الأخبار
تحدّيات غزّة غير تحدّيات لبنان!
السؤال الأكثر رواجاً حول احتمال حصول حرب كبرى مع العدو يرتبط بشكل بديهي بما فعله العدو في غزة. وتتقاسم السؤال أكثرية تطرحه بصيغة: هل ستشن إسرائيل حرباً على لبنان؟ وأقلية تسأل: هل سيجرّ حزب الله العدو الى حرب شاملة مع لبنان؟ لكن، في الحالتين، لا تبدو آلية القياس مستقيمة عند الذين – مع الأسف – لا يفقهون ما يجري إلا ممّا يطرح في وسائل التواصل الاجتماعي وفي بعض التصريحات الرنانة من صيّادي الأخبار الزائفة، وهم كثر، في لبنان وخارجه، كما هي حال صحيفة «تلغراف» البريطانية التي لم يسعَ أحد إلى تقصّي وضعها كشركة أولاً، وكصحيفة ثانياً، إذ إنها في طريقها الى الإفلاس، وتمتنع الحكومة البريطانية، حتى الآن، لأسباب قانونية، عن منح الموافقة على بيعها لحكومة أبو ظبي. ووضع الصحيفة مزرٍ الى درجة أن عناصر صحافية جيدة تركتها، فيما أوقفت العمل مع شبكة من المراسلين.بالعودة الى سؤال الحرب، قد يكون مفيداً التذكير بالآتي:
أولاً، إن المقاومة في لبنان هي من بدأ النار، وأعلنت بوضوح منذ اليوم الأول أنها فتحت جبهة إسناد للتخفيف عن غزة وتعقيد مهمة جيش الاحتلال فيها. ولدى المقاومة في لبنان وفلسطين عشرات الشواهد على جدوى هذا الخيار.
ثانياً، إن العدو خضع لقرار المقاومة، ولو أنه ارتكب أخطاء كثيرة بسبب حالة الضياع التي سادت مؤسساته إثر عملية 7 أكتوبر، ما دفع حكومة العدو إلى اتخاذ قرارات كثيرة لا تصبّ في خدمة برنامجها، ومنها قرار إخلاء المستوطنات في الشمال.
ثالثاً، مع تصاعد وتيرة العمليات في الجبهة اللبنانية، حاول العدو إظهار «العين الحمرا» عبر توجيه ضربات مؤلمة، لكن سرعان ما ردّت عليه المقاومة بما جعله يعود إلى «الانضباط». وليس عيباً القول إن جيش الاحتلال «منضبط الى حد كبير» في نشاطه العسكري في لبنان، وخاضع تماماً للقواعد التي رسمتها المقاومة منذ اليوم الأول.
رابعاً، صحيح أن في إسرائيل أصواتاً، داخل الجيش والمؤسسة الأمنية وبين القيادات السياسية والمستوطنين، تطالب بشن حملة عسكرية قاسية ضد حزب الله تؤدي إلى نتائج طويلة الأمد، ما يضمن عودة مستقرة لمستوطني الشمال. لكن، في المقابل، هناك أصوات وازنة في مؤسسات القرار، تحذّر من أي خطوة غير محسوبة، لأن من يريد الدخول في حرب كبيرة مع لبنان عليه الاستعداد لجبهة لا تشبه جبهة غزة أبداً.
خامساً، لم تقل المقاومة في لبنان يوماً إنها تريد حرباً واسعة، ولا تخجل من الإعلان عن ذلك، ولا تهتم لتفسيرات البعض بأن هذا موقف ينمّ عن ضعف، بل هي تقصد ما تقول. فعندما اندلعت الحرب على غزة، حصل نقاش كبير داخل قيادة المقاومة في لبنان، وعلى مستوى قيادة محور المقاومة، وخصوصاً مع حركتَي حماس والجهاد الإسلامي، واتفق الجميع على أن خيار الحرب الشاملة لن يفيد في تلك اللحظة. وهذا التقييم لا يزال سارياً. ولأن المقاومة لا تريد الحرب، فإنها تسعى بكل الوسائل لمنع حدوثها، بما في ذلك تصعيد الخطاب السياسي والتحذيرات العملانية، وتنفيذ بعض العمليات للفت انتباه العدو إلى أن الدخول في حرب كبيرة له كلفته الباهظة.
