أطلق المصور الفوتوغرافي جهاد سعد وهادية عبد الفتاح حملة احتجاجية لمواجهة ظاهرة التحرش التي باتت على كل لسان في الآونة الأخيرة في مصر تمثلت في تنظيم مسيرة نسوية بالفستان القصير. وفى إطار حملته التي ستستمر لـ16 يوما وانطلقت الخميس 9 ديسمبر/كانون الثاني لمكافحة العنف ضد المرأة، دشن جهاد فعالية بعنوان “فساتين زمان والشارع أمان” تضمنت نزول عدد من الفتيات منطقة وسط البلد في العاصمة المصرية القاهرة بملابس فترة الستينيات والسبعينيات من القرن الماضي في رسالة مفادها أن ملابس الفتيات لا يوجد بها أي حافز للتحرش بهن وكن يرتدين التنانير القصيرة دون التعرض لأي مضايقات.
لم تختلف وجهة نظر نانسي طارق إحدى المشاركات في الحملة عن موقف منى، حيث قالت نانسي: “عمرى 21 عاما، وأدرس في قسم العلوم السياسية بكلية التجارة جامعة حلوان. أعجبت جدا بالفكرة فوري اطلاعي على الحملة وموعدها في “فيسبوك”، لأن التحرش من أهم كوارث المجتمع، فضلا عن عشقي للاستايل الكلاسيكى. وعندما أخبرت والدتى، شجعتنى على الفكرة والمشاركة، واختارت الجيب “السك” لأنه لا يمكن لأي فتاة الآن أن تمشى بجيب “سك” فى الشارع، ورسالتنا اليوم أن الملابس ليست مسببا للتحرش، والدليل على ذلك أن أفغانستان يتحرشون فيها بالمنتقبات ومرتديات الخمار، وللأسف مصر تحتل المركز الثاني بعد بعد أفغانستان فى التحرش. يكفينا القول إن الدراسات أكدت أن 60% من المتحرشين، يتحرشون بالنساء لمجرد التحرش. وأضافت: “تعرضت للتحرش مرة وعندما ذهبت لأحرر محضرا، قال الضابط لي إحنا بنكافح الإرهاب تحرش إيه اللي جاية تبلغي عنه”.
الأم المصرية الواعية
أثارت مشاركة السيدة سماح 39 عاما برفقة ابنتها زينب سمير ذات الـ15 عاما دهشة الكثيريرن، حيث قالت لليوم السابع: “شاهدت الإعلان عن الحملة أنا وابنتى على “فيس بوك”، وأنا اللي شجعتها للتقديم وأرسلت صورتها إلى هادية، لأننى أتمنى أن تصبح ابنتى جريئة تدافع عن حقها ولا تخجل من جسمها. لابد من أن تتأقلم مع الوضع وتواجه حقيقة الشارع، وتعرف أن جسدها ليس عارا عليها أو علينا. لقد اخترت لها فستانها الذى شاركت به، وصففت لها شعرها لتحاكى فترة الستينيات والسبعينيات، وأتمنى أن تحقق الفعالية نتيجة جيدة وسط هذا الكم الغريب من ردود الأفعال”.
ردود أفعال الشارع المصري “أنتم بتصوروا فيلم؟”
في مشهد واحد لم يتغير، عكست ردود أفعال الشارع المصري التحرش بجميع أشكاله بداية من البصري واللفظي وصولا إلى الرغبة فى التحرش الجنسي، الذي منع وقوعه وجود عناصر الشرطة.
والمدهش في هذه الأثناء، التحرش الذي صدر عن عدد من الفتيات العاملات في محال وسط البلد التى أجمعن على جملة واحدة “يخرب بيتكوا.. أهاليكم سابوكوا كدة إزاي”!
أما الرجال فكانت الأحاديث الجانبية تحوي نظرات اخترقت أجساد الفتيات على وقع كم لا بأس به من الشتائم المصرية أبسطها جملة “نسوان عريانة”، كما لم يخل المشهد من نظرات وتعليقات سائقي التاكسي والمارة الذين لم يصدق بعضهم أن هؤلاء الفتيات يسرن فى الشارع بشكل عادي، ووجهوا لهن عددا من الأسئلة أبرزها “أنتم بتصوروا فيلم، طب والنبي أتصور معاكم”.
التحرش في مصر يشهد ثورة تقنية
تتلقى الكثير من مستخدمات مواقع التواصل الاجتماعي “فيسبوك” و”تويتر” العديد من الرسائل المزعجة وغير المرغوب فيها تكون في الأغلب من خارج دائرة الأصدقاء، وتحتوي على منشورات وصور جنسية وألفاظ بذيئة، الأمر الذي دفع بمجموعة من الفتيات المصريات لنشر دعوة عبر موقع “الفيسبوك” باسم “other messages” أو الرسائل الأخرى وهي التي يوجهها الفيسبوك مباشرة إلى صندوق الوارد من خارج دائرة الأصدقاء.
وأشرف على الحملة فريق من الناشطات في مجال حقوق المرأة وعلى رأسهن هبه النمر وريم رضا الناشطة بمجال حقوق المرأة في محافظة البحيرة شمال مصر.
وأضافت صاحبات الحملة أن هناك رسائل تأتي من أشخاص يريدون التعرف ودعوات ورسائل وصور جنسية والبعض منها يحتوي شتائم وتهديدات، فضلا عن نشر أرقام الهواتف وعرض طلبات جنسية وكل هذا يندرج تحت بند “إرهاب المرأة”.
حرية الإنترنت ليست حكرا على أحد وما أن يفرض أحدهم مضايقاته حتى يتحول فضاء الحرية إلى مساحة ضيقة من الكبت الأمر الذي جعل الفتيات تطالب في دعوتهن نشر صور منسوخة من هذه الرسائل لعرض ما تتعرض له الفتيات من مضايقات إلكترونية يومية.
ومن السخرية بمكان، ما تعرض له شكري حمدي حينما قرر بالخطأ تغيير اسمه على الـ”فيس بوك” ليصبح شروق وتنهال عليه الرسائل الخاصة وطلبات التعارف والصداقة والدردشة رغم عدم وجود صورة شخصية تدل على كونه فتاة.
المضايقات والتحرش الإلكتروني لا تحتاج أحيانا وضع الفتاة صورتها على صفحتها، بل تكفي كتابة اسمها وهو ما تعرضت له منة مصطفى حينما تعرضت لمضايقة في طلب زواج وهمي من متصفح أكد جديته في الارتباط ما يذكرنا بمعاكسات الثمانينات.
وكالات، 11 كانون الأول، 2016