البناء
بري يتدخّل في عين الحلوة: تخلّي فتح عن الحسم العسكري وضغط حماس لتسليم المطلوبين
لودريان والبخاري يؤكدان التنسيق الفرنسي السعودي على دعم مبادرة الحوار طريقاً وحيداً
لقاء النواب السنّة ميني حوار: 22 نائباً من كل الاتجاهات السياسيّة يختبرون مناقشة الخيارات
ثبت وقف إطلاق النار في مخيم عين الحلوة مع خروق محدودة، بعدما تدخل رئيس مجلس النواب نبيه بري لمنع تفاقم الأوضاع بعد ظهور خلاف حركة فتح وحركة حماس، وتبادل الاتهامات حول تعطيل تنفيذ الاتفاقات، حيث اعتبرت حماس أن فتح تسعى للحسم العسكري ولا تريد وقف النار، بينما اعتبرت فتح أن حماس تريد وقف النار ومنع الحسم بوجه الجماعات الإسلامية التي تحمي المطلوبين في اغتيال اللواء أبو أشرف العرموشي، دون ربط ذلك بتسليم المطلوبين. وجاء تدخل بري على قاعدة مطالبة فتح التي استشعرت تفوّقها العسكري بالتخلي عن خيار الحسم العسكري، مقابل مطالبة حماس بوضع ثقلها للضغط لتسليم المطلوبين.
في الملف الرئاسيّ ظهر أن الحديث عن انتقال الملف من يد المبعوث الرئاسي الفرنسي جان ايف لودريان الى يد الموفد القطري، بدعم سعودي، مجرد شائعات لها وظيفة سياسية يرادفها الترويج لمقولة سقوط ترشيح الوزير السابق سليمان فرنجية، وفق معادلة سحب المرشحَين سليمان فرنجية وجهاد أزعور من التداول، بينما بدا في اللقاء الذي شهدته السفارة السعودية وحضره المبعوث الفرنسي بدعوة من السفير السعودي وليد البخاري وبمشاركة المفتي عبد اللطيف دريان و22 نائباً من الطائفة السنية من كل الاتجاهات السياسية، أن الموقفين الفرنسي والسعودي على توافق تام حول مبادرة رئيس مجلس النواب نبيه بري للحوار والجلسات الانتخابية، وان لا بديل عنها، وأن التشاور والحوار يجب أن يقوم لإنتاج تفاهم على اسم مرشح أو أكثر. ويؤكد مشاركون في الحوار أن اللقاء لم يشهد ذكراً لأسماء المرشحين، وأن لا صحة لما قيل عن كلام منسوب للمبعوث الفرنسي حول سقوط ترشيح فرنجية، في محاولة للإيحاء بأن كفة ترشيح قائد الجيش العماد جوزف عون يتقدّم. ورأت مصادر نيابية في لقاء السفارة خطوة مهمة لتظهير المواقف الخارجية والزخم الذي ظهر فرنسياً وسعودياً لصالح مبادرة الحوار من جهة، واختبار لخيار الحوار على مستوى نموذج مصغّر لتجمع نيابي يمثل كل الاتجاهات السياسية، رغم انتماء الحضور لطائفة واحدة، وقد شهد اللقاء نقاشاً بين المشاركين، وأظهر النقاش أن كفة الحوار ترجح وأن لا بدائل يمكن طرحها خارج هذه المبادرة.
وواصل الموفد الفرنسيّ جان إيف لودريان جولته على المسؤولين والقيادات اللبنانية، واستهلّ زياراته من بكركي، حيث التقى البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي الذي أكد لضيفه أن «انتخاب رئيس للجمهورية هو المدخل الحصريّ لانتظام عمل المؤسسات الدستورية.»
كما التقى لودريان الأمين العام لحزب الطاشناق رئيس كتلة نوّاب الأرمن النائب هاغوب بقرادونيان، حيث دار النقاش حول نتائج محادثات لودريان مع الأطراف السياسية حول انتخاب رئيس للجمهورية. وأشار بيان للطاشناق الى أن «النقاش كان مثمرًا وإيجابيًا، حيث تمّ التشديد على ضرورة استكمال الاتّصالات والمناقشات مع الأطراف اللبنانية والعمل على الابتعاد عن وضع الشروط وعن الخطابات ذات السقف العالي للوصول إلى انتخاب رئيس توافقي، كمدخل أساسيّ لبدء العمل في حلّ الأزمة الراهنة في البلاد».
