البناء
ماكرون ليلة الميلاد في بيروت ويلتقي بري وميقاتي… حول إدارة الفراغ
آخر جلسة رئاسية هذا العام… والجلسات الحكومية مؤجلة حتى العام الجديد
القومي : نشعر بأوجاع الناس وندعو للحوار…وفهمي : 3500 منظمة مخترقة للفتن
حسم الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون أمر زيارة بيروت ليلة عيد الميلاد، كما نقل «مصدر لبناني موثوق» لوكالة سبوتنيك الروسية ما تبلغته الجهات الرسمية اللبنانية من السفارة الفرنسية في بيروت، لجدول أعمال الزيارة التي ستشمل لقاء كل من رئيس مجلس النواب نبيه بري ورئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي، ووفقاً لمصادر نيابية لا يبدو أن ماكرون يحمل بيده شيئاً يعرضه على اللبنانيين كحصيلة لزيارته الى اميركا ولقائه بالرئيس جو بايدن، حيث الحديث عن مبادرة فرنسية وتفويض أميركي، وتصوّر لحل المأزق الرئاسي أقرب للتمنيات منه للوقائع. والأرجح أن ما سوف يناقشه ماكرون يقتصر على كيفية إدارة الفراغ الرئاسي بأقل الخسائر، بانتظار نضوج المناخات لقيام مساعٍ لردم الفجوة بين اللاعبين الداخليين والخارجيين، وتؤكد ذلك وفقاً للمصادر المعلومات التي توافرت عن لقاء رئيس حكومة تصريف الأعمال بولي العهد السعودي محمد بن سلمان، الذي خلا من أي نقاش في تفاصيل الاستحقاق الرئاسي ويكاد يكون أقرب للقاء المجاملة من لقاء العمل.
في هذا السياق تعقد جلسة الانتخاب الرئاسية لمجلس النواب اليوم، كنسخة مكرّرة عن الجلسات السابقة، خصوصاً بعد سقوط دعوة الحوار التي اطلقها رئيس المجلس النيابي نبيه بري، الذي نقل عنه نائب رئيس المجلس النيابي الياس بوصعب قوله، «إن الوقت من أجل أن يكون هناك تفاهم وتشاور محدّد وليس إلى ما لا نهاية، وبعده سوف يكون هناك عمل جدي أكثر ابتداء من العام المقبل»، موضحًا أنّ «جلسة الغد سوف تكون جلسة انتخابية مثل سابقاتها».
آخر جلسة هذا العام تشبه الجلسة الحكومية التي عقدت وأثارت سجالات واسعة، وتؤكد مصادر وزارية أنها آخر جلسة هذا العام، وأن الباب مفتوح الآن للتشاور حول صيغة العمل الحكومي، الذي تقول المصادر إنه بدأ ثنائياً وسوف يستمر على مستوى مجموعات وزارية وربما يتوج بجلسة وزارية جامعة ليست لها صفة انعقاد دستوري، بل لبلورة الأفكار التي تضمن أعلى نسب التوافق حول العمل الحكومي، وتحصّن أي دعوة مقبلة للحكومة تفرضها الحاجة.
بالتوازي انشغلت الأوساط الإعلامية والسياسية بقنبلة فجرها وزير الداخلية السابق محمد فهمي في حوار تلفزيوني قال فيه إن في لبنان أكثر من 3500 منظمة من جمعيات المجتمع المدني مخترقة لصالح جهات خارجية، أو تقف وراءها بالكامل جهات خارجية، ومهمتها صناعة الفتن الداخلية. وهو ما قالت مصادر سياسية إنه سبب كافٍ للحذر والقلق من استمرار الفراغ في ظل تدهور الأوضاع المالية والاجتماعية، بالصورة التي تحدثت عنها معاونة وزير الخارجية الأميركية باربرا ليف، بقولها إنه يجب أن يحدث الأسوأ حتى يتحرك الشارع ويفرض صيغة للخروج من الفراغ الرئاسي، ودعت المصادر الأجهزة الأمنية الى التدقيق في التدفقات المالية لجمعيات المجتمع المدني ومصادرها وأحجامها، خصوصاً ما يهتم منها بشؤون النازحين السوريين، كمدخل للعبث الأمني.
في الشأن السياسي عقدت قيادة الحزب السوري القومي الاجتماعي اجتماعاً برئاسة رئيس الحزب أسعد حردان أصدرت بنهايته بياناً أكدت فيه أنها تستشعر أوجاع الناس وتؤيد الدعوة للحوار للبحث عن حلول.
ودعا الحزب السوري القومي الاجتماعي القوى السياسية الى الاستجابة لدعوة رئيس مجلس النواب نبيه بري الى الحوار، ورأى فيها مخرجاً وسبيلاً لجلوس الجميع على طاولة واحدة والوصول الى قواسم مشتركة تصبّ في مصلحة لبنان وتحفظ استقراره وتصون وحدته الوطنية.
موقف «القومي» جاء بعد لقاء لقيادته برئاسة رئيس الحزب الأمين أسعد حردان بحثت خلاله الأوضاع الاجتماعية والاقتصادية في لبنان، والحالة المعيشية الصعبة التي ينوء تحت وطأتها السواد الأعظم من اللبنانيين.
وشدّد الحزب على أنّ أول الاستحقاقات انتخاب رئيس للجمهورية يُقسم على احترام الدستور، في المحافظة على وحدة لبنان وسلامة أراضيه ويصون علاقاته مع محيطه القومي. ولكن، إلى الآن لا نرى خطوات جدية، فعلى ضفة نرى أوراقاً بيضاء تحرص على التفاهم والاتفاق على رئيس يحترم الدستور، وعلى ضفة يستمرّ وضع العصي في عجلات جلسات الانتخاب.
