استعانت سلطات مدينة تطوان ومرتيل مساء الأربعاء 31 ماي/ أيار/ مايو 2017 بالعشرات من الأشخاص من ذوي السوابق لنسف الوقفتين التضامنيتين مع حراك الريف في كل من تطوان ومرتيل. وتعرض المتضامنون من المواطنين والنشطاء لشتى أنواع الاعتداء والعنف والرشق بالحجارة والتهديد بالسكاكين من قبل الأشخاص الذين استعانت بهم السلطة، حيث نقل العديد من المتظاهرين إلى مستشفى سانية الرمل بعد إصابتهم بجروح وكدمات في أنحاء مختلفة من أجسادهم.
وقد عاينت شمال بوست الاستعمال المفرط للقوة من قبل عناصر للقوات المساعدة في حق بعض الشبان بمرتيل، حيث تمت محاصرة بعد الشبان والانهيال عليهم بالضرب المبرح، ومن جانب آخر قام بعض الأشخاص باحتلال ساحتي “الريو” و”المسجد” بمرتيل لمنع المحتجين من تنفيذ شكلهم الاحتجاجي التضامني. وفي تطوان انهال العشرات من ذوي السوابق بالضرب على المشاركين في الوقفة، كما استعملوا الحجارة والسكاكين بتشجيع من باشا المدينة وبإشرافه،
وتعليقا على أحداث ليلة الاربعاء كتب “عبد اللطيف البازي” العضو المستقيل سابقا من اللجنة الجهوية لحقوق الانسان بجهة طنجة تطوان “شاركت ليلة 31 ماي بساحة مولاي المهدي بتطوان في وقفة تضامنية مع حراك إخواننا بالريف.. وقد عرفت هذه الوقفة تواطؤا بشعا وتعاونا مكشوفا بين أعوان السلطة وبلطجية مرتزقة تكلفوا بإيذاء المشاركين جسديا ونفسيا”.
محمد أكدي المحام بهيئة تطوان علق على ما حدث بتطوان على جداره في الفايسبوك قائلا “جحافل من المشرملين ذوو السوابق القضائية في السرقات الموصوفة والنشل واعتراض سبيل المارة, كلهم مدججين بالأسلحة البيضاء وبعض الأدوات الأخرى، تم تسخيرهم من أجل الاعتداء على المتضامنين، وارهابهم وتفرقتهم بشتى الوسائل المتاحة مقابل ضمان الحماية لهم من قبل قوات الأمن _التي كانت تتوسطهم_ وتتدخل باستخدام الهراوات كلما تمت محاصرة أحد منهم من طرف المحتجين!!!!”.
من جانبهم أكد مجموعة من الأشخاص الذين استعانت بهم السلطات لترهيب المحتجين والاعتداء عليهم وهم في أغلبهم بدون مستوى تعليمي ولهم سوابق إجرامية، أنهم كانوا في مواجهة أشخاص يدعون إلى الإفطار نهارا في رمضان وأنهم يعادون الملك !!! أو هذا ما تم تلقينهم من طرف السلطات قبل إعطائهم الضوء الاخضر وضمانات بعدم المتابعة إذا هم اعتدوا بالضرب على المحتجين.
وقد بدأت التحركات التضامنية مع حراك الريف في منتصف الشهر الفائت. حينما عقدت هيئات سياسية ونقابية وحقوقية وجمعوية اجتماعا تنسيقيا لتدارس "الوضع المحتقن الذي تعرفه منطقة الريف نتيجة التهميش الاقتصادي والاجتماعي، والحكرة التي تعاني منها الساكنة جراء الحصار والعسكرة والتهديد". وخلص الاجتماع المذكور بحسب بيان إخباري لحزب اليسار الاشتراكي الموحد بتطوان إلى الدعوة إلى تنظيم وقفة تضامنية مع حراك الريف يوم الجمعة 12 ماي بتطوان. كما دعا الهيئات المشاركة في ذلك الاجتماع إلى تشكيل لجنة محلية لدعم حراك الريف بتطوان، تنظيم قافلة تضامنية يوم 13 و14 ماي.