وبعد اللقاء الذي جمع رئيس كتلة الوفاء للمقاومة النائب محمد رعد بقائد الجيش العماد جوزاف عون في أحد المناسبات، الأسبوع الماضي، أفيد عن لقاء عقد في بنشعي بين النائب رعد ورئيس تيار المردة الوزير السابق سليمان فرنجية، وجرى البحث بآخر المستجدات والملف الرئاسي.
ولفتت أوساط مطلعة لـ»البناء» الى أن «اللقاء جاء في إطار التنسيق بين الحزب والوزير فرنجية، وللتأكيد على تمسك حزب الله كما حركة أمل بدعم ترشيح فرنجية في ظل الحديث عن خيارات أخرى ومرشحين توافقيين كقائد الجيش لا سيما بعد لقاء الأخير مع النائب رعد، حيث جرى تحميل اللقاء أكثر مما يحتمل». وأوضحت الأوساط أن «الملف الرئاسي لا يزال يلفه الغموض بانتظار ظهور نتائج زيارة لودريان وتظهير مواقف الكتل النيابية من الحوار الذي دعا اليه الرئيس نبيه بري ولقاء التقييم بين لودريان والرئيس بري، وبالتالي ظروف انتخاب رئيس الجمهورية الداخلية والخارجية لم تنضج بعد». وشدّدت على أن «زيارة لودريان لم تحمل أي جديد سوى حشد الدعم النيابي لمبادرة الرئيس بري، كما أن لودريان لم يأتِ كممثل عن اللجنة الخماسية بل هناك آراء عدة داخل اللجنة الخماسية».
وتشير أجواء عين التينة لـ»البناء» الى أن «الرئيس بري سيقيم نتائج جولة لودريان وحصيلة الاجتماعات بين الكتل النيابية والمشاورات بين القوى السياسية ويترقب بيان اللجنة الخماسية الثلاثاء المقبل ليبني على الشيء مقتضاه»، مرجّحة أن «لا تكون دعوة بري للحوار قريبة وربما تؤجل الى الشهر المقبل».
ولفت نائب رئيس مجلس النواب الياس بو صعب، إلى أنني «لستُ مقتنعاً بأن الحوار قريب، وإذا لم ينعقد الحوار هذا الشهر، فالوضع يصبح بالطبع أصعب»، مشيراً الى أن «هناك نقاشاً جدياً بموضوع اللامركزية الإدارية المالية الموسّعة، ولا أعتقد أن هذه المسألة لا يمكن التفاهم عليها. فالجميع يريدها، وهناك قبول للتشاور بالموضوع من الثنائي الشيعي».
وفي حديث تلفزيونيّ إلى أنني «حاولت خلال جولتي على جميع الفرقاء أن أحثّ الجميع على الجلوس والتحاور لإيجاد السبيل نحو الحلّ ورسالة السفارة الفرنسية كانت مبهمة نوعاً ما، والفرنسيّ أخطأ من حيث الشكل بانتقاء عدد معين من الزملاء من دون سواهم»، وكشف أنّ «حالياً لا شيء جدياً بمسألة وصول قائد الجيش جوزاف عون إلى الرئاسة لسبب بسيط ان أي رئيس منتخب يجب ان يأخذ موافقة حزب الله وامل، وان يعطي ضمانات للحزب حول ما موقفه من سلاح حزب الله، كما بالبيان الوزاري والبند المتعلق بسلاح الحزب».
وأوضح أن «قائد الجيش قال لي أنا لست مرشحاً ولا أريد رئاسة الجمهورية، وبما أنه بات اليوم يريد ذلك فسأتعاطى معه كمرشح رئاسيّ وفي حال ترشح عون سأنتخب بورقة بيضاء لأنني أريد رئيساً لديه مواقف واضحة فهو مثلاً لم يضبط الحدود كما يجب وحصل تسييس بالملف».
بدوره، أشار عضو كتلة «اللقاء الديمقراطي» النائب وائل أبو فاعور، إلى أن «هناك محاولة جدية تجري لانتخاب رئيس»، آملاً في «أن تتوصل هذه المحاولة الى نتيجة»، مؤكداً أن «وليد جنبلاط ورئيس الحزب التقدمي الاشتراكي النائب تيمور جنبلاط لن يدخرا جهداً في المساعدة للوصول إلى نتيجة».
وأضاف: «الكرة الآن في ملعب القوى السياسية الداخلية، فعليها أن تتواضع بعض الشيء في شروطها ومطالبها للوصول إلى انتخاب رئيس، وأن تعطي هذه المحاولة الجدية كل إمكانات النجاح للوصول، كما قلت، الى انتخاب رئيس، ثم الوصول الى خطة الإنقاذ الاقتصادي والاجتماعي».