واعتبر انّ المطلوب رئيس للجمهورية، مؤتمن على الدستور، ولا بدّ من الحوار للوصول الى إنجاز هذا الاستحقاق، وتشكيل حكومة جديدة وتفعيل عمل المؤسسات، كي لا يضيع لبنان في مهبّ عاصفة الأطماع والأخطار.
وأكد الحزب السوري القومي الاجتماعي، وقوفه الى جانب الناس وحمل قضاياهم، ورأى أنّ مطالب الناس لا تتحقق بثورات غوغائية غبّ الطلب، استخدمتها جهات وقوى معروفة لتحقيق أهداف الخارج، فأوصلت لبنان الى المربع المكشوف على كلّ احتمالات الخطر، وقد استفادت من سياسات اقتصادية تكفلت بضرب قطاعات الزراعة والصناعة والإنتاج، ومؤسّسات نأت بنفسها عن تحقيق الإنماء المتوازن وتخلت عن أبسط الواجبات تجاه المواطنين.
في غضون ذلك، وعلى وقع الارتفاع القياسي لسعر صرف الدولار حيث بلغ 43 ألف ليرة للدولار الواحد للمرة الأولى منذ بدء الأزمة، يعقد مجلس النواب الجلسة الحادية عشرة لانتخاب رئيس للجمهورية لن تأتي بأي جديد يذكر عن الجلسات العشر التي سبقتها، لا سيما بعد إجهاض حزب القوات اللبنانية والتيار الوطني الحر مبادرة رئيس المجلس نبيه بري الحوارية، وسط ترقب داخلي للحراك الخارجي الذي يجري على أكثر من عاصمة لا سيما بين باريس والدوحة بانتظار تبلور مبادرة قطرية – فرنسية تتحول الى تسوية رئاسية تنهي الشغور الرئاسي بانتخاب رئيس قبل وقوع الانهيار الاقتصادي والاجتماعي والأمني الذي يتحدث عنه الأميركيون ومسؤولون دوليون آخرون.
وأشار نائب رئيس مجلس النواب الياس بوصعب، بعد لقائه الرئيس بري في عين التينة إلى أنّ «هناك أفرقاء لم يقتنعوا بطريقة عقد طاولة الحوار، وفكرة عقد الحوار قبل نهاية العام لا أعتقد أنها واردة»، مشيرًا إلى «أننا لن نخرج من الأزمة الحالية دون أن يكون هناك حوار، وأتمنى أن نصل إلى قناعة بأن نذهب إليه». وكشف أنّ «ما لمسته من رئيس المجلس أن الوقت من أجل أن يكون هناك تفاهم وتشاور محدد وليس إلى ما لا نهاية، وبعده سوف يكون هناك عمل جدي أكثر ابتداء من العام المقبل»، موضحًا أنّ «جلسة الغد (اليوم) ستكون جلسة انتخابية مثل سابقاتها».
ومن المتوقع وفق معلومات «البناء» أن يطلق الرئيس بري موقفاً حاسماً في نهاية جلسة اليوم يتوجه خلاله الى الكتل النيابية كافة بضرورة اللجوء الى الحوار في نهاية المطاف والذي من دونه لن نصل الى تفاهم وتوافق على رئيس جمهورية، ما يفتح المجال أمام تدخلات خارجية تفرض تسوية على اللبنانيين.
ووفق معلومات «البناء» فإن تكتل لبنان القوي سيصوّت بالورقة البيضاء ولن يطرح أي مرشح في هذه الجلسة على أن يحسم موقفه من هذا الأمر مطلع العام المقبل. في المقابل ستبقى خريطة تصويت الكتل النيابية الأخرى على حالها باستثناء بعض التغيير بعدد أصوات النائب المرشح ميشال معوض والورقة البيضاء وظهور أسماء أخرى، كما سيسجل المجلس غياب عدد كبير من النواب بداعي السفر والمرض، إذ علمت «البناء» أن أكثر من 4 نواب مصابين بوباء «الكورونا» أو بـ»الرشح» وسيلتزمون منازلهم حتى تعافيهم.
وإذ وصل الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون مساء أمس، وحضر مباراة منتخب بلاده مع منتخب المغرب في التصفيات النهائية لمونديال قطر 2022، يتواجد رئيس التيار الوطني الحر النائب جبران باسيل في العاصمة القطرية لحضور المباراة أيضاً ولم يعرف ما إذا كان سيحصل لقاء بين باسيل وماكرون أو لقاءات أخرى يجريها ماكرون أو باسيل مع المسؤولين القطريين بالشأن اللبناني.
وأفاد مصدر لوكالة «سبوتنيك« بأن الرئيس ماكرون سيزور بيروت في 24 كانون الأول ويلتقي الرئيس بري ورئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي.
ويحاول ماكرون وفق معلومات «البناء» جسّ نبض القيادات اللبنانية من قدرة اللبنانيين على التوافق على شخصية رئاسية تترافق مع تسهيلات دولية، كما سيحث ماكرون اللبنانيين على الإسراع بعقد حوار داخلي للتفاهم على رئيس وتأليف حكومة جديدة وإنجاز الإصلاحات المتبقية لاستكمال التفاوض مع صندوق النقد الدولي. ويحاول ماكرون بالتزامن إقناع السعوديين بالعودة الى لبنان سياسياً ومالياً وإشراكهم بالتسوية الرئاسية بالتعاون مع القطريين والتفاهم مع الأميركيين.
