سلة التعيينات العسكريّة والأمنيّة بالأسماء
“يبدو ان تداخل الملفات التي تحمل طابع الأولويات الرسمية والحكومية مع ملف قانون الانتخاب بات يشكل عاملاً اضافياً من عوامل التأخير في وضع الأزمة الانتخابية على طاولة مجلس الوزراء والتي يفترض ان يكون موعد ادراجها عقب اقرار مشروع الموازنة. ذلك ان معطيات جدية برزت في الأيام الأخيرة تشير الى ان ملف التعيينات الأمنية والعسكرية قد وضع على نار حامية استعداداً لاصدار سلة تعيينات تشمل مناصب أساسية في الأسلاك الأمنية والعسكرية من أبرزها تعيين قائد جديد للجيش ومدير عام جديد لقوى الأمن الداخلي ومناصب أخرى في أجهزة أمنية. وتعكس هذه المعطيات استعجالاً لادراج هذه الدفعة من التعيينات على جدول أعمال مجلس الوزراء في جلسته العادية الاربعاء المقبل بعد أن تكون الحكومة أنجزت اقرار الموازنة إما في الجلسة التي سيعقدها اليوم وإما في جلسة اضافية اخرى يقرر موعدها لاحقاً في حال عدم انجاز ما تبقى من بنود من مشروع الموازنة اليوم.
وعلمت “النهار” ان اتفاقاً تم على سلة التعيينات بحيث تشمل تعيين العميد جوزف عون قائداً للجيش مكان العماد جان قهوجي، والعميد عماد عثمان مديراً عاماً لقوى الأمن الداخلي مكان اللواء ابرهيم بصبوص، والعميد خالد حمود رئيساً لفرع المعلومات في قوى الأمن الداخلي، والعميد طوني صليبا مديراً عاماً لأمن الدولة، والعميد سمير سنان نائباً له في مديرية أمن الدولة، والعميد بدر ضاهر مديراً عاماً للجمارك. أما المدير العام للأمن العام اللواء عباس ابرهيم فباق في منصبه. وأفادت المعلومات ان ثمة تداولاً لامكان تعيين قائد الجيش الحالي العماد قهوجي سفيراً في احدى عواصم الدول الكبرى، كما امكان تعيين اللواء بصبوص سفيراً في احدى العواصم العربية.
وكشفت المصادر المعنية بالمشاورات ان الأسبوع المقبل سيشهد فور الانتهاء من اقرار الموازنة فتحاً للباب على مصراعيه لملف قانون الانتخاب لان لا مفر من ذلك تجنباً للذهاب الى أزمة كبيرة ستضع الحكومة ومجلس النواب والجميع امام مأزق شديد الخطورة، علماً ان هذه المصادر تعتقد ان بت ملف قانون الانتخاب يجب ان يحصل قبل نهاية الشهر الجاري.
أما بالنسبة الى ملف الموازنة، فتشير أوساط معنية الى ان جلسة مجلس الوزراء اليوم ستشهد فتح ملف الكهرباء انطلاقاً من اثارة “القوات اللبنانية” مسألة مشاركة القطاع الخاص في حل مشكلة الاعباء المالية الثقيلة للكهرباء. وتوقعت الأوساط ان يبحث في موضوع اعطاء التراخيص للقطاع الخاص للمشاركة في انتاج الطاقة الكهربائية وسط اتجاه وزراء “القوات” الى التحفظ عن الموافقة على الموازنة ما لم يبت هذا المطلب. وكان رئيس حزب “القوات” سمير جعجع فند أسباب الحملة المركزة التي أطلقتها “القوات” في ملف الكهرباء خلال رعايته مؤتمراً لانماء كسروان امس في معراب. وأعلن انه “اذا لمسنا اننا موجودون في الحكومة دون تغيير الوضع القائم سنقدم استقالتنا لأننا لا نهوى العمل الحكومي بل هدفنا تصحيح الوضع القائم”، وطالب الحكومة بتنفيذ القرار الصادر عام 2014 والذي يجيز للحكومة تلزيم القطاع الخاص انتاج الكهرباء.
