في ذكرى ميلاده : عبدالناصر حين يفهم الاسلام الحق ويخالفه “الاخوان”!

في ذكرى ميلاده : عبدالناصر حين يفهم الاسلام الحق ويخالفه “الاخوان”!

السودان اختار نعمات خير لرئاسة القضاء، لماذا ومن هي؟
لبنان : قوى الأمن الداخلي تكشف حسابات “إسرائيلية” للتجسس و”التجنيد” عبر “فايسبوك” و”أبل ستور” و”بلاي ستور”
الروائي اورهان باموق : تركيا تنزلق نحو نظام رعب

كتب الدكتور رفعت سيد احمد
تمر هذة الايام الذكري ال 107 لميلاد الزعيم الوطني والقومي جمال عبدالناصر (ولد في 15 يناير 1918) ولانه لا يزال حيا بفكره وسيرته العطرة ومواقفه القومية الصلبة وثبات وصواب رؤيته تجاه قضايا الامة الكبري فإن جماعة (الاخوان الارهابية ) تصر وفي كل ذكري لميلاده أو وفاته أو ثورته المجيدة (ثورة يوليو1952)أن تذكره هي وأتباعها ومؤيديه السذج ..بالسوء كما كل الحكام المصريين ولاتجد في أحد منهم سوي الاتهام بالفساد و الكفر و الجهل ..ولعل أخطر ما تتهم تلك الجماعة الارهابية رؤساء مصر دونما إستثناء هو (الخروج من الملة والدين ) وأنهم وحدهم هم (الاسلام الصحيح ) وكان عبدالناصر هو الاكثر وضوحا في إتهامات الاخوان ولايزالون عبر أبواقهم الرخيصة –مثلهم- يتهمونه بذلك رغم أن الرجل بصداميه معهم (1954-1965) كان يمثل الثورة والدولة والدين الحق وكان صراعه في الاصل مع الاخوان هو صراع حول السياسة والحكم ..وهو الامر الذي لايزال مستمرا مع كل رؤساء مصر حتي اليوم (2025) : السياسة والحكم وليس الدين والكفر !
* إن عبدالناصر في فهمه للدين كان أكثر إسلاما من الاخوان وكل الجماعات الارهابية التي أشاعت في مصر والمنطقة ؛الفتنة والفوضي والدم من الاخوان الي القاعدة وداعش والنصرة ! فماذا عن (إسلام –عبدالناصر) الذي حاولت جماعة (الاخوان الارهابية ) نفيه عنه و وكأنهم حاملي صكوك الوطنية والدين وحدهم دون خلق الله ؟ ***** ..من هنا وجب التذكر والاهتمام والتدبر ..ولعل في مواقفه ورؤياه تجاه علاقة الدولة بالدين و موقع الاسلام كحضارة وثقافة في قضايا الوطن ..ما يتطلب إعادة تأمل لما قاله وفعله هذا الزعيم الكبير ..عل ذلك يفيد الامة في صراعاتها الراهنة مع الاخوان ودواعش وغلاة هذا الزمان والذين لا يقلون شذوذا وجهلا وعنفا عن دواعش زمن عبد الناصر
*****************
*في البداية يحدثنا التاريخ فيقول إن عبد الناصر لدى(الدواعش القدامي : الإخوان ) وفى مجمل وثائقهم (حاكم يعادى الإسلام) لمجرد أنه يعاديهم، حيث هم الإسلام ، ومن عاداهم يصبح بالتبعية خارجاً عن الملة ، وعبد الناصر لديهم لا يمتلك رؤية إسلامية صحيحة بل رؤية فاسدة وأحياناً (كافرة) فهل هذه الاتهامات صحيحة ؟ وهل كان عبد الناصر علمانياً ، معادياً للإسلام بالفعل ؟
* سيظل عبد الناصر ، حاضراً ، بفكره وتجربته ، مهما طال الزمن أو بعد ، ربما يعود ذلك إلى أن تجربته كانت ثرية بإنجازاتها ؛ وربما يعود ذلك إلى أنها جاءت فى لحظة تاريخية فاصلة من عمر الأمة ، فخلقت واقعاً جديداً مفصلياً فى تاريخ مصر الحديث .. وربما لأسباب أخرى سياسية داخلية وخارجية كان لهذه التجربة الناصرية بريقها وديمومتها ، ، ، اليوم نحاول أن نعيد قراءة رؤية عبد الناصر للإسلام وهى الرؤية التى نحتاجها اليوم ، تعبيراً عن جدلية الصراع بين أنظمة الحكم الوطنية وبين الاخوان ودواعش الفكر التكفيري الجدد ..والسؤال الاساس هنا ما الذي نستفيده من فكر وتجربة عبدالناصر تجاه علاقة الدين بالدولة بالثورة ..وما هي الدروس الرئيسية في تلك التجربة والتي قد تفيدنا مصريا وعربيا اليوم (2025) في صراعنا مع الاجيال الجديدة من التكفيرين الدواعش الذين هم الابناء الشرعيون لحركة الاخوان وجهازها السري ؟ .
