الأخبار
هل يعرض ميقاتي تشكيلة قبل آخر الشهر؟
إجراءات «التفاهم البحري» تنتظر الخطوات الإسرائيلية
لطرحه «مرشح تسوية» قادر على لملمة الوضع، معتبرة أن الأشهر الثلاثة المقبلة ستكون «حاسمة وخطيرة».
عون أعلن موافقة لبنان على صيغة الترسيم: إنجاز تحقّق بنضال الشعب والمقاومة
فيما تتواصل التحضيرات لإنجاز ملف التفاهم البحري قبل نهاية الشهر، عادت الحرارة إلى الاتصالات في ملفي رئاسة الجمهورية وتشكيل حكومة قبل نهاية ولاية الرئيس ميشال عون.
في ملف الترسيم، باشرت الدوائر المعنية في القصر الجمهوري التشاور مع الوسيط الأميركي عاموس هوكشتين ومع الأمم المتحدة في ما يتعلق بالترتيبات الخاصة بلقاء متوقع في مقر القوة الدولية في الناقورة بين 27 و 29 من الشهر الجاري لتسليم لبنان وإسرائيل الوسيط الأميركي الأوراق الموقعة بخصوص التفاهم. ولم يعلن الرئيس عون بعد تشكيلة الوفد وسط حذر شديد من محاولة البعض إضفاء أي طابع سياسي على الحدث التقني من خلال رفض ضم الوفد أي شخصية سياسية، والتأكيد أن هدف اللقاء تسليم الجانب الأميركي الأوراق الموقعة وليس الظهور في صورة مع الوفد الإسرائيلي.
وأمس، برز عنصر لافت تمثل في محاولة المزايدين على الفريق الذي أنجز التفاهم عرض المشروع على الحكومة لإقراره وإرساله إلى مجلس النواب لمناقشته وإقراره. وهي خطوة رفضت من قبل الرئيس عون الذي أوضح أن ما يجري لا يمثل اتفاقاً أو معاهدة تستوجب قراراً حكومياً أو قانوناً من مجلس النواب، بل مجرد تفاهم لا يفرض أي تداعيات على السيادة اللبنانية. فيما يشكل تمريره في الحكومة أو المجلس عنصر دعم لفكرة التطبيع مع العدو وهو أمر ليس وارداً في حسابات أحد، وهو ما أكد عليه الرئيس عون في خطابه أمس.
وفي كيان الاحتلال، تراجعت حدة السجال في وقت صارت مسودة التفاهم في يد أعضاء الكنيست، وسط إصرار من حكومة يائير لابيد على عدم عرضه للتصويت، بل للاطلاع فقط من جانب أعضاء الكنيست، ولم يكن محسوماً بعد ما إذا كانت الحكومة ملزمة انتظار مهلة الأسبوعين قبل التوقيع أو يمكنها فعل ذلك قبل 27 الجاري ما يسمح بتسريع خطوات التوقيع.
وفيما واصلت قوى المعارضة لحكومة لابيد الهجوم على الاتفاق ووصفه بالخضوع أمام حزب الله، كشف استطلاع للرأي أجرته القناة 13 العبرية حول ما إذا كانت اتفاقية الغاز مع لبنان جيدة، أن معظم الجمهور لم يفهم الاتفاقية تماماً. إذ أجاب 43% بأنهم لا يعرفون، وقال 29% إن الاتفاق ليس جيداً، وأعرب 28% عن اعتقادهم بأنه جيد.
الرئاسة والحكومة
وكما كان متوقعاً، طارت جلسة انتخاب رئيس جديد للجمهورية أمس بسبب فقدان النصاب، ما يشير إلى أن الشغور الرئاسي يبدو قدراً محتوماً، فيما تزداد القناعة لدى عاملين على الملف الحكومي بأن التعقيدات تكبر يوماً بعد يوم رغم أن خطر الشغور وما قد يسببه من فوضى. وقال مطلعون إن الاتصالات في شأن تشكيل الحكومة «متوقفة تماماً، والأيام الماضية لم تشهد أي مشاورات في هذا الشأن». مع الإشارة إلى أن رئيس الحكومة المكلف نجيب ميقاتي «قد يتقدّم في الأيام المقبلة بصيغة رفع عتب حكومية يعلم مسبقاً بأنها ستُرفض من الرئيس ميشال عون»، وإلى أن ميقاتي ورئيس مجلس النواب نبيه بري ورئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط «لا يرغبون في إعطاء عون إنجازاً آخر بعد اتفاق الترسيم في نهاية عهده».
في المقابل، تراهن مصادر في التيار الوطني الحر على تهيّب الرئيس المكلف من تداعيات عدم تشكيل الحكومة، وما يمكن أن يؤدي إليه ذلك من توتر سياسي قد يصل إلى الشارع، ناهيك عن أن التيار مصمّم على عدم السماح لحكومة تصريف أعمال مستقيلة بأن ترث صلاحيات رئيس الجمهورية، وهو «مستعد للذهاب بعيداً جداً في التصعيد من أجل منع ذلك أياً تكن النتائج». وتبدي المصادر عتباً على حزب الله «القادر على الضغط على ميقاتي من أجل التأليف عبر تهديده بمقاطعة وزيريه جلسات حكومة تصريف الأعمال».
وفي رأي المصادر، فإن لضغوط الخارج دورها أيضاً في تبطيء العمل على تأليف الحكومة. ويرسّخ هذه القناعة ما يؤكّده من يلتقون ديبلوماسيين أجانب وعرباً، خصوصاً سفراء الولايات المتحدة وفرنسا والسعودية، بأن الملف الحكومي غائب تماماً في حديث هؤلاء لمصلحة الحث على انتخاب رئيس للجمهورية. ولا تستبعد المصادر أن يكون هدف اللااهتمام الخارجي بعدم التأليف، الضغط من أجل تسريع انتخاب رئيس للجمهورية سريعاً بعد الفراغ، خصوصاً إذا ما أدى التصعيد إلى توتير يصبح معه انتخاب رئيس ضرورة للجميع. وهنا، يبرز اسم قائد الجيش العماد جوزف عون كمرشح يحتاج انتخابه إلى توتير في الشارع كمدخل لطرحه «مرشح تسوية» قادر على لملمة الوضع، معتبرة أن الأشهر الثلاثة المقبلة ستكون «حاسمة وخطيرة».
عون أعلن موافقة لبنان على صيغة الترسيم: إنجاز تحقّق بنضال الشعب والمقاومة
علن رئيس الجمهورية العماد ميشال عون «موافقة لبنان على الصيغة النهائية بشأن ترسيم الحدود البحرية في انتظار توقيع النصوص اللازمة من الجانبين الأميركي والإسرائيلي». ووصف هذه «الصيغة»، في رسالة وجهها إلى اللبنانيين مساء أمس، بأنها «إنجاز تاريخي لأننا تمكنا من استعادة مساحة 860 كيلومتراً مربعاً كانت موضع نزاع، ولم يتنازل لبنان عن أي كيلومتر واحد لإسرائيل، واستحصلنا على كامل حقل قانا من دون أي تعويض يدفع من قبلنا رغم عدم وجود كامل الحقل في مياهنا، ولم تُمس حدودنا البرية، ولم يعترف لبنان بخط الطفافات الذي استحدثته إسرائيل عام 2000، ولم يقم أي تطبيع مع إسرائيل، ولم تعقد أي محادثات أو اتفاقيات مباشرة معها، والتعويضات التي طالبت بها إسرائيل عن قسم من حقل قانا الواقع في المياه المحتلة ستنالها من شركة «توتال» من دون أن يؤثر ذلك على العقد الموقع بين لبنان والشركة». ولفت إلى أنه بعدما «كانت حقول النفط 8 و9 و10 مهددة، استطعنا بفضل الاتفاق أن نحافظ عليها ونحميها وسنستثمرها بالكامل». وأضاف: «نصّ الاتفاق على كيفية حل أي خلافات في المستقبل، أو في حال ظهور أي مكمن نفطي آخر مشترك على جانبي الحدود ما يضفي طمأنينة وشعوراً أقوى بالاستقرار على طرفي الحدود. ورغم العراقيل الداخلية والضغوط الخارجية أصبح لبنان بلداً نفطياً، وما كان حلماً، بات اليوم حقيقة بفعل ثباتنا وتضامننا وتمسكنا بحقوقنا، وبتنا قادرين على الدفاع عما هو حقٌّ لنا وللأجيال المقبلة». وتمنى أن «يكون اتفاق الترسيم بداية واعدة تضع الحجر الأساس لنهوض اقتصادي يحتاجه لبنان من خلال استكمال التنقيب عن النفط والغاز، ما يحقق استقراراً وأماناً وإنماء يحتاج إليها وطننا».
وتطرّق رئيس الجمهورية إلى «مسيرة طويلة بدأت عام 2010 عندما أعدت وزارة الطاقة والمياه التي كان يتولاها الوزير جبران باسيل مشروع قانون الموارد البترولية في المياه البحرية اللبنانية»، وإلى العراقيل والمماحكات التي أدت إلى تجميد الملف، مروراً بالوسطاء الذين تعاقبوا على المفاوضات غير المباشرة، «إلى أن تولى الوسيط عاموس هوكشتين المهمة، واستؤنفت المفاوضات وتم التوصل إلى اتفاق غير مباشر حافظ خلاله لبنان على حدوده المعلنة بالمرسوم 6433، وعلى كامل بلوكاته وحقل قانا كاملاً، إضافة إلى ضمانات أميركية وفرنسية بالاستئناف الفوري للأنشطة البترولية في المياه البحرية اللبنانية».
وأعلن أن «الخطوة التالية يجب أن تكون التوجهَ إلى عقد محادثات مع سوريا لحل المنطقة المتنازعِ عليها معها وهي تزيدُ على 900 كيلومتر مربع، عن طريق التباحث الأخوي. كذلك تنبغي مراجعة الحدود المرسومة مع قبرص وتقرير ما يتوجب القيام به مستقبلاً». وشكر عون رئيس الولايات المتحدة جو بايدن والوسيط هوكشتين وفريق عمله، والدولة الفرنسية ورئيسها إيمانويل ماكرون ومعاونيه، والأمم المتحدة والدول الشقيقة والصديقة التي وقفت إلى جانب الحق اللبناني ودعمته، خصوصاً دولة قطر وأميرها الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، ورئيس مجلس النواب نبيه بري ورئيس الحكومة نجيب ميقاتي ونائب رئيس مجلس النواب الياس بو صعب وسائر المسؤولين الذين تعاقبوا على ملف الترسيم في وزارتي الطاقة والمياه والخارجية، وهيئة إدارة قطاع النفط، وقيادة الجيش ورئيس وأعضاء الفريق المفاوض». وختم «أيتها اللبنانيات وأيها اللبنانيون، كل الشكر لكم، لأنكم ومن خلال صمودكم وثباتكم ونضال مقاومتكم التي أثبتت أنها عنصر قوة للبنان، ساهمتم في تحصين الموقف اللبناني في التفاوض كما في المواجهة، وحققتم هذا الإنجاز لكم وللأجيال الآتية».
البناء
عون يعلن موافقة لبنان على اتفاق غير مباشر يضمن المصالح والحقوق دون اعتراف أو تطبيع: وحدة الموقف الرئاسي وحسن إدارة التفاوض وقوة المقاومة وراء الإنجاز التاريخي
الورقة البيضاء تعطل النصاب رفضاً للتحدي وطلباً للتوافق… وبري لإطلاع النواب على الاتفاق
أعطى رئيس الجمهورية العماد ميشال عون إشارة الموافقة اللبنانيّة الرسمية على الاتفاق غير المباشر الذي يحدّد المناطق الاقتصادية اللبنانية، وليس اتفاقاً أو تفاهماً بين لبنان وكيان الاحتلال، بل اتفاق لبنانيّ أميركيّ يوازيه اتفاق مماثل اسرائيلي اميركي، متفوّقاً على اتفاقية الهدنة التي كانت اتفاقاً تقنياً مباشراً بين حكومة لبنان وحكومة الكيان، وقّع عليه ممثلو الحكومتين، وليس اتفاق ترسيم، بمعنى المعاهدة الدوليّة لرسم الحدود، حيث بقيت المناطق العالقة القريبة من البرّ أو المسمّاة بخط «الطفافات» معلقة دون اتفاق يحتفظ كل طرف بتوصيفه القانوني المختلف لها، والاتفاق غير المباشر لتحديد المناطق الاقتصادية ليس ترسيماً بدليل أن حقل قانا الذي حسمت حقوقه صافية للبنان يتجاوز الخط 23 المعتمد في الاتفاق لجهة الجنوب بمدى غير معلوم، ستقرره عمليات الحفر والتنقيب.