ويجري التعويل في الكواليس السياسية على الدور القطري – الفرنسي الذي يقود تحالف الشركات لاستثمار الغاز والنفط اللبناني، بإقناع الولايات المتحدة والسعودية بعقد تسوية للأزمة اللبنانية بانتخاب رئيس يحظى بتوافق داخلي – إقليمي – دولي ويجري الرهان أيضاً على حدث هام سيأتي على المنطقة يتمثل بانعقاد قمة عمان التي سيحضرها الرئيس الإيراني وولي العهد السعودي والرئيس الفرنسي والملك الأردني وربما الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، وتشكل هذه القمة اول اختبار لإمكانية الوصول الى تسويات في المنطقة لتهدئة حدّة الصراعات الحالية بين المحورين الإيراني والعربي بقيادة السعودية، وتنسحب على لبنان تهدئة بشكل ما وانفراج بالاستحقاق الرئاسي، طالما أنه من دون توافق أميركي – فرنسي على المستوى الدولي وتوافق سعودي إيراني على المستوى الإقليمي لن نخرج من الأزمة والاستحقاق الرئاسي.
وتوقفت المصادر السياسية عند اللقاء الذي جمع ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان والرئيس ميقاتي مشيرة لـ«البناء» الى أنها كسرت جليد العلاقة اللبنانية – السعودية وفتحت ثغرة في جدار المقاطعة السعودية للبنان وخطوة على طريق العودة السعودية الى الساحة اللبنانية، داعية الى انتظار انعكاسات هذا اللقاء على الداخل اللبناني.
وأشارت مصادر حكومية مطلعة لـ«البناء» الى أن «مجرد فتح صفحة جديدة مع السعودية بعد فترة طويلة من الانكفاء عن لبنان مسألة أساسية، لكن الأمور مرهونة بجملة اتصالات وخطوات ثنائية، لكن في المرحلة الحالية السعودية تعتبر أن الأولوية انتخاب الرئيس وإجراء الإصلاحات وتشديد واضح بهذه الفترة على أن فرنسا والسعودية ستستمران بتقديم الدعم الإنساني للبنان، أي أن الدعم سيقتصر حالياً على الصعيد اللوجستي والانساني بموازاة البحث بالعلاقة السياسية بين البلدين والذي يأخذ وقتاً»، موضحة أن حصول اللقاء وإعادة احياء هذه العلاقة لا يعني حل الأمور والمشكلات، والعلاقة قيد المتابعة والبحث».
ورأى المطارنة الموارنة أن الاتصالات الدولية والعربية الجارية في الشأن الرئاسي اللبناني، تُعطي مزيدًا من الأمل بوصول المجلس النيابي إلى انتخابِ رئيسٍ جديد للجمهورية. وأسفوا خلال اجتماعهم الشهري في الصرح البطريركي في بكركي، برئاسة البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي للسجال السياسيّ الحادّ حول اجتماع الحكومة الأخير، ورأوا «أنه كان بالإمكان تحاشيه لو أن المسؤولين عالجوا الأمر برويّة وتشاور، وبالحوار البنّاء، بعيداً عن الكيد السياسي، ومع احترام الدستور والميثاق الوطني نصًا وروحاً».
وفي سياق ذلك، تلقّى وزير الشؤون الاجتماعية في حكومة تصريف الأعمال هكتور حجّار اتصالاً هاتفياً من ميقاتي يبلغه نيّته عقد لقاءٍ تشاوري يوم غدٍ في القصر الحكومي، على أن يبلّغ الوزراء اليوم عبر أمانة سرّ رئاسة مجلس الوزراء.
وكان حجار كشف في تصريح تلفزيوني بقوله «التقيت ميقاتي على هامش أحد الاجتماعات بالسراي وسألته: أين أصبحنا باللقاء التشاوري بعدما كنت أبلغته أمس استعدادنا للحضور، فرد ميقاتي: هلق منشوف».
وأشارت مصادر «البناء» الى أن ميقاتي سيتشاور مع الوزراء غداً بمسألة عقد جلسة لمجلس الوزراء قبل نهاية العام، على أن يعرض عليهم جدول أعمال يتضمن بنوداً ملحة وترتبط بحياة المواطنين اليومية واستمرارية عمل الإدارات والمرافق العامة. كما علمت أن التيار الوطني الحر سيطلع من وزرائه الذين سيحضرون الاجتماع الوزاري التشاوري على مدى الضرورة بعقد جلسة. ولفتت المعلومات الى أن أكثر من فريق سياسي من ضمنهم حزب الله أبلغ ميقاتي ضرورة التفاهم المسبق بين مكونات الحكومة على أي جلسة لمجلس الوزراء لتفادي التداعيات والسجالات السياسية والطائفية التي اندلعت غداة الجلسة الماضية.
على صعيد الدولار الجمركي علمت «البناء» أنه سيطبق على الكماليات فقط ولن يطال الأساسيات، وتعمل الوزارات المعنية على إعداد لوائح السلع والمواد الغذائية التي سيشملها الدولار الجمركي.
أمنياً، أعلن وزير الداخلية بسام مولوي بعد اجتماع مجلس الأمن المركزي عن وضع خطّة أمنيّة لفترة الأعياد، قائلًا: «سنتشدّد ليلة الميلاد، واتُّخذت كل الإجراءات الضروريّة والاستباقيّة».
وأضاف: نعمل على تخفيف إطلاق النار ابتهاجاً وسنتشدّد في محيط المطار لمنع إطلاق النار العشوائي»، مشيرًا إلى أن «للقوى الأمنيّة الحقّ بالتحرّك التلقائي أمام الجرم المشهود والموقف الرّسمي ثابت بحماية المطار ومحيطه وسمعته ومنع أيّ عمل غير مقبول يحصل فيه أو عبره وسنتصدّى لتصدير الأذى والتهريب عبر المطار».