الإنذارات اليومية للمقاومة هدفها، مرة جديدة، منع العدو من الاقتراب من حافة الحرب، والسؤال الفعلي حول الحرب موجود عند الأميركيين قبل الإسرائيليين
سادساً، الولايات المتحدة التي تتحمل مسؤولية وعبء ما قامت به إسرائيل في غزة، تعرف جيداً واقع جيش الاحتلال اليوم، وموجودات مخازنه من ذخيرة وأسلحة، كما تدرك جيداً حجم الإخفاقات التي واجهها في غزة. وهي تعرف أيضاً أن المقاومة في القطاع لم تُسحق، وأن كل تصوّر لليوم التالي سيتضمن، علناً أو سراً، آلية لتفاهم ما مع المقاومة في فلسطين. لذلك، تفهم واشنطن أن كلفة أي حرب على لبنان ستكون باهظة، وأكبر بعشرات الأضعاف من كلفة الحرب على غزة. وحتى على مستوى الرأي العام العالمي، نقل ديبلوماسيون عرب عن مسؤول أميركي قوله إن قدرة اللبنانيين على خلق واقع ضاغط على إسرائيل في الغرب أقوى بكثير من قدرة الفلسطينيين، وستواجه إسرائيل حالة غضب كبيرة إذا ارتكبت جرائم جديدة في لبنان.
والى جانب كل ما سبق، فإن قواعد الحرب تختلف كثيراً بين لبنان وغزة. ما قام به العدو في القطاع، انطلق من نزعة انتقامية معطوفة على ردة فعل على عملية طوفان الأقصى، وكان العدو وكل الذين وقفوا الى جانبه يرفضون مجرد طرح السؤال عن هدف الحرب، وهو ما جعل أحمق كبنيامين نتنياهو يرفع من مستوى توقعاته وتمنياته. لكن الوضع مع لبنان مختلف جداً، إذ إن السؤال عن هدف الحرب، وعن اليوم التالي لها، يتقدم النقاش، وليست لدى العدو إجابة عن سؤال أساسي: ماذا تريد إسرائيل من الحرب على لبنان: سحق حزب الله، أم إضعافه ودفعه الى الاستسلام والقبول بخطة أمنية جديدة على طول الحدود، أم العودة إلى إقامة شريط أمني جديد داخل الأراضي اللبنانية، أو تأليب الناس على المقاومة من خلال ضرب ما تبقى من بنى تحتية للدولة اللبنانية؟
واضح من كل النقاشات التي تتسرب عن محادثات الأميركيين وبعض الغربيين مع العدو، أن لا أجوبة واضحة لدى إسرائيل. فلا هي قادرة على رفع شعار سحق حزب الله، ولا هي غافلة عن استحالة دفعه إلى الاستسلام. وكما تعرف أن كلفة المسّ بالبنى التحتية المدنية ستكون عالية جداً عليها، فإنها ليست في حالة جهوزية عسكرية واستخبارية وعملانية لشن حرب برية واسعة، وفوق ذلك، تدرك أن الدعم الذي تحتاج إليه من الآخرين يصعب توفيره. فحتى الولايات المتحدة اضطرّت إلى التصريح، على لسان العسكريين فيها، بأنها غير قادرة على توفير مظلّة حماية كاملة. وفي الوقت نفسه، يعرف العدو أن فكرة جرّ الولايات المتحدة الى الدخول مباشرة في الحرب، تحتاج الى معادلات جديدة داخل أميركا وفي العالم.
عملياً، ليس هناك ما يردع العدو من ارتكاب أخطاء تقود الى تدحرج الأمور صوب مواجهة شاملة. لكن ما شهدته الأسابيع الماضية لا يوحي بأن الأمور فالتة من عقالها الى هذا الحدّ. مع ذلك، فإن رسائل المقاومة الى العدو وحلفائه باتت أكثر من كافية لإشعاره بأن الاستعداد للحرب ليس شعاراً أو قراراً إدارياً، بل هو خطة جاهزة وقابلة للتفعيل متى تطلّب الأمر.
اللواء
قلق فاتيكاني من «خلافات الرئاسة».. وتعويل على دور محوري لبري
قصف النبطية ليلاً يدحض التطمينات الأميركية. وألمانيا وهولندا لترحيل الرعايا
على الرغم من تطمينات اميركية وغربية من ان اندلاع حرب واسعة، بدءاً من الحدود اللبنانية – الاسرائيلية تبذل جهود كبيرة لاحتوائها، او على اقل تقدير، خفض مستوى الهجمات والاستهدافات، سواء من قبل الجيش الاسرائيلي او حزب الله.
