الاخبار
هوكشتين يجمع الرؤساء: العرض الحاسم
التفاؤل الحذر يشمل أميركا وإسرائيل وبعض اللبنانيين
«جدية يجب التوقف عندها». هذا ما لخّصه مسؤول بارز اطلع على جولة الوسيط الأميركي عاموس هوكشتين أمس، والتي اختتمت ليلاً بتلبيته دعوة رئيس الحكومة نجيب ميقاتي إلى عشاء حرص الأخير على أن يحضره نائب رئيس المجلس النيابي الياس بو صعب بصفته ممثلاً للرئيس ميشال عون والتيار الوطني الحر، والمدير العام للأمن العام اللواء عباس إبراهيم بصفته ممثلاً لثنائي أمل وحزب الله. وقد نوقش ملف الترسيم خلال اللقاء، وطلب هوكشتين أن يكون اجتماعه غداً في قصر بعبدا مع الرؤساء الثلاثة معاً. وفي هذا الإطار جاءت دعوة الرئيس ميشال عون الرئيسين نبيه بري وميقاتي، ليلاً، إلى لقاء في قصر بعبدا بعد احتفال عيد الجيش، على أن يعقدوا لقاء تشاورياً قبل وصول الوسيط الذي سيعرض الاقتراح الجديد الذي يحمله من إسرائيل.
وعشية الاجتماع، كانت الأجواء مليئة بالعناصر الجديدة، وأبرزها شريط فيديو وزعه الإعلام الحربي في المقاومة الإسلامية تضمن معلومات وصوراً من كاميرا حرارية متطورة لموقع «كاريش» والسفن العاملة حوله بالإضافة إلى معلومات عن السفن نفسها وعن إحداثيات تموضعها بالقرب من الحقل، مع تمرير صور لجزء من أسلحة صواريخ بر – بحر التي سبق للمقاومة أن كشفت عن حيازتها لها. وقد أثار الشريط حفيظة الجانب الإسرائيلي وأشعر هوكشتين بالقلق، فدعا إلى عدم القيام بخطوات تهدد المفاوضات التي تبقى السبيل الوحيد للوصول إلى اتفاق.
وإلى التسريبات المحدودة عن عرض إسرائيلي يقوم على فكرة التنازل للبنان عن كامل حقل قانا، لكن ضمن إطار اتفاق لا ينعكس سلباً على الحملة الانتخابية لفريق الحكومة الحالية في إسرائيل، فإن الوسيط الأميركي بعث إلى لبنان برسائل عبر دول أوروبية قبل وصوله، داعياً المسؤولين اللبنانيين إلى «التصرف بمسؤولية»، وأنه لن يعود مجدداً إذا لم يكن هناك ما يشير إلى استعداد لبنان لاتفاق قبل أيلول المقبل. فيما سمع الأوروبيون والأميركيون كلاماً أكثر وضوحاً حول جدية المقاومة في خيار الذهاب إلى حرب ما لم يتم تحقيق مطالب لبنان، مع الإشارة إلى أن فرنسا أبلغت حزب الله والتيار الوطني الحر والرؤساء الثلاثة بأن شركة «توتال» ستكون جاهزة لبدء العمل عند توقيع الاتفاق، وأنها تفاهمت على ذلك مع الجانب الأميركي.
وكان هوكشتين زار لدى وصوله إلى بيروت اللواء إبراهيم ثم وزير الطاقة وليد فياض فقائد الجيش العماد جوزيف عون قبل أن يلبي مساء دعوة ميقاتي إلى العشاء في السراي الحكومي.
وفيما كررت وسائل إعلام إسرائيلية بأن الاقتراح الجديد يشتمل على فكرة «تقاسم الأرباح في الحقول المشتركة بعد الاتفاق على شركة تنقيب واحدة»، كان لافتاً نفي هوكشتين الأمر أمام من زارهم في بيروت، وقال: «أحمل معي مقترحاً مختلفاً عن السابق، وآمل بأن يفتح الباب أمام مفاوضات تقود إلى حل قبل نهاية الصيف». وأضاف: «ليس لدينا، نحن أو الإسرائيليين، أي طرح بالمشاركة في أعمال التنقيب أو الاستخراج أو حتى صندوق استثمار مشترك. المقترحات لا تربط البلدين بأي عمل تقني أو مالي من الاستخراج. وليس هناك أي مقترح من قبلنا أو من قبل إسرائيل بتقاسم أي حقل».