جعجع يزيد التباين مع التيار
“يصرّ رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع على رفع منسوب التوتّر مع التيار الوطني الحرّ، خصوصاً حول اقتراحه خصخصة قطاع الكهرباء، مستغلّاً أمس منبراً قواتياً في كسروان للدفاع عن طرحه والهجوم على رؤية التيار لملفّ الكهرباء.
يبدو رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع مصرّاً على فرض رؤيته في ما خصّ ملفّ الكهرباء، بعد أن تابع أمس حملته الإعلامية لتسويق فكرة خصخصة القطاع، وطرح عنوانٍ شعبي رنّان هو كهرباء 24/ 24. ومن على منبر «جهاز التنمية المحلية في القوات»، الذي أقام أمس «مؤتمراً تنمويّاً» في كسروان، لم يوفّر جعجع وزير الطاقة سيزار أبو خليل، مظهراً التيار الوطني الحرّ، من دون أن يسمّيه، وكأنه يمنع الكهرباء الدائمة عن اللبنانيين إذا لم يكن متحمّساً للخصخصة! كذلك هاجم جعجع «الأخبار»، واصفاً إياها بـ«الصحافة الصفراء».
ولكي يجمع جعجع الشواهد على صوابية طرحه بضرورة خصخصة قطاع الكهرباء، لم يجد غير اللجوء إلى تجربة «كهرباء زحلة»، مفاخراً بهذا «الإنجاز» الذي لا فضل له فيه، مع أنه ليس إنجازاً في الأصل.
هكذا إذاً، يترك رئيس القوات كل الأزمات التي تعصف بالبلاد، وأولاها العجز عن الاتفاق على قانون انتخاب، ليحوّل الأنظار نحو ملفٍّ واحد هو الكهرباء، في الوقت الذي كان فيه الملفّ، ولا يزال، ملفّ التيار الوطني الحرّ أوّلاً.
وللعلم، فإن «كهرباء زحلة» التي يفاخر بها «الحكيم»، ليست أكثر من «موتور» كبير للمدينة، بدل الموتورات الصغيرة، مع فارق وحيد، أن جابي فواتير الكهرباء في المناطق الأخرى لا يجبي في طريقه فواتير «الموتورات» أو «الاشتراك» كما يحصل في زحلة، مع العلم بأن قيمة الفاتورتين الاجمالية هي من أكبر الفواتير في لبنان، وليس العكس.
وهي لا توفّر على المواطنين فلساً واحداً ممّا يمكن أن توفّره الدولة القويّة، إذا ما استثمرت هي في القطاع، علماً بأن جعجع يحاضر ليل نهار بالدولة القويّة، وهو يعترض على سلاح المقاومة ويطالب بتقوية الدولة بدلاً منه، في ظلّ عجز استراتيجي لبناني وعربي عن مواجهة إسرائيل بالأنظمة الرسمية، بينما تهون عليه الدولة في طرحٍ كطرح الخصخصة. وعدا عن أن الأرقام التي ذكرها جعجع في مؤتمره الصحافي، على الأقل «غير دقيقة»، فإن 13 مليون دولار من عجز كهرباء لبنان سنويّاً مردّه إلى «كهرباء زحلة» بنسبة مليون ومئة ألف دولار شهريّاً، من دون أن يوفّر الأمر على المواطنين. وللعلم أيضاً، فإن الفضل في «كهرباء زحلة» يعود لرئيس جهاز الأمن والاستطلاع السوري في لبنان اللواء الراحل غازي كنعان، ومن بعده اللواء الراحل رستم غزالة. فَيَوْم قرّرت الدولة اللبنانية رفع تعرفة سعر «الكيلواط» للامتيازات من 50 ليرة إلى 75 ليرة بسبب ارتفاع أسعار النفط، ضغط كنعان على الرئيس الراحل رفيق الحريري، طالباً منه إبقاء التعرفة لكهرباء زحلة بـ50 ليرة لـ«الكيلواط» الواحد، وهكذا كان، فَلِمَ ردّ جعجع «الفضل» إليه في كهرباء زحلة بدل ردّها للواء كنعان، ما دام معجباً بلمساته في قطاع الكهرباء؟ وللإضافة، فإن الامتيازات التي حصلت عليها عدّة شركات في عام 1923 من المفوّض السامي الفرنسي، تنتهي في عام 2018، فهل يفتح جعجع المعركة من الآن للحفاظ على إرث الفرنسيين، أم أنه حريص على إرث كنعان وحده؟
