الأخبار
السنيورة: إسألوا ديوان المحاسبة عن الـ11 ملياراً
في ظل اتفاق أركان السلطة على معالجة إشكالية قطوعات الحسابات من خلال حصرها، مؤقتاً، بحسابات 2017 على اعتباره شرطاً دستورياً لنشر موازنة 2019، يرمي رئيس الحكومة الأسبق فؤاد السنيورة، مشكلة عدم البتّ بالحسابات على ديوان المحاسبة الغارق منذ 1979 في أعمال الرقابة المسبقة. استنتاج السنيورة لا يتوافق مع رأي الوزير السابق والمدعي العام السابق في الديوان سليمان طرابلسي (تقرير محمد وهبة).
لم تصدر الدولة اللبنانية أي قطع حساب منذ 1979 إلى اليوم. وقطع الحساب هو «الجردة» التي تُظهر حقيقة الأرقام التي أنفقتها الحكومة، وقامت بجبايتها، في العام السابق، تنفيذاً لقانون الموازنة. ومرة جديدة، يعود الحديث عن تسوية تتيح اليوم إقرار قطع حساب عام 2017 نظراً لكونه شرطاً دستورياً لنشر موازنة 2019. طبعاً هذا الحلّ لا يعالج مشكلة ميزان الدخول، ولا يتيح إجراء الرقابة الفعلية على إنفاق الحكومات السابقة بكل مكوّناتها، ومدى إهدارها للمال العام واستعماله كأدوات لتعزيز النفوذ السياسي لأركان السلطة التي تعاقبت منذ فترة ما بعد الحرب الأهلية إلى اليوم.
فمنذ انتهاء الحرب الأهلية، دارت شبهات التخلّف عن إقرار قطوعات الحسابات حول الرئيس فؤاد السنيورة الذي شغل وزارة المال مباشرة أو بكونه وزير دولة للشؤون المالية نحو 10 سنوات، يضاف إليها أربع سنوات ونصف من فترة الوزيرين جهاد أزعور ومحمد شطح حين كان السنيورة رئيساً للحكومة. وبلغت هذه الشبهات ذروتها بعد ما أثاره رئيس مجلس النواب نبيه بري في حزيران 2010 عن «إنفاق حكومة السنيورة بين عامي 2006 و2008 مبلغ 11 مليار دولار من دون أن نعرف كيف». وقال لاحقاً: «لا مستندات قانونية فيها على الإطلاق وبينها هبات ومساعدات إلى الحكومة اللبنانية أهدرت»، واصفاً الأمر بأنه ينطوي على «بعد سياسي في حجم إهدار مالي ضخم كهذا بلا قيود».
وفيما كان السجال السياسي بين الطرفين يستعر بخلفيات متعددة، فَتَحَت مسألة الـ11 ملياراً باب البحث عن قطوعات الحسابات على مصراعيها، فتكرّست الشبهات حول السنيورة ودوره في ما بات يشتهر بأنه أكبر عملية «إخفاء» للهدر والسرقات.
السنيورة يتّهم ديوان المحاسبة
في الواقع، إن التدقيق في قطع الحساب، أي مقارنة مختلف حسابات الخزينة بحسابات المهمة (أي المستندات التي تثبت العمليات المنفذة في الخزينة وقانونيتها) يتيح لديوان المحاسبة البتّ بقطع الحساب الذي يكون بمثابة صكّ يمهّد لمنح البراءة أو لإثبات الإدانة.
هذا الصكّ محجوب ومتعذّر لألف سبب وسبب، تقني وسياسي. إلا أن دفاع السنيورة يركّز على اتهام ديوان المحاسبة بالإهمال والتقصير في هذا المجال. يقول لـ«الأخبار»: «هم ليسوا مؤهلين، ولا يريدون أن يبتّوا بقطوعات الحسابات، بل يغرقون في أعمال الرقابة المسبقة التي تستعمل لأغراض النفوذ وسواها، فيما وزارة المال أنجزت قطوعات الحسابات منذ 1993 وأرسلتها إلى الديوان، فلماذا لم يدرسها الديوان ويبتّها طوال السنوات الـ25 الماضية؟ أما تحجّجهم بأن ميزان الدخول غير متوافر، فهو أمر لا يلغي القيام بهذا العمل لأن قطع الحساب هو نتيجة تنفيذ الموازنة لسنة محدّدة. هم كانوا يبحثون عن ذريعة لعدم القيام بهذا العمل».
سليمان طرابلسي: الحسابات الواردة إلى الديوان فيها عيوب ونواقص
ويستدل السنيورة بما حصل لاحقاً لتبرير هذه الاتهامات، مشيراً إلى أن آلية معالجة ميزان الدخول أقرّت في عام 2005 ولم تطبق إلا بعد مرور أكثر من 10 سنوات». كذلك يقول إن المبرّرات التي اتخذها ديوان المحاسبة في سياق رفضه دراسة الحسابات تتضمن الإشارة إلى وجود أخطاء ونواقص في المستندات التي أرسلت إليه، إلا أنه تبيّن أنها ذريعة لعدم إنجاز الحسابات التي تقع ضمن أعمال الرقابة اللاحقة، بدليل أن «كل مشاريع قطوعات الحسابات التي أعدّتها وزارة المال تتضمن نصّاً يشير إلى إمكانية تصحيح الأخطاء والقيود وإعادة تكوين الحسابات بعد اكتشافها من ديوان المحاسبة. فما الذي كان يمنع ديوان المحاسبة من القيام بدوره طوال هذه السنوات؟».
ويستند السنيورة إلى هذا التفسير للإشارة إلى أن مسألة الـ11 مليار دولار تحوّلت إلى اتهامات تكرّست في الذاكرة اللبنانية على أنها مبالغ مسروقة أو مُهدَرة، فيما «أعلن المدير العام للمالية ألان بيفاني، في مؤتمر صحافي، أن هذه المبالغ موجودة ولم تختف كما أشيع، وأنه يمكن إعادة تكوين الحسابات من خلال تتبّعها في مختلف المسارات التي تسلكها، سواء عبر الصناديق أو حسابات المصرف أو غيرها».
