نعي الشهيد السيد حسن نصرالله في الصحف اللبنانية : اللواء 30 أيلول 2024

نعي الشهيد السيد حسن نصرالله في الصحف اللبنانية : اللواء 30 أيلول 2024

افتتاحيات الصحف اللبنانية، يوم الإثنين، 13 حزيران 2022
إفتتاحيات الصحف اللبنانية، يوم الإثنين 23 تموز، 2018
افتتاحيات الصحف اللبنانية، يوم الثلاثاء 19 نيسان، 2016

حسن نصراللّه شهيداً: انقلاب في المعادلات والاستراتيجيات
نتنياهو يقرِّر مواصلة الهجوم.. والمقاومة توسِّع إطلاق الصواريخ و 100 شهيد وجريح في يوم واحد
قضى الأمين العام لحزب لله السيد حسن نصر لله (64 عاماً) شهيداً، مختماً عمراً مديداً من المقاومة في جبهات متعددة من الجنوب الى سوريا وآخرها حرب مساندة غزة والمقاومة الفلسطينية بعد عملية طوفان الأقصى التي نفذتها «حماس» ومعها فصائل فلسطينية في 7 ت1 (2023).
وقضى معه نخبة من القيادات والكوادر العسكرية ذات الخبرات الطويلة على جبهات القتال مع مساعد قائد الحرس الثوري الإيراني.
ليختم المشهد بالاعلان عن استشهاد الشيخ نبيل قاووق القيادي المعروف في حزب لله، لا سيما خلال حرب 2006.
لم يكن الموقف سهلاً على البيئات اللبنانية، وبيئات المقاومة في لبنان وسوريا والعراق واليمن وفلسطين، فانطلقت مسيرات شعبية غاضبة في بعض شوارع بيروت، استنكاراً للغارة الإجرامية.
وأعلن لبنان الحداد بدءاً من اليوم حتى الاربعاء، على ان يكون يوم تشييع السيد نصر لله يوم تعطيل كامل في المؤسسات العامة والخاصة.
وفي حين نفى حزب لله ان يكون تشييع السيد نصر لله اليوم، استمرت المقاومة في استهداف مستوطنات الاحتلال الاسرائيلي المحاذية للشريط الفاصل بين الجنوب واسرائيل وصولا الى عكا وصفد ويافا. ولم يغادر طيران العدو اجواء لبنان من الجنوب الى بيروت والضاحية الجنوبية والجبل والبقاع امتداداً الى الشمال.
وتميزت نهاية الاسبوع، بدءًا من السبت الى يوم امس بغارات لم توفر منطقة، وفي الوقت نفسه حصدت عشرات الشهداء عبر مجازر متنقلة من الجنوب و صيدا إلى البقاع، فضلا عن الضاحية الجنوبية.
مجزرة في عين الدلب
وأحدثت الغارة الاسرائيلية على منطقة عين الدلب في صيدا، مجزرة ضخمة، اذ ارتفع عدد من الشهداء الى 32 والجرحى الى 53.
كما ادت الغارات الاسرائيلية الى سقوط 21 شهيدا و46 جريحاً، في الهرمل ومنطقتها، الغارات على البقاع الغربي الى سقوط 4 شهداء و4 جرحى، و عدد الشهداء ارتفع الى 47 شهيداً و63 جريحاً.
وقالت مصادر سياسية مطلعة لـ «اللواء» أن مرحلة ما بعد اغتيال السيد نصر لله لم تتكشَّف ملامحها بعد وكل ذلك في انتظار انتهاء المشهد الذي رافق هذا الاغتيال. ولفتت إلى أن ما من أحد في وارد الدخول منذ الآن في البحث في هذه المرحلة قبل انتهاء مراسم الوداع مع العلم أن تحليلات بدأت تصدر حول أهمية عدم سعي حزب لله إلى أية مواجهة ولاسيما الشاملة.