ومع أن جعجع ذكر في كلمته أن «صلابة العلاقة والتفاهم بين الوطني الحر والقوات هي من عناد وصلابة ميشال عون ومن عنادي وصلابتي أنا»، إلّا أن توجيه السهام صوب أبو خليل ودور التيار الوطني الحرّ في الكهرباء، ليس «رمّانة»، بل «قلوب مليانة» من التباين بين الطرفين حول ملفّ قانون الانتخاب، وما يحكى عن اعتراض التيار الوطني الحرّ على التعديلات التي أدخلها وزير الصحة غسان حاصباني على جدول التعيينات المقترحة في مجالس إدارات مستشفيات المتن وكسروان، إذ علمت «الأخبار» أن ملفّ التعيينات في المستشفيات الحكومية الذي تمّ إنجازه في عهد الوزير وائل أبو فاعور ولم يعرف طريقه إلى الإقرار في مجلس الوزراء، أجرى حاصباني تعديلاتٍ عليه تخصّ مرشّحين مسيحيين كان التيار الوطني الحر قد اختارهم من حصّته واستبدل بعضهم بمرشّحين قواتيين، تاركاً جدول المرّشحين المسلمين من كل المذاهب على حاله، ما أثار اعتراض التيار.
ولم ينسَ رئيس القوّات في كلمته رفع السقف لناحية التلويح بتقديم وزراء القوات استقالاتهم، «إذا شعرنا أننا موجودون في الحكومة دون تغيير الوضع القائم»، محدّداً ما هو «المطلوب» من وزير الطاقة: «قرار من الحكومة بالطلب من وزير الطاقة وضع دفتر الشروط للمناقصة للكهرباء في لبنان في مهلة أقصاها 3 أشهر».
عون والحريري معاً إلى قمّة عمّان.. والموازنة إلى الإثنين
خرق في ملف النفايات.. ونسبية «حزب الله» تعترض تقدّم صيغة المختلط
“بالتزامن مع اهتزاز على صعيد اقتراحات قانون الانتخاب، بقي التفاؤل سيّد الموقف لجهة إقرار الموازنة في جلسة لمجلس الوزراء، إن لم تكن اليوم فهي على الاغلب ستكون يوم الاثنين، وهي الجلسة البديلة عن الجلسة الملغاة بسبب فقدان النصاب مطلع الاسبوع الحالي.
وبصرف النظر عمّا إذا أقرّت موازنة 2017 في الجلسة الثامنة لمجلس الوزراء اليوم، أم تأجلت إلى الاثنين في 6 آذار الحالي، فان كل المعلومات تُشير إلى أن صفحة الموازنة قد طويت في مجلس الوزراء، وستحال على الفور إلى المجلس النيابي، حيث تعقد اللجان المشتركة جلسة لها الاثنين لمتابعة مناقشة سلسلة الرتب والرواتب من ثلاثة جوانب:
1- تأمين الواردات وتشريعها، بعيداً عن فرض ضرائب تطال قطاعات شعبية ووظيفية، ولئلا تكون الدولة اعطت بيد وأخذت باليد الأخرى.
وفي تقدير مصادر وزارية لـ«اللواء» أن جلسة مجلس الوزراء اليوم ستكون حاسمة ومحورية بالنسبة لدرس مشروع الموازنة، وبالنسبة لمسار الجلسات التي ستعقد في الاسبوع المقبل.