أهدى الرئيس ميشال عون الإنجاز التاريخي للبنانيين على مشارف نهاية عهده، مفتخراً بصلابة الموقف التي أتاحت بلوغ هذه المرحلة منوّهاً بكل المساهمات المتراكمة على مدى سنوات التي أسست للوصول الى هذه المرحلة رغم الأخطاء التي ارتكبت خلال الاتفاق مع قبرص والتي أضعفت موقف لبنان، مشيراً إلى أهمية وحدة الموقف مع رئيس مجلس النواب نبيه بري ورئيس الحكومة نجيب ميقاتي من جهة، والى حسن إدارة التفاوض من جهة ثانية، وإلى قوة المقاومة التي فرضت التوازن الذي حمى الموقف التفاوضي من جهة ثالثة.
تحدّث عون بثقة عن الاتفاق غير المباشر الذي تم دون اعتراف من لبنان بكيان الاحتلال ودون قبوله لأي شكل من أشكال التطبيع، شارحاً تفاصيل ما سُمّي بتقاسم الحقوق في حقل قانا، لجهة أن حقوق لبنان غير قابلة للتقاسم وفق الاتفاق، وأن الاتفاق الجانبي بين كيان الاحتلال والشركة المشغلة على نسبة من حصتها لن يكون له أي تأثير على عمل الشركة المشغلة بموجب عقدها مع لبنان ولا على حقوق لبنان التعاقدية.
بعد كلمة رئيس الجمهورية اعتبر رئيس مجلس النواب نبيه بري أن كلمة الرئيس هي الموافقة اللبنانية الرسمية، داعياً الأمانة العامة لمجلس النواب لتوزيع نص الاتفاق على النواب للإطلاع عليه، بينما كان المجلس النيابي يُنهي جلسة رئاسية انتهت دون توافر النصاب اللازم لفتح صندوق الاقتراع أمام النواب. وقالت مصادر نيابية شاركت في الجلسة إن كتلة الورقة البيضاء بقواها الأساسية خصوصاً ثنائي حزب الله وحركة أمل والتيار الوطني الحر قامت بتعطيل النصاب عمداً مستغلة غياب نواب التيار بعذر مختلف هو الاحتجاج على تحديد موعد الجلسة في يوم 13 تشرين الأول الذي يمثل ذكرى لها خصوصية عند التيار. وقالت المصادر إن المواقف التي أعلنها نواب حزب الله وحركة أمل لجهة رفض مواصلة لعبة مرشح التحدّي، وهو الوصف الذي يطلقونه على النائب ميشال معوض، وإعلانهم أن المطلوب هو الانتقال الى مرحلة البحث بأسماء المرشحين التوافقيين لأن الوقت يداهم الجميع، يفسّر عدم توافر النصاب كرسالة للكتل النيابية للدعوة إلى التشاور منعاً لتكرار غياب النصاب في اي جلسة مقبلة، بعدما تم تعيين جلسة جديدة لانتخاب رئيس الجمهورية يوم الخميس المقبل في 20 تشرين الأول.
وأعلن رئيس الجمهوريّة العماد ميشال عون الموافقة على اعتماد صيغة الترسيم النهائية بين لبنان والاحتلال الإسرائيلي، مؤكداً أن الاتفاقية غير المباشرة تتجاوب مع المطالب اللبنانيّة وتحفظ حقوقه كاملة.
وتمنّى الرئيس عون، في كلمة متلفزة، وجّهها الى اللبنانيين مساء أمس، أن «تكون نهاية هذه المفاوضات بدايةً واعدةً تضع الحجر الأساس لنهوضٍ اقتصاديّ يحتاجه لبنان من خلال استكمال التنقيب عن النفط والغاز، ما يحقّـق استقراراً وأماناً وإنماءً يحتاج إليها وطننا لبنان، وبعد التشاور مع رئيس مجلس النواب ورئيس الحكومة وبصفتي رئيس الدولة، وبعد إبلاغي من الرئيس الأميركي جو بايدن موافقة «إسرائيل»، وبعد إعلان الحكومة الإسرائيلية موافقتها، أعلن موقف لبنان بالموافقة على اعتماد الصيغة النهائية التي أعدها الوسيط الأميركي لترسيم الحدود البحرية الجنوبية».
وأعلن عون أنه «من حق لبنان أن يعتبر أن ما تحقق بالأمس هو إنجاز تاريخيّ، لأننا تمكنا من استعادة مساحة 860 كيلومتراً مربعاً كانت موضع نزاع ولم يتنازل لبنان عن أي كيلومتر واحد لـ»إسرائيل»، كما استحصلنا على كامل حقل قانا من دون أي تعويض يدفع من قبلنا على الرغم من عدم وجود كامل الحقل في مياهنا، ففي هذا الاتفاق، لم تُمسّ حدودنا البرية ولم يعترف لبنان بخط الطفافات الذي استحدثته «إسرائيل» عام 2000، ولم يقم أي تطبيع مع «إسرائيل» ولم تعقد أي محادثات أو اتفاقيات مباشرة معها، والتعويضات التي طالبت بها «اسرائيل» عن قسم من حقل قانا الواقع في المياه المحتلة فستنالها من شركة «توتال» من دون أن يؤثر ذلك على العقد الموقع بين لبنان وشركة توتال».
وذكر عون أن «الخطوة التالية يجب أن تكون التوجهَ الى عقد محادثات مع سورية لحل المنطقة المتنازعِ عليها معها كما تنبغي مراجعة الحدود المرسومة مع قبرص وتقرير ما يتوجب القيام به مستقبلاً».
وكان رئيس الجمهورية قبيل كلمته أجرى اتصالين هاتفيين مع رئيس مجلس النواب نبيه بري ورئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي، وبحث معهما في ملف ترسيم الحدود البحرية الجنوبية في ضوء الصيغة النهائية التي أرسلها الوسيط الأميركي آموس هوكشتاين الى المسؤولين اللبنانيين قبل أيام.
وكان ملف الترسيم نجم ساحة النجمة خلال جلسة عقدها المجلس النيابي والتي رفعت بسبب فقدان النصاب. وما إن رفع بري الجلسة، حتى سارع نواب حزب الكتائب وقوى التغيير لمطالبة الرئيس بري بعقد جلسة طارئة للمجلس النيابي لبحث اتفاق ترسيم الحدود بين لبنان والاحتلال الإسرائيلي، تبعاً لما تقتضيه المادة 52، وسائر المواد الدستورية والقانونية والمعاهدات الدولية، واتفاقية الهدنة التي ترعى الحدود الدولية المعترف بها دولياً، وتمكين النواب من اتخاذ الموقف المناسب حياله كشرط جوهريّ لإبرامه.
اذ أعلن النائب ملحم خلف باسم النواب التغييريين «أننا وجّهنا كتاباً إلى الرئيس نبيه برّي ينصّ على أنّ اتفاقية الهدنة نصّت على أنّ حدود لبنان هي الحدود الدولية استناداً إلى إحداثيات آذار عام 1949 لكّننا علمنا من الإعلام أن الحدود البحرية رُسّمت بوساطة أميركية». وقال خلف في مؤتمر صحافي: «بما أنه لا يجوز التخلي عن أراضي البلاد وعلماً أنّ الاتفاقات التي تتعلق بمالية الدولة لا يملك رئيس الجمهورية حقّ إبرامها إلا بعد موافقة المجلس النيابي لذلك يجب إطلاعنا على نصّ الاتفاق».
وكان عدد من النواب ملأوا الوقت الضائع ريثما يتم التحقق من نصاب الجلسة، بالحديث عن ترسيم الحدود، وطالب رئيس الكتائب سامي الجميل الرئيس بري بالاستفادة من التئام المجلس لمناقشة اتفاق ترسيم الحدود البحرية ولكن لم يلقّ تجاوب رئيس المجلس.
لكن لاحقاً وبناء على طلب النائب اللواء جميل السيد بعد انتهاء الجلسة، طلب الرئيس بري من الأمانة العامة للمجلس «ايداع نسخة من ترسيم الحدود البحرية الجنوبية اللبنانية لكل من السادة النواب للاطلاع بعد إقراره في مجلس الوزراء».
وأوضح النائب جميل السيد في حديث لـ»البناء» أنني طلبت من الرئيس بري مناقشة الاتفاقية في مجلس النواب لكون الامر يتعلق بأمور مالية وحدود ومن المفترض أن تستتبع خطوة الرئيس بري بدعوة مجلس النواب لمناقشة الموضوع.
وتابع السيد: طالما انه اتفاق مالي وحدودي فهو مسؤولية مجلس النواب وثم الحكومة لتوضيح المادة ٥٢ من الدستور التي تتحدث عن الاتفاقات ذات الطابع المالي والمادة الاولى من الدستور التي تتحدث عن حدود لبنان البرية وأي تعديل بالحدود البحرية يجب عرضها على المجلس النيابي».
وعما إذا كان الأمر يقتصر على اطلاع النواب فقط ام مناقشتها في مجلس النواب، قال السيد: «من المفترض عقد جلسة مناقشة لأن النائب وحده ليس سلطة بل مجموع النواب يشكلون السلطة لذلك اطلاع النواب هو الحد الأدنى ويمكن ان يكون تمهيداً لعقد جلسة لكن لم يحسم الامر بعد».
لكن علمت «البناء» أنه سيتم توزيع نص اتفاق ترسيم الحدود البحرية على الوزراء والنواب للاطلاع عليه فقط من دون عقد جلسة لمجلس الوزراء لمناقشته وتوقيعه أو لمجلس النواب لمناقشته وإبرامه كما تردد، لكون إقراره يعني اتفاقاً أو معاهدة بين لبنان والعدوّ الإسرائيليّ الذي لا نعترف به كدولة.
وأشارت مصادر مطلعة لـ»البناء» الى أن «ترسيم الحدود ليس اتفاقية ولا معاهدة دولية لتعرض على مجلس النواب، بل هي تصحيح وتوضيح لحدود لبنان البحرية ولا تتعارض مع المرسوم رقم 6433 الذي سبق وأودعه لبنان في الأمم المتحدة».
وكان الرئيس بري أرجأ الجلسة الثانية لانتخاب رئيس للجمهورية الى الخميس المقبل بسبب فقدان النصاب المطلوب لانعقاد الجلسة أي 86 نائباً، وبلغ عدد النواب الحاضرين في الجلسة لحظة بدء الجلسة 71 نائباً.
وفي حين قاطع تكتل لبنان القوي الجلسة لمصادفة موعد الجلسة مع ذكرى 13 تشرين، حضرت مختلف الكتل النيابية الى داخل المجلس، لكن النصاب لم يتأمن داخل قاعة الجلسة، إذ طلب الرئيس بري عدّ النواب الحاضرين فبلغ 41 نائباً فطلب ممازحاً مناداة بعض النواب في الخارج ثم أعلن رفع الجلسة الى الخميس المقبل، وأعلن عن عقد جلسة في الثامن عشر من الحالي لانتخاب أعضاء اللجان النيابية.
وعلمت «البناء» أن الكتل النيابية لم تحضر بكامل أعضائها الى المجلس ولا الى قاعة الجلسة وليس فقط كتلتا التنمية والتحرير والوفاء للمقاومة، ككتلة اللقاء الديموقراطي وكتلة تيار المردة حيث غاب النواب طوني فرنجية وفريد هيكل الخازن وميشال المر ووليم طوق وأيضاً فراس السلوم، وكذلك كتلة الطاشناق وعدد من تكتل نواب عكار. علماً أن نائب رئيس حزب القوات النائب جورج عدوان أكد لـ»البناء» قبل الجلسة أن النصاب سيتأمّن وستعقد الجلسة.
وفي حين اتهمت القوات اللبنانية والكتائب تكتل لبنان القوي وكتلة الوفاء للمقاومة وكتلة التنمية والتحرير بتطيير النصاب، أشارت مصادر كتلة الوفاء لـ»البناء» الى أن الكتلة لم تطيّر النصاب، بل حضرت في بداية الجلسة وكان هناك بعض النواب المتغيبين من الكتلة لكن أعضاء كثر من الكتل الأخرى تغيبوا أيضاً عن الجلسة وآخرين خرجوا من القاعة قبل بدء الجلسة فكيف نتّهم بأننا طيّرنا الجلسة؟ علماً أن الجميع يدرك أن تأمين النصاب للانعقاد والأكثرية للانتخاب يتطلب معادلة توافقية بين الكتل النيابية، مضيفة رداً على النواب الذين يتّهمون الكتلة بتطيير الجلسة: «حتى لو تأمّن النصاب فهل سننتخب الرئيس؟». وشددت المصادر على ضرورة الحوار بين الكتل لإنتاج رئيس توافقيّ، موضحة أن فريق الثنائي والحلفاء لم يطرحوا مرشحاً كي لا تتحول الجلسة الى صدام وتحدٍ انتخابي، لذلك نعطي مهلة للتشاور للتوصل الى رئيس توافقي.
وكانت لافتة الخلوة بين النائب ملحم رياشي والنائب علي عمار في قاعة المجلس. والحديث بين الرئيس بري والنائب اللواء جميل السيد.
