لبنان يواجه انقساما سياسيا كبيرا، عمره من عمر زلزال القرار 1559 قبل 12 عاما. انقسام دفع لبنان بسببه كبير الأثمان وما يزال، لكن مقاربات البعض التي تريد صب الزيت الطائفي على نيران القضايا السياسية، طمعا بمقعد نيابي أو وزاري أو للتزلف للسلطان، إنما هي مقاربات ظالمة ولا تمت بصلة إلى «الوفاء». أي حكومة يجب أن تعكس موازين القوى الداخلية (النيابية بالدرجة الأولى) وربما الخارجية، لكنها ليست ممرا إلزاميا للمقعد الماروني في البترون. ثمة من أوقف عقارب البلد لمدة سنتين من أجل وصول ميشال عون إلى رئاسة الجمهورية. كان ذلك عنوانا كبيرا لوفاء ستأتي على ذكره كتب التاريخ في المستقبل، ومن يعتقد أنه يمكن أن تتألف حكومة من دون موافقة سليمان فرنجية يكون مخطئا. حتى لو أُعطي رئيس «تيار المردة» نصف مقاعد الحكومة وقال «لا»، فستواجه بـ «لا» نبيه بري و «حزب الله» حتى تنقطع الأنفاس، أما إذا قال فرنجية «أقبل بوزارة دولة»، فحينها، لن تمر ساعة، إلا وتتألف الوزارة …
/++++++++++++++++/
النهار//
نهاية الأسبوع مهلة “الأجوبة الحاسمة”؟//
قانون الانتخاب في مرمى الاستنزاف//
“كما لم تخرج سهام رئيس مجلس النواب نبيه بري رئيس الوزراء المكلف سعد الحريري عن نبرة الود تجاهه، لزم رئيس الجمهورية العماد ميشال عون امام الوفود الزائرة نبرة مطمئنة الى طبيعة التعقيدات التي تعترض تأليف الحكومة. لكن ذلك لم يحجب في أي حال مفارقات تواكب الشد بعملية تأليف الحكومة الى مربع المراوحة بما يزيد الريبة حيال التمادي التصاعدي في استنزاف الوقت. احدى ابرز هذه المفارقات ان معظم القوى السياسية بدأ يردد معزوفة التحذير من تآكل عامل الوقت الذي يحاصر الولادة الحكومية بداعي اضاعة المهل امام استحقاق التوافق على قانون جديد للانتخاب الذي يدخل حيز الخطر الفعلي كلما تمادى التعطيل أو التأخير في تأليف الحكومة سواء أكان متعمداً أم بفعل التباينات القائمة حول الحقائب الوزارية.
وليس خافياً ان هذا الجانب بدأ يشكل عاملاً خفياً ضاغطاً يوازي بدلالاته التعقيدات المتحكمة بالصراع الجاري بين مجموعة قوى أساسية على خلفية ارساء توازنات او تموضعات جديدة داخل مجلس الوزراء العتيد. وثمة كلام يتردد في الكواليس يعكس تبادل الاتهامات بين هذه القوى بالعمل على تأخير التأليف بغية فرض قانون الـ60 كأمر واقع، علماً ان زوار الرئيس عون ينقلون عنه انه يتحدث بنبرة مشددة عن حتمية التوصل الى قانون جديد للانتخاب كأحد أولويات العهد والحكومة الجديدة. واذ برزت تأكيدات لبعض نواب “التيار الوطني الحر” ان الرئيس عون لن يسمح بأن تطول المماطلة في عملية تأليف الحكومة الى ما يتجاوز المهلة المعقولة والطبيعية، فان ذلك رسم تساؤلات لدى كثيرين عما يمكن رئيس الجمهورية القيام به من مساع حثيثة لدى قوى معروفة بتحالفها معه من اجل حضها على تذليل العقبات التي تعترض تأليف الحكومة وسط معطيات تتحدث عن مهلة مبدئية في نهاية الاسبوع الجاري لبلورة الاتجاهات النهائية. كما ان ثمة من توقع ان يبحث في الاستحقاق الحكومي في جولة الحوار الجديدة بين “تيار المستقبل ” و”حزب الله” المقررة مساء اليوم في عين التينة.
في هذا السياق، استوقفت المقدمة السياسية لمحطة “او تي في” التلفزيونية المراقبين امس اذ تضمنت رداً لاذعاً على الرئيس بري فقالت: “كان ذلك في 15 آب الماضي، حين أعلن رئيس مجلس النواب نبيه بري أنه مع سعد الحريري ظالماً كان أم مظلوماً بعدها كرت سبحة التطورات الرئاسية، لتجعل الحريري مظلوماً دوماً، ولا لحظة ظالماً… اليوم بدا وكأن رئيس الحكومة يرد الرجل لسيد عين التينة. فعلى باب بعبدا، أعلن الحريري أنه مع بري ظالماً كان أم مظلوماً علماً أن أي ظلم لم يقع على رئيس المجلس لا حكومياً ولا نيابياً ولا إدارياً ولا في أي مجال من مجالات دولة الطائف والوصاية طوال ربع قرن، ولا في ما سبقها بنحو عقد ولا في ما تلاها بعقد ونصف وحتى اللحظة. هكذا ظهر مرة جديدة وكأن كلام الحريري تمهيد لاقتراب ساعة الحقيقة. إذ تؤكد معلومات أن موعد الأجوبة الحكومية الحاسمة بات محدداً مع نهاية هذا الأسبوع بعدها تصير الهوامش ضيقة والخيارات قليلة لأن البلد لا يمكنه أن ينتظر”.
بين الحريري وبري
والواقع ان الرئيس الحريري زار أمس قصر بعبدا ليخرج مؤكداً “تفاهمه مع الرئيس عون على كل الامور”. واذ بدا لافتاً كلامه عن “حرص الرئيس عون على اقتصاد البلد”، قال رداً على سؤال عن “تصعيد ” الرئيس بري: “نحن مع الرئيس بري ظالما كان ام مظلوما”.
وأوضحت مصادر مواكبة لتأليف الحكومة لـ”النهار” ان اجتماع العمل الذي عقده الرئيس عون مع الرئيس الحريري أمس كشف عزم رئيس الجمهورية على تزخيم الاتصالات التي يجريها كي يتم تجاوز العقبات التي تعترض التأليف. وقالت إن وزير الخارجية جبران باسيل سيعود غدا الى بيروت كي يعمل على خط الجهود التي سيبذلها قصر بعبدا. وفي الوقت نفسه لفتت الاوساط نفسها الى ان رئيس الوزراء المكلف يبدي اهتماماً بالعمل الجدي القائم وعدم الانشغال بأية معارك جانبية إذ لا يجوز تعطيل البلاد من أجل حقيبة.