نوال بنعيسى تعبئ للتظاهرات
وكان الالاف من سكان مدينة الحسيمة قد خرجوا بعد صلاة التراويح ليلة 30 ماي/ ايار/ مايو في أكبر مسيرة نظمت منذ مسيرة الخميس الماضي، حيث ظهرت قيادات ميدانية جديدة للحراك تتقدمهم “نوال بنعيسى”، وأظهر المشاركون أن الحراك الشعبي زاد قوة بعد اعتقال أغلب قياداته المعروفة،وأن الامور تتطور بشكل أقوى من السابق.
وذكر موقع "شمال بوست" أن المسيرة الحاشدة التي شارك فيها الآلاف والتي انطلقت من أحياء عديدة بالحسيمة عجزت القوات العمومية عن تفريقها بداية، قبل أن تنسحب تلك القوات، حيث رفعت لافتات وصور للزفزافي، وردد المشاركون فيها شعارات قوية من قبيل :”يا مخزن حذاري.. كلنا الزفزافي”، و”هي كلمة واحدة هاد الدولة فاسدة”…
نوال بنعيسي، أبرز الوجوه النسائية في قيادات حراك الريف دعت إلى الخروج في تظاهرات سلمية وحذرت من اللجوء الى العنف في وقت سابق من يوم أمس، أكدت في كلمة نارية أمام الآلاف من الحشود التي اجتمعت بحضور والدي الناطق باسم الحراك “ناصر الزفزافي” المعتقل لدى الفرقة الوطنية للشرطة القضائية، أن الاحتجاجات ستستمر وأن النشطاء عازمون على تنظيم مسيرة مليونية في 20 يونيو الجاري للمطالبة بتحقيق العدالة الاجتماعية بمناطق الريف ورفع التهميش عنها والمطالبة بإطلاق سراح المعتقلين.
وأكدت “بنعيسى” أن المسيرات ستستمر في نفس الموعد أي بعد صلاة التراويح يوميا، وأن الاعتقالات ستزيد من الاحتجاجات والمشعل في يد كل الريفيين، كما وجهت نداء إلى ساكنة المدن المغربية الاخرى بالتضامن .
وفي كلمة ألقاها والد الناطق باسم الحراك “ناصر الزفزافي” أمام المحتجين قال والدموع تغالبه “اعذروني لست مستعدا لإلقاء الكلمة، لكن جئت إلى هنا لأطمئنان بضرورة استمرار الحراك، جئت لأطمئن ناصر ورفاقه وأقول لهم إن الحراك وباقي نشطاء في مختلف المناطق بالمغرب معكم” وأضاف “نطالب الدول بالإفراج عن المعتقلين السياسيين والمختطفين كما أؤكد لكم كما قال ناصر الزفزافي السلمية ثم السلمية ثم السلمية”
محاكمة قادة الحراك
انطلقت محاكمة معتقلي الحسيمة بالمحكمة الابتدائية لذات المدينة، حيث يحاكم فيها مجموعة من المعتقلين والمتابعين في حالة سراح بتهم التجمهر وإهانة الضابطة القضائية والرشق بالحجارة.
أكد محمد حداش، المحامي وعضو هيئة الدفاع عن معتقلي حراك الريف، المحكمة الابتدائية بالحسيمة، قررت مساء اليوم الثلاثاء 30 ماي الجاري تأجيل النظر في الملف الذي يتابع فيه 25 معتقلا، وذلك إلى غاية 6 يونيو المقبل.
وأضاف المصدر ذاته أن المحكمة لم تجهز الملف كاملا للبث فيه، كما رفضت الاستجابة لملتمس الدفاع من أجل السراح المؤقت، وذلك في في آخَر الجلسة
وكانت هيئة الدفاع قد طالبت خلال جلسة الاستنطاق التمهيدي بإجراء خبرة طبية على بعض المعتقلين بعد تأكيدهم على تعرضهم للتعنيف الجسدي أثناء عملية الاعتقال.