طرابلسي: حسابات بلا مستندات
ما يقوله السنيورة عن غرق ديوان المحاسبة في الرقابة المسبقة وتقديمها على أعمال الرقابة اللاحقة (دراسة الحسابات المالية للدولة والبتّ فيها)، لا يتوافق مع تشخيص الوزير السابق سليمان طرابلسي، الذي شغل في تسعينيات القرن الماضي، وبداية الألفية، منصب المدعي العام في الديوان. خبرة طرابلسي في هذا المجال نابعة من كونه كُلّف مهمة تفعيل رقابة الديوان على الحسابات وتعديل النصوص ذات الصلة، وهو يميّز بين غرق الديوان في مهمة الرقابة المسبقة وبين عدم قدرته على البتّ في الحسابات. فالمشكلة برأيه، أن «حسابات المهمة كانت ترسل من وزارة المال إلى الديوان، لكنها جاءت ناقصة ويشوبها عدد كبير من العيوب التي لا تسمح بدراستها والبتّ بصحتها». ويلفت طرابلسي إلى أن الديوان «راسل وزارة المال مرّات عدة لاستكمال النواقص المطلوبة منها، إلا أن الوزارة لم تستجب ولم تستكمل الملفات، فأصبحت الحسابات غير مكتملة وغير مهيأة للبتّ فيها».
ولا يكتفي طرابلسي بهذا الأمر، بل يشير إلى أن «الحسابات العائدة للسنوات الماضية لا يمكن البتّ فيها، أي لا يمكن الديوان التدقيق فيها ووصفها بأنها سليمة محاسبياً وقانونياً. دراسة هذه الملفات تعني دراسة ملايين المستندات التي قد لا تكون متوافرة كلها، خلافاً لما يمكن القيام به لجهة دراسة حسابات عام 2017 اللازمة لإقرار موازنة 2019». ويعتقد أنه لا يجب الخلط بين إمضاء الديوان وقته في الرقابة المسبقة وبين عدم إنجاز الرقابة اللاحقة التي كان سببها «النواقص في الحسابات».
ملخص مسار قطوعات الحسابات
عملياً، ما حصل في مسألة قطوعات الحسابات يمكن تلخيصه بالآتي:
– في فترة الحرب الأهلية، أي ما قبل 1992، لم تكن وزارة المال تسجّل كل وقائع العمليات المتعلقة بالنفقات والواردات، بل كانت غالبية قيودها متعلقة بخلاصة النتائج المالية من دون تفاصيل، أي بوجود نواقص في المستندات الثبوتية.
– تراكمت المسألة في فترة ما بعد الحرب، حتى صار صعباً التوصّل إلى ميزان دخول. ميزان الدخول هو رصيد العمليات في السنة السابقة، سواء كان فائضاً أو ناقصاً، وهو ضروري لمعرفة النتيجة المالية للدولة التي ستبدأ في السنة التالية والتي سيُبنى عليها لتحديد العجز المالي أو الفائض إن كان موجوداً.
– استشْرت الأزمة في تلك الفترة، بعدما تبيّن أن هناك الكثير من السجلات والقيود التي تشتّتت واحترقت ونقلت حتى بات يستحيل إصدار قطوعات حسابات.
– عام 1993، أصدر مجلس النواب قانوناً يعفي الدولة من إعداد الحسابات لغاية 1990، ثم أضيف إليه إعفاء من إعداد الحسابات لعامي 1991 و1992، ما زاد من تعقيدات إعداد ميزان الدخول.
– ديوان المحاسبة ربط البتّ بالحسابات بضرورة توافر حسابات المهمة (المستندات والوثائق الثبوتية للإنفاق والعمليات المنفذة)، وبالتالي بات يتعذّر التدقيق بقطع الحساب بلا حسابات مهمة غير متوافرة بشكل شامل منذ 1979، ما زاد من تعقيدات ميزان الدخول أيضاً.
– جرى تصفير الحسابات ورقياً في 1995، ما يعني أن ميزان الدخول يُعَدّ «صِفراً»، لكن الواقع كان مختلفاً، ولم تتبنَّ الحكومة أي إجراء جدّي لمعالجة المشكلة حتى عام 2005 حين أدرجت مادة في قانون الموازنة تشير إلى أن الحلّ يكمن في إنشاء حساب مؤقت للتسوية، لكن الحلّ لم يُنفَّذ.
– تكرّر الحديث عن الحلّ نفسه في 2011، إلا أنه لم يتحوّل إلى قرار ويبدأ تنفيذه إلا بعد عام 2014.
– يتضمن الحلّ المذكور إعادة تكوين الحسابات من خلال إنشاء حساب مؤقت للتسوية تسجّل فيه الحسابات والعمليات المنفذة فعلياً من دون قيود واضحة، فتجري مراسلة المصارف والبلديات والصناديق وغيرها ممن يعتبرون زبائن الدولة للحصول منهم على كشوفات بالعمليات المنفذة مع الخزينة، وتُسجَّل في هذا الحساب، على أن يعطى مهلة لإنجاز هذا الأمر من أجل تصفية الحساب تدريجاً، وصولاً إلى إقفاله.
– في آذار 2019، اعلن وزير المال علي حسن خليل، إنجاز الإدارة في «المالية» إعادة تكوين حسابات الدولة. لكن حتى اليوم، لم يُحل مجلس الوزراء قطوعات الحساب على مجلس النواب، ولا تمكّن ديوان المحاسبة من إحالة قطع حساب سنة واحدة (2017) مدقَّقاً على مجلس النواب.
في الدستور والقانون
ينصّ الدستور اللبناني في المادة 87 منه على أن «حسابات الإدارة المالية النهائية لكل سنة يجب أن تعرض على المجلس (النيابي) ليوافق عليها قبل نشر موازنة السنة التالية التي تلي تلك السنة». وتفرض المادة 195 من قانون المحاسبة العمومية على مصلحة المحاسبة العامة أن تضع كل سنة «قطع حساب الموازنة الذي يجب تقديمه إلى ديوان المحاسبة قبل 15 آب من السنة التي تلي سنة الموازنة. وحساب المهمة العام الذي يجب تقديمه إلى ديوان المحاسبة قبل أول أيلول من السنة التي تلي سنة الحساب»، وتضيف المادة 197 أنّ على «الحكومة أن تحيل مشروع قانون قطع حساب الموازنة على مجلس النواب قبل أول تشرين الثاني من السنة التي تلي سنة الموازنة».
وفي السياق نفسه، يفرض قانون إنشاء ديوان المحاسبة في المادة 53 منه، على الديوان، «أن يصدر كل سنة بياناً بمطابقة كل من الحسابات التي تقدم إليه مدعومة بالأوراق المثبتة المنصوص عليها في القوانين والأنظمة»، وتفرض المادة 54 أن تبلّغ بيانات المطابقة «إلى رئيس مجلس النواب لتوزّع على أعضاء المجلس، وإلى وزير المالية إذا كانت عائدة لحسابات الموازنة العامة والموازنات الملحقة وسائر الموازنات الخاضعة لتصديق السلطة التشريعية… وإلى وزير المالية ووزير الوصاية والهيئات المعنية والمرجع المختص بالتصديق على قطع حساب الموازنة لديها، إذا كانت عائدة لحسابات الموازنات الخاضعة لتصديق مرجع غير السلطة التشريعية».