من جهته، أعلن الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله في كلمته العاشورائية أمس أنّ «قيادة حزب الله تناقشت بعد حضور منصة الاستخراج إلى شواطئ فلسطين المحتلة، درسنا الخيارات، ووضعنا أنفسنا أمام خيارين: إما بحل الأمور بإيجابية لصالح لبنان وإما الذهاب إلى حرب». وأضاف: «كل نيتنا أن نساعد الناس ونعطي الدولة عنصر قوة بالتفاوض. وغداً الصباح رباح. لكننا لسنا جانباً بالتفاوض ولم نكلف أحداً وليست مسؤوليتنا بل مسؤولية الدولة بقيادة رئيس الجمهورية العماد ميشال عون، ولن نتدخل على الإطلاق بقرار الدولة، بل نحن عنصر قوة لموقف الدولة».
وفي إسرائيل، أجّل المجلس الوزاري الإسرائيلي المصغر مناقشة ملف ترسيم الحدود إلى ما بعد انتهاء زيارة الوسيط الأميركي إلى لبنان. لكن الأمر جرى نقاشه على مستوى رفيع، وقالت وسائل إعلام العدو نقلاً عن مسؤولين رسميين إن الأمر طرح «خلال الحديث الذي جرى أمس بين وزير الأمن غانتس مع وزير الخارجية الأميركي بلينكن».
لكن الوفد الإسرائيلي المعني بالملف، عقد اجتماعاً عبر تطبيق «زوم» مع هوكشتين وأسمعه ثلاثة عناوين:
الأول، أن الطلبات اللبنانية غير واقعية وغير قابلة للشروع في مفاوضات من أجل اتفاق، وأن إسرائيل جاهزة للعودة إلى مفاوضات الناقورة.
الثاني، أن لدى إسرائيل اقتراحاً جديداً يسمح للبنان باستخراج الغاز والحصول على حقوقه من دون المس بالحقوق الإسرائيلية، وأن على هوكشتين إبلاغ اللبنانيين بأن العرض هو فرصة كبيرة لنقل لبنان من وضع الدولة المنهارة إلى وضع الدولة القادرة على إنتاج الغاز وتحسين أمورها، ولدى لبنان فرصة إذا قبل بالمقترح وعدم ترك الأمور لحزب الله.
الثالث، نقل رسالة تهديد من مسؤولين في المؤسستين الأمنية والعسكرية في إسرائيل بضرورة أن يبادر المسؤولون في لبنان إلى إقناع حزب الله بكبح جماح نفسه، وأن إسرائيل ستتصرف بطريقة مختلفة في حال حصل خرق جديد، والجيش سيرد على الخرق ولن يكتفي فقط باعتراض الطائرات المسيرة.
وبحسب تقارير إسرائيلية تضمنت آراء لخبراء ومسؤولين سابقين في الجيش والأمن، فإن إسرائيل «معنية بالوصول إلى حل سريع، ولكن في إسرائيل من يشك في أن حزب الله سيسمح للحكومة اللبنانية بالعودة إلى مفاوضات الناقورة». وأشارت التقارير إلى أن في إسرائيل مسؤولين يقولون إن «هناك خطوطاً حمراً مثل عدم السماح بالحديث عن المنطقة خارج منطقة الخلاف. ولكن هناك أموراً صغيرة يمكن لإسرائيل أن تعطيها للبنان، فإسرائيل لديها مصلحة كبيرة جداً في إنهاء الصفقة، وهي تفضل أن ينتج لبنان الغاز بنفسه لأنه حينها سيكون أقل ارتباطاً بإيران من ناحية الغاز أو سوق الطاقة. وفي حال لم ينجز ذلك ربما سنرى انفجاراً إقليمياً متجدداً».
وفي السياق نفسه، أوردت القناة 14 العبرية ليل أمس أن «الوفد الأميركي في بيروت متفائل جداً وقد وصف المقترح الإسرائيلي بالإيجابي». ونقلت عن مصادر في تل أبيب أنه «في حال فشل الأميركيون بالتوصل إلى اتفاق قبل أيلول المقبل، فإن إسرائيل ستلجأ إلى تقييم للوضع الأمني وسيصار إلى رفع مستوى التأهب في المنطقة الشمالية».
