وبالتالي لا يشمل تصويت التيار لبري»، وأوضحت المصادر أن «التيار ربح معركة نائب الرئيس لكنه لم يخضها، لأنه انسجم مع موافقه المبدئية بأنه ليس جزءاً من أية أكثرية نيابية، وسيتعامل مع الاستحقاقات المقبلة على القطعة ووفق المصلحة الوطنية».
وفي سياق ذلك، أشار نائب رئيس مجلس النواب النائب إلياس بو صعب، إلى أنه «لو من أعطوا رئيس مجلس النواب نبيه بري أعطوني (الأصوات)، لكان يجب أن آخذ نسبة أعلى من التصويت، ورقم 65 لي ولبري المتشابه لا يدل على أي اتفاق قطعًا. وهذه الأمور من نسج خيال المحرضين». وكشف أنّ «هناك شخصين قد قلبا المعادلة لكي أفوز، وأنا كنت أتوقع حصول 64 صوتًا». إلا أن معلومات «البناء» كشفت بأن «الرئيس بري نال فقط 4 أصوات من تكتل لبنان القويّ، هم نواب الطاشناق الثلاثة والنائب محمد يحيي».
على صعيد آخر، وبعد ارتفاعه السريع فور انتهاء الجلسة النيابية، عاد سعر صرف الدولار للانخفاض الى ما دون الثلاثين ألف ليرة في السوق السوداء، وذلك نتيجة تفعيل العمل بالتعميم 161 الصادر عن مصرف لبنان، وأصدر حاكم مصرف لبنان رياض سلامة أمس إعلاماً الى المصارف حمل الرقم 949، طلب فيه «التقيد بأحكام القرار المتعلق بالإجراءات الاستثنائية للسحوبات النقدية وعدم استيفاء أية عمولات او نفقات من اي نوع». وذلك بعد ورود شكاوى عدة من المواطنين على المصارف بسوء تنظيم عملية السحوبات وعدم تلبية طلباتهم من قبل بعض المصارف.
وأكد البنك الدولي، في تقرير حول مراجعة الأداء والدروس المستفادة لإطار الشراكة الاستراتيجية مع لبنان، أنّ لبنان «أضاع وقتاً ثميناً دون القيام بما يلزم، لإخراج البلاد من التدهور الاقتصادي الحادّ».
ولفت المدير الإقليمي لدائرة المشرق في البنك الدولي ساروج كومار جاه، إلى أنّ «استمرار التأخير المتعمّد في معالجة أسباب الأزمة، ينطوي على تهديد ليس على المستوى الاجتماعي والاقتصادي، وإنما أيضاً على خطر إخفاق منهجيّ لمؤسسات الدولة، وتعريض السلم الاجتماعي الهشّ لمزيد من الضغوط»، معتبرًا أن المعوقات الرئيسية للتنمية في لبنان لا تزال قائمة، وهي «استيلاء النخبة على السلطة تحت ستار الطائفية، والتعرّض للصراع والعنف».
على صعيد أمني، أعلنت قيادة الجيش، أنه «بتاريخ 1/6/2022 وأثناء قيام دورية من مديرية المخابرات بملاحقة سيارة يستقلها (ع.ز.) و(ح.ج.) و(ع.ج.) وهم متورطون بقتل الرقيب الشهيد عباس قيس قبل أيام». ولفتت في بيان الى أنه «لدى وصول السيارة إلى حاجز حربتا أقدم من بداخلها على إطلاق النار باتجاه العسكريين الذين ردوا بالمثل ما أدى إلى مقتلهم. وقد ضبط داخل السيارة اسلحة فردية وكمية من المخدرات، وسلمت المضبوطات وبوشر التحقيق بإشراف القضاء المختص».