ولا يبدو حسب مواقف قيادة حزب لله بعد اغتيال السيد نصر لله ان هناك تغييرات مبدئية في توجهات الحزب، ولكن قد تفرض الوقائع السياسية والعسكرية الجديدة التعاطي مع الطروحات السياسية الجديدة تغييراً في تكتيك التعاطي معها وقد لا تشهد اي متغيرات، وذلك حسب ما سيطرحه الوسطاء العرب والدوليون وما يقبله او لا يقبله الكيان الاسرائيلي او الجانب الفلسطيني وبالتالي حزب لله.
لذلك تبدو المرحلة المقبلة ضبابية سياسياً ومعقدة وليست سهلة عسكرياً وتخضع للكثير من الاعتبارات لا سيما في الميدان، فستحاول اسرائيل كما قال نتنياهو «التفاوض تحت النار» وتصعيد الاعتداءات او مواصلتها ولو بوتيرة اقل، بهدف دفع الحزب الى تقديم تنازلات في الجنوب، اولاً على صعيد وقف حرب إسناد غزة، وثانياً على صعيد الترتيبات التي يمكن ان تتخذ في الحدود الجنوبية.
وفي كل الاحوال ما قبل استشهاد السيد حسن نصر لله سيكون غير ما بعده، لجهة تعاطي الحزب مع المستجدات حسب الوقائع اليومية وحسب الطروحات والتوجهات السياسية. وثمة من يربط تعيين القيادة الجديدة والتوجه الجديد للحزب، بما «تنصح» به ايران وبما يواكب المرحلة الاقليمية المقبلة وما يتخللها من مفاوضات حول وضع المنطقة ككل عدا الملف النووي، إنطلاقاً مما نُقل عن الحرس الثوري «بأن الاولوية هي الآن لتشكيل هيكل قيادي لحزب لله، وانشاء شبكة اتصالات آمنة». وما نقل عن رئيس الجمهورية مسعود بزشكيان «بأن طهران لا يجب أن تنجرّ إلى حرب أوسع نطاقا في المنطقة»!
ويبقى المهم حسب الخبراء،ان يحمي حزب لله باقي اعضاء القيادتين السياسية والعسكرية بكشف الخرق الامني الخطير الذي تسبب بهذا العدد من الاغتيالات، وأن يغيّر من اساليب تنقل قياداته وامكنة اجتماعاتهم ويُغيّر غرف عملياته وربما يُغيّر بعض المسؤولين القدامى بمسؤولين جدد عقيدتهم ثابتة وتدريبهم حديث. ولعل أنفاق «عماد4» ومثيلاتها خير مكان لقيادة عمليات المقاومة ولقاءات قياداتها.
وبرغم حجم الضربة الصاعقة واغتيال مجموعة كبيرة من قادة حزب لله السياسيين والعسكريين والامنيين، فإن المرتقب من هذا التنظيم الحزبي ذي الهيكلية المنظمة تنظيما متيناً تجديد نفسه خلال فترة قريبة ولو تحت النار.
ودعت ايران الى عقد جلسة طارئة لمجلس الامن غداة استشهاد السيد نصر لله.
وزير خارجية فرنسا بتكليف أميركي- بريطاني
دبلوماسياً، اعلن وزير الخارجية البريطاني اللامي، عشية وصول نظيره الفرنسي جان نويل بارو، الى بيروت، عن جهود مشتركة للتوصل الى وقف لاطلاق النار، وتعزيز الدعم الانساني للنازحين.
كما ناقش وزير الخارجية الاميركي انتوني بلينكن مع نظيره الفرنسي دفع العملية السياسية في لبنان لتنفيذ قرار مجلس الامن 1701.
وذكرت هيئة البث الاسرائيلية ان ضغوطا كثيفة لمنع التحرك البري وتحذيرات من عواقبه..
وكان وزير الخارجية الفرنسي، وصل الى مطار رفيق الحريري مساء امس، واستقبله وزير الصحة فراس الابيض والسفير الفرنسي هيرفيه ماغرو وتسلم الابيض مساعدة فرنسية طبية لدعم مستشفيات لبنان ومعالجة الجرحى.
