البناء
يوم الاعتراف بتعثر المفاوضات أميركياً واشتعال جبهات اليمن وغزة ولبنان
مالكة فيسبوك وانستغرام تكشف أن تمويلاً أجنبياً وراء حملة لا للحرب «اللبنانية»
مدّعي «الجنائية الدولية» يستعجل القضاة إصدار مذكرتي توقيف نتنياهو وغالانت
تخلّى الناطق بلسان مجلس الأمن القومي الأميركي عن مقولته الشهيرة التي كرّرها عشرات المرات خلال شهور الحرب على غزة، بالقول إن الاتفاق شبه منجز وتنقصه اللمسات الأخيرة، واعترف بتعثر المفاوضات كي لا يعترف أنها متوقفة لأن الطرف المعني الذي تمثله حماس يقاطعها لخروجها عن مهمتها وسياقها، وأن الطرف المقابل يستغلّ المفاوضات لشراء الوقت لمزيد من القتل ويضع المزيد من الشروط، فقال كيربي إن المعلومات المتداولة عن وصول المفاوضات الى طريق مسدود غير دقيقة وإن إمكانية التوصل الى اتفاق لا تزال قائمة وإن إدارة الرئيس بايدن تجري الاتصالات اللازمة لتوفير فرص التقدم.
في الميدان كانت الأنباء أصدق من السياسة، حيث كشفت الوتيرة العالية للاشتباكات على كل الجبهات حجم الانسداد السياسي أمام فرص التوصل إلى اتفاق، فعلى جبهة اليمن لليوم الثالث على التوالي يعلن الجيش اليمني وحركة أنصار الله استهداف المزيد من السفن المشمولة بقرار المنع واشتعال النيران فيها، وعلى جبهة لبنان تحدّثت وسائل إعلام الكيان عن أكثر من مئة صاروخ سقطت من جنوب لبنان على مواقع ومقارّ لجيش الاحتلال، لتشمل يوماً ثالثاً من الوتيرة المرتفعة لضربات المقاومة بعد يومين شهدت ارتفاعاً في نوعية المواجهة، بعدما كان جيش الاحتلال وسّع نطاق غاراته واستهدافه لمجاهدي المقاومة والمدنيين، بينما كانت المقاومة في غزة تردّ على مجازر الاحتلال بقصف مستوطنات غلاف غزة بعد أسابيع من التوقف ونجح مقاتلو المقاومة باصطياد ست آليات بعد إصابة وتدمير أكثر من عشر آليات في اليومين الماضيين.
في لبنان أصيب الرأي العام بالصدمة مع صدور بيان شركة ميتا المالكة لشبكتي فيسبوك وانستغرام يقول إن حملة “لبنان لا يريد الحرب” أطلقتها شركة فيتناميّة تُدعى LT Media والتي استهدفت من خلالها لبنان والولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا وقطر، وأن الحملة صرفت على الإعلانات المدفوعة ١.٢ مليون دولار لكل حملات الشركة (من ضمنها حملة لبنان لا يريد الحرب) وأن الحملة نظمت من خلال ١١٢ حساب فيسبوك و٦٥ صفحة و٤٩ حساب انستغرام.
كما لفتت “ميتا” إلى أنّ الحملة الّتي ظهرت تحت وسم “لبنان لا يريد الحرب”، والّتي أفادت وسائل إعلام لبنانيّة بأنّها منظّمة من قبل مجموعة من الشّباب ورجال الأعمال اللّبنانيّين، بدعم من مدير إحدى شركات الإعلان في الخليج العربي، تقف خلفها تلك الشّبكة في فيتنام، وينتظر اللبنانيّون تحرّك القضاء المختص لكشف المزيد بعد شهور أوحى فيها بعض المعنيين بتنظيم الحملة بأنهم مجرد تعبير عن صوت لبناني صرف يحتج على فتح جبهة الإسناد لغزة من قبل حزب الله، ليظهر أن الحملة تموّلها وتشغلها جهة أجنبية قد يكون كيان الاحتلال غير بعيد عنها، بانتظار ما سيقوله القضاء.
