وفي خضم هذا التوتر، علم أن عدداً من الوزراء اتخذ إجراءات أمنية مشددة بالإضافة إلى القرار للحد من تنقلاتهم، والاكتفاء بالضروري فقط، خشية أن تستغل القوى المتضررة محاولات التأزيم العوني، لإحداث خلل في الاستقرار القائم. وأكدت المصادر المعنية أن الوضع الأمني على الرغم من أنه تحت السيطرة لكنه قد يتعرّض للخطر إذا ما استمر التجاذب السياسي في البلاد. وأفادت مصادر وزارية أنه في ظل غياب انعقاد مجلس الوزراء، فإن سيناريو تأجيل تسريح قائد الجيش العماد جان قهوجي مرجح حصوله، لافتة إلى أن وزير الدفاع الوطني سمير مقبل لن يتوانى عن تقديم أسماء في مجلس الوزراء حال التئامه، غير أن غيابه سيحتم لجوء الوزير مقبل إلى تأجيل التسريح …
/+++++++++++++++++++++++/
النهار
المجموعة الدولية تُجدّد مظلّة الدعم للحكومة
تبريد هاجس التوطين عشيّة مؤتمري نيويورك
“أشاح استنفار دولي شهدته بيروت على المستويين الديبلوماسي والاعلامي أمس الأنظار عن الاحتدام السياسي الآخذ في التصاعد، واكتسب هذا الاستنفار دلالات بارزة وخصوصاً لجهة تأكيد المجتمع الدولي دعمه للحكومة من جهة وحرصه على تبديد المخاوف اللبنانية من توطين اللاجئين السوريين في لبنان من جهة أخرى. واذ استرعى الانتباه توحيد الخطاب الدولي حيال الواقع اللبناني بما يعكس استمرار المظلة الدولية للاستقرار الداخلي ووضع ضوابط أمام احتمالات تفلت الاشتباك الداخلي بما يهدد هذا الاستقرار، بدا البيان الجماعي الذي صدر عن سفراء الدول الخمس الدائمة العضوية في مجلس الأمن والمنسقة الخاصة للامم المتحدة في لبنان سيغريد كاغ عقب زيارتهم لرئيس الوزراء تمّام سلام عشية توجهه الى نيويورك واضحاً من حيث اطلاق الرسائل المتصلة بموقف الاسرة الدولية من ابرز ملفات الازمة السياسية الداخلية. وقد تضمن البيان “تأكيداً للدعم القوي لاستمرار الاستقرار في لبنان” وأشاد بجهود رئيس الوزراء معربا عن “الدعم المتواصل لعمله” ودعا السفراء الخمسة وكاغ “جميع الاطراف اللبنانيين الى العمل بمسؤولية خدمة للمصلحة الوطنية لتمكين المؤسسات الحكومية من العمل بفاعلية”، كما عبروا عن “قلقهم العميق حول الشغور في رئاسة الجمهورية” ودعوا الى عقد جلسة لمجلس النواب “في شكل عاجل والشروع في انتخاب رئيس للجمهورية”، متطلعين الى اجراء الانتخابات النيابية في السنة المقبلة “ضمن الجدول الزمني المحدد”.
وفي السياق نفسه علمت “النهار” ان المراجع الدولية شددت على أهمية إنخراط لبنان في القمة الدولية التي دعت الولايات المتحدة وعدد من الدول الأخرى الى عقدها في نيويورك في 20 أيلول الجاري والتي ستتناول موضوعي الهجرة وااللاجئين، وكذلك في مؤتمر قمة الامم المتحدة المعني باللاجئين والمهاجرين المقرر عقده في نيويورك في 19 منه. وقالت مصادر ديبلوماسية إن لبنان سينال في المؤتمريّن دعماً مادياً ومعنوياً مهماً. ودعت الى تصحيح الفهم الخاطئ لعبارة “إعادة توطين اللاجئين”، موضحة ان المجتمع الدولي يقصد من ورائها توطين اللاجئين في بلد ثالث. والامر في حالة لبنان وبما يتعلق باللاجئين السوريين سيكون إعادة توطين هؤلاء في بلد ثالث غير لبنان وغير سوريا اذا لم تنته الحرب في سوريا، مما يعني ان عدد اللاجئين سيكون الى تناقص في الدول المضيفة لهم.
وخففت المصادر وطأة التباين الظاهر على المستوى الحكومي اللبناني في مقاربة موضوع اللاجئين، فرأت أن التباين مرده الى الضغوط الناجمة عن إستضافة لبنان اكثر من مليون لاجئ سوري وهو بلد يبلغ تعداد سكانه خمسة ملايين نسمة. لكن هذا القلق الداخلي لم يغيّر طريقة تعامل لبنان الانسانية مع اللاجئين على رغم ان لبنان لم يوقّع إتفاق جنيف لعام 1951 الخاص باللاجئين.
وشدّدت مجدداً على إنخراط الوفد اللبناني في قمتيّ نيويورك حيث ينتظر لبنان مزيدا من الدعم إضافة الى عقد عدد من اللقاءات الجانبية المهمة وهي فرصة للبنان لتوجيه رسالته الى العالم لكي يتحمل مسؤولياته في مساعدته على تحمّل عبء ملف اللجوء.
تعهد دولي
وفي موازاة اللقاء الديبلوماسي لسفراء الدول الخمس ومنسقة الامم المتحدة والرئيس سلام، برزت مجموعة ندوات اعلامية شاركت فيها “النهار” وتركزت على مسألة اللاجئين. وفي مؤتمر جامع عبر الفيديو في بيت الامم المتحدة ببيروت، قال المدير السياسي في مكتب رئيس الدورة الـ70 للجمعية العمومية للامم المتحدة كمال امكران لـ”النهار” إن “الحمل (اللاجئين) لم يعد يقتصر على لبنان بل سيتشاطره معه المجتمع الدولي”. وتحدث عن تعهد متوقع في الاجتماع الذي تنظمه الامم المتحدة في 19 ايلول باعادة توزيع مليون ومئتي الف لاجئ. وقال رداً على سؤال: “لبنان أدى دوره ولا بد من تشجيع سواه على أن يحذو حذوه”. أما مستشارة الامين العام للامم المتحدة الخاصة لمؤتمر حركات اللاجئين والمهاجرين كارين أبو زيد فأقرت بوجود “سوء فهم في لبنان لأهداف المنظمة الدولية المتعلقة بهذا المؤتمر”.
واشنطن
وفي الوقت نفسه نظمت السفارة الاميركية في عوكر لقاء عبر الانترنت مع مساعدة وزير الخارجية الاميركية لشؤون اللاجئين والهجرة آن ريتشارد التي سبق لها ان زارت بيروت أكدت خلاله ان “أياً من الدول لا تواجه الاوضاع الصعبة التي يعانيها لبنان في ملف اللاجئين”. ومع انها اثارت مسألة مطالبة الولايات المتحدة لبنان بالسماح للاجئين السوريين بمزاولة الاعمال “بصورة قانونية والعيش في شكل طبيعي” نفت في المقابل الطلب من اللبنانيين أو الضغط عليهم بأي شكل لتوطين اللاجئين. وأشارت الى دعم بلادها اقامة مناطق آمنة في سوريا لنقل اللاجئين اليها عندما تسمح الظروف بذلك.