وأكد أن «الخطّة الأمنيّة في طرابلس نجحت بنسبة مرتفعة و»ما في غطاء فوق رأس أحد» ونُطمئن المواطنين «عَيْدوا بأمان وفرح ومحبّة لأنّ أمانكم مسؤوليّتنا ومسؤوليّة كلّ عنصر أمنيّ وعسكريّ».
اللواء
حراك خارجي لانتخاب رئيس ضمن تفاهمات حكومية وإصلاحية
جلسة «الترفيه» العاشرة خاطفة ولا جلسات للحكومة.. وأمن الأعياد ضمن خطة شاملة
من باب تمضية الوقت والترفيه، ليس الا أن يتابع اللبنانيون المشاهد المعادة في مجلس النواب، بدءاً من الساعة الحادية عشرة، حيث تعقد الجلسة رقم 10، وهي الاخيرة لهذا العام، على نية انتخاب رئيس جديد للجمهورية..
وحسب المعطيات المتوافرة فإن عدد الحضور من النواب مرشح للتراجع لاسباب بعضها عدمي (لا جدوى من الحضور) وبعضها مالي (تجنب النفقات المالية) وبعضها (بداعي السفر) او هناك من ينوب عن الغائب.. الذي بإمكانه المتابعة عبر شاشات التلفزة او مواقع التواصل او المواقع الالكترونية..
ليس الامر المهم هنا، بل ما لاحظته مصادر سياسية متابعة من ان الطبقة الحاكمة، بأشخاصها وكتلها ووزراء تصريف الاعمال باتت مختلفة حتى على ادارة الوقت او استثماره، او تحضير الارضية لملاقاة حواصل «الاتصالات الدولية والعربية الجارية في الشأن الرئاسي اللبناني»، علها «تعطي مزيداً من الامل بوصول المجلس النيابي الى انتخاب رئيس جديد للجمهورية»، وفقاً لما ورد في بيان المطارنة الموارنة، بعد الاجتماع الشهري الذي عقد في بكركي امس.
وإذا كان الرئيس نبيه بري يتحفز لدور ما في السنة الجديدة، حسبما نقل عنه زوار عين التينة، على خلفية انه لن يترك الامر على غاربه الى ما لا نهاية، فإن الرئيس نجيب ميقاتي حسم امره بعدم الدعوة الى جلسة جديدة لمجلس الوزراء، لا خلال ما تبقى من هذا العام او في الاسابيع المبكرة من العام المقبل، تطميناً للاطراف المسيحية المعارضة لجلسات من دون ان يكون هناك رئيس جديد للجمهورية، وهو الامر الذي اكدته بكركي امس أيضاً، عبر القول بأن «أمور المواطنين الاساسية يمكن معالجتها بأساليب دستورية شتى من دون انعقاد الحكومة المستقيلة، والبلاد في حال الشغور الرئاسي»، وهو الموقف الذي كان موضع ترحيب من التيار الوطني الحر.
من الوجهة هذه، تحدثت معلومات عن لقاء ينتظر انعقاده في عمان بين ولي العهد السعودي الامير محمد بن سلمان والرئيس الايراني ابراهيم رئيسي على هامش قمة جوار بغداد التي تعقد في العاصمة الاردنية، ويشارك فيها الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون، وسيحضر الوضع اللبناني، من ضمن ملفات اقليمية على طاولة القمة.
عون في السراي
بين الأمن والرئاسة
وفي السياق توقفت الاوساط السياسية عند زيارة قائد الجيش العماد عون الى السراي الكبير، واجتماعه بعد ظهر امس مع الرئيس ميقاتي، وحسب ما وزّع من معلومات فإن عون اكد ان «الوضع الامني ممسوك، وليس هناك مخاوف من حوادث فردية قد تؤدي الى تفلت أمني»..
واعلن عون انه خلال الاعياد سيكثف الجيش اجراءاته ضمن خطة امنية شاملة.
لكن مصدراً سياسياً بارزاً ربط زيارة عون للسراي، بعد عودة ميقاتي من الرياض، حيث استقبله الامير محمد بن سلمان ومثل لبنان في القمة العربية – الصينية، بأنها تدخل ضمن الحراك الذي يهدف الى ازالة الصعوبات التي تعترض آلية انتخاب العماد عون لرئاسة الجمهورية، وتأمين تأييد ودعم الكتل النيابية البارزة ولاسيما منها المسيحية، بعد رفض رئيس التيار الوطني الحر النائب جبران باسيل لهذا الخيار، وكشف إلى ان الاتصالات والمشاورات بهذا الخصوص قطعت شوطا كبيرا، ولكنها لم تصل إلى نهاياتها بعد.
وتوقع المصدر ان تتبلور نتائج الاتصالات لتخريج آلية انتخاب العماد جوزيف عون لاحقا بعد استكمال كل الخطوات المطلوبة لذلك، لافتا إلى ان جانبا من الزيارات المتتالية لباسيل إلى قطر، تتناول هذا الموضوع.
وتجدر الاشارة الى ان عون زار الدوحة الاسبوع الماضي.
وكشف مصدر سياسي بارز أن الحراك الداخلي والخارجي متواصل بعيدا من الاضواء، لتسهيل انتخاب رئيس جديد للجمهورية، بالرغم من التعثر الظاهري والعلني بمجلس النواب والمواقف العلنية لبعض الزعامات والمسؤولين اللبنانيين وقال: ان هناك رغبة بالمساعدة في الوصول إلى الاتفاق على مرشح توافقي مقبول، يمكنه ان يشكل قاسما مشتركا، بين جميع الاطراف، في ضوء فشل اي طرف سياسي في ترشيح شخصية مدعومة منه، يمكنها الفوز بالرئاسة.