أما الرئيس بري، فقال أمام زواره إنه لا يملك أي معطيات جديدة في موضوع تأليف الحكومة وان “الأمور ما زالت على حالها”.
وسئل عن زيارة الرئيس الحريري لبعبدا امس، فأجاب: “لست في أجواء هذه الزيارة” وعن قول الحريري إنه معه ظالماً كان أم مظلوما، رد بري: “ان شاء الله لن نكون ظالمين لأحد، ولا نقبل في المقابل أن يظلم أحد”.
وهل فترة السماح لتشكيل الحكومة ما زالت مفتوحة؟ استعان بري بمثل: “لعند أهله على مهله، لكن كل يوم تأخير من دون تشكيل الحكومة يشكل خطراً على قانون الانتخاب. وأحذر من الذهاب إلى قانون الستين. وأعوذ بالله من القبول به”.
وأضاف “لا نطلب إلا تسهيل ولادة الحكومة وكما قلت يجب أن تكون حكومة وحدة وطنية حقيقية وبالتالي فإن هذا العنوان يفرض اعتماد قاعدة تمثيل الجميع ولا إقصاء لاحد”.
/++++++++++++++++/
السفير//
فرنجية ممر إلزامي للحكومة.. لا «جل البترون»//
أهكذا يكون «الوفاء» يا جبران!//
“لكأن عشر سنوات من الخبز والملح والتواصل شبه اليومي، لم تكن كافية، لكي يتقن جبران باسيل أصول التعامل مع «حزب الله».
لكأن ما بذله «حزب الله» بالتكافل والتضامن مع سليمان فرنجية وبشار الأسد، من أجل أن ينال جبران باسيل مقعدا وزاريا في حكومة سعد الحريري الأولى، يمكن شطبه بـ «شحطة قلم». بلغ الأمر حد إلحاح فرنجية على الأسد أن يتصل بالملك عبدالله بن عبد العزيز في زمن «السين ـ سين» ويتمنى عليه الطلب من الحريري أن لا يضع «فيتو» على توزير جبران باسيل الراسب في الانتخابات النيابية، بل أن تسند إليه وزارة الطاقة، وكان له ما أراده بعد تعطيل التأليف شهورا طويلة.
لكأن ما قدّمه «حزب الله» من تضحيات من أجل أن يتحرر لبنان من الاحتلال الإسرائيلي، وما يقدمه من كبير تضحيات حاليا في سوريا، في مواجهة الإرهاب التكفيري، لا يكفي لكي يحمي من وقفوا إلى جانبه في أصعب الأوقات.. وأحرجها.
يخطئ من يعتقد أنه كان بإمكان ميشال عون أن يصل إلى رئاسة الجمهورية، لولا تلك الوقفة التي وقفها «حزب الله» معه منذ اللحظة الأولى لفراغ كرسيّ رئاسة الجمهورية..
«وقفة الوفاء» تلك، جعلت الحزب ينال من السهام والاتهامات والتهديد بالويل والثبور وعظائم الأمور. كل العالم أتى إلى الضاحية الجنوبية أو ذهب إلى طهران. كانت الإغراءات والعروض كثيرة. كان لسان الأمين العام لـ «حزب الله» السيد حسن نصرالله: «ميشال عون هو مرشحنا لرئاسة الجمهورية». حاول الأميركيون عن طريق الفرنسيين والأمم المتحدة كسر كلمته. ذهبوا إلى طهران، بعد أن حيّدوا الروس، لمصلحة الإتيان برئيس توافقي، وقالوا للمسؤولين الإيرانيين: اضغطوا على «حزب الله» حتى يخرج من «الجنرال».
كان لسان حال الإيرانيين: ليتفاهم المسيحيون على مرشح واحد ونحن ندعم خيارهم مهما كان.
هذا في العلن، لكن في السر، أفهم الإيرانيون حتى بعض الحلفاء لبنانيا بأن هذا الملف بيد السيد حسن نصرالله شخصيا.
جرّب الرئيس نبيه بري من خلال معاونه السياسي علي حسن خليل أن يلعب من ضمن الهوامش المتاحة له في الملعب الإيراني نفسه لتسويق سليمان فرنجية، معددا لهم المكاسب الاستراتيجية من وراء تبني زعيم «المردة». قال بري لهم: «صدقوني، أنا قلت لفرنجية لو طلبت منك شيئا عدة مرات وطلبه السيد حسن نصرالله منك مرة واحدة، فستنفذ ما طلبه «السيد» وليس أنا. هل هذا صحيح أم لا يا سليمان بيك».. أخبرهم بري أن فرنجية التزم الصمت. وبرغم هذا الجواب الضمني، قال بري إنه مؤمن بهذا الخيار. اكتفى الإيرانيون بالاستماع، لكنهم ما بدلوا تبديلا.
منذ عودة العماد ميشال عون الى لبنان في ربيع عام 2005، وعينا جبران باسيل على أحد المقعدين المارونيين في البترون. لو أنه نقل نفوسه إلى جبيل أو كسروان أو المتن أو حتى بعبدا، لكان وفّر الكثير على عمه وعلى «التيار» واللبنانيين وربما العالم بأسره.
يريد باسيل تجيير معادلات الإقليم كلها لأجل هذا المقعد. جرّب حظه مرتين ولم ينجح. كل استطلاعات الرأي لم تعطه الجواب الذي يشتهيه. من منظور المرشح الدائم، يمكن لـ «التفاهم» مع «حزب الله»، أن يوصل «الجنرال» إلى بعبدا، ولكن بممر إلزامي اسمه «تفاهم معراب». الأخير يتقدم على التفاهم مع الحزب فور وصول ميشال عون إلى القصر الجمهوري، لأن التحالف مع «القوات» وحده الكفيل بأن يفوز رئيس «التيار» بمقعد نيابي في جمهورية لبنان، حتى يضع نفسه بعد ذلك على سكة الرئاسة بعد ست سنوات، ولمَ لا، طالما أن المستحيل قد تحقق بوصول «الجنرال».