وتستند التطمينات الى ان كُلاًّ من اسرائيل وحزب الله لا يرغبان بتوسع نطاق الحرب، التي ان اندلعت فإنها ستخرج عن السيطرة لتشمل الشرق الاوسط بأكمله.
وفي السياق، عاد «البيت الابيض» وكرر في بيان وقوفه الى جانب اسرائيل وتزويدها بما يلزم «للدفاع عن نفسها» لكنه اكد اننا «لا نريد ان نرى جبهة حرب جديدة بين لبنان واسرائيل، ولا نعتقد ان ذلك يصب في مصلحة اي طرف»، كاشفاً عن جهود تبذل من اجل «تهدئة الوضع على الحدود الشمالية لاسرائيل عبر السبل الدبلوماسية».
على ان الابرز في المواقف دعوة وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف الدول القادرة على الضغط على اسرائيل المبادرة الى منعها من التصعيد.
تحريك الملف الرئاسي
رئاسياً، شهدت الساحة المحلية حراكاً فاتيكانياً وعربياً، عبر امين سر دولة الفاتيكان المونسنيور بيترو بارولين، الذي التقى الرئيسين نبيه بري ونجيب ميقاتي، والامين العام المساعد لجامعة الدول العربية حسام زكي، الذي وسَّع من دائرة تحركاته بين المقرات الرئاسية والكتل النيابية.
وفي المعلومات ان سفراء اللجنة الخماسية سيستأنفون تحركهم بعد نهاية الشهر الجاري، في محاولة لاعادة تحريك المياه الراكدة في الملف الرئاسي.
وفي عين التينة، اكد الموفد البابوي امين سر دولة الفاتيكان المونسنيور بيترو بارولين ان «الحل يبدأ من هنا» (أي من عين التينة).
وصرح المونسنيور البابوي، بعد لقاء الرئيس بري بأن «الحوار مع الرئيس بري كان جيداً، وأن هناك عقداً داخلية وخارجية تمنع انتخاب رئيس الجمهورية.
واشار بارولين ان المشكلة مسؤولية الجميع، وتقع على المسيحيين مسؤولية، لا سيما في انتخاب الرئيس، لكن بالطبع هم ليسوا وحدهم، وهناك فئات واطراف اخرى من المجتمع، كلهم يجب ان يتحملوا المسؤولية.
ومن السراي الكبير، قال المطران بارولين بعد لقاء الرئيس ميقاتي: «البابا فرنسيس قلق لجهة عدم انتخاب رئيس جديد للجمهورية حتى الآن»، كاشفاً انه «سيحمل الى البابا الدعوة لزيارة لبنان ونأمل ان يتمكن من ذلك، ويحمل المصالحة الى هذا البلد».
يشار الى ان المطران بارولين التقى فور وصوله الاحد رئيس التيار الوطني الحرب النائب جبران باسيل لمدة ساعتين، جرى خلاله البحث بالوضع المسيحي، وعوائق انتخاب رئيس جديد للجمهورية، كما التقى بارولين شخصيتين وازنتين بعيداً عن الاعلام (احداهما المرشح الرئاسي سليمان فرنجية) والثانية (شخصية قريبة من احد الاحزاب المسيحية اليمينية).
وعربياً، جولة لحسام زكي، استهلها في عين التينة حيث التقى الرئيس بري مطالباً الجميع بـ«إبداء المرونة»، موضحاً ان اللقاءات شملت التصعيد في الجنوب، وأكد وقوف الجامعة العربية مع لبنان بشكل كامل، لافتاً الى ان الوضع الداخلي في لبنان يعاني كثيراً.
والتقى زكي كُلاً من رئيس الكتائب النائب سامي الجميل والنائب باسيل.
وبعد الاجتماع مع الرئيس ميقاتي قال زكي: «سعدت باللقاء مع دولة الرئيس»، مشيراً الى ان تحديات كبيرة تواجه لبنان داعياً الى الوصول الى حلول وسط.
وأجرى الرئيس ميقاتي إتصالا بالرئيس التركي رجب طيب اردوغان حيث بحثا في الاوضاع في لبنان والمنطقة.