البناء
المقاومة تستقبل هوكشتاين بفيديو مسجّل عن منظار التصويب الصاروخيّ نحو منصات وسفن كاريش
نصرالله: هناك فرصة تاريخيّة لإنقاذ البلد والناس وتحتاج مخاطرة محسوبة فتحمّلنا المسؤوليّة
لسنا طرفاً في التفاوض ولم نكلّف أحداً.. على ضوء النتائج سنحدّد كيف نتصرّف.. لا نريد شكر أحد
يدخل لبنان شهر آب الذي يشكل المهلة الفاصلة عن مطلع شهر أيلول، موعد بدء ضخ الغاز المفترض من حقول بحر عكا من كيان الاحتلال، وهو موعد نهاية مهلة المقاومة المتاحة للتوصل إلى حل تفاوضيّ، قبل أن تصرف فائض قوتها لمنع أية محاولة لاستخراج الغاز من منصات حقول بحر عكا. ومع أول آب تحرّك المساران، التفاوضي والميداني، على المسار التفاوضيّ، وصل الوسيط الأميركي عاموس هوكشتاين أمس إلى بيروت وسيلتقي اليوم برئيس الجمهورية العماد ميشال عون ورئيس مجلس النواب نبيه بري ورئيس الحكومة نجيب ميقاتي، حاملاً معه الأجوبة التي تبلغها من حكومة كيان الاحتلال على العرض اللبناني الذي تبلغه هوكشتاين في زيارته الأخيرة بعد تهديدات المقاومة باستهداف المنصات الإسرائيلية في ساحل فلسطين المحتلة ما لم يحصل لبنان على حقوقه بالترسيم والاستخراج، وفقاً لمعادلة، اذا لم يحصل لبنان على النفط والغاز من البحر المتوسط فإن أحداً لن يحصل على النفط والغاز من المتوسط. وحفلت وسائل الإعلام الغربية والإسرائيلية بتحليلات ومقالات وتسريبات تركزت كلها على الحديث عن «مقترحات جديدة وجدية»، تزوّد بها الوسيط الأميركي من قيادة الكيان، بينما تحدّث بعضها عن مضمون المقترحات، مشيراً الى صيغ استثمار مشترك يرفضها لبنان ويعتبرها نوعاً من أنواع التطبيع، ويشير بعضها الآخر الى مقايضة بين حقل قانا واقتطاع أجزاء من البلوك 8 والبلوك 10 من الحقول اللبنانية، بينما أشارت مصادر الرؤساء الثلاثة الى استحالة قبول أي تنازل عن الحد الأدنى الذي تضمنه العرض اللبنانيّ الذي تبلغه هوكشتاين، وقالت مصادر متابعة للملف إن إمكانية تحقيق إجماع حول أي بديل آخر مستحيلة، حتى لو أراد البعض مسايرة الوسيط الأميركيّ بالاستعداد لمناقشة بدائل.
على المسار الميدانيّ، نشر الإعلام الحربي في المقاومة الإسلامية فيديو مسجّل لصور منصات وسفن استخراج وإنتاج وتخزين وضخ النفط والغاز من بحر عكا، تقول مصادر عسكرية إنه منقول عن شاشة منصّة مخصّصة لإطلاق صواريخ أرض بحر، ومن منظار التصويب، الذي يظهر إحداثيّة كل من الأهداف البحرية الثلاثة التي تمّ تصويرها، وتضيف المصادر أن الكاميرات المستخدمة في التصوير هي كاميرات حراريّة قامت بالتصوير من البر عن مسافة 90 كلم، والرسالة واضحة مع قدوم هوكشتاين، ومضمونها أن عدم نيل لبنان حقوقه يعني الانتقال من التسديد الى الإطلاق، فالصواريخ تبدو جاهزة للإطلاق.