ويلتقي بارو تباعا بدءًا من اليوم البطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي، ثم الرئيس نجيب ميقاتي، وبعدها قائد الجيش جوزاف عون ورئيس مجلس النواب نبيه بري.
وكان البيت الابيض اعلن ان حزب لله ليس الحزب نفسه الذي كنا نعرفه قبل اسبوع.
واعتبرت أن زيارة وزير خارجية فرنسا إلى بيروت تشكل انطلاقة الجهد الديبلوماسي من أجل العمل على حل ما مع العلم أن الرئيس ميقاتي تحدث عن تنفيذ القرار ١٧٠١، ملاحظة أن مسألة النزوح جراء العدوان الإسرائيلي ضد لبنان بدأت ترخي بثقلها مع مواصلة العمل على مواكبتها من قبل المعنيين.
وحسب معلومات «اللواء» سيكتفي بارو بلقاء القيادات الرسمية ولن يلتقي اي جهة سياسية، وسيعقد مؤتمراً صحافياً في قصر الصنوبر عصراً قبل مغارة بيروت يتحدث فيه عن اهداف الزيارة ونتائجها، وهي زيارة تضامن ودعم للبنان بعد العدوان الاسرائيلي الواسع على مناطق واسعة في لبنان.
وعلمت «اللواء» من مصادر موثوقة مطلعة على الزيارة، ان بارو لا يحمل اي مقترحات جديدة حول التهدئة في جبهة الجنوب ولبنان، التي كان يسعى اليها المجتمع الدولي في مجلس الامن، بعدما افشلها رئيس حكومة كيان الاحتلال بنيامين نتنياهو وراوغ الجميع بالكلام عن انه مستعد للتفاوض، لكنه اقدم وبالتنسيق مع الاميركيين على توسيع نطاق الهجمات العنيفة على لبنان وصولا الى اغتيال السيد نصر لله، ما اوقف المبادرة الدولية والعربية وقطع اي مجال للتفاوض وبات من الصعب بعد النتائج الدموية للعدوان الاسرائيلي حصول اي تفاوض جديد.
واشارت المصادر الى ان نتنياهو والاميركيين اشاعوا اجواء تفاؤل بإمكانية حصول تقدم لكن النتيجة كانت ان التنسيق كان قائما بين نتياهو و«الدولة العميقة» في اميركا لتصعيد الصراع، وهو الامر الذي اساء الى مصداقية فرنسا والدول الاخرى التي ساندت المبادرة ومنها مصر والسعودية والامارات وقطر، وادى الى استياء فرنسي كبير مما جرى.
الموقف في اسرائيل
وخارج غبطة نتنياهو الذي اعلن ان اسرائيل تعمل بمنهجية على اغتيال قادة حزب لله وتنتظرنا ايام مليئة بالتحديات،قال رئيس اركان الجيش الاسرائيلي هاليفي ان حزب لله فقد رأسه وعلينا ان نستمر في ضربه بقوة، واعلن عن ضم جدعون ساعر الى الحكومة الاسرائيلية وهو الذي كان مطروحا ليحل مكان وزير الدفاع الحالي.
وذكرت هيئة البث الاسرائيلية ان الجيش الاسرائيلي يستعد بشكل جدي لعملية برية في لبنان، لكن القرار لم يتخذ بعد بشأنها.
ولم يقف الامر عند هذا الحد،بل لمح الاحتلال الى اتجاه لالغاء اتفاقية الطاقة، وذكرت وسائل اعلام عبرية بأن بنيامين نتنياهو امر بالغاء الاتفاقية فيما اعتبر وزير الطاقة الاسرائيلي انها كانت خطأ يجب تصحيحه.
