في هذا الوقت، كان مستشار الرئيس سعد الحريري الدكتور غطاس خوري يزور جعجع في معراب، موضحا «أن النقاش قائم حول إمكانية إيجاد خرق ما في الملف الرئاسي، ولا قرار نهائياً في هذا الاتجاه». وكشف عن أن الحريري سيعود قريبا من سفره ليتحرّك هذا الملف مجدداً بطريقة ما نحو مكان جديد. وقال خوري لـ«السفير» إن المراوحة الرئاسية «لم تعد مقبولة بفعل تداعياتها المتفاقمة على الوضع العام»، مشيرا الى أن الحريري لا يزال ملتزما بخيار ترشيح فرنجية وهو سيناقش ما آل اليه هذا الخيار مع كل من بري وفرنجية بعد عودته. وأضاف: نحن قصدنا من ترشيح فرنجية إيجاد حل لأزمة الشغور الرئاسي، لا إضافة عقدة جديدة اليه، وإذا استمر الأفق مسدودا، يجب البحث في خيارات تسمح بإيجاد كوّة فيه.
/++++++++++++++++++++++++++/
السفير//
بري لـ«السفير»: موقف جعجع يعكس ميلاً للاحتكار والاحتقار//
الحريري يستعد لـ«مراجعة رئاسية»؟//
إذا كانت عطلة الحكومة، المعطلة أصلا، ستطول إلى ما بعد عودة رئيسها تمام سلام من رحلة نيويورك، فإن ملفات أمنية وقضائية تحركت أثناء العيد، يرجح أن تستمر بالتفاعل في الأيام المقبلة، بعدما عكست حجم الترهل الذي بلغه منطق الدولة ومؤسساتها، كما تبين من طريقة المقاربة لقضيتي تفجير كسارة ـ زحلة، ومفاعيل القرار الظني في تفجير مسجدي التقوى والسلام في طرابلس.
وبهذا المعنى، أصيبت هيبة الدولة الشاحبة بانتكاسة إضافية في أعقاب الإفراج عن مفتي راشيا السابق الشيخ بسام الطراس تحت ضغط مرجعيات سياسية ودينية، برغم ورود اسمه في اعترافات عدد من الموقوفين في ملف تفجير كسارة، الأمر الذي بدا أنه استنساخ لسيناريو شادي المولوي الذي أوقفه «الأمن العام» بشبهة الإرهاب ثم أخرجته المداخلات من السجن بطلاً، ليتكشف بعد حين أنه من أخطر الإرهابيين.
وإزاء الالتباسات التي ترافق هذه القضية، قال الرئيس نبيه بري لـ«السفير»: رضي القتيل ولم يرض القاتل.. كما أن استسهال الطلب من مجلس الوزراء حل «الحزب العربي الديموقراطي» و«حركة التوحيد ـ فرع هاشم منقارة» استنادا الى القرار الظني في تفجير مسجدي طرابلس، أثار ردود فعل وجدت في هذه الدعوة تجاوزا للأصول والقواعد القانونية والقضائية، التي لا تبرر حل أي حزب، قبل صدور حكم قضائي مبرم يدينه، من دون أن يعني ذلك التخفيف بأي شكل من وطأة الجريمة المرتكبة وضرورة إنزال أشد العقوبات بحق مرتكبيها، أياً كانوا.
وقال وزير الداخلية نهاد المشنوق لـ«السفير» إن «الأمن العام» قام بواجبه القانوني باستدعاء الشيخ الطراس الى التحقيق بعد ورود اسمه في التحقيقات، مشيرا الى أن «النقاش تمحور حول توقيت التوقيف عشية عيد الأضحى، وقد استنفرت الطائفة السنية بكامل مفتيها وأركانها، وكان يمكن أن ينتج من ذلك تصعيد بالكلام وعلى الأرض، لذلك تدخلت درءا للفتنة وتلافيا للمحظور لأن الموقوف مفتٍ سابق، علما أنه ترك رهن التحقيق، وبالتالي يمكن للقضاء استدعاؤه ساعة يقرر ذلك لأنه مشتبه فيه وليس متهماً بعد».