وبرزت الخلوة التي عقدت في دارة سفير المملكة العربية السعودية وليد البخاري في اليرزة وضمت مفتي الجمهورية اللبنانية الشيخ عبد اللطيف دريان والموفد الفرنسي جان ايف لودريان والسفير الفرنسي هيرفيه غارو والسفير البخاري، دامت نصف ساعة، انتقلوا بعدها الى الصالة الكبرى، حيث كان النواب السنة بانتظارهم.
وغاب عن الاجتماع النواب: ابراهيم منيمنة، اسامة سعد، جهاد الصمد، ينال الصلح، ملحم الحجيري وحليمة القعقور.
وفيما أكد السفير السعودي أن «اللقاء هو تعزيز للوحدة والتضامن بين الجميع»، شدّد المفتي دريان على أن «النواب المسلمين من أهل السنة حريصون على إنجاز الاستحقاق الرئاسي، ولم يقاطعوا أي جلسة انتخاب، ويؤكدون ويسعون إلى الإسراع في انتخاب رئيس جامع، وقال لا جمهورية بدون رئيس للجمهورية، ونحن والحاضرون متمسكون بالدستور وباتفاق الطائف وتطبيقه كاملاً، وهم من المنادين بالعيش المشترك ويصرون على مواقفهم الثابتة في تحقيق الإصلاحات، ويقدرون عمل اللجنة الخماسية ومساعيها للخروج من هذه الأزمة».
وأكد «أهمية مضامين ومرتكزات بيان الدوحة الصادر عن اللجنة الخماسية، وأن انتخاب رئيس للجمهورية ليس كل الحل، بل هو المدخل لجميع الحلول، ودار الفتوى تؤكد ما ورد من مواصفات لرئيس الجمهورية الذي يجب أن ينتخب على أساسها والواردة في بيانها الصادر منذ عام تقريباً بعد الاجتماع الذي عقد مع النواب المسلمين من اهل السنة في دار الفتوى للخروج بموقف موحد من هذا الموضوع». أضاف: «ينبغي التوافق على الحوار، ولا مانع لدينا من حوارات سريعة للتوصل الى تفاهمات».
بدوره دعا المبعوث الفرنسي إلى «أهمية إنجاز الإصلاحات لتعافي لبنان من وضعه الاقتصادي والاجتماعي والمعيشي»، ورأى أن «الشغور في مؤسسات الدولة يشلّ الدولة، وان انتخاب الرئيس لا يشكل حلا بل هو شرط أساسي للحل، وفرنسا والسعودية تعملان يداً بيد من أجل لبنان ونهوضه، والمساعي التي تقومان بها مع اللجنة الخماسية نأمل ان تثمر وتحقق النجاح».
في سياق ذلك، استقبل البخاري سفير قطر الجديد لدى لبنان الشيخ سعود بن عبد الرحمن آل ثاني. واستعرض اللقاء آخر تطوّرات الأوضاع على الساحة اللبنانية لا سيما الملف الرئاسي اللبناني وضرورة إنجازه ليعود لبنان بلداً فاعلاً في محيطه العربي والإقليمي إضافة إلى بحث عدد من القضايا ذات الاهتمام المشترك.
على صعيد موازٍ، زارت السفيرة الأميركية في لبنان دوروثي شيا بكركي واجتمعت الى البطريرك الراعي الذي يسافر الى اوستراليا. وقالت شيا على الأثر «إن استمرار الوضع على ما هو عليه سيزيد الأمور تعقيداً وخطورة».
في غضون ذلك، دخل قرار اتفاق وقف إطلاق النار الجديد في مخيم عين الحلوة، والذي تم التوصل اليه في الاجتماعين اللذين عقدهما الرئيس بري مع كل من عزام الأحمد وموسى ابو مرزوق، حيز التنفيذ عند السادسة من مساء أمس.
وكان المخيم شهد هدوءاً تاماً على كافة محاور القتال، باستثناء بعض الرشقات التي سمعت أثناء تشييع ضحايا اشتباكات أمس الأول في جبانة سيروب.
وحذرت مصادر نيابية وسياسية من تمدّد المواجهات الى خارج المخيم والى المخيمات الفلسطينية لا سيما في مخيمات الشمال.
