البناء
طائرتان صغيرتان فوق الكرملين… أوكرانيا تنفي مسؤوليتها… وموسكو تتعهّد برد غاضب
الأسد ورئيسي يوقّعان معاهدة تعاون استراتيجي شامل طويل المدى… و35 اتفاقاً مختلفاً
البخاري يلتقي بري وجعجع: الأولوية لملء الفراغ الرئاسي… والرئاسة شأن اللبنانيين
بعنوان يعادل جملة «الغضب الساطع آتٍ» تحدث نائب رئيس مجلس الأمن القومي الروسي ديمتري ميدفيديف ووزير الدفاع الروسي الكسندر شويغو عن الرد الغاضب الذي سوف يستهدف أوكرانيا ورئيسها فلاديمير زيلينسكي، بعد إسقاط طائرتين مسيرتين صغيرتين فوق قبة الكرملين مقرّ إقامة الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في موسكو، عشية الاحتفالات بيوم الانتصار على النازية، وبينما ترجّح المصادر الروسية أن تكون الحماقة الأوكرانية وراء العملية لاستعادة بعض الوهج العسكري والمعنوي لقواتها التي تواجه خطر الانهيار، كما تقول الوثائق الأميركية السرية المسرّبة، تدعو مصادر خبراء متابعين لملف حرب أوكرانيا للتوقف أمام فرضية أن تكون جهات أميركية استخبارية أرادت منّا لعملية رد موسكو الغاضب الذي يسرع بحسم الوضع في أوكرانيا لجهة تحولات عسكرية تنهي الحرب أو تفتح باب التفاوض العاجل في ضوئها، لأن هذه الأوساط الأميركية الوازنة في الدولة العميقة تعترض على كل طريقة تعامل الرئيس الأميركي جو بايدن وفريقه مع حرب أوكرانيا وهي تعلم أن الجيش الأوكراني يقترب من لحظة السقوط الشامل ولا تريد أن يسقط معه حلف الناتو والهيبة العسكرية الأميركية، فأرادت أن تفتح طريقاً لسقوط النظام الحاكم في كييف نتيجة فعل أحمق يتهم بارتكابه وتتبرأ منه الدول الغربية وتحمّله تبعات أفعاله.
في المنطقة كان الحدث زيارة الرئيس الإيراني السيد إبراهيم رئيسي الى سورية ولقاءاته مع الرئيس السوري بشار الأسد والكلمات التي ألقاها كل من الرئيسين في الاجتماع الموسّع والتي تضمنت تأكيداً على وحدة الموقف سواء تجاه المتغيرات الإقليمية المتمثلة بالاتفاق السعودي الإيراني او الحوار في إطار الرباعية التي تنعقد في موسكو لبحث العلاقة التركية السورية، خصوصاً لجهة التمسك بالسيادة السورية ورفض الاحتلال الأجنبي لأراضيها، كما لجهة الدفع بالانفتاح العربي على سورية والعودة العربية إلى سورية بصفتها مصلحة شعوب المنطقة في السعي لنظام إقليمي تصنعه شعوبها، بعدما تكبّدت الشعوب أثماناً باهظة للإملاءات الأجنبية والتدخلات والاعتداءات على السيادة، وكان للقضية الفلسطينية ومحور المقاومة وتماسك قواه ودوره في المرحلة المقبلة، نصيب بارز من الكلمات وتأكيد على مكانة سورية وإيران في خيار المقاومة ومساندة المقاومة كخيار وحيد لاستعادة الحقوق وحماية المقدسات.
لبنانياً، كان الحدث بعودة السفير السعودي وليد البخاري بعد غياب لأكثر من شهر كثرت خلاله التكهنات حول الموقف السعودي، بعد الاتفاق السعودي الإيراني من جهة، وبعد زيارة مستشار الرئيس الفرنسي باتريك دوريل للسعودية وما نقل عنه من مواقف إيجابية فرنسية سعودية تصب في إطار تسريع انتخاب رئيس للجمهورية، وتزيل العقبات من طريق وصول المرشح سليمان فرنجية الى سدة الرئاسة؛ وكانت زيارة البخاري الأولى لدار الفتوى ثم لرئيس مجلس النواب نبيه بري ثم لرئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع، وكان لافتاً أن البخاري تحدّث كما سبق لـ»البناء» أن توقعت عن ثنائية جديدة مختلفة عن الخطاب السابق، وهي ثنائية الأولوية لانتخاب رئيس جديد لإنهاء الفراغ الرئاسي، والثانية أن الخيارات الرئاسية ملك اللبنانيين، فلا فيتو ولا تبنٍّ تجاه أي مرشح، بعدما كان الخطاب السعودي قائماً على ثنائية، الحديث عن فيتو على مرشحين، والثانية الحديث عن مواصفات تبني عليها الرياض موقفها من المرشحين، بما كان يضمر رفضاً سعودياً لترشيح فرنجية، ليأتي الكلام الجديد إعلان انسحاب من الموقف السابق إلى مربع الوسط الذي كان هو سقف المتوقع من السعودية في ضوء المتغيرات التي تشهدها المنطقة، بحيث يكفي أن تعلن السعودية أنها لا تضع فيتو على مرشح وان الدور السعودي هو التشجيع على الإسراع في انتخاب الرئيس حتى تصبّ الماء في طاحونة فرنجية.
وكما كان متوقعاً وبعد غياب دام أسبوعين، وفور عودته الى بيروت عائداً من الرياض، بدأ السفير السعودي في لبنان وليد البخاري جولة على المرجعيات والقوى السياسية لوضعهم في أجواء الاتصالات واللقاءات السعودية الفرنسية بناء على التوجيهات والتعليمات التي زوّدته بها قيادة بلاده، وفق معلومات «البناء». وقد شرح البخاري حقيقة الموقف السعودي من الملف الرئاسي وأكد بأن بلاده لا تتدخل في الشأن اللبناني وهي تترك لممثلي الشعب اللبناني الحوار والتوافق على مرشح للرئاسة يملك مواصفات معينة قادر على ادارة البلاد لا سيما اقرار الاصلاحات واستكمال التفاوض مع صندوق النقد واعادة تصويب العلاقات اللبنانية العربية والدولية لاستعادة الثقة الخارجية وإنقاذ لبنان من الانهيار. ووفق معلومات «البناء» فإن السفير السعودي مكلف من قيادة بلاده القيام بسلسلة زيارات على المسؤولين لشرح الموقف السعودي أولاً وحثّ اللبنانيين على انتخاب رئيس وإنجاز باقي الاستحقاقات ثانياً والتأكيد على الاستقرار الأمني والسلم الأهلي ودعم بنية المؤسسات ثالثاً، والمساعدة عبر التوفيق قدر الإمكان بين الكتل النيابية للتوافق على الرئيس المقبل. وتضيف المعلومات أن التوجيهات السعودية الجديدة تأتي انسجاماً مع الأجواء الإيجابية التي رافقت التفاهمات والاتفاقات الجديدة بين السعودية وإيران وبين السعودية وسورية.