وبحسب هذه المصادر، فانه من المتفق عليه أن تعقد جلسة لمجلس الوزراء الأربعاء المقبل برئاسة الرئيس ميشال عون في قصر بعبدا، وبجدول أعمال يرجح أن يتصدره موضوع التعيينات الأمنية والعسكرية، كما انه من المرجح أن تعقد جلسة يوم الاثنين في السراي الحكومي ستكون مخصصة للموازنة، لكن هذه الجلسة ستظل رهن ما يمكن ان يتقرر في جلسة اليوم، فإذا انتهت الحكومة من درس الموازنة، لا يكون هناك من جدوى لهذه الجلسة، فتلغى على ان يتم الاكتفاء بالجلسة الأسبوعية الأربعاء.
وفي كل الأحوال، أعادت المصادر الوزارية إلى الاذهان، التقليد الذي كان يتبع في السابق، وهو أن لا تقر الموازنة الا في جلسة يحضرها رئيس الجمهورية ويترأسها، والمقصود هنا بالطبع جلسة الأربعاء، وفي هذه الحالة يرجح أن تتأجل التعيينات إلى الجلسة التي تلي، إلا إذا ارتؤي عقد جلسة استثنائية لهذه الغاية.
وفي موازاة مناقشة الموازنة واقرارها، أعلن مصدر في وزارة المالية أن الحكومة اللبنانية فوضت أربعة بنوك لترتيب إصدار سندات دولية ستطرح في 20 آذار.
وقال المصدر الذي طلب عدم ذكر اسمه نظراً لعدم الإعلان عن هذه المعلومات حتى الان أن بنوك باركليز وجيه.بي.مورغان وبيبلوس وسوسيتيه جنرال لبنان تلقت مسودة تفويض بترتيب بيع السندات الذي سيعلن رسمياً خلال اليومين المقبلين.
وقال المصدر أن حجم السندات لن يقل عن 1.5 مليار دولار وسيتم تسويقها يوم 20 آذار عندما يحل أجل استحقاق سندات قائمة بقيمة 1.5 مليار دولار.
وكان آخر إصدار للسندات الدولية في لبنان بقيمة مليار دولار في نيسان عام 2016 مقسم إلى شريحتين احداهما استحقاق نيسان 2024 والأخرى نيسان 2031.
وفي أيّار من العام الماضي زادت الحكومة حجم الدين العام عن طريق تحويل ديون بالعملة المحلية الى سندات دولية تبلغ قيمتها ملياري دولار. ولبنان حاصل على تصنيف ائتماني B2 مــن وكالــــــة موديز وB- من وكالتي ستاندرد اند بورز وفيتش.
ولم تستبعد مصادر مطلعة ان يُصار الى تشكيل وفد لبنان إلى القمة العربية العادية في عمان بين 28 و29 آذار، في جلسة مجلس الوزراء الأربعاء المقبل أو الذي يليه.
وعلمت «اللواء» ان اتصالات جرت على مستويات عالية، بحيث يكون الوفد اللبناني برئاسة الرئيس ميشال عون وبمشاركة الرئيس سعد الحريري بحيث يمثلان معاً لبنان في قمّة عمان.
وقال مصدر مطلع لـ«اللواء» ان النقاشات تدور حول الدوائر التي ستجري الانتخابات فيها على أساس النظام الأكثري والدوائر التي ستخضع للنظام النسبي، ومجموع التوزّع بين النسبي والاكثري، واحتمالات نقل المقاعد من دائرة إلى دائرة، في إطار ما وصف بأنه وحدة المعايير. الا ان المصدر توقف عند بيان كتلة «الوفاء للمقاومة» الذي عاد فجأة إلى إعلان تمسك «حزب الله» بالنسبة الكاملة مع الدائرة الواحدة أو الدوائر الموسعة.
وأكدت الكتلة على رؤيتها بأن «النسبية هي الصيغة الأكثر التزاماً مع المعايير التي تحقق للشعب اللبناني صحة وشمول وفعالية التمثيل ويشكل اعتمادها نقلة نوعية في مسار بناء الدولة القوية وتجديد الحياة السياسية». ورأى المصدر في هذا البيان الذي مهد له عضو الكتلة النائب حسن فضل الله بموقف صباحي في الإطار نفسه، اعتراضاً على صيغة المختلط.