وكان الرئيس برّي استقبل في عين التينة، عضو المكتب السياسي لحركة حماس موسى أبو مرزوق على رأس وفد قيادي من حركة حماس. وقال الأخير «موقفنا إدانة كل الاشتباكات ووقف إطلاق النار فوراً وتحريم الاقتتال الفلسطيني – الفلسطيني وأي عمل داخل الموضوع الفلسطيني يجب أن يكون بالحوار والتوافق والتفاهم». وتابع «اليوم نجمع مقاتلين من أجل أن يقتتلوا وظهورهم لفلسطين لكن وجوههم الى أين لا أدري؟ المفروض أن يتوقف هذا الأمر فوراً».
أما عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية عزام الأحمد فقال من عين التينة: «إن مخيم عين الحلوة يتعرّض لمؤامرة».
وتفقد قائد الجيش العماد جوزف عون لواء المشاة الأول حيث زار قيادة اللواء في ثكنة محمد زغيب – صيدا واجتمع بالضباط والعسكريين واستمع إلى إيجاز حول المهمات المنفذة في ظل الاشتباكات الدائرة داخل مخيم عين الحلوة. ونوّه العماد عون بـ»صمود العناصر واحترافهم وتضحياتهم في أداء الواجب، خاصة خلال الظروف الاستثنائية الحالية في قطاع مسؤولية اللواء».
على صعيد أمني آخر، أعلنت قيادة الجيش أنه «وفي إطار مكافحة الهجرة غير الشرعية عبر البحر، وبعد توافر معلومات لدى مديرية المخابرات عن قيام المواطنَين (ع.ع.) و(ق.ع.) بالتحضير لعملية تهريب أشخاص عبر البحر بواسطة مركب في مرفأ العبدة – طرابلس، دهمت دورية من المديرية منزل الأخير حيث أوقفت 48 سوريًّا كانوا يتحضرون للهجرة بطريقة غير شرعية عبر البحر. كما تمّ ضبط المركب المذكور».
الأخبار
لودريان: عدنا إلى النقطة الصفر
انتهت، أمس، زيارة الموفد الفرنسي الى لبنان جان إيف لودريان بإعادة تثبيت الوقائع السياسية الخاصة بالملف الرئاسي على ما كانت عليه منذ أشهر. إذ لا خرق حصل على أيٍّ من الجبهات. وبدا مرة جديدة أن لا تبديل في الموقف السعودي، وأن توافقه مع الجانب الفرنسي لم يتجاوز حد اعتبار أن الأزمة الرئاسية تحتاج الى مناخات مختلفة لبنانياً وإقليمياً ودولياً، وهو ما جعل الجميع على اقتناع بأن الحوار الذي دعا إليه رئيس مجلس النواب نبيه بري مرهون بالاجتماع المقبل لممثلي اللجنة الخماسية الخاصة بلبنان، على هامش أعمال الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك قبل نهاية هذا الشهر.
وكانت خلاصة زيارة الموفد الفرنسي، كما المداولات التي يجريها السفيران السعودي والقطري في لبنان، قد انتهت الى تثبيت مواقف الجميع. فلا أنصار السعودية وجدوا ما يدعوهم الى تغيير تحركاتهم، ولا حلفاء المرشح سليمان فرنجية يجدون أيّ سبب لتغييرات جوهرية في الموقف أو حتى في التكتيك، مع العلم أن هناك من يراهن بقوة على نتائج الحوار المستمر بين حزب الله والتيار الوطني الحر، والذي يتعلق بشكل أساسي بالملف الرئاسي.
لودريان اختتم جولته الثالثة بزيارة منزل السفير السعودي وليد البخاري في اليرزة، على هامش لقاء تكريمي لمفتي الجمهورية عبد اللطيف دريان، دعي إليه النواب السنّة.
وبدا لقاء اليرزة مع «الشرعيتين الدينية والتمثيلية» للسنّة في لبنان خطوة مقصودة للإشارة إلى تفعيل حضور المملكة العربية السعودية في الملف اللبناني. وبعد خلوة لنصف ساعة، ضمّت البخاري ودريان ولودريان والسفير الفرنسي هيرفيه غارو، انتقل الجميع الى قاعة كبيرة حيث كانَ في انتظارهم النواب السنّة (باستثناء: إبراهيم منيمنة، أسامة سعد، جهاد الصمد، ينال الصلح، ملحم الحجيري وحليمة القعقور). وقالت مصادر نيابية إن لودريان والبخاري أوحيا بأن «انتخاب رئيس للجمهورية ليس قريباً»، كما حاول لودريان إفهام النواب بأن «الأمور عادت إلى النقطة الصفر»، لافتاً إلى «ضرورة البحث عن مرشحين توافقيين، حيث لا إمكانية لوصول أيٍّ من الأسماء المطروحة». ودعا النواب للذهاب الى الحوار قائلاً: إذا «كانت كلمة حوار مستفزة للبعض، فاعتبروه لقاء تشاورياً». أما السفير السعودي فأشار إلى أن «وجهة النظر السعودية هي التي أثبتت واقعيتها، لأن المملكة تملك خبرة كبيرة في الملف اللبناني»، لافتاً الى «أننا منذ البداية طالبنا برئيس على مسافة واحدة من الجميع ويرضي الجميع»، مشدّداً على «تطابق وجهتَي النظر السعودية والفرنسية تحت سقف موقف الخماسية».
