إن (التكفيريين الجدد )الذين أتوا في ركاب الربيع العربي الذي إندلع في 2011 والذين حاولوا أن يركبوا هذا الربيع العربي هم وجماعة الاخوان الارهابية الذين لولا يقظة الشعوب والجيوش العربية وتحديدا الجيش المصري العظيم وتضحياتهم الكبيرة من (2011-2024) لكانوا قد سادوا وإنتصروا !إن هولاء التكفيرين الجدد الذين تهب اليوم رياحهم السامه مرة ثانية في بلاد الشام بعد ربيعهم العبري عام 2011 في المرة الاولي- بإسم زائف هو الثورة !!!- ما كانوا ليستمروا وينموا دونما نوعين من الدعم : دعم مالى (دولى وإقليمى) ودعم بالفتاوى الدينية الضالة والمضلة ، التى تبرر استحلال الدم والأموال ، وتضيع الأوطان باسم الدين والدين براء من ذلك وبإسم الثورة والثورات منهم براء تماما ! فهؤلاء فوضويون ودمويون ليس الا !. * إن هؤلاء التكفيريين هم خوارج هذا العصر بكل ما للكلمة من دلالات تاريخية وعقائدية ، وهم حين قتلوا المسيحيين والأقليات الأخرى ، واعتدوا على المسلمين الشيعة والمسلمين السنة داخل سوريا والعراق ، وحين ذبحوا المراسلين الصحفيين الأجانب وسرقوا ، ونهبوا ، وباعوا النساء فى أسواق نخاسة جديدة فى الموصل ، عندما فعلوا كل ذلك كانوا يترجمون عملياً ما تعلموه من فتاوى ضالة وفقه شاذ يبرر اغتيال الدنيا والدين معاً، نحاول هنا أن نقترب من ذلك المعين الزائف الذى تعلم وتدرب فيه تنظيمات الفكر المتشدد ، ونقدم أيضاً رؤى الإسلام الصحيح لمواجهة هذا الفكر التكفيرى المنحرف ، فماذا عن هذا جميعه ؟.
***
أولاً : معنى الغلو والتطرف :
فى البداية دعونا نضبط المصطلحات التى تدور حول تظيمات التكفيريين في بلادنا العربية وأولها مفهوم الغلو فى الدين: لا شك أن الغلو في أي شيء يتناقض مع الفطرة وذلك محل إجماع علماء الإسلام الثقاة فى كل المذاهب وكذلك محل إجماع شعبي عربى حيث نجد في المثال الشعبي المصرى المتوارث (إن زاد عن حده، انقلب ضده) وهو مثل يعبر عن وجدان الشعوب وفطرتها وهذه الأمثال غالباً ما تتوافق مع الدراسات والأبحاث العلمية وحول مصطلح الغلو (الغلو لغة: مجاوزة الحد، ومنه غلا السعر، وغلا القدر (لسان العرب، مادة غلا)، والغلو اصطلاحاً: المبالغة والتشدد في التدين التي يلزم منها تجاوز ضوابط الدين ذاته) والغلو آفة تصيب التدين وقال الرسول (ص) “يا أيها الناس إياكم والغلو في الدين، فإنه أهلك من قبلكم الغلو في الدين” ـ رواه أحمد والنسائي وابن ماجه، واللفظ له عن ابن عباس مرفوعاً ـ وقال (ص): “هلك المتنطعون” “قالها ثلاثاً”، ويقول النووي في تفسير المتنطعون (المتعمقون المتشددون في غير موضع التشديد وهذا يفيد تأكيد النبي (ص) على هلاك المغالين في أقوالهم وأفعالهم، وفيه ذم التكلف والتشدق بالكلام، وأن الشدة لا تأتي بخير) .
***
ثانيا : يمتلأ تاريخ الفكر التكفيري بالفتاوى الشاذة(تجاه المسيحيين والمسلمين المختلفين معهم) التى تبرر التكفير ورفض الآخر والتعصب المذهبى ، وهى فتاوى مثلت المعين أو المرجع لكل تنظيمات العنف وفى مقدمتها الاخوان والقاعدة وداعش .
