رغم انشغال الجيش في مقارعة الإرهاب التكفيري عند الحدود الشمالية والشرقية وفي الداخل ومنعه من تحويل لبنان الى ساحة للإرهاب، لم يهمل الخطر الأساس المتمثل بالعدو الاسرائيلي، ولذلك تبقى عينه مفتوحة ولا تتلكأ في متابعة أي إشارة أو معلومة تصب في خانة ملاحقة شبكات «الموساد».
ومع تهاوي شبكات العملاء وتحديدا منذ العام 2005 الى 2012، عمد العدو الاسرائيلي الى «تنويم» شبكاته العاملة على الارض اللبنانية، وقد لمست الأجهزة العسكرية والأمنية بدءا من العام 2012 صعوبة في متابعة وتعقب هذه الشبكات بعدما لجأ العدو الى اعتماد أساليب جديدة للتواصل مع عملائه، أكثر سرية وتعقيدا.
آخر ما تمكنت مديرية المخابرات في الجيش اللبناني من إنجازه، هو كشف مخطط إسرائيلي لإعادة تحديث بنك معلومات أهدافه عبر الدخول الى الواقع اللبناني عبر شركات وهمية وتجنيد البعض من حيث يدرون أو لا يدرون من ضمن خطته الهادفة الى تأمين مسح شامل لكل المواقع والبنى التحتية والمرافق والمرافئ العامة والخاصة في لبنان، مع التركيز الدائم على كشف شبكة اتصالات المقاومة التي كانت أحد عناصر انتصار تموز 2006.
كانت البداية مع رصد اتصال ورد الى المهندس (ح. ي.) من شخص لكنته خليجية ادعى أنه يملك شركة خليجية، وللمفارقة، تبين أن شقيق (ح. ي.) شهيد في صفوف جبهة المقاومة الوطنية اللبنانية وسقط في مواجهة مع العدو الاسرائيلي، وتم انتقاؤه لأنه كان يبحث عن عمل وتم تحديد موعد له للسفر، ومن حسن حظه، انه استطاع قبل سفره بأيام تأمين عمل في لبنان، فقرر صرف النظر عن فكرة السفر نهائيا.
بعدما أحجم (ح. ي.) عن السفر، اتصل به الخليجي لمساعدته في تأمين مهندسين للعمل في الخليج، فطرح الأمر على زملاء له، تجاوب من بينهم المهندس (س. ق.) الذي يعمل في مصلحة حماية المستهلك في وزارة الاقتصاد، فاتصل بالشركة المزعومة والشخص الخليجي واتفق معه على لقاء في تركيا وذهب الى هناك والتقى بشخص قدم نفسه على انه من جنسية أوروبية، ومن ثم اجتمعا في الاردن بحضور شخص اردني، تقرر بعدها أن يزور الاخير لبنان ويلتقى (س. ق.) في بيروت ويطلب منه معلومات كون الشركة حسب زعمه «ستستثمر في المجال السياحي».
ما هي مهمات (س. ق.)
اهم ما ألح المشغل الذي تبين انه ينتمي الى «الموساد» الاسرائيلي هو الحصول على معلومات مفصلة عن البنى التحتية وتحديدا نظام الاتصالات في لبنان من شبكات وأعمدة ومحطات إرسال وتقوية، مع التركيز على منطقة البقاع، لا سيما البقاعين الغربي والأوسط وزحلة وكل ما يستطيع الوصول اليه على مساحة الاراضي اللبنانية.
وقد تبين أن (س. ق.) استطلع وحدد مواقع مساجد وكنائس وأعمدة شبكات الاتصال والانترنت والمستشفيات في المناطق المذكورة ووفق إحداثيات دقيقة وخرائط لكل تفاصيل المواقع المطلوبة منه، ويقول (س. ق.) في التحقيق انه لم يراوده ان الشركة هي غطاء لعمل تجسسي ولكن عندما شك بالموضوع نتيجة الطلبات المتلاحقة عن إحداثيات دقيقة لمواقع لا علاقة لها بالاستثمار السياحي أو غيره، تجاوب مع الطلبات لفترة محددة ولاحقا قرر أن لا يتابع إعطاء المعلومات نتيجة تصاعد شكوكه، علما أنه تبين أن الفترة التي توقف فيها عن التواصل مع مشغليه هي الفترة نفسها التي شهدت بدء تهاوي شبكات الموساد في لبنان.
وبرغم قول (س. ق.) عدم معرفته بأن من يعمل معهم ينتمون الى «الموساد» الاسرائيلي، إلا ان التحقيقات والقرائن تشير الى أمور يتحفظ التحقيق عن ذكرها تؤكد تورطه بالتعامل، وقد صودرت من منزله هواتف واجهزة معلوماتية وجهاز كومبيوتر.
وكالات، 22 تشرين الثاني، 2016