واعتبر المشنوق أن صدور القرار الاتهامي في قضية تفجير مسجدي السلام والتقوى «استدعى مني الطلب من مجلس الوزراء حل «حركة التوحيد» و«الحزب العربي الديموقراطي»، لأن الشبهة وحدها كافية بالنسبة الى دور هذين التنظيمين الواضح والمعروف والمحدد في التحقيقات والقرار الظني».(ص2)
بري يرد على جعجع
سياسيا، أكدت أوساط سلام لـ«السفير» أن الأمور جامدة على صعيد الأزمة الحكومية، موضحة أن الاتصالات قائمة، لكن بوتيرة خفيفة بسبب عطلة عيد الأضحى، والمهم أن يقتنع وزراء «تكتل التغيير» بعدم صوابية مقاطعة الجلسات وتعطيل الحكومة والاستمرار في التصعيد السياسي والإعلامي.
وأشارت الاوساط الى أنه لا يزال هناك متسع من الوقت من الآن وحتى موعد انعقاد الجلسة المقبلة لمجلس الوزراء المفترض أن تحصل في 28 الشهر الحالي، أي بعد عودة الرئيس سلام من رحلته الى الأمم المتحدة في نيويورك، بدءا من 23 أيلول.
أما الرئيس بري فأكد لـ«السفير» أن «المردة» سيعود حتما الى الحكومة في الجلسة المقبلة لها، «كما أرجح أن «حزب الله» الذي تغيب في المرة الماضية في محاولة لاستيعاب موقف «التيار» سيعود بدوره الى المشاركة، لان استمرار غيابه سيهدد الحكومة، والحزب حريص عليها ومتمسك ببقائها في ظل الظروف الحالية، على حد علمي».
وردا على سؤال بشأن اقتراح رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع باختصار الحوار الى خمسة أو ستة أطراف حتى يصبح منتجا، يجيب بري: «من المستحيل اختزال المكونات السياسية والطائفية بخمسة أو ستة فقط، وأنا لم أعتمد على المزاجية أو الاستنسابية في اختيار الجهات المدعوة الى الحوار، بل استندت الى معيار واحد ومشترك يتعلق بحجمها التمثيلي في مجلس النواب، وأي عبث بهذه المعادلة ينطوي على لعبة خطيرة، ويعكس ميلا الى احتكار التمثيل واحتقار الآخرين»(ص2).
في المقابل، أبلغت أوساط وزارية من فريق «8 آذار» «السفير» أن مقاطعة وزراء «حزب الله» «المردة» الثلاثة كانت محصورة بجلسة الحكومة الأخيرة فقط ولم يُتخذ قرار بمقاطعة كل الجلسات، أقله حتى الآن، رافضة الخوض في ما سيكون عليه موقف هذا الفريق في الحكومة إذا طرح موضوع حل «الحزب العربي الديموقراطي» و«حركة التوحيد»، لافتة الانتباه الى أن الأمر يتطلب المزيد من المشاورات.
فرنجية والراعي
الى ذلك، استقبل البطريرك الماروني الكاردينال بشارة بطرس الراعي، رئيس تيار «المردة» النائب سليمان فرنجية، في الديمان حيث عقدت بينهما خلوة استمرت حوالي 90 دقيقة.
وقالت أوساط المردة لـ«السفير» إن الزيارة تشاورية، لافتة الانتباه الى أن هناك علاقة مميزة تربط بين فرنجية والراعي الذي يكنّ الود والاحترام لرئيس «المردة»، وهما حريصان على التشاور حول المستجدات بين الحين والآخر.
الحريري عائد
في هذا الوقت، كان مستشار الرئيس سعد الحريري الدكتور غطاس خوري يزور جعجع في معراب، موضحا «أن النقاش قائم حول إمكانية إيجاد خرق ما في الملف الرئاسي، ولا قرار نهائياً في هذا الاتجاه».
وكشف عن أن الحريري سيعود قريبا من سفره ليتحرّك هذا الملف مجدداً بطريقة ما نحو مكان جديد.
وقال خوري لـ«السفير» إن المراوحة الرئاسية «لم تعد مقبولة بفعل تداعياتها المتفاقمة على الوضع العام»، مشيرا الى أن الحريري لا يزال ملتزما بخيار ترشيح فرنجية وهو سيناقش ما آل اليه هذا الخيار مع كل من بري وفرنجية بعد عودته.
