حالة من الملل تصيب القارئ وربما الكاتب عند الحديث عن العلاقات المصرية الإيرانية. ما برحت العلاقات مقطوعة بين البلدين منذ العام 1980، رغم أن عديد الأصوات قد بحت بضرورة عودة العلاقات الدبلوماسية كاملة. لقاءات عدة جمعت بين قادة البلدين خلال العقود الثلاثة الماضية، لم تشمل وحسب لقاءات بين وزراء خارجية البلدين، بل إنها تخطت ذلك فى لقاء مبارك وخاتمى فى ديسمبر 2003. لقاءات كثيرة أخرى جمعت بين مؤسسات غير رسمية، كاتحاد الصناعات والتجارة بين البلدين، كما أفرجت مصر عن أصول إيران المجمدة فى البنوك، وعقدت اتفاقات رسمية فى المجال الصحى والدوائى. مواقف مصرية وإيرانية شتى تحمل كل معنى الود والدفء فى العلاقات بين البلدين، كرفض الحظر التجارى على إيران منذ عهد كلينتون، أو تهديد إسرائيل بضرب إيران.. وهكذا. آخر التطورات لقاء السيسى وأمير عبداللهيان فى مؤتمر البحر الميت نهاية ديسمبر الماضى على هامش مؤتمر بغداد للشراكة والتعاون، بدعم وتدخل من رئيس وزراء العراق محمد شياع السودانى.
البلدان الكبيران أصحاب أكبر حضارة على مر التاريخ، الحضارة المصرية القديمة والفارسية لا يجوز أبدا أن يبقيا فى حالة قطيعة. كلمات كثيرة قالها خبراء ومتخصصون وقادة رأى فى المجتمع المصرى أمثال الكاتب الراحل محمد حسنين هيكل ووزير الخارجية الأسبق عمرو موسى، بشأن عدم جواز بقاء العلاقات بين البلدين تراوح مكانها لعقود.
فى السابق كانت العلاقات متوترة على خلفية العلاقة بين إيران الشاه ومصر، وبعدها على خلفية تصدير إيران الثورة والفكر الشيعى، وتهديد أمن الخليج بشكل علنى وصريح، واحتلال إيران للجزر الإماراتية فى الخليج العربى، وكذلك الخلافات الخليجية الإيرانية الكبيرة على خلفية العلاقات مع الولايات المتحدة التى ما فتئت تؤجج الصراعات بين بلدان الخليج، وتصدر من أجل ذلك أسلحة بعشرات المليارات من الدولارات، وهى مبالغ لو أنفق عشرها على ترويض إيران وتنمية علاقاتها مع العرب، لغطت على كل مناحى الصراع، وانزوت أسبابه، خاصة منذ أن انتهت الحرب العراقية الإيرانية عام 1988.
وجود أطراف خارجية والشحن المتبادل بين الحكومات هو السبب الرئيس لاستمرار الخلاف بين إيران والعرب، والغريب فى الأمر أن إسرائيل التى ما برحت تصيد فى الماء العكر، وجدت ضالتها فى إبراز إيران كعدو مشترك، لتمييع القضية الفلسطينية، والغوص فى المزيد من الاتفاقات الإبراهيمية التطبيعية. إيران نفسها تتحمل جزءا كبيرا من المسئولية فى بقاء الخلاف بينها وبين جيرانها العرب خاصة البحرين والإمارات والسعودية، سلوكها يجعلها تنظر دائما تحت قدميها، ويجعل جيرانها يخافونها ويتوجسون من التعامل معها، خاصة بشأن أمن الخليج، وكذا أمن العراق الذى فتحت قوى عراقية هى التيار التنسيقى الباب له للتوغل فيه والنيل من عروبته، والتراجع عما كان عليه التعامل شبه الحيادى إبان حكم رئيس الوزراء السابق مصطفى الكاظمى، وهى السياسة التى كانت مؤيدة من التيار الصدرى والتيارات العربية السنية على اختلاف مشاربها، وكذلك الأكراد.
السؤال الآن: متى تنتهى حالة الجمود بين مصر وإيران؟ فى السابق كانت مصر تنظر إلى كون إيران بلدا يهدد أمن الخليج. اليوم إيران تقيم صلات قوية مع جيرانها. التبادل التجارى مع العراق تخطى 8.9 مليار دولار سنويا، ومع الإمارات 4.9 مليار دولار. لقاءات كثيرة جرت بوساطة عراقية بين الرياض وطهران فى بغداد منذ إبريل 2021، وعاد سفراء الإمارات وإيران إلى طهران وأبو ظبى منذ أغسطس الماضى. مقصد القول إن مبررات القطيعة بين مصر وإيران لم تعد قائمة، الجميع يدرك مخاوف دول الخليج العربى من طهران، ودول الخليج تدرك إن أمن الإقليم بيدها وبيد إيران، لا بيد الغرباء.
بالتعاون والتلاقى بين مصر وإيران يمكن أن تحل مشكلات عدة. العراق وعمان يمكن أن تلعبا دورا متميزا لإزالة أسباب الشك بين مصر وبلدان الخليج العربى من ناحية وإيران من ناحية. ملفات مهمة من المؤكد معلقة، يمكن التواصل بشأنها إلى حلول وسط وتحكيم وغيره. اليمن وسوريا وجزر الإمارات والقواعد العسكرية وأمن قناة السويس، كلها عناوين لموضوعات كبيرة، يمكن أن تكون، لو حسنت نوايا إيران، أماكن تعاون وليس صراعا.