السفير
خليّة كسارة العنقوديّة: استهداف مواكب أمنية وخرق الجيش
“كشفت «خليّة كسارة ـ زحلة» الكثير من المستور. صحيح أنّ العبوة التي وضعت في زحلة لم تحقّق مبتغاها باستهداف المتوجهين من البقاع إلى صور للمشاركة في إحياء ذكرى تغييب الإمام السيد موسى الصّدر، إلّا أنّ التّحقيقات بشأنها استطاعت تفكيك خليّة عنقوديّة خطيرة، كشفت احترافيّة تنظيم «داعش» وخلاياه النائمة من جهة واستخدامها «البريد الميّت» على طريقة العدوّ الإسرائيليّ من جهة ثانية.
ومع ذلك، فعلتها المديريّة العامّة للأمن العام عندما أوقفت وبسرعة قياسيّة واضع العبوة (ع. م. غ.) لتتساقط الخليّة ويظهر أن سجلّها حافل وهي مسؤولة عن عدد من التفجيرات التي استهدفت مواكب أمنية وعسكرية لـ «حزب الله» على طريق شتورة ـ دمشق، وآخرها التفجير الذي حصل قبل سنة.
وللمرة الأولى منذ فترة طويلة، تَعَمَّدَ الأمن العام، أمس، بعد ختم التحقيقات في «خلية كسارة» كشف أدوار بعض أفراد الخليّة، ببيان رسمي مفصل، بدا أنه شكل من أشكال الرد على الحملة السياسية التي تعرض ويتعرض لها الأمن العام منذ قراره القاضي بتوقيف الخلية وأحد المشتبه بهم من رجال الدين في منطقة راشيا، على أن يصدر اليوم بيانٌ ثانٍ عن الأمن العام يتعلق بالخلية نفسها.
ومع سلسلة التوقيفات التي شملت حوالي العشرة أشخاص، جنّب الأمن العام البلد انفجارات إرهابيّة، خصوصا أن الموقوفين كشفوا وجود مجموعة كانت تقوم باستطلاع مفصّل لمنطقة النبطيّة، من دون إغفال أدوار خلايا نائمة أخرى تتلقى أوامرها من «داعش» بواسطة شيفرات سرية موجودة ضمن تطبيق «إنستغرام».
وبحسب معلومات «السّفير»، فإنّ البدء بمعرفة هويّات أفراد الخليّة جاء حينما سُئل (ع. م. غ.) عن مكان جهاز «الريموت كونترول» الذي استخدمه في تفجير العبوة في كسارة، باعتباره لا يعلم هويّة باقي أفراد المجموعة.
عندئذٍ أقرّ أنّه خبأه لدى (و. س.) الذي تَبَيَّنَ أنّه «لولب الخليّة» بعدما تمّ إلقاء القبض عليه، ليُقِرَّ أنّه ضالع، بعبوة المصنع التي تزن 12 كغ وتمّ ضبطها، واستهداف موكب لـ «حزب الله» قبل عام وقبلها عدد من العبوات التي صُنِعت داخل منزله، بالإضافة إلى انتمائه لـ «داعش» ومبايعته أميرها السوري (ع. ع.).
ارتبك المحقّقون أمام هذه الاعترافات، (المعروف أنَّ الأمير السوريّ هو من محلة بابا عمرو في حمص) التي تشير إلى أنّه معوق ووضعه الصحيّ حرج جداً. تمهّل هؤلاء قبل أن يتوسّعوا في التحريّات ويكتشفوا أنّ (ع. ع.) كان على علاقة وطيدة مع الموقوف حسام أبو حلق المتّهم بضلوعه بتفجير الرويس وتفجير عبوات على طريق المصنع.
صار لدى الأمن العام شكوكٌ أكبر ضد أمير المجموعة (ع. ع.)، ممّا ساهم بتوقيفه ليظهر أنّه دخل إلى لبنان بواسطة «الصليب الأحمر الدولي» وكان يقاتل إلى جانب «لواء الإسلام»، قبل أن يصبح أميراً شرعياً للخلية. اعترف الموقوف سريعاً بالعمليّات التي خطط لها كونه المسؤول التقنيّ عن تفجيرات طريق البقاع – سوريا.
كما تبيّن أنّ السوريّ (م. ب.) الذي كان خبيراً في المتفجّرات في الجيش السوري قبل انشقاقه، هو مصنّع عبوة كسارة ومعظم العبوات التي انفجرت على طريق البقاع بالتّعاون مع اللبنانيّين الموقوفين (ع. م. غ.) و(و. ع. س.)، الضالعين أيضاً بالعبوة التي وُضِعت في شهر أيّار الماضي في معرض عبد الله الكردي في سعدنايل – زحلة، أمّا الثانية (كسارة) فَوُضِعت بالتنسيق بين (ع. م. غ.) و(م. ش. ر.) في منطقة دوار زحلة ــ كسارة.
ومنذ بدء التّحقيقات، برز اسمان آخران أوّلهما جندي في الجيش اللبنانيّ (س. ح.) وهو على علاقة مع أحد المتورطين في العبوة (خ. ص.)، فأبلغ الأمن العام مخابرات الجيش بالأمر لتوقيفه، وهو ما حصل مساء أمس بعدما تمّت مداهمة منزله في بلدته كفردنيس.
أمّا أبرز الموقوفين فهو الشيخ (ب. ط.)، الاسم الأوّل الذي أتى على لسان الموقوف (ع. غ.) الذي أكّد أنّه كان الرابط بينه وبين من أعطاه أمر التفجير وهو القيادي في تنظيم «داعش» الملقب بـ «أبو البراء» المتواجد في الأراضي التركية.
لم تكن اعترافات رجل الدين اللبناني سهلة بعدما تمّ استدعاؤه للتّحقيق، وإنّما حاول نفي الاتّهامات. غير أن المحقِّقين الذين كانوا يعلمون أنّ اللبناني الفار محمد قاسم الأحمد المتّهم بملف سيارة الناعمة التي ضُبِط فيها 250 كغ من المتفجّرات، لقبه «أبو يوسف»، ليتبين لهم أنه هو المدعو «أبو البراء»، وفق اعترافات «الشيخ».
حينها، أشار الشيخ إلى أنّ معرفته بـ «أبو البراء» تعود لـ10 سنوات مضت وبدأت بمعالجة إبنه الذي كان يعاني من مرض التوحّد. المزيد من الاستقصاءات كشفت أنه في ذلك الوقت كان عمر الطفل لا يتعدّى الـ6 أشهر، مّا يعني استحالة اكتشاف التوحّد أو إمكان نطق الطفل، فضلا عن العلاج!