ولفت عضو كتلة الوفاء للمقاومة النائب حسن فضل الله في تصريح إلى أنّ «المعروف أن حزب «القوات اللبنانية» لديها مرشح تحدٍّ، ونحن قلنا إن التحدي لا يوصل في لبنان إلى نتيجة، وما دام هناك تحدٍّ لن نصل إلى نتيجة»، مشددًا على «اننا منفتحون على الحوار مع من يريد الحوار وليس من يريد أن يفرض أمرًا ما».
ولاقى تطيير النصاب امتعاض واعتراض بعض الكتل لا سيما القوات اللبنانية والكتائب والتغييريين والمستقلين، الذين وصفوا بعد مغادرتهم القاعة، الجلسة بالمهزلة والفولكلور.
وأشار النائب غسان سكاف لـ»البناء» الى أن المماطلة القائمة من الكتل النيابيّة إزاء استحقاق دستوري أساسي يرتب مسؤولية على النواب العمل بجدّية وسرعة للتشاور والبحث عن مرشح توافقيّ قادر بالتعاون مع حكومة جديدة على إنقاذ البلد من أزماته المالية والاقتصادية ولمواكبة الأجواء الإيجابية الناتجة عن إنجاز ملف ترسيم الحدود».
في المقابل لفت عضو كتلة القوات النائب فادي كرم لـ»البناء» الى أن «من طيّر النصاب يتحمّل مسؤولية عرقلة انتخاب الرئيس»، ومشيراً الى «أننا مستمرّون بدعم ميشال معوض حتى الساعة».
وترفض القوات وفق كرم انتخاب رئيس توافقيّ لا لون له ولا رائحة وغير قادر على اتخاذ القرارات فنكون انتقلنا من فراغ الى فراغ من نوع آخر.
وعن استعداد القوات للحوار مع حزب الله بشأن مرشح توافقي يجمع عليه اللبنانيون، رد كرم بالقول: «فليعلن حزب الله مرشحه وليؤمن له التوافق بين حليفيه التيار الوطني الحر وحركة أمل وسليمان فرنجية أولاً ثم ندرس هوية وشخصية هذا المرشح ونتخذ قرارنا».
وفيما علمت «البناء» من مصادر عليمة أن فرنسا ستدخل بقوة على خط الاستحقاق الرئاسي متسلحة بزخم إنجاز ترسيم الحدود، بهدف طرح مبادرة توفيقية بين الكتل للتوصل الى رئيس توافقي لإبعاد شبح الشغور، وتعمل السفيرة الفرنسية في لبنان على التواصل مع الكتل لا سيما مع حزب الله، أعلنت السفارة الفرنسية في لبنان، أن «وزيرة أوروبا والشؤون الخارجية، كاترين كولونا، تقوم بزيارة إلى بيروت يومَي الخميس 13 والجمعة 14 تشرين الأول 2022، وستجري محادثات مع رئيس الجمهورية اللبنانية الجمهورية ميشال عون، بحضور نظيرها، عبد الله بو حبيب، وستلتقي أيضاً برئيس مجلس الوزراء اللبناني نجيب ميقاتي، وبرئيس مجلس النواب اللبناني نبيه بري».
وجدّدت السفارة في بيان «تمسّك فرنسا بحسن سير العمل في المؤسسات اللبنانية».
اللواء
عون يُعلن الموافقة علی صيغة الترسيم.. ويفتح باب التفاوض مع سوريا وقبرص
جلسة لجان وتشريع الثلاثاء.. وتشجيع أميركي لشركات التنقيب للانضمام إلى توتال
مع اعلان الرئيس ميشال عون، مساء أمس، الموافقة الرسمية على «اعتماد الصيغة النهائية التي أعدها الوسيط الأميركي لترسيم الحدود البحرية الجنوبية، بانتظار توقيع النصوص اللازمة من الجانب الأميركي والجانب الإسرائيلي وفقاً للآلية المعتمدة في الاتفاق» تكون صفحة من «المسارات الانتظارية» قد طويت، لفتح صفحة تبدأ من المفاوضات مع الشركات، ووضع الترتيبات لإنهاء الجوانب المتعلقة بالتوقيع وإبلاغ الأمم المتحدة بالموافقة اللبنانية، بعد ما أصبح لبنان بلداً نفطياً، في وقت طفا على سطح ساحة النجمة التي لم تضئ النور أمام انتخاب رئيس جديد للجمهورية، مع الإطاحة بنصاب الجلسة الثانية، توجه «لمتاعب نيابية» تتعلق بالاتفاقية، واجتهادات من هنا وهناك تطالب، ليس بالاطلاع فقط على النص الرسمي باللغتين الانكليزية والعربية مع الملاحق، بل أبعد من ذلك، الأمر الذي دفع بالرئيس نبيه بري، بعد رفع الجلسة، وتحديد الخميس في 20 الجاري موعداً لجلسة ثالثة، مسبوقة بجلسة انتخاب اللجان النيابية في 18 الجاري (الثلاثاء المقبل)، على أن تليها على الفور جلسة تشريعية على جدول مشاريع واقتراحات قوانين، جرى التوافق عليها بين الرئيسين بري ونجيب ميقاتي في اجتماعهما امس الأول، دفع به الى الطلب الى الأمانة العامة لمجلس النواب توزيع نسخ على النواب، لاحتواء المطالبة التي ظهرت في جلسة امس، وذلك بعد اقراره في مجلس الوزراء.
واستبق الرئيس عون كلمته الى اللبنانيين حول الاتفاقية بإجراء اتصالين هاتفيين بكل من الرئيسين بري وميقاتي، في وقت كان فيه وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن يحث لبنان وإسرائيل على وضع اللمسات التنفيذية على الاتفاقية التي وصفها بالتاريخية، لأنها تصب في مصلحة المنطقة والعالم.
وعلمت «اللواء» من مصادرحكومية انه سيتم توزيع نص اتفاق ترسيم الحدود البحرية على الوزراء للإطلاع عليه من دون عقد جلسة لمجلس الوزراء كما تردد لاتّخاذ أيّ قرار بشأنه، «لأن إقراره في مجلس الوزراء يعني انه اصبح بمثابة إتّفاق بين لبنان والعدوّ الإسرائيليّ الذي لا نعترف به كدولة».
كما ذكرت مصادر رسمية تعليقا على مطالبة بعض النواب بعرض الاتفاق على المجلس للمصادقة عليه، ان ما تم حول ترسيم الحدود ليس اتفاقية أو معاهدة دولية لتعرض على مجلس النواب، بل هي تصحيح وتوضيح لحدود لبنان البحرية وتعديل للمرسوم رقم 6433 الذي سبق واودعه لبنان في الامم المتحدة، والذي ينص في متنه على امكانية وحق إدخال اي تعديل عليه وهذا ما جرى.
ووصفت مصادر سياسية الكلمة التي القاها رئيس الجمهورية ميشال عون بالامس للاعلان عن موافقة لبنان على اتفاقية ترسيم الحدود البحرية بين لبنان وإسرائيل، بانها تصلح لتعبر عن موقف رئيس التيار الوطني الحر، وليس رئيس جمهورية لبنان وقالت: لم يكتف رئيس الجمهورية بمحاولة توظيف اتفاقية الترسيم، لعهده، دون غيره متجاوزا الجهود التي بذلتها الحكومات السابقة، ودور رئيس المجلس النيابي نبيه بري في هذا الخصوص، بالرغم من توجيه الشكر الظاهري له لرفع العتب، بل اعطى الدور الأساس والبطولي بمسار التحضير الوزاري والاداري لصهره النائب جبران باسيل، والفريق الوزاري ألذي يمثل التيار في حكومة ميقاتي الثانية، قبل وصول عون للرئاسة، وملقيا مسؤولية التأخير الذي استمر لسنوات طويلة على المماحكات السياسية، بينما يعلم الجميع الدور التعطيلي ألذي مارسه هو شخصيا مع حليفه حزب الله لتعطيل مسار استخراج الثروة البحرية لسنوات طويلة، تحت حجج غير مقنعة على الاطلاق، مع العلم ان الوصول الى اتفاق نهائي بين لبنان وإسرائيل، تجاوز الادوار الثانوية لاكثرية الاطراف بالداخل اللبناني، ومرتبط بالمصالح الدولية لأوروبا والولايات المتحدة الأميركية.
الحكومة والرئاسة مكبلتان
أما في الشؤون الحكومية والرئاسية فبدا الموقف «مكبلاً» فلا مؤشرات على حكومة جديدة، ولا بوادر لتفاهمات اقليمية ودولية تنعكس محلياً للاتجاه الى رئيس، من الممكن أن تجتمع كلمة الكتل على انتخابه.
ولاحظت مصادر متابعة، تراجع الحديث عن تشكيل الحكومةالجديدة، في مواقف السياسيين والنواب، عل هامش حضور النواب الى المجلس النيابي بالامس، وظهر بوضوح ان ملف التشكيل تراجع بسلم الاولويات، بينما طغى موضوع انتخاب رئيس جديد للجمهورية على موضوع التشكيل، بينما كشفت مصادر متابعة ان كل الوسطاء الذين تولوا التواصل بين رئيسي الجمهورية والحكومة المكلف نجيب ميقاتي، قد توقفوا عن الاستمرار بمهماتهم، بعد ان سلم الجميع بأنه من الصعب تضييق شقة الخلاف بين الطرفين، واصبح معلوماً ان عون سيغادر بعبدا نهاية الشهر الجاري من دون تشكيل حكومة جديدة، وستتولى حكومة تصريف الأعمال مهمات رئيس الجمهورية بعد ذلك.
وفي إطار المواكبة الفرنسية للحراك المتصل بالرئاسة وما بعدها، وصلت وزيرة الخارجية الفرنسية كاترين كولونا مساء امس الى مطار رفيق الحريري الدولي في زيارة رسمية ليوم واحد، تلتقي خلالها الرؤساء عون وبري ونجيب ميقاتي، ووزير الخارجية في حكومة تصريق الأعمال عبد الله بو حبيب.
واضاف البيان: مع اقتراب الموعد النهائي الدستوري لانتخاب رئيس جديد للجمهورية، ستذكر الوزيرة بتمسك فرنسا بحسن سير عمل المؤسسات اللبنانية، ستؤكد أنه من الملح أيضًا أن يكون للبنان حكومة كاملة، لإخراج لبنان من الأزمة الخطيرة جدًا التي يواجهها منذ شهور، كما تنفيذ الإصلاحات الاقتصادية والمالية المنصوص عليها في الاتفاق الموقع في نيسان مع صندوق النقد الدولي، التي تعتبر أساسية في سياق الحالة المقلقة للغاية في البلد.
وستكون هذه فرصة للترحيب بالاتفاق التاريخي بشأن ترسيم الحدود البحرية بين لبنان وإسرائيل المبرم هذا الأسبوع، والذي عملت فرنسا من أجله مع شركائها الدوليين.
وفي ختام هذه الزيارة، ستلتقي وزيرة الخارجية الفرنسية بالمتطوعين الشباب من الصليب الأحمر الذين يعملون يومياً في خدمة الشعب اللبناني، بحسب البيان.
يشار الى ان الرئاسة الفرنسية اشارت امس الى ان الاتفاقية التي لعبت فيها واشنطن دور الوساطة ما كانت لتتم لولا دورنا (أي الدور الفرنسي).
كلمة عون
ورأى الرئيس عون في كلمته ان «الاتفاقية غير المباشرة تتجاوب مع المطالب اللبنانية وتحفظ حقوقنا كاملة»، قائلاً: استحصلنا على كامل حقل قانا، ولم تمس حدودنا البرية، ولبنان لم يعترف بخط الطفافات الذي استحدثته اسرائيل.
واستعرض الرئيس عون المراحل والصعوبات التي قطعها مسار ملف الترسيم منذ العام 2010، مؤكداً استعادة 860 كيلومتراً مربعاً كانت موضع نزاع… موضحاً ان الخطوة التالية «يجب ان تكون التوجه الى عقد محادثات مع سوريا لحل المنطقة المتنازع عليها معها وهي تزيد عن 900 كيلومتر مربع، عن طريق التباحث الأخوي، كذلك ينبغي مراجعة الحدود المرسومة مع قبرص، وتقرير ما يتوجب القيام به مستقبلاً».
هوكشتاين
ولم يخف الوسيط الاميركي في المفاوضات البحرية آموس هوكشتاين توقعه بأن تبدأ شركة توتال مع شركة ايني عن الاستعداد للتنقيب في المياه اللبنانية في بحر الأسابيع القليلة المقبلة.
واستبعد ان يؤثر وصول بنيامي نتنياهو الى السلطة على الاتفاقية، مشيراً الى ان «الاجراءات الحكومية تميل الى البقاء عليها، كما هي، واتباع الاتفاقيات».