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
اللواء
«جبل الأزمات» يتراكم.. واتجاه رسمي لمقاضاة «موديز»
ساترفيلد إلى بيروت الثلاثاء.. وجرمانوس يَمثُل أمام التفتيش القضائي
من صباح «حرائق الاطارات» واقفال الطرقات، احتجاجاً على نيل الموازنة من حقوقهم، على الرغم من التأكيدات، بأن لا مس بحقوق ذوي الدخل المحدود والمتقاعدين العسكريين والمدنيين، إلى مساء المخاوف من حفلة جديدة من التقنين الكهربائي في العاصمة والمناطق والمخاوف من انفجار جديد لازمة النفايات، مع حلول شهر تموز، بعدما وصل مكب برج حمود إلى حافة الامتلاء، وكذلك مطمر «كوستا برافا» الذي ينوء بدوره في كميات النفايات التي ترمى فيه.
وبين الحاجات الحياتية الملحة مع مطلع فصل الصيف، والرهان المالي على الاصطياف، انهمك لبنان بمعالجة تقرير مؤسسة الائتمان الدولية «موديز» الذي قلل من القدرة الائتمانية والتسديدية للديون وسندات الخزينة واتهامات بحق مسؤولين، قبل إقرار الموازنة للعام 2019.
واستدعى هذا التقدير للوكالة الائتمانية الدولية، والذي تضمن قلقاً من المؤشرات النقدية المتعلقة بضعف تدفق الرساميل إلى لبنان، واحتمال لجوء الحكومة إلى إعادة هيكلة تدفعها إلى اعتبار لبنان متخلفاً عن سداد ديونه، خوفا لدى المستثمرين الأجانب، في وقت يتم الحديث فيه عن تخلص بعض المستثمرين من السندات التي يحملونها، اجتماعاً مساء في السراي الكبير، وصف بأنه دوري، حضره وزير المال علي حسن خليل وحاكم مصرف لبنان رياض سلامة، وجرى خلاله عرض للأوضاع المالية والنقدية العامة في البلاد.
وعلمت «اللواء» ان الاجتماع توقف عندالتقرير، وما يُمكن ان يقدم عليه لبنان، لجهة مقاضاة شركة «موديز» نظراً لما اوردته في تقريرها قبل يومين، لجهة عدم وجودها اصلا والتعرض لشخصيات لبنانية مع العلم ان الموازنة لم تقر بعد.
وسط هذه الوقائع، وبعد الموقف الحاسم للبنان، بإعلان رفضه لصفقة القرن، ومقاطعته «لورشة البحرين»، علمت «اللواء» ان نائب مساعد وزير الخارجية الأميركي لشؤون الشرق الأوسط وشمال افريقيا ديفيد ساترفيلد سيعود إلى بيروت، الثلاثاء المقبل، ومعه «اجوبة اسرائيلية» على بعض الأفكار التي طرحت في زيارته إلى لبنان، قبل أكثر من أسبوع.
جلسة عادية
وإذا كانت جلسة مجلس الوزراء اتسمت بالعادية، وحرص بعض الوزراء على وصفها «بالمثمرة» وبعضهم بالغ في وصفها إلى حدٍ أنها كانت «مملة»، فإن الثابت بأنه تمّ إقرار عدد كبير من البنود المتبقية من جدول أعمال الجلسة الماضية إضافة إلى بنود الجدول الجديد الذي تضمن 40 موضوعاً، فيما لامست النقاشات معظم المواضيع المطروحة، بدءاً من صفقة القرن، إلى حراك العسكريين والموازنة والأوضاع بشكل عام.
وحسم الرئيس الحريري في بداية الجلسة موقف الحكومة من موضوع «صفقة القرن»، مؤكدا بأن هناك إجماعاً لبنانياً على رفض هذه الصفقة، وان سقف الموقف اللبناني هو قرارات جامعة الدول العربية وقرارات قمّة بيروت، لافتا النظر الىان الدستور واضح في منع التوطين وفي التأكيد على حق العودة ولقى هذا الموقف تأييداً من قبل جميع الوزراء، وهو ما اعتبر بمثابة موقف حكومي جامع.
وبحسب المعلومات الرسمية، فإن الرئيس الحريري طلب من الوزراء إنهاء اعداد جميع المراسيم التطبيقية للقوانين الصادرة سابقا، مشدداً على انه سيتابع الموضوع اسبوعياً مع الوزراء المعنيين لإنهاء إنجازها بسرعة، مشيرا إلى ان مجلس الوزراء سيعقد جلسات ستخصص لمتابعة تنفيذ قرارات مؤتمر «سيدر» وخطة «ماكنزي» الاقتصادية.
وكشف مصدر وزاري ان الجلسة المقبلة ستعقد الثلاثاء المقبل، لكنه لم يجزم ما إذا كانت ستعقد في السراي الحكومي أو في بعبدا، وما إذا كانت ستخصص لإنهاء موضوع التعيينات في المجلس الدستوري، لكن وزير الإعلام بالوكالة وائل ابوفاعور لفت النظر إلى ان هذا الموضوع ما زال بحاجة إلى مزيد من التشاور المطلوب قبل الوصول إلى اقتراح التعيينات على طاولة مجلس الوزراء، معتبرا ان ما حصل في المجلس النيابي من انتخاب خمسة أعضاء للدستوري سهل على الحكومة امكانية إقرار التعيينات المتعلقة بالمجلس الدستوري، لأنه ان هناك نوع من التسوية بين الكتل النيابي، رفض ان يسميها محاصصة، وإنما اتفاق بين الكتل على مجموعة أسماء تستوفي مطالب الكتل.
حراك العسكريين
وفي المعلومات أيضاً، ان حراك العسكريين، رفضاً للمس بمكتسباتهم المعيشية، استحوذ على جانب من نقاشات مجلس الوزراء، في ضوء التصعيد الذي لجأوا إليه أمس، عبر قطع الطرقات الرئيسية التي تربط العاصمة بالمناطق اللبنانية، شمالاً وبقاعاً وجنوباً، لمدة ناهزت عن الأربع ساعات صباحاً، ولم يتراجع هؤلاء عن اعتصاماتهم على الطرق، والذي ارتدى في بعض المناطق، ولا سيما على اوتوستراد خلدة، طابعاً عنيفاً من خلال اضرام النار في اطارات السيّارات، وحجز ألوف المواطنين في سياراتهم رهائن له، إلا بعد ان تدخلت قيادة الجيش التي دعتهم إلى عدم الاستمرار في قطع الطرقات مؤكدة تضامنها الكامل معهم.