وزار السفير السعودي عين التينة للقاء رئيس مجلس النواب نبيه بري، ونُقل عنه قوله بعد اللقاء: لا نرتضي الفراغ الرئاسي المُستمر الذي يُهدِّد استقرار الشعب اللبناني ووحدته، مضيفاً «الموقف السعودي يُشدِّد على ضرورة الإسراع بانتخاب رئيس للجمهورية اللبنانية قادر على تحقيق ما يتطلّع إليه الشعب اللبناني الشقيق».
ودعا السفير السعودي، بعد لقائه رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع في معراب، بحضور النائب بيار بو عاصي، «الكتل النيابية والقوى السياسية الى تحمل مسؤوليتها التاريخية والتّلاقي من دون إبطاء على إنجاز الاستحقاق الرئاسي».
وقد تباحث المجتمعون في التطورات السياسية في البلاد وخصوصاً موضوع الاستحقاق الرئاسي، حيث كان موقف السعودية واضحاً لجهة اعتبار الانتخابات الرئاسية شأناً سيادياً لبنانياً، وتعود للبنانيين مسألة تقرير من سيكون الرئيس المقبل وتقف المملكة خلف اللبنانيين في خياراتهم.
وكان البخاري بدأ جولته بلقاء مفتي الجمهورية الشيخ عبد اللطيف دريان، في مقر دار الفتوى. ووفق تغريدة له، كان «اللقاء مناسبة استعرضا خلالها آخر المستجدات على الساحة اللبنانية خاصة الاستحقاق الرئاسي وأهمية إنجازه بالإضافة إلى عدد من القضايا ذات الاهتمام المشترك». وبحسب دار الفتوى، فقد شدد البخاري على «التواصل الدائم مع دار الفتوى المرجعية الدينية والوطنية الضامنة لوحدة لبنان وشعبه»، وأكد «حرص المملكة على لبنان ومؤسساته وعلى العيش المشترك الإسلامي المسيحي»، آملا «أن يشهد لبنان استقراراً ومستقبلاً واعداً».
من جهته، أكد مفتي الجمهورية أن «دور المملكة العربية السعودية في لبنان أساسي كما هو في المنطقة العربية والدولية»، ورأى أن «انتخاب رئيس للجمهورية واستقرار لبنان وازدهاره وإنمائه هي مسؤولية تقع على عاتق اللبنانيين بداية ومن ثم على الأشقاء العرب والدول الصديقة الذين يدعمون ويقدّمون المساعدة عندما تكون الإرادة اللبنانية صادقة وجادة في الوصول الى حلول لمصلحة الوطن والمواطن». وحثّ المفتي دريان «المسؤولين المعنيين في عملية انتخاب رئيس للجمهورية على التعالي عن مصالحهم الذاتية لمصلحة لبنان السيد الحر المستقل العربي الهوية والانتماء»، واعتبر أن «أي تسوية في هذا الإطار ان كانت محلية أو خارجية يجب العمل فيها الى إعادة الاعتبار للدولة ولمؤسساتها وسيادتها في كل المجالات».
ومن المتوقع أن يكون للسفير السعودي سلسلة لقاءات مع المسؤولين خلال اليومين المقبلين، ويلتقي اليوم رئيس الحزب الاشتراكي وليد جنبلاط. وأشارت وسائل إعلام الى أن «حركة السفير السعودي لن تتوقف عند جولة اليوم (أمس)، بل ستستمر لتشمل كل المرجعيات السياسية لايجاد آلية توافقية تؤدي لانتخاب رئيس للجمهورية».
وأشارت مصادر مطلعة على الموقف السعودي لـ«البناء» الى أن «المملكة لم تدخل في لعبة الأسماء والمرشحين ولم تدعم أحداً ولم تضع فيتو على أي مرشح، وبالتالي لم تدعم رئيس تيار المردة سليمان فرنجية ولم تعلن رفضه، بل تركز على ضرورة انتخاب رئيس بتوافق لبناني داخلي وأن لا يكون مستفزاً للسعودية ومعادياً لها ولدول الخليج، وهي ستتعامل مع رئيس بالمواصفات التي طرحتها وتركز على الاستحقاقات المقبلة لا سيما على شخصية رئيس الحكومة التي سيشكل الحكومة المقبلة وشكل هذه الحكومة والسياسات المقبلة على المستويات كافة».
وإذ علمت «البناء» أن فرنسا لا تزال تدعم ترشيح فرنجية وتسعى لتأمين توافق داخلي حوله وتأييد سعودي بمعزل عن بيان وزارة الخارجية الفرنسية منذ أيام، كشف مصدر على تواصل مع المسؤولين الفرنسيين في لبنان لـ«البناء» أن «الفرنسيين نقلوا لحزب الله أجواء تفاؤلية حول إنجاز الاستحقاق الرئاسي وأنهم مستمرون في جهودهم للتوصل الى تسوية رئاسية»، كما نقلوا للحزب أجواء إيجابية من اللقاءات مع السعودية، وفق المصدر.
ويزور لبنان خلال الأيام المقبلة وفد فرنسيّ رفيع من الحزب الحاكم في فرنسا وبتكليف من الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون لعقد لقاءات مع المسؤولين السياسيين للدفع قدماً لإنجاز الملف الرئاسي ولتحديد العقد والظروف المانعة لانتخاب رئيس الجمهورية.
من جهتها، شددت مصادر الثنائي حركة أمل وحزب الله لـ«البناء» على أن لا علاقة لزيارة وزير الخارجية الإيراني أمير عبد اللهيان بالملف الرئاسي اللبناني، بل تتعلق بوضع دور محور المقاومة بأجواء التفاهمات الإقليمية الجديدة والتأكيد على مفاعيلها على كافة الساحات ومن ضمنها لبنان، لكن قد تتأخر بالظهور لبضعة شهور بسبب تعقيدات المنطقة وتشابك الملفات والارتباك الحاصل لدى الكثير من القوى الفاعلة في المنطقة من الاتفاقات الإيرانية السورية السعودية.