وقد شكر ميقاتي لأردوغان موقفه الاخير الذي اكد فيه أن تركيا تقف إلى جانب لبنان، وتدعو دول المنطقة إلى دعمه.
وقال الرئيس ميقاتي: إننا نثمن موقف الرئيس أردوغان ودعم تركيا المستمر للبنان في المجالات كافة وفي كل المحافل الدولية».
وقال الرئيس التركي رجب طيب أردوغان إن إسرائيل وضعت أعينها على لبنان واتهم بعض القوى الغربية بدعم خطط الحكومة الإسرائيلية لتوسيع الحرب.
بو حبيب ودوريل
وفي بروكسيل التقى وزير الخارجية والمغتربين عبد الله بو حبيب منسق السياسة الخارجية في الاتحاد الاوروبي جوزيب دوريل، الذي اكد الدعم الاوروبي بقوة للجيش اللبناني وقوات اليونيفل لحفظ الاستقرار عند الحدود اللبنانية واسرائيل.
وقال: «لبنان واسرائيل والمنطقة لا يمكنها تحمل حرب اخرى».
الوضع الجنوبي
والوضع عند الحدود الجنوبية – الاسرائيلية، تناوله مستشار الامن القومي الاميركي جان سوليفان مع وزير الحرب يوآف غالانت من زاوية «ضرورة تغيير الواقع الامني» عى حدود اسرائيل مع لبنان.
ومن مقر الامم المتحدة في جنيف اعلن وكيل الامين العام للامم المتحدة للشؤون الانسانية مارتن غريفيت انه «قلق بشأن امتداد الحرب الاسرائيلية من غزة الى لبنان»، معتبراً ان الوضع على الحدود بين اسرائيل ولبنان يعد «نقطة اشتعال، ومن المحتمل ان يكون كارثياً».
وذكرت هيئة البث الاسرائيلية ان التدريبات على الحدود الشمالية مع لبنان، تضمنت القتال في مناطق جبلية معقدة، واستعمال قوة نارية بمناطق مدنية.
وذكرت ان تدريبات قوات الاحتياط جرت تحت اشراف رئيس الاركان في اطار رفع الجاهزية بالمنطقة.
المانيا وهولندا تطلبان من الرعايا المغادرة
وفي موقف، قد يكون مرتبطاً بما حدث خلال زيارتها الى بيروت، صعدت وزيرة الخارجية الالمانية الموقف، وقررت في اليوم التالي لمغادرتها الطلب الى الرعايا الالمان مغادرة لبنان على الفور.
وفي السياق، حثت الخارجية الهولندية رعاياها على مغادرة لبنان ايضاً، على خلفية التصيعد عند الحدود اللبنانية – الاسرائيلية.
الوضع الميداني
ميدانياً، اصدر حزب الله مساء امس بياناً اعلن فيه استهداف مبنى يستخدمه جنود العدو الاسرائيلي في مستعمرة ايفن مناحم الاسرائيلية، رداً عى قصف القرى الجنوبية والمنازل الآمنة في عيتا الشعب.
كما استهدف عند السابعة والنصف موقع العاصي بالاسلحة الصاروخية، وبعد ربع ساعة استهدف الحزب موقع زبدين في مزارع شبعا بقذائف المدفعية.
ونفذت اسرائيل غارات على بلدات الخيام، وبليدا، ومارون الرأس، وعيتا الشعب.
كما اغار على بلدة كفركلا على دفعات، مستهدفة اضرحة الشهداء في البلدة.
وقرابة العاشرة ليلاً، استهدف الطيران الحربي الاسرائيلي حي البياض في النبطية بصاروخين من نوع ارض جو، وعلى الفور هرعت فرق الاسعاف الى المنطقة.