سأل لودريان فرنجية عن الحوار بين حزب الله والتيار الوطني الحر وعن الضمانات التي يُمكن أن يقدّمها كرئيس مقبل
وقالت مصادر نيابية، حضرت الاجتماع، إن «لودريان أكد أنه سيعود الى بيروت في جولة جديدة، وإن مهمته المقبلة في السعودية لن تشغله عن دوره في إدارة الملف اللبناني، ملمحاً الى «مبادرة جديدة».
في السياق، لفتت مصادر سياسية بارزة إلى «تناقض في المداولات التي قام بها لودريان»، كاشفة أنه «خلال لقائه برئيس تيار المردة سليمان فرنجية لم يلمّح أبداً الى انتهاء المبادرة الفرنسية، بل سأل فرنجية عن الحوار بين حزب الله والتيار الوطني الحر، وعن الضمانات التي يُمكن أن يقدّمها كرئيس مقبل»!
ميقاتي إلى أميركا
من جهة أخرى، يسعى رئيس الحكومة نجيب ميقاتي الى الحصول على مواعيد مع المسؤولين الأميركيين، وخصوصاً وزير الخارجية أنتوني بلينكن، خلال زيارته المرتقبة لنيويورك لترؤس وفد لبنان الى أعمال الجمعية العامة للأمم المتحدة. وبعدما أشيع أن ميقاتي ممنوع من دخول الولايات المتحدة، ولم يحصل على تأشيرة منذ وقت غير قصير، قالت مصادر مطلعة إنه «بحث مع وفد صندوق النقد الدولي، الذي زار بيروت قبل مدة، في توجيه دعوة إليه لعقد اجتماعات مع إدارة الصندوق في العاصمة الأميركية، وإنه يعتبر إقرار مشروع الموازنة الخاص بالعام المقبل في الموعد الدستوري إشارة إيجابية على طريقة تعامل حكومته مع طلبات الصندوق.
اللواء
إنفراجات متلازمة في الملفات الساخنة في لبنان واليمن
لقاء اليرزة يُطلق دينامية المشاركة ورعد في بنشعي.. واختبار جديد لفك الإشتباك في عين الحلوة
تضاعفت أمس الجهود «الخماسية» والداخلية والفلسطينية على جبهتين: الاولى: تتعلق بترتيبات وقف النار في مخيم عين الحلوة، والثانية تتعلق بترتيبات إنجاز الاستحقاق الرئاسي اللبناني على يد النواب اللبنانيين انفسهم.
وعلى كلا الجبهتين، ثمة تقاطع واضح: اللقاءان في عين التينة، وعلى طاولة الرئيس نبيه بري الذي لم يرَ الموفد الشخصي للرئيس ايمانويل ماكرون جان- إيف لودريان افضل منه لادارة «الحوار» المستبدل بلقاءات نيابية تحت مظلة انتخاب الرئيس في ساحة النجمة.
الواضح، من سياق المشهد الرئاسي المتغير، حسب مصادر دبلوماسية عربية، ان الوضع اللبناني دخل في لحظة الانفراجات المتلازمة في الملفات الساخنة في المنطقة ، وعدم تحويلها الى ملفات مستعصية على المعالجة، بمساعٍ عربية واقليمية ودولية.
واستناداً الى هذه المصادر، تقدم الملف الرئاسي في بيروت، نحو رئيس تسووي، ليس طرفاً في اي محور، ومقبول من العدد الاكبر من النواب الذين يشكلون المجلس النيابي، مع استبعاد فكرة النصف زائد واحداً، اي نصف المكونات+ نائب، الامر الذي لا يجعل من مهمة الرئيس العتيد سهلة، وقادرة على ان يكون انتخاب بداية حل، يحتاج لجهود كبيرة من الحكومة الى الوزراء، والاصلاحات والقوانين المطلوبة، ووضع حد للفساد والعبث بقدرات البلاد.
