اللواء
استقلال 2022 بلا رئيس: خارطة طريق مالية لشباط.. والأمن خط أحمر
المفتي لانتخاب يذكّر برجال الاستقلال.. واللجان تغرق في مستنقع الكونترول
يمضي عيد الاستقلال الـ79 اليوم، وكأن البلد فقد استقلاله بالكامل، لولا مظاهر ومواقف تؤكد تمسك اللبنانيين ببلدهم واستقرارهم وصمودهم لتجاوز ازمة كبيرة، لا تنفك تنهش بالجسد اللبناني، على مرأى ومسمع من طبقة سياسية، بالغة السوء، لدرجة العبث بكل شيء من أجل مصالح وأنانيات وحسابات شخصية وفئوية من موقع المسؤولية العامة في مؤسسات الدولة واداراتها.
لكن مصادر إعلامية أوضحت أن إعطاء اللقاء الطابع السياسي في ما يتعلق بالاستحقاق الرئاسي تحديداً غير دقيق، ولم يتطرّق الى المقاربات السياسية الداخلية والخارجية. ولفتت إلى أن الاستحقاق الرئاسي يبقى أسير الانقسام السياسي حول المرشحين المعروفين وظروفهم المحيطة، والكلام عن ترشيح عون سابق لأوانه.
وأشارت الى أن اللقاء حصل فعلاً الأربعاء الماضي، ويأتي ضمن سياق اللقاءات الدورية التي تجمع عون بصفا وتهدف إلى التنسيق الأمني واستمرار التعاون بين حزب الله والقيادة العسكرية، رغم أن مصادر متابعة لمواقف حزب الله تقول لـ”البناء” إن تاريخ الحزب يقول إنه لا يلبس وجهين فهو طالما أنه يخوض معركة فرنجية ولا يزال يمنحها فرصاً وحظوظاً حتى إشعار آخر يستحيل أن يفتح الباب أمام أي إيحاء بأنه مستعد للبحث بمرشح آخر.
وشدّدت مصادر نيابية لـ»البناء» على أن الأجواء ما زالت على ما كانت عليه ولا تقدّم على أي مسار حيال رئاسة الجمهورية، عدا أن الظروف الداخلية ولا الخارجية ناضجة لإنتاج رئيس للجمهورية، وقد تحتاج الى تجاوز مراحل عدة للوصول الى مرحلة تصفية المرشحين واختيار واحد يكون نقطة تقاطع وتلاقٍ داخلي – إقليمي – دولي، ولذلك قد نحتاج الى فترة اشهر إضافية لكي تتبلور هذه الظروف التي قد تترافق مع سلسلة تطورات وأحداث داخلية – خارجية تفرض تسوية رئاسية – حكومية تفتح الباب أمام انفراجة اقتصادية مؤقتة أو جزئية في لبنان.
وبرأي المصادر فإن باسيل لا يبدو أنه سيتراجع عن موقفه تجاه ترشيح فرنجية، الأمر الذي سيسبب الإحراج لدى حزب الله ويصعب موقفه في توحيد الموقف بين حليفيه لا سيما أن رئيس مجلس النواب نبيه بري متمسك بفرنجية وكذلك حزب الله حتى الساعة ولو لم يعلنا ذلك علناً، لكن المصادر تشير الى أنه في حال وصلنا للتوافق حول فرنجية فسيتم الإعلان عنه كمرشح للثنائي حركة أمل وحزب الله والحلفاء في 8 آذار وسيلقى تأييد ودعم رئيس الحزب الاشتراكي وليد جنبلاط وتكتل الاعتدال الوطني، إضافة الى الموافقة الخارجية عليه، وإلا لن يكون فرنجية مرشحاً من دون أفق واضح. وترى المصادر ايضاً أن المهم تأمين التوافق الداخلي حول فرنجية بأوسع عدد من الكتل النيابية ومن ثم يجري تسويق التسوية الداخلية مع القوى الإقليمية والدولية المؤثرة في الساحة اللبنانية والتي لا يمكن تجاوزها، وذلك لكي ينطلق العهد بقوة دفع داخلية – خارجية قوية لتأليف حكومة جديدة لكون العهد المقبل سيواجه أضخم أزمة مالية واقتصادية ونقدية واجتماعية في تاريخ لبنان وإن لم يكن محصناً بتسوية صلبة محلياً وخارجياً فلن يتمكن من الانطلاق.
وأكد رئيس كتلة “الوفاء للمقاومة” النائب محمد رعد “وجود أزمة في شغور موقع رئاسة الجمهورية”، داعياً إلى البحث عن “الرئيس المناسب، بمعنى أننا نريد رئيساً للجمهورية لا يغدر بنا، ولا يطعننا في ظهرنا، ولا يقدم إنجازنا على طبق من فضة لأعدائنا. وهذا الأمر ليس سهلا لأن هذا الرئيس لا نفرضه ونحن نفتش على صفاته كما غيرنا يفتشون”.
