أكد المتحدث باسم القيادة المركزية للقوات المسلحة الأميركية الرائد جوش تاكيتس أن القيادة استخدمت 5265 ذخيرة محتوية على "اليورانيوم" المنضب في عمليتين خاصتين باستهداف صهاريج نفط تابعة لـ"داعش" شرق سوريا.
وأوضح تاكيتس أن "هذه الذخائر تم استخدامها في عمليتين منفصلتين نفذت إحداها "في 16 تشرين الثاني من العام 2015 بواسطة 4 طائرات هجومية من طراز A-10 أطلقت 1490 ذخيرة من عيار 33 مليمترا إلى جانب قنابل وصواريخ، ما أدى إلى تدمير 46 عربة تابة للعدو"، مشيرا الى ان "العملية الثانية نفذت في 22 منن العام ذاته بواسطة 4 طائرات هجومية من طراز A-10 أطلقت 3775 ذخيرة من عيار 33 مليمترا إلى جانب قنابل ومقذوفات وصواريخ، ما أدى إلى تدمير 2933 عربة للعدو".
ولفت إلى أن "خليطا يتكون من ذخائر حارقة وخارقة للدروع ومن قذائف شديدة الانفجار تم استخدامه لضمان الاحتمال الأكبر لتدمير أسطول الشاحنات الذي استخدمه تنظيم داعش لنقل نفطه غير الشرعي".
قالت مجلة "فورين بوليسي" الأميركية، الثلاثاء، إن التحالف الدولي الذي تقوده الولايات المتحدة في سوريا استعان باليورانيوم المنضب، على الرغم من تعهد التحالف بعدم الاستعانة بهذه الأسلحة السامة التي تسبب السرطان وتشوهات خلقية في المواليد.
واعتبرت المجلة أن هذه الشاحنات تصنف على أنها أهداف سهلة إذ إنها كانت غير مدرعة، كما أن مسؤولين أميركيين خلصوا إلى أن مدنيين على الأرجح كانوا يقودوا هذه الشاحنات وليس عناصر من داعش.
وقال المسؤولون إن التحالف الأميركي ألقى منشورات في المكان قبيل تنفيذ الغارات من أجل تقليل الخسائر. وليس واضحا إذا ما كانت غارات الجيش الأميركي شنت بالقرب من مناطق سكنية.
ويعتبر هذا البيان أول اعتراف أميركي علني يتعمد الجيش الأميركي تلويث بيئة الحياة في سوريا بمواد نووية خطيرة. وكانت قوات الإحتلال الأميركي قد كثفت إطلاق قذائف اليورانيوم المنضب في العراق بعد عام 2003، ما أدى إلى انتشار الإشعاعات المدمرة في الصحة والزراعة والمياه والبيئة الطبيعية. ويعد البيان الأميركي بشأن استخدام هذه القذائف مجدداً في سوريا، وثيقة إدانة يجب أن تحرك منظمات المجتمع المدني العربي ضد سياسة الولايات المتحدة، لا سيما استغلال مزاعمها في الحرب على الإرهاب، لتدمير أسباب الحياة البشرية في العراق وسوريا.
آلاف الأطنان من قذائف اليورانيوم المنضب ألقيت على العراق
ونقلت تقارير عربية في عام 2003، قلق الخبراء من العواقب الوخيمة المترتبة على استخدام القوات الاميركية لقذائف اليورانيوم المنضَّب، في حربها ضد العراق.. وقالت سارا فلاوندر المديرة المشاركة لمركز العمل الدولي «انترناشينال أكشن سنتر» ومنسقة برنامج اليورانيوم المنضَّب التربوي، ان خبراء وصحافيين قاسوا فيي المناطق الساخنة في وسط بغداد مستويات إشعاع، تفوق بألف مرة وحتى بـ1900 مرة مستويات الإشعاع الطبيعي. وكانت أثار إشعاع اليورانيوم المنضَّب قد اثار المخاوف في أوروبا بعد أن بينت دراسات نسبة متزايدة من السرطانات والأمراض التنفسية وغيرها من الإعاقات في قوات دول منظمة حلف شمال الأطلسي العاملة في البوسنة وكوسوفو. وساهم مركز في لفت انتباه مفوضية الامم المتحدة لحقوق الانسان بمخاطر اليورانيوم المنضب، كما قام بقياس مستوياته في مناطق العراق قبل اندلاع الحرب الاخيرة ضده.
وذكر سكوت بيترسون وهو صحافي لصحيفة «كريستيان ساينس مونيتور» في الخامس عشر من مايو (أيار) انه استخدم عداد جايجر لقياس الاشعاع في عدة مواقع في بغداد. وبالقرب من القصور الرئاسية حيث كانت القوات الأميركية تقوم بمهمات الحراسة ، وكان هناك أكثر من ألف موظف يذهب ويأتي من المباني، كانت قراءات العداد أعلى ما يمكن في العراق، حيث بلغت مستوياتها 1900 مرة أعلى من مستويات الإشعاعات الطبيعية. كما ان القذائف كانت في تلك الاثناء لا تزال مبعثرة على الأرض.
وقام مركز فرد هتشنسون للسرطان بتحليل مسحات قطنية مسحت ثقوب القذائف في الدبابات العراقية وأكد مستويات مرتفعة من الإشعاع. وعند كشك لبيع الخضراوات كان أطفال عراقيون يلعبون حول دبابة عراقية محروقة وكانت قراءات العداد حوالي ألف مرة أعلى من الإشعاع الطبيعي. وفي الرابع من أغسطس (آب) تحدثت صحيفة «سياتل بوست» عن مستويات مرتفعة من الإشعاع في ستة مواقع على الأقل بين البصرة وبغداد. وكان مستوى الإشعاع في دبابة مدمرة بالقرب من بغداد حوالي 1500 مرة أعلى من الإشعاع الطبيعي.