في منصات القضاء الدولي طلب أمس، مدعي عام المحكمة الجنائية الدولية كريم خان كريم خان من القضاة البتّ بشكل عاجل في أوامر اعتقال رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ووزير دفاعه يوآف غالانت، وشدّد في الوقت ذاته على أنه يحق للمحكمة مقاضاة المواطنين الإسرائيليين.
وقال خان “أيّ تأخير غير مبرر في هذه الإجراءات يؤثر سلباً على حقوق الضحايا”. وأكد أن المحكمة تتمتع بالولاية القضائية على الإسرائيليين الذين يرتكبون جرائم وحشية في الأراضي الفلسطينية، وطلب من قضاة المحكمة رفض الطعون التي قدّمتها عشرات الحكومات والأطراف الأخرى. وقال خان في طلبه للمحكمة “من الراسخ قانوناً أن المحكمة تتمتع بولاية قضائيّة في هذا الموقف”، رافضاً الحجج القانونية القائمة على أحكام في اتفاقيات أوسلو وتأكيدات “إسرائيل” بأنها تجري تحقيقات فيما يثار عن ارتكابها جرائم حرب. ويقول مدّعو المحكمة الجنائية الدولية إن هناك أسباباً معقولة للاعتقاد بأن نتنياهو وغالانت يتحملان المسؤولية الجنائية عن جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية.
وبعد مفاوضات الدوحة، عاد الرهان الأميركي الإسرائيلي على جولة مفاوضات جديدة في القاهرة لشراء المزيد من الوقت وتحميل حركة حماس مسؤولية فشل التوصل الى اتفاق لوقف إطلاق النار، وذلك عبر حصر التفاوض بمحور فلادلفيا على الحدود المصرية – الفلسطينية وسط سعي إسرائيلي للتسويق لتقدّم في مفاوضات القاهرة، إذ وصف مسؤول إسرائيلي المحادثات في القاهرة بأنها «بناءة وأدّت إلى تقليص الفجوات بين مصر و»إسرائيل» بشأن محور «فيلادلفيا»، والآن ننتظر رد حماس».
وتشير أوساط مطلعة على الحراك الدبلوماسي في لبنان والمنطقة لـ”البناء” الى أن “الجبهة الجنوبيّة باتت جزءاً من حرب غزة والصراع في المنطقة بين المحورين الأميركي – الإسرائيلي الغربي والمحور الإيراني – العراقي – السوري – الفلسطيني – اليمني وحزب الله في لبنان، وبالتالي لا حلّ للوضع في الجنوب قبل إبرام اتفاق للحرب الدائرة في غزة، وهذا ما اقتنع به الأميركيون والإسرائيليون أيضاً، ما يعني أن التصعيد سيبقى سيد الموقف على الجبهة الجنوبية وكذلك في المنطقة حتى الانتخابات الأميركية المقبلة حتى تأتي إدارة أميركية جديدة ربما تعدّل في إدارة الحرب في غزة أو تكون أكثر تشدداً، لكن المنطقة حتى ذالك الحين ستقف على حافة الحرب الشاملة لكن الأرجح أن لا تقع بسبب التعقيدات والتداعيات التي تنتج عن هذه الحرب، لا سيما أن لا مصلحة للإدارة الأميركية الحالية باندلاع الحرب الشاملة في المنطقة قبيل شهرين ونيّف من الانتخابات. وفي المقابل لا مصلحة أميركية بالضغط على رئيس “إسرائيل” لوقف الحرب لضرورات انتخابيّة، بل أقصى ما يمكن أن تقوم به الإدارة الحالية هي لجم نتنياهو من شنّ عدوان شامل على لبنان لأنها ستؤدي الى حرب شاملة في ظل استعداد جبهات عدة للدخول في هذه الحرب إذا وقعت”.