وأضاف: نحن قصدنا من ترشيح فرنجية إيجاد حل لأزمة الشغور الرئاسي، لا إضافة عقدة جديدة اليه، وإذا استمر الأفق مسدودا، يجب البحث في خيارات تسمح بإيجاد كوّة فيه.
/++++++++++++++++++++++++++/
الأخبار//
عودة بشير: باسيل يُحْيي خطاب الفيدرالية//
في الأساس، لم يخرج اللبنانيون من منازلهم تأييداً للعماد ميشال عون إلا لتعبهم من المحاور وخطوط التماس والكانتون البشيريّ الإلغائيّ الضيق الذي عاد إليه الوزير جبران باسيل، مناقضاً ترداد الجنرال أن البلد أصغر من أن يقسَّم وأكبر من أن يُبلَع.
وفي ظل انحصار التفاعل مع كلام باسيل بدائرة ضيقة من المحازبين، لا بدّ من توضيح بضع نقاط قبل تسمم رؤوس جديدة بالطرح القواتيّ ــ الإسرائيليّ الميت القديم:
في الحرب الأهلية كان ثمة خطوط تماس تمزق الخريطة اللبنانية وجرائم حرب ودبابات إسرائيلية وتهجير «طويل عريض» وتمويل دولي لأمراء الحرب وأمر واقع اقتصادي واجتماعي وتربوي وخدماتي، وكان التقسيم جزءاً من بعض الحلول المتداولة. أما اليوم، فلا دبابات ولا جرافات ولا اهتمام دولي من قريب أو بعيد بإعادة رسم الخريطة اللبنانية. اليوم ثمة دستور وقوانين، ولا يمكن بطبيعة الحال مَن يعجز عن توفير الأكثرية اللازمة لتغيير قانون الانتخابات أو تعيين قائد جديد للجيش أو محاسبة مدير عام أن يؤمن الأكثرية النيابية اللازمة لتعديل الدستور، سواء لتحديد ماهية «الميثاقية» في نص واضح أو قوننة الفيدرالية. تيار المستقبل مثلاً لا يوافق على إمرار أي قانون انتخابات يخسّره نائباً واحداً من كتلته النيابية التي تتوزع مناصفة بين المسيحيين والمسلمين، فكيف يوافق على «تشليحه» نصف النواب؟ «المظلومية تبيح كل شيء». إلا أن من يرفضون إعطاء باسيل كرسياً صغيراً هنا أو هناك لن يعطوه نصف البلد أو أكثر لمجرد أن يلوّح لهم بإصبعه أو يتظاهر مع بضعة آلاف أو حتى مئات الآلاف.
ولعل باسيل لا يعلم إلا أن الآلاف استشهدوا من أجل وحدة هذا البلد ومنع تقسيمه وهم يواصلون التأكيد في الميادين السورية أن «إسقاط مشاريع التقسيم» أولوية. ولا شك بالتالي في أن الخيارات المتوافرة أمام باسيل قليلة جداً على هذا الصعيد، ولعل ما أخذ بالقوة لا يسترد بغير القوة إن كان يعتقد أن وضع المسيحيين اليوم عسكرياً واقتصادياً ودولياً أفضل مما كان عليه قبل أربعة عقود، وبوسعه شخصياً أن يحقق ما عجز بشير الجميّل عنه. أما من يواصلون التشدق بالتجربة الكردية، معتقدين أن بوسع الموارنة أن يكونوا أكراد لبنان، فلا يفقهون شيئاً، لا في الجغرافيا ولا في التاريخ ولا في طبيعة الشعب الكردي. فالمقارنة المتأنية تؤكد أن أحداً في العالم لا ينظر إلى الموارنة كشريك استراتيجي في مسألة ما، وآخر من فكر في الموارنة كـ»شريك» كان الإسرائيليين الذين لم يصدقوا كيف عادوا إلى كيانهم دون تنسيق حتى مع شركائهم المفترضين. أما «الحلف» الكردي – الأميركي فثابت ووثيق. ومقارنة بالأكراد لا يملك الموارنة موارد طبيعية يمكن أن تثير اهتمام أحد ما لم يكن تفاح كفرذبيان والعاقورة وتنورين يحتوي يورانيوم مخصباً؛ ولا موقعهم الجغرافي مميز حقاً، فيما الأكراد ينتشرون في منطقة تمثل واسطة عقد أربع دول كبرى في الإقليم: إيران والعراق وسوريا وتركيا. وفي مقابل «إجماع» نسبيّ بين المكونات السياسية الكردية على «القضية القومية»، يزداد مسيحيو لبنان تشتتاً عند كل منعطف، علماً بأن تجربة «توحيد البندقية» البشيرية لم تُنتج لهم سوى الجراح التي لم تندمل بعد.