وأوضحت مصادر سياسية مطلعة لـ«اللواء» أن أي خرق في ملف قانون الانتخابات لم يسجل بعد،وسط معلومات مفادها أن اجتماعا عقد أو سيعقد ويتناول هذا الملف ويضم الوزيرين علي حسن خليل وجبران باسيل ونادر الحريري.
ورأت المصادر أن مشهد أي من الخيارات التالية:طاولة حوار أو جلسات حكومية لهذا الملف أو اتفاق الكتل النيابية بشأن حصول تصويت على أحد الاقتراحات لقانون الانتخاب لم يتضح بعد،معتبرة أن ما من جدية حول هذا الأمر.
وفي الملف عينه ابدت مصادر اشتراكية خشيتها من حصول اتفاق لتأجيل الانتخابات النيابية لأكثر من مرحلة تقنية للتاجيل أي أكثر من 3 أشهر. ولم تشأ المصادر نفسها التأكيد ما إذا كان هذا التأجيل مرتبط برغبة قوى تسعى إلى تحسين ظروفها من أجل الانتخابات.
إلا ان عضو كتلة «الاصلاح والتغيير» سميون أبي رميا أوضح ان التيار لن يقف مكتوف الأيدي لمواجهة ما وصفه بأنه محاولات لتصوير العهد متعثراً في خطواته، فإذا لم يتم التوصّل إلى صيغة تأخذ طريقها إلى مجلس النواب، فإن التيار سيقوم بخطوات تدريجية لفرض صيغة لقانون جديد.
وفيما لم يوضح الوزير المشنوق طبيعة هذه المعالجة، كشف رئيس مجلس الإنماء والاعمار المهندس نبيل الجسر لـ«اللواء» ان الخطة الأساسية تقضي اعتماد المحارق بدلاً من المطامر التي كانت مؤقتة، لافتاً الى ان اجواء الاجتماع كانت إيجابية جداً، والنقاش كان بمجمله فنياً حيث تمّ البحث في الملاحظات التي وضعها كل من وزارات البيئة والطاقة والتنمية الإدارية، نقطة نقطة، وسيتابع بحث هذه الملاحظات في اجتماع آخر يفترض ان يُحدّد الرئيس الحريري موعده لاحقاً.
ولفت الجسر إلى ان الملاحظات تركزت على دفتر الشروط المقدم من شركة «رامبول» التي يفترض ان تتولى إنشاء المحارق في لبنان للتخلص من النفايات. وخلص الجسر إلى ان الموضوع برمته سيناقش في مجلس الوزراء في ضوء التقرير الذي سترفعه اللجنة لاتخاذ القرار في شأن موضوع المحارق، وبالتالي طمر موضوع مطامر «الكوستا برافا» وبرج حمود.
وفد الرياض محاصَرٌ في جنيف… وسورية تربح الجولة الرابعة
الجيش السوريّ في تدمر… وارتباك تركي شمالاً أمام منبج
التعيينات بعد الموازنة تسبق قانون الانتخاب… وقانصو ومنصور للنسبيّة
“في ظل العجز عن إحداث اختراقات كبرى في العملية السياسية، بانتظار الوضوح الأميركي وتبلور تفاهم واضح بين واشنطن وموسكو وتقدّم مسار العلاقة السعودية الإيرانية التركية نحو الحوار بعد مناخ التصعيد السائد، صار سقف ما يمكن بلوغه في جولة جنيف الرابعة للحوار السوري السوري هو وضع جدول أعمال صالح لتقلّبات موازين القوى بنظر طرفَي الحرب، المحليين والإقليميين والدوليين، تحت ثنائية الحرب على الإرهاب وصناعة تسوية تنتهي بالاحتكام لصناديق الاقتراع، وفقاً لنص القرار الأممي 2254، وقبيل ختام الجولة الرابعة سارت رياحها وفقاً لوجهة السفينة السورية التي قادها السفير بشار الجعفري بمهارة عالية وحكمة وشجاعة، بينما وقع وفد الرياض في أخطاء قاتلة ترتّبت عليها حالة العزلة والحصار التي وجد نفسه فيها مع محاولاته التملّص من وجود بند خاص بمكافحة الإرهاب على جدول الأعمال، وإصراره على ربطه البحث في أصول الحكم بمصير الرئاسة وليس بالاحتكام للإرداة الشعبية في صناديق الاقتراع، ما استدعى كلاماً روسياً قاسياً حمّله مسؤولية التعطيل في المحادثات، وكذلك تهديداً بفتح المفاوضات المباشرة بين الوفد الحكومي والوفود المعارضة التي ترتضي بند الإرهاب ضمن سلال جدول الأعمال.