أولا:أن الدين فى إدراك عبد الناصر هو جزء من عملية التنمية الشاملة والتغير الاجتماعى فهو يساهم فى عملية التحول تجاهها ، ويخضع لنفس الشروط ولذات التحديات وخاصة فى المجتمعات ذات الثقافة التقليدية والتى يلعب الدين ورجاله فيها دوراً مؤثراً ، والدين هنا أصبح يلعب دوراً فى التنمية من خلال كشف أعدائها حيث ” شريعة الله هى شريعة العدل وهى شريعة المساواة ، أما شريعة الرجعية فهى شريعة ضد الإسلام وضد الدين مهما تمسحت به ” () خطاب عبدالناصر في 22/3/1966.
وحيث يرتبط الدين لدى عبد الناصر بالعدالة ” فالذى يريد أن يطبق الدين لا يقسم الشعب إلى أسياد وشعب من العبيد .. ده .. ده هو الكفر ” كما يقول فى خطابه فى 1/5/1966 .
ثانيا:من أبعاد موقع الدين فى إدراك عبد الناصر ، هو أنه كان يرى أن للدين الإسلامى دور مؤثر فى توحيد وتضامن العالم الإسلامى تجاه أهداف اجتماعية وسياسية وهنا ينبغى التأكيد على نقطتين هامتين :
الأولى : الدين عند عبد الناصر لم يكن هو الإسلام وحسب ، ولكنه مثل لديه كل التراث من قيم وتقاليد وتاريخ دينى ، عاشته مصر والمنطقة العربية ، يعنى هذا ادخال المسيحية ، وبعض العادات الدينية والفرعونية وغير الفرعونية ، والتى لايزال المواطن العربى والمصرى يمارس بعض طقوسها كالموت ، أو زيارة القبور أو إرسال الرسائل إلى الموتى وما شابه ذلك أما الإسلام فهو أكثر تحديد وأقل شمولاً من الدين عند عبد الناصر
أما الثانية : فهى أن الدين ككلمة أو كفكرة ، استخدمت عند عبد الناصر فى المجال الداخلى المصرى أو الإقليمى العربى ، فهى لم تتعد كثيراً عنده إلى حيث الإطار الدولى أو اطار العالم الثالث أو الإسلامى ، فالدين استخدم فى مواجهة الرجعية العربية وأعداء الاشتراكية والتنمية أيضاً أعداء الجمود الفكرى
ثالثا:هو رفض الرؤية المتزمتة والتفسيرات الجامدة للدين وللإسلام ، ويفرق عبد الناصر هنا بين الإسلام كعقيدة ثابتة ومقدسة وبين الفكر الدينى المتجدد والمتغير ويرفض عبد الناصر هنا أيضاً احتكار بعض القوى الدينية لحق تفسير الدين وخاصة الاخوان ومن شابهم !
رابعا : من محددات موقع الدين فى فكر عبد الناصر ، نجد أنه يرى أن الدين لا يصلح كأيديولوجية سياسية مستقلة بل يصلح كأداة وكمنطلق وكأحد العناصر لأيديولوجية سياسية هى القومية العربية
****************
الخلاصة …إن (إسلام -عبد الناصر )تعود إلى مرحلة ما قبل عام 1952 ، حيث تعرف وفهم آليات عمل وفكر وسياسات كل من حركة الإخوان الارهابية ومصر الفتاة والقوى السياسية الأخرى وكيف أن الدين – وتحديداً الإسلام – قد احتل موقعاً هاماً فى فكره ، ولكن برؤية مستنيرة وليس منغلقة وأن أبرز أبعاد الرؤية الناصرية للاسلام تمثلت في كونه رافعا رئيسيا فى عملية التعبئة السياسية ، والتنمية الشاملة ، والقومية العربية ، ومواجهة الصراع الخارجى ..وهذا هو الفهم العظيم والحقيقي للاسلام وهو مالم يرتفع ( الاخوان والتنظيمات الارهابية )له ..بل إقتصر دورها ووظيفتها علي نشر الفوضي والعنف والدين المزيف بين الناس …وعلينا أن نحذرهم دائما !

الدكتور رفعت سيد أحمد، مفكر وباحث وكاتب عربي من مصر، مختص وله مؤلفات في شؤون حركات التكفير والإرهاب
الجمعة، 10 كانون الثاني/يناير، 2025

Please follow and like us:

COMMENTS