وشدد على ضرورة “التفاهم حول هذا الرئيس” مستدركاً القول: “لكن لا أحد “يقنعنا” برئيس يكون عبداً وخادماً عند الأسياد، الذين يحضنون “إسرائيل” ويدعمونها ويساعدونها، ويأتون “ليخادعونا ويضللونا ويقولوا لنا إننا أصدقاء لكم”. وسأل رعد مستهجناً “أي أصدقاء وأنتم تدعمون “إسرائيل” بكل ما تستطيع به أن تدمر حياتي ومجتمعي ومستقبل وطني؟! وقال: “نحن نعلم جيداً كيف نقدّر ونميّز بوضوح بين العدو الحقيقي والصديق الحقيقي”.
بدوره، قال رئيس تيّار “المردة” سليمان فرنجية، في تصريح على مواقع التّواصل الاجتماعي، عشيّة عيد الاستقلال، أنّ “كلّنا أمام اختبار حقيقي لصون حرّيّة لبنان واستقلاله، بالوحدة والحوار والانفتاح”.
وتشير أجواء التيار الوطني الحر لـ»البناء» الى أن موقف باسيل من فرنجية ليس خطاباً شعبوياً أو استدراجاً للتفاوض على المرحلة المقبلة وبهدف التحاصص مع فرنجية أو مع غيره على الحصص والمواقع الرئيسية في الدولة بالعهد الجديد، ومقايضة الرئاسة بمناصب ومكاسب، بل هو موقف مبدئيّ وخلافيّ مع فرنجية وغيره من المرشحين تجاه مقاربة ممارسة السلطة والحكم وإدارة شؤون البلد والإصلاح وبناء الدولة وتغيير المنظومة الحاكمة أو على الأقل تغيير في أدائها وأي خطوة للتجديد لهذه المنظومة سنغرق مجدداً في الانهيار والفساد ونفقد ما تبقى من أمل لإنقاذ البلد.
وإذ تتجه الأنظار إلى القمة الأميركية – الفرنسية مطلع الشهر المقبل والتي ستجمع الرئيسين ايمانويل ماكرون وجو بايدن، للبحث في الملف اللبنانيّ كأحد ملفات المدرجة على جدول أعمال اللقاء، علمت «البناء» أن الفرنسيين ينشطون ويتحرّكون على أكثر من خط لبناني وأميركي ومع السعودية وحزب الله، في محاولة لبناء أرضية صلبة لأي تسوية ممكنة في مراحل لاحقة، وسيناقش الرئيس الفرنسي مع بايدن اقتراحات حول الاستحقاق الرئاسي والملف اللبناني عموماً، لكن المصادر تنقل عن مسؤولين فرنسيين أن لا نتيجة جدية حتى الساعة ولا رئيس قبل نهاية السنة، وقد يطول أمد الفراغ بسبب الصعوبات التي تواجهها باريس نتيجة التعقيدات السياسية والعسكرية في المنطقة وفي العلاقات بين الدول الاساسية، لا سيما بين أميركا وفرنسا وأوروبا من جهة وإيران وروسيا من جهة ثانية، والاتهامات المتبادلة بينها، إذ تتهم اميركا وأوروبا ايران بتزويد روسيا بمسيّرات متطوّرة، مقابل اتهام إيران للدول الغربية بتأجيج الاحتجاجات الداخلية في ايران لإشعال فتنة فيها، إضافة الى توتر مستجد في العلاقات الإيرانية – السعودية، واتهام إيران للمملكة ايضاً بالتورط بأحداثها الداخلية، وعطفاً على ذلك فيبدو أن الملف اللبناني ليس أولوية لدى واشنطن بظل انشغالها بأوضاعها الداخلية والحرب الروسية – الأوكرانية.
وبعد مواقفها الأخيرة التي لوحت بذهاب لبنان نحو فوضى اجتماعية وانهيار اقتصادي وامني كبير في لبنان، أعلنت مساعدة وزير الخارجية الأميركية لشؤون الشرق الأدنى باربارا ليف، في تصريحات جديدة حول لبنان، أن “عدم انتخاب رئيس للجمهورية سيودي بلبنان إلى فراغ سياسي غير مسبوق، ما ينذر بانهيار الدولة مجتمعياً”.
وأضافت: “لقد وضعنا خططاً لمساعدة لبنان إن كان عبر دعم الجيش اللبناني أو عبر تسهيل اتفاقيات الطاقة أو دعم المفاوضات مع صندوق النقد الدولي، لكن كل هذه التدابير لن يكون لها تأثير ما لم يقم البرلمان اللبناني بعمله بانتخاب رئيس للجمهورية، وقد فشل في ذلك”. وختمت: “هذا الشيء لا نستطيع أن نفعل به شيئاً، فهم عليهم فعل ذلك».
وشدّد قائد الجيش في أمر اليوم للعسكريين لمناسبة الاستقلال، على أن «مع دخول البلاد مرحلة الشغور الرئاسيّ، يبقى حفظ الأمن والاستقرار على رأس أولويّاتنا، ولن نسمح بأيِّ مسٍّ بالسلم الأهليّ».