في سياق جامع للمسارين تحدّث الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله، فأكد بالنسبة للمسار التفاوضي أن المقاومة ليست طرفاً في التفاوض ولم تكلف أحداً بأن يفاوض عنها، وهي لا تريد أن تكون طرفاً، ولن تتدخل في تحديد ما يجب أن تقبله الدولة وما لا يجب أن تقبل به، أما بالنسبة للمسار الميداني فالمقاومة تنتظر ما سينتج عن التفاوض وتقرّر الخطوة اللاحقة، مضيفاً أن المقاومة في تحمل المسؤولية انطلقت من حجم الكارثة المقبلة على لبنان واللبنانيين، والموقع المفترض للغاز والنفط كباب أمل وحيد لمواجهة الكارثة، بينما يمنع من نيل حقوقه، وبعدما ثبت لها أن الطريق الوحيد لحصول لبنان على حقوقه هو أن يعرف الذين يمنعون لبنان من حقوقه أن البديل أشدّ خطراً، وهو المواجهة، والمقاومة تملك القدرة على فعل ذلك، فقرّرت تحمل المسؤولية، وهي تعلم أنها تحمل مخاطرة محسوبة لإنقاذ بلدها وناسها، ولذلك لن تبخل بالتضحيات مهما كانت النتائج والتبعات.
أشار الأمين العام لحزب الله، السيد حسن نصرالله الى أن «قيادة حزب الله تناقشت بعد حضور منصة الاستخراج الى شواطئ فلسطين المحتلة، درسنا الخيارات، ورأينا أن هناك خطراً بالانهيار من دون مساعدات، ولا وجود لأفق حل، ولدينا فرصة استخراج الغاز والنفط، وكنا نستطيع أن لا نخوض هذه المغامرة و«دون وجع رأس»، الا أننا وضعنا أنفسنا إما بحل الأمور بإيجابية لصالح لبنان وإما الذهاب الى حرب، واتخذنا هذا القرار».
ولفت السيد نصرالله الى أن «بعض المواقع تشمت بمناطق سكن بيئتنا بأنها ستضرّر إن حصلت أي حرب، على أساس أن النفط والغاز سيكون لمنطقة دون أخرى، لكن انطلقنا من حرقة قلبنا على الناس، ونعتبر أن كرامتهم وأمنهم من أعظم الأعمال العباديّة لله، وهناك فرصة تاريخيّة لإنقاذ البلد والناس ونقلهم من الذل الى أفق واسع كبير، يحتاج الى مخاطرة محسوبة ولنذهب الى المخاطرة، وحاضرون أن نقدّم أرواحنا من أجل وطننا وشعبنا».
وعن سؤال حزب الله «مَن كلّفك بالدفاع عن لبنان؟» قال السيد نصرالله: «حلّ عني، انا الله مكلفني».
وتابع: «كل نيتنا أن نساعد الناس ونعطي الدولة عنصر قوة بالتفاوض، وغداً الصباح رباح، لكن لسنا جانباً بالتفاوض ولم نكلف أحداً وليست مسؤوليتنا بل مسؤولية الدولة بقيادة رئيس الجمهورية العماد ميشال عون، ونحن لن نتدخل على الإطلاق بقرار الدولة، بل نحن عنصر قوة لموقف الدولة، وهناك مَن يقول بأن حزب الله يريد «قطف» الأمور الإيجابية بملف الترسيم، لا نريد استغلال الأمر، بل نريد من الدولة أن تستغلّ خيراتها».
على وقع العملية الاستخبارية والمعلوماتية النوعية التي نفذتها المقاومة في عمق المياه الإقليمية في فلسطين المحتلة، وصل الوسيط الأميركي في عملية ترسيم الحدود البحرية، آموس هوكشتاين، الى بيروت في زيارة رسمية الى لبنان تستمرّ لأيام عدة، يجول خلالها على المسؤولين لا سيما المعنيين بملف ترسيم الحدود في إطار استكمال المفاوضات للتوصل الى اتفاق حول ترسيم الحدود بين لبنان والعدو الإسرائيلي.
وأعلن المتحدث باسم الخارجية الاميركية أنه «بعد زيارات قام بها إلى باريس وبروكسل وأثينا لمناقشة أمن الطاقة الأوروبي، سيسافر المنسق الرئاسي الخاص والوسيط الأميركي في ملف ترسيم الحدود البحرية أموس هوكشتاين إلى بيروت في 31 تموز لمناقشة الحلول المستدامة لأزمة الطاقة في لبنان، بما في ذلك التزام إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن بتسهيل الأمور، والمفاوضات بين لبنان و«إسرائيل» حول الحدود البحرية». واعتبرت الخارجية الأميركية أن «التوصل إلى حل في المفاوضات بين لبنان و«إسرائيل» أمر ضروري وممكن، ولكن لا يمكن تحقيقه إلا من خلال المفاوضات والديبلوماسية».