بالتزامن مع الإنجاز السياسي الذي حققه الوفد السوري المفاوض في جنيف كان الميدان السوري يحمل المزيد من الأخبار السارة لحساب الدولة السورية باستكمال الجيش السوري تحرير مدينة تدمر والإمساك بها من جهة، وما حملته مواجهات شمال سورية بين قوات سورية الديمقراطية المدعومة أميركياً ودرع الفرات المدعوم تركياً، ترتّب عليها إعلان قوات سورية الديمقراطية التي تتشكل بأغلبها من الأكراد تسليم القرى المواجهة لخطّ انتشار الأتراك في محيط مدينة منبج للجيش السوري والوحدات التابعة له من حرس الحدود، ليعلن الأتراك موقفاً مرتبكاً يتمسّك بدخول منبج ويتفادى التصادم مع الجيش السوري، وفقاً لما قاله وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو.
لبنانياً، حيث النقاش حول قانون الانتخاب على البارد وتأكيد المواقف، أكد رئيس الحزب السوري القومي الاجتماعي الوزير علي قانصو أثناء استقباله وزير الخارجية السابق عدنان منصور ضرورة الاستثمار على إيجابيات الإقرار الجامع بالحاجة لقانون جديد للدفع باتجاه قانون يعتمد النسبية، بينما تتقدّم الموازنة العامة ببطء أمام تعرّجات التوافق على الضرائب والربط بسلسلة الرتب والرواتب، بينما تقول مصادر مطلعة إن التعيينات الأمنية قد نضجت وتنتظر الانتهاء من الموازنة لتبصر النور.
وخلال استقباله وزير الخارجية السابق عدنان منصور في مركز الحزب، رأى الجانبان أنّ الأولوية السياسية يجب أن تتركّز على قانون جديد للانتخابات النيابية، يحقّق صحة التمثيل وعدالته، ويكرّس مفهوم المواطنة، حقوقاً وواجبات، ويحرّر اللبنانيين من كونهم رعايا طوائف ومذاهب.
ودعا قانصو ومنصور إلى الاستثمار في الإيجابيّات المتمثلة برفض معظم القوى السياسية لقانون الستين، وتأكيدها إجراء الانتخابات وفق قانون جديد. وهذا استثمار يصبّ في مصلحة البلد والناس، شرط أن تتوفّر الإرادة الصادقة وتتضافر الجهود.
واستقبل قانصو وفداً من جبهة التحرير الفلسطينيّة برئاسة عضو المكتب السياسي عباس الجمعة،، الذي أكد وحدة الصف وتعزيز العلاقات المميّزة بين اللبنانيين والفلسطينيين، ودعا إلى تحصين الوحدة وتشكيل جبهة شعبية عربية وتثبيت خيار المقاومة في مواجهة المشاريع الصهيونية ـ الأميركية.