اختلط على جبران باسيل الاستراتيجي بالمسيحي. ألزم نفسه وتياره والرئاسة الأولى وكل الجمهورية بمفاعيل اتفاقه مع سمير جعجع. لم تخطئ «القوات» حرفا. الخطأ يتحمل مسؤوليته من أوعز بإبرام «التفاهم». كان بمقدور «التيار» أن يعطي «القوات» في الحكومة وغيرها لكن من بعد المجلس النيابي المقبل. حصل العكس، أعطاها «شراكة كاملة» تنال بموجبها حصة بمقدار ما ينال هو في حكومة العهد الأولى. الأصح أن يقول إنه مستعد لإعطاء «القوات» من حصته هو لا من حصة الآخرين مسيحيا سواء أكان سليمان فرنجية أم باقي الأطياف من إيلي الفرزلي ونقولا فتوش وحتى القوميين الذين لا يخفى على أحد حجم حضورهم المسيحي الوازن.
شطب جبران باسيل كل هؤلاء. طغى «جل البترون» على ما عداه. قرر أن يمشي بمسار مسيحي ولو على حساب كل ما راكمه «الجنرال» طوال ربع قرن من التجربة والتضحيات. لكأن هناك من يريد أن يتنكر لميشال عون ولخياراته الاستراتيجية التي أتت به إلى رئاسة الجمهورية.
ميشال عون ـ شاء جبران باسيل أم أبى ـ يجسد استراتيجية معينة، قاتلت وتقاتل في كل ساحات المنطقة، وها هي توشك على الإطباق على حلب الشرقية «ومن بعد ذلك ستتغير المعادلات لا فقط في سوريا بل في كل المنطقة وستكون بداية نهاية الحرب العالمية التي شُنّت ضد سوريا والمقاومة» على حد تعبير رئيس المجلس التنفيذي في «حزب الله» السيد هاشم صفي الدين.
أيضا، عاد سعد الحريري إلى رئاسة الحكومة بما يمثل اليوم من خيارات يعبر عنها صراحة في وثائق تياره السياسية الجديدة ـ القديمة، كما في كلماته ومقابلاته المتلفزة. الرجل أوضح من الواضح في خياراته الاستراتيجية إلى جانب السعودية وكل المحور الذي تمثله في ساحات المنطقة.
من حق ميشال عون اليوم أن يلزم نفسه بوسطية في الإدارة الداخلية، تبعا لموجبات الدستور لا التفاهم مع معراب أو بيت الوسط. نعم صار ميشال عون الحكم. الأب لكل اللبنانيين والساهر على الدستور والمصلحة العليا للبنان واللبنانيين.
لكن ليس من حق البعض إلزام ميشال عون بوسطية في الخيارات الاستراتيجية الكبرى، مثلما ليس بمقدور أحد أن يطالب الحريري بخيانة خياراته السياسية العربية والدولية.
كان بمقدور «الجنرال» أن يقرر هو شخصيا أن تكون زيارته الأولى الى الرياض أو طهران أو زيمبابوي، لكن أن يأتي موفد خليجي ويعلن أن زيارة عون الأولى ستكون إلى الرياض، فهذا أمر ليس بمألوف ولا يكبر به موقع رئاسة الجمهورية، مثلما لا يكبر موقع الرئاسة، عندما تتكرر المراجعات في القصر ويأتي الجواب المتكرر: اسألوا جبران أو انتظروا عودته من السفر.
ليس هكذا تقاد الجمهورية يا «جنرال» وليست هذه خياراتك التي دفعت أكبر الفواتير لأجلها وليس صحيحا أن طائفة عن بكرة أبيها تتحمل مسؤولية التعطيل حتى تهدد بالذهاب إلى حكومة بمن حضر. هل يجوز أن سعد الحريري بات يدرك أن خيارا كهذا يمكن أن يهدد كل مستقبله السياسي، بينما يعتقد بعض محيطك يا فخامة الرئيس أنك قادر على ذلك وبالتالي إجهاض عهدك منذ شهره الأول؟
لبنان يواجه انقساما سياسيا كبيرا، عمره من عمر زلزال القرار 1559 قبل 12 عاما. انقسام دفع لبنان بسببه كبير الأثمان وما يزال، لكن مقاربات البعض التي تريد صب الزيت الطائفي على نيران القضايا السياسية، طمعا بمقعد نيابي أو وزاري أو للتزلف للسلطان، إنما هي مقاربات ظالمة ولا تمت بصلة إلى «الوفاء».
أي حكومة يجب أن تعكس موازين القوى الداخلية (النيابية بالدرجة الأولى) وربما الخارجية، لكنها ليست ممرا إلزاميا للمقعد الماروني في البترون.
ثمة من أوقف عقارب البلد لمدة سنتين من أجل وصول ميشال عون إلى رئاسة الجمهورية. كان ذلك عنوانا كبيرا لوفاء ستأتي على ذكره كتب التاريخ في المستقبل، ومن يعتقد أنه يمكن أن تتألف حكومة من دون موافقة سليمان فرنجية يكون مخطئا.
حتى لو أُعطي رئيس «تيار المردة» نصف مقاعد الحكومة وقال «لا»، فستواجه بـ «لا» نبيه بري و «حزب الله» حتى تنقطع الأنفاس، أما إذا قال فرنجية «أقبل بوزارة دولة»، فحينها، لن تمر ساعة، إلا وتتألف الوزارة.
هناك من ينشد موالا للعزف على الوتر الطائفي (خصوصا الشيعي ـ المسيحي) منذ سنوات، وهناك من يريد أخذ البلد إلى ثنائية تمهد لثلاثية، تمهيدا للعزل.
ليس هكذا يكون «الوفاء» يا جبران، ولا بتزوير المعطيات في بعض الأحيان.
/++++++++++++++++/
الأخبار//
تعثر التأليف ينتظر زواج الطائف والدوحة//
“يطرح تعثر اولى حكومات عهد الرئيس ميشال عون، حتى الآن على الاقل، اكثر من علامة استفهام عن مغزى اخفاق الافرقاء في التفاهم على تقاسم حصصها وتوزّع الحقائب، في مطلع عهد يُنسب اليه انه من صنع لبناني بلا تدخل خارجي.
على ابواب اقتراب انقضاء شهر على تكليف الرئيس سعد الحريري تأليف اولى حكومات العهد، 3 كانون الاول، يصبح احتساب امرار الوقت امرا ذا شأن، ويبدأ بالخروج من المهلة المعقولة لبداية عهد يكون انقضى عليه هو الآخر، غدا، شهر على انتخابه.