وروى انطباعه بالقول: نجحت حيث فشلت قبل بضع سنوات لذلك هذه جولتي الثانية، والجزء الاهم كان عندما طلب مني الرئيس بايدن استئناف العمل كوسيط.
الجلسة
نيابياً، لم تحمل الجلسة الثانية لانتخاب رئيس للجمهورية اي مفاجأت غير متوقعة في المضمون، فكان متوقعا عدم انتخاب رئيس في الجلسة، بغض النظر عن السيناريو المطروح، بين تأمين النصاب في الدورة الاولى (86)، اي اكثرية الثلثين، وتطييره (65) في الدورة الثانية وما يليها، حسب الدستور، او بعدم اكتمال النصاب في الحالتين، لان «التوافق الذي اصر عليه الرئيس بري لم يتأمن بعد، من جهة، ولان الفريق المعارض لانتخاب ما اسماه برئيس تحد، غير مقتنع بمجريات الترشيحات المطروحة، ومن جهة ثانية، استمرار تفرق قوى المعارضة – القديم منها والجديد – والتي انتجت في شقها الاول 36 صوتا لميشال معوض (بتكتل نواب الديموقراطي والجمهورية القوية والكتائب وآخرين)، كان من المرجح ان يتجاوز الاربعين نظرا للغياب الذي حصل في الجلسة الاولى، او المعارضة المستجدة تحت عنوان «قوى التغيير» ، التي لم تتمكن من انتاج اسم موحد او في توحيد قواها مع القديم، وهو ما شكل رافعة للنواب اصحاب الاوراق البيضاء «امل وحزب الله والمردة والتيار» الغير متفقين اصلا ككتلة موحدة، وهو ما كان سيعيد المشهد بحذافيره في جلسة الامس.
الا ان المفارقة في المضمون، فالنصاب الدستوري تأمن واكثر، حيث حط في مجلس النواب قرابة 89 نائبا، ولكنه فقد بمعظمه في دهاليز المجلس واروقته، فانخفض العدد الى 71 نائبا دخلوا القاعة العامة، بعد توزع نواب «التنمية والتحرير»، والوفاء للمقاومة» (الذين لم يدخل منهم سوى رئيسها النائب محمد رعد وعدد قليل خرج لاحقا) بين الداخل والخارج،
فيما قاطع نواب نواب تكتل «لبنان القوي» الطاشناق الجلسة لتزامنها مع ذكرى 13 تشرين وهو ما كان مدار جدل سياسي بين النواب بين من اعتبره «يوما اسود» وبين من رأى فيه تحرير من ارتهان الشرعية»، وبعد ان قرع الجرس عند الحادية عشرة ايذانا بانطلاق جلسة، كان في داخل القاعة 71 نائبا فقط من اصل 89 حضروا الى البرلمان، فأعلن الرئيس بري الذي لطالما ما انتظر اكتمال النصاب في السنوات السابقة للدخول الى القاعة، عن ارجاء الجلسة الى 20 الجاري (الخميس المقبل)، واعلن ايضا عن جلسة حكمية طبقا للدستور والنظام الداخلي لاعادة انتخاب اللجان النيابية، في اول ثلاثاء تلي الخامس عشر من تشرين الاول، في 18 الجاري (الثلاثاء المقبل).
الكوليرا: 29 إصابة
صحياً، ارتفع عدد الاصابات بالكوليرا امس الى 29 اصابة، بعد تسجيل 3 إصابات جديدة امس، حسب وزارة الصحة لا سيما في الشمال.
الجمهورية
لبنان وافق .. الى الناقورة دُر .. وباريس: لانتخاب رئيس ضمن المهلة
سَلكت حدودياً بإعلان لبنان رسمياً موافقته على الاتفاق الخاص بترسيم الحدود البحرية الجنوبية بينه وبين اسرائيل، لكنها لم تسلك بعد لا رئاسياً ولا حكومياً فيما بدأ الوقت يضيق امام هذين الاستحقاقين الدستوريين مع اقتراب نهاية ولاية رئيس الجمهورية العماد ميشال عون آخر الشهر الجاري، وارتفاع منسوب المخاوف من حصول فراغ في سدة رئاسة الاولى في ظل حكومة تصريف الاعمال التي يفترض انها ستتولى صلاحيات رئيس الجمهورية بالوكالة الى حين انتخاب رئيس جديد، وهو أمر قد يثير سجالاً دستورياً حول مدى أهليتها لتولّي هذه المهمة.
أعلن رئيس الجمهورية العماد ميشال عون رسمياً موافقة لبنان على الصيغة النهائية التي أعدّها الوسيط الأميركي لترسيم الحدود البحرية الجنوبية عاموس هوكشتاين، مؤكداً انّ «هذه الاتفاقية غير المباشرة تتجاوب مع المطالب اللبنانية وتحفظ حقوقنا كاملة».
وقال عون في كلمة الى اللبنانيين مساء امس: «بعد التشاور مع رئيس مجلس النواب السيد نبيه بري ورئيس الحكومة السيد نجيب ميقاتي، وبصفتي رئيس الدولة، وبعد إبلاغي من الرئيس الأميركي جو بايدن موافقة إسرائيل، وبعد إعلان الحكومة الإسرائيلية موافقتها، أعلن موقف لبنان بالموافقة على اعتماد الصيغة النهائية التي أعدّها الوسيط الأميركي لترسيم الحدود البحرية الجنوبية، في انتظار توقيع النصوص اللازمة من الجانب الأميركي والجانب الإسرائيلي وفقاً للآلية المعتمدة في الاتفاق». وشكر «كل مَن وقف إلى جانب لبنان في هذا الإنجاز الذي ما كان ليتحقّق لولا وحدة الموقف اللبناني وصلابته في مقاومة كل الضغوط، وفي عدم تقديمه أي تنازلات جوهرية، وعدم دخوله في أي نوع من أنواع التطبيع المرفوض». وقال: «إنّ من حق لبنان أن يعتبر ما تحقّق بالأمس إنجازاً تاريخياً، لأننا تمكنّا من استعادة مساحة 860 كيلومترا مربعا كانت موضع نزاع ولم يتنازل لبنان عن أي كيلومتر واحد لإسرائيل، كما استحصَلنا على حقل قانا كاملاً من دون أي تعويض يدفع من قبلنا على رغم من عدم وجود كامل الحقل في مياهنا. كذلك لم تمس حدودنا البرية ولم يعترف لبنان بخط الطفافات الذي أحدثته إسرائيل بعد انسحابها من أراضينا عام 2000، ولم يقم أي تطبيع مع إسرائيل، ولم تعقد أي محادثات أو اتفاقيات مباشرة معها». واضاف: «بتنا قادرين اليوم، بعدما استعدنا زمام المبادرة، بفضل المثابرة والجهد والدفاع عن ما هو حق لنا وللأجيال المقبلة التي نأمل أن تعيش في زمن أفضل من الزمن الذي عشنا فيه. وأن ينشأ الصندوق السيادي الذي يحفظ لها العائدات بحسب اقتراح القانون المقدم بهذا الشأن». وأوضح ان «الخطوة التالية يجب أن تكون التوجّه الى عقد محادثات مع سوريا لحل المنطقة المتنازع عليها معها وهي تزيد عن 900 كلم2، وذلك عن طريق البحث الأخوي. كذلك ينبغي مراجعة الحدود المرسومة مع قبرص وتقرير ما يتوجب القيام به مستقبلاً».
وتوجّه عون الى اللبنانيين قائلاً: «من خلال صمودكم وثباتكم ونضال مقاومتكم التي أثبتت أنها عنصر قوة للبنان، ساهَمتم في تحصين الموقف اللبناني في التفاوض، كما في المواجهة، وحققتم هذا الإنجاز، لكم وللأجيال الآتية، كل ذلك من أجل رفعة وطنكم وتقدمه وازدهاره وراحة أبنائه».
وكان عون قد اتصل امس ببري وميقاتي قبَيل اعلان موافقة لبنان على اتفاق الترسيم، وبحث معهما في هذا الملف في ضوء الصيغة النهائية التي أرسلها هوكشتاين للمسؤولين اللبنانيين قبل أيام.
هوكشتاين
من جهته أوضح هوكشتاين، في مقابلة عبر الـLBCI، أنه «ليس صحيحاً أن هناك رابح وخاسر في الاتفاقية»، مشيرا إلى أنه «لهذا السبب قاموا بتغيير المفاوضات خلال الأشهر القليلة الماضية للنظر إليها في شكل مختلف، وطرحنا مجموعة مختلفة من الأسئلة».
ولفت الى أنه نجح حين فشل قبل بضع سنوات وهذه هي جولته الثانية، معتبراً «أن هذه التجربة كانت مفيدة والجزء الأهم كان عندما طلب منه الرئيس الاميركي بايدن استئناف العمل كوسيط». وأكد أن الطرفين أرادا أشياء مختلفة وما كان مهمًا لطرف لم يكن مهمًا بالنسبة للطرف الآخر فعملنا على وصفة للفوز بالنسبة للبنان». وشدّد على «أن الجزء الأهم هو أن يكون لدى لبنان ما يكفي من مساحة في المياه تمنحه القدرة على تطوير حقل غاز حصري له من شأنه أن يوفّر الاستثمار الأجنبي الذي سيتدفّق لأول مرة إلى لبنان، اضافة الى إمكانات الغاز التي ستتدفق مباشرة إلى محطات توليد الكهرباء».
وأوضح هوكشتاين أنه «بالنسبة لإسرائيل فإنّ ما أرادوه هو خط حدودي آمن ومؤكد ويوفّر الاستقرار من جانبهم، وبهذه الطريقة وبمجرد استيفاء الشروط الأمنية الإسرائيلية وتلبية الشروط والاحتياجات اللبنانية على الصعيدين الأمني والاقتصادي بات بالإمكان للصفقة أن تتم».
ولدى سؤاله اذا كان فوز رئيس الوزراء الاسرائيلي السابق بنيامين نتنياهو في الانتخابات سيشكّل خطر التراجع عن الاتفاقية أو إلغائها؟ قال: «انّ اسرائيل اليوم مثل لبنان لديها ديموقراطية نشِطة جدا مع كثير من وجهات النظر ولكن الإجراءات الحكومية تميل إلى البقاء عليها كما هي واتّباع الاتفاقات، سواء صوّتوا لها أم لا».
وأمل هوكشتاين أن تعلن «Total» مع شريكتها «ENI» أنها بدأت في الاستعداد للتنقيب في المياه اللبنانية. ورأى أن هذا الاتفاق يمكن أن يُنسب إليه الفضل في منع الفوضى والمزيد من الصراع في كل جميع أنحاء المنطقة ولأول مرة منذ زمن طويل لبنان هو الجواب على المشاكل وليس السبب». واعتبر «أن هذا الاتفاق طريقة للولايات المتحدة لضمان عدد من الأشياء في الوقت نفسه وازدهار اقتصادي للبنان وتأمين الحدود الشمالية لإسرائيل»، مذكّراً «أن تأمين الحدود الشمالية لإسرائيل يعني عدم الحرب بين إسرائيل ولبنان».
موعد تبادل الوثائق
وفي هذه الاجواء قالت مصادر معنية لـ»الجمهورية» انه بعد الموقف النهائي الذي أعلنه رئيس الجمهورية امس بعد التشاور مع كل من رئيسَي مجلس النواب والحكومة، بات لبنان في مرحلة الإنتظار لمعرفة الموعد المحتمل الذي سيكون فيه الموفد الاميركي في بيروت من اجل تبادل الوثائق الموقعة بين الجانبين اللبناني والاسرائيلي في مقر قيادة القوات الدولية (اليونيفيل) في الناقورة وإيداعها الإدارة الاميركية تمهيداً لنقلها الى الامم المتحدة.
وثيقة الترسيم
وفي هذه الاثناء طلب بري من الامانة العامة للمجلس النيابي «ابلاغ نسخة من ترسيم الحدود البحرية الجنوبية اللبنانية الى كل من السادة النواب للاطلاع عليها بعد إقرار الترسيم في مجلس الوزراء».
وكانت مجموعة من النواب قد وجّهت أمس كتاباً الى بري طالبته فيه بـ»الدعوة لعقد جلسة طارئة للمجلس النيابي بموضوع ترسيم الحدود البحرية الجنوبية تبعاً لما تقتضيه المادة 52 من الدستور». وقالت: «من منطلق المحافظة على سيادة لبنان وحقوقه الكاملة وعلى دور المجلس النيابي، نطلب من جانبكم دعوة المجلس النيابي الى عقد جلسة طارئة بموضوع ترسيم الحدود البحرية الجنوبية، تبعاً لما تقتضيه المادة 52 من الدستور وسائر المواد الدستورية والقانونية والمعاهدات الدولية وإتفاقية الهدنة التي ترعى الحدود الدولية المعترف بها دولياً، ولِما لهذه القضية من أوجه عجلة وخُطورة وأهمية، للاستماع الى الحكومة المستقيلة لإطلاع المجلس النيابي على ما هو معروض عليها بهذا الصدد ومناقشة مضمون هذه الإتفاقية، وبالتالي تمكين النواب من اتخاذ الموقف المناسب منها كشرط جوهري لإبرامها».