ميدانياً، واصل العدو الإسرائيلي عدوانه على الجنوب، حيث أغار طيرانه على بلدة طيرحرفا في القطاع الغربي، ما أدّى إلى سقوط 3 شهداء. كما نفذت مسيّرة إسرائيلية عدواناً جوياً، حيث شنت غارة مستهدفة منزلاً في بلدة عيتا الجبل في قضاء بنت جبيل بصاروخين موجّهين، أدت في حصيلة أولية إلى استشهاد شخصين أحدهما طفل يبلغ من العمر سبع سنوات، بحسب مركز عمليات طوارئ الصحة العامة التابع لوزارة الصحة. كما استهدفت مسيرة إسرائيلية سيارة في بلدة بيت ليف. واستهدفت غارة دراجة نارية في عيترون بصاروخ موجّه أدّى الى استشهاد شخص وجرح آخر بحالة خطرة. كما استهدفت غارتان إسرائيليتان ميس الجبل وتعرضت تلة العزية باتجاه بلدة ديرميماس لقصف مدفعي. وألقت درون إسرائيلية عدداً من القنابل على ضهور كفركلا. وطاول القصف المدفعي أطراف بلدتي كفرشوبا وكفرحمام، وأطلق جيش الاحتلال نيران رشاشاته الثقيلة في اتجاه بلدة عيتا الشعب في القطاع الأوسط. كما قصفت محيط بلدة الناقورة وجبل اللبونة في القطاع الغربي، حيث أطلقت غالبية مراكز “اليونيفيل” في جنوب الليطاني صفارات الإنذار.
في المقابل أطلق حزب الله صلية صاروخيّة باتجاه جبل ميرون. وأفادت وسائل إعلام إسرائيلية عن اعتراض صواريخ فوق جبل ميرون في الجليل الأعلى، تزامناً مع اندلاع حرائق نتيجة دفعة صاروخية أطلقت من جنوب لبنان، وذلك بعد دوي صفّارات الإنذار بكثافة في المنطقة الحدودية. ونقلت “القناة 12 الإسرائيلية” عن المتحدث باسم جيش الاحتلال قوله: “رصدنا إطلاق 5 صواريخ من لبنان على ميرون واعترضنا بعضها من دون إصابات”.
وأشارت صحيفة “يسرائيل هيوم” الى سقوط صاروخ اعتراضي بالخطأ داخل “إسرائيل” أثناء اعتراض صواريخ من لبنان. وفي السياق، نقلت القناة 12 عن جيش الاحتلال إطلاق أكثر من 100 صاروخ منذ الصباح من لبنان على “إسرائيل”.
ونعت “المقاومة الإسلامية” ثلاثة من شهدائها هم: عقيل قاسم غريب “أبو طالب” مواليد عام 1990 من بلدة طير حرفا في جنوب لبنان، وحسن وسام حرقوص “أبو مهدي” مواليد عام 2005 من بلدة طورا في جنوب لبنان، وقاسم صالح حرقوص “فداء” مواليد عام 2004 من بلدة طورا في جنوب لبنان.
وحضرت التطورات الأمنية في الجنوب في السراي الحكومي، في اجتماع رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي مع وزير الخارجية والمغتربين عبد الله بو حبيب، وبحث معه في آخر الاتصالات الدبلوماسية المتعلقة بموضوع التجديد للقوات الدولية العاملة في جنوب لبنان” اليونيفيل”، إضافة إلى مواضيع إدارية تخصّ الوزارة.
وعلمت “البناء” أن مجلس الأمن الدولي سيمدّد للقوات الدولية في الجنوب وفق الصيغة المعتمدة بالعام الماضي بعدما رفض لبنان مقترحاً أميركياً لإدخال تعديلات تقنية ولوجستية تتعلق بعمل القوات الدولية وحرية تحركها وصلاحياتها.
وكان بوحبيب أجرى اتصالاً هاتفياً بنظيره الإيراني عباس عراقجي لتهنئته بتوليه منصبه الجديد، متمنياً له النجاح في مهامه. وأعرب عن تطلعه للتعاون مع الوزير عراقجي لخدمة مصالح البلدين. بدوره، شكر وزير الخارجية الإيراني الوزير بوحبيب على تهنئته له بتوليه منصبه الجديد، وأعرب عن تطلعه لأن يكون التعاون جيداً لتحقيق مصالح البلدين والشعبين اللبناني والإيراني، ومصالح دول المنطقة. وقال الوزير عراقجي إنّه سيزور لبنان بالتأكيد، وهو يتطلع أيضاً للقاء وزير الخارجية اللبناني في طهران في أقرب وقت ممكن.