بعض التفسيرات المبسطة يتحدث عن خلاف على توزيع المقاعد والحقائب. لكن سواه من التفسيرات يتحدث عما هو ادهى: بشائر محاولة تلاعب بالتوازنات والاخلال بها للمرة الثانية منذ انتهاء الحقبة السورية في لبنان: الاولى عام 2005 على اثر اغتيال الرئيس رفيق الحريري، والثانية اليوم مع وصول الرئيس ميشال عون الى رئاسة الجمهورية.
واقع الامر ان كلا من الثنائيتين المسيحية والشيعية في قلق احدهما حيال الاخرى، بينما الاحادية السنّية التي لا تزال تقتصر على الحريري الى مزيد من الانكفاء شعوراً منها بالوهن والتراجع لاسباب شتى: بينها ما يرتبط بزعامة الحريري نفسه واحواله المالية الصعبة وعجلته في العودة الى الحكم ايا يكن الثمن، وما يرتبط بذهابه المرغم الى انتخاب عون رئيساً للجمهورية بعدما عانده بضراوة مرشحا طيلة مرحلة الشغور، وما يرتبط بالاحداث الاقليمية المتسارعة بدءا مما باتت عليه الحرب السورية ودور حزب الله فيها. لم يعد الفريق السنّي، وتحديدا الحريري، قادراً كما عام 2005 على قيادة اوسع تحالف سياسي وطني، ولا ادارة التفاوض على تأليف حكومته كما لو انه «الرئيس القوي» الذي يوزّع الحصص شأن ما كان عليه الرئيس فؤاد السنيورة في حكومة عامذاك.
بيد ان ثمة اسبابا مختلفة لقلق الثنائية المسيحية، والاصح المارونية، وحماستها تاليا، وكذلك لتلك الشيعية:
اولها، الاسلوب الملتبس الذي يتوسله رئيس الجمهورية في تأليف اولى حكوماته تبصره الثنائية الشيعية بكثير من التوجس. فهو يمارس دوره كشريك فعلي في تأليفها يملك حق الفيتو والعزل وسلطة المكافأة، كما لو ان صلاحيات رئيس الجمهورية لمّا تزل في حقبة ما قبل اتفاق الطائف. وهو يوزّع الحقائب المسماة سيادية او خدماتية على الافرقاء على غرار ما خبرته حكومات ما بعد اتفاق الطائف. وهو يتمسك بحصته كرئيس بثلاثة وزراء على نحو ما لحظه له اتفاق الدوحة.
ثانيها، للمرة الاولى في تأليف حكومة منذ تطبيق اتفاق الطائف، تشهد موازين القوى الداخلية، ويختبره بالذات الفريقان السنّي والشيعي، فريقاً مسيحياً قوياً متماسكاً يطرح نفسه مفاوضاً رئيسياً لم تتسلل اليه الانقسامات، ولم يسع اي منهما التلاعب به او اغراءه. قبل انتخابه ابرم عون اتفاقا مع رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع على تقاسم المقاعد الوزراية، رغم معرفته بنفور حليفه الشيعي حزب الله من الحليف المسيحي الجديد وشكوكه فيه الى حد الانزعاج. واذ باحدى عقبات تعذر التكليف حتى هذا الوقت، ان التيار الوطني الحر لا يكتفي بالاصرار على الدفاع عن هذا الاتفاق وحقوق الشريك المسيحي، بل يذهب الى حد «معاقبة» فريق مسيحي آخر، كالنائب سليمان فرنجيه، لعدم تأييده انتخاب الرئيس. تضاعفت المشكلة ايضا عندما باتت القوات اللبنانية وجها لوجه مع الثنائية الشيعية: رفض حزب الله ما وعدها به رئيس الجمهورية وهو حقيبة سيادية، ورفض الرئيس نبيه بري تخليه عن حقيبة خدماتية اساسية كالاشغال تعوض الحقيبة السيادية.
ثالثها، ان الرئيس في ضوء القطيعة الكاملة، كما حزبه، مع فرنجيه ترك حماية نائب زغرتا لرئيس مجلس النواب كي يدافع عن وجوده السياسي في الحكومة وحصته على النحو الذي يسترضيه اولا واخيرا، ويربط مشاركته هو كما حزب الله في الحكومة بمشاركة فرنجيه. لم يتلقف رئيس الجمهورية حماية حليفه الماروني الزغرتاوي منذ عام 2006، مذ ابرمت وثيقة التفاهم مع حزب الله، وكان في كنف تكتليه النيابي والوزاري وحليفه الانتخابي الى ان فرّق بينهما التنافس على الرئاسة. بدوره حزب الله لا يقل عن بري تمسكاً بحماية فرنجيه الذي هو حليفه منذ ما قبل اتفاق الطائف حتى.
رابعها، في ظل انكفاء شبه تام للفريق السنّي والرئيس المكلف المهموم باستعجال تأليف حكومته، تبدو الثنائيتان الشيعية والمسيحية في اشتباك معلن. كل منهما ترسم حدودا جديدة في التعاطي مع المرحلة المقبلة. ما يقوله بري في العلن هو نفسه ما يقوله حزب الله في صمته. بالتأكيد يحاول رئيس الجمهورية، حليف حزب الله وجعجع في آن وسط ضراوة الخصومة بين هذين الفريقين، اتخاذ موقع وسط بينهما.
يتصرّف التيار الوطني الحر نيابة عن الرئيس وكذلك حزب القوات اللبنانية على انهما ربحا انتخابات الرئاسة. رفع جعجع السقف اكثر من اي وقت مضى، على نحو ما فعل ذات مرة على ابواب تأليف حكومة الرئيس عمر كرامي عام 1990 بالمطالبة بالحصة المسيحية الوازنة فيها بما يمنحه الثلث المعطل وقتذاك على انه الشريك المسيحي الوحيد القوي في معادلة اتفاق الطائف، بينما الرئيس امين الجميل في باريس والعماد ميشال عون داخل اسوار القنصلية الفرنسية. فأعطبت دمشق محاولته تلك. عام 2005، في اول توزير لحزبه بعد جلاء الجيش السوري، بالكاد أُعطي جعجع حقيبة السياحة لجوزف سركيس، وقد عدّه الشريكان السنّي والدرزي في قوى 14 آذار ثالثهما. في حكومة ما بعد اتفاق الدوحة عام 2008 برئاسة الرئيس فؤاد السنيورة ايضا لم يوافق الآخرون على منحه حقيبة العدل الا عبر شخصية غير حزبية مقدّرة، فيما نال الوزير الثاني انطوان كرم حقيبة البيئة فحسب. لم تكن حكومة 2009 برئاسة حليفه الحريري احسن حالا: بقي الدكتور ابرهيم نجار في حقيبة العدل وأُعطي الوزير الثاني سليم وردة حقيبة الثقافة. غاب عن حكومتي الرئيسين نجيب ميقاتي وتمام سلام.