واشار إلى ان جلسات انتخاب رئيس الجمهورية، على كثرتها، لم تحقق اي اختراق، لتشبث كل فريق سياسي بمواقفه، واصبحت الجلسات بمثابة الدوران بالحلقه المفرغة المملة، ومن دون انتخاب رئيس جديد للجمهورية. ولذلك لم يعد ممكنا التسليم بهذا الجمود مع استمرار تدهور الاوضاع الاقتصادية والمعيشية والاجتماعية على النحو الكارثي.
وفي اعتقاد المصدر السياسي، فإن سلسلة المشاروات الخارجية مع الداخل اللبناني والتي، تستنسخ اسلوب التفاوض الذي اعتمد لانجاز ملف ترسيم الحدود البحرية بين لبنان وإسرائيل، ولو بشكل مختلف، قطع شوطا بعيدا في تحديد اسم الشخصية التي ستنتخب للرئاسة الاولى، معربا عن اعتقاده بأن هناك تفاهما قد حصل بين واشنطن وباريس التي تتواصل مع طهران والمملكة العربية السعودية على اسم قائد الجيش العماد جوزاف عون، ليكون مرشحا توافقيا، بدعم من مجموعة الدعم الدولية للبنان، على أن تتولى الدوحة بغطاء من الدول المذكورة، تخريجة انتخاب عون للرئاسة، وتوظف علاقاتها الجيدة مع كل الاطراف لانجاز آلية الانتخاب خلال الاسابيع الاولى من السنة المقبلة.
وفي المقلب الرئاسي ايضاً، تتوسع دائرة المشاورات حول محاور عدة:
1- الرئيس التوافقي، حيث يحصر البحث بشخصيتين: النائب السابق سليمان فرنجية، المدعوم من حزب الله، وقائد الجيش العماد جوزاف عون، المدعوم من دول الاعتدال العربي، ويحظى بتغطية مسيحية، في صلبها «القوات اللبنانية» وليس بعيدة عنها بكركي، على رغم المعارضة الشرسة للتيار الوطني الحر.
2- الترابط بين رئيس الجمهورية الجديدة ورئيس الحكومة الذي سترسو عليه الاستشارات النيابية الملزمة بعد انتخاب الرئيس، فإذا كان الرئيس اقرب الى محور 8 آذار، فيمكن ان يأتي رئيس الحكومة من فريق 14 آذار، مدعوماً بموقف عربي يعيد احتضان لبنان، وإلا فبعد انتخاب الرئيس، قد تتجه الامور الى ثلث معطل في الحكومة، ما لم يكن رئيس الحكومة متوافق عليه، على نحو يشبه شخصية رئيس حكومة تصريف الاعمال.
3- اعطاء ضمانات للفريق المسيحي بعدم التعرض للطائف او احداث ما من شأنه اضعاف الدور المسيحي.
وفي هذا الاطار، تحدثت مصادر دبلوماسية عن ان الفاتيكان يدرس ارسال وفد الى لبنان وبعض العواصم العربية ذات التأثير، لإبلاغها موقف ان الفاتيكان يدعم اي مبادرة او تسوية تلحظ حق المسيحيين كاملاً، كما اتفق عليه في الطائف.
4- الشق المتعلق بالاصلاحات والاتفاق مع صندوق النقد الدولي، والمسار النقدي والمصرفي، بما في ذلك اتجاهات الموازنة في السنة المقبلة ومع العهد الجديد.
الجلسة
نيابياً، لم تشهد الاتصالات حول جلسة المجلس النيابي اليوم اي جديد يذكر حول انتخاب رئيس الجمهورية بعد فشل محاولات الرئيس نبيه بري التوافق بالحوار حول الرئيس العتيد، سوى تردد معلومات غير مؤكدة من مصادرها بأن التيار الوطني الحر يفكر في طرح اسم جهاد ازعور كمرشح رئاسي مقابل معلومات اخرى عن استمراره في وضع الورقة البيضاء، بينما استمر تسجيل مزيد من مواقف الكتل النيابية حول ضرورة إتمام الاستحقاق الدستوري والتوافق عبر الحوار، فيما انصب بعض الاهتمام على تثبيت الوضع الامني في البلاد لاسيما خلال فترة الاعياد المباركة مع ارتفاع منسوب التحذيرات الامنية من بوابة فوضى اجتماعية وامنية في ضوء الارتفاع غير المسبوق لسعر صرف الدولار مقابل الليرة وقد تخطى امس الـ 43 الف ليرة.
وفي السياق الامني، أعلن وزير الداخلية بسام مولوي بعد اجتماع مجلس الأمن المركزي عن وضع خطّة أمنيّة لفترة الأعياد، قائلًا: سنتشدّد ليلة الميلاد واتُّخذت كل الإجراءات الضروريّة والإستباقية.
وأضاف: نعمل على تخفيف إطلاق النار ابتهاجاً وسنتشدّد في محيط المطار لمنع إطلاق النار العشوائي. مشيراً إلى أن «للقوى الأمنيّة الحقّ بالتحرّك التلقائي أمام الجرم المشهود، والموقف الرّسمي ثابت بحماية المطار ومحيطه وسمعته ومنع أيّ عمل غير مقبول يحصل فيه أو عبره وسنتصدّى لتصدير الأذى والتهريب عبر المطار».
وأكد أن «الخطّة الأمنيّة في طرابلس نجحت بنسبة مرتفعة وما في غطاء فوق رأس أحد، ونُطمئن المواطنين عَيْدوا بأمان وفرح ومحبّة لأنّ أمانكم مسؤوليّتنا ومسؤوليّة كلّ عنصر أمنيّ وعسكريّ».