وبحسب الوزير أبو فاعور، الذي تلا المقررات الرسمية فإن «هناك شعوراً عاماً في مجلس الوزراء بأن الأمور تخرج عن المنطق الذي يجب اعتماده في بعض المطالب المطروحة، كما ان التحركات وبعض التصريحات تخرج أيضاً عن المنطق الذي يجب احترامه من كل صاحب حق.
وقال: «اصبح هناك جو عام في مجلس الوزراء بأن بعض المطالب، وليس كلها يجب ان تكون أكثر منطقية، كما ان بعض التحركات، ان لم يكن معظمها يجب ان تكون أكثر التزاما بالقانون، ولا يجوز ان يدفع المواطن اللبناني، ثمن بعض التحركات التي أصبحت تتصرف بشكل ضوضائي».
يُشار إلى ان وزير الدفاع الياس بوصعب قطع مشاركته في مجلس الوزراء وانتقل إلى عين التينة للقاء الرئيس نبيه برّي، حيث بحث معه في مسائل مالية تخص العسكريين المتعاقدين، مؤكداً انه متفاهم مع الرئيس الحريري حول مطالب هؤلاء العسكريين، لافتا النظر إلى انه تمّ الاتفاق على تعديل بند التسريح المبكر، معلنا عن اقتراح جديد بالنسبة إلى ضريبة الدخل على تعويضات العسكريين، لكنه رفض الإفصاح عن المقترحين.
غير ان العسكريين، حذروا في بيان، بعد وقف تحركهم نزولاً عند طلب قيادة الجيش، من تنفيذ بنود مشروع الموازنة وخاصة في ما يتعلق برواتب العسكريين الفعليين والمتقاعدين وتعويضاتهم، واكدوا ان حراكهم سيستمر وسنصعد من اجراءاتنا، طالما لم تسحب من مشروع الموازنة كافة البنود المخالفة لكل القوانين العسكرية المرعية الاجراء.
جلسة نكات ومشادات
إلى ذلك، علمت «اللواء» ان الرئيس الحريري اكد خلال جلسة مجلس الوزراء ان على الوزراء تنفيذ المراسيم التطبيقية للقوانين التي تصل اليهم من مجلس النواب وابداء الرأي بسرعة بالنسبة الى القوانين التي يرسلها النواب الى الوزراء بهدف تفعيل عمل الحكومة.
وقالت مصادر وزارية ان جلسة مجلس الوزراء اتسمت بالهدوء وجرى خلالها تبادل النكات بحيث ان الوزير يوسف فنيانوس وافق على احد البنود المتعلقة بمشاريع الطرق والتي يمولها البنك الأوروبي للإستثمار وتهم الوزير جبران باسيل فقال انها المرة الأولى التي اوافق فيها مع باسيل، فرد عليه الأخير قائلا: «لح خليك توافق معي عشر مرات مش بس هالمرة».
وسجلت بحسب المصادر نفسها مشادة كلامية بين الوزيرين ابو فاعور ومحمد شقير حول موضوع الرسوم النوعية على البضائع التي تدخل الى لبنان ومنها ما ينتجه لبنان اي ما هو منها من صناعة محلية وطلب شقير من ابوفاعور الأجتماع من اجل مناقشة هذا البند انما رد ابو فاعور متوجها الى شقير : انت ما بدك تناقش بهذا البند انت بدك تغير الإتفاق يلي حصل حوله وانت لست رئيس غرفة التجارة والصناعة انما رئيس تجار.
وافيد ان شقير انزعج جدا واظهر ذلك لكن ما لبث ان تدخل الوزراء لمصالحتهما وتبريد الأجواء وبادر ابو فاعور الى المزاح.
وفي البند المتعلق بالأتفاقية العالمية حول الألغام اعترض وزراء حزب الله عليه وأرجىء لمزيد من البحث لا سيما ان هذة الأتفاقية لم تأت على ذكر اسرائيل كطرف مسؤول عن زرع الألغام .
تقرير «موديز»
في هذه الغضون، بقي الوضع المالي والاقتصادي في حرارة الاهتمامات المحلية، حيث يتأكد يوماً بعد يوم أهمية إقرار الموازنة بعجز منخفض لكي يُصار إلى الانطلاق منه لتأسيس موازنة العام 2020، وبرز هذا الاهتمام بوضوح في اجتماع السراي المالي، بالتزامن مع إعلان وكالة «فيتش» للتصنيف الائتماني بأن لبنان «بحاجة إلى إصلاحات مالية وهيكلية إضافية لخفض عجز الموازنة واستقرار نسبة الدين الحكومي من الناتج المحلي والاجمالي، ثم إعلان وكالة «موديز» ان «تباطؤ التدفقات الرأسمالية على لبنان وتراجع نمو الودائع يعززان احتمال تحرك الحكومة لاتخاذ تدابير تشمل إعادة هيكلة الدين أو اجراء آخر لإدارة الالتزامات ربما يُشكّل تخلفاً عن السداد».
ورغم ان المصادر الرسمية ادرجت الاجتماع في إطار الاحتمالات المالية العددية بين الحريري وخليل وسلامة، لعرض الأوضاع المالية والنقدية العامة في البلد، فإن مصادر مطلعة لم تستبعد ان تكون المداولات تطرقت إلى ما تخوفت منه الوكالتان، على الرغم من تأكيد خليل بأن «الامور تحت السيطرة»، مشيراً إلى ان تقرير «موديز» يحتاج إلى قراءة متأنية، فالامور ليست سلبية.
وقال خليل ان الاجتماع مع الحريري وسلامة هو لتنسيق تأمين مستلزمات الاستقرار المالي والنقدي، من دون توضيح طبيعة هذه المستلزمات، علماً ان المصادر لاحظت ان الرئيس الحريري ما زال يعتبر ان مشروع الموازنة يتعرّض لعملية للايرادات من قبل لجنة المال النيابية، مما قد يؤدي به إلى ارتفاع نسبة العجز، إلى ما فوق الرقم الذي حددته الحكومة وهو 7.59 في المائة.
تجدر الإشارة إلى ان لجنة المال أقرّت 80 في المائة من مواد الموازنة، على ان تتضح الصورة النهائية للمواد المعلقة الاثنين أو الثلاثاء المقبل على أبعد تقدير، وبعدها يرفع رئيس اللجنة النائب إبراهيم كنعان تقريره النهائي إلى رئيس المجلس، الذي سيحدد الموعد المنتظر لجلسة مناقشة وإقرار الموازنة في الهيئة العامة، بعد حل مسألة قطع الحساب.