قذائف اليورانيوم
وتخرق قذائف اليورانيوم المنضَّب الكثيفة بسهولة الدرع الفولاذي وتحترق عند الاصطدام. وتطلق النار المتولدة جسيمات غبار ميكروسكوبية مشعة وسامة من أوكسيد اليوارنيوم الذي ينتقل مع الرياح ويمكن أن يستنشق أو يبلع. وينتشر أيضا بدخول الأرض والماء.
ويقول الدكتور عساف دوراكوفيك الذي كان عقيداً ، أيام حرب الخليج عام 1991، في الجيش الأميركي في القطاع الطبي، وقائد الوحدة الطبية رقم 531 التابعة للمستشفى الميداني رقم 92، والمتخصص في مجال التأثيرات الطبية للإشعاع، انه حين تصطدم قذيفة اليورانيوم المنضب بالهدف تحترق ذاتياً إلى درجات حرارية عالية تصل آلاف الدرجات الحرارية، وفي هذه الظروف ينبعث اليورانيوم في جزيئات متناهية الصغر إلى تراب الغلاف الجوي، وفي تراب الغلاف الجوي يخبز اليورانيوم نفسه في عجينة جزيئات مجهرية تعلق إلى الأبد بالغبار المتطاير.
وفي جسم الإنسان يمكن لليوارنيوم المنضَّب أن يسبب الضرر للأعضاء الداخلية نظرا لسميته الكيميائية لكونه معدنا ثقيلا، اضافة لإطلاقه للإشعاع. ولأنه ناتج ثانوي عديم الفائدة لعملية تخصيب اليورانيوم، فان اليوارنيوم المنضَّب يجتذب شركات السلاح لأنه رخيص، وغالبا ما تمنحه الحكومة لهم مجانا.
ويعتبر عدد الجنود المصابين بإعاقات كبيرا جدا ومعظمهم في منتصف الثلاثينات من عمرهم اي، من الناحية الصحية، في قمة عافيتهم. ومن المعلوم ان البنتاغون كان قد منع، إرسال المصابين بإعاقات وأمراض مزمنة من الربو والسكري ومرض القلب والسرطان والتشوه الخلقي إلى منطقة الخليج. ويقول خبراء مركز بحوث اليوارنيوم الطبي Uranium Medical Research Centreان الآثار السامة والإشعاعية للتلوث باليوارنيوم قد تضعف الجهاز المناعي وقد تسبب أعراضا تنفسية حادة من مرض ذات الرئة، وأعراضا مثل الأنفلونزا والسعال الحاد والأمراض الكلوية والمعوية.
ويقول الدكتور عساف دوراكوفيك المسؤول في المركز، أن الأعراض الأولية ستكون عصبية، وتظهر بشكل صداع وضعف ودوخة وإرهاق عضلي. وتكون الأعراض الطويلة الأمد السرطان وغيرها من الأمراض المتعلقة بالإشعاع مثل مرض الإرهاق المزمن وألم العضل والمفاصل والطفح الجلدي والضرر العصبي والتقلبات المزاجية والالتهابات والضرر الكلوي والرئوي ومشاكل بالرؤية، وضعف المناعة الذاتية وأمراض البشرة الحادة. وقد تسبب أيضا زيادة في الإجهاض ووفاة الأمهات والتشوهات الوراثية الخلقية.
وقد وصفت الحكومة مرض حرب الخليج على أنه مرض إجهاد ما بعد الصدمة ، وتم تصنيفه على أنه مشكلة نفسية أو تم صرفه على أنه مجموعة أمراض غامضة. وعالج البنتاغون وإدارة الجنود السابقين المشاكل الصحية للجنود العائدين من فيتنام المصابين بتسمم العامل البرتقالي، بنفس الأسلوب.
وبينما اعترفت بريطانيا أن دبابات تشالنجر قد قذفت حوالي 1.9 طنا من قذائف اليورانيوم المنضَّب أثناء المعارك الرئيسية في العراق هذه السنة، رفضت أميركا أن تفصح عن معلومات محددة حول استخدامها لقذائف اليورانيوم المنضَّب في هذه الحرب. وترفض أيضا أن تسمح لفريق من البرنامج البيئي من الأمم المتحدة لدراسة الأثر البيئي لتلوث اليورانيوم المنضَّب في العراق.
واتبعت أميركا نفس الأساليب في حروبها في دول البلقان، بينما ادعت التعاون التام مع فرق البرنامج البيئي للأمم المتحدة في دول البلقان. وقد أخر البنتاغون تسريح مواقع أهداف لمدة ستة عشر شهرا وأعطى معلومات مضللة عن الخرائط. وتم استثناء مواقع أهداف القنابل والصواريخ. وسمحت منظمة حلف شمال الأطلسي لعشر فرق زيارة أو تنظيف مواقعها قبل بدء فرق البرنامج البيئي للأمم المتحدة.
وترفض واشنطن أن تقر بأن استخدام اليورانيوم المنضَّب في أي مكان يمثل أي نوع خطر. والإقرار بالتسمم الإشعاعي سيرفع فورا المطالبات بالتنظيف. ويقول ألكس كيربي محرر الشؤون البيئية في هيئة الإذاعة البريطانية، أن أميركا تصرح بأنها ليس لديها أي مخططات لإزالة الشظايا المتخلفة من أسلحة اليورانيوم المنضَّب التي استخدمتها في العراق. ولا ضرورة للتنظيف، لأن البحوث تبين انه لا يوجد لليورانيوم المنضَّب آثار طويلة الأمد.
أعد التقرير "شبكة حماية ضحايا الحرب"