في جديد أزمة الكهرباء وبعد أن قدّم الرئيس ميقاتي إخباراً الى النيابة العامة التمييزية في موضوع أزمة انقطاع التيار بشكل تام عن مختلف المناطق اللبنانية قبل أيام، وبناء على قرار النائب العام التمييزي القاضي جمال الحجار، انتقل القاضي الحجار إلى السراي، واستمع الى رئيس الحكومة في موضوع الإخبار المذكور.
الأخبار
الرافعي يعود رئيساً لهيئة علماء المسلمين: تنسيق مع القوات لـ«اليوم التالي»؟
أعادت هيئة علماء المسلمين انتخاب الشيخ سالم الرافعي رئيساً لها، وكان أوّل المهنئين وفد من حزب القوات اللبنانيّة. ما فتح باب التساؤلات عن أسباب إعادة إحياء دور «الهيئة» في ظل هذه الظروف وتعويمها برمزٍ من رموز السلفيّة
بعد «عصر الحمائم» الذي استمر أكثر من 6 سنوات، عادت هيئة علماء المسلمين إلى «زمن الصقور»، مع انتخاب الشيخ سالم الرافعي بالإجماع، الأحد الماضي، رئيساً جديداً لتجمّع المشايخ الذي أُسّس عام 2012، من محسوبين على تيّارات سلفيّة (الجهاديّة والسروريّة) وإخوانيّة ومستقلّين.
تأسّست «الهيئة» مع بداية الحرب السوريّة، ولمع نجمها خلالها، واستقطبت الشّارع على حساب الأحزاب الأكثر اعتدالاً، وحتّى على حساب دار الفتوى. لا بل عُدّ إنشاؤها تعويضاً عن «السقوف المنخفضة» للمفتين المتعاقبين بسبب الحسابات الدّاخليّة والتوازنات. فصار بمقدور المشايخ أن يعلنوا التعبئة العامّة لنُصرة السنّة، وحوّلوا بعض المساجد مطابخ لغسل أدمغة الشبّان. ومنذ تأسيس الهيئة، كانت الجماعة الإسلاميّة عمودها الفقري ورافعتها الأساسيّة.
لم تخف «الهيئة» تواصلها مع «جبهة النّصرة» ثم «داعش»، بل بلغ التنسيق أوجه، في محطّات كثيرة، عندما زار مشايخ «الهيئة» عرسال أثناء المعارك العسكريّة، وأثناء المفاوضات لتحرير العسكريين المُختطفين، وعبر إرسال الشباب في رحلاتٍ جهاديّة إلى سوريا، كما تبيّن في التحقيقات مع غالبيّة الموقوفين، ومن بينهم من كانوا أعضاء في «الهيئة».
انتعاشٌ فموت سريري
هكذا، تنامى دور الهيئة وتطوّر عمّا رسمه المؤسّسون لها، كتجمّع مشيخي يهدف إلى تحسين المؤسسات الدينيّة ورفع المظلوميّة عن «الموقوفين الإسلاميين»، ونُصرة الشعب السوريّ في حربه ضد النّظام، إلى أدوارٍ أمنيّة وعسكريّة، أسهمت في التحريض الطائفي وتأمين الإمدادات اللوجستيّة والبشريّة لمصلحة «داعش» و«النّصرة». ومع تراجع دور المنظّمات الإرهابيّة في سوريا، أفل نجمها وسُرعان ما انشغلت بخلافاتها الداخلية. إذ أثيرت علامات استفهام حول الموارد الماليّة التي مكّنت بعض قيادييها من بناء مؤسسات خاصة ومراكمة ثروات، دفعت ببعض المشايخ إلى تعليق مُشاركتهم في الاجتماعات، حتّى جاء الاستحقاق الأوّل: انتخاب مفتي الجمهوريّة. شعر المستقلّون أنّ هدف إصلاح المؤسسات الدينيّة ليس مُتاحاً عبر «الهيئة» التي دعمت وصول الشيخ عبد اللطيف دريان إلى سدّة الإفتاء على حساب مرشّحها الشيخ أحمد درويش الكردي.