وكانت اللجنة درست في الجلسة الصباحية موازنة وزارة التربية والتعليم العالي، وطالبتها بتفاصيل حول المعايير المعتمدة في دعم الجمعيات بعدما وجدت تفاوتاً كبيراً في الموضوع، وأقرّت في الجلسة المسائية موازنتي العمل والصحة كما وردت من الحكومة.
واشار كنعان ان «وزير الصحة سيعتمد آلية لتخفيض اسعار الدواء بدءا من آب المقبل، وان اللجنة طلبت تقييم اوضاع المستشفيات الحكومية، واعتبر ان بعض الجمعيات تأخذ مساهمات مالية من اكثر من وزارة ، والإصلاح يتطلب تدقيقا لعدم حصول إزدواجية.
دكتوراه فخرية للحريري
ومساء، رعى الرئيس الحريري حفل التخرّج لكليات الهندسة والطب والموسيقى واللاهوت في جامعة الروح القدس- الكسليك في قاعة البابا يوحنا بولس الثاني في حرم الجامعة التي منحته الدكتوراه الفخرية، في حضور حشد من الشخصيات الرسمية والاكاديمية، ثم كانت له كلمة، أعاد فيها إلى الأذهان الحوار الذي اجراه والده الرئيس الشهيد رفيق الحريري مع الرهبنة اللبنانية المارونية في المدرسة المركزية قبل 25 سنة، مؤكداً متابعته للمسيرة إياها ومع المؤسسة العريقة إياها، ولو في صرح آخر من صروحها، وهو هذه الجامعة.
وخاطب الحريري الطلاب الخريجين داعياً اياهم إلى اختراق الضباب الذي يلف حياتنا اليومية ويقود الكثيرين إلى طرح التساؤلات، لافتاً نظرهم إلى ان للسياسة اوقاتها ولكن لبنان هو لكل وقت. وقال: «السياسة قضية ظروف والظروف تتغير، والاوطان الصلبة اقوى من أي ظروف». مشيرا إلى ان «قوة لبنان كانت ولا تزال من قوة مجتمعة ومؤسساته، تحضنها الدولة في إطار النظام الحر والحريات العامة التي ارتبطت بالتأسيس منذ البداية وكرسها دستور 1926 واكدها الدستور المعدل عام 1991، تبعاً لما نصت عليه وثيقة الوفاق الوطني في الطائف عام 1989، ولكن تحضنها أيضاً بالثقة المستعاد بالدولة، مصارحاً اياهم بأن التحدي الذي يواجهه المسؤولون اليوم، على أي مستوى كان، هو استعادة الثقة، وأنا شخصياً مدرك تماماً لهذا التحدي.
وإذ لاحظ ان في لبنان اليوم ضوضاء سياسية كبيرة، الا انه قال ان الأوطان لا تتقدّم وتتطور بالحياة السياسية وحدها، وان مقياس التقدم والرقي ليس محصوراً في متابعة الأحداث السياسية، وانقسامات السياسيين وخلافاتهم، مؤكداً ان اللبنانيين شعب مميز، وهم ارقى بكثير من ان يكونوا خاضعين لهذه المبالغات اليومية التي تتسبب بالتوترات والقلق وتظهر اللبنانيين من خلال انقساماتهم وتجاذباتهم وتحجب الأوجه الاخرى لانجازاتهم».
قضاء وكهرباء ونفايات
وبطبيعة الحال، لم يشأ الرئيس الحريري الخوض في هموم اللبنانيين ومعاناتهم اليومية، على اعتبار ان المناسبة هي للتأكيد على سلاح العلم والثقافة، ولا مجال للدخول في مشهد لا يتطابق مع صورة لبنان الجميل الذي حاول رئيس الحكومة رسمها للخريجين حيث يبدو ان لبنان مقبل على أزمة نفايات في نهاية الشهر المقبل تموز، تبعاً لوصول طاقة استيعاب مكب برج حمود إلى الذروة، من دون ان يتمكن أي مسؤول من إيجاد حل أو طرحه أو التهيئة لطرحه منذ الآن، في حين بدأت مؤسسة كهرباء لبنان بفرض ساعات تقنين إضافية، بسبب نقص كميات الفيول، نتيجة تأخر صرف الاعتمادات المالية، لكن وزيرة الطاقة ندى البستاني طمأنت، بأن بواخر الفيول بدأت بتفريغ حمولتها، وينتظر ان تخف ساعات التقنين في بيروت والمناطق تبعاً لذلك، إلا ان الوزيرة استدركت بأنها لا تستطيع ان تعد المواطنين بأن يكون الصيف بلا تقنين، بسبب ان معمل دير عمار الثاني، ما زال يحتاج إلى أكثر من سنة ليتم تجهيزه، على الرغم من انه لزم قبل أكثر من سنة.
وإلى ذلك، برز خبر قضائي يتمثل بانضمام قاضيين جديدين إلى لائحة المحالين على المجلس التأديبي الخاص بالقضاة في ملف ما يعرف بالفساد القضائي، ليرتفع عدد القضاة الملاحقين إلى سبعة.
ووفق مصدر قضائي فإن الجميع ينتظر قرار وزير العدل البرت سرحان الذي تسلم توصية هيئة التفتيش القضائي الثلاثاء الماضي، بعد ان سبق له وأخذ بتوصية التفتيش.
ودعا المصدر وزير العدل إلى لعب دوره واتخاذ الإجراءات اللازمة، كما فعل سابقاً حين اوقف قضاة عن العمل، خاصة وان المساواة هي أساس العدل، والمقصود بهذه الدعوة طبعاً قاض في موقع كبير في القضاء العسكري، والثاني من البقاع.
ونسبت «النشرة» إلى مصادر مطلعة ان «هيئة التفتيش القضائي أنهت تحقيقاتها مع مفوض الحكومة لدى المحكمة العسكرية بيتر جرمانوس وقاضي التحقيق الأوّل في البقاع عماد الزين، وأصدرت توصية إلى وزير العدل البرت سرحان، طالبته باحالتهما إلى المجلس التأديبي وكف يدهما عن العمل».
لكن موقع «ليبانون ديبايت» الالكتروني، نقل عن مصادر قضائية رفيعة انه تمّ الاستماع إلى جرمانوس، من قبل التفتيش القضائي، ولا توجه مطلقاً إلى توقيفه عن العمل من قبل وزير العدل، كما حصل سابقاً مع عدد من القضاة كون الملف الذي استمع إلى جرمانوس به تقليدي وطفيف».