ها هو جعجع اليوم يبدأ من حيث انتهى عام 1990. في حسابه السياسي ثمة مسيحي رابح يحصد، وآخر خاسر هو فرنجيه لا مكان له. حصته مناصفة مع الحليف الجديد التيار الوطني الحر. حصته في حقيبة سيادية لا منازع عليها قبل ان يسلّم بتعويضها بنيابة رئاسة الحكومة. سوى ذلك كله يعتبر نفسه الاب الاول لانتخاب عون رئيسا ما دام حزب الله يعتبر نفسه الاب الاول لترشيحه.
/++++++++++++++++/
اللواء//
الحريري في بعبدا يوازن بين استياء عون وتصلُّب برّي//
الرابية لحسم الخيارات الأسبوع المقبل.. وحزب الله يتمسك بتمثيل 8 آذار من غير الشيعة//
“استؤنفت اتصالات تأليف الحكومة، الا ان «شعير» الحكومة لم يتحوّل «قمحاً».
وتحولت الزيارة الرابعة للرئيس سعد الحريري إلى بعبدا إلى محطة، فتحت الباب امام جولة من التكهنات حول ما بعد هذه الزيارة:
1- فالرئيس المكلف لم يخف «وجود بعض العقبات» التي كانت اشارت إليها «اللواء» ضمن «ما نشيت أمس»، وهو لم يخف أيضاً السعي لحلحلة هذه العقبات.
ووزع الرئيس المكلف كلامه توازناً بين الرئيسين ميشال عون ونبيه برّي، «فرئيس الجمهورية حريص على اقتصاد البلد، وسنكمل الخطوات بالتشاور معه»، و«نحن مع الرئيس برّي ظالماً كان أم مظلوماً».
وخارج دائرة التكهنات والتفسيرات بالظلم والظالم أو المظلوم، فإن الرئيس الحريري كان يجيب على سؤال يتعلق بحقيبة الاشغال وما إذا كانت هذه العقدة ما تزال قائمة (في اشارة الى التناغم على هذه الحقيبة بين الرئيس برّي وحزب «القوات اللبنانية» برئاسة الدكتور سمير جعجع).
2- وكعادته لم يتأخر الرئيس برّي عن الجواب، ولكن هذه المرة، ليس عبر بيان فوري، كما حدث المرة الماضية، رداً على كلام الرئيس الحريري عن المعرقل، وجاء جواب عين التينة على لسان زوّار الرئيس برّي متضمناً نقاطاً ثلاث:
– ترحيب بالرسالة الإيجابية التي بعث بها الرئيس المكلف من على أبواب قصر بعبدا، وهو قصد هذه الرسالة، وفقاً لتقديرات عين التينة وليس «بيت الوسط».
– تأكيد الرئيس برّي، على لسان زواره، ان رئيس المجلس «لم يظلم أحداً وليس لأحد بمقدوره ان يظلمه»، وبالتالي فكلام الرئيس الحريري، وإن بدا طيباً، لكن لا ترجمة عملية له حتى الآن.
– ان رئيس المجلس ما زال متمسكاً بحقيبة الاشغال إلى جانب المالية، كما انه متمسك بالوزيرين علي حسن خليل للثانية وغازي زعيتر للاولى، وتبرير هذا التمسك ان «التيار الوطني الحر» متمسك بالخارجية والطاقة وتيار «المستقبل» متمسك بالداخلية واستبدل الاتصالات بوزارة العدلية، وسيكون له وزير مسيحي من حصته وآخر ارمني.
وعلى الجملة، لمس زوّار عين التينة ممن التقوا الرئيس برّي منه: ان الأمور غير مسهلة لتأليف الحكومة، وهي تحتاج إلى مزيد من الوقت، وأن رئيس المجلس راغب في ان تعتمد معايير واحدة في توزيع المسؤوليات الحكومية، وألا يكون هناك اقصاء للقوى الوطنية ذات البعث التاريخي، وأن تكون الحكومة حكومة وحدة وطنية بالفعل وليس بالاسم والشعار فقط، وفقاً لتعبير الوزير سجعان قزي.
3- تتفق مصادر المعلومات على ان موقف الرئيس برّي المدعوم من «حزب الله» والذي يعتبر الممثل المفاوض عن كتل واحزاب 8 آذار (تيّار المردة، الحزب السوري القومي الاجتماعي، سنة 8 آذار)، كان حاضراً بصورة رئيسية في اجتماع نصف الساعة بين الرئيسين عون والحريري في بعبدا.
وجرت النقاشات التي وصفها الرئيس الحريري بأنها «عكست تفاهماً مع رئيس الجمهورية على الأمور كافة»، في أجواء من عدم الارتياح من تأخير عملية التأليف وارتداداتها السلبية على النتائج الإيجابية التي أعقبت انتخاب الرئيس عون وتكليف الرئيس الحريري.
ووفقاً للأجواء التي سربتها دوائر بعبدا، فإن أجوبة الكتل على العروض في ما يتعلق بحقائب التوزير يتعين ان تصل إلى الرئيس المكلف في حدود السبت أو الأحد المقبلين على أبعد تقدير.
ولم تستبعد هذه المصادر ان يعقد اجتماع آخر بين الرئيسين لإعادة تقييم الموقف.
وتُشير هذه المصادر إلى ان فترة السماح انتهت، وانه لا يمكن قبول التمادي بسياسة اضعاف العهد أو تجاوز فترة الأعياد، حيث من المنتظر ان تكون الحكومة ولدت ونالت الثقة والانصراف إلى ورشة كبيرة تنتظرها لا تقتصر فقط على قانون الانتخاب.
ويعتقد مصدر متابع للتأليف ان بعبدا تسعى إلى حسم ملف التأليف قبل الانتهاء من حسم معركة حلب، حيث يسجل النظام وحلفاؤه تقدماً ملموساً في الاحياء الشرقية من المدينة السورية الثانية.