وفي تسريب يبدو أنه متعمّد ويشكل انتهاكاً للسيادة اللبنانية، في حال صح كلام السفراء، نقلت قناة «أم تي في» أمس، عن مصادر أن «سفراء دول مجموعة الدعم الدولية الخاصة بلبنان قد اجتمعوا في ما بينهم ودرسوا الوضع العام في لبنان وقرّروا التواصل مع وزير الدفاع لإخباره بضرورة الالتزام بالقانون الدولي وإلا ستمتنع بعض الدول عن دعم الجيش». كما نقلت القناة المذكورة أن «السفير الإيطالي في لبنان اعتبر أن كلام عون لا يخدم لبنان والسفيرة الأميركية إليزابيث ريتشارد قالت إن عون تجاوز الخطوط الحمراء، وهدّدت بسحب القوات الدولية من جنوب لبنان، أما سفير فرنسا فاستبعد انعقاد مؤتمر الدول المانحة للبنان بسبب كلام عون».
ثانياً، تابعت المصادر، «أن للبنان تجربة مريرة مع الأمم المتحدة والدول الكبرى وسفرائها ولا ينسى أحد تلك الليلة الشهيرة التي حاولت فيها وزيرة الخارجية الأميركية آنذاك مادلين أولبرايت الضغط على رئيس الجمهورية السابق العماد إميل لحود، في المفاوضات التي أدارها يومها رئيس اللجنة العسكرية اللبنانية للتحقّق من الانسحاب «الإسرائيلي» العميد أمين حطيط، ورغم التهويل رفض لبنان الضغط الأميركي وأصرّ على موقفه وانتزع من «إسرائيل» 18 مليون متر مربع، حيث أرادت أميركا والأمم المتحدة حينها إبقاءها محتلة». ثالثاً، أضافت المصادر، «مع كل التقدير والشكر لقوات اليونيفيل لما تقدّمه في الجنوب، إلا أن هناك حقيقة ساطعة بأن حماية لبنان من «إسرائيل» لا تكون عن طريق اليونيفيل، بل بمعادلة الردع التي أرستها المقاومة من خلال الجيش والشعب والمقاومة. ومن يهدّد بسحب اليونيفيل يتحمّل مسؤولية نهاية القرار 1559». رابعاً تقول المصادر نفسها: «في ظل محاصرة تسليح الجيش من قبل سفراء الدول الذي اجتمعوا حول لبنان، هناك مصادر تسليح أخرى يمكن أن يطرق بابها لبنان، مهما كانت الظروف».
وسئلت المصادر توقعها حيال ردّ فعل الرئيس ميشال عون، أجابت أن «عون لم يخطئ حتى يتراجع عن مواقفه، بل نطق بالحق والمصلحة الوطنية. وهو متمسك بذلك وهو صاحب مقولة يمكنكم أن تسحقوني ولن تنتزعوا توقيعي، وبالتالي عون لن يتنازل عن حقّ وطنيّ».
وفي حين رجّحت مصادر وزارية لـ«البناء» أن يقرّ مجلس الوزراء الموازنة في جلسة اليوم التي يعقدها في السراي الحكومي، من المتوقع أن يتفرّغ المجلس في جلساته المقبلة الى موضوع قانون الانتخاب وبتّ ملف التعيينات الأمنية والعسكرية بعد إعلان رئيس الحكومة سعد الحريري أمس، أن الحكومة ستفشل إذا لم تقرّ قانوناً جديداً.
وبانتظار انتقال الملفّ الى الملعب الحكومي، تستمرّ اللقاءات الثنائية والثلاثية بعيداً عن الأضواء، لبحث الصيغ الانتخابية، بينما علمت «البناء» أن جولة من الاتصالات والاجتماعات ستنطلق الاسبوع المقبل في محاولة مفصلية للتوافق على قانون جديد.
وجدّدت كتلة الوفاء للمقاومة تمسكها بالنسبية الكاملة مع الدائرة الواحدة أو الدوائر الموسّعة، وترى فيها الصيغة الأكثر انسجاماً والتزاماً مع المعايير التي تحقق للشعب اللبناني صحة وشمولاً وفاعلية التمثيل، ويشكل اعتمادها نقلة نوعية في مسار بناء الدولة القويّة وتجديداً في الحياة السياسية وتفعيلاً لها، وصوناً للاستقرار السياسي في البلاد.