البناء
فرنسا وإيران نحو جولتين انتخابيتين: فوضى في باريس وطهران لترتيب الأوراق
الأسد ولافرنتييف قبل قمة أستانا لمجموعة شنغهاي: العلاقة مع تركيا على الطاولة
سوليفان وغالانت نحو فرصة شهر لتهدئة في غزة تخفّض التصعيد على جبهة لبنان
الدولتان الأكثر حضوراً بين التاريخ والجغرافيا بالنسبة للبنان، على أبواب انتخابات في مراحل حساسة، سوف تحسم نتائجها عبر جولتين بين نهاية الشهر الحالي ومنتصف الشهر المقبل، فرنسا الحاضرة بقوة في الذاكرة اللبنانية ماضياً كدولة انتداب وتأسيس للبنان الكبير، وحاضراً كصاحبة مبادرات سياسية ورئاسية تراوح مكانها وتفتقد للقوة، تذهب الى انتخابات نيابية مبكرة أرادها الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون رداً على تعاظم اليمين المتطرف، كما أظهرته انتخابات البرلمان الأوروبي، وتبدو مدخلاً نحو مرحلة من الفوضى السياسية التي يرجح فيها غياب فرص تشكيل أغلبية حاكمة، سواء لصالح حزب واحد أو تحالف أحزاب، بينما تشير استطلاعات الرأي الى تقدم اليمين نحو عتبة الـ 40% من المقاعد واليسار نحو عتبة الـ 30% مقابل مراوحة حجم حزب الرئيس ماكرون عند عتبة الـ 20%؛ أما إيران الحاضرة بقوة في الجغرافيا السياسية للمنطقة، وفي قلبها لبنان بصفتها القوة الإقليمية الأهم في دعم المقاومة من غزة الى اليمن والعراق، وخصوصاً في لبنان، فهي أيضاً تذهب الى انتخابات رئاسية مبكرة فرضها الغياب القسريّ للرئيس المنتخب السيد إبراهيم رئيسي الذي سقطت طائرته في حادث أدى إلى وفاته ومعه وزير خارجيته الدكتور حسين أمير عبد اللهيان، وتدور المنافسة بين مرشحين من التيار المحافظ يتقاسمون 75% من الأصوات، مقابل 25% للمرشح الإصلاحي المدعوم من الرئيسين السابقين الشيخ حسن روحاني والسيد محمد خاتمي، ويرجح وفقاً لاستطلاعات الرأي الذهاب الى جولة انتخابية ثانية تحمل أحد المرشحين المحافظين محمد باقر قاليباف وسعيد جليلي، في سياق مواصلة النهج الذي أرسته رئاسة الرئيس الراحل السيد إبراهيم رئيسي، لترتيب الأوراق في لحظة صعود تاريخية للدور الإيراني ومحور المقاومة في المنطقة.
في المنطقة، تتجه الأنظار نحو قمة أستانا لدول مجموعة شانغهاي التي ستعقد في الثالث والرابع من تموز المقبل، والتي سوف تشهد لقاء الرئيسين الروسي فلاديمير بوتين والتركي رجب أردوغان، وعلى جدول الأعمال العلاقة السورية التركية، حيث تبدو تركيا تحت تأثير المتغيرات التي تشهدها الحروب الدائرة جنوباً في غزة ولبنان بين قوى المقاومة وكيان الاحتلال، وشمالاً في أوكرانيا، حيث اليد العليا لحلف روسيا وإيران، وحيث تشكل العلاقة التركية السورية مفتاح التقدّم في علاقات تركيا بكل من روسيا وإيران. وفي هذا السياق جاءت زيارة المبعوث الرئاسي الروسي الكسندر لافرنتييف إلى دمشق ولقاؤه بالرئيس السوري الدكتور بشار الأسد، وما صدر في وكالة سانا الرسمية عن اللقاء من تأكيد الانفتاح على المبادرات الخاصة بترتيب العلاقات السورية التركية، إشارة الى تقدم هام في هذا الملف المطروح على الطاولة منذ سنوات.
في الموضوع الرئيس الحاكم للتطورات في المنطقة، الحرب في غزة والتهديدات بالحرب على لبنان، يبدو أن الماء الأميركي البارد على الرؤوس الإسرائيلية الحامية قد أدّى إلى التوصل لمخرج إعلامي مناسب في لقاء مستشار الأمن القومي الأميركي جاك سوليفان بوزير حرب كيان الاحتلال يوآف غالانت، محوره الإعلان عن أن شهر تموز سوف يكون فرصة لاختبار إمكانية تخفيض التصعيد على جبهة لبنان، بالتزامن مع البدء بتطبيق المرحلة الثالثة التي تتضمن انسحابات أساسية لجيش الاحتلال من غزة ووقف العمليات العسكرية الكبرى في أنحاء القطاع.
وتراجعت موجة التهديدات الإسرائيلية بشن حرب واسعة على لبنان بعد زيارة وزير الحرب في حكومة العدو يوآف غالانت الى الولايات المتحدة الأميركية والنصائح والتحذيرات التي تلقاها من كبار المسؤولين الأميركيين من مغبة توسيع العدوان على لبنان لما له من تداعيات كارثية على كيان الاحتلال والمنطقة برمتها.