النعي والشهداء
بعدما اكد حزب لله يوم السبت في بيان رسمي استشهاد امينه العام السيد حسن نصر لله، نعى امس ايضاً رسمياً كلاً من نائب رئيس المجلس التنفيذي الشيخ نبيل قاووق والقيادي في «الحزب» علي كركي. فيما نعى الحرس الثوري المسؤول عن ملف لبنان في فيلق القدس العميد عباس نيلفروشان الذي استشهد مع نصر لله ونحو 10آخرين، ذكر الناطق باسم جيش الاحتلال «ان بينهم مدير مكتب نصر لله «الحاج جواد»، وعلي كركي قائد جبهة الجنوب، وإبراهيم حسين جزيني قائد وحدة تأمين نصرلله. سمير توفيق ديب مستشار نصر لله، عبد الأمير محمد سبليني مسؤول بناء القوة في حزب لله، علي نايف أيوب مسؤول إدارة النيران في حزب لله».
وبرغم الضربة الكبيرة والخطيرة التي تلقاها الحزب وكشفت عن خروقات وثغرات امنية كبيرة ادت الى هذه الاستهدافات لقياديين كبار في الحزب، فقد واصل الحزب يومي السبت وامس الاحد عملياته الكثيفة في عمق الكيان الاسرائيلي من محيط تل ابيب الى حيفا وصفد وطبريا والعفولة وصولا الى الجولان ومستعمرات ومواقع عسكرية كثيرة للعدو في الجليل.
وفيما اعلن الحداد الرسمي على الشهيد سماحة السيد حسن نصر لله، نعى الرئيس نبيه بري السيد نصرلله بقوله: كل الكلمات التي يمكن ان تقال في وداعك اصغر من هامتك التي لم تنحنِ الا لله عز وجل.
واكد حزب لله في نعيه ان قيادة حزب لله تعاهد الشهيد «الأسمى والاقدس والاغلى في مسيرتنا المليئة بالتضحيات والشهداء ان نواصل جهادها في مواجهة العدو واسنادا لغزة وفلسطين ودفاعا عن لبنان وشعبه الصامد والشريف».
النزوح وحافة الانهيار
وترأس الرئيس ميقاتي اجتماعاً للجنة الطوارئ الحكومية لمتابعة شؤون النازحين من الجنوب متوقعاً ان يزيد عددهم الى مليون شخص.
واعلن برنامج الاغذية العالمي ان اطلق «عملية طارئة لتقديم المساعدات الغذائية لمليون شخص متضرر من الصراع في لبنان».
واعرب البرنامج عن محاولة من وصول الى لبنان الى حافة الانهيار، ولا يمكنه تحمل حرب اخرى.
مشيرا الى انه في ظل الازمة التي تعصف بلبنان منذ العام 2019، يخشى اللبنانيون من عدم قدرة الحكومة على تأمين الحد الادنى من متطلبات الصمود لمواجهة الحرب.
وحذرت قيادة الجيش اللبناني من ان العدو الاسرائيلي يعمل على بث الانقسام بين اللبنانيين واهابت بالمواطنين الى الحفاظ على الوحدة الوطنية وعدم الانجرار وراء افعال قد تمس بالسلم الاهلي.
الوضع الميداني
ميدانياً، شنت اسرائيل ما لا يقل عن 70 غارة على امتداد جغرافيا لبنان، وادت الى سقوط نحو مائة شهيد.
واعلنت هيئة الاسرائيلية ان صاروخا باليستيا انطلق من لبنان جرى اعتراضه بعد تفعيل صفارات الانذار.
وقالت المقاومة الاسلامية: قصنا قاعدة زوفولون العسكرية بصليبات صاروخية، كما استهدفت الماقومة تجمعا لجنود العدو في مستعمرة شتولا بالاسلحة الصاروخية وحققنا فيه اصابات.
كما دوت صفارات الانذار في مدينتي نهاريا وعكا ومحيطهما شمال اسرائيل، وكما شنت المسيرات الانقضاضية على معسكر ألياتيكم.. كما استهدفت موقع راميا بقذائف المدفعية.
كما قصفت المقاومة مستعمرة روش بينا..