ولم تكن هذه السّقطة هي الوحيدة خلال التّحقيق مع الشيخ، وإنّما تبعتها سقطة أخرى باعترافه أنّه التقى الموقوف (ع. غ.) واللبناني الموجود في تركيا (ب. أ. خ.) داخل شقة في مجمع في منطقة لاريس، تعود ملكيتها الى السوري (م. ح. ر.) الملقب بـ «أبو علاء».
تفنيد أسماء المتواجدين في هذا اللقاء ثبّت التّهمة على الشيخ، باعتبار أن اللبناني (ب. خ.) متواريا عن الأنظار ومطلوبا بأكثر من ملفّ إرهابي لا سيّما ملفات تتصل بمتفجّرات في البقاع قبل أن يتبيّن أنّه ضالع أيضاً بعبوة كسارة، بالإضافة إلى أنّ «أبو علاء» هو نفسه الشخص الذي ذُكِر اسمه على لسان موقوفين باعتباره أحد المتورطين في التفجير الذي استهدف المستشاريّة الثقافية الإيرانيّة في بئر حسن قبل أكثر من ثلاث سنوات.
أُخِذت كلُّ هذه النقاط في الحسبان خلال التحقيق لتحسب ضدّ الشيخ (ب. ط.)، ولو أنّه استمر في نفيه ولم يبدأ بالاعتراف إلّا حينما سَمع باعترافات (ع. غ.) ضدّه. فالأخير أقرّ بمضمون اللقاء الذي حصل في تركيا، مشيراً إلى أنّ الشيخ هو الذي نصحه بالتواصل مع «أبو البراء»، قائلاً له حرفيا: «كلّ شي بيطلبو منّك أبو البراء بتنفذو».
وأكثر من ذلك، أعطى الشيخ (ب. ط.) رقم «أبو البراء» وطلب منه أن يتواصل معه عبر «التلغرام» وعبر صفحة على الإنترنت بعد أن يقوم بتنزيل تطبيق على هاتفه يسمح بتشفير المحادثات (يبقى مضمونها سريا).
وبرغم كلّ هذه الاعترافات، أخلي سبيل رجل الدين (ب. ط.) الذي لم يتوانَ عن المجاهرة بأنّ الملفّ كان «تلفيقاً»، علما أنّ الرّجل الذي أُخليَ سبيله قد يوقف مجددا إذا تبين أن له علاقة بتجنيد العسكري اللبناني الذي أُوقِف أو تحريضه للقيام بأعمال إرهابية!
وكان بيان الأمن العام قد أشار إلى أنّ «أفراد الخلية يتحرّكون في منطقة البقاع، ويتوزع نشاطهم على الشكل الآتي: «تجنيد أشخاص لمصلحة المنظمات الإرهابية وتنسيق عملية انتقالهم إلى الداخل السوري للالتحاق بهذه التنظيمات، تأمين المواد التي تستعمل في صناعة العبوات الناسفة، استطلاع المناطق اللبنانية لاستهدافها بعمليات تفجير إرهابية».
ولفت الانتباه إلى أنّ «المديريّة وبتاريخ 14/9/2016 ختمت التحقيق في قضية عملية التفجير الإرهابية التي وقعت في منطقة كسارة – زحلة، وأحالت ملف التحقيق والموقوفين والمضبوطات إلى مديرية المخابرات في قيادة الجيش استنادا لإشارة مفوض الحكومة لدى المحكمة العسكرية القاضي صقر صقر».
الأخبار
حريريون يعودون إلى التفاؤل: سننتخب عون قريباً
“عاد الحديث عن إمكانية دعم الرئيس سعد الحريري ترشيح النائب ميشال عون لرئاسة الجمهورية. مقرّبون من الحريري يؤكّدون أن نقاشاً يدور داخل تيار المستقبل، فيما ينفي آخرون أن يكون الحريري في وارد إحراق نفسه أمام جمهوره لصالح مرشّح حزب الله.
مع دخول البلاد نفق التعطيل الكامل، من الشغور في رئاسة الجمهورية إلى مجلس النواب المشلول وأخيراً طاولة الحوار الوطني ومن خلفها حكومة الرئيس تمام سلام، عادت أكثر من شخصية وكادر في تيار المستقبل إلى الحديث عن إمكانية سير الرئيس سعد الحريري بدعم ترشيح رئيس تكتل التغيير والإصلاح النائب ميشال عون إلى رئاسة الجمهورية.
وهي ليست المرّة الأولى التي يتمّ الحديث فيها عن إمكانية تعديل الحريري رأيه، منذ أعلن ترشيح النائب سليمان فرنجية لرئاسة الجمهورية، ولم يتغيّر من وقتها موقف حزب الله وإصراره على دعم عون كخيارٍ وحيد.
لكن هل تنتهي إشارات الفريق المحيط بالحريري هذه المرّة، كما انتهى اللقاء ما قبل الأخير بين الحريري وعون في أوروبا قبل نحو عامين، بوعدٍ لعون نكث الحريري به؟
ولا يقتصر كلام المحيطين بالحريري على ما قاله مستشار الأخير الوزير السابق غطّاس خوري قبل أيام، بعد زيارته رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع، ولا على تمسّك وزير الداخلية نهاد المشنوق بموقفه المتيقّن من انتخاب كتلة المستقبل عون رئيساً في الأشهر المقبلة، ولا حتى على رسائل «الواتس أب» التي يتبادلها مستشار الحريري ومدير مكتبه نادر الحريري مع الوزير جبران باسيل.
فعلى الرغم من نتيجة تصويت نواب كتلة المستقبل السلبية تجاه ترشيح عون الشهر الماضي، تجزم مصادر وزارية بارزة في قوى 14 آذار لـ«الأخبار» بأن «هناك نقاشاً كبيراً داخل تيار المستقبل حول سير التيار والرئيس الحريري في خيار انتخاب عون والوصول إلى صيغة تفاهم مع الفرقاء في البلاد على مرحلة ما بعد الانتخاب».
وتؤكّد المصادر أن «خيار انتخاب فرنجية بات صعباً والنظام يصل إلى أفق مقفل، فيما تتفكك الدول المحيطة بلبنان»، مشيرةً إلى أن «تيار المستقبل حين طرح ترشيح فرنجية كان يريد الوصول إلى حل وليس إلى تعقيد المشكلة». وحول الموقف السعودي من احتمال موافقة الحريري على ترشيح عون، قالت المصادر إن «السعوديين الآن لا يفكّرون مطلقاً بلبنان، وكل ما يريدونه أن تنحلّ الأزمة ويستقر البلد». لكنها تؤكّد أنه «في المرّة الماضية، حين أخذ السعوديون ترشيح فرنجية على عاتقهم وتحمّسوا له، افترضوا أن تنازلهم للقبول بمرشّح قريب من حزب الله والرئيس بشار الأسد سيدفع الطرف الآخر إلى التنازل في المقابل والقبول بترشيح فرنجية لحلّ أزمة الرئاسة. لكن العكس هو ما حصل، لذلك لن يصدر أي موقف سعودي الآن في حال سار الحريري بترشيح عون قبل معرفة النتائج». وينتظر مقرّبون من الحريري عودته إلى لبنان من العاصمة الفرنسية منتصف الأسبوع المقبل لمتابعة المشاورات حول هذا الملف.