وأشارت أوساط دبلوماسية لـ«البناء» الى أن «الجهود الدبلوماسية الأميركية والأوروبية نجحت الى حد ما باحتواء التصعيد ولجم اندفاعة رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو ووزير الدفاع الإسرائيلي من تنفيذ التهديدات ضد لبنان». ولفتت الأوساط الى أن الاتصالات الأميركية بالمسؤولين اللبنانيين لم تتوقف وكذلك الأمر الزيارات الدبلوماسية الأوروبية الى لبنان مستمرة وآخرها وزيرة الخارجية الألمانية التي شدّدت على ضرورة تجنّب التصعيد على الحدود والتزام كافة الأطراف مندرجات القرار 1701».
وعلمت «البناء» أن التفاوض يدور الآن حول إمكانية التهدئة النسبية للجبهة الجنوبية وتخفيف العمليات من الطرفين عندما يخفض الجيش الإسرائيلي عملياته العسكرية ويُعيد تموضع قواته في غزة والانتقال الى المرحلة الثالثة التي تحدث عنها وزير الحرب في حكومة الاحتلال الإسرائيلي أي الانتقال الى العمليات الأمنية والضربات الموضعية التي تضرب أهدافاً محددة، لكن حتى بلوغ هذه المرحلة تتكثف الجهود الدبلوماسية لتخفيض التوتر لكي لا يؤدي أي خطأ من طرف ما الى الانزلاق لحرب شاملة».
وأعلن البيت الأبيض أمس، أننا «نعمل جاهدين من أجل تهدئة الوضع على الحدود الشمالية لـ«إسرائيل» عبر السبل الدبلوماسية». كما ذكر البيت الأبيض، أن «حماية الأميركيين في لبنان هي أولوية للرئيس الأميركي جو بايدن»، مضيفاً «سنبقى على اتصال مع الأميركيين المسجلين في السفارة الأميركية في لبنان». كذلك طالب البيت الأبيض المواطنين الأميركيين بتوخي الحذر في لبنان.
كما أعلن مكتب وزير الحرب الإسرائيلي يوآف غالانت، أن «غالانت ومستشار الأمن القومي الأميركي جيك سوليفان بحثا ضرورة تغيير «الواقع الأمني على حدود إسرائيل مع لبنان والتعاون في وجه الطموحات النووية الإيرانية». ولفت المكتب، الى أن «غالانت يقول عقب اجتماعات مع مسؤولين أميركيين إنه أحرز تقدماً كبيراً في ما يخص مسألة تزويد «إسرائيل» بالذخائر».
وشدد مسؤول أميركي كبير في حديث لـ«رويترز»، على أن «مسؤولين أميركيين كباراً أبلغوا اليوم الأربعاء وزير الدفاع الإسرائيلي يوآف غالانت الذي يزور واشنطن أن الولايات المتحدة لا تزال تعلق شحنة ذخائر ثقيلة لـ«إسرائيل» لحين إتمام عملية مراجعة».
ولفت المسؤول، الذي كان يقدم إفادة صحافية عن اجتماع مستشار الأمن القومي بالبيت الأبيض جيك سوليفان مع غالانت، أن «الحكومتين ما زالتا تجريان مناقشات حول الشحنة الوحيدة من القنابل الثقيلة التي أوقفها الرئيس جو بايدن في أوائل أيار بسبب مخاوف من أن الأسلحة قد تتسبّب في مقتل عدد أكبر من الفلسطينيين في غزة». وأكد أن «لا أحد يريد حرباً بين إسرائيل وحزب الله، ونعتقد أن إيران لم تقم بعمليات لتطوير سلاح نووي، لكنها قامت بخطوات استفزازية»، مضيفاً «أميركا و«إسرائيل» تتطلعان لترتيب اجتماع حوار استراتيجي قريباً».