العالم العربى يجب أن يكون طرفا فاعلا فى ترتيب أمنه الإقليمى، لا ينتظر الولايات المتحدة كى ترتب له أوضاعه الإقليمية، كما تسعى الآن سواء على هامش التجهيز لانتهاء الحرب الروسية الأوكرانية على شكل سيناريو افتراضى يحقق لها النصر الأطلسى على روسيا، أو على هامش الجمود الحالى فى ملف إيران النووى، الذى يجب أن يطرق مع الملف المنسى عن عمد والمتعلق بالسلاح النووى الإسرائيلى على قدم المساواة.
البلدان الكبيران أصحاب أكبر حضارة على مر التاريخ، الحضارة المصرية القديمة والفارسية لا يجوز أبدا أن يبقيا فى حالة قطيعة. كلمات كثيرة قالها خبراء ومتخصصون وقادة رأى فى المجتمع المصرى أمثال الكاتب الراحل محمد حسنين هيكل ووزير الخارجية الأسبق عمرو موسى، بشأن عدم جواز بقاء العلاقات بين البلدين تراوح مكانها لعقود.
فى السابق كانت العلاقات متوترة على خلفية العلاقة بين إيران الشاه ومصر، وبعدها على خلفية تصدير إيران الثورة والفكر الشيعى، وتهديد أمن الخليج بشكل علنى وصريح، واحتلال إيران للجزر الإماراتية فى الخليج العربى، وكذلك الخلافات الخليجية الإيرانية الكبيرة على خلفية العلاقات مع الولايات المتحدة التى ما فتئت تؤجج الصراعات بين بلدان الخليج، وتصدر من أجل ذلك أسلحة بعشرات المليارات من الدولارات، وهى مبالغ لو أنفق عشرها على ترويض إيران وتنمية علاقاتها مع العرب، لغطت على كل مناحى الصراع، وانزوت أسبابه، خاصة منذ أن انتهت الحرب العراقية الإيرانية عام 1988.
وجود أطراف خارجية والشحن المتبادل بين الحكومات هو السبب الرئيس لاستمرار الخلاف بين إيران والعرب، والغريب فى الأمر أن إسرائيل التى ما برحت تصيد فى الماء العكر، وجدت ضالتها فى إبراز إيران كعدو مشترك، لتمييع القضية الفلسطينية، والغوص فى المزيد من الاتفاقات الإبراهيمية التطبيعية. إيران نفسها تتحمل جزءا كبيرا من المسئولية فى بقاء الخلاف بينها وبين جيرانها العرب خاصة البحرين والإمارات والسعودية، سلوكها يجعلها تنظر دائما تحت قدميها، ويجعل جيرانها يخافونها ويتوجسون من التعامل معها، خاصة بشأن أمن الخليج، وكذا أمن العراق الذى فتحت قوى عراقية هى التيار التنسيقى الباب له للتوغل فيه والنيل من عروبته، والتراجع عما كان عليه التعامل شبه الحيادى إبان حكم رئيس الوزراء السابق مصطفى الكاظمى، وهى السياسة التى كانت مؤيدة من التيار الصدرى والتيارات العربية السنية على اختلاف مشاربها، وكذلك الأكراد.
السؤال الآن: متى تنتهى حالة الجمود بين مصر وإيران؟ فى السابق كانت مصر تنظر إلى كون إيران بلدا يهدد أمن الخليج. اليوم إيران تقيم صلات قوية مع جيرانها. التبادل التجارى مع العراق تخطى 8.9 مليار دولار سنويا، ومع الإمارات 4.9 مليار دولار. لقاءات كثيرة جرت بوساطة عراقية بين الرياض وطهران فى بغداد منذ إبريل 2021، وعاد سفراء الإمارات وإيران إلى طهران وأبو ظبى منذ أغسطس الماضى. مقصد القول إن مبررات القطيعة بين مصر وإيران لم تعد قائمة، الجميع يدرك مخاوف دول الخليج العربى من طهران، ودول الخليج تدرك إن أمن الإقليم بيدها وبيد إيران، لا بيد الغرباء.
بالتعاون والتلاقى بين مصر وإيران يمكن أن تحل مشكلات عدة. العراق وعمان يمكن أن تلعبا دورا متميزا لإزالة أسباب الشك بين مصر وبلدان الخليج العربى من ناحية وإيران من ناحية. ملفات مهمة من المؤكد معلقة، يمكن التواصل بشأنها إلى حلول وسط وتحكيم وغيره. اليمن وسوريا وجزر الإمارات والقواعد العسكرية وأمن قناة السويس، كلها عناوين لموضوعات كبيرة، يمكن أن تكون، لو حسنت نوايا إيران، أماكن تعاون وليس صراعا.
العالم العربى يجب أن يكون طرفا فاعلا فى ترتيب أمنه الإقليمى، لا ينتظر الولايات المتحدة كى ترتب له أوضاعه الإقليمية، كما تسعى الآن سواء على هامش التجهيز لانتهاء الحرب الروسية الأوكرانية على شكل سيناريو افتراضى يحقق لها النصر الأطلسى على روسيا، أو على هامش الجمود الحالى فى ملف إيران النووى، الذى يجب أن يطرق مع الملف المنسى عن عمد والمتعلق بالسلاح النووى الإسرائيلى على قدم المساواة.
COMMENTS