غير ان مصادر مطلعة أوضحت لـ«اللواء» ان لقاء الرئيسين افضى إلى إرساء روح التعاون بينهما على قاعدة التنسيق والتشاور المتواصلين، ولفتت إلى ان الرئيسين استعرضا عراقيل التشكيلة الحكومية وابديا قناعة مشتركة بأن هناك حاجة إلى المزيد من الاتصالات قبيل إعلان ولادة الحكومة، على ان أي تأخير جديد لن يصب في مصلحة أحد، وتوصل الرئيسان إلى قراءة مشتركة مفادها ان عدم ولادة الحكومة في مهلة أقصاها منتصف الأسبوع يعقد سير الاتصالات.
حكومة أمر واقع؟
الا ان المصادر المطلعة نفت لـ«اللواء» ان يكون الرئيسان عون والحريري حددا مهلة معينة لتأليف الحكومة، قبل ان يعمدا إلى إصدار مراسيم لحكومة أمر واقع، لكنها قالت ان الرئيسين عرضا في اجتماعهما أمس، العقبات التي تواجه تأليف الحكومة، وتداولا في أفكار يمكن من خلالها الخروج من الأزمة الراهنة، والاحتمالات التي يمكن ان تحصل في حال استمر الوضع الحكومي على حاله.
ولفتت المصادر إلى ان العقبات باتت معروفة وهي محصورة بحقيبتي الاشغال والصحة والمرتبطتين بموقف كل من الرئيس برّي والنائب سليمان فرنجية مع تمسك «القوات» بالحقيبة الأولى، بالتوازي مع تمسك الرئيس برّي بها.
وأوضحت ان الرئيسين وصلا في نهاية التفكير بصوت عال في أزمة التأليف، إلى تفاهم بأن الموقف ما زال بحاجة إلى مزيد من التشاور، وافساح المجال امام الاتصالات، حيث يفترض أن ينشط «الوسطاء» على خط عين التينة وبنشعي ومعراب، من دون أن تكون هناك مهلة محددة، أو سقف زمني لهذه الاتصالات، مشيرة إلى أن الآمال لا تزال معقودة على حلحلة ما ممكن أن تأتي من خلال تدوير زوايا معينة.
ولفتت المصادر إلى أن حكومة أمر واقع يمكن أن تزيد الأمور تعقيداً، وأن الرئيسين ليس لديهما رغبة بمواجهة أحد، الا إذا وصلت الأمور إلى طريق مسدود، مع العلم أن فترة السماح لم تنته بعد، ولم يبلغ الرئيس المكلف فترة الشهر على تكليفه (كلف في 3 ت2).
«حزب الله»
4 – في دوائر «حزب الله» يدور نقاش من نوع آخر، يتعلق بضغط حلفاء الحزب من 8 آذار، وطريقة التعامل مع الحلفاء، سواء النائب فرنجية أو النائب طلال ارسلان أو الحزب السوري القومي الاجتماعي أو الوزير السابق عبدالرحيم مراد.
وتساءل النائب في كتلة الوفاء للمقاومة علي المقداد في حفل تأبيني في البقاع: «لماذا الاستئثار، ولماذا يحق للبعض أخذ حقيبة وازنة والآخر حقيبة غير وازنة؟». في حين كان مصدر قريب من «حزب الله» يسجل ثلاث ملاحظات على عملية تأليف الحكومة، احداها تتعلق بمحاولة تصوير الأزمة وكأنها لدى الرئيس برّي بوصفه المفاوض عن الفريق الشيعي، والثانية تتعلق بمحاولات تجرب في الداخل والخارج لإحداث تغيير في استراتيجيات العهد، والملاحظة الثالثة تتعلق بسعي «القوات اللبنانية» للإبقاء على قانون الستين، باعتبارها «عرابة العهد» للحصول على كتلة نيابية كبيرة، تستأثر مع «التيار الوطني الحر» بالحصة المسيحية وقوامها 64 نائباً، بينهم 35 مارونياً.
ولا يُخفي المصدر المخاوف من انضمام النائب وليد جنبلاط إلى التفاهمات الجارية، بحيث يتم حصر التمثيل الدرزي «باللقاء الديموقراطي»، في حين لم تسند حقيبة إلى النائب أرسلان، واقتصر الأمر على توزيره كوزير دولة، وهو الأمر الذي يرفضه بإلحاح.
وتتهم أوساط الحزب العاملين على خط التأليف احتكار التمثيل المسيحي والدرزي وحتى السني، سواء بالتمسك بصيغة الـ24 أو رفض صيغة الـ30 وزيراً.
حكومة في 10 أيام؟
والسؤال: هل تبصر الحكومة النور خلال عشرة أيام، كما توقعت وكالة الأناضول؟
تنقل الوكالة التركية عن مصدر سياسي أن النائب فرنجية باصراره على حقيبة وازنة يهدف إلى التعطيل، فحجم «المردة» لا يسمح بوزارة من هذا النوع، والرئيس عون ليس في وارد اعطائه جائزة ترضية.
وتوقع المصدر أن يتراجع «الطرف المعطل» لأن الرئيس عون مستعد لتسمية المعطلين بأسمائهم، وهو من الشخصيات التي تذهب إلى المواجهة.
وفيما استبعدت مصادر أن يقدم الرئيس الحريري على تشكيلة أمر واقع، وكشف النائب عقاب صقر عن سعي الرئيس المكلف إلى صيغة ترضي تيّار «المردة»، قال النائب في تكتل الإصلاح والتغيير سيمون أبي رميا ان العماد عون لن يرضى بالمماطلة في تأليف الحكومة، ومن الممكن أن يتشاور مع الرئيس المكلف ويعمد إلى إصدار تشكيلة حكومة متوازنة على قاعدة «ان يزعل ويرضى نفس الأطراف بشكل متوازن». وهو الأمر الذي استدعى رداً مباشراً من عضو كتلة التنمية والتحرير النائب قاسم هاشم الذي رأى انه «اذا كان رئيس الجمهورية هو من يصدر مراسيم تشكيل الحكومة، الا اننا في لبنان، وهناك محاذير كثيرة من جرّاء هكذا خطوة، لأننا نكون دخلنا في أزمة لا يمكن أن نعرف إلى اين ستوصلنا».