ومع الساعات الاولى من صباح السبت، تكشّف حجم الدمار الذي أحدثته الغارات الإسرائيليّة ليل أمس. وبدت شوارع الضاحية فارغة إلّا من بعض الحرائق وركام المنازل والمحال التجارية. وأعلنت المديرية العامة للدفاع المدني استشهاد أحد عناصرها، كما أن حالة عنصر آخر حرجة، خلال تنفيذهما مهمة إغاثة وانقاذ نظرا لكثافة الغارات الإسرائيلية التي طالت ضاحية بيروت الجنوبية. وامس، تعرضت الضاحية الجنوبية لغارات جديدة، وكان اعنفها بعد الظهر حيث استهدفت غارة مبنى على طريق صيدا القديمة مار مخايل.

 

الزلزال .. من الإختراق إلى السراب الإيراني
جريمة إغتيال الأمين العام لحزب لله تجاوزت كل الخطوط الحمراء، وأسقطت قواعد الإشتباك التي سادت بعد حرب تموز ٢٠٠٦، التي أشاعت حالة من الهدوء والإستقرار على الحدود الجنوبية، وسمحت بمرور ترسيم الإتفاق البحري مع الجانب الإسرائيلي بسلاسة ديبلوماسية مشهودة.
وبغض النظر عما إذا كان عقاب المجرم الإسرائيلي سيكون بمستوى جريمته، بعد تعهدات إيران الكلامية، فإن مرحلة ما بعد إستشهاد نصرلله ستكون غير ما كانت عليه قبل رحيله، خاصة في السنوات الأخيرة.
لقد ترك الرجل بصمات قيادية راسخة في مسيرة الحزب، الذي إحتل مركز الصدارة في محور الممانعة، الذي يدور في الفلك الإيراني. وأصپح هو المثل والمثال لكثير من الفصائل والتنظيمات “الشقيقة” التي ظهرت برعايته لاحقاً، سواء الحوثيين في اليمن، أو التحالف الشيعي في العراق، فضلاً عن بعض التنظيمات المسلحة الصغيرة في سوريا، أو حتى بالنسبة لفيلق القدس في الحرس الثوري الإيراني.
وساعدت مواصفات نصرلله الكاريزماتية على إنتشار نجوميته في الخارج، وعلى تعزيز مكانته في مواقع القرار في الداخل، وعلى نموّ شعبيته في بيئته الإجتماعية والسياسية، بشكل لافت، الأمر الذي ساهم في ظهور هذه الهالة المميزة حول شخصيته، والتي عززتها مواهبه القيادية، لا سيّما بلاغته في الخطابة.
قيادته المديدة للحزب مرّت بمراحل مختلفة من الصعوبات حيناً، ومن الصعود أحياناً، ولكنها كانت مثيرة للجدل في أوساط المحيطين والمقربين مرة، ومؤججة للخلافات مع خصومه مرات عدة. فيما البعض كان يعتبر أن صاحب هذه الشخصية القيادية الفذّة ظلم نفسه عندما حصر نشاطه الحزبي والسياسي في “البوتقة الإيرانية”، التي كانت أضيق من أن تستوعب إمكانياته ومواهبه في مخاطبة الجمهور العربي الواسع، الذي تفاعل مع نصرلله في مرحلة التحرير ، ولكنه ما لبث أن إبتعد عنه مع إبتعاد مسيرته عن القدس، وإنغماسها في صراعات داخلية في سوريا واليمن والعراق وفلسطين، وفق أجندات محور الممانعة الإيراني.
لسنا بوارد الخوض في تفاصيل مسيرة الشهيد الكبير،. ولكن لا بد من وقفة عند الظروف والملابسات التي أحاطت بالسنة الأخيرة، والتي تميّزت بـ” حرب الإسناد” لغزة، وأدت إلى ما نحن فيه من إرباكات وإرهاصات وضربات موجعة، بلغت ذروتها في الغارة المدمرة التي أودت بحياة “الأمين العام” وعدد من مساعديه.
منذ الأيام الأولى لحرب الإسناد، برزت ظاهرة أخذت تكبر وتتنقل من منطقة إلى أخرى، وتُمكِّن مسيَّرات العدو من “إصطياد” المقاتلين أثناء تنقلاتهم في قراهم بعيداً عن الجبهة، أو وهُم في طريقهم إلى مواقعهم. لم تقتصر الإغتيالات على العناصر في الميدان، بل تعدتها إلى رموز قيادية بارزة مثل وسام طويل وحسن رعد وغيرهما عشرات، فيما كانت هذه “الظاهرة” تخترق الضاحية، وتصطاد المناضل صالح العاروري، وتقتصر نيران الإغتيال على غرفة مكتبه بالتحديد!