وفيما يؤكد النائب غسان سكاف لـ«البناء» أن التواصل مستمر بين كتل المعارضة للتوصل الى اسم موحّد، متوقعاً حصول هذا الأمر الأسبوع المقبل، رافضاً الكشف عن الاسم أو الأسماء المطروحة، أكدت مصادر كتلة تجدد لـ«البناء» أن لا اتفاق حتى الساعة بين أطراف المعارضة وأن الانقسام لا يزال سيد الموقف بين الكتل».
كما أفادت أوساط نيابية مطلعة على حركة المشاورات «البناء» بأن اتصالات مكثفة تحصل بين كتل معارضة ورئيس الحزب الاشتراكي وليد جنبلاط لتوحيد الأسماء والتوصل الى مرشح موحّد والمرجح هو الوزير السابق جهاد أزعور، فيما يجري بحث بالتوازي بين نواب تكتل التغييريين والتيار الوطني الحر للتوصل الى مرشح موحّد يكون مرشح مواجهة مع مرشح 8 آذار، والمرجح أن يكون الوزير السابق زياد بارود.
وأشارت مصادر «البناء» الى أن أكثر من موفد دولي وعربي زاروا لبنان مؤخراً، طرحوا سؤالاً على المسؤولين الذين التقوهم يحمل شكوكاً بقدرة الطبقة السياسية الحالية على إدارة البلد في مرحلة الإنقاذ من مسلسل الانهيار المستمر منذ العام 2019 في حين لم يستطع مجلس النواب ولا الحكومة إقرار القوانين الإصلاحية والتي لا زالت عالقة في أروقة السراي الحكومي وأدراج المجلس النيابي. وشدّد هؤلاء الموفدون على أن انتخاب رئيس للجمهورية من المنظومة القائمة لن يغيّر الواقع اللبناني إذا ما اقترن بتغيير في عقلية ونهج الحكم وبشخصية رئيس الحكومة والأداء الحكومي ووقف نظام الفساد والمحاصصة وتغيير السياسات الخارجية. وطرحوا شخصيات من خارج الاصطفافات السياسية والطائفية ويمتلكون رؤية اقتصادية مثل المدير الإقليمي لادارة الشرق الأوسط وآسيا الوسطى في صندوق النقد الدولي والوزير السابق جهاد أزعور والنائب نعمت أفرام والوزير السابق زياد بارود والرئيس الفخري لخريجي هارفرد الخبير الاقتصادي حبيب الزغبي.
وواصل نائب رئيس مجلس النواب الياس بوصعب جولته على القيادات السياسية وحطّ في الصيفي، حيث التقى رئيس حزب الكتائب النائب سامي الجميل. وأشار بو صعب بعد اللقاء إلى أن «علينا البدء من الأساس أيّ ما هو دور رئيس الجمهورية قبل الدخول في الأسماء وسنستكمل النقاش وتوافقنا على الطريق التي سنسير عليها». وقال «لبنان غائب عن المجتمع الدولي كما كان غائباً عن الاجتماع في عمان الذي ناقش ملف النزوح السوري وهنا نعرف أهميّة مدّ جسور الحوار في الداخل»، لافتًا إلى أن «علينا ألّا نتكّل على الخارج بل على أنفسنا وعامل الوقت مهم جدًّا ولا يمكن الانتظار إلى ما لا نهاية لإيجاد حلّ ومن هذا المنطلق أتحرّك».
إلى ذلك، استقبل الرئيس بري عضو اللقاء الديمقراطي النائب وائل ابو فاعور، وتمنى بري خلال استقباله في عين التينة وفداً من نادي النجمة الرياضي لو «أن كافة القوى السياسية في لبنان تقارب القضايا والعناوين المتصلة بحياة الدولة ومؤسساتها الدستورية والعلاقات في ما بينها بروح رياضية»، مؤكداً «ان هذه الروح إذا لم تعمم في كل أركان المجتمع لا يمكن أن ننجح في أي مجال من المجالات، سواء في السياسة وغير السياسة، فغيابها سوف يؤدي الى الفشل حتى في الرياضة». أضاف «نحن في أمسّ الحاجة، أن نتصرف في أدائنا وسلوكنا كفريق وطني واحد من أجل إنجاز استحقاقاتنا الوطنية بذلك فقط ننقذ لبنان ونحميه ونحصنه من المخاطر الوجودية».
وأصدر المجلس الدستوري قراراً بتعليق مفعول قانون التمديد للبلديات ريثما يدرس الطعون المقدّمة أمامه ويصدر قراره النهائي في الأسابيع المقبلة علماً أن ولاية البلديات تنتهي نهاية هذا الشهر. ورحّبت القوى السياسية التي طعنت بالقانون، بقرار «الدستوري».
على صعيد آخر، لم يحجب استقرار سعر صرف الدولار في السوق السوداء ما دون المئة ألف ليرة للدولار الواحد، محاولات الحكومة لرفع الدولار الجمركي تدريجياً وتحت جنح الظلام من الـ 60 ألفاً الى سعر صيرفة، تحت حجة تأمين موارد جديدة للخزينة العامة لتغطية تمويل الإنفاق العام لا سيما الزيادة الأخيرة على الرواتب والتقديمات للقطاع العام، الأمر الذي بدأ ينعكس بشكل سلبي على الأسواق، فيما يمكن تأمينها من مصادر أخرى من مزاريب الهدر والفساد التي يستحوذ عليها المحظيون وأصحاب النفوذ في الدولة، ومن هذه الموارد المطار والمرفأ اللذين يؤمنان «دولار فريش» ومن الأملاك البحرية والنهرية ومكافحة التهريب والتهرّب الضريبي وتعزيز الجباية…
وأشار وزير الأشغال العامة والنقل في حكومة تصريف الأعمال علي حمية، في بيان، الى ان «ايرادات وزارة الاشغال العامة والنقل وصلت حالياً الى ما يفوق 350 مليون دولار لصالح الخزينة العامة، مع المفارقة بأن موازنتها السنوية هي 200 مليار ليرة لبنانية في حين أن الإنفاق يصل إلى 270 مليون دولار». وأوضح حمية، أنه «من أجل ذلك طالبنا عرض الأمر على مجلس الوزراء لتأمين اعتماد الحد الأدنى».
وقبل أن يدخل قرار رفع الدولار الجمركي حيّز التنفيذ استفاق اللبنانيون على كارثة أسعار مرتفعة بعدما كوت جيوبهم، إذ عمد تجار المواد الغذائية على كافة أنواعها واللحوم والدواجن الى رفع الأسعار بنسب 5 و10 و15 في المئة حتى المواد والسلع التي لا تشملها التعرفة الجمركية في غياب واضح وفاضح لوزارة الاقتصاد ومديرية المستهلك في الوزارة وأجهزة الرقابة الإدارية والأجهزة الأمنية والقضائية.