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
البناء
فيينا: مفاوضات أوروبية إيرانية لوضع الآلية المالية… وطهران تؤجل بلوغ سقف الـ 300 كلغ
بوتين من اليابان: الوضع في الخليج قابل للانفجار لأن واشنطن قوّضت النظام العالمي
الحكومة تؤكد رفض صفقة القرن… وملف العسكريين المتقاعدين يبحث عن وساطة
بين كثرة الأحاديث الدولية التمهيدية لما ستشهده قمة العشرين حول الحاجة لإطلاق المسار السياسي في سورية، والدعوات الموازية لاستعادة الزخم للحل السياسي في اليمن، تبدو المبادرات الهادفة لتخفيض التصعيد بين واشنطن وطهران بين السطور، كما يبدو الكلام التركي عن فعالية مقررات أستانة المتهالكة نوعاً من التحسب لتراجع الدور، فيما المخاطر المحيطة بالخليج إذا فشلت مساعي الوساطة والتهدئة حضر على لسان الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، الذي قال إن النظام العالمي يتعرّض للتقويض بمواقف غير مسؤولة للإدارة الأميركية، وكان الوحيد الذي لم تطله سهام الرئيس الأميركي دونالد ترامب الذي اتهم اليابان بأنها تريد من واشنطن أن تحميها وتنزعج عندما تسعى واشنطن لحماية اقتصادها، واتهم الصين بالمزاحمة غير المشروعة متحدثاً عن اقتصاد صيني ينهار، وهاجم الهند وأوروبا، وبتحييده للرئيس بوتين يبدو لقاء القمة الذي سيجمعهما اليوم مناسبة لقول ما يجب حول القضايا الخلافية التي يتقدمها الملف الإيراني، وفقاً للمصادر الروسية.
بعض الإشارات جاءت من فيينا، حيث تنعقد اليوم رسمياً الاجتماعات المقرّرة لمجموعة موقعي الاتفاق النووي الإيراني بعدما انسحبت اميركا منه، وهو آخر اجتماع قبل حلول نهاية المهلة التي حدّدتها إيران لبدء إجراءات الخروج من الاتفاق، ويشكل المسعى الأخير لتقديم حوافز لإيران تثبت أن الاتفاق قائم وأن الشركاء في الاتفاق قادرون على الالتزام بموجباتهم، واولى الإشارات كانت إعلان إيران على لسان مصدر ديبلوماسي في فيينا، أن مخزون إيران من اليورانيوم المخصّب لن يتخطى سقف الثلاثمئة كيلوغرام قبل نهاية الشهر، بعدما كانت طهران قد حددت أمس، موعداً لهذا التجاوز للسقف، ما يعني أن تقدّماً تمّ تحقيقه في التفاوض التمهيدي الجاري عشية الاجتماع الرسمي اليوم.
بانتظار ما ستحمله الأيام القليلة الفاصلة، خصوصاً في الاجتماعات على هامش قمة العشرين يستمر التوتر في المنطقة ويستمر حبس الأنفاس، جاءت النتائج المخيّبة للآمال الأميركية والإسرائيلية من اجتماعات المنامة التي وصفتها الصحف العالمية بالفاشلة، وكان ما كتبته الغارديان والأندبندنت على هذا الصعيد نموذجاً عن القراءة العالمية لما وصفته الصحيفتان بالغباء الذي يستحكم بمشروع إدارة ترامب لحل القضية الفلسطينية، بينما كان الفلسطينيون يحتفلون بفشل مؤتمر المنامة وبوحدتهم وحضور الشارع العربي مجدداً لنصرة فلسطين، وكان لافتاً أن تشهد تونس التي كان شارعها في المقدمة تنديداً بصفقة القرن تفجيرين انتحاريين لداعش كعقوبة أميركية إسرائيلية على الموقف من صفقة القرن.
في لبنان أعادت الحكومة في اجتماعها أمس، تأكيد الموقف الذي أعلنه رئيسها سعد الحريري، من رفض رسمي لصفقة القرن، بينما لم تتضح بعد المسارات التي سيسلكها الوضع القضائي بعد ما أعلن عن إحالة التفتيش القضائي للقاضي بيتر جرمانوس إلى المجلس التأديبي، أما على صعيد مسار الموازنة فكانت قضية العسكريين المتقاعدين هي الحاضرة أمس، مع قطع الطرقات الذي استهدف مداخل العاصمة، في ظل غياب وساطة جدية تسعى لحلحلة القضية رغم النجاح في حلحلة ما هو أهم مع أساتذة الجامعة والقضاة.
مجلس الوزراء: نرفض الصفقة
بعد موقف المجلس النيابي في الجلسة التشريعية الأخيرة، أعلنت الحكومة اللبنانية أمس، بالإجماع رفضها صفقة القرن ومؤتمر البحرين.
واستهلّ الحريري الجلسة مؤكداً أن «موقف الحكومة واضح ضد هذا المشروع، وهناك إجماعاً في لبنان على رفضه، عبرت عنه كل المكونات والمؤسسات في لبنان»، مشدداً على «ان سقف موقف لبنان هو قرارات جامعة الدول العربية وقرارات قمة بيروت، ودستورنا واضح ويمنع التوطين وفي التأكيد على حق العودة».
وقد لاقى موقف الحريري تأييداً من جميع الوزراء. وفيما رحّب وزراء حزب الله بموقف الحكومة وموقف الحريري تحديداً، أشار الوزير محمد فنيش لـ»البناء» الى أن «المجلس النيابي والحكومة أجمعا على رفض صفقة العصر وما يجري في البحرين وعلى رفض التوطين. وهذا يحصن لبنان ضد أي محاولة خارجية للعبث بوحدته واستقراره وأمنه»، موضحاً أن «لبنان يقف خلف الموقف الفلسطيني الموحّد وهو المعني بالدرجة الأولى بما يُحاك من مؤامرات أميركية إسرائيلية خليجية ضد الشعب الفلسطيني والقضية الفلسطينية وشعوب ودول المنطقة»، واعتبر وزير الصناعة وائل أبو فاعور أن «صفقة القرن تحتاج الى قرن لتنفيذها ولن تنفذ طالما هناك إجماع فلسطيني مطلق على رفض الصفقة»، ولفت لـ»البناء» الى أن «الصفقة ستذهب أدراج الرياح في أيلول المقبل مع الاحتمال المرجّح لسقوط رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في الانتخابات الاسرائيلية المقبلة، وفي حال فوزه سيواجه القضاء في تشرين المقبل بقضايا فساد. ومن المتوقع أن تُرفع الحصانة عنه فضلاً عن أن الرئيس الأميركي دونالد ترامب سيدخل بداية العام المقبل في غوما الانتخابات الرئاسية الأميركية والذي يطمح لتجديد ولايته»، ولفتت مصادر وزارية لـ»البناء» الى أن «مؤتمر البحرين فشل في تحقيقه أهدافه شكلاً ومضموناً لا سيما التمثيل العربي الهزيل ما يدلّ على أن الأميركيين جلبوا العرب عنوة الى مؤتمر ينادي بتصفية القضية الفلسطينية»، مضيفة بأن «هذا المؤتمر جاء في ظل ضعف أميركي في المنطقة إضافة الى الأزمات التي تواجه السعودية في اليمن وغيرها»، من جهته أعلن وزير الخارجية جبران باسيل بعد انتهاء الجلسة أنه «بموقفنا سبقنا صفقة القرن بقرن».