وفي مقابل كلام مقرّبين من الحريري، تسخر مصادر أخرى تنتمي إلى الفريق السياسي نفسه من الكلام حول إمكانية سير الحريري بترشيح عون، معتبرةً أن «الأمر مجرّد أمنيات». وتقول المصادر إن «الانقسام في لبنان هو جزء من الانقسام في المنطقة، وبالتالي كما يمثّل حزب الله طرفاً إقليمياً، يمثّل الحريري بدوره طرفاً إقليمياً، لذلك فإن أي تفاهم بين الطرفين يجب أن يعكس تفاهماً بين إيران والسعودية، وهذا الأمر ليس متعذّراً الآن فحسب، بل مستحيل مع وصول التصعيد بين الطرفين إلى مستويات غير مسبوقة». وتضيف المصادر أن «الحديث عن دعم وصول الحريري إلى رئاسة الحكومة مقابل وصول عون إلى رئاسة الجمهورية ليس عرضاً مغرياً للحريري، لأن رئاسة الحكومة من حقّه في حال أرادها بوصفه رئيساً لأكبر كتلة سنيّة في البلد». كذلك تقول المصادر إن «الحريري يعاني من مشكلات مع جمهوره، فكيف إذا سار بترشيح عون، هل يخسر ما تبقى من ثقله الشعبي لأجل الانبطاح أمام خيارات يفرضها عليه حزب الله ولا يفتح مجالاً له للتفاوض على خيارات أخرى؟». وحول الموقف السعودي، تقول المصادر إن «لبنان الآن ليس من الأولويات السعودية، والسعوديون غير مهتمّين بإيصال مرشّح يصرّ عليه حزب الله إلى رئاسة الجمهورية، ولو تأخر الحلّ أو توقّف النظام عن العمل، خصوصاً مع إبدائهم عدم اكتراث لحالة الحريري المالية والشعبية، وحرصهم على التواصل مع أوسع شريحة من القوى السنية الصغيرة، من دون أن يعني ذلك تخلّيهم عن الحريري».
اللواء
دعم دولي لسلام عشيّة سفره إلى نيويورك.. يقابله تأزيم عوني
الحريري يتّهم إيران بتأجيج الفتنة وينتقد الحملة على السعودية.. واحتياطات أمنية للوزراء
“طبع التيار العوني الوضع السياسي في البلاد «بالتأزم» أقله إلى ما بعد 13 ت1، وبذلك يكون مرّ الشهر الأوّل من الفترة الزمنية التي حدّدها الفريق العوني، على ان ينتهي الشهر الثاني قبل عيد الاستقلال، وسط مؤشرات من المتوقع ان تحدث ما من شأنه كسر حالة «الستاتيكو» القائمة منذ ما قبل نهاية ولاية الرئيس ميشال سليمان في 25 أيّار 2014.
ويأتي التأزيم العوني عشية سفر الرئيس تمام سلام إلى نيويورك، لتمثيل لبنان في اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة، بعد ان حصل على دعم من سفراء الدول الأعضاء في مجلس الأمن الدولي، وبالتزامن، مع دفع إيران العلاقة مع المملكة العربية السعودية إلى مرحلة جديدة من التأزيم، على خلفية المقال الذي كتبه وزير الخارجية الإيرانية محمّد جواد ظريف في صحيفة «نيويورك تايمز» واستدعى ردود فعل رافضة للتحريض الإيراني على المملكة.
وقال الرئيس سعد الحريري في سلسلة تغريدات له عبر «تويتر»: «بعد الكلام اللامسؤول الذي طالعنا به المرشد علي خامنئي عشية عيد الأضحى، يخرج علينا وزير خارجيته بمطالعة مشحونة بكل معاني الكراهية للسعودية».
وإذ اتهم الرئيس الحريري إيران بأنها تتولى أوسع عمليات التخريب في المجتمعات العربية، لاحظ ان «ظريف يستخدم منبراً إعلامياً اميركياً لتحريض الإدارة الأميركية والشعب الأميركي ضد السعودية، لقد باتت منابر الشيطان الأكبر بنظر القيادة الإيرانية، صالحة للاستخدام في تقديم وجهات النظر الشيطانية».
دعم دولي لسلام
والبارز أمس، عشية سفر الرئيس سلام إلى نيويورك ما تبلغه من سفراء فرنسا ايمانويل بون، جمهورية الصين الشعبية جيانغ جيانغ، الاتحاد الروسي الكسندر زاسبكين، المملكة المتحدة هيوغو شورتر والولايات المتحدة إليزابيث ريتشارد، والمنسق الخاص للأمم المتحدة في لبنان سيغريد كاغ، من إعادة تأكيد دعمهم القوي لاستمرار الاستقرار والأمن في لبنان.
وفي إشارة إلى البيان الرئاسي الصادر عن مجلس الأمن في تموز الماضي عبر السفراء وكاغ عن قلقهم العميق حول الشغور في الرئاسة الأولى، المستمر منذ 27 شهراً، والذي ما يزال يعيق مجلس الوزراء، ويجعل مجلس النواب عاجزاً عن إقرار تشريعات حاسمة.
وأشاد السفراء بجهود الرئيس سلام الذي يحكم في ظروف تزداد صعوبة، معربين عن دعم متواصل لعمله، داعين كافة القيادات اللبنانية إلى وضع الخلافات جانباً، والعمل بروح قيادية ومرونة لعقد جلسة لمجلس النواب بشكل عاجل والشروع في انتخاب رئيس للجمهورية.
وتطلع السفراء والمنسق الخاص إلى اجتماع القمة المرتقب حول الهجرة واللاجئين خلال الجمعية العامة الـ71. واعترافاً بالدور الفريد للبنان في استضافة اللاجئين، شجع السفراء الحكومة اللبنانية على إظهار القيادة العالمية والتقدم باقتراحات بناءة في هذا المجال.
وهذا الدعم وفقاً لمصدر مطلع، من شأنه ان يُعزّز مهمة الوفد اللبناني في اجتماعات نيويورك، حيث يحتل ملف النزوح السوري المرتبة الأولى في اهتمامات الرئيس سلام.
ويرافق الرئيس سلام إلى نيويورك مستشاره شادي كرم، على ان ينضم وزير الخارجية جبران باسيل، كما ان وزير التربية الياس بو صعب، سيكون في نيويورك في الفترة نفسها لمتابعة ما وصفه باجتماعات «اليونسيف» وغيرها، فيما نص تعليم النازحين في البلدان التي يتواجدون فيها ولا سيما لبنان.