واستهل هوكشتاين جولته بلقاء وزير الطاقة في حكومة تصريف الأعمال وليد فياض، الذي لفت الى أن «الوسيط الأميركي يحمل طرحاً جديداً إلى المسؤولين اللبنانيين، وقال لي إنّه إيجابيّ ونفى أية شائعات عن التنقيب المشترك بين لبنان و«إسرائيل»». وأشار فياض، الى أن «هناك شرطين يضعهما البنك الدولي على لبنان، هما زيادة التعرفة وبداية الإجراءات لتعيين الهيئة الناظمة»، مضيفاً: «عرّجنا أنا وهوكشتاين على ملف الفيول الإيراني، وقلت له بصراحة أنا مع أن نأتي بالكهرباء للبنانيين ولا يُمكن أن أرفض أي هبة في هذا الموضوع، إذا ما تبيّن أن الطرح رسميّ وجديّ وبات أمامنا على الورق». وكشف فياض، أن «هوكشتاين قال لي إنه سيفاوض مع البنك الدولي بشأن شروط السير بخطة الكهرباء التي نفّذها لبنان، وأرسلت كتاباً إلى مؤسسة كهرباء لبنان أطلب فيه البدء بزيادة التعرفة». لكن معلومات «البناء» رجحت أن تستخدم الولايات المتحدة الفيتو لتعطيل قبول الدولة للهبة الايرانية تحت حجة الوعود بالاستحصال على استثناءات من قانون قيصر الأميركيّ لتشغيل خط الغاز العربي والفيول من الأردن.
كما انتقل الموفد الأميركي برفقة السفيرة الأميركية في بيروت دوروثي شيا الى السراي الحكومي حيث التقى رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي على مأدبة عشاء، بحضور نائب رئيس مجلس النواب الياس بو صعب، والمدير العام للأمن العام اللواء عباس إبراهيم«.
كما التقى الوسيط الأميركي قائد الجيش العماد جوزاف عون في مكتبه في اليرزة، بحضور السفيرة الأميركية السيدة دوروثي شيا، وتناول البحث موضوع ترسيم الحدود البحرية، وفق بيان الجيش.
وأطلع هوكشتاين العماد عون على آخر تطورات الملف. من جهة أخرى، جدد قائد الجيش تأكيده التزام المؤسسة العسكرية بأي قرار تتخذه السلطة السياسية في هذا الشأن، آملًا أن تصل المفاوضات إلى النتائج المرجوة لما في ذلك من مصلحة للبنان.
ويلتقي هوكشتاين اليوم رئيس الجمهورية ميشال عون ورئيس مجلس النواب نبيه بري ورئيس حكومة تصريف الاعمال نجيب ميقاتي، في ظل موقف رسمي ورئاسي موحّد محوره التمسك بحقوق لبنان السيادية والخط 23 والعودة إلى المفاوضات في الناقورة. ووفق معلومات «البناء» فإن هوكشتاين سيسلم الرئيس عون اليوم الرد الاسرائيلي على المقترح اللبناني ويستمع الى رأي الرئاسة بشأن الرد الإسرائيلي والمقترحات الأخرى.
وإذ تكشف مصادر مواكبة لملف الترسيم لـ«البناء» أن الموقف اللبناني سيكون موحداً أمام الوسيط الأميركي، تلفت الى أن خط الـ 29 حق للبنان وحدوده الموثقة بالأدلة والخرائط والمدعمة بالقوانين الدولية لا سيما قانون البحار والاتفاقيات المعمول بها دولياً، لكن الاقتراح الرسمي استقر على الخط 23 مع بعض المساحة الاضافية بين الخطين 23 والـ29 من بينها حقل قانا، لكن العقدة وفق المصادر هي في البلوك 8 حيث يمر خط أنبوب الغاز الاسرائيلي الى أوروبا، ما سيخلق مشكلة في حق المرور من هذا البلوك الذي يتمسّك به لبنان.