وتعليقاً على إشكال الأشرفيّة، قال مولوي: لا نُريد أن يتكرّر والفوضى وزعزعة الإستقرار لا نقبل به ولن نسمح بأن يحصل، ونؤكّد جهوزيّتنا وجهوزيّة كلّ الأجهزة الأمنيّة والعسكريّة.
جلسة تشاور وزارية الجمعة
في مجال آخر، تلقّى وزير الشؤون الاجتماعية في حكومة تصريف الأعمال هكتور حجّار اتصالاً هاتفياً من الرئيس ميقاتي يبلغه نيّته عقد لقاءٍ تشاوري يوم غد الجمعة في تمام الساعة الرابعة من بعد الظهر، في القصر الحكومي، على أن يبلّغ باقي الوزراء اليوم عبر أمانة سرّ رئاسة مجلس الوزراء.
وعلمت «اللواء» ان الوزراء الذين اعترضوا على عقد جلسة مجلس الوزراء الماضية وتغيبوا عنها، كلفوا الوزير حجار التفاوض بإسمهم مع الرئيس ميقاتي وابلاغهم نتيجة التشاور معه، وان الوزراء كانوا في جو ان جلسة التشاور الوزارية كانت ستعقد الاثنين الماضي لكن يبدو ان ميقاتي ارتأى تأجيلها لمزيد من التشاور مع المرجعيات السياسية والروحية وهولذلك زار البطريرك بشارة الراعي ومن ثم الرئيس بري، الى جانب قوى اخرى، وارتأى توجيه الدعوة لجلسة التشاور الجمعة لكن حتى مساء امس لم يكن الوزراء الثمانية قد تبلغوا اي شيء رسمي.
هل حُسمت زيارة ماكرون؟
بعد الاخبار المتناقضة عن زيارته الى لبنان، يبدو ان الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون قرر زيارته ليلة عيد الميلاد.
ونقلت وكالة «سبوتنيك» الروسية عن مصدرلم تحدده، ان ماكرون سيزور بيروت في 24 كانون الاول، ويلتقي رئيس مجلس النواب نبيه بري ورئيس حكومة تصريف الاعمال نجيب ميقاتي، ويزور القوة الفرنسية العاملة في اطار القوات الدولية في الجنوب لمعايدة افرادها بالميلاد ورأس السنة الجديدة.
اوروبا شريك ملتزم
في الاثناء، أعلنت بعثة الاتحاد الاوروبي في لبنان، في بيان، بعنوان «الاتحاد الأوروبي شريك ملتزم دائم للبنان»، أن «الاتحاد الأوروبي يواصل دعم لبنان وشعبه في الظروف الاجتماعية والاقتصادية الصعبة ويخصص هذا العام 229 مليون يورو لتعزيز الإصلاحات الضرورية والتنمية الاقتصادية. وقد جرى تحديد أولويات عدة لهذه الحزمة المالية الجديدة».
وأشار إلى أن «الأولوية الأولى تتمثل في تعزيز الحوكمة الرشيدة ودعم الإصلاحات. وفي هذا السياق، سيساعد الاتحاد الأوروبي لبنان في تنفيذ الإصلاحات المتعلقة بالإدارة العامة والتي تركز على النزاهة والشفافية والمساءلة، بما يتماشى مع الفرص التي حدّدها الاتفاق الأخير على مستوى الموظفين مع صندوق النقد الدولي. وستهدف مساعدتنا إلى إصلاح الخدمة المدنية، وإصلاح الإدارة المالية العامة، والوصول إلى المعلومات».
أميركياً، سجلت زيارة للسفيرة الاميركية دورثي شيا الى السراي الكبير، حيث اجتمعت الى الرئيس ميقاتي، وسط معلومات عن ان إتيان غولدريتش نائب مساعد وزير الخارجية الاميركي لشؤون الشرق الادنى يجري لقاءات مع شخصيات منتقاة، لا يعلن عنها، داخل السفارة الاميركية في عوكر.
كوليرا: صفر
كورونا:64
صحياً، اعلنت وزارة الصحة العامة في تقرير نشرته مساء أمس، عن حالات الكوليرا في لبنان «عدم تسجيل أي إصابة جديدة، فاستقر العدد التراكمي للحالات المثبتة على 660، فيما لم يتم تسجيل اي حالة وفاة، واستقر العدد التراكمي للوفيات على 23».
وفي تقرير منفصل، أعلنت الصحة عن حالات كورونا تسجيل» 64 إصابة جديدة رفعت العدد التراكمي للحالات المثبتة الى 1221370، كما تم تسجيل حالة وفاة واحدة».
بسالة أُسود المغرب تتعثّر أمام الخبرة الفرنسية
بلغ المنتخب الفرنسي المباراة النهائية من مونديال قطر 2022 بفوزه على المغرب (2-0) في اللقاء الذي أجري مساء الأربعاء في الدور نصف النهائي لبطولة كأس العالم لكرة القدم، بحضور الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون.
وسيواجه منتخب فرنسا حامل اللقب نظيره الأرجنتيني على لقب النسخة الـ22 عند الخامسة عصر الأحد المقبل على استاد لوسيل، علما أن كل منهما يطمح للقبه الثالث، فرنسا بعد 1998 و2018، والأرجنتين بعد نسختي 1978 و1986.