سيناريوهات المرحلة المقبلة
وعلى الرغم من ان المؤسسة الدستورية الوحيدة هي مؤسسة مجلس الوزراء التي تحظى بدعم دولي لجهة التمسك ببقائها بالإضافة للمؤسسة العسكرية المتمثلة بالجيش اللبناني، فإن التشويش العوني لا يزال مستمراً ضمن سيناريوهات يروّج لها بعد ان اعتبرت قيادة هذا التيار ان المسألة تخطت مسألة التمديد لقائد الجيش العماد جان قهوجي.
وفي خضم هذا التوتر، علمت «اللواء» أن عدداً من الوزراء اتخذ إجراءات أمنية مشددة بالإضافة إلى القرار للحد من تنقلاتهم، والاكتفاء بالضروري فقط، خشية أن تستغل القوى المتضررة محاولات التأزيم العوني، لإحداث خلل في الاستقرار القائم. وأكدت المصادر المعنية أن الوضع الأمني على الرغم من أنه تحت السيطرة لكنه قد يتعرّض للخطر إذا ما استمر التجاذب السياسي في البلاد.
وأفادت مصادر وزارية لـ«اللواء» أنه في ظل غياب انعقاد مجلس الوزراء، فإن سيناريو تأجيل تسريح قائد الجيش العماد جان قهوجي مرجح حصوله، لافتة إلى أن وزير الدفاع الوطني سمير مقبل لن يتوانى عن تقديم أسماء في مجلس الوزراء حال التئامه، غير أن غيابه سيحتم لجوء الوزير مقبل إلى تأجيل التسريح. وأوضحت المصادر نفسها أن التيار الوطني الحر هو من يعطّل إجراء التعيينات.
وفي السياق نفسه، رأت وزيرة شؤون المهجرين أليس شبطيني في تصريح لـ«اللواء» أن نزول التيار إلى الشارع لا يفيد بل النزول إلى مجلس النواب لانتخاب رئيس جديد للبلاد هو الخيار الأفضل، وقالت: «لو كلفت في مهمة تقريب وجهات النظر وإجراء الحوار، لكنت قبلت بذلك».
إلى ذلك، أكدت مصادر في التيار الوطني الحر المضي قدماً في خطواتها الاعتراضية، وفق البرنامج المحدد لها، مشيرة إلى أن هذه الخطوات ستظهر أحقية فريق مسيحي في اعتماد الميثاقية وأن التحرّك المرتقب لن يكون كسابقاته بل سيكون متقدماً من حيث النوعية وأعداد المشاركين فيه من جميع المناطق اللبنانية.
ولاحظت مصادر مطلعة أن الفريق العوني يبالغ بالتفاؤل، لجهة اعتبار جلسة انتخاب رئيس للجمهورية في 28 أيلول الجاري، فضلاً عن أن لا مرتكزات واقعية أو مؤشرات تُشير إلى أن اتفاقاً حصل على أن يكون النائب ميشال عون الرئيس العتيد للجمهورية.
واستبعدت هذه المصادر حصول شيء من هذا القبيل، في ظل التوتر الإقليمي لا سيما الإيراني – السعودي، بعد الحملة الإعلامية ضد المملكة العربية السعودية التي أطلقها الوزير ظريف من باب تحريض الأميركيين ضد السعودية، والتداعيات الخطيرة لهذا الوضع المستجد.
أما بالنسبة للتوصل إلى قانون جديد للانتخاب وهو المطلب العوني الآخر، فإن لا شيء محسوماً على هذا الصعيد.
أما لجهة التحرك في الشارع، فإن المعطيات لا تُشير إلى أن هذا الخيار له شعبية، في الوقت الذي يُهدّد فيه أكثر من وزير مسيحي بعدم البقاء في الحكومة ومنهم وزير الاتصالات بطرس حرب على خلفية المزايدة العونية تحت حجة الميثاقية.
وبالنسبة لمصير جلسات الحكومة، توقفت مصادر وزارية عند تمسك الوزراء العونيين البقاء في الحكومة، مشيرة إلى أن قرار العودة إلى مجلس الوزراء هو بيد رئيس الحكومة الذي من صلاحياته دعوة المجلس إلى الانعقاد ووضع جدول الأعمال، حيث أن 60٪ من البنود التي لم تدرس في الجلسة الماضية، التي تحوّلت تشاورية، تعتبر بنوداً عادية وليست خلافية، ولم تعقد جلسة لن تكون منتجة وفقاً للمصادر عينها.
في مجال آخر، كشف وزير الزراعة أكرم شهيّب أن تهديد النائب جنبلاط هو موضوع قديم – جديد، طالما أن النظام السوري الحالي قائم، فإن التهديد قائم على لبنان وزعمائه السياسيين الذين ينتقدون هذا النظام وجرائمه. وقال شهيّب في حديث لمجلة المسيرة الناطقة باسم القوات اللبنانية «إننا لا نستطيع إهمال أي تهديد أو التعاطي معه وكأنه غير جدي».
وكانت التحقيقات مع يوسف فخر المعروف بالـ«كاوبوي» كشفت إن عنصراً في المخابرات السورية يدعى فهد موسى أبلغه ان جنبلاط سيتم اغتياله قبل تشرين الثاني 2016، لأن السوريين غير راضين عنه والروس تخلوا عنه، نافياً أي دور له في العملية.