طرحت هذه “الظاهرة” الكثير من علامات الشك والإرتياب، خاصة بعدما ذهب معظم الشهداء الخمسماية ضحية المسيَّرات، والمتفجرات المزروعة في الطرق التي يسلكونها. لا شك أن التكنولوجيا تلعب دوراً مهماً في تحديد دقة الهدف وإصابته بشكل مؤكد، ولكن كان ثمة كلام عن إختراق بشري على الأرض، لا بدّ من كشفه وإستئصاله.
في خضم التصعيد الصاروخي على الجبهة، إنتقل الاختراق إلى بيروت، ووقعت فاجعة تفجير “البيجر”، وأجهزة اللاسلكي، عندها ظهر “السيد”، وأعلن أن الرد سيتخذ في أضيق الدوائر الممكنة، وكان هذا المؤشر العلني الأول عن وجود الإختراق البشري في صفوف الحزب. وتوالت الضربات الكبيرة من الإغتيال الجماعي لقادة فرقة الرضوان، بعد فترة قصيرة من إغتيال القيادي فؤاد شكر، إلى إغتيال قادة وحدات في منازلهم، وصولاً إلى كارثة يوم الجمعة ٢٧ إيلول الجاري.
وإذا أضفنا خرائط المواقع العسكرية، وبنك الأهداف الذي يضم أماكن تخزين السلاح والذخيرة، المستهدفة في الغارات اليومية المكثفة في الجنوب والبقاع والضاحية الجنوبية لبيروت، يتبين لنا حجم الإختراقات على مستوى الجغرافية الميدانية في مختلف المناطق اللبنانية .
ولكن ماذا بعد هذا الزلزال الذي ضرب الحزب، وإرتداداته على الوضع اللبناني برمته؟
العدو الإسرائيلي يستغل حالات الإرباك التي تهيمن على الوضع اللبناني، سواءٌ الرسمي تحت ضغط موجة النزوح غير المسبوقة، أو الأمني بعد الضربات السريعة والموجعة التي تعرضت لها قيادات الحزب، وهو في ذروة معركته الراهنة ضد الهجمة الإسرائيلية الشرسة، للقضاء على ما تبقّى من قدرات الحزب القتالية، الأمر الذي يتطلب تحركاً لبنانياً وعربياً ودولياً، للجم تفلّت العدو الإسرائيلي من كل الضوابط القانونية والإنسانية، وتفويت الفرصة على نتنياهو الساعي لتقويض مقومات الدولة اللبنانية، وإشاعة الفوضى المدمرة في البلد.
المطلوب خطوة جريئة يتخذ قرارها الرئيسان نبيه بري، بما يمثل بالنسبة للعلاقة مع الحزب من تحالف وتفاهم، ونجيب ميقاتي بما يمثل في هرمية السلطة اللبنانية، وتقضي بإعلان وقف النار من جانب واحد، وإفساح المجال للحل الديبلوماسي، ودعوة مجلس النواب والحكومة للتصديق على هذا القرار حتى يكون خياراً وطنياً شاملاً، ويتحمل مسؤوليته كل الأطراف السياسية.
ولنتذكر كلام المرشد الروحي الإيراني قبل أسابيع قليلة: خطوة تكتيكية إلى الوراء، تكون بمثابة خطوة إلى الأمام.
إنها ساعة لإنقاذ الوطن والشعب المهجَّر من أرضه، ولا ألف مرة لتصفية الحسابات الضيقة، أو المضي في أساليب الصراعات والنكايات التافهة.
أما الرهان على الدعم الإيراني فهو أشبه بمن يلهث وراء السراب!
صلاح سلام، 30 أيلول 2024

Please follow and like us:

COMMENTS