ومهما يكن من أمر، فقد علمت «اللواء» أن رئيس الجمهورية أبلغ زواره انه ملتزم تطبيق الدستور في مراعاة عملية تأليف الحكومة وواثق بقدرة الرئيس الحريري على النجاح في مهمته، مؤكداً انه يتدخل وفق الدستور من دون أن يتدخل في جهود الرئيس الحريري.
/++++++++++++++++/
البناء//
ترامب يكلّف بتريوس بالخارجية… واليمن بحكومتين… وحلب في تسارع الحسم//
الحريري يتزوّد من عون بالتصرف بسلة الاتصالات والصحة والتربية والأشغال//
قانصو من دمشق: الشام أقرب للنصر… والحلّ السياسي يكون سورياً أو لا يكون//
“كانت زيارة الرئيس المكلف تشكيل الحكومة سعد الحريري لرئيس الجمهورية العماد ميشال عون لاستعراض المخارج المحتملة من الأزمة الحكومية، والحصول على التفويض اللازم لاستعمال ما بيد تيار المستقبل والتيار الوطني الحر من الحقائب، والبحث بفرضيات تعديلات على الحصص أو على العدد المفترض للحكومة للبحث في سيناريوات تتيح ولادة لا تتخطّى موعد الأعياد، وفي هذا السياق قالت مصادر متابعة لـ«البناء» إنّ التفاهم بين الرئيسين وضع بيد الرئيس الحريري فرص التحرك بحقائب الاتصالات والأشغال والتربية والصحة، والتمسك بصيغة الأربعة وعشرين وزيراً، فيما لفت الانتباه ظهور ما يشبه حملة منظمة تطال الحزب السوري القومي الاجتماعي في قنوات تلفزيونية محسوبة سياسياً على قوى معنية بالتشكيل الحكومي، كمحاولة لتعبئة مناخات تمنح ذرائع الاستبعاد من التشكيلة الحكومية مقابل مناخات معاكسة تؤكد حتمية تمثيلهم.
القوميون كانوا يحتفلون في دمشق بالذكرى الـ 84 لتأسيس حزبهم، حيث شهد فندق شيراتون حفل استقبال توافد إليه حشد كبير من المهنّئين والشخصيات الرسمية والمسؤولين وأعضاء مجلس الشعب وممثلي الأحزاب والقوى السياسية والأهلية والشعبية…
قانصو: سورية أقرب الى النصر
أكد رئيس الحزب السوري القومي الاجتماعي الوزير السابق علي قانصو أن سورية أقرب إلى النصر من أيّ وقت مضى، ودعا لحشد كلّ الطاقات في ساحات القتال تحت لواء الجيش السوري، وبيّن أنّ الشعب السوري وحده يقرّر مستقبله السياسي «فالحلّ السياسي إما أن يكون صناعة سورية أو لا يكون… وكلّ حلّ سياسي لا يحفظ وحدة سورية وتنوّعها ونهجها القومي مرفوض»، مشيراً الى أن العراق سيهزم الإرهاب، وسينتصر شعبه على كلّ أسباب الفرقة والشقاق، وسيسقط مشروع تفتيته ويستعيد وحدته، ودوره في محيطه القومي.
وخلال حفل استقبال حاشد أقامه الحزب بمناسبة الذكرى الـ 84 لتأسيسه في فندق الشيراتون بدمشق، بحضور رسمي وسياسي وحزبي ونقابي وشعبي، شدّد قانصو على أن «قيمة أنطون سعاده في راهنيته فكلّ ما رآه منذ العام 1932 من تحديات وأخطار وما وضعه من مشروع للمواجهة ما زال حتى يومنا حاجة لأمتنا لاستعادة سيادتها ونهضتها ودورها في العالم»، وأشار قانصو الى أن «النعرات المذهبية والطائفية التي حذّر منها سعاده هي إلى استعار واشتعال وهي مصدر هلاك للأمة ولا خلاص لنا منها إلا بالدولة المدنية القائمة على فصل الدين عن الدولة وإلاّ بالوعي القومي الذي يصهرنا في بوتقة الشعب الواحد».
الحكومة في حلقة مفرغة
لا تقدّم على صعيد تأليف الحكومة وعملية المفاوضات تدور في حلقة مفرغة، رغم التفاؤل بولادتها نهاية الأسبوع الحالي، أما الرئيس المكلف سعد الحريري فلم يقدّم أي صيغة نهائية الى رئيس الجمهورية العماد ميشال عون خلال زيارته الثالثة إلى بعبدا أمس، بل حمل جملة من الأفكار تدور حول كيفية تذليل العقد المتبقية ودرس الخيارات المتاحة.
وأكد الحريري بعد اللقاء تفاهمه مع رئيس الجمهورية على الأمور كافة، لافتاً الى وجود بعض العقبات في مسار تشكيل الحكومة و«سنحاول حلحلتها»، ومشدداً على أن مصلحة البلد والمواطن هي الأهم.
ولفت الى أن الرئيس عون حريص على اقتصاد البلد، خصوصاً أن هناك مؤشرات إيجابية كثيرة ظهرت بعد انتخاب فخامة الرئيس ونحن سنستكمل الخطوات بالتشاور مع فخامته». وعن عقدة الأشغال والعلاقة مع رئيس المجلس نبيه بري، أجاب: «نحن مع الرئيس بري ظالماً كان أم مظلوماً».
وأشارت أوساط تيار المستقبل لـ«البناء» الى أن «زيارة الرئيس الحريري الى بعبدا تأتي في إطار التنسيق والتشاور مع الرئيس عون وليس بالضرورة أن يقدم الرئيس المكلف تشكيلة وزارية لرئيس الجمهورية عند كل زيارة، بل من واجبه أن يضع رئيس الجمهورية في صورة الجهود التي يقوم بها وتقديم اقتراحات لحل العقد والتداول في الصيغ المقترحة»، مشيرة الى أن «الرئيس عون أبدى كل تعاون مع الرئيس المكلف ويعمل على مساعدته في تذليل بعض العقد، فتأليف الحكومة عملية مشتركة بين رئيسي الجمهورية والحكومة اللذين يريدان تشكيلها في أسرع وقتٍ ممكن وترضي الجميع وما نشهده من التكليف حتى الآن أمر طبيعي».