الاستحقاق الرئاسي
في غضون ذلك انضَمّت جلسة الانتخاب الثانية، التي عقدها مجلس النواب امس لانتخاب رئيس جمهورية جديد، الى لائحة «ضحايا» الاستحقاق الرئاسي التي من المتوقع ان تطول وان تلتحق بها جلسات أخرى.
فبين خَميسَين ونصابَين انعقدت هذه الجلسة بنصاب مُكتمل في خارج قاعة الجلسات تجاوز الـ٨٦ نائباُ، ونصاب غير مكتمل في القاعة لم يتعد الـ٧١ نائباً، ضمن لعبة مكشوفة تَشارك فيها الجميع تنفيذاً أو علماً وتسليماً بالقدر الذي لم يَحِن بعد لمعرفة هويّة الرئيس الرابع عشر للبنان.
ووصف مصدر نيابي رفيع لـ»الجمهورية» الجلسة بأنها «جلسة المتوقع وسيكون لها أخوات شبيهات كثر، وإن تغلّفت بغياب «التيار الوطني الحر» لكنها كانت «طايرة طايرة». واكد المصدر «ان هذا المشهد سيتكرر الى حين تسليم كل القوى السياسية بضرورة الذهاب الى توافق، فـ»السّولَفة» بالمبادىء انتهت وحان وقت الحَكي الجدي في رئيس توافقي وليس رئيس تَحدّ نجد له مبررات». وكشف المصدر «انّ الاجواء تَشي بأنه من المبكر احداث اختراق في ملف الاستحقاق الرئاسي، فالقوى والاحزاب المسيحية على ما يبدو ليسوا جاهزين بعد للاتفاق، وطالما انّ هذا الامر غير متوافر سيبقى الرئيس خارج التغطية».
فاتورة الفراغ
الى ذلك قالت اوساط مطلعة لـ»الجمهورية» انّ «البحث الجدي في الاسم المحتمل لرئيس الجمهورية لن يبدأ قبل نهاية المهلة الدستورية في 31 تشرين الأول والدخول في الشغور الرئاسي الذي سيستدرج عروض التسوية، ولو بعد حين». واشارت الى «انّ معايير مرحلة الشغور تختلف عن تلك المعتمدة خلال المهلة الدستورية، وبالتالي فإنّ من يرفض التسوية حالياً سيصبح اكثر جهوزية لها واستعداداً للبحث فيها عقب الفراغ».
وأكدت هذه الاوساط «انّ جلسات ما قبل 31 تشرين الاول لن تخرج عن إطار المناورات التي ستستهلك بطبيعة الحال عدداً من الأسماء في انتظار التفاهم على اسم مقبول».
وتوقعت الاوساط ان يساهم اتفاق الترسيم البحري في إيجاد بيئة حاضنة للتسوية الرئاسية المفترضة، معتبرة انّ التحدي هو في خفض فاتورة الفراغ وتقصير مدته قدر المستطاع، خصوصاً ان لا مفر في نهاية المطاف من التوافق، والأفضل هو الوصول اليه بأقل ثمن ممكن».
وكان بري قد أرجأ جلسة انتخاب رئيس للجمهورية الى الحادية عشرة قبل ظهر الخميس المقبل لعدم توافر النصاب، كما دعا الى جلسة لانتخاب اللجان النيابية قبل الثلاثاء المقبل. وعلمت «الجمهورية» ان بري سيفتح مباشرة بعد انتخاب مطبخ المجلس النيابي جلسة تشريعية بجدول أعمال مصغّر.
التحرك الفرنسي
في غضون ذلك بدأت امس وزيرة أوروبا والشؤون الخارجية كاترين كولونا زيارة للبنان تدوم يومين، وأعلنت السفارة الفرنسية في بيان انها ستجري محادثات مع رئيس الجمهورية ميشال عون، في حضور نظيرها عبدالله بوحبيب. وكذلك ستلتقي رئيس مجلس النواب نبيه بري ورئيس الحكومة نجيب ميقاتي.
وأشارت السفارة في بيانها إلى أنه «مع اقتراب الاستحقاق الدستوري لانتخاب رئيس لبناني جديد، ستعيد الوزيرة كاترين كولونا التذكير بتمسّك فرنسا بحسن سير العمل في المؤسسات اللبنانية. ومن جهة أخرى، ستشدد على أنه من المُلحّ بالنسبة إلى لبنان أن يتم تشكيل حكومة كاملة الصلاحيات لكي يخرج من الأزمة الشديدة الخطورة التي يواجهها منذ أشهر عدة، ويقوم بالإصلاحات الاقتصادية والمالية التي ينص عليها الاتفاق الموقع في شهر نيسان مع صندوق النقد الدولي، وهي إصلاحات ضرورية جدا في السياق الذي تشهده البلاد ويثير الكثير من القلق». وأضافت: «ستشكل هذه الزيارة أيضا مناسبة للترحيب بالاتفاق التاريخي حول ترسيم الحدود البحرية بين لبنان وإسرائيل، الذي تم التوصل إليه هذا الأسبوع، وسعت فرنسا من أجله مع شركائها الدوليين. وفي ختام هذه الزيارة، ستتوجه الوزيرة للقاء المتطوعين الشباب في الصليب الأحمر، الذين يعملون بشكل يومي في خدمة الشعب اللبناني».
وقالت مصادر ديبلوماسية غربية لـ»الجمهورية» انّ الزيارة تكتسب اهمية بالغة قبل ايام قليلة على اجتماع وزراء خارجية الاتحاد الأوروبي الإثنين المقبل في بروكسل للبحث في تطورات الازمة الاوكرانية وما يجري في منطقة الشرق الأوسط في ضوء ما يجري في لبنان، وملف التفاهم الخاص بالترسيم البحري بين لبنان واسرائيل وما يعنيه بالنسبة الى ازمة النفط العالمية وتأثيراتها على دول اوروبا، وستوجّه التهنئة مباشرة الى المسؤولين اللبنانيين إنفاذاً لمضمون بيان وزارة الخارجية الذي صدر أمس الأول.
واضافت المصادر انّ الزيارة ستكون الاخيرة لمسؤول فرنسي على هذا المستوى قبل نهاية ولاية الرئيس عون، وستشدّد كولونا أمامه على أهمية انتخاب الرئيس العتيد للجمهورية ضمن المهلة الدستورية، وستعاوِد تأكيد تمسّك فرنسا بحسن سير عمل المؤسسات اللبنانية ودعم المؤسسات العسكرية والامنية واهمية ان تكون هناك حكومة بمواصفاتها الدستورية الكاملة لأنها من العوامل التي تعيد انتظام العمل بين المؤسسات الدستورية في البلاد ودعم تعاونها للخروج من الأزمة الخطيرة، والعمل على تنفيذ الإصلاحات الاقتصادية والمالية المنصوص عنها في الاتفاق الموقّع في نيسان الماضي بين لبنان وصندوق النقد الدولي».
واذا لم تتحدث الوزيرة الفرنسية خلال جولتها الى الرؤساء الثلاثة، فإنها ستعقد مؤتمرا صحافيا بعد ظهر اليوم في غرفة الصحافة في مطار بيروت الدولي لدى مغادرتها لبنان.
النهار
عون يزفّ “الإنجاز”… ويوظّفه في التصفيات!
رئيس الجمهورية ميشال عون، منفردا، يعلن موافقة لبنان على اتفاق ترسيم الحدود البحرية بين لبنان وإسرائيل من دون إجراءات مكملة تفترض إحالة الاتفاق على مجلس الوزراء للتصديق عليه ولا على مجلس النواب لمناقشته واقراره، علما ان نسخا منه وزعت امس على الوزراء بعد فوات الاوان. ذاك ما اقتضاه تفاهم اركان السلطة رغم تصاعد الأصوات النيابية والحقوقية والقانونية والدستورية الاعتراضية والمعترضة على اختصار تطور بهذا الحجم وبهذه الأهمية الاستراتيجية التي تقارب مسألة تمس بجوهر الصراع مع إسرائيل. مع ذلك لم تقف مفارقة اختصار الإجراءات و”المراسيم” و”الطقوس” عند اعلان رئيس الجمهورية الموافقة على الاتفاق، بل ان رمزية لافتة واكبت ذلك مع توقيت “متوهج” لتوجيه الرئيس عون رسالة الى اللبنانيين في موضوع الاتفاق اذ تزامن الموعد من جهة مع الذكرى الـ 32 لعملية 13 تشرين الأول 1990 التي اسقطت حكومة عون العسكرية آنذاك على يد القوات السورية، ومن جهة أخرى مع اقتراب ولاية عون من نهايتها بعد 17 يوما. وجرى الإعلان عن الموافقة على اتفاق الترسيم البحري مع إسرائيل على وقع اخفاق مجلس النواب في عقد جلسته الثانية لانتخاب رئيس الجمهورية بفعل تعمد قوى 8 اذار ومحور “الممانعة” افقاد الجلسة نصاب الثلثين وعدم انعقادها بما شكل انتكاسة أسوأ من الجلسة الأولى التي كانت انعقدت فعلا وجرت فيها عملية انتخابية ولو لم تؤد الى انتخاب الرئيس الجديد. وعمقت الـ”لاجلسة” الثانية امس الانطباعات القاتمة والمتشائمة في زحف احتمال الشغور الرئاسي على البلاد، كأن الطبقة السياسية باتت تحت وطأة الاستسلام لقوى التعطيل والشغور في وقت بدأت ملامح القلق الدولي والخارجي من احتمال الشغور والفراغ تتصاعد وشكل ابرز مؤشراتها وصول وزيرة الخارجية الفرنسية كاترين كولونا الى بيروت مساء امس في زيارة تكتسب طابع الالحاح لانتخاب رئيس للبلاد.
اما الجانب السلبي الاخر الذي واكب اعلان عون موافقة لبنان على الاتفاق فتمثل في تعمده توظيف “الإنجاز التاريخي” في الحسابات وتصفية الحسابات السياسية الداخلية عند مشارف نهاية الولاية اذ تقصد الإشارة الى ان ملف الترسيم “هو ثمرة مسيرة طويلة بدأت فعليا في العام 2010 عندما أعـدت وزارة الطاقة والمياه التي كان يتولاها الوزير جبران باسيل الخطة” ثم استدرك في سياق عرضه لمراحل المفاوضات الى اتهام اطراف سياسيين بعرقلة الفريق السياسي والوزاري الذي يمثله في الحكومات المتعاقبة. واعلن عون في الرسالة التي وجهها مساء امس موقف لبنان بالموافقة على اعتماد الصيغة النهائية التي اعدها الوسيط الأميركي لترسيم الحدود البحرية الجنوبية، وان “هذه الاتفاقية غير المباشرة تتجاوب مع المطالب اللبنانية وتحفظ حقوقنا كاملة”. وشكر “كل من وقف إلى جانب لبنان في هذا الإنجاز الذي ما كان ليتحقق لولا وحدة الموقف اللبناني وصلابته في مقاومة كل الضغوط، وفي عدم تقديمه أي تنازلات جوهرية، وعدم دخوله في أي نوع من أنواع التطبيع المرفوض.”
واستعرض المراحل التي قطعها مسار ملف الترسيم منذ العام 2010 مع “كل العقبات والصعوبات المحلية والخارجية التي واجهته، والعراقيل التي وضعت في وجهه لاسباب سياسية”، مشيراً الى انه “بالتزامن، كان على لبنان أن يفعّل عملية ترسيم حدوده البحرية لا سيما الجنوبية منها، وتصحيح أخطاء وقعت في الترسيم مع قبرص”. وقال “إن من حق لبنان أن يعتبر ما تحقق بالأمس إنجازاً تاريخياً، لأننا تمكنا من استعادة مساحة 860 كيلومترا مربعا كانت موضع نزاع ولم يتنازل لبنان عن أي كيلومتر واحد لإسرائيل، كما استحصلنا على كامل حقل قانا من دون أي تعويض يدفع من قبلنا على الرغم من عدم وجود كامل الحقل في مياهنا. كذلك لم تمس حدودنا البرية ولم يعترف لبنان بخط الطفافات الذي استحدثته إسرائيل بعد انسحابها من أراضينا في العام 2000، ولم يقم أي تطبيع مع إسرائيل، ولم تعقد أي محادثات أو اتفاقيات مباشرة معها.”