بدوره، دعا المدير العام للأمن العام اللواء عباس إبراهيم العسكريين في الأمن العام لأن “نكون على أهبة الاستعداد لما قد يحصل على كل المستويات، خصوصاً أننا مسؤولون أمام اللبنانيين لصون الوطن وحمايته في وجه كل العاتيات”.
على صعيد آخر، استكملت اللجان النيابية المشتركة البحث بمشروع قانون “الكابيتال كونترول” بجلسة أخرى في ساحة النجمة.
وقال نائب رئيس مجلس النواب النائب الياس بو صعب بعد الجلسة: “أقرينا فقرات من السادسة حتى السادسة عشرة من التعاريف من المادة الثانية، وأصبحنا عند الفقرة 17 وهي تعريف الأحوال الجديدة، وسنبدأ بها في الجلسة المقبلة، وبعدها 18 و19، ثم ندخل بالمادة الاساسية والاهم، وهي المادة الثالثة التي تعنى بإنشاء لجنة خاصة ستشرف على تطبيق قانون الكابيتال كونترول، وهنا بيت القصيد، من هي اللجنة ومن هو المشرف عليها ودورها؟ هذا القرار يتخذه الزملاء في مجلس النواب، وهناك اقتراحات مختلفة منفتحون على كل النقاشات”.
من جانبه، أكد رئيس لجنة الإدارة والعدل النائب جورج عدوان، أننا «لا نريد تشريع المخالفات التي يتضمّنها مشروع قانون الـ(كابيتال كونترول)، ومن هنا لا نريد تشريع طريقة عمل منصة صيرفة ولا خلق منصة جديدة مماثلة».
وأشارت أوساط نيابية مشاركة في الجلسة، لـ”البناء” الى حصول تقدّم في البحث وتخطي بعض البنود الخلافية، إلا أن الخلافات الجوهرية لا تزال محل خلاف، بظل وجود تضارب مصالح سياسية ومالية بين القوى النيابية حيالها، حتى داخل الكتلة الواحدة”؛ ما يعني برأي الأوساط أن المشروع لن يقر في القريب العاجل بانتظار خطة التعافي التي تنتظر انتخاب رئيس للجمهورية وتشكيل حكومة جديدة، ما يعني ترحيل القانون الى العام المقبل.
وبعد غياب لافت، ظهر حاكم مصرف لبنان رياض سلامة على قناة الحرة ليطلق سلسلة مواقف وقرارات جديدة ستطبق من بداية العام المقبل، ولفت الى أنّ “المصرف المركزي سيبدأ بالعمل بسعر الـ15000 ليرة مقابل الدولار ابتداء من أول شباط 2023، وسيصبح التعميمان 151 و158 على 15000 بدل الـ8000 والـ12000 ابتداء من اول شباط”.
وكشف، “أنّنا اليوم دخلنا في مرحلة توحيد أسعار الصرف، وهذا بدأ بالدولار الجمركي الذي تقرّر بشأنه وزارة المالية مع الرسوم الأخرى والضرائب، والعمل بالتعاميم سيبقى سارياً إلا إذا صُوّت على قانون “الكابيتال كونترول”، فعندها سنلغي كل هذه التعاميم، ونصبح محكومين بالتعاطي بين المودعين والمصارف تبعاً للقانون المذكور”.
وأكد “أنّه لن يموّل شراء الفيول للكهرباء من احتياطات المصرف المركزي، وأن الحكومة تدرس إمكانية فتح اعتمادات مع تسديد لاحق بعد ستة اشهر، وستتفق معنا على كيفية تأمين الدعم لهذه الاعتمادات، على أن لا يكون مصدرها احتياطات المصرف المركزي. وهذه المبالغ يمكن تأمينها من خلال الجباية، ونعتقد أن بإمكانهم جباية ما يساوي 300 مليون دولار”.
شدّد سلامة على أنّ “المطلوب لإعادة الودائع تأمين السيولة وخلق حركة اقتصادية لإعادة تسديد الودائع. وهذا ما يسمونه خطة التعافي التي يفترض ان تقوم بها الدولة”. وعن الخطة التي عرضتها حكومة نجيب ميقاتي والّتي تتحدث عن تأمين أول مئة الف دولار من الوديعة، اعتبر أنّ “هذه خطة إدارة دفع الودائع، ولكن كي ندفع الودائع علينا أولاً تأمين السيولة”. وجزم أنّ “مصرف لبنان فعل كل شيء للمحافظة على الودائع من خلال عدم إفلاس البنوك”.
وفي السياق، أعلن رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي “أن المجلس التنفيذي لبرنامج الأغذية العالمي قرّر في اجتماعه الأخير في روما تخصيص مبلغ 5 مليارات و400 مليون دولار أميركي للبنان للسنوات الثلاث المقبلة، مع وعد بأن تكون المنتوجات المشتراة لغاية المساعدات الغذائية من لبنان بالكامل”.