وقبيل وصول المبعوث الأميركي الى مطار بيروت، نشر الإعلام الحربي التابع لـ«حزب الله» فيديو يظهر إحداثيات منصات استخراج الغاز الإسرائيلية، وبعث برسالة عنوانها: «في المرمى.. اللعب بالوقت غير مفيد».
ويشير خبراء عسكريون لـ«البناء» الى أن «التزامن بين عمليّة المقاومة وزيارة الوسيط الأميركي يؤكد أن المقاومة لن تسمح للعدو الإسرائيلي ولا للأميركيين بالتسويف والمماطلة بإنجاز ملف الترسيم، وكما قال الأمين العام للحزب السيد حسن نصرالله إننا محكومون بالوقت قبل موعد انطلاق عملية استخراج الغاز في حقل كاريش ومحيطه». ويرى الخبراء أن «تمكن المقاومة من تصوير كل هذه الإحداثيات عبر رادار، هو رسالة واضحة لجهوزيّة واستعداد المقاومة لكافة الاحتمالات بما فيها الحرب». ويلفتوا إلى أن «قوة المعلوماتيّة والاستطلاع عبر هذا الفيديو الذي يكشف كل منصات الاستخراج ويضعها تحت مرمى نيران المقاومة، يمنح المفاوض اللبناني موقعاً تفاوضياً أقوى وأوراق قوة لاستخدامها في الضغط على العدو لتحصيل الحقوق اللبنانية أي التفاوض تحت الجهوزيّة».
ويُحذر الخبراء من أن انسداد أفق الحل لأزمة الحدود قبل أيلول، سيدحرج الوضع إلى حرب عسكرية، وبالتالي فإن فرضية الحرب قائمة في أية لحظة، لكن الشركات المتعهدة أعمال الاستخراج تمارس ضغوطاً كبيرة على الحكومة الاسرائيلية لاستئناف المفاوضات مع لبنان والتوصل الى اتفاق لترسيم الحدود، نظراً للكلفة الباهظة التي تتكبّدها الشركات والمقدرة بمئات ملايين الدولارات.
وعلق هوكشتاين على فيديو «حزب الله« معتبراً أنّ «هذا لا يفيد المفاوضات لأنه سيؤدي الى تصلب الموقف الاسرائيلي، خصوصًا أن هناك انتخابات مقبلة».
بدوره، تبرأ وزير الخارجية في حكومة تصريف الأعمال عبد الله بوحبيب من عملية حزب الله، وأكد بو حبيب في حديث تلفزيوني أن «فيديو المسيّرات الذي نشره حزب الله عن إحداثيات منصات استخراج الغاز لا يمثل موقف الدولة اللبنانية». موضحاً أنه لا يوجد مشكلة مع المقاومة إلا أن القرار حول الترسيم هو قرار الحكومة اللبنانية.
وتساءلت مصادر نيابية عبر «البناء» مواقف وزير الخارجية التي تتنصل من عمليات المقاومة التي تشكل الدعم الأساسي للمفاوض اللبناني وللموقف الرسمي اللبناني، كاشفة عن ضغوط أميركية على رئيس الحكومة ووزير الخارجية لإصدار بيان يتبرأ من عملية المقاومة نظراً لعمق ارتباط هؤلاء ومصالحهم مع الخارج الأميركي والأوروبي. متسائلة: ما هي أوراق القوة التي يمتلكها لبنان عندما يعود الى طاولة المفاوضات غير المقاومة وسلاحها وتهديدات السيد نصرالله الأخيرة بمنع العدو من استخراج الغاز في كامل شاطئ فلسطين المحتلة قبل أن ترسّم الحدود ويسمح للبنان باستخراج ثروته؟
وخطفت زيارة المبعوث الأميركي الى لبنان، الاهتمام في كيان الاحتلال الذي يترقب نتائج المفاوضات مع المسؤولين اللبنانيين، ولفتت وزيرة الطاقة الإسرائيلية كارين الحرار، بحسب ما نقلت إذاعة جيش الاحتلال، إلى أنّ «هناك عناصر في لبنان تحاول عرقلة التوصل لاتفاق بشأن ترسيم الحدود البحرية الجنوبية»، مشيرة إلى أن «هناك مصلحة كبيرة للشعب اللبناني تتمثل في التحول من بلد يسوده الخراب الاقتصادي إلى بلد منتج الغاز».