وبات بحكم المؤكد ان الاطراف: الفرنسي، السعودي والقطري يعملون ضمن مسار منسّق لإنهاء الشغور الرئاسي، انطلاقا من التفاهمات التي تم التوصل اليها في اجتماعات باريس بين لودريان وباتريك دوريل من الجانب الفرنسي والمستشار في الديوان الملكي السعودي برتبة وزير نزار العلولا والسفير بخاري، الذي بدأ الترتيبات للقاء الذي عُقد في منزله فور عودته الى بيروت.
وقبل الاجتماع، الذي عقد امس في دارته، استقبل السفير بخاري سفير قطر في لبنان سعود بن عبد الرحمن آل ثاني، من باب التنسيق بين البلدين العضوين في اللجنة الخماسية.
وفي المعلومات ان البحث تطرق الى ضرورة انجاز الملف الرئاسي ليعود لبنان الى دوره الطبيعي في محيطه العربي.
وعلى خط اتصالات حزب الله، زار رئيس كتلة الوفاء للمقاومة النائب محمد رعد بنشعي، والتقى النائب السابق سليمان فرنجية، والذي يدعم ترشيحه للرئاسة الاولى «الثنائي الشيعي».
وفي السياق، وبموازاة الحوار الدائر بين حزب والله والتيار الوطني، تستمر اللقاءات مع تيار المردة، ورئيسه لمواكبة ما يجري على اكثر من جهة تتعلق بالملف الرئاسي، ومنها لقاء مع الامين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله، مشيرة الى ان زيارة رعد الى بنشعي مبرمجة، بعد لقاء العماد عون.
اذاً، انهى لودريان لقاءاته مع الكتل النيابية والنواب المستقلين، وقالت مصادر نيابية التقته لـ «اللواء»: ان الجديد الذي طرحه مفاده: انه بعد لقاءاته الداخلية والخارجية لا امكانية للسير بالطروحات السابقة ولا بد من طرح جديد وهذا الامر يحتاج الى حوارات بين كل الطراف.
واوضح لودريان حسب المصادر النيابية، انه يجمع الافكار والمقترحات النيابية لنلقها الى اللجنة الخماسية العربية الدولية، وهو ابلغ النواب انه يضع «الخماسية» بكل تفاصيل ما يقوم به، وسيحصل اجتماع لوزراء خارجية الدول الخمس في نيويورك يوم الثلاثاء المقبل على هامش اجتماعات الجمعية العامة للامم المتحدة.
اضافت المصادر: ان تحرك لودريان بالتنسيق مع اللجنة الخماسية يفتح ثغرة واسعة في جدار الازمة الرئاسية.
وبعد المعلومات التي تحدثت عن توجه الرئيس بري لدعوة لحوار بمن حضر الاسبوع المقبل، اكدت مصادر نيابية مطلعة، ان لا شيء محسوماً بعد بإنتظار انتهاء لقاءات لودريان وجوجلة مواقف الكتل النيابية التي التقاها، ويضع الرئيس برّي في اجوائها اليوم، ليبني على الشيء مقتضاه. على ان تتضح كل الامور الاسبوع المقبل لا سيما حول شكل الحوار، مَن سيديره، وحول شكل وطبيعة الجلسات الانتخابية التي ستليه.
واشارت بعض المصادر النيابية الى أن الموفد الفرنسي «قد أسقط في لقاءاته خياري فرنجيه - أزعور لمصلحة ترشيح اسم ثالث لرئاسة الجمهورية»، لكن ذلك لم يتأكد من مصادر اخرى.
وفي اليوم الثالث للقاءاته، إستهل لودريان جولته على المسؤولين والقيادات اللبنانية من بكركي حيث التقى البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي، الذي اكد لضيفه «ان انتخاب رئيس للجمهورية هو المدخل الحصري لإنتظام عمل المؤسسات الدستورية».
والتقى الراعي الذي يسافر الى اوستراليا اليوم، السفيرة الاميركية في لبنان دوروثي شيا. والتي قالت على الاثر «ان استمرار الوضع على ما هو عليه سيزيد الامور تعقيدا وخطورة».
كما اجتمع مع الأمين العام لحزب الطاشناق رئيس كتلة نوّاب الأرمن النائب هاغوب بقرادونيان، حيث دار النقاش حول نتائج محادثات لودريان مع الأطراف السياسية حول انتخاب رئيس للجمهورية.
ثم التقى لودريان النائب المستقل الدكتور غسان سكاف.الذي زار مفتي الجمهورية الشيخ عبد اللطيف دريان مهنئاً، وقال سكاف لـ«اللواء»: قدمت ورقة للوزير لو دريان تتضمن رؤيتي للحوار، بحيث يتزامن لسبعة ايام تحدد بالتواريخ مع جلسات انتخاب الرئيس في دورة نيابية واحدة ومن دون إسقاط النصاب. وكان الموفد الفرنسي متجاوباً.