البناء
رئيسا أركان جيشَيْ روسيا وتركيا: إعادة رسم دور أنقرة العسكري في سورية
اقتراب الساعة الصفر: تماسك وتناغم روسي مقابل ارتباك بين واشنطن وحلفائها
الحريري يجسّ النبض بالاستعداد لـ «التوافقي» بدل فرنجية قبيل التمديد لقهوجي
“يبدو التفاهم الروسي الأميركي حول الحرب السورية في مفاعيل تطبيقه متفاوت الوقوع والإيقاع على الضفتين المحيطتين بكلّ من موسكو وواشنطن، فتظهر جبهة حلفاء موسكو، خصوصاً في دمشق، وكأنها جاهزة لكلّ الاحتمالات والفرضيات التي يمكن أن تطرحها سياقات تنفيذ التفاهم ومندرجاته، كما كشف التعامل السوري مع توصل وزيري الخارجية الروسي سيرغي لافروف والأميركي جون كيري إلى التفاهم التطبيقي حول الانسحاب العسكري المتزامن للجيش السوري والجماعات المسلحة من معبر الكاستيلو، ما يضمن للجيش عدم تحكم وتدخل المسلحين في توزيع المعونات ويمنعهم من السطو عليها، كما تبدو دمشق جاهزة لروزنامة عمل تبدأ من اليوم الأول لتطبيق التفاهم، استهلّتها بتوجيه وحدات خاصة لتحرير القرى والبلدات المحيطة بالجولان المحتلّ من احتلال جبهة النصرة، مزوّدة بقرار التصدّي النوعي لأيّ تدخل «إسرائيلي»، عبّرت عنه الصواريخ السورية التي استهدفت الطائرات «الإسرائيلية» التي تدخلت لتوفير الحماية لجبهة النصرة، كما عبّر عن الجهوزية نفسها البيان الشديد اللهجة الصادر عن وزارة الخارجية السورية والموجّه بلغة إنذار للحكومة التركية للامتناع عن العبث بالتعامل مع معايير السيادة السورية، وإلا سيكون الردّ المناسب، خصوصاً إذا انتهكت الطائرات التركية الأجواء السورية. وفي المقابل بدا حلفاء واشنطن والداخل الأميركي في حال ارتباك وتشوش، وبدت جبهة الحلفاء ضائعة ومنقسمة، فلم يكن أحد في صورة المفاوضات وتقدّمها، ولا يزال التفاهم الذي كانت موسكو تضع دمشق بتفاصيل بنوده تباعاً لإيقاع التفاوض وتحصل على موافقتها بنداً بنداً، مجهولاً عند أقرب حلفاء واشنطن، فباريس أعلنت بلسان وزير خارجيتها غضبها من عدم وضعها بصورة التفاهم، ومسؤولو جماعة الرياض في المعارضة السورية قالوا إنهم لم يتسلّموا بعد أيّ شيء يتصل بالتفاهم، وما يعلمونه مصدره ما يُنشر ويُقال في الإعلام، والجانب العملياتي طلبته واشنطن مباشرة وبصورة تقنية وموجزة دون شروحات وتفاصيل سياسية، وتوجّهت به للجماعات المسلحة، وليس للمستوى السياسي في تركيبة جماعة الرياض، فيما كان مسؤولون أميركيون في وزارة الدفاع يتحدثون عن تحفظات على التفاهم، وكانت موسكو تتهم واشنطن بالتلكّؤ في تطبيق التزاماتها وتعود إلى التلويح بنشر التفاهم الذي لا تريد واشنطن أن يُنشر، وفقاً لما قاله وزير الخارجية الروسي.
تركيا الركن الرئيسي في حلف الأطلسي الذي تقوده واشنطن المعني بالتفاهم، وتطبيق آلياته، خصوصاً عبر علاقات أنقرة بالتسليح والإمداد للجماعات المسلحة والقدرة في التأثير عليها، توجهت بطلبها إلى موسكو لمعرفة التفاصيل، خصوصاً في ضوء اللغة القاسية التي تلقتها من مواقف دمشق بعد انتقادات روسية علنية للأداء التركي العسكري في سورية وما تضمّنه من غلوّ في الحديث عن منطقة آمنة فات زمانها، وصار تكرارها استهتاراً لا يمكن قبوله بالسيادة السورية، ليشكل وصول رئيس أركان الجيش الروسي إلى أنقرة وبدء اجتماعاته مع رئيس الأركان التركي فرصة لإعادة رسم الدور التركي في سورية في ضوء التفاهم والمعادلات التي تحيط بالفهم الروسي لحدود الدور التركي الذي لا يتسبّب مرة أخرى بتفخيخ علاقة لم يمض شهران على إعادة ترميمها إثر أزمة صاخبة وقاسية.
مصادر إعلامية روسية متابعة للتفاهم الروسي الأميركي وللعلاقة الروسية التركية توقعت نجاح رئيس الأركان الروسي بإقناع الأتراك بالتركيز على جذب الجماعات المسلحة نحو التهدئة والدخول في العملية السياسية الآتية قريباً، والخروج من التموضع السياسي والجغرافي في منطقة واحدة مع جبهة النصرة، والتبرّؤ من الجماعات التي تسعى لتخريب هذا التوجه وفي طليعتها «أحرار الشام»، وربط أيّ دور عسكري في سورية بالتنسيق مع الحكومة السورية، مع إصرار روسي على إقفال الحدود التركية مع سورية بوجه السلاح والمسلحين وقطع خطوط الإمداد عنهم، وفقاً لترتيبات التفاهم الروسي الأميركي، واستبدالها بمعونات إنسانية منسقة مع الحكومة السورية، خصوصاً أنّ موسكو وهي تنتقد واشنطن وأداءها المتباطئ والمتلكّئ، لن تضيّع فرصة التعاون مع واشنطن في العمل العسكري المشترك ضدّ تنظيم داعش وجبهة النصرة، الذي تقترب الساعة الصفر لانطلاقه نظرياً مطلع الأسبوع المقبل مع مرور الأسبوع الأول على بدء تطبيق التفاهم وأحكامه.
في لبنان الذي يمضي من حالة فراغ إلى حالة فراغ أخرى، تنقل مصادر مقرّبة من الرئيس سعد الحريري عنه تأكيد المهمة التي كلف بها مستشاره الدكتور غطاس خوري لاستمزاج آراء كلّ من بكركي والسفارات الغربية، بمدى مساندتها سير الحريري باستبدال تبنّيه لترشيح النائب سليمان فرنجية بطرح مرشح توافقي، تحت شعار ما قاله خوري من أنّ ترشيحه لفرنجية كان لحلّ مشكل وليس ليضيف إلى المشكل مشكلاً، وأنه كما استبدل دعم ترشيح قائد القوات اللبنانية سمير جعجع بفرنجية، فهو اليوم جاهز لاستبدال مماثل لفرنجية بمرشح جديد يجري التشاور حوله قبل طرحه في التداول منعاً لتحوّله مشكلاً مرة أخرى، وفقاً للمصادر نفسها، التي أضافت أنّ اسم المرشح التوافقي المنشود موجود في جيب الرئيس الحريري، ولن يتمسك به إذا بدا أنّ حظوظ سواه أفضل، لكنها أكدت أن لا تبديل في موقف الحريري من ترشيح العماد ميشال عون وليس هو المقصود في حال التخلي عن ترشيح فرنجية، واضعة تحرك خوري الاستطلاعي في خانة ملاقاة المناخات الدولية والإقليمية، إذا هبّت رياح الانفراج. وفيما كانت مصادر في تيار المستقبل تنفي إعادة النظر بترشيح فرنجية، رأت مصادر متابعة في تسريب هذا الاستعداد نوعاً من تلميح لمقايضة معروضة من الحريري، بتعيين قائد جيش يُرضي العونيين مقابل ترشيح العماد جان قهوجي للرئاسة كمرشح توافقي، أو الاستعداد للتفاوض على ترشيح العماد ميشال عون إذا أبدى التيار الوطني الحر مرونة في تمرير التمديد للعماد قهوجي في قيادة الجيش.