وقدّم المنتخب المغربي مباراة كبيرة، لكن لم يحالفه التوفيق بالتفوق على الخبرة الفرنسية، وجاء هدف التقدم بعدما حول ثيو هيرنانديز كرة عرضية في مرمى حارس المغرب ياسين بونو بعد مرور 5 دقائق، مستغلا دربكة في دفاعات الأسود أثناء هجمة شنها كيليان مبابي.
وكاد المغربي جواد الياميق يدرك التعادل بكرة كانت ستدخل تاريخ كأس العالم بعد تسديدة مقصية رائعة، لكنها اصطدمت بالقائم الأيمن لمرمى هوغو لوريس، وسط انتفاضة مغربية لافتة أواخر الشوط الأول عانى منها الفرنسيون، علما أن القائم الأيمن المغربي كان تصدى لكرة اوليفييه جيرو بالدقيقة 17.
وتواصل الضغط المغربي بالشوط الثاني لكن دون نجاح اسود الاطلس في ترجمة اي من كراتهم أمام مرمى لوريس، إلى أن نجح كولو مواني بحسم الأمور منطقيا بهدف ثان لفرنسا بالدقيقة 79.
وشهدت المباراة حالة تحكيمية أثارت جدلا واسعا، وذلك بعد سقوط المغربي سفيان بوفال بعد إلتحام مع هيرنانديز داخل منطقة جزاء فرنسا، ولكن الحكم المكسيكي سيزار راموس، احتسبها خطأ ضد بوفال، قبل أن يشهر إنذارا ضد اللاعب المغربي.
وأثار هذا القرار جدلا تحكيميا كبيرا، خصوصا أن حكم تقنية الفيديو لم يستدع حكم الساحة المكسيكي لمراجعة اللعبة، لكن ومهما يكن من امر، فإن المنتخب المغربي، صحيح انه فقد فرصة حمل اللقب، لكنه فاز بالاداء المشرف الذي قدمه، والذي استطاع عبره كسب قلوب كل الشعب العربي.
الأخبار
وقائع وأسئلة على طريق بعبدا
بعيداً من التحليل أو التوقع أو الاستشراف، يمكن سرد الوقائع الآتية (مقال غسان سعود):
– لم يختلف أداء النواب «التغييريين»، منذ انتخابهم، عن أداء النواب «التقليديين جداً» الذين يُفترض أنهم جاؤوا ليحلّوا مكانهم. فلا يكاد يُسمع لهم صوت في اللجان النيابية أو في الهيئة العامة، أما خارج المجلس، فيغيبون عن مناطق يكتشف ناخبوها اليوم فقط أن ليس لديهم فيها منزل أو مكتب أو آلية عمل. وهو ما يضاعف، بحسب تقارير دبلوماسية، قناعة من «اخترعهم» بمحدودية صلاحيتهم وتواضع إنتاجيتهم في المشروع الكبير الذي يعني مموّلهم، وأنهم يفيدون مرحلياً في بناء واقع تفاوضي أفضل، لكن لا يمكن التعويل عليهم في الاستراتيجيّة البعيدة الأمد. وهو ما قد يفسّر الاستعجال الأميركي الكبير اليوم.
– بعد إصرار سعودي على الظهور بمظهر المنكفئ لبنانياً (رغم الانغماس المباشر في الانتخابات النيابية) حفاظاً على ماء الوجه إثر هزائم متتالية، وبعد عجز البديل الاماراتي عن إثبات نفسه لبنانياً عقب 17 تشرين رغم كل الانفاق الإعلامي وسلاح «الإقامة الذهبية» الفتاك، عاد الأميركيّ إلى وكيله القطريّ السابق. وبمعزل عن العلاقة الأميركية – السعودية المتوترة اليوم، بات واضحاً – مع الرئيس الأميركي السابق باراك أوباما والرئيس الحالي جو بايدن – أن الإدارة الديموقراطية في واشنطن تتّكل على الدوحة أكثر من غيرها. وهذا ما أدى، على الأغلب، إلى ردّة سعودية سريعة عن كل تحفّظات وليّ العهد المتراكمة منذ أكثر من ثلاث سنوات. إذ إن شيئاً لم يتغيّر، لبنانياً أو إقليمياً، يستدعي استقبال محمد بن سلمان الرئيس نجيب ميقاتي سوى شعور السعودية بأن ثلاثي الدوحة – باريس – واشنطن يمضي قدماً في ترتيب الأوراق اللبنانية من دونه. وخلافاً لما شاع أخيراً عن مؤازرة الرياض للمسعى القطري – الفرنسي – الأميركي، يصعب الحديث عن تسهيل سعودي لانتخاب قائد الجيش جوزف عون وإهداء الدوحة انتصاراً دبلوماسياً واعترافاً بنجاحها حيث فشلت الرياض مراراً. وفي هذا السياق، تؤكّد أوساط دبلوماسية أن ما يدفع السعودية إلى «الاستنفار» هو أنها استشعرت، للمرة الأولى منذ سنوات، أن المحور الذي تنتمي إليه أقلع أخيراً في لبنان من دونها. ويُفترض أن يُترجم هذا الاستنفار مباشرة بتصعيد رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع ضد الترشيح القطري – الفرنسي – الأميركي لقائد الجيش، إلى حين استرضاء السعودية والوقوف على خاطرها بوصفها – لا قطر – وكيلة الأميركيين في لبنان.