إن المتجول فى كتب شيوخ التشدد والتكفير يكتشف كماً هائلاً من السب والقذف والطعن في حق علماء الأمة ومفكريها قديما وحديثا , فلم ينج أحد من شتمهم بدءا بأبي حنيفة ومالك مرورا بابن حجر والنووي وأبى حامد الغزالي والفخر الرازي والبيهقي والقاضي عياض وابن الجوزي وابن حزم والترمذي وأبو الوليد الباجي وأبو بكر العربي وابن عقيل والقرطبى والسيوطى فهؤلاء الأئمة بمقاييس المتشددين ليسوا من أهل السنة والجماعة وإذا وصلنا إلى العصر الحديث فكل رجال الإسلام ودعاة النهضة مبتدعين وعلى ضلالة بدءا من الشيخ رفاعة الطهطاوي و الإمام محمد عبده والكوثرى والمراغى ومحمود شلتوت وأبو زهرة والغزالي والشعراوى وخالد محمد خالد وعلي جمعة والشيخ أحمد الطيب إلخ.
مما يؤكد أن شتم وطعن علماء الأمة خلق أصيل فيهم وليس أخطاء فردية من بعضهم كما يدعي البعض. وما فعله ويفعله المتشددون من أمثال ما تبقي من هذة التنظيمات والاتجاه السلفي فى بلادنا ، هو عين ما يريده أعداء الأمة وما كان يفعله المستشرقون وأجهزة الاستخبارات الغربية بأنفسهم قديما وذلك لإماتة الأمة لأن العلماء والمفكرين هم عقلها المفكر وقلبها النابض وقد كفاهم مؤنة ذلك هؤلاء المتشددون وبذلك يبقى للامة رؤس الجهلة فيتولون قيادتها فيفتون بغير علم فيضلون ويضلون كما حذرنا صلى الله عليه وسلم .
* ماذا يعنى هذا؟ إن هذا يعني أن مئات الفتاوى للتكفيرين الجدد أدي الي خلق بيئة وثقافة كراهية ، جاهزة لإنتاج القتلة ، باسم الإسلام ، وهو ما يتم عملياً الآن فى العراق وسوريا ومن قبل في سيناء لولا يقظة الجيش المصري العظيم وما قدمه هو والشرطة المصري والشعب المصري من تضحيات كبيرة ضد هذة الجماعات التكفيرية والتي لاتؤمن بالاخر ولا ببقاءه حيا !هذة التنظيمات وغيرها التى تخالف صحيح الدين وتتبنى ثقافة التكفير الذى هو مقدمة عملية للقتل باسم الدين والدين براء مما يعتقد هؤلاء السفهاء .
********
خلاصة القول : إن (التكفيريين الجدد) الذين يتواجدون اليوم في بلاد الشام والمغرب العربي والصومال ومالي..هؤلاء يستمدون روحهم العدوانية من فتاوى دينية متطرفة وشاذة –ولا تغرنك وجوهم الجديدة وال(نيولك الجديد )!- إن هؤلاء ويعودون بفاتويهم إلى شيوخ متطرفين فى العديد من بلادنا العربية والإسلامية ، ولكن علماء الإسلام الثقاة ومؤسساتهم ، والأزهر الشريف في مقدمتها يرفضونها …فقط يحتاج الامر الي (إستراتيجية شاملة) لهذا الفكر المتطرف والتكفيري ورياحه السامة التي تهب من جديد في أواخر عام 2024 والتي تهددنا جميعا … وهذا واجبنا جميعا!
د. رفعت سيد أحمد، مفكر وباحث وكاتب عربي من مصر، مختص وله مؤلفات في شؤون حركات التكفير والإرهاب
الثلاثاء، 24 كانون الأول/ ديسمبر، 2024
COMMENTS