بدوره، أعلن مسؤول إسرائيلي، وفق ما نقلت عنه وكالة «رويترز«، أنّ هوكشتاين، «سيعرض اقتراحًا إسرائيليًا جديدًا بشأن ترسيم الحدود البحرية مع لبنان»، مشيرًا إلى أنّ «مقترحنا الجديد يسمح للبنان باستخراج الغاز من المنطقة مع الحفاظ على حقوقنا».
في المقابل شدّد رئيس المجلس التنفيذي في حزب الله السيد هاشم صفي الدين، على أن «إصرار الولايات المتحدة الأميركية ومعها بعض دول الخليج والدول المطبعة والخانعة وبعض اللبنانيين قاصري النظر، على جعلنا نتخلّى عن المقاومة، فضلاً عن تآمرهم بالليل والنهار وبمناسبة وبغير مناسبة على المقاومة وسلاحها، يجعلنا نقتنع ونتأكّد أن المقاومة وسلاحها، هما الخيار الأفضل لنا ولبلدنا ولوطننا ولأمتنا». وأكد صفي الدين أنّ «لا رجعة للوراء، وإذا كان هناك من في لبنان أو من في المنطقة يتخيّل أن شعب وجمهور هذه المقاومة، والإمام السيد موسى الصدر، وسيّد شهداء المقاومة السيد عباس الموسوي، وشيخ شهداء المقاومة الشيخ راغب حرب والحاج عماد وكل هؤلاء الشهداء، يمكن أن يتراجع أو أن يعود إلى عقود غابرة، فهؤلاء مخطئون وواهمون، لأننا عرفنا طريقنا، وسنكمل هذا الطريق إلى آخر الأهداف بإذن الله تعالى بالعقل وبالمنطق وبالحجّة».
على صعيد تأليف الحكومة لم تُسجل أية خطوة جديدة، في ظل مراوحة قاتلة. وتشير مصادر مطلعة على الملف لـ«البناء» غياب إرادة تأليف الحكومة من الطرفين المعنيين أي بعبدا والقصر الحكومي لصالح الاهتمام بالاستحقاق الرئاسي، لكن المصادر أملت أن يتمكن لقاء الرؤساء الثلاثة خلال الاحتفال بعيد الجيش اليوم بكسر الجليد بين الرئيسين عون وميقاتي وتنشيط الاتصالات واللقاءات الحكومية.
على جبهة الاستحقاق الرئاسي تفيد أجواء سياسية عن تحرك مبكر لرئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط باتجاه بعض الأطراف المؤثرة في الملف الرئاسي في محاولة للتوصل الى توافق مبدئي على مواصفات رئيس.
وإذ نفت أوساط الحزب الاشتراكي لـ«البناء» حصول أي لقاء بين جنبلاط وحزب الله، لفتت الى أن أي لقاء سيحصل سيعلن عنه ولا مواعيد لأية لقاءات هذه الفترة، مضيفة أن أي كلام في موضوع الرئاسة غير معنيين به وفي دائرة التحاليل والتأويلات إلا ما يقوله جنبلاط شخصياً. لكن مصادر على صلة بالحزبين شددت لـ«البناء» على أن «العلاقة لم تنقطع بين حزب الله والحزب التقدمي الاشتراكي وقنوات الاتصال مستمرّة ومفتوحة، لكن من المبكر الحديث عن ملف رئاسة الجمهورية بانتظار الكثير من الأحداث والمعطيات والاستحقاقات في لبنان والمنطقة تفرض نفسها على الملف الرئاسي وتوازن القوى الذي يحكمه».
على صعيد آخر، لا تزال قضية المطران موسى الحاج في الواجهة، واعتبر البطريرك الماروني مار بشارة الراعي أن «ما حصل مع المطران موسى الحاج يشكّل امتحانًا لمدى قدرة المسؤولين على وضع حد للتطاول على الكنيسة المارونية، والبعض يشكو تدخل الدين بالدولة، لكن اليوم الدولة تعتدي على طائفة تأسيسيّة، ونحن نؤكّد أننا أول من يحترم القوانين والقضاء ويدافع عنه، ونطالب المسؤولين عن الحادثة بأن يعيدوا جواز سفر المطران الحاج له وأن يؤمّنّوا له العبور من الناقورة كما الذين سبقوه من مطارنة الى أبرشيته من دون أي توقيف أو تفتيش وأن يسلّموا الأمانات للشخصيات والمؤسسات ونطالب بأن يكفوا عن تسمية المواطنين اللبنانيين الموجودين في الأراضي المحتلة بالعملاء».