واستقبل ايضاً رئيس حزب الوطنيين الاحرار النائب كميل دوري شمعون في قصر الصنوبر، واكد شمعون، بحسب بيان للحزب، حرصه على «اجراء الانتخاب بأسرع وقت ممكن ضمن الاطر الدستورية، وانه بغض النظر عن الاسم، فإن ما يهمنا هو الاتيان برئيس سيادي وإصلاحي».
والتقى ايضاً النائب فيصل كرامي في قصر الصنوبر ممثلا تكتل التوافق الوطني.
لقاء النواب السنّة
وبعد الظهر، التقى لودريان في دارة السفير السعودي في اليرزة ، 21نائباً من النواب السنّة، بحضور السفير وليد البخاري ومفتي الجمهورية اللبنانية الشيخ عبد اللطيف دريان. واعتذر او تغيب عن الحضور النواب الدكتور اسامة سعد وجهاد الصمد وحليمة قعقور وابراهيم منيمنة، فيما لم تتم دعوة النائبين ينال الصلح، وملحم الحجيري من كتلة حزب الله. وسبق اللقاء خلوة بين دريان وبخاري ولودريان.
وحسب المعلومات اكد السفير السعودي أنّ مجموعة الدول الخمس لا تزال تدعم لبنان وتحث على الإسراع في عملية إنتخاب الرئيس، كما أنّ لودريان شدّد على أنّ لبنان بحاجة إلى إنتخاب رئيس لأن البلد ينهار ويجب تنفيذ الإصلاحات. لكن لم يحمل اللقاء اي مقترحات او افكارجديدة.
في بداية اللقاء رحب السفير بخاري بالموفد الفرنسي وهنأ المفتي دريان على تمديد ولايته متمنيا له «مزيدا من التوفيق والنجاح»، واكد ان «اللقاء اليوم هو تعزيز للوحدة والتضامن بين الجميع».
واكد المفتي دريان خلال اللقاء ان «النواب المسلمين من اهل السنّة حريصون على إنجاز الاستحقاق الرئاسي، ولم يقاطعوا أي جلسة انتخاب، ويؤكدون ويسعون الى الإسراع في انتخاب رئيس جامع»، وقال: «لا جمهورية بدون رئيس للجمهورية، ونحن والحاضرون متمسكون بالدستور وباتفاق الطائف وتطبيقه كاملا، وهم من المنادين بالعيش المشترك ويصرون على مواقفهم الثابتة في تحقيق الإصلاحات، ويقدرون عمل اللجنة الخماسية ومساعيها للخروج من هذه الأزمة».
وقال: نؤكد على أهمية مضامين ومرتكزات بيان الدوحة الصادر عن اللجنة الخماسية، وان انتخاب رئيس للجمهورية ليس كل الحل بل هو المدخل لجميع الحلول، ودار الفتوى تؤكد ما ورد من مواصفات لرئيس الجمهورية الذي يجب ان ينتخب على أساسها والواردة في بيانها الصادر منذ عام تقريبا، بعد الاجتماع الذي عقد مع النواب المسلمين من اهل السنة في دار الفتوى للخروج بموقف موحد من هذا الموضوع».
وختم: ينبغي التوافق على الحوار، ولا مانع لدينا من حوارات سريعة للتوصل الى تفاهمات.
ودعا الموفد الفرنسي «إلى إنجاز الإصلاحات لتعافي لبنان من وضعه الاقتصادي والاجتماعي والمعيشي، مؤكداً أن الشغور في المؤسسات الرسمية يشل الدولة».
وقال لودريان: إن انتخاب الرئيس لا يشكل حلاً بل هو شرط أساسي للحل، وفرنسا والسعودية تعملان يداً بيد من اجل لبنان ونهوضه، والمساعي التي تقومان بها مع اللجنة الخماسية نأمل في ان تثمر وتحقق النجاح.
ثم توالى على الكلام النواب الحاضرون مؤكدين «ضرورة انتخاب رئيس في القريب العاجل»، وأشادوا ب»الجهود السعودية والفرنسية وبعمل اللجنة الخماسية».
وذكرت المعلومات أن اعضاء «كتلة الاعتدال الوطني» النواب وليد البعريني وأحمد الخير وعبد العزيز الصمد وكريم غادروا الاجتماع بعد نحو ساعة ونيّف، عقب القاء كلمات بخاري ولودريان والمفتي دريان والحديث في الامور المهمة، لإرتباطهم بمواعيد مهمة، منها واجب عزاء عائلي للنائب الخير بوفاة عمه، وهو ابلغ السفير بخاري بذلك قبل اللقاء.
