ظلت “إسرائيل” تحت وطأة المصالحة السورية ـ السعودية، وتكشف صحافتها عن مخاوف “زعماء” النظام الصهيوني في فلسطين المحتلة من التقارب العربي ـ العربي. وقال تسفي بارئيل، الباحث “الإسرائيلي” في الشؤون العربيّة أنّ “استئناف العلاقات مع إيران وعودة سوريا إلى الحضن العربيّ إنجاز إيراني مهم يمنح طهران ودمشق شرعية عربية، ويمكن أنْ تتحول مع الوقت إلى شرعية دولية. وفي الوقت عينه، فإنّ هذا يمنح السعودية مكانة وقوة تأثير في إنهاء الأزمة السياسية والاقتصادية في لبنان، وإنهاء الحرب المستمرة في اليمن منذ 8 أعوام، ويبدو أنّ المرحلة المقبلة هي مرحلة استئناف العلاقات بين مصر وإيران”.
وكتب بارئيل في مقال تحليلي نشرته صحيفة “هآرتس” الصهيونية، إن “التطبيع مع سوريا اعتُبر مقابلاً سعودياً لاستئناف العلاقات مع إيران، لكنه أيضًا مرحلة أُخرى في الإستراتيجية عينها التي جعلت السعودية هدفًا لها إنهاء النزاعات والحروب في الشرق الأوسط. وبدلاً من الائتلاف المعادي لإيران الذي قاده بن سلمان قبل تعيينه وليًا للعهد، يبدو أنّه قرر بناء ميزان ردع سياسي، سيطلب فيه من إيران تنسيق سياستها مع الدول العربية، وخصوصًا السعودية، لقاء أرباح سياسية تستطيع السعودية منحها لها”.
واشتكى بارئيل، وهو من المستشرقين الصهاينة المعروفين، بأنّ “هذه ليست أخبارًا رائعةً بالنسبة إلى إسرائيل. ليس لأن الائتلاف العربي المعادي لإيران ينهار أمام عينيها وحسب، وإنما لأن المفهوم التقليدي الثنائي عدم قدرة دولة موالية لأمريكا على أنْ تكون حليفة لإيران قد نحي جانباً أيضاً. فمعادلة “معنا أو ضدنا” تمرّ بإعادة تعريف، ليس بمبادرة من إسرائيل، بل على يد السعودية، التي كانت تتطلع إسرائيل إلى انضمامها إلى اتفاقات أبراهام”.
واستنتج بارئيل بأن “العملية الدبلوماسية السعودية يمكن في الوقت عينه، أنْ تقيّد حرية نشاط إسرائيل في سوريا، لأنّ سوريا ذات السيادة والعضو من جديد في الجامعة العربية، والتي توشك على استئناف علاقاتها مع تركيا، وتحظى بدعم روسي كبير، تقدر على أنْ تجنّد منظومة علاقاتها الجديدة لكبح الهجمات الإسرائيلية في أراضيها. ومثل هذا الطلب السوريّ يمكن أنْ يحظى بتأييد كبير إذا نضجت محادثات التطبيع بينها وبين تركيا، والتي في إطارها، ستوافق تركيا على إخراج قواتها من الأراضي السورية”.
ونبه كاتب المقال من أنّ “تركيا ليست بحاجة إلى تشجيع سعودي من أجل استئناف علاقاتها مع نظام الأسد. فأردوغان، أو خصمه اللذان يتنافسان على الرئاسة في 28 من الشهر الحالي في دورة ثانية للانتخابات الرئاسية، يدعمان سياسة إعادة اللاجئين السوريين إلى وطنهم”. كما أنّ “تركيا مضطرة إلى استئناف علاقاتها مع الأسد الذي يطالب في المقابل بخروج القوات التركية من سوريا ومساعدة مالية سخية لاستيعاب اللاجئين”. وبشأن تمويل نفقات هذا الملف الإنساني الشائك، قال “تبقى دول الخليج، وعلى رأسها السعودية والإمارات، القادرتان على دفع الأموال واستكمال عملية التطبيع بين تركيا وسوريا، والتوصل إلى حلٍّ سياسيٍّ لإنهاء هذه الحرب الطويلة”.
ويحذر بارئيل “زعماء” الكيان الصهيوني من أنه “ليس هناك حاجة إلى قاموس جديد لندرك أنّ السعودية قررت إدارة استراتيجيا جديدة في الشرق الأوسط لا تكون فيها شريكة في ائتلاف بناه آخرون، بل هي المبادِرة والمخطِّطة والمنفِّذة لخطوات سياسية يمكنها تغيير وجه المنطقة”. وذكَّر بأن السعودية “قبل استئناف علاقاتها مع إيران، قامت بانعطافة مذهلة في علاقاتها مع تركيا، عندما استأنفت علاقاتها مع الرئيس التركيّ الذي خاض معركة دبلوماسية ضدها، بسبب خاشقجي، وساعدته بمليارات الدولارات لمواجهة الأزمة الاقتصادية العميقة في بلاده”.
“هذا تطور سيء”
وفي تقرير عن تطبيع العلاقات بين سوريا والسعودية، نشرته صحيفة ““يديعوت أحرونوت” الصهيونية، ذكرت إن وزير الدفاع يوآف غالانت في حكومة العدو “أجرى مؤخرا، تقييما للوضع مع قادة الجيش حول الأمر”. وقالت إن “التقدير في إسرائيل أن هذا تطور سيئ على المدى القصير والمتوسط، لأن عودة بشار الأسد إلى العالم العربي تخرجه من عزلته، وتجعل أي هجوم إسرائيلي عليه أقل شرعية”.
وقالت : “إن عودة دمشق إلى جامعة الدول العربية قد تجعل الأمر صعبا على إسرائيل على المدى الطويل وتضر بحرية عملها (العسكري) في سوريا”. كما إن “العالم العربي بأسره إن جاز التعبير سيقف في وجه إسرائيل” إذا ما اعتدت على سوريا.
وكالات+ مركز الحقول للدراسات والنشر
الأحد 21 أيار 2023
COMMENTS