وأبدى مصدر نيابيّ استغرابه لشروط الراعي القاسية على الدولة والقضاء التي من الصعب تحقيقها وعلى الدفاع عن العملاء، مشدّداً لـ«البناء» على أن «كل من انخرط في جيش العدو وعمل لمصلحته هو عميل وخائن شاء من شاء وأبى من أبى. هذه ثابتة وطنية». وتوقعت مصادر على صلة بالملف لـ«البناء» «التوصل الى تسوية في قضية المطران الحاج على قاعدة لا يموت الذيب ولا يفنى الغنم، تقضي بأن يتعهد المطران بعدم السفر الى فلسطين المحتلة عبر معبر الناقورة الذي سيتم إقفاله، مقابل وقف ملاحقة المطران واستدعائه الى التحقيق أمام المحقق العسكري، أما الأموال والعتاد والأدوية فلن تعاد اليه في الوقت الحاضر قبل التأكد من مصدرها والمستفيدين منها، إذا كانت أموالاً فعلاً لغايات إنسانية أم تعود لأهالي العملاء الفارين الى «اسرائيل»».
وأشار المفتي الجعفري الممتاز الشيخ أحمد قبلان خلال إحياء ليالي عاشوراء الى أن «عميل عميل، والطائفية مرض خبيث وإسرائيل مصدر تهديد وجودي للبنان، والغطاء الأخضر على طول حدود لبنان مع فلسطين مركز قوة لبنان واللعب فيه ممنوع، والمقاومة درع لبنان وكشف ظهرها خيانة».
وقبيل أيام من الذكرى السنوية الثانية على انفجار مرفأ بيروت، شهد المرفأ انهيارات صغيرة للحجارة في محيط الصومعتين التي سقطت من إهراءات مرفأ بيروت، في وقت سابق.
وقامت طوافات الجيش اللبناني بإطفاء الحريق الذي اندلع في إهراءات مرفأ بيروت، بعد سقوط أجزاء من الجهة الشمالية.
وأشار وزير الأشغال في حكومة تصريف الأعمال علي حمية، تعليقًا على سقوط جزء من الإهراءات في مرفأ بيروت إلى أنّ «المشكلة ليست فقط في الجزء الشمالي، بل الواضح أن صومعتين من الجزء الجنوبي انفصلتا عن الإهراءات»، مشيرًا إلى «أننا أوقفنا عددًا من الارصفة لأن الامر كان متوقعًا، من أجل السلامة العامة«، موضحاً أن «محطة الحاويات لن تتأثر وحركة مرفأ بيروت»، مشيرًا إلى أنّه «حين اتخذ قرار هدم الإهراءات لم يكن سياسيًا إنما كان مبنيًا على أمور فنية ومن خبراء»، مؤكدًا «أنني أطمئن أنه لن يكون هناك انفجار«.
وفي ملف متصل بقضية المرفأ، وضع النائب العام التمييزي في لبنان، القاضي غسان عويدات، يده على ملفّ الباخرة «لوديسيا» الراسية في مرفأ طرابلس، والمحمّلة بشحنة من القمح الأوكراني، وكلّف شعبة المعلومات في قوى الأمن الداخلي والمديرية العامة للجمارك، إجراء التحقيقات الأولية بإشرافه المباشر، والتثبّت مما إذا كانت حمولتها مسروقة، كما تدّعي السلطات الأوكرانية أم لا، لاتخاذ المقتضى القانوني بشأنها.
وكشف القاضي عويدات أنه «أمر بالحجز الاحتياطي على الباخرة وحمولتها إلى حين الانتهاء من التحقيق، وجلاء الملابسات المحيطة بها». وأكد في حديث صحافي أن التحقيق حتى الآن «لم يحدد ما إذا كانت حمولة الباخرة مسروقة أم لا».