ويستبعد خبير عسكري لـ«البناء» لجوء حكومة العدو الى خيار الحرب الشاملة على لبنان لأسباب عدة أهمها قوة الردع التي تمثلها المقاومة وليس الفيتو الأميركي فقط، لأنه لو تيقنت واشنطن من قدرة جيش الاحتلال على تحقيق أهداف الحرب والنصر المطلق لكانت منحته الضوء الأخضر وزودته بمزيد من الأسلحة، لكن بيان البنتاغون ووزارة الخارجية الأميركية ورئيس هيئة الأركان المشتركة للقوات المسلحة الأميركية، تشارلز براون بعدم قدرة الولايات المتحدة على مساعدة «إسرائيل» في الحرب مع حزب الله كما حصل في الرد الإيراني في نيسان الماضي، دفع المسؤولين الإسرائيليين إلى إعادة حساباتهم، وانعكس ذلك بتصريحات وزير حرب العدو ورئيس مجلس الأمن القومي الإسرائيلي لجهة أولوية الحلول السياسية وما نقله موقع أكسيوس الأميركي عن نتانياهو بأنه غير مهتم بالحرب مع لبنان.
في وقت تواصل العدوان الإسرائيلي على البلدات والقرى الحدودية، التقى رئيس حكومة الاحتلال، بنيامين نتنياهو، بجنود الاحتياط في الشمال على الحدود اللبنانية، وزعم خلال لقائه الجنود، أن «كل الأهداف ستتحقق حتى النصر». ونقلت وكالة «أسوشيتد برس» تصريحات رئيس هيئة الأركان المشتركة للقوات المسلحة الأميركية، تشارلز براون، الذي اعتبر أن بلاده لن تكون قادرة على مساعدة إسرائيل في الدفاع عن أراضيها في حال اندلعت حرب واسعة النطاق مع حزب الله. وأكد براون، بحسب الوكالة، أنه في حالة نشوب صراع بين إسرائيل وحزب الله، فإن إيران ستقدم دعماً واسع النطاق لحزب الله، الأمر الذي من شأنه إثارة صراع أكبر يمكن أن يهدد القوات الأميركية في المنطقة.
وقبل منتصف ليل أمس، أغار الطيران الحربي الإسرائيلي على مبنى مؤلف من ثلاث طبقات في محيط مدينة النبطية وتحديداً في حي المشاع – سنتر دوغمان بين كفرجوز والبياض، ما أدّى الى سقوط خمسة إصابات وقف معلومات «البناء»، حيث ضرب طوق أمني حول المبنى المستهدف.
في المقابل استهدفت المقاومة مباني يستخدمها جنود العدو في مستعمرة المطلة بالأسلحة المناسبة وأصابوها إصابة مباشرة، مما أدى إلى اشتعال حرائق كبيرة فيها ووقوع من بِداخلها بين قتيلٍ وجريح، حيث امتدت النيران إلى المنازل.
وبعد 42 عامًا من المزاعم والادعاءات الإسرائيلية الرامية لتزييف حقيقة العملية البطولية التي نفذها فاتح عهد الاستشهاديّين الشهيد أحمد قصير ودمّر خلالها مقرّ الحاكم العسكري «الإسرائيلي» في منطقة صور، كشفت صحيفة «يديعوت أحرونوت» الإسرائيلية أنّ لجنة التحقيق في العملية الاستشهادية التي نفذها الشهيد قصير، ستُقرّ أنّ العملية كانت هجومًا للمقاومة، وليس «انفجارًا نتيجة تسرب غاز».
على صعيد آخر، انحسرت موجة التوتر والتصعيد بين بكركي والمجلس الإسلامي الشيعي الأعلى على خلفية تصريحات البطريرك الراعي ومقاطعة الشيخ علي الخطيب للقاء بكركي مع أمين سر الفاتيكان الذي استكمل زيارته الى لبنان بلقاء مع رئيس مجلس النواب نبيه بري في عين التينة.
وشدّد أمين سر دولة الفاتيكان بييترو بارولين من عين التينة على أن «الحلّ لأزمة الرئاسة تبدأ من هذا المقرّ فالأفرقاء المسيحيّون يتحملون المسؤوليّة طبعًا ولكنّهم ليسوا وحدهم في السلطة وعلى الآخرين تحمّل مسؤولياتهم». أضاف «توجد عِقد داخلية كثيرة تمنع انتخاب رئيس للجمهورية».