وأبدى رئيس الجمهورية العماد ميشال عون، بحسب ما نقل زواره لـ»البناء» تخوّفه من التطورات في المنطقة لا سيما صفقة القرن ومؤتمر البحرين وانعكاسه على لبنان لجهة توطين الفلسطينيين أو على الأقل إبقائهم في لبنان في ظل خطر توطين النازحين السوريين أو الدفع الدولي باتجاه عرقلة عودتهم الى سورية، لكن في الوقت نفسه عبر عون عن ارتياحه للإجماع الداخلي في المجلس النيابي والحكومة على رفض التوطين وصفقة القرن، لكنه يأمل أن يتوحد الخطاب السياسي على جميع العناوين الوطنية والقضايا الكبرى رغم التباين في الملفات الداخلية».
مع حقوق العسكريين ولكن…
ونقل زوار رئيس الجمهورية عنه قوله لـ»البناء» إنه «يعول على إقرار الموازنة في المجلس النيابي والبدء بموازنة العام 2020 لحل الأزمات المالية والاقتصادية المتراكمة منذ عقود»، مشيراً الى أن «إمكانية إيجاد حلول كبيرة جداً إذا ما توافرت الارادة الوطنية رغم استمرار الخلافات السياسية على بعض الملفات والعناوين السياسية والاقتصادية». ونقل الزوار عن عون أنه «متعاطف مع العسكريين المتقاعدين في الحفاظ على حقوقهم ومكتسباتهم، لكن لا يجوز استخدام العنف والشارع لتحصيل هذه الحقوق كما أنهم أصحاب حق، لكن تجب موازنة ذلك مع قدرة الدولة المالية على دفع جميع هذه الحقوق ولا بد من مساهمة جميع القطاعات في تخفيض العجز وحماية المالية العامة».
وحضرت قضية العسكريين وقطع الطرقات على طاولة مجلس الوزراء، حيث أبدى الوزراء استغرابهم حيال «طبيعة هذه التحرّكات وما اذا كانت جهات تعمل على نشر الفوضى إضافة الى إثارة بنود في الموازنة غير موجودة وتضخيم ردات الفعل عليها»، بينما أكد الوزير فنيش أن «الموازنة باتت في المجلس النيابي ولم يعد لمجلس الوزراء أي علاقة بها. فالقرار النهائي بيد المجلس ويمكنه تعديل ما يراه مناسباً من البنود».
وكان العسكريون المتقاعدون قطعوا صباح امس الطرق المؤدية الى العاصمة كافة قبل أن يفضّوا تحرّكهم نزولاً عند طلب من قيادة الجيش»، إلا ان العسكريين حذروا في بيان «السلطة من تنفيذ بنود مشروع الموازنة خاصة في ما يتعلق برواتب العسكريين الفعليين والمتقاعدين وتعويضاتهم»، وأضافوا: «حراكنا سيستمر وسنصعد من إجراءاتنا، طالما لم تسحب من مشروع الموازنة، كافة البنود المخالفة لكل القوانين العسكرية المرعية الإجراء. قوتنا باتحادنا».
أما وزير الدفاع الياس بو صعب الذي غادر جلسة السرايا لبعض الوقت للقاء رئيس المجلس النيابي نبيه بري في عين التينة، تحدث بعد الجلسة عن حلحلة أزمة العسكريين ومخارج يتم البحث بها، ولفت الى ان «إغلاق الطرقات لا ينفع المطالب والمواطن يدفع الثمن والبندان العالقان في مجلس النواب تم التفاهم حولهما فتوافقنا على صيغة حول تأجيل التسريح وهناك اقتراح جديد يُدرس في ملف ضريبة الدخل، وهناك تفاهم مع الحريري حول مطالب العسكريين المتقاعدين واتفقنا على تعديل بند التسريح المبكر أما ضريبة الدخل فهناك اقتراح جديد بشأنها».
وكانت الجلسة عقدت في السراي الحكومي برئاسة الحريري، خصصت لبحث المواضيع المتبقية من الجلسة السابقة ومواضيع إضافية، وخلت من التعيينات، على أن يعقد جلسة جديدة الثلاثاء المقبل.
وأكد أبو فاعور الذي تلا مقررات الجلسة في رده على سؤال، حصول تسوية في تعيينات المجلس الدستوري، مؤكداً أنه حتى اللحظة لم يقدّم أي اقتراح إلى مجلس الوزراء بأسماء المرشحين لتعيين خمسة أعضاء آخرين في الدستوري .
في المقابل، سأل وزير الأشغال يوسف فنيانوس ممازحاً زميله وزير التربية أكرم شهيب: ألم يتساءل أحد كيف نال القاضي رياض أبو غيدا أعلى نسبة أصوات بانتخابه في مجلس النواب؟ وهل كان أحد يتوقع أن يصوّت حزب الله لأبو غيدا؟
وأشار الحريري خلال الجلسة الى أن مجلس الوزراء سيعقد جلسات ستخصص لمتابعة تنفيذ قرارات مؤتمر سيدر وخطة ماكنزي الاقتصادية.
وأقرّ المجلس معظم البنود الموضوعة على جدول الأعمال وعدداً من مشاريع القوانين ووافق على عدد من الهبات و القروض المقدمة من الصين و تركيا وغيرها. وتمّ إقرار مرسوم تنظيمي يتعلّق بآلية تطبيق أحكام قانون حقوق المعوقين، وينص هذا الإقرار على تخصيص نسبة 3 من وظائف القطاع العام لأصحاب الاحتياجات الخاصة، وهو مطلب قديم للجمعيات وأصحاب الاحتياجات الخاصة.