خرج المستقلّون وبقي السلفيون و«الجماعة» ومن يدورون في فلكها، إلى أن وقع الخلاف عندما طالب هؤلاء الأخيرون بموقفٍ من «الهيئة» بعد اعتقال السلطات السعودية عدداً من المحسوبين على «الإخوان المسلمين» وفلسطينيين أتوا إلى السعودية لأداء مناسك العُمرة.
رويداً رويداً، انكفأت «الهيئة» تماماً مع افتقادها إلى الدّعم المالي الخارجي، باستثناء حضورها الهزيل في انتخاباتها الدّاخليّة وبعض المواقف العامّة، من دون أن تهزّها التحرّكات الشعبيّة في تشرين 2019، أو تهزّ شعرة فيها عمليّة طوفان الأقصى وما تلاها من مجازر، فغابت حتى عن الإسناد اللفظي. وذابت تماماً الحماسة التي كان عليها قياديّوها إبّان «الثورة السوريّة»، فلا من يُعلن نصرة سنّة غزّة، ولا من يُناصرهم!
أتت عودة الرافعي إلى رئاسة الهيئة بعد 10 سنوات من انتخابه رئيساً لها للمرّة الأولى. صاحب الفكر السلفي الجهادي المعتدل الأقرب إلى «القاعدة» منه إلى التيّارات المتشدّدة، كما يصفه أعضاء «الهيئة»، والذي لم يغب عن مطبخ قراراتها يوماً، وحافظ على نفوذه فيها، أُعيد انتخابه لستة أشهر، بعد سنواتٍ من الغياب عن الواجهة، بسبب «التضييق الأمني عليه» لورود اسمه في عدد من الملفّات الأمنيّة، وثبوت تورّطه في إخفاء عدد من المطلوبين أثناء تنفيذ الخطّة الأمنيّة في طرابلس.
ولإمام مسجد «التقوى» رمزيّته بسبب ارتباط اسمه بحقبةٍ طويلة من الانغماس في الحرب السوريّة، بالتزامن مع تصاعد التطرف في الشارع السني اللبناني، وموجة الانتحاريين التي اجتاحت عدداً من المناطق في عزّ الحرب السورية. وبالتالي، أثارت إعادة انتخابه في هذا التوقيت تساؤلات عدة: هل لها علاقة بتغيّر مزاج الشّارع السني المأخوذ بـ«الإخوان المسلمين» بعد الحرب على غزّة، والمتعاطف مع مقاومة حزب الله الذي طالما ناصبه الرافعي العداء، ما نفّس الاحتقان السني – الشيعي الذي سيطر لسنوات في لبنان؟ وهل إعادة إحياء «الهيئة» بتياراتها السلفيّة لمواجهة صعود «الجماعة الإسلامية» بين سنّة لبنان؟
ما يشي بأنّ خطوة الانتخاب «غير بريئة»، هو أنّ معراب كانت أول مهنئي الرئيس الجديد لـ«الهيئة» الذي استقبل أول من أمس وفداً من حزب القوات اللبنانيّة برئاسة النائب إيلي خوري، نقل إليه تحيّات رئيسه سمير جعجع. بالطبع، لن يضير جعجع أن يُفتح «باب سني» في وجهه وأن يوجه تحية إلى الشيخ السلفي بعدما أوصدت أمامه كل الأبواب السنية.
غير أن المستغرب هو مخالفة الرافعي المزاج السني بانفتاحه على القوات، إلا إذا كان الأمر، على ما يرى متشكّكون، مرتبطاً بتحضير أرضيّة سنيّة تُلاقي سرديّة خصوم المقاومة، في «اليوم التالي» للحرب، لضرب كل مكتسبات طوفان الأقصى، من تخفيف الاحتقان المذهبي إلى إعادة قبول حزب الله في البيئة السنية، وسحب البساط من تحت «الجماعة الإسلامية».