لا استدارة حريرية
يؤكد الأفق الرئاسي المسدود أننا أمام حسابات متشابكة ومعقدة بدأت تُنذر بتدهور الأمور. وفيما الأنظار العونية تتجه إلى عودة الرئيس سعد الحريري من الخارج الاسبوع المقبل، والبناء على ما سيحمله من السعودية، فإن أوساطه النيابية تؤكد لـ «البناء» أن لا استدارة حريرية وأن لا مبادرات جديدة لدى رئيس تيار المستقبل ليطلقها، وأن النائب سليمان فرنجية لا يزال مرشحنا. على عكس الأجواء التي نقلتها أوساط سياسية لـ «البناء» ومفادها أن الحريري سيدعو فور عودته الى التفاهم على شخص من خارج القطبين الجنرال ميشال عون والوزير سليمان فرنجية معتبرة أن طرحاً كهذا حتى لو تمّ تغليفه بسلة لن يقبل به حزب الله والتيار الوطني الحر.
حزب الله يحدّد موقفه على ضوء التطورات
وأشارت مصادر مطلعة في 8 آذار لـ «البناء» «أن الأسبوعين المقبلين قد يحملان تطوراً قبل جلسة 28، وحزب الله سيحدد موقفه على ضوء التطورات، لكن الى ذلك الحين سيكثف من اتصالاته لفتح الأبواب المغلقة بين رئيس الحكومة والتيار الوطني الحر وسائر القوى السياسية للوصول الى تسوية سياسية، فحزب الله يدعو جميع القوى السياسية الى الإنصات لهواجس التيار الوطني الحر المحقة ومطالبه الميثاقية ومحاولة حل الازمة الراهنة، فالحوار مفيد للجميع».
وإذ رأت المصادر أن اللقاءات بين مسؤولين من حزب الله والتيار الوطني الحر متواصلة ومسؤول وحدة الارتباط والتنسيق في الحزب الحاج وفيق صفا التقى رئيس تكتل التغيير والاصلاح العماد ميشال عون في الرابية الثلاثاء، ثم عقد لقاء آخر بين صفا والوزير جبران باسيل. شددت على أن أي لقاء بين الامين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله والعماد عون لم يحدّد بعد، فموضوع اللقاء نفسه لا يحكى عنه لاأباب متعلقة بمضمون اللقاء نفسه والظروف الامنية الا بعد حصوله.
ورأت أوساط سياسية لـ «البناء» أن التهديد العوني بمحطتي 28 ايلول و13 تشرين يهدف الى وضع الحريري أمام خيارين إما التصعيد وليتحمل الحريري التبعات، وإما قبول الأخير بانتخاب الجنرال ميشال عون رئيساً، وهذا الخيار يعتبره الحريري بمثابة انتحار سياسي لن يقدم عليه.
ولفتت الأوساط إلى «أن زيارة مستشار الرئيس الحريري غطاس خوري الى معراب خلت من الرئاسة، وبحثت مع الدكتور سمير جعجع في قانون الانتخاب تحت عنوان أن تبقى 14 آذار مجتمعة حول الالتزام بالمختلط وفق الصيغة الثلاثية او الإبقاء على الستين».
وإذا كانت الأجواء توحي أن البلد ذاهب إلى تصعيد بعد جلسة انتخاب الرئيس الـ 45 في 28 الحالي، أعطى سفراء الصين، الولايات المتحدة، روسيا، بريطانيا، والمنسقة الخاصة للأمم المتحدة سيغريد كاغ الرئيس تمام سلام جرعة دعم عشية سفره الى نيويورك. وأشاد الدبلوماسيون بجهوده ليحكم في «ظروف تزداد صعوبة»، وأعربوا عن «دعمهم المتواصل لعمله». ودعوا «كل الأطراف الى العمل بمسؤولية خدمة للمصلحة الوطنية لتمكين المؤسسات الحكومية من العمل بفاعلية ولضمان أن يتم اتخاذ القرارات الرئيسية في وقت تواجه لبنان تحديات أمنية واقتصادية واجتماعية وانسانية متنامية».
وبحث السفراء والمنسّق الخاصة مع الرئيس سلام في موضوع الانتخابات التشريعية المقبلة. وتطلعوا إلى «انعقاد انتخابات 2017 ضمن الجدول الزمني المحدد مما سيعزز استقرار لبنان ويحفظ الطبيعة الديموقراطية للجمهورية اللبنانية ويجددها ودعوا «كل القيادات اللبنانية إلى الشروع في انتخاب رئيس للجمهورية».
جلسة لمجلس الوزراء في 29 إيلول
وأكدت مصادر رئيس الحكومة لـ «البناء» أن المجتمع الدولي يرى في بقاء الحكومة بقاء للبنان، لكون مجلس الوزراء المؤسسة الوحيدة التي تقوم بعمل شبه طبيعي». واعتبرت أن «سقوط الحكومة يعني ان الفوضى ستعم، وهذا الأمر لو حصل فلن يكون في صالح الدول الغربية التي تأخذ من لبنان قاعدة لإيواء النازحين من جهة، لتنفيذ خطة إعمار سورية من جهة أخرى». من جهة أخرى، رجحت المصادر ان يدعو الرئيس تمام سلام الى جلسة لمجلس الوزراء في 29 أيلول الحالي، مشيرة في الوقت نفسه الى «أن قرار تأجيل تسريح قائد الجيش سيصدر عن وزير الدفاع سمير مقبل في الأيام المقبلة».
وأبدت مصادر وزارية لـ «البناء» تخوفها من محاولة توتير الوضع الأمني، معتبرة أن «ما قاله وزير العدل أشرف ريفي عن دعم قادة المحاور في مقابلته أول امس، محاولة لإعادة إحياء دور هؤلاء الميليشياويين وهذا الكلام يجب أن يأخذ على محمل الجد».
هل تبقى الحكومة خطاً أحمر؟
ورأت أوساط سياسية لـ «البناء» أن زيارة السفراء الغربيين الى السراي لفتة معنوية أرادوا من خلالها التأكيد للسياسيين أن هذه الحكومة آخر مؤسسة ربط نزاع بين لبنان والعالم، معتبرة أن زيارة كهذه تعزز موقف رئيس الحكومة والمدافعين عن بقائها، من دون أن تنزع صاعق التفجير المرتبط بموقف التيار الوطني الحر وضرورة إيجاد حل للأزمة التي يطرحونها. ورأت الأوساط نفسها أن «الفيتو الدولي يحمي الحكومة، لكنه غير قادر على منع سقوطها، فإذا احتدمت الأمور واستمر تجاوز التيار الوطني الحر ومحاولة ضرب الحيثية التي يمثلها الجنرال ميشال عون، فإن الحكومة لن تبقى خطاً أحمر».