الأخبار
وقائع اتصالات فرنسية مع بري والقوات تعمل لتعطيل النصاب
البخاري يؤكد: لا فيتو على أيّ مرشح
بعدَ غياب لنحو شهر، وصمت تجاه التسريبات المتناقضة حيال موقف المملكة العربية السعودية من الاستحقاق الرئاسي، وتحديداً طرح «المُساكنة» الذي تسوّق له باريس، بدأ السفير السعودي في بيروت وليد البخاري فور عودته من الرياض تحرّكاً استهلّه من دار الفتوى بلقاء مفتي الجمهورية عبد اللطيف دريان، ثم رئيس مجلس النواب نبيه بري في عين التينة، واختتم الجولة الأولى من حراكه في معراب بلقاء مع رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع في حضور النائب بيار بوعاصي.
ورغمَ محاولة المعنيين إحاطة ما دار في اللقاءات بالكتمان، تقاطعت المعطيات عند وجود «تقدّم إيجابي» في الموقف السعودي الذي «لم يتبنّ دعم أيٍّ من المرشحين الرئاسيين، لكنه أيضاً لم يشهر فيتو في وجه أحد». وقالت مصادر مطلعة إن «أجواء لقاءي البخاري مع دريان وبري كانت مريحة وإيجابية، على عكس لقاء معراب الذي لم يستمر أكثر من نصف ساعة»، وقالت إن السفير السعودي «تقصّد تسريب أخبار عن أن اجتماعاته كانت مناسبة لاستعراض آخر المستجدات على الساحة اللبنانية، وخاصة الاستحقاق الرئاسي»، لإعطاء إشارة على «بدء انخراط المملكة جدياً في الملف».
التطور الوحيد البارز في حركة البخاري كان في قوله، للمرة الأولى، إنه ليس لدى السعودية فيتو على أي مرشح. وهو أبلغ من التقاهم تخوّف الرياض من إطالة أمد الفراغ الرئاسي، ودعوتها الجميع الى الإسراع في انتخاب رئيس للجمهورية، بما يسمح للبنان بمواكبة التطورات الكبيرة في المنطقة.
وفيما تنوعت المعطيات حول نتائج لقاءات البخاري، نقل زوّار عين التينة عن رئيس المجلس أن الزيارة كانت «جيدة، ولكن ليس هناك جديد نوعي».
مصادر القوات اللبنانية، من جهتها، قالت إن رئيسها جدد التزام الموقف الرافض لوصول رئيس تيار المردة سليمان فرنجية إلى رئاسة الجمهورية، وعرض لمساعي القوات مع قوى معارضة لمنع اكتمال نصاب أي جلسة لانتخاب فرنجية، حتى ولو لم يحصل توافق على اسم مرشح آخر. ولفتت المصادر، في هذا السياق، الى تباعد جدي بين القوات وبعض القوى المعارضة من جهة، وبين التيار الوطني الحر الذي لا يريد رئيساً لا يحظى بموافقة حزب الله.
وسبق جولة البخاري تداول المعنيين بأجواء الاتصالات التي تجريها فرنسا مع الأطراف اللبنانية لإطلاعهم على نتائج اتصالات المستشار الرئاسي الفرنسي باتريك دوريل مع الرياض، والتي تركّز أولاً على إسقاط أيّ تحفّظ على فرنجية نفسه، وفتح المجال أمام قوى لبنانية تتأثر بالموقف السعودي للتقدم خطوة في اتجاه التوافق مع ثنائي أمل وحزب الله على السير في التسوية المقترحة، والقائمة على فكرة انتخاب فرنجية رئيساً واختيار نواف سلام رئيساً للحكومة.
«الإيجابية الحذرة»، كما وصفتها المصادر، تأتي انطلاقاً مما كشفه من تسنّى لهم الاطلاع على تفاصيل اتصالات حصلت في الأيام الأخيرة يُمكن التوقف عندَها، منها تلقّي بري اتصالاً من دوريل، أخيراً، طالب فيه ببدء ورشة التحضير لدعوة البرلمان إلى جلسات لانتخاب رئيس. إلا أن رئيس المجلس «فضّل التريث لأنه يريد أن يسمع الجواب مباشرة من الجانب السعودي»، علماً أنه كان قد نُقل عن الفرنسيين أن «المملكة أبلغت باريس رسمياً أنها لا تمانع وصول سليمان فرنجية إلى الرئاسة، ونعمل على ترتيب لقاء بين الأخير والسفير السعودي في لبنان». إلا أن بري ظلّ مُصرّاً على أن «يتبلّغ هو شخصياً الجواب من السفير السعودي»، على أن يراقب أيضاً انعكاسات هذا الموقف لدى رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط والنواب السنّة.
ولفتت المصادر إلى أن الجانب السعودي لم يمانع في حمل الإجابة حول «عدم وجود ممانعة سعودية لإيصال فرنجية إلى من ينتظر الجواب»، لكنه «لن يدخل في نقاش هدفه إقناع أو تليين موقف أحد من المعارضين»، بل سيترك للقوى أن تقرر موقفها بعد إبلاعها أن «المملكة لا تعارض أو تمانع وصول فرنجية». وكشفت المصادر أن «القوات اللبنانية تبلغّت هذا الجو، لكنها تُصرّ على خوض معركة تطيير النصاب، بينما تعهّدت فرنسا بتولّي الاتصالات لترتيب النصاب الدستوري».
وفي السياق، يستكمل الموفد الخاص لأمير قطر الذي وصل الى لبنان قبلَ أيام لقاءاته مع القوى السياسية. وقد اجتمع بحزب الله وقائد الجيش العماد جوزف عون والمعاون السياسي لرئيس مجلس النواب النائب علي حسن خليل، وقد يلتقي جنبلاط. وفيما نقلت مصادر سياسية «استياء لدى القطريين من عدم إشراك الفرنسيين والسعوديين لهم في كل التفاصيل الخاصة بالملف اللبناني»، لفتت إلى أن «الموفد القطري لم يطرح أي مبادرة جديدة، بل تحدث في العموميات مستطلعاً آراء من اجتمع بهم، ومحاذراً حتى الآن عرض أي فكرة مستقلة عن موقف الرياض».