وانتقل بارولين والوفد المرافق الى السراي، حيث عقد لقاء ثنائياً مع رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي. ولفت بارولين الى أن «البابا فرنسيس قلقٌ لجهة عدم انتخاب رئيس جديد للجمهورية في لبنان حتى الآن». وتابع «رئيس الجمهورية يمثل وحدة البلاد وعلى المسؤولين السياسيين أن يقوموا بواجبهم لانتخاب رئيس جديد». وأشار الى أنّ «الشرق الأوسط يعيش فترة عصيبة والبابا الذي لديه علاقات دائمة مع الفلسطينيين والإسرائيليين يدعو لإحلال السلام ووقف الصراع وإطلاق الرهائن في غزة وإيصال المساعدات من دون عوائق إلى القطاع الفلسطيني». ورأى بارولين أنّ «كل حرب تترك العالم أسوأ مما كان عليه وهي بمثابة استسلام أمام قوى الشر». وتابع «سأحمل إلى البابا الدعوة لزيارة لبنان ونأمل أن يتمكن من ذلك ويحمل المصالحة إلى هذا البلد».
وتحدثت معلومات صحافية عن ان «الكاردينال بارولين التقى في لبنان أقلّه ٣ شخصيات سياسية وازنة بعيداً عن الكاميرات واستمرّ اللقاء بينه وبين أحد رؤساء الأحزاب ساعتين»، علمت «المركزية» ان اللقاء مع إحدى الشّخصيات الوازنة في مسار الانتخابات الرئاسيّة، في السّفارة البابوية هدف الى توجيه رسالة واضحة بضرورة تسهيل انتخاب رئيس جامع لا رئيس ينحاز إلى محور.
وأوضح نائب رئيس المجلس الإسلاميّ الشّيعيّ الأعلى العلامة الشّيخ علي الخطيب، أنه لم تكن هناك مقاطعة للموفد البابوي وأن علاقة المجلس الشيعي بالفاتيكان هي علاقة ممتازة، ويسودها الودّ والاحترام، لكن موقف البطريرك مار بشارة بطرس الراعي يوم الأحد بالنسبة للمقاومة هو الذي فرض علينا عدم المشاركة، وكنا نتمنى توضيحاً من البطريركية لهذا الموقف، وقد جاء التوضيح متأخراً من خلال المونسينيور عبده ابوكسم، الا أن هذا لا يعني مقاطعة بين المجلس الشيعي وبكركي، خاصة أننا ننسق مع البطريركية في معظم الامور التي تخدم الوطن، وقد كانت لنا زيارة مؤخراً للصرح البطريركي، وفي الخلاصة نؤكد حرصنا الدائم على العلاقة الطيبة مع الفاتيكان.
وأضاف الخطيب في تصريح آخر الى أننا «أكثر تمسكاً بالدولة، نحن نقول بأن المذاهب لا تدخل في الموضوع السياسي وأن على المذاهب والطوائف ومسؤوليها مسؤولية أن يشدّوا اللحمة الوطنية أن يُنبّهوا اللبنانيين عن مسؤولياتهم وأن لا يفرّقوا بين مسلم ومسيحي، المسلم هو أخي هو مواطني هو مسؤوليتي وعليّ الدفاع عن كرامته لأن الله أمرني بذلك».
وكتب رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي السابق وليد جنبلاط، عبر حسابه على «إكس»: «ان مبادرة الفاتيكان لا تأتي من العبث أو الفراغ بل تهدف في التأكيد على الحوار وهي عين العقل في أدق مرحلة من تاريخ لبنان ومصيره، وبالتالي فان مقاطعة الكاردينال Pietro Paroline من بعض الأطراف الدينية والسياسية هو موجه إلى البابا Francis الحبر الاستثنائي في تاريخ روما».
وكانت لافتة الزيارة الخاطفة للأمين العام المساعد لجامعة الدول العربية السفير حسام زكي الذي وصل بيروت، وقال من عين التينة بعد لقائه الرئيس نبيه بري: «استشعرت أن الوضع الداخلي اللبناني يعاني كثيراً والشغور الرئاسي من ضمن أمور أخرى تؤثر على أداء الدولة والمؤسسات». ورأى أن «اللقاءات في لبنان تشمل الحديث عن التصعيد في الجنوب». وأكد وقوف الجامعة العربية مع لبنان بشكل كامل، لافتاً إلى أن «الوضع الداخلي في لبنان يعاني كثيراً».
وكان زكي التقى رئيس التيار الوطني الحر النائب جبران باسيل، وتطرق البحث إلى الوضع الداخلي اللبناني والمبادرات الحوارية سعياً لحصول الانتخابات الرئاسية وإلى دور الجامعة العربية في المساعدة على تحقيق هذا الهدف.
COMMENTS