واكد ان الاتفاق ينص على كيفية حل أي خلافات في المستقبل، أو في حال ظهور أي مكمن نفطي آخر مشترك على جانبي الحدود، “ما يضفي طمأنينة وشعورا أقوى بالاستقرار على طرفي الحدود، وبتنا قادرين اليوم، بعدما استعـدنا زمام المبادرة، بفضل المثابرة والجهد والدفاع عما هو حق لنا وللأجيال المقبلة التي نأمل أن تعيش في زمن أفضل من الزمن الذي عشنا فيه. وأن ينشأ الصندوق السيادي الذي يحفظ لها العائدات بحسب اقتراح القانون المقدم بهذا الشأن.” وأوضح ان الخطوة التالية “يجب أن تكون التوجه الى عقد محادثات مع سوريا لحل المنطقة المتنازع عليها معها وهي تزيد عن 900 كيلومتر مربع، وذلك عن طريق التباحث الأخوي. كذلك تنبغي مراجعة الحدود المرسومة مع قبرص وتقرير ما يتوجب القيام به مستقبلا.”
كولونا في بيروت
في غضون ذلك وصلت مساء وزيرة الخارجية الفرنسية كاترين كولونا الى بيروت وأصدرت وزارة الخارجية الفرنسية بيانا استبقت فيه وصولها في زيارتها يومي الخميس والجمعة وأفادت انها ستلتقي رئيس الجمهورية ميشال عون وبحضور نظيرها عبد الله بوحبيب، كما ستلتقي رئيس مجلس النواب نبيه بيري ورئيس حكومة تصريف الاعمال نجيب ميقاتي.
وأضافت: “مع اقتراب الموعد النهائي الدستوري لانتخاب رئيس جديد للجمهورية، ستذكر الوزيرة بتمسك فرنسا بحسن سير عمل المؤسسات اللبنانية، ستؤكد أنه من الملح أيضًا أن يكون للبنان حكومة كاملة، لإخراج لبنان من الأزمة الخطيرة جدًا التي يواجهها منذ شهور، كما تنفيذ الإصلاحات الاقتصادية والمالية المنصوص عليها في الاتفاق الموقع في نيسان مع صندوق النقد الدولي، التي تعتبر أساسية في سياق الحالة المقلقة للغاية في البلد . وستكون هذه فرصة للترحيب بالاتفاق التاريخي بشأن ترسيم الحدود البحرية بين لبنان وإسرائيل المبرم هذا الأسبوع، والذي عملت فرنسا من أجله مع شركائها الدوليين. وفي ختام هذه الزيارة، ستلتقي وزيرة الخارجية الفرنسية المتطوعين الشباب من الصليب الأحمر الذين يعملون يوميًا في خدمة الشعب اللبناني “.
صخب في المجلس
وكان ملف ترسيم الحدود البحرية اخترق بقوة الفترة القصيرة التي طبعت الـ”لا جلسة” الثانية لانتخاب رئيس الجمهورية في مجلس النواب قبل اعلان ارجائها بفعل فقدان النصاب . اذ أعلن النائب ملحم خلف باسم “النواب التغييريين” توجيه كتاب إلى الرئيس نبيه برّي “ينصّ على أنّ اتفاقية الهدنة نصّت على أنّ حدود لبنان هي الحدود الدولية استناداً إلى إحداثيات آذار عام 1949 لكّننا علمنا من الإعلام أن الحدود البحرية رُسّمت بوساطة أميركية” وقال “بما أنه لا يجوز التخلي عن أراضي البلاد وعلماً أنّ الاتفاقات التي تتعلق بمالية الدولة لا يملك رئيس الجمهورية حقّ إبرامها إلا بعد موافقة المجلس النيابي لذلك يجب إطلاعنا على نصّ الاتفاق ونطلب دعوة المجلس النيابي لعقد جلسة طارئة بما يتعلّق بموضوع ترسيم الحدود”.
كما ان رئيس حزب الكتائب النائب سامي الجميل طالب الرئيس بري بالاستفادة من التئام المجلس لمناقشة اتفاق ترسيم الحدود البحرية وقال “هل يمكن توزيع اتفاق ترسيم الحدود لانه يجب مناقشته في المجلس بحسب الدستور”. ولم يلق تجاوباً من رئيس المجلس.
ولكن بري بادر لاحقا الى الطلب من الامانة العامة للمجلس “ايداع نسخة من ترسيم الحدود البحرية الجنوبية اللبنانية لكل من السادة النواب للاطلاع بعد إقراره في مجلس الوزراء”.
وفي المقابل نقل عن أوساط رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي أنّ “الوزراء سيطّلعون على نصّ إتّفاق ترسيم الحدود من دون اتّخاذ أيّ قرار بشأنه، لأن إقراره يعني إتّفاقاً بين لبنان والعدوّ الإسرائيليّ الذي لا نعترف به كدولة” وأضافت أنّ “هذا الأمر ليس وارداً بسبب أنّ أيّ إقرار للاتّفاق في مجلس الوزراء يعني التطبيع مع العدوّ”.
لا نصاب
اما في المسار الانتخابي فان الجلسة الثانية لانتخاب رئيس للجمهورية سقطت في لعبة افقاد النصاب بقرارٍ واضح ومكشوف وبتوزيع أدوار من اطراف “فريق الممانعة”. اذ ان نواب “تكتل لبنان القوي” لم يحضروا لتزامن الجلسة مع ذكرى 13 تشرين، في وقت حضر نواب “كتلة الوفاء للمقاومة” الا انه لم يدخل منهم الى القاعة العامة سوى رئيسها النائب محمد رعد. وبعد ان قرع الجرس في الحادية عشرة ايذانا بانطلاق جلسة، كان في داخل القاعة 71 نائبا فقط من اصل 89 حضروا الى البرلمان، فأعلن رئيس مجلس النواب نبيه بري ارجاء الجلسة الى 20 الجاري واعلن ايضا عن جلسة دستورية للجان في 18 الجاري.
ولعل المفارقة اللافتة الوحيدة التي ميزت الجلسة الثانية برزت في خروج “حزب الله” عن صمته بإزاء مرشح المعارضة النائب ميشال معوض فانبرى بلسان العضو في كتلته حسن فضل الله الى مهاجمته ومهاجمة “القوات اللبنانية ” معتبرا ان معوض “مرشح تحدي” وهذا الامر هو الذي يحول دون انتخاب رئيس للجمهورية!
ورد معوّض، مؤكدا انه مرشح احزاب القوات والكتائب والاشتراكي وعدد من المستقلين، وقال أن “البلد في حال انهيار، ومشهدية اليوم مؤسفة، والجميع مقتنع بأنّ الاستحقاق الرئاسي يجب أن يكون مدخلاً جدّياً للحوار، ولا أرى على الضفة الأخرى أي مشروع أو مرشح أو خيار. وأقول للمعارضة إنّ الطريق الوحيد للوصول إلى الإنقاذ هو توحيد الصفوف”. وقال ان “لعبة “كبّ الأسماء توصلنا إلى رئيس تسوية بلا لون ولا مواقف ولا يحمل أيّ مشروع. وبات واضحاً للجميع أنّنا نحمل مشروعاً جدياً و”مكمّلين فيه”، وأنا رئيس واضح ورئيس العودة إلى الدولة… وأنا لستُ مرشّح تحدٍّ، ولا يمكن أن يكون التوافق تحت سقف السلاح والتسويات لن تؤدي إلا إلى مزيد من الانهيار”.
الأنباء
فريق التعطيل يواصل مهمته.. وعون حاول مصادرة “الترسيم” كرمى لباسيل
الشكوك التي تساور اللبنانيين من نية فريق أساسي تعطيل ستحقاق انتخاب رئيس الجمهورية بدأت تتيقن مع تعطيل نصاب جلسة الانتخاب أمس، حيث أن فريق 8 آذار الذي حضر الجلسة الأولى واقترع بورقة بيضاء حضر بعض نوابه أمس إلى المجلس بدون أن يدخلوا القاعة العامة فلم يتحقق نصاب الجلسة.
وفيما لغالبية نواب المعارضة مرشحهم وهو النائب ميشال معوض، لا مرشح للقوى المقابلة، ما يعزز الشكوك أكثر بنيّتها التعطيل وإطالة أمد الشغور الرئاسي كما فعلوا منذ ست سنوات. والسؤال الذي قد يبدو جوابه معروفًا سلفاً بناءً على ما تقدم، هو لماذا لا يستجيب فريق 8 آذار لدعوات المعارضة للدخول في حوار على اسم مرشح؟ بل لماذا لا يعلن هو عن مرشحه؟
أما في ضفة المعارضين، فقد استمر نواب التغيير بالتغريد خارج السرب، ما يعني قطع الطريق على وحدة المعارضة لتتمكن من إيصال مرشحها، وهم أعلنوا المشاركة بالجلسة المقبلة بمرشح واحد من بين الأسماء التي اقترحوها، والمرجّح أنه سيكون بحسب مصادرهم، إما زياد بارود لإحراج 8 آذار، أو صلاح حنين لإحراج السياديين.
وفي أي حال، الخميس المقبل يدخل الإستحقاق في الأيام العشرة الأخيرة لانتهاء الولاية والتي يكون فيها مجلس النواب في حالة انعقاد دائم لانتخاب الرئيس. وقد دعا الرئيس نبيه بري الى جلسة في هذا اليوم ستكون الثالثة ومعها يدور عداد الجلسات إلى أن يقضي الله أمرا كان مفعولا.
في هذا السياق اعتبر النائب احمد رستم في حديث مع جريدة “الأنباء” الإلكترونية أن جلسة الأمس والجلسة التي سبقتها أظهرتا انقسامات وشرذمة واضحة في صفوف النواب، ما لا يمكّن اي فريق من تبني أي مرشح دون الفريق الآخر. وهذا يحتم الاتفاق على رئيس جمهورية لا من فريق 8 آذار ولا من فريق 14 آذار.
رستم دعا إلى ضرورة الحوار والتوصل الى رئيس إنقاذ لأن موضوع النصاب المقدّر بـ 86 نائبا يؤكد أن كل طرف بإمكانه تعطيل النصاب، ما قد ينسحب على مواضيع مثل مناقشة ملف ترسيم الحدود البحرية مع إسرائيل، ولذا المطلوب رئيس يستطيع ان يقنع كل الأطراف بأنه قادر على إنقاذ لبنان من ازمته، يقود ورشة إصلاح سياسي واقتصادي واجتماعي انطلاقا من الظروف الصعبة التي يمر بها بلدنا، وأن يعيد ربط لبنان بمحيطه العربي وتحسين علاقاته بكل دول العالم. والأهم ان يعيد الجميع إلى كنف الدولة.
على خط آخر تعليقا على الكلمة التي ألقاها رئيس الجمهورية وتحدث فيها عن المراحل التي قطعها ملف ترسيم الحدود البحرية مع إسرائيل منذ العام 2010 لغاية اليوم، والاتفاق الذي توصل اليه الجانبان اللبناني والاسرائيلي بإشراف الوسيط الأميركي أموس هوكشتاين، كشفت مصادر متابعة لهذا الملف لـ “الأنباء” الالكترونية أن النقاط التي تعمّد عون التطرق لها في هذا الملف كان همه الأساس فيها الادعاء أمام اللبنانيين أن الاتفاق هو نتيجة جهود قام بها صهره جبران باسيل، وهي محاولة بدت جدا هزيلة من رئيس جمهورية يفترض أنه رئيس كل البلاد.
وسألت المصادر عن سبب تربيح الناس منّة بأن باسيل اجترح المعجزات، فيما الوقائع تدحض كل ذلك، واللبنانيون لا زالوا يعرفون تماماً من قاد المفاوضات في السنوات العشرة الأخيرة، وأين كان موقف باسيل.
المصادر أوضحت أن كل هذا “التربيح الجميلة” هو لتلميع صورة باسيل أمام الرأي العام اللبناني والعالمي والذي لن يلغي تهمة الفساد والعقوبات المفروضة عليه من أرفع مرجعية دولية، كما ولن يعطيه صك براءة بهدر 50 مليار دولار على الكهرباء فيما لبنان يعيش في الظلمة.
المصادر رأت أن الخطاب المسهب لعون قبل أيام من نهاية ولايته وتعداد ما سماها إنجازاته لن يمحو السنوات الست العجاف التي تحملها اللبنانيون منذ بداية هذا العهد، الذي لا يحق لها ادعاء أي إنجاز.
وعليه يبقى على اللبنانيين أن يعدّوا الأيام المتبقية لانتهاء هذا العهد، علّها تبدأ بعدها مرحلة مختلفة تؤسس لواقع أفضل.
نداء الوطن
عون وباسيل “يعومان” على الترسيم: “الاستثمار النفطي” بدأ!