الحريري يزايد على ريفي في التجييش الطائفي
في هذا الوقت، كان وقع كلام وزير العدل المستقيل أشرف ريفي ثقيلاً على رئيس تيار المستقبل سعد الحريري الذي خرج أمس عن طوره بتغريدات هجومية ضد الجمهورية الإسلامية الإيرانية ووزير خارجيتها محمد جواد ظريف «على خلفية نشر ظريف مقالاً له نشرته صحيفة نيويورك تايمز الأميركية يدعو فيه لتعاون دولي للتخلص من الوهابية كمصدر للإرهاب في العالم»، في إطار المزايدة داخل البيت الواحد في اطار التجييش الطائفي واستعادة الاحتقان، عوضاً عن المال المفقود عشية الانتخابات النيابية التي يريدها الأميركي أن تحصل في موعدها.
ووصف الرئيس سعد الحريري الحرب السياسية والإعلامية الإيرانية ضد السعودية، بـ «حلقة في مسلسل خطير لا وظيفة له سوى تأجيج الفتنة وتهديد الاستقرار في المنطقة». ورأى أن «ظريف يستخدم منبراً إعلامياً اميركياً لتحريض الإدارة الأميركية والشعب الأميركي ضد السعودية، وقد باتت منابر الشيطان الأكبر بنظر القيادة الإيرانية صالحة للاستخدام في تقديم وجهات النظر الشيطانية»، على حد قوله.
وشدّدت مصادر مطلعة لـ «البناء» على «ان مواقف الحريري التصعيدية ضد طهران متناغمة مع الخطاب السعودي الإيراني الاشتباكي الذي في ذروته الآن»، مشيرة إلى «أن الحريري يحاول من جهة الوقوف في وجه من يزايد عليه في تيار المستقبل، ومن جهة أخرى التأكيد للرياض أنه منسجم مع الموقف السعودي ومنخرط بما يريده السعوديون، رغم ان سياسات الحريري باتت من دوى جدوى عند الاسرة الحاكمة».
تفجير كسارة من الأمن العام إلى مخابرات الجيش
وفي جديد تفجير كسارة، أكدت مصادر عسكرية لـ «البناء» ان الملف سحب من الأمن العام وسيسلم الى مخابرات الجيش وبعدما عجز وزيرا تيار المستقبل نهاد المشنوق واشرف ريفي عن نقله الى فرع المعلومات، لا سيما أن تيار المستقبل كان في مراحل سابقة يحيل الملفات المتعلقة بأشخاص ينتمون الى الطائفة «السنية» الى فرع المعلومات لترتيب أوضاعهم. وشددت المصادر على ان مخابرات الجيش ستتعاطى مع هذا الملف بجدية بعيداً عن الأهواء السياسية ولن تكون حذرة، كما تلوح المجموعة المستقبلية، مشددة على أن مدير المخابرات كميل ضاهر سيتابع الملف حتى النهاية.
وكانت المديرية العامة للأمن العام ختمت التحقيق في قضية عملية التفجير الإرهابية وأحالت ملف التحقيق والموقوفين والمضبوطات إلى مديرية المخابرات في قيادة الجيش، استناداً لاشارة مفوض الحكومة لدى المحكمة العسكرية القاضي صقر صقر. وتمكنت المديرية العامة للأمن العام بعد التحقيق، من وضع اليد على الخلية الإرهابية المؤلفة من لبنانيين وسوريين، بعضهم تم توقيفه والبعض الآخر لا يزال متوارياً عن الانظار. كان افرادها يتلقون التوجيهات والدعم اللوجستي من اللبناني الفار محمد قاسم الأحمد «أبو البراء» الموجود في تركيا، الفار من وجه العدالة والملاحق قضائياً في ملف سيارة الناعمة التي ضبطت مفخخة بـ 250 كلغ من المتفجرات، وكان قد كشف عن هويته المدعو ب.م.ط. الذي تمّ إخلاء سبيله بإشارة من النيابة العامة العسكرية، وأُحيل ملفه أيضاً إلى مديرية المخابرات، وكان قد اجتمع به مع الموقوف اللبناني ع.م.غ. واللبناني الموجود في تركيا ب.أ.خ. داخل شقة في مجمع في منطقة لاريس، التي تعود ملكيتها الى السوري م.ح.ر. الملقب بـ «أبو علاء» المطلوب بقضايا إرهابية. كما تتلقى هذه الخلية الدعم التقني من السوري ع.ف.ع. الذي دخل إلى لبنان بواسطة الصليب الأحمر الدولي عبر بلدة عرسال بعد إصابته في الحرب السورية، حيث كان يقاتل الى جانب «لواء الإسلام»، وكان قد نصّب نفسه أميراً شرعياً للخلية وتمت مبايعته من افرادها. وبناء للتحقيقات التي قامت بها المديرية العامة للأمن العام، تمّ كشف خيوط عملية التفجير التي وقعت في معرض عبدالله الكردي بتاريخ 6/5/2016 على طريق سعدنايل زحلة، حيث تبين أن اللبنانيين الموقوفين ع.م.غ. و و.ع.س. قاما بتحضير عبوتين ناسفتين في منزل الأخير في سعدنايل، فوضعا العبوة الأولى في معرض الكردي بالاشتراك مع السوري م.أ.ب. الخبير في تجهيز العبوات الناسفة. اما الثانية فوضعت بالتنسيق بين ع.م.غ. و م.ش.ر. على طريق كسارة في زحلة في 31/8/2016.
ولفتت المصادر نفسها الى ان الشيخ ب.ط. أعطى خطاً لـ ع.م.غ. المتهم الرئيسي في تفجير كسارة للتواصل مع أبو البراء اللبناني والأخير كلف غانم بوضع قنبلة في النبطية وفي مكان مكتظ بالشيعة. ولفتت المصادر الى أن المجموعة «كانت تعمل على تجنيد عناصر لصالح تنظيم داعش الارهابي وتنسيق عملية انتقالهم إلى سورية للالتحاق بالتنظيمات الأرهابية، وكانت تجري استطلاعاً للمناطق اللبنانية لاستهدافها بتفجيرات وعبوات ناسفة».
وأشارت مصادر خاصة لـ «البناء» إلى أن أحد عشر موقوفاً لدى الأمن العام اللبناني بينهم لبنانيون كلفوا بالمراقبة والتنفيذ بعمليات تخريبية لمناطق محددة في البقاعين الأوسط والغربي. ولفتت المصادر الى أن الموقوفين خ.ص. و م.ش.ر. مكلفان مع آخرين القيام باستطلاع أسواق وأماكن شعبية في كل من النبطية، سحمر، يحمر، لبّايَا، مشغرة، جبانة تعلبايا، ساحة شتورا وطريق الشام الدولية ـ المصنع، والتأكد من مدى امكانية القيام بعملية تفجير بواسطة زرع عبوة أو وضع سيارة مفخخة أو عملية انتحارية بحزام ناسف أو على دراجة نارية.
وفي سياق متصل، نفذ الجيش اللبناني مساء امس مداهمات في بلدة كفردينس قضاء راشيا، بلدة الشيخ الطراس وأوقف شخصاً مشتبهاً به بعلاقاته بتفجير كسارة.