اجتماع مالي
وبعد الجلسة عقد في السرايا اجتماع مالي ضمّ الى الحريري كلاً من وزير المال وحاكم مصرف لبنان رياض سلامة، وأكد خليل في حديث تلفزيوني ان «الاجتماع هو لتنسيق تأمين مستلزمات الاستقرار المالي والنقدي»، مشيراً بحسب المصادر الى أن «الحريري مازال يعتبر أن مشروع الموازنة يتعرّض لعملية حذف للإيرادات وبالتالي هو متخوّف من أن يكون العجز المحقق أعلى من العجز المتوقع».
وكان خليل ردّ على تقرير وكالة «موديز انفستورز سيرفيس» عن اتجاه الحكومة لإعادة هيكلة الدين، بأن «الأمور تحت السيطرة وتقرير «موديز» يحتاج الى قراءة متأنية. فالأمور ليست سلبية».
لجنة المال
في غضون ذلك، واصلت لجنة المال درس مشروع الموازنة. وأكّد رئيسها النائب إبراهيم كنعان أن 80 من مواد الموازنة قد أقرت اما المواد المعلقة فهي التي لم نرد إسقاطها بهدف إيجاد ايراد بديل عنها وأتوقع أن تتضح الصورة الاثنين المقبل . وبعد اجتماع اللجنة، قال إذا وجدنا اي تجاوز للقانون 46 سنشطب في موضوع الأجراء والمتعاقدين . وأشار الى أنّ على الحكومة تكليف جهة للتدقيق في الجمعيات والمدارس ولن نوافق على أي مساهمة قبل حصولنا على الأجوبة بشأنها لاتخاذ القرار المناسب . ولفت الى ان الإيرادات التي نسعى لتأمينها هي لتخفيف العجز وإعطاء الصورة المطلوبة للبلاد ويهمنا الوضع الاجتماعي لجميع اللبنانيين لذلك نبذل جهداً للحفاظ على نسبة العجز وتأمين حلول مقبولة .
لقاء الحريري – جنبلاط
في غضون ذلك، لم يُسجَّل أي خرق للهدنة على جبهة المستقبل – الاشتراكي، ولم يستبعد الوزير أبو فاعور حصول لقاء بين الوزير وليد جنبلاط والحريري»، موضحاً أن «العلاقة لا تتطلب أي نقاش، ومبادرة الرئيس نبيه بري مطلوبة بأي لقاء وطني». وقالت مصادر نيابية في تيار المستقبل لـ»البناء» إن «اللقاء سيحصل بين جنبلاط والحريري لكن لم يحدد موعده بعد»، مشيرة الى «اننا كتيار مستقبل ملتزمون بالتهدئة ونعمل على إنجاح وساطة الرئيس بري التي تتضمّن حلّ أسباب الخلاف»، معربة عن أسفها لوصول العلاقة التاريخية بين الحزب والتيار الى هذا الدرك». وأشارت مصادر عين التينة الى أن «حراك برّي يهدف إلى إعادة لمّ الشمل من أجل أن يكون هناك خريطة طريق من أجل المصالحة الشاملة بين الفريقين».
أزمة كهرباء طويلة؟
على صعيد آخر، تفاقمت أزمة الكهرباء وسط استمرار التقنين القاسي في التيار الكهربائي في معظم المناطق ما يُنذر بأزمة كهرباء طويلة تمتدّ الى أواخر فصل الصيف، وأشارت مصادر وزارة الطاقة لـ»البناء» الى أن «سبب الأزمة الحالية هو نفاد الفيول بعد تخفيض السلفة المالية لوزارة الطاقة نتيجة التقشف في الموازنة»، موضحة أن «الاعتماد الأخير الذي أقرّ في مجلس الوزراء لشراء الفيول لا يكفي الطلب على الطاقة لكامل الأراضي اللبنانية»، موضحة أننا «بانتظار أن تفرغ البواخر الفيول وهناك تأخير حصل سببه المعاينة الجمركية وخلال 3 أيام سترتفع ساعات التغذية 3 ساعات يومياً، لكنها لفتت الى أن «الأزمة ستتجدّد في أواخر شهر تموز».
وأفادت قناة «أل بي سي» الى أن «إحدى السفن التي تحمل الفيول كانت تنتظر قبالة السواحل اللبنانية لإفراغ حمولتها منذ أسابيع وأخرى منذ 10 أيام، بانتظار اقرار الاعتماد»، مشيرةً الى ان «التغذية الكهربائية ستعود الى طبيعتها يوم الاثنين على أبعد تقدير».
جرمانوس إلى «التأديبي»؟
وفي تطور قضائي لافت قد يُغيّر مسار ملفات قضائية عدة كملف الحاج عيتاني – غبش، ويحمل في طياته تسوية سياسية ما وتمهيداً لصفقة تعيينات تطال معظم رؤساء الأجهزة الأمنية والقضائية، كشفت مصادر قضائية أنّ هيئة التفتيش القضائي أحالت قاضيين في مركزين بارزين الى المجلس التأديبي، وهما مفوض الحكومة لدى المحكمة العسكرية بيتر جرمانوس والقاضي العدلي عماد الزين وأوصت وزير العدل ألبرت سرحان بطلب كفّ يدهما عن العمل.
وكانت الهيئة استمعت الى القاضيين المذكورين، وبعد إنهاء تحقيقاتها اتخذت قرارها بالإحالة ورفعت التوصية المذكورة الى الوزير المعني.
يُشار الى أن خمسة قضاة كانوا أحيلوا في الفترة السابقة على المجلس التأديبي.
يُذكر أن المجلس التأديبي غير ملزم بمهلة زمنية معيّنة لإنهاء تحقيقاته مع القاضيين، على أن يتخذ بعدها القرار المناسب إما بتبرئة القاضي أو إدانته التي تبدأ من التأنيب أو خفض درجته وصولاً الى فصله من السلك القضائي، إلا أن وزير العدل لم يتعامل مع التوصية حتى الآن.
وسارع تيار المستقبل الى الترحيب بالخطوة، ودعت مصادر مستقبلية وزير العدل الى لعب دوره واتخاذ الإجراءات اللازمة كما فعل سابقاً حين أوقف قضاة عن العمل.
وكانت لافتة اشارة الرئيس عون أمس، بأنه «ماض في تصحيح أداء المؤسسات والعاملين فيها، ولن يكون هناك أي تساهل مع المرتكبين والمخالفين للقوانين والأنظمة المرعية الإجراء، وستكون الكلمة الفصل للهيئات القضائية وأجهزة الرقابة»، ما فُسر على أنه رفعٌ للغطاء عن جرمانوس وأي مسؤول متورط بفساد!