في المقابل، يقلّل بعض المُتابعين من قدرة «الهيئة» على اختراق الساحة السنيّة كما كان عليه الوضع عام 2012، بعدما غادرها الكثير من العلماء، والأهم هو غياب التّمويل والدّعم الخارجي، وإن كانوا يرون أنّ في عودة الرافعي محاولات لاستدراج عروض. ويرون أنّها «مجرد انتخابات عاديّة تجري دورياً، ووصول الرافعي إلى الرئاسة لن يدوم أكثر من 6 أشهر، بحسب النّظام الداخلي»، وينقلون عن قياديين في «الجماعة» أنّ «انتخابه جرى بالتنسيق معنا، وخصوصاً أنّ الهيئة تُمثّل العُلماء السنة على اختلاف انتماءاتهم. كما أنّ الرافعي ليس بعيداً منّا، وعلاقتنا ممتازة معه، ووصوله إلى الرئاسة يصب في هذا المسار، والهيئة هي بيئة حاضنة لتقويض المشروع الصهيوني، ومواجهة المرحلة الجديدة في الصراع الصهيوني، ومهما كانت التباينات بيننا، فإنّ القضيّة الفلسطينية تجمعنا». كذلك يقلل هؤلاء من أهمية استقبال وفد «القوات»، ولا يرون أنّ في الأمر رسالة لهم، إذ «إنّنا حريصون دائماً في هذا الظرف على تخفيف الانقسام الدّاخلي، وعدم الانشغال بالخلافات الداخليّة، مصرون على محاولة توحيد الجهود لمواجهة أي توسّع عدواني في الجنوب»، مضيفين: «نتفهّم عدم اعتذار الرافعي عن عدم استقبال أي وفد يُريد تهنئته، ومنهم القوات، ولكن إذا رفض استقبال طرف آخر، فسنبني على الشيء مُقتضاه». أما بعض أعضاء «الهيئة»، فيضعون زيارة وفد القوات في «الإطار الطبيعي» من ضمن سلسلة اللقاءات التي ستقوم بها «الهيئة» في الأيّام القليلة المقبلة للتواصل مع مختلف الأطراف.
اللواء
حرب استباقية طاحنة بين إسرائيل وحزب الله: 7 شهداء و100 صاروخ على المستوطنات
حجّار يستمع لإفادة ميقاتي حول الكهرباء.. وجنبلاط يحمي «مصالحة الجبل» بالتواصل مع جعجع
خارج سياسات التطبيل والتهويل، بقي المشهد الجنوبي، على الأرض،بالغ القساوة مع تزايد سقوط الشهداء باستهدافات الغارات والمسيَّرات الاسرائيلية، وبالغ الوضوح لجهة الثبات عند مساندة غزة، والشعب الفلسطيني، الذي يتعرض لأقسى أشكال الإبادة والتدمير في العصر الحديث..
إذاً، بقي الوضع على جبهة غزة، هو المعيار الذي يتحكم بالمجريات على أرض جبهات المساندة، ومنها الجبهة اللبنانية، في وقت كثفت فيه الدبلوماسية الدولية، لا سيما البريطانية جهودها لاحتواء التصعيد، في ضوء المعلومات المتضاربة عن المسار التفاوضي حول «صفقة التبادل» ووقف النار في القطاع المنكوب منذ 10 اشهر ونيّف..
وحسب صحيفة «يديعوت احرنوت» فإن تكثيف الجيش الاسرائيلي لعملياته، وتوسعها باتجاه البقاع، على «نحو نشاط استباقي مفاجئ، لتحييد عدد كبير من الصواريخ والقذائف الدقيقة المخزنة هناك، والتي تشكل القدرة الاستراتيجية الرئيسية لحزب الله».
وذكرت مصادر سياسية لـ «اللواء» ان مشهد الانتظار لتطورات حرب الجنوب لم يتبدل، وقد يطول هذا الانتظار في حين أن مفاوضات حرب غزة قد تتبلور قريبا، وهنا يمكن طرح تساؤلات بشأن انعكاسات الفشل على المنحى الميداني.