الأمم المتحدة: برامج الدعم للبنانيين أكبر من تلك المخصصة للنازحين
المنسق المقيم للأمم المتحدة عمران ريزا: حصول اللاجئين على دولارات إشاعة… وبرامج الدعم للبنانيين أكبر
تحوّل النزوح السوري في لبنان عنواناً رئيسياً لتغذية نيران العصبية الطائفية والمناطقية والوطنية «المفصّلة» على هوى القوى السياسيّة اللبنانية. وكغيره من الملفّات أو العناوين الخلافية، مثل سلاح المقاومة والنظام السياسي والانهيار الاقتصادي والفساد، لا تجد الأزمات اللبنانية طريقها إلى الحلّ، بل إلى مزيد من الاستثمار السياسي وربما الأمني، ومحاولات إدارة الأزمات المزمنة، بدل معالجتها.
لبنان ليس وحيداً طبعاً بين الدول التي بات واقع اللجوء/ النزوح، عاملاً رئيساً في دينامية العمل السياسي داخلها، كالأردن وتركيا. بينما ترتفع جدران العزل حول أميركا بعيداً خلف المحيط الأطلسي، تتخبّط أوروبا بين متطلبات أسواق العمل وأزمات الخصوبة والإنجاب، وبين نزعات اليمين المتنامية على أوهام الخوف من اللاجئين ورهاب التغيير الديموغرافي.
إلّا أن الواقع اللبناني، وحرفة إعادة إنتاج الأزمات بطريقة «عصرية»، تجعل من ورقة النزوح شماعة لتعليق كلّ أسباب الفشل اللبناني عليها، وتحميل المسؤولية لـ«آخر» يُستبدل في كل مرّة، بدل الاعتراف بفشل النظام الطائفي منذ 1920 والبحث عن حلول جذرية، لمشكلة جذرية.
في أي حال، فإن الفوضى المستحكمة بكل أشكال الحياة والإدارة، يومياً واستراتيجياً، لن تستثني النزوح. إلّا أن الكثير من المواقف تبنى على معلومات مغلوطة حول النزوح السوري، وعلى بورصة السياسة اليومية، التي تتراوح بين الموقف من العدوّ الإسرائيلي وبين الخلاف حول التوقيت الرسمي للدولة.
في إجابات نائب المنسقّة الخاصّة للأمم المتحدة في لبنان، المنسق المقيم ومنسق الشؤون الانسانية في بيروت، عمران ريزا، حول بعض الأسئلة المتعلّقة بالنزوح السوري، يكمن الكثير من الأجوبة العميقة. فتظهر المسؤولية الأولى والأخيرة عن العديد من التفرعات في مسألة النزوح على عاتق الحكومة اللبنانية، أو النظام اللبناني بالأحرى. إضافة إلى مستويات أخرى في الملفّ، تخضع للتسويات الإقليمية ومصالح الدول الكبرى، التي تسهم بشكل أو بآخر في إدارة الأزمة واستغلالها، كما أسهمت في صناعتها.
بالنسبة لريزا، هناك ثلاثة مستويات من القراءة التي يجب النظر إليها في ملفّ النزوح/ اللجوء. الأول، هو الانهيار الاقتصادي الذي بدأ في 2019، وتتسارع وتيرته اليوم وينعكس في ضعف الدولة وتراجع قدراتها والانقسام السياسي، الثاني هو واقع النزوح السوري من بدايته إلى اليوم، والثالث هو التأثيرات الدولية والإقليمية، حيث تنعكس تلك التطورات على الدولة اللبنانية وعلى عمل الأمم المتحدة، من دون أن يكون للطرفين تأثير كبير في مجريات الأمور.
في الشّق الأول، يسرد ريزا أن الانهيار الاقتصادي وما تبعه في أزمة كورونا ثمّ في انفجار بيروت، خلق حاجات كبيرة، وأكثر بكثير من القدرة، وخلق توقعات أكبر من الأمم المتحدة و«المجتمع الدولي»، بينما هذه الأمور من مسؤولية الدولة. «والحصول على الدعم المطلوب أو جزء كبير منه، لن يتمّ من دون إصلاحات يعرف جميع اللبنانيين أن هناك حاجة إليها، لكي تعود الأمم المتحدة إلى تنفيذ مهام التنمية، وليس المهام الإنسانية».
في الشق الثاني، حول واقع اللجوء السوري، فإن الغالبية العظمى من السوريين انتقلوا إلى لبنان بسبب الحرب التي اندلعت قبل 12 عاماً، لكن أيضاً هناك ما بين 300 إلى 500 ألف سوري يقيمون في لبنان بشكل دائم، أو يتنقلون تبعاً للنشاط الاقتصادي، ويرفدون سوق العمل اللبنانية باليد العاملة. مع مرور الوقت، تغيّرت النظرة اللبنانية عموماً إلى النازحين، من التعاطف بسبب الحرب، ثم إلى الشعور بالمنافسة. في المنطقة عموماً، حصل عدد من موجات النزوح أو اللجوء، وهناك ثقافة عامة لإغاثة المتضررين وقيم أخلاقية مشتركة تحكم الإقليم. لكن الأزمات الاقتصادية بدأت تبدّل هذه النظرة وتحرك الهواجس الديموغرافية، وكل هذا سببه غياب الاستراتيجية المشتركة بين اللبنانيين، وبين الحكومة والمنظمات المختلفة، وليس فقط مع مفوضية شؤون اللاجئين.
يمرّ ريزا على الاجتماعات التي جمعت ممثلين عن الأمم المتحدة واللجنة الوزارية المكلّفة متابعة الملفّ، كاشفاً أن الوصول إلى «ورقة النقاط التسع» خطوة مهمة. ويؤكد أن الحكومة طلبت تبادلاً للمعلومات بينها وبين المنظمات الدولية.
لماذا لم تطلب الحكومة سابقاً مثل هذا التنسيق؟ يجيب ريزا أن عملية تبادل المعلومات كانت دوماً موجودة، لكن بفاعلية أقل من المطلوب. يقول مثلاً إن ممثلي الحكومة تحدّثوا عن نازحين يذهبون إلى سوريا ثم يعودون إلى لبنان، وإذا كان يصحّ معاملتهم معاملة اللاجئ، «نحن لا نعرف من هم أصلاً أولئك الذين يذهبون ويعودون». ثم هناك مشكلة الوافدين الجدد. المهم بالنسبة لريزا، هو وضع آلية تنسيق عملية لمعالجة الملف طبقاً للواقع الجديد، والحكومة اللبنانية لديها الأنظمة والقوانين لمعالجة الخروقات. يجب أن يعرف اللبنانيون أن الأمم المتحدة لا تشترك في مؤامرة توطين النازحين في لبنان، بالنسبة لنا اللاجئون سيعودون إلى ديارهم، والسؤال ليس إن كانوا سيعودون أم لا، إنّما متى وكيف».