هل ترتدّ “نشوة” الاتفاقية البحرية سلباً على التأليف؟
بينما كان العونيون ومعهم “حزب الله” وحلفاء النظام السوري يعتكفون أمس عن انتخاب رئيس جديد للجمهورية احتفالاً بذكرى خروج الجنرال ميشال عون من قصر بعبدا في 13 تشرين الأول من العام 1990… وبالتاريخ نفسه والصوت نفسه الذي سُمع فيه قبل 32 عاماً عبر أثير “إذاعة لبنان” وهو يطلب من عسكرييه الاستسلام، بعدما تركهم وحدهم في ساحة المعركة إثر فراره إلى السفارة الفرنسية، أطلّ عون مساءً من قصر بعبدا في 13 تشرين الأول ليزفّ إلى اللبنانيين جديد “بطولاته” على الساحة الوطنية، معلناً “الموافقة على اعتماد الصيغة النهائية التي أعدّها الوسيط الأميركي لترسيم الحدود البحرية الجنوبية” مع إسرائيل “بانتظار توقيع النصوص اللازمة من الجانبين الأميركي والإسرائيلي وفقاً للآلية المعتمدة في الاتفاق”.
وانطلاقاً من هذا الموقف اللبناني المطلوب أميركياً ودولياً لتأكيد المصادقة رسمياً على اتفاقية الترسيم من قبل “رئيس الدولة، بعد التشاور مع رئيس مجلس النواب نبيه بري ورئيس الحكومة نجيب ميقاتي”، لم يتأخّر عون في استغلال منبر الإعلان عن هذا “الإنجاز التاريخي” ليفرد أشرعة الإبحار في رحلة “تعويم” العهد وتياره على ظهر مركب الترسيم، فشرع في بدء عملية “الاستثمار النفطي” الرئاسي والسياسي في حقول الثروة البحرية، مجيّراً الفضل الأكبر إلى شخصه وشخص رئيس “التيار الوطني الحر” باعتبار أنّ ما تم تحقيقه لم يكن ليتم لولا وصول عون إلى سدة رئاسة الجمهورية، وأنّ “ما وصلنا إليه في الترسيم البحري ولاحقاً التنقيب والاستخراج” كان بمثابة “ثمرة مسيرة طويلة بدأت فعلياً في العام 2010” من وزارة الطاقة والمياه “التي كان يتولاها الوزير جبران باسيل”.
وسرعان ما تلقّف باسيل المبادرة لتعويم نفسه بنفسه أمام واشنطن، مصرّحاً لوكالة “رويترز” بصفته “نائباً في البرلمان اللبناني خاضعاً منذ العام 2020 لعقوبات أميركية بتهم فساد وتقديم دعم مادي لحزب الله” كما عرّفت عنه الوكالة، أنه “لعب دوراً خلف الكواليس في المحادثات التي توسّطت فيها الولايات المتحدة الاميركية لترسيم الحدود البحرية بين لبنان والكيان الاسرائيلي من خلال التواصل المباشر مع حزب الله”، مشيداً بالدور “الإيجابي” الذي لعبه “الحزب” في سبيل التوصل إلى اتفاقية ترسيم الحدود البحرية مع إٍسرائيل.
وإذ نفى باسيل رداً على سؤال، أن يكون لضلوعه في مفاوضات الترسيم أي علاقة بمسألة العقوبات الأميركية المفروضة عليه، لكنه أعرب عن ثقته بأنها “سترفع عنه لأنها غير عادلة”، استرعى الانتباه في المقابل تأكيد السفيرة الأميركية في لبنان دوروثي شيا لدى استيضاحها من قبل “رويترز” على عدم وجود أي تأثير لعملية التوصل إلى اتفاق الترسيم بين لبنان وإسرائيل على موضوع العقوبات المفروضة على باسيل، مشددةً على أنّ نظام العقوبات في الولايات المتحدة “لا يعمل بهذه الطريقة”، وأردفت بالقول: “نحن لا نتعاطى بهذا الشكل الرخيص”.
توازياً، وعلى وقع تأكيد الرئاسة الفرنسية أمس أنّ “الوساطة الأميركية بين إسرائيل ولبنان لم تكن لتنجح من دوننا”، وصلت مساءً وزيرة الخارجية الفرنسية كاترين كولونا في زيارة رسمية إلى بيروت حيث ستعقد جولة محادثات مع الرؤساء الثلاثة ونظيرها اللبناني تتركز في جوهرها على اتفاقية الترسيم الحدودي البحري لا سيما في ظلّ الدور الحيوي الذي ستضطلع به شركة “توتال” الفرنسية في إطار عملية التنقيب المرتقبة في حقول النفط والغاز اللبنانية، وسط إبداء الوسيط الأميركي آموس هوكشتاين أمله في أن تبادر في وقت قريب “توتال” مع شريكتها “ENI” إلى الإعلان عن “بدء الاستعداد للتنقيب في المياه اللبنانية”.
وأوضح هوكشتاين في مقابلة مع قناة “LBCI” أمس أنه “ليس صحيحاً أنّ هناك رابحاً وخاسراً في اتفاقية الترسيم” التي تم إبرامها بين لبنان وإسرائيل، وقال: “بالنسبة لإسرائيل فإن ما أرادوه هو خط حدودي آمن ومؤكد ويوفر الاستقرار من جانبهم وبمجرد استيفاء الشروط الأمنية الإسرائيلية وتلبية الشروط والاحتياجات اللبنانية على الصعيدين الأمني والاقتصادي بات بالإمكان للصفقة أن تتم”، مؤكداً أنّ الولايات المتحدة حرصت على “ضمان ازدهار اقتصادي للبنان وتأمين الحدود الشمالية لإسرائيل”، وأعرب عن اعتقاده بأن فوز بنيامين نتنياهو في الانتخابات التشريعية لن يؤدي إلى تراجع إسرائيل عن اتفاقية الترسيم البحري مع لبنان لأنّ “إسرائيل مثل لبنان لديها ديمقراطية نشطة للغاية مع الكثير من وجهات النظر ولكن الإجراءات الحكومية تميل إلى البقاء عليها كما هي واتباع الاتفاقات”.
حكومياً، لم يُخف مصدر واسع الاطلاع لـ”نداء الوطن” خشيته من أنّ ترتد تداعيات إبرام اتفاقية الترسيم “سلباً” على ملف التأليف تحت وطأة “النشوة” التي يشعر بها رئيس الجمهورية ورئيس “التيار الوطني الحر” جراء الانفتاح الأميركي عليهما، كاشفاً أنّ “حزب الله” نفسه بدأ في الأيام الأخيرة “التراجع خطوة إلى الوراء في لعب الدور المتوازن في الاتصالات بين الرئيس المكلف نجيب ميقاتي وباسيل، بحيث أظهر بعد الإعلان عن اتفاق الترسيم انحيازاً واضحاً إلى وجهة نظر الأخير الحكومية بالتوازي مع الإيعاز إلى وسائله الإعلامية بتسليط الضوء على الجهد الكبير الذي مارسه باسيل شخصياً في سبيل التوصل إلى اتفاقية الترسيم”، ورأى المصدر أنّ تعاطي “حزب الله” المستجد في مقاربة ملف تأليف الحكومة الجديدة على ما يبدو ينطلق من “معادلة مفادها أنّ باسيل قبل الترسيم هو غيره بعد الترسيم وما كان يقبل به حكومياً سابقاً لم يعد يقبل به اليوم”.
الديار
لبنان يُوافق رسمياً على اتفاق الترسيم و«اسرائيل» تبرّر شراء «الهدوء بالمال»!
«خارطة طريق» أميركيّة لتنفيذ مُتزامن وعون يُعلن حفظ الحقوق «دون تطبيع»
كولونا تحمل التمنيات الى بيروت… و13 تشرين يُطيّر جلسة رئاسيّة «فولكلوريّة»
وضع اتفاق «الترسيم» البحري على «سكة» التنفيذ وفق «خارطة طريق» اميركية متجاوزة كل «صراخ» اليمين الاسرائيلي المعارض، وكذلك الاعتراضات «الشكلية» في الداخل اللبناني، وهكذا تم تجاوز كل العوائق القانونية والدستورية في كلا البلدين وبعد ساعات على اعلان الحكومة الاسرائيلية الموافقة على الاتفاق، اعلن رئيس الجمهورية ميشال عون موافقة لبنان رسميا عليه، معلنا تحصيل كامل الحقوق اللبنانية دون تنازلات، واهمها عدم حصول «تطبيع» . وفي اسرائيل كل شيء يدور حول حزب الله، فهناك ثمة اقرار بانه لولا «المسيرات» لاستمرت المفاوضات ربما مئتي عام دون ان تلتفت الحكومة الاسرائيلية الى اي ما يطالب به لبنان، يبررون التنازلات بمعادلة «شراء الهدوء بالمال» يقرون انهم تنازلوا عن 6 كم مربعة من المياه الاقليمية ويقولون انه لا توجد لها أهمية، وبرايهم فان التخلي عن بضعة مليارات من الدولارات مقابل إمكانية كامنة مهمة لهدوء نسبي مع لبنان «هزيمة» مجدية جداً.
رئاسيا، لا نصاب ولا انتخاب، في جلسة ثانية «فولكلورية»، طارت اعتراضا على عقدها في 13 تشرين وبات الجميع يتحضر لمرحلة «الفراغ» في ظل عدم نضوج «الطبخة» الرئاسية داخليا وخارجيا، وستكون زيارة وزيرة الخارجية الفرنسية الى بيروت الاكثر تعبيراعن هذا الواقع لانها لا تحمل في جعبتها سوى التمنيات.
انطلاق مسار الترسيم
فعلى وقع تضخيم اميركي للحدث، سلك ملف الترسيم مساره القانوني باعلان الرئيس ميشال عون موافقة لبنان الرسمية على الاتفاق، ووفقا لمصادر مطلعة سيلي ذلك توقيع الطرفين على الاتفاقية، في اسرائيل ثمة توجه للتوقيع قبل 27 الجاري، على الرغم من الحملة السياسية والاعتراضات القضائية، اما لبنان فسيوقع بالتزامن او بعده، وسيفوض الرئيس عون من يراه مناسبا للتوقيع، بعدها يعود «الوسيط» الاميركي عاموس هوكشتيان لتسلم الاوراق الموقعة، وسيشارك في جلسة غير مباشرة بين وفدين اسرائيلي ولبناني ستعقد في الناقورة لتبادل الاوراق، وهي جلسة شكلية، لكن الجانب اللبناني يصر على تبادل الاوراق تحت رعاية الامم المتحدة.
«خارطة طريق» اميركية
ووفقاً لمصادر مطلعة، فان كل ما يدور من نقاشات دستورية وقانونية لن يقدم او يؤخر، فما «كتب قد كتب» وقد اصدر الاميركيون «خارطة الطريق» لاقرار الترسيم على نحو متزامن، وهم ابلغوا الجانبين اللبناني والاسرائيلي بأن هذا الاتفاق سيدخل حيز التنفيذ في التاريخ الذي تُرسل فيه حكومة الولايات المتحدة إشعاراً يتضمن تأكيداً على موافقة كل من الطرفين على الأحكام المنصوص عليها في هذا الاتفاق. وفي اليوم الذي يرسل فيه هذا الإشعار، سيرسل لبنان وإسرائيل في الوقت ذاته إحداثيات متطابقة إلى الأمم المتحدة تحدد موقع الحدود البحرية، على أن يبقى الوضع الراهن قرب الشاطئ على ما هو عليه، بما في ذلك على طول خط العوامات البحرية الحالي.
لم نخضع لتهديد حزب الله؟
في هذا الوقت أوضح مسؤول أميركي أن هذا الاتفاق «ليس ثنائياً» بين لبنان وإسرائيل، بل من خلال الولايات المتحدة. لكنه «يرسم حداً يسمح لكلا البلدين بمتابعة مصالحهما الاقتصادية من دون نزاع، فالاتفاق هو عمليا اتفاقان الأول بين الولايات المتحدة وإسرائيل والثاني بين الولايات المتحدة ولبنان، ولا اتفاق ثنائيا بين إسرائيل ولبنان. وفي محاولة مكشوفة لعدم منح حزب الله اي دور في ملف «الترسيم» لفت المسؤول البارز الى ان الاتفاق لم يحصل في ظل تهديدات الحزب ولم يتضمن مشاورات معه»..!
هوكشتاين: لا خاسر في الاتفاق
من جهته اكد «الوسيط» الاميركي عاموس هوكشتاين ان لا رابح ولا خاسر في اتفاقية ترسيم الحدود وقال: ليس صحيحاً أن لبنان خسر والعكس صحيح وهذا لم يكن مفيدًا فحسب بل لم يكن صحيحًا لذلك قمنا بتغيير المفاوضات خلال الأشهر القليلة الماضية للنظر إليها بشكل مختلف، مشيرًا إلى أن الجزء الأهم هو أن يكون لديه ما يكفي من مساحة في المياه تمنحه القدرة على تطوير حقل غاز حصري له من شأنه أن يوفر الاستثمار الأجنبي الذي سيتدفق لأول مرة إلى لبنان اضافة الى إمكانات الغاز التي ستتدفق مباشرة إلى محطات توليد الكهرباء. أضاف: بالنسبة لإسرائيل فإن ما أرادوه هو خط حدودي آمن ومؤكد ويوفر الاستقرار من جانبهم وبهذه الطريقة وبمجرد استيفاء الشروط الأمنية الإسرائيلية وتلبية الشروط والاحتياجات اللبنانية على الصعيدين الأمني والاقتصادي بات بالإمكان للصفقة أن تتم.