ولا بدّ من الشرح للمتحمسين أن الفيدارلية لا تكون في السياسة فقط، بل في المصارف والمدارس والجامعات و»المولات» والمزارع والبساتين وغيرها. ولعل أحد المطلعين يشرح هنا لباسيل وغيره أن ما كان وارداً ربما قبل أربعة عقود بات مستحيلاً اليوم: من يقنع مصارف مثل «عوده» و»بيبلوس» و»سوسييتيه جنرال» وBLC وغيرها بوجوب إخلاء فروعها في «لبنان الآخر» والاكتفاء بزبائنهم في «لبنان باسيل»؟ ومن يقنع «اليسوعية» و»الأنطونية» وغيرها وغيرها من الجامعات بالاعتذار من نصف طلابها في أقل تقدير لوجوب مغادرتهم «لبنان باسيل» والعودة إلى «لبنان الآخر»؟ ومن يقنع المقاولين والمتعهدين وأصحاب المصالح المتوسطة بأن عليهم فوق كل مآسيهم حصر جمهورهم أكثر فأكثر. علماً بأن «لبنان باسيل» كان يتمتع قبل الحرب وخلالها ببعض مقومات الحياة زراعياً وصناعياً وخدماتياً، فيما هو اليوم سلسلة لا تنتهي من المجمعات السكنية التي لا تجد في ظل المقاطعة الخليجية أحداً يشتري شقة فيها. ولعل باسيل يتحمس في هذا السياق لحل «مظلومية النفايات» وانقطاع المياه والكهرباء وأزمة السير وغيرها مما تعانيه مناطق نفوذ التيار الوطني الحر قبل توريط هذه المناطق بهموم أكبر. ولا بدّ هنا من القول إن أزمة النازحين السوريين عنوان أساسي للتعبئة السياسية والمذهبية، إلا أن التجوال في عدة بلدات متنية وكسروانية وبترونية وزغرتاوية وسؤال أصحاب الدكاكين الصغيرة يبين عضّ هؤلاء على جميع مخاوفهم الأمنية والديموغرافية وحديثهم بإيجابية عن زبائنهم الجدد في ظل هجرة ثلثي أبناء هذه البلدات أو نزوحهم. علماً أن متابعة صفحات المتحمسين للطروحات الفيدرالية تشي بأن التفاعل الشعبي مع ما كان يوماً حلماً جعجعياً لا يزال خجولاً جداً، ولعل باسيل يحادث مستشاريه أولاً بهمومهم فيكتشف انشغال هؤلاء بتأمين القسط المدرسي اللازم لأبنائهم عن قيادة الجيش والقائد وغيره، ولعله يقرأ خطاب رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع في ذكرى الشهداء فيكتشف إعطاءه الأولوية للقضايا المعيشية على حساب العلك السياسيّ التقليديّ انسجاماً من جعجع مع الملل الشعبيّ من المشاكل والاستفزاز المتبادل والابتزاز. والأهم من هذا كله أن التيار الوطني الحر كان وما زال مطالباً بالخطة البديلة، سواء في ما يخص رئاسة الجمهورية أو معركة قيادة الجيش أو غيرها، لكن لا يمكن باسيل أن يقول للرأي العام إن خطته البديلة ما هي إلا الخطة التي جربها المسيحيون ودفعوا ثمنها قبل أربعة عقود. فـ»العيش صعب مع التهميش»، و»المظلومية تبيح كل شيء»… إلا الانتحار.