في المستوى الثالث، ترتبط مشكلة النزوح في لبنان بالعلاقات السياسية بين سوريا والدول الأخرى، ويشترك بالمسألة الجميع تقريباً، الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة والروس والألمان وغيرهم كثر، عدا عن الدول الإقليمية. كلهم معنيون بالأمر وهذه المشكلة الأكبر. هناك أجواء «إيجابية» بما يحكى حول التطورات السياسية في المنطقة بما قد ينعكس إيجاباً على ملفّ اللجوء، لكن هناك أسئلة حقيقية حول لماذا لا يعود السوريون طوعاً إلى سوريا؟ عندما نسأل النازحين في استطلاعات الرأي، تظهر مشكلات عدة مثل الدمار الهائل في المناطق التي ينحدرون منها وأزمات غياب الخدمات الأساسية والخوف على المستقبل اقتصادياً، لكن هناك مشكلات أيضاً أساسية متعلّقة بالأمن والخدمة العسكرية والقلق من مسألة المُلكية. هذه الأمور ليست في يد الأمم المتحدة، إنّما في يد الحلّ السياسي في سوريا، ويجب أن يحصل حوار بناء.
من المفارقات العجيبة، أن يضطّر مسؤول أممي لتوضيح مثل هذه المعطيات، في سبيل تخفيف التوتر بين اللبنانيين والسوريين. بعض اللغط الذي يعلّق عليه ريزا، بالنسبة إلى الإشاعات التي تنتشر بين اللبنانيين، حول حصول النازحين السوريين على بدلات بالدولارات الأميركية، بينما يحصل المستفيدون اللبنانيون من برامج المساعدة على الدعم بالليرة اللبنانية. يجزم بأن هذه المعلومات خاطئة مئة في المئة. إذ يؤكّد أنه منذ عام 2019، يحصل السوريون في لبنان على المساعدات بالليرة عبر برنامجين، الأول لدعم الطعام والثاني للدعم غير المخصّص للطعام. مجموع ما تحصل عليه العائلة السورية، خلال الشهرين الأخيرين مثلاً لم يتجاوز ما قيمته 8 ملايين ليرة لبنانية، أي حوالي 80 دولاراً في الشهر لعائلة مكوّنة من خمسة أفراد، علماً بأن النازحين يحتاجون إلى دعم غير مخصص للطعام أكبر من اللبنانيين كون السوري لا يقيم في منزله. بينما يحصل اللبنانيون من برنامجين مختلفين أيضاً، على مبالغ تصل إلى أقل من 200 دولار شهرياً، بمجموع 45 دولاراً للمساعدة غير المخصصة للغذاء، و25 دولاراً عن كل فرد في العائلة للدعم الغذائي في العائلات التي يصل عدد أفرادها إلى ستة. أما حول التعليم والتربية، وبالرغم من كل الاتهامات حول محاولة دمج الطلاب، لا يذكر اللبنانيون أن المشاريع التي يتمّ دعم المدارس عبرها، يستفيد منها اللبنانيون وغير اللبنانيين، لا سيمّا دعم الوقود والطاقة الشمسية وغيرها من المساعدات.
ما لم يقله ريزا، هو ما يقوم به مصرف لبنان بموافقة وعلم الحكومة والقوى السياسية، عبر الاستفادة من الأموال المخصصة للنازحين السوريين، إذ يحتفظ المصرف المركزي بالدولارات المدفوعة ويتم تسديد مخصصات النازحين بالليرة، ما يعني أن هذه الأموال تسهم في تمويل فاتورة الاستيراد وفي تمويل الرواتب للدولة اللبنانية، كما أسهمت المليارات المدفوعة في لبنان منذ 2011 في رفد الخزينة بالعملة الصعبة وتعويض تراجع حجم الودائع الأجنبية والمداخيل الذي تراجع في السنوات العشر الأخيرة.
رغم كل ذلك، يعترف ريزا أن لبنان، الذي يتحمّل وجود ما يقارب ثلث عدد السكّان من النازحين، «يعامل النازحين بطريقة أفضل من بعض الدول المنضوية في اتفاقية اللاجئين ويراعي القوانين الدولية».
الاحصاء مسؤولية الحكومة اللبنانية
تبقى مسألة أعداد النازحين، من أكثر النقاط الشائكة في الملفّ، وهو بالمناسبة ليس استثناءً في بلد الإحصاءات الممنوعة كرمى لعيون التحاصص الطائفي وسياسة طمر الرأس في الرمال. إذ إن الحكومة اللبنانية أوقفت تسجيل النازحين منذ عام 2015. والأرقام المتداولة اليوم تتراوح بين مليون ونصف مليون نازح وبين مليونين، من دون أن تقوم أي جهة رسمية بحسم التباين. هذا الأمر، بحسب ريزا، «لا يمكن حسمه إلّا بالتنسيق بين الحكومة والمنظمات الدولية، وبتطبيق القوانين بطريقة أخلاقية، وهذه أيضاً من مسؤولية الحكومة اللبنانية».
اللواء
رسالة القيادة السعودية للبنانيين: انتخاب الرئيس أولوية لاستعادة مؤسسات الدولة
بكركي لالتقاط المؤشرات الإيجابية.. وتعليق العمل بقانون التمديد للبلديات
استأثرت حركة السفير السعودي في لبنان وليد بخاري، فور عودته الى بيروت باهتمام دبلوماسي ونيابي وسياسي، لجهة ما يحمله من قيادة المملكة العربية السعودية، لجهة احتضان لبنان، ومساعدته قدر الإمكان على إنهاء واحدة من اخطر ازماته، والمقصود بذلك الشغور الرئاسي، من زاوية حرص المملكة على لبنان ومؤسساته وعلى العيش المشترك الاسلامي – المسيحي، على حد ما كشف السفير بخاري بعد لقاء مفتي الجمهورية الشيخ عبد اللطيف دريان.
وشملت لقاءات السفير السعودي في اليوم الاول لعودته، اضافة الى المفتي دريان الرئيس نبيه بري.
ثم زار معراب، حيث التقى رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع، في الاطار عينه.
والمهم ما اعلنه بخاري من عين التينة: لا نرتضي الفراغ الرئاسي المستمر الذي يهدّد استقرار الشعب اللبناني ووحدته.