ولفتت الى أن «العقد باتت محصورة بشروط المردة بتولي حقيبة الاتصالات أو الطاقة أو الأشغال للمشاركة في الحكومة ودعم الرئيس بري لموقفها، لكنها تساءلت: هل هذا الشرط قابل للتحقق في ظل في ظل اتساع مروحة القوى المشاركة في الحكومة وتوسع وتنوع مطالبها؟ وأكدت الأوساط نفسها أن «العلاقة بين الرئيسين بري والحريري جيدة وأوضح الرئيس المكلف ذلك من قصر بعبدا بأنه مع رئيس المجلس ظالماً أم مظلوماً، فكيف تكون العلاقة سلبية بينهما؟ مشدّدة على أن لا الحريري ولا عون سيسمحان بأن تطول مدة التأليف عن المعقول».
وقالت مصادر نيابية لـ«لبناء» إن «عملية التأليف تراوح مكانها ولم تقدم أفكار جديدة ولا تعديلات على الصيغة الحالية، وكل ما طرح أمس، مجرد تسريبات لم تؤكد». وأفادت مصادر أخرى لـ«البناء» أن «الحريري أطلع الرئيس عون على مسار جهوده في الأيام الأخيرة والعقد المتبقية، كما عرض عليه صيغة لحل عقدة المردة تفاهم عليها مع الرئيس بري، كما تشاورا بالخيارات لإتمام عملية التأليف». بينما ترددت معلومات لـ«البناء» لم تتأكد صحتها عن «استعداد لدى الحريري للتنازل عن حقيبة الاتصالات لتيار المردة وبقاء الأشغال مع التنمية والتحرير وذلك لتسهيل ولادة الحكومة»، لكن مصادر مستقبلية نفت علمها بذلك.
تفاؤل في بعبدا..
ونقل زوار الرئيس عون عنه قوله لـ«البناء» إن «الحكومة ستبصر النور خلال الأسبوع الحالي وإن لا عقبات جوهرية تعترض عملية التأليف كما أنه لم يفرض توقيتاً معيناً على القوى السياسية للتأليف ولم يقل إنه سيوقع مراسيم تشكيل الحكومة إذا لم يتم التوافق آخر الشهر المقبل».
وأشارت مصادر قيادية في «التيار الوطني الحر» لـ«البناء» إلى أن «التعقيد الحكومي ليس عند الرئيس عون»، مرجحة ولادة الحكومة آخر الأسبوع الحالي، مستبعدة أن تطول مدة التأليف كثيراً، موضحة أن «أحداً لا يتحمل مسؤولية حلول الأعياد من دون حكومة وشل البلد والمؤسسات لا سيما وأن هذه الحكومة لن تعيش أكثر من ستة أشهر ووظيفتها إجراء قانون انتخابات جديد وانتخابات نيابية»، وأوضحت أن «مسألة التأليف لا تزال عالقة عند خلاف مثلث المردة – بري – القوات». وأكدت المصادر أن «سفر رئيس التيار الوزير جبران باسيل لن يؤثر على قرار الرئيس عون بتوقيع مراسيم الحكومة إن حظيت برضى الجميع ولو أن باسيل ضمن التشكيلة وحضوره ضروري».
ولفتت الى أن «العلاقة جيدة بين الرئاستين الأولى والثانية رغم بعض الاختلاف في الرؤية تجاه بعض الأمور ولا تحتاج لوساطات بل خطوط التواصل مفتوحة»، مؤكدة أن «سياسة عون الجديدة هي الانفتاح على الجميع وبالتالي الكرة في ملعب الاطراف الأخرى التي يجب أن تتعاون لانطلاقة قوية للعهد».
وأكد رئيس الجمهورية العماد ميشال عون مواصلة العمل على حلحلة عقد تأليف الحكومة، لافتاً في المقابل الى أنه لن يتساهل في العمل لتأمين حقوق الناس وتطبيق العدالة ومنع الفساد وقيام المؤسسات والوزارات بدورها كاملاً. وأشار عون خلال استقباله أمس في قصر بعبدا وفوداً سياسية وروحية واجتماعية، الى «أن الأجواء الشعبية ممتازة، وكذلك الأجواء الدولية والعربية، ولا سيما مع كل دول الخليج»، مشدداً على أن «مهمتنا كانت إعادة الاستقرار والوفاق، أما الآن فإن الاهتمام ينصبّ على إعادة بناء الدولة».
.. وبري متمسّك بفرنجية والأشغال
ونفت مصادر مقربة من الرئيس بري لـ«البناء» أن «يكون رئيس المجلس قد وافق على وزارة الصحة بدلاً من الأشغال»، مؤكدة أنه لم يعرض الرئيس المكلف على بري ذلك لكي يقبلها أو يرفضها ولم يتم طرح الموضوع ولا النقاش فيه»، وشدّدت على أن بري متمسك بتمثيل رئيس المردة سليمان فرنجية بحقيبة أساسية ومن حصة المسيحيين وليس من حصته ولن يدخل الحكومة من دونه، لأن فرنجية له حضور وكتلة نيابية ومن حقه أن يُمثل». كما أنه «متمسك بحقيبة الأشغال كما يتمسك الآخرون ببعض الحقائب كالداخلية والخارجية والدفاع». وأضافت المصادر: «إذا كان تشكيل الحكومة قبل عيد الاستقلال كان معجزة فإن تأليفها قبل الأعياد سيكون إنجازاً».
وكان الرئيس بري قد التقى الوزير وائل أبو فاعور في عين التينة موفداً من رئيس «اللقاء الديمقراطي» النائب وليد جنبلاط، وعرض الجانبان الاوضاع العامة والوضع الحكومي بشكل خاص.
سلامة: الليرة مستقرةصعيد آخر، أكد حاكم مصرفرياض سلامة أن الليرة اللبنانية مستقرة وستبقى كذلك، «ولدينا الإمكانات وليس النية فقط، للمحافظة عليها». وقال: «إن الليرة هي ركيزة للثقة بالقطاع المالي عموماً وللاستقرار الاجتماعي أيضاً، لذا، سيبقى مصرف لبنان على سياسة التثبيت النقدي، ونجح في امتلاك الإمكانات للدفاع عن الليرة دون أن يرفع الفوائد، وهذا سيساعد في استمرار التسليفات بالفوائد الحالية». وأوضح سلامة أن مصرف لبنان أطلق للعام الخامس على التوالي، رزمة من التحفيزات للعام 2017 بقيمة مليار دولار موجّهة لقطاع السكن وللقطاعات الانتاجية، «وهذا التحفيز يساهم في نصف النمو السنوي كنسبة إضافية».