وقالت مصادر قيادية في التيار الوطني الحر لـ«البناء» إن «اللقاءات التي حصلت وتحصل بين القوى السياسية بشأن القانون، كانت بمثابة تمهيد وسبر أغوار مواقف الأطراف حيال الصيغ المختلفة وكشفت مكامن الخلل في الصيغ، وتسمح بتذليل العقبات التي قد يضعها أي طرف، وبالتالي كل ذلك سيسهل الاتفاق في الحكومة على قانون جديد». ولفتت الى أن «النسبية ستكون أساسية في معادلة قانون الانتخاب، حيث لم يعُد ممكناً إقرار قانون جديد من دون النسبية الوازنة، أما شكل الصيغة المقبلة، فلم تحدّد بعد وقد تظهر ملامحها في النقاشات التي ستشهدها الحكومة بعد سقوط ثلاثة خيارات، التمديد والستين والفراغ».
وأوضحت المصادر أن «عرض الرئيس الحريري قبول النسبية الكاملة، لم يُطرح بالشكل الذي سرّب في الإعلام، لأن لا رئيس الجمهورية ولا التيار الوطني الحر يقبلان بمنطق الصفقات، خصوصاً في ملف قانون الانتخاب»، ولفتت الى أن «لا رئيس الجمهورية ولا أي طرف آخر، يستطيع ضمان الحريري رئيساً لمجلس الوزراء في جميع حكومات العهد، لكن طالما يحظى الحريري بالأكثرية النيابية والسنية، فنحن نؤيده ولا أحد يستطيع إقصاءه والتعاون الإيجابي بين عون والحريري والحكومة مجتمعة يشكل ضمانة لاستمرار عمل المؤسسات والاستقرار السياسي الذي نعيشه اليوم».
وأكدت المصادر أن «التيار هو من أكثر الأطراف التي تؤيد النسبية الكاملة، والتيار لم ينفصل عن رئيس الجمهورية»، وشدّدت على أن «إعادة رئيس التيار جبران باسيل التلويح بالقانون الأرثوذكسي جاء بعد رفض المستقبل والحزب الاشتراكي للنسبية وطروحات عدة قدمها باسيل. وبالتالي دخلنا في دوامة مفرغة، لكن خيارنا الأول والأساس هو النسبية ولنا مصلحة فيها وهي تحدّد الأوزان والأحجام الحقيقية للأحزاب. ونحن واثقون من قدرتنا التمثيلية الشعبية الواسعة ونخوض الانتخابات على النسبية ونحقق نجاحاً كبيراً من دون الحاجة الى تحالف مع القوات». وتنفي المصادر أن «تكون لدى التيار طموحات للسيطرة على المقاعد المسيحية وإقصاء الآخرين، لكن قاعدة تمثيل التيار واسعة وعلى النظام النسبي لا تحتاج الى التحالف مع القوات لكي تحصد أغلبية المقاعد، لكن وفق النظام الأكثري تحتاج الى ذلك، وبالتالي لدى التيار المصلحة بالنسبية ومستعدّ للسير بها إذا وافقت القوى الأخرى».
وأكد رئيس الجمهورية خلال استقبالاته في بعبدا أن «آلية جديدة لتلزيم المشاريع والمناقصات ستعتمد في الإدارات الرسمية والمؤسسات العامة كلها ترتكز أساساً على الشفافية وحق المنافسة المشروعة ومنع الاحتكار»، لافتاً الى أن «هذه التدابير هي جزء من خطة مكافحة الفساد التي انطلقت مع بداية العهد وبعد تشكيل الحكومة برئاسة الرئيس سعد الحريري».
وقال «إن مسيرة التغيير التي انطلقت ستعم جميع القطاعات ولن تتوقف، بل ستطور تباعاً»، معتبراً أن «للخصخصة قواعد وأصولاً وفقاً لكل قطاع، لأن الأولوية هي مصلحة اللبنانيين وخير المجتمع».