وفي اطار التحركات التقى بري موفد رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط النائب وائل ابو فاعور.
ونقل عن رئيس المجلس امام وفد نادي النجمة الرياضي: نحن بأمسّ الحاجة ان نتصرف في ادائنا وسلوكنا كفريق وطني واحد من اجل انجاز استحقاقاتنا الوطنية، بذلك فقط ننقذ لبنان ونحميه ونحصنه من المخاطر الوجودية. وبالوحدة لا قوة تستطيع النيل من لبنان، اما في الانقسام والشرذمة نشرع الابواب «على مخاطر شتى».
وقالت مصادر سياسية مطلعة لـ«اللواء» إلى أن الحركة السياسية التي سجلت مؤخرا تعطي الانطباع أن الملف الرئاسي دخل مرحلة جديدة من التشاور المحلي تمهيدا للأنتقال إلى مرحلة متقدمة فيه، ملاحظة أن هذا التحرك لا يعني أن تطورا ما قد يحصل.
واشارت الى أن الحركة الداخلية تتفاعل بموازة جولة للسفير السعودي تؤكد أهمية المساعي الداخلية مشيرة الى ان المهم هو النتائج والنية لإنهاء الشغور الرئاسي قريبا.
وتساءلت مصادر سياسية عن المنحى الذي يسلكه مسار الانتخابات الرئاسية بعد الحراك الديبلوماسي المتواصل الذي شمل اربع دول معنية بالوضع اللبناني، وازمة إنهاء الفراغ الرئاسي، بدأها وزير الخارجية الايراني عبد اللهيان بزيارة لبنان، في حين تولت سفيرة الولايات المتحدة الأميركية شاي في جولة شملت عددمن المسؤولين والسياسيين شرح موقف بلادها، وكانت قد سبقتها سفيرة فرنسا في لبنان بذات المهمة، بينما تولى سفير المملكة العربية السعودية، حث القوى السياسية اللبنانية، للاسراع بانتخاب رئيس للجمهورية، من دون الادلاء باي مواقف لوسائل الاعلام بعد هذه الزيارات تؤشر الى تبدل ما في مواقف بلاده من ملف الانتخابات الرئاسية في لبنان.
واشارت المصادر نقلا عن بعض الذين التقاهم السفير بخاري، بانه لم يحمل جديدا بمواقف وتوجهات المملكة من الملف الرئاسي، كما اوحى البعض، وإنما على عكس ذلك، اعاد تأكيد موقف بلاده، بأن الاستحقاق الرئاسي شأن سيادي داخلي لبناني، والمملكة لاتدخل فيه، وعلى اللبنانيين ان يختاروا بأنفسهم من يمثلهم في رئاسة الجمهورية، والمملكة تتعاطي مع الرئيس المنتخب، ايا يكن استنادا إلى نهجه وسياساته وتصرفاته داخلياوخارجيا، والتي تحفظ مصلحة اللبنانيين، وتحافظ على علاقاته مع اشقائه العرب، وليس إلى شخصه.
وقالت المصادر أن السفير كرر المواصفات التي تراها المملكة بالرئيس المقبل، وتجنب الدخول في التسميات، لا من قريب أو بعيد.
ولاحظت المصادر تقاطعا ما بالموقف السعودي، مع الموقف الذي صدر عن الخارجية الاميركية مؤخرا بخصوص انتخابات رئاسة الجمهورية، وبجانب ما، مع ما اعلنه وزير الخارجية الايراني امام وسائل الإعلام على الاقل، بأن بلاده لاتتدخل بموضوع الانتخابات الرئاسية في لبنان.
واعتبرت المصادر ان اعادة تظهير الموقف الاميركي على النحو الذي اعلن من الخارجية الاميركية، والذي تعزز بزيارات السفيرة الاميركية للمسؤولين السياسيين، وبعدها بلقائها صحافيين بمناسبة يوم حرية الصحافة، يؤشر الى استبعاد خيار فرنسا بتسويق رئيس تيار المردة سليمان فرنجية للرئاسة، واعادة طرح خيار الاسم البديل، الذي يجمع كل الاطراف السياسيين اومعظمهم عليه، لافته الى ان حراك النائب غسان سكاف ينطلق من هذه الوقائع، لجمع المعارضة على تسمية مرشح رئاسي بديل للنائب ميشال معوض ليكون المرشح الذي يحظى بتأييد الآخرين.
وأفادت المصادر أن الرئيس برّي أبلغ السفيرة الأميركية خلال زيارتها عين التينة أنه سيدعو إلى جلسة لانتخاب رئيس قريباً.
تحرك بخاري
ويأتي تحرك بخاري بعد حراك السفيرة الاميركية دوروثي شيا الايام الماضية، وتسريب معلومات عن عن تبدُّل في مقاربة واشنطن للاستحقاق الرئاسي، قد تمهد لتوافق ما على انتخاب الرئيس، وهو بدأ بجولة على القيادات والمرجعيات لمناقشة الاستحقاق الرئاسي حصراً، داعياً اياها الى ضرورة الإسراع بانتخاب رئيس للجمهورية. وستستمر جولة البخاري لتشمل كل المرجعيات السياسية لايجاد آلية توافقية تؤدي لانتخاب رئيس للجمهورية.
فقد باشر سفير خادم الحرمين الشريفين نشاطه بعد عودته الى بيروت،بزيارة المفتي دريان، ووفق تغريدة للسفير بخاري، كان «اللقاء مناسبة استعرضا خلالها آخر المستجدات على الساحة اللبنانية، خاصة الاستحقاق الرئاسي وأهمية إنجازه بالإضافة إلى عدد من القضايا ذات الإهتمام المشترك».
وبحسب دار الفتوى، قدم بخاري للمفتي التهاني بعيد الفطر السعيد، وشدد على «التواصل الدائم مع دار الفتوى المرجعية الدينية والوطنية الضامنة لوحدة لبنان وشعبه، وأكد حرص المملكة على لبنان ومؤسساته وعلى العيش المشترك الإسلامي المسيحي، آملاً أن يشهد لبنان استقراراً ومستقبلاً واعداً».
وأكد مفتي الجمهورية أن «دور المملكة العربية السعودية في لبنان أساسي كما هو في المنطقة العربية والدولية، ورأى ان انتخاب رئيس للجمهورية واستقرار لبنان وازدهاره وإنمائه هي مسؤولية تقع على عاتق اللبنانيين بداية، ومن ثم على الأشقاء العرب والدول الصديقة الذين يدعمون ويقدمون المساعدة، عندما تكون الإرادة اللبنانية صادقة وجادة في الوصول الى حلول لمصلحة الوطن والمواطن».