– خلافاً للسعودي – ونسبياً الإماراتيّ – يؤدي القطري، من ضمن الأجندة الأميركية، دور الجزرة لا العصا، محاولاً أن يؤمن للأميركيين سلماً ما يعجزون عن تحقيقه حرباً وحصاراً، أو أقلّه إبرام تسوية تكرس موازين قوى جديدة. وهو ما يشبه الدور الذي قامت به الدوحة في السنوات العشر الماضية في ملفات كثيرة إلى جانب الملف اللبناني. مع الإشارة إلى أن «التجربة السورية» تشير إلى أن قطر قادرة على التحوّل سريعاً من «الغرام» إلى الانتقام». وأن أحضانها المفتوحة اليوم لرئيس التيار الوطني الجر جبران باسيل سبق أن فُتحت للرئيس بشار الأسد مع كثير من الترغيب ووعود الإنماء، قبل أن يخيّب الرئيس السوري آمالها فرعت الانقلاب عليه.
– رغم التباينات الأميركية – التركية، غالباً ما يتزامن تشغيل المحركات القطرية في أيّ ساحة بمؤازرة تركية، وهو ما يحصل في لبنان اليوم. ففي موازاة الانفتاح القطريّ على باسيل مثلاً، يسجل انفتاح تركيّ أكبر بكثير لا يزال بعيداً عن الأنظار. ولا يقف الدور التركي عند حدود البياضة بطبيعة الحال، بل يتأهّب للدفاع عن المسعى القطري في المناطق السنية إذا ما قررت السعودية تخريبه.
– إذا كان ارتباط السعودية بالإدارة الأميركية يرتكز على المؤسستين السياسية والاقتصادية في الولايات المتحدة، فإن من الواضح أن ارتباط قطر بهذه الإدارة يرتكز على المؤسسة العسكرية، وتحديداً القيادة الوسطى في الجيش الأميركي. وتنبغي الإشارة هنا إلى أنه عشية اتفاق ترسيم الحدود البحرية مع فلسطين المحتلة، كان ثمة أكثر من خط أميركي مفتوح مع أكثر من جهة لبنانية، قبل أن يقرّر الأميركيون إقفال خطَّي التواصل العسكري والأمني والإبقاء على قناة اتصال سياسية واحدة. وهو ما يتكرر اليوم مع فتح أكثر من خط أميركي، أحدها خاص بـ«الدولة الأميركية العميقة» مرشحه ميشال معوض، والآخر خاص بالقيادة الوسطى ومرشحه قائد الجيش جوزف عون. وما بين هذين الخطين، حزب ديموقراطيّ يؤمن بـ«المجتمع المدني العابر للحدود» ومن يمثله من مرشحين رئاسيين كثر. واللافت هنا أن مرشح المؤسسة السياسية الأميركية (معوض) يقدم كرأس حربة، فيما يجري تقديم مرشح المؤسسة العسكرية – الأمنية الأميركية (عون) كمرشح تسوية.
– في موازاة الدور القطري «المنفتح»، انعطافة فرنسية أيضاً نحو الانفتاح بدل التهديد بالعقوبات، ودور بطريركيّ في السياق نفسه، وحضور «واتسابيّ» متواصل للمفاوض الأميركي المفترض عاموس هوكشتاين حتى بعد انتهاء مهمته المفترضة، ومجتمع مدني «لابد» وهادئ ومهذب.
– الأوراق المبعثرة لحلفاء الولايات المتحدة تقابلها، للمرة الأولى، أوراق مبعثرة على المقلب الآخر أيضاً. فمنذ عام 2006، كان في لبنان تحالفان: 14 آذار و8 آذار – التيار الوطني الحر. وإذا كان التحالف الأول قد شهد تبديلاً متواصلاً لـ«فولاراته» وراياته وعناوين معاركه رغم أن هدفه واحد، بقي التحالف الثاني، في المعارك السياسية الأساسية، متراصّاً خلف إدارة حزب الله للمعركة، رغم تحفظات وملاحظات ومكابرة ونكايات. أما اليوم، فيشهد هذا التحالف افتراقاً هو الأول من نوعه في تحديد الأولويات، ما يمكن أن ينهي معادلة التحالفين، لنصبح أمام: تحالف 14 آذار بمسمياته المختلفة، وتحالف 8 آذار، والتيار الوطني الحر وحده. وليس واضحاً بعد ما إذا كانت معادلات الداخل والخارج يمكن أن تهضم ذلك.
في ضوء هذا كله، تُطرح مجموعة أسئلة سريعة، لا تزال من دون أجوبة:
– هل يمكن التفكير في الانتخابات الرئاسية اللبنانية كاستحقاق معزول عن رئاسة الحكومة والحكومة وحاكمية مصرف لبنان وقيادة الجيش ورئيس مجلس القضاء الأعلى في المرحلة المقبلة؟
– أيّهما أهم لحزب الله وللدول القريبة والبعيدة المؤثرة في الاستحقاق: رئاسة الجمهورية كموقع فخري أم رئاسة مجلس الوزراء كرأس للسلطة التنفيذية؟
– هل يمكن انتخاب رئيس بتفاهم داخلي من دون الخارج؟ وهل يمكن، في المقابل، انتخاب رئيس بتفاهم خارجي دون الداخل؟
– طالما أنه لا يمكن لرئيس مجلس النواب أن يعقد حواراً حول الاستحقاق الرئاسي في غياب التيار الوطني الحر أو القوات اللبنانية، هل يمكن انتخاب رئيس لا يحظى بدعم جدي وصريح من التيار أو القوات؟
– هل يراد انتخاب رئيس يرعى الهبوط الهادئ لما تبقى من الهيكل العظميّ للدولة في انتظار تسوية لم يحن وقتها بعد، أم رئيس يمكن أن يكون مدخلاً إلى هذه التسوية؟
الإجابات مبهمة لدى معظم الأفرقاء، وبعضها يتناقض مع السياقات المفترضة على نحو مربك، بما يحول دون تكوين فكرة جدية فعلاً حول السؤال اليومي عما سيحصل في الانتخابات الرئاسية.
COMMENTS