إلى ذلك، قالت هذه المصادر أن ما من خطوات أخرى تعتزم لجنة الطوارىء اتخاذها ، على أنها في حال تمت الجهوزية الدائمة لأية مواكبة، واعتبرت أن التحليلات كثيرة عن السيناريو المرتقب، لكن ما من شيء معلوم بعد.
وفي السياق الديبلوماسي، كشف وزير الخارجية الايراني الجديد عباس عراقجي عن نيته زيارة لبنان، داعياً، لمناسبة تلقيه اتصال تهنئة من نظيره اللبناني عبد الله بوحبيب، للأخير لزيارة طهران.
التجديد لليونيفيل
في هذا الوقت، حضر موضوع التجديد لليونيفيل على طاولة الاجتماع في السراي الكبير بين الرئيس نجب ميقاتي والوزير بوحبيب، من زاوية تمسك لبنان بالاعتبارات التي تجعله يتمسك بآلية التمديد لليونيفيل،كما حصل في المرة الماضية.
وقالت مصادر مطلعة ان البحث ما مازال على الصعيد التقني في الامم المتحدة ولم تبدأ مناقشة ملف التجديد بعد. واشارت الى ان الخبراء مازالوا في طور تبادل الآراء حول ما يطرحه لبنان لجهة تمسكه بالورقة التي قدمها وبالتجديد من دون تعديل،على ان يبدأ النقاش الفعلي الاسبوع المقبل.
موفد جنبلاط إلى معراب
سياسياً، وفي محاولة لعدم إحداث شرخ بالعلاقة بينهما، اوفد الرئيس السابق للحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط عضو كتلة اللقاء الديمقراطي النائب هادي ابو الحسن الى معراب، حيث اجتمع مع رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع، لتوضيح التباين في المواقف، جراء اعلان التمسك بمصالحة الجبل والعيش الواحد.
الاستماع إلى ميقاتي
على صعيد التحقيقات في موضوع انقطاع الكهرباء بالكامل السبت الماضي، وتوقف الانتاج في كل المعامل من الزهراني الى دير عمار، استمع المدعي العام التمييزي القاضي جمال الحجار الى الرئيس ميقاتي في السراي الكبير، حول المعطيات والمعلومات التي ادت الى انقطاع الكهرباء.
وكشف وزير الطاقة والمياه وليد فياض ان لدى لبنان ما يكفي لمدة شهر او اكثر من الحاجة للمواد النفطية للاحتياجات الضرورية، لا سيما سيارات الاسعاف والمستشفيات وتأمين ضخ المياه.
مطارات جديدة
وفيما يعكف النائبان من كتلة «الجمهورية القوية» على تقديم اقتراح القانون المعجل المخصص لصرف اعتماد لتجهيز مطارات مدنية اخرى، طالب النائب في كتلة الكتائب سليم الصايغ الرئيس ميقاتي ووزير الاشغال علي حمية لفتح مطار القليعات وتحرير مرفأ جونية، واعداد الدراسات لفتح مطار حامات ورياق.
الوضع ا لميداني
ميدانياً، امتد القصف الاسرائيلي طوال النهار على قرى عدة من طيرحرفا ومعركة وعيتا الجبل، مما ادى الى سقوط 7 شهداء وطفل شهيد، الامر الذي دفع بالمقاومة الاسلامية لتوسيع دائرة الرد، فوصلت الصواريخ الى صفد، وهناك دوت صفارات الانذار رداً على استهداف المواطن نجم، والذي سقط معه ابن شقيقته (7 سنوات).
كما قصفت المقاومة بالصواريخ قاعدة ميرون الجوية في جبل الجرمق وراميم.
ومن ابرز استهدافات حزب الله، بعد قصف السيارة في بلدة عيتا الجبل، قصف مقر قيادة الفيلق الشمالي في قاعدة عين زيتيم.
وتحدث الجيش الاسرائيلي عن اطلاق ما لا يقل عن 100 صاروخ من لبنان باتجاه المستعمرات الاسرائيلية في الشمال.
COMMENTS