ثم زار السفير بخاري الرئيس برّي. وناقش معه المستجدات على الساحة اللبنانية، واستحقاق انتخاب رئيس الجمهورية. وقال بخاري بعد اللقاء: لا نرتضي الفراغ الرئاسي المُستمر الذي يُهدِّد استقرار الشعب اللبناني ووحدته.
أضاف بخاري: الموقف السعودي يُشدِّد على ضرورة الإسراع بانتخاب رئيس للجمهورية اللبنانية قادر على تحقيق ما يتطلّع إليه الشعب اللبناني الشقيق.
وقالت مصادر عين التينة لـ «اللواء»: ان تصريح السفير بخاري يعكس جو الحديث، كما ان صورة بري مع بخاري (وهما يمشيان مبتسمين) تعكس الجو المريح والايجابي الذي ساد اللقاء، حيث كان توافق على ضرورة استعجال انتخاب رئيس للجمهورية.
وعصرا، التقى بخاري جعجع في المقر العام للحزب في معراب، في حضور عضو تكتل «الجمهورية القوية» النائب بيار بو عاصي .وتردد ان جعجع اكد رفضه ترشيح سليمان فرنجية للرئاسة، فيما لم يطرح بخاري اي اسماء لكنه ركز على المواصفات والاسراع في انتخاب الرئيس.
وحسب معلومات المكتب الاعلامي لجعجع عن اللقاء: تباحث المجتمعون في التطورات السياسية في البلاد ولا سيما الاستحقاق الرئاسي ، حيث كان موقف المملكة واضحا لجهة اعتبار الانتخابات الرئاسية شأنا سيادياً لبنانياً ويعود للبنانيين مسألة تقرير من سيكون الرئيس المقبل، وتقف المملكة خلف الشعب اللبناني في خياراته.
وقال بخاري بعد اللقاء: ندعو الكتل النيابية والقوى السياسية الى تحمل مسؤوليتها التاريخية، والتّلاقي من دون ابطاء على انجاز الاستحقاق الرئاسي
وستكون للسفير السعودي لقاءات اخرى مع القيادات السياسية، تشمل رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط عند عودته من السفر، وبكركي اليوم الخميس.
جولة بو صعب
في هذه الاثناء، واصل نائب رئيس مجلس النواب الياس بوصعب جولته على القيادات السياسية. فزار امس، رئيس حزب الكتائب النائب سامي الجميل.
واوضح بو صعب بعد اللقاء: أنه علينا البدء من الأساس أيّ ما هو دور رئيس الجمهورية قبل الدخول في الأسماء، وسنستكمل النقاش وتوافقنا على الطريق التي سنسير عليها.
اضاف: لا اريد الدخول بالاسماء لانني لا ابني زيارتي على هذا الاساس وعامل الوقت مهم وغير صحيح انه يمكننا الانتظار الى ما لا نهاية لايجاد حل ومن هذا المنطلق يأتي تحركنا.
وتابع: اتفقنا على الاستمرار في النقاش وتوافقنا على الطريق التي نريد السير بها لأن بدون اي جهد سنبقى مكاننا، نحن لا ننتظر اي حلّ من الخارج وهذه المبادرة التي بدأتُ بها هدفها مدّ جسور للتحاور وليس لاقتراح رئيس معيّن، وأحد لم يطلب مني القيام بها.
وقال بو صعب: لبنان غائب عن المجتمع الدولي كما كان غائباً عن الاجتماع في عمان الذي ناقش ملف النزوح السوري. وهنا نعرف أهميّة مدّ جسور الحوار في الداخل. علينا ألّا نتكّل على الخارج بل على أنفسنا وعامل الوقت مهم جدّاً ولا يمكن الانتظار إلى ما لا نهاية لإيجاد حلّ ومن هذا المنطلق أتحرّك.
وقال: إن خيار انتخاب رئيس تيار المردة سليمان فرنجيّة هو تمديد للسنوات الست الماضية بسبب تموضعه السياسي وهو خيار موت للبنان ومشروع تهجير لشبابه وسنُواجهه بمختلف الوسائل المتاحة. المشكلة هي مع خط فرنجية السياسي ونحن نكنّ له كل الإحترام لكننا نختلف معه بالسياسة. والإنتخابات الرئاسية مسألة سياسية وليست شخصية.
المطارنة الموارنة
في ابرز المواقف السياسية، دعا المطارنة الموارنة بعد إجتماعهم الشهري في بكركي برئاسة البطريرك الكاردينال بشارة بطرس الراعي، «النواب إلى الإفادة من المؤشرات الإيجابية الإقليمية والدولية في ما يتعلّق بالفسحة المتوافرة لانتخابِ رئيسٍ جديد للدولة. كما يدعونهم إلى تحاشي كلّ ما من شأنه تقويض آمال اللبنانيين بالخروج من سلسلة الأزمات المُدمِّرة التي تصيب حياتهم في الصميم، وحلقتها الأساسية تعذُّر إنجاز الإستحقاق الرئاسي».
تعليق التمديد للبلديات
وفي تطور آخر، اكدت مصادر المجلس الدستوري لـ «اللواء» ان المجلس قرر امس تعليق العمل بقانون التمديد للمجلس البلدية والاختيارية، لحين البت بالطعون المقدمة اليه من نواب المعارضة. وقالت: لقد تم قبول الطعن بالشكل، ولكن في الاساس يجب درس الطعون بدقة بسبب كثرة الاسباب حول تقديمها، ولذلك تم تعيين مقرر «آدمي وفهمان» لدرس الطعون خلال عشرة ايام وتقديم تقريره الى المجلس خلال خمسة ايام، ومن ثم يستغرق اعضاء المجلس 15 يوماً على الاكثر لإصدار القرار النهائي.
اضافت المصادر: ستحصل مناقشات طويلة لتقرير المقرر وحيثيات الطعون، نظراً لتشعب اسباب صدور قانون التمديد وتقديم الطعون النيابية به، ووجود وجهات نظرمختلفة ومتعددة حول الموضوع. وقد باشرنا العمل حتى يصدر القرار قبل نهاية ولاية المجلس البلدية والاختيارية في نهاية ايار الحالي.
كورونا: 64 اصابة
صحياً، سجلت وزارة الصحة العامة في تقرير نشرته مساء امس 64 اصابة جديدة بفايروس كورونا، مما رفع العدد التراكمي الى 1236971 اصابة، مع تسجيل حالتي وفاة.
COMMENTS