وسيحضر الملف الرئاسي اللبناني على جدول اعمال الرئيس ماكرون مع البابا فرنسيس، خلال اللقاء معه في مارسيليا في 22 و23 الجاري.
وليلاً، توقع نائب رئيس المجلس الياس بوصعب انه يترأس هو جلسات الحوار، باعتبار ان الرئيس بري طرفاً في الاستحقاق، وهو سينتدب النائب علي حسن خليل لتمثيل كتلة التنمية والتحرير، مستعداً ان يتم الاتفاق على اسم العماد عون للرئاسة، كاشفا انه اذا ترشح، فسيضع هو ورقة بيضاء انسجاماً مع موقف التكتل الذي ينتمي اليه.
هذا على جبهة سدّ الشغور الرئاسي، اما سد منافذ الفتنة في مخيم عين الحلوة، فشهدت محطة بارزة في عين التينة، بين الرئيس بري وكل من عزام الاحمد (فتح) وموسى ابو مرزوق (حماس)، بحثا عن غطاء سياسي يسمح بوقف النار في المخيم تمهيدا لمعالجة ميدانية لاسباب الاشتباك كاشفا منعا لتجدده (وهو تجدد فعلاً).
والابرز ميدانيا على جبهة حرب مخيم عين الحلوة المحتدمة، زيارة قائد الجيش العماد جوزاف عون الى منطقة العمليات، والاجتماع الى قيادة لواء المشاة الاول، المرابط في محيط المخيم وسط معلومات عن تعزيز الجيش نقاط تواجده في محيط المخيم، ومنطقة صيدا.
وفي الاتصالات، اعلن ابو مرزرق: ونحن واثقون بأن دولة الرئيس سوف ينجح في مسعاه ونحن تعهدنا له ان نبذل قصار جهدنا من أجل الامن والعدل وتسليم المطلوبين،وان نكون أداة خير لشعبنا وللبنان وإن شاء الله سوف ينتهي هذا الوضع كله ويعود الأمن الى لبنان كل لبنان.
اما عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية عزام الأحمد فقال بعد لقاء برّي ايضا: ان مخيم عين الحلوة يتعرض لمؤامرة.
كما زار الاحمد اللواء عباس إبراهيم. وبحث المجتمعون في الأوضاع الراهنة في مخيم عين الحلوة وضرورة التوصل إلى وقف لإطلاق النار يجنب اللاجئين الفلسطينيين أزمة جديدة قد يكون من ورائها إضاعة حق العودة.
وزار الاحمد، في اطار جولته، النائب السابق وليد جنبلاط، الذي قال عبد اللقاء:لا بد أولاً من تسليم المطلوبين بالاغتيال المسؤول الفلسطيني في المخيم، ثم علينا أن نعود إلى الحوار اللبناني الفلسطيني لاحتضان القضية الفلسطينية ولاحتواء المشاكل الفلسطينية اللبنانية والفلسطينية الداخلية، وكُنت اتصلت بالرئيس نجيب ميقاتي ولم يُجب، لذا سأقولها إلى أن يجيب، لا بد من إقالة السيد باسل الحسن من لجنة الحوار اللبناني الفلسطيني، وتثبيت شخص آخر موثوق كي نعود إلى حوار جدي تتحمل فيه كل الجهات مسؤولياتها.
وعلى الارض، استمرت المعارك امس متقطعة في مخيم عين الحلوة بين مجموعات «فتح والحركات الاسلامية»، وكانت تخف حيناً وتعنف حيناً آخر، وتم الاعلان عن وقف لإطلاق النار عصراً هو الخامس او السادس. لكن اصوات الاشتباكات ظلت تسمع بين فترة واخرى الى ان دخل قرار اتفاق وقف اطلاق النار الجديد داخل مخيم عين الحلوة – صيدا، حيِّز التنفيذ عند السادسة من مساء امس، على أن يتم إخلاء مدارس «الاونروا» من المسلحين اليوم.
ونجا نجل النائب أسامة سعد، معروف سعد من رصاص طائش أصاب منزله نتيجة إشتباكات عين الحلوة حيث إخترقت الرصاصات واجهة منزله وأصابت الجدران الداخلية.
وردّ الحسن على مطالبة جنبلاط باقالته، باعلان وقف تدخل لجنة الحوار اللبناني الفلسطيني في ملف عين الحلوة.
COMMENTS