عون : لا تطبيع
من جهته اعلن رئيس الجمهورية العماد ميشال عون الموافقة رسميا على اعتماد الصيغة النهائية للترسيم والتي اعتبر انها تتجاوب مع المطالب اللبنانية وتحفظ الحقوق كاملة.وشكر الرئيس عون «كل من وقف إلى جانب لبنان في هذا الإنجاز الذي ما كان ليتحقق لولا وحدة الموقف اللبناني وصلابته في مقاومة كل الضغوط، وفي عدم تقديمه أي تنازلات جوهرية، وعدم دخوله في أي نوع من أنواع التطبيع المرفوض. واعتبر عون إن من حق لبنان أن يعتبر ما تحقق بالأمس إنجازاً تاريخياً، «لأننا تمكنا من استعادة مساحة 860 كيلومترا مربعا كانت موضع نزاع ولم يتنازل لبنان عن أي كيلومتر واحد لإسرائيل، كما استحصلنا على كامل حقل قانا من دون أي تعويض يدفع من قبلنا على الرغم من عدم وجود كامل الحقل في مياهنا. كذلك لم تمس حدودنا البرية ولم يعترف لبنان بخط الطفافات الذي استحدثته إسرائيل بعد انسحابها من أراضينا في العام 2000، ولم يقم أي تطبيع مع إسرائيل، ولم تعقد أي محادثات أو اتفاقيات مباشرة معها. وكشف ان الاتفاق ينص على كيفية حل أي خلافات في المستقبل، أو في حال ظهور أي مكمن نفطي آخر مشترك على جانبي الحدود، ما يضفي طمأنينة وشعورا أقوى بالاستقرار على طرفي الحدود».
ما هو دور الحكومة؟
وقبيل كلمة الرئيس عون طلب رئيس مجلس النواب، نبيه بري، من الأمانة العامة للمجلس إبلاغ نسخة من ترسيم الحدود البحرية الجنوبية اللبنانية لكلّ من النواب للاطّلاع بعد إقراره في مجلس الوزراء. يأتي ذلك، بعد توقيع عدد من النواب على كتاب يستنكر عدم تداول اتفاق ترسيم الحدود في مجلس النواب ومناقشته، ويطلبون فيه دعوة إلى عقد جلسة طارئة حول هذا الموضوع إنفاذاً للمادة 52 من الدستور. لكن المفارقة ان أوساط رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي اكدت أنّ الوزراء سيطّلعون على نصّ إتّفاق ترسيم الحدود من دون اتّخاذ أيّ قرار بشأنه، لأن إقراره يعني إتّفاقاً بين لبنان والعدوّ الإسرائيليّ الذي لا نعترف به كدولة. وأضافت أنّ «هذا الأمر ليس وارداً بسبب أنّ أيّ إقرار للاتّفاق في مجلس الوزراء يعني التطبيع مع العدوّ».
دستورية الترسيم؟
وكان النائب ملحم خلف، اشار في بيان تلاه من مجلس النواب، إلى أنّ «مضمون الاتفاق غير معروف رسميًا حتى تاريخه من قبل المجلس النيابي»، معتبراً أنّ «الترسيم يحتاج إلى مرتكزات قانونية. وقال: لما كان الاتفاق على الترسيم البحري يتمّ التداول به في كلّ العالم ووسائل الإعلام ولما كانت السلطة تحجّجت سابقاً بأنّ الحكومة هي حكومة تصريف أعمال ولا يجوز لها أن توافق على ما يُعرض عليها لا سيما أنّ هذا الاتفاق يتناول سيادة لبنان وثروته ويتعلق بمالية الدولة، فإنّ السير بهذه الاتفاقية يشكّل مخالفة قانونية واضحة، وبما أنّه لا يجوز التخلّي عن أراضي البلاد، وعلماً أنّ الاتفاقات التي تتعلق بمالية الدولة لا يملك رئيس الجمهورية حقّ إبرامها إلا بعد موافقة المجلس النيابي لذلك يجب إطلاعنا على نصّ الاتفاق، وبما أنّ اتفاق الترسيم مستدام نطلب ومن منطلق المحافظة على سيادة لبنان وحقوقه الكاملة دعوة المجلس النيابي لعقد جلسة طارئة حول ترسيم الحدود والاستماع إلى الحكومة المستقيلة واطّلاع المجلس النيابي وتزويده بهذا الاتفاق كشرط جوهري لإبرامه».
«الترسيم» و17 ايار؟
من جهته انتقد رئيس الوفد اللبناني السابق في ملف ترسيم الحدود البحرية مع إسرائيل العميد الركن المتقاعد بسام ياسين الذي قاد 5 جولات من التفاوض في الناقورة، بنود مسودة الاتفاق النهائية، واصفاً اتفاق 17 أيار بأنه «أفضل من الاتفاق الحالي، لأنه يعطي لبنان 20% من حقوقه. وأكد ياسين أن «هناك محاولة يائسة لتبيان ان لبنان انتصر من خلال اتفاق الوسيط الأميركي عاموس هوكشتاين المزعوم، وأن الشعب اللبناني حصل على كامل حقوقه في ثروته النفطية وأنه سيبدأ بالتنقيب عن النفط والغاز من حقل قانا ومن ثم استخراجه من دون عرقلة إسرائيلية. وقال ان الاتفاق يعطي إسرائيل حق إفشال الاتفاق والتنقيب في القسم الجنوبي من حقل قانا، وفي حال فشل الاتفاق لا إمكانية للعودة للخط 29 وجعل كاريش مجدداً متنازع عليه، كما يقول ياسين الذي اكد ان الاتفاق يعطي 20% للبنان و 80% للعدو من المنطقة المتنازع عليها وفقا للقانون الدولي وهي المساحة الواقعة بين خط هوف والخط 29 والبالغة 1800 كلم مربع، وفي حال الإنصاف يجب أن يحصل لبنان على 80% والعدو على 20% منها كون الحجج القانونية للخط 29 والموجودة عند كافة المسؤولين اللبنانيين هي أقوى بكثير من حجج خط هوف، ولو حصل لبنان على نصف هذه المساحة بإعطاء نصف تأثير لصخرة تخيلت لكان حصل على 500 كلم مربع إضافية جنوب الخط 23، ولكان حقل قانا بكامله تحت السيادة اللبنانية ولكنّا نستطيع استخراج النفط والغاز من هذا الحقل من دون أي شروط إسرائيلية، على عكس ما هو حاصل اليوم وفقاً للنص المكتوب في هذا الاتفاق حسب العميد ياسين».
«شراء الهدوء بالمال»!
في اسرائيل اعلن مسؤول اسرائيلي ان اسرائيل اعتمدت في الاتفاق مع لبنان الاستراتيجية الأكثر نجاعة وهي «شراء الهدوء بالمال».ولفتت صحيفة «هارتس الاسرائيلية» الى ان رئيس الحكومة الاسبق بنيامين نتانياهو يتهم لبيد بالخضوع لتهديد الطائرات المسيرة التي أطلقها حزب الله فوق حقل كاريش ووافق على كل طلبات لبنان. وقالت، مبدئيا الامر صحيح إسرائيل حقاً تنازلت تقريباً عن كل طلباتها فيما يتعلق بحقل قانا. ومن طلبها الأول، 57 في المئة، بقي فقط 17 في المئة. لكن التكلفة المالية لكل هذا الحدث هي بضعة مليارات فقط. وهي قليلة جداً بالنسبة للأهمية الجيوسياسية لهذا الاتفاق. ولفتت الصحيفة الى ان الاتفاق هو اتفاق اقتصادي. فإسرائيل تتنازل للبنان عن مياه إقليمية يوجد فيها حقل «قانا»، حجم الخزان غير معروف في هذه المرحلة، لكن قيمته تقدر بنحو 20 مليار دولار. أي في الاتفاق الحالي تنازلت اسرائيل عن 4 مليارات دولار.وهذا مبلغ هامشي، مقابل الهدوء أمام لبنان.
اقرار اسرائيلي بالتنازلات
وبراي «هارتس» فان نقطة الضعف الوحيدة في الاتفاق هي موافقة إسرائيل على تغيير «خط الطوافات» الذي يبدأ من الكيلومتر 6 حتى الكم 22 على طول 17 كم، اي نحو 300 متر باتجاهها. بالإجمال، نحو 6 كم مربعة من المنطقة الجغرافية المفترضة لإسرائيل تم اعطاؤها للبنان. ووفقا للمعارضة الاسرائيلية فأن التنازل عن 6 كم مربعة هو سابقة خطيرة لإسرائيل أمام دول المنطقة كدولة يسهل جعلها تقدم تنازلات جغرافية، كما ان إسرائيل تنازلت عن مياه إقليمية تبلغ 850 كم مربعاً، التي لا يعرف ما هي كميات الغاز التي ستكون فيها. لكن مصادر حكومية اسرائيلية مصرة على القول ان «الاستراتيجية السياسية الأكثر نجاحاً هي شراء الهدوء بالمال. وكلما كان للبنان مصالح اقتصادية أكثر في البحر فستقل المخاطرة باندلاع حرب».!
تهديد «المسيرات»
السجالات حول «الترسيم» لم يمنع محافل اسرائيلية من التذكير بمخاطر «مسيرات» حزب الله بعد نجاح المسيرات الايرانية التي استخدمها الروس في ضرب كييف، و أشار المعلق العسكري في موقع القناة الـ12 بالتلفزيون العبريّ شاي ليفي، إلى أنَّ الروس اشتروا كميات كبيرة من الطائرات المسيرة وصواريخ (كروز) من إيران. وهي تعد تهديدًا كبيرًا مستجدًا على جهات من بينها الولايات المتحدة وإسرائيل التي تجمع الآن معلومات استخبارية عن هذه الطائرات. من جهته، لفت مدير الاستراتيجية والحداثة في معهد «نيو لاينز» في واشنطن نيكولاس هراس، إلى أنَّ حزب الله سينشر مقابل الجيش الإسرائيلي طائرات درون وطائرات مسيرة وسيستخدمها على غرار ما يفعله الروس في أوكرانيا. واشار الى ان منظومة الدفاع الجوي التابعة للجيش الأوكراني لم تنجح في اعتراض ومنع معظم الهجمات وقد عثر داخل الطائرات المسيرة التي أُسقطت على قطع مخصصة للتشويش والاعتراض الالكتروني.
دبلوماسية فرنسية «شكلية»
في هذا الوقت تحركت الدبلوماسية الفرنسية اتجاه لبنان من خلال زيارة وزيرة الخارجية كاثرين كولونا، التي لا تحمل معها اي «اجندة» واضحة حيال الملفات العالقة لبنانيا. فلا تصور حول الرئاسة بغياب التفاهمات الخارجية، ولا قدرة على الضغط لتشكيل الحكومة، وستكتفي الوزيرة بتقديم النصائح للمسؤولين اللبنانيين. وحده ملف «الترسيم» سيكون حاضرا على نحو عملي، ووفقا لمصادر دبلوماسية فقد اوعز الرئيس الفرنسي ماكرون الى «شركة توتال» الاسراع بحل المسألة المالية مع اسرائيل والبدء في اقرب وقت بالعمل في حقل «قانا»، وهذا لن يحصل قبل 7 او8 اشهر. في المقابل يسعى الجانب اللبناني وخصوصا رئيس الجمهورية الحصول على موقف فرنسي داعم لاعادة اللاجئين السوريين الى بلادهم، وهو امر لن يحصل لان باريس متمسكة بموقفها الرافض لذلك. وقد اعلنت الخارجية الفرنسية ان كولونا ستعيد التذكير بتمسك فرنسا بحسن سير المؤسسات اللبنانية، لإخراج لبنان من الأزمة الخطيرة جدًا التي يواجهها منذ شهور عبر تنفيذ الإصلاحات الاقتصادية والمالية المنصوص عليها في الاتفاق الموقع في نيسان مع صندوق النقد الدولي.
لا نصاب رئاسي
في الملف الرئاسي، وكما كان متوقعا، لم يكتمل نصاب الجلسة الثانية، بعد حضور 71 نائبًا إلى داخل القاعة العامة بالامس واعلن رئيس مجلس النّواب نبيه بري، أرجأ الجلسة إلى السّاعة 11 من قبل ظهر يوم الخميس المقبل،. وفيما غيّبت ذكرى «13 تشرين» نواب تكتل «لبنان القوي» عن الجلسة، كان لافتاً حصر كتلة «الوفاء للمقاومة» حضورها في قاعة المجلس برئيسها النائب محمد رعد، فيما بقي سائر نوابها خارج القاعة، في تضامنٌ واضح مع نواب «التيار».