حركة أنفاس وحركة أمل : "إلى جبهة وطنية لمسانددة الحراك"
ودعت حركة انفاس وحركة امل إلى خلق جبهة وطنية لمساندة الحراك الشعبي ميدانيا واعلاميا ومقاومة كل إعلام رسمي يسعى إلى التشكيك في المبادرات المواطنة والمطلبية ويحاول تنميط الفعل الجماهيري في خانة العمالة والمؤامرة. وفي بيان أصدرتاه في الدار البيضاء، يوم أمس الثلاثء، أعلنتا للرأي العام الوطني والدولي ما يلي:
1. تضامننا مع ساكنة الريف عموما والحسيمة خصوصا و عائلات كافة المعتقلين السياسيين
2. تحميلنا السلطة مسؤولية تأزيم الأوضاع و عدم التجاوب مع مطالب اجتماعية لساكنة الريف
3. مطالبتنا إطلاق سراح كل نشطاء الحراك و ايقاف المتابعات و رفع كل مظاهر التوتر الامنى
4. انتدابنا للجنة وطنية تضم محامين و محاميات و حقوقيين من اجل تتبع الوضع ميدانيا و تتبع كل مراحل التحقيق و المحاكمات
5. مطالبتنا لوزارة الداخلية و للنيابة العامة بفتح تحقيق في الخروقات الاعلامية و عمليات التجييش الاعلامي سواء في الاعلام العمومي او الاذاعات الخاصة او عبر الوسائط الاجتماعية ضد المناضلات و المناضلين و الحركات الاجتماعية
6. مناشدتنا لكل الاصوات الديمقراطية و للضمائر الحية ببلادنا للانتصار لمبدأ الحوار بما يخدم تحقيق مكتسبات عملية ملموسة لدوي الحقوق ببلادنا بعيدا عن الأنماط التقليدية في الممارسة المرتكنة إلى أسلوب المحاصصة الدي لا ينتج في نهاية المطاف سوى استمرار اختلال ميزان القوى لفائدة لوبي السلطة والمال بالبلاد
7. مطالبتنا رئاسة الحكومة بتحمل كامل مسؤولياتها التاريخية و جعل الداخلية (و كل الأجهزة الأمنية) طرفا يشتغل تحت إشرافها،
8. دعمنا وانخراطنا في كل الأشكال الاحتجاجية السلمية والتضامنية مع نشطاء حراك الريف واعتبار الانتصار للحراك انتصارا لإرادة المجتمع المغربي وحقه في التنمية والعدالة الاجتماعية والثروة
9. دعوتنا لكل الحركات الاجتماعية و المنظمات الديمقراطية لدعم الحركة المناضلة بالأقاليم الشمالية واعتبار الحسيمة وجهتنا النضالية.
وقالت الحركتان في بيانهما، إنه منذ ما يزيد على سبعة أشهر تعرف الحسيمة و نواحيها حراكا اجتماعيا مطلبيا عبر أشكال نضالية سلمية تطالب بالعدالة الاجتماعية و الحوار على أرضية ملفها المطلبي، وقد استمر الحراك متماسكا رغم بيانات التخوين و العمالة وخجل مبادرات الدعم المبدئي المحصور في فضاءات النخب و تواطؤ قوى الأحزاب التقليدية بصمتها. لقد أبدع الحراك في عفوية تنظيمه قدرات خلاقة على فرز قيادات ميدانية محلية دحضت أطروحات القوى التقليدية القائمة على شخصنة الفعل الجماهيري وإخضاعه لاستراتيجيات فردية وافراغه من بعده الجماعي و الجمعي كما أن الحراك أبان عن بؤس التعامل الرسمي مع شرعية المطالب و كشف زيف توجهات الدولة المغرقة في المركزة حول أكذوبة التمكين الاقتصادي والاجتماعي للجهات و أعاد التأكيد على الطابع الأمني البوليسي القمعي لا غير، كما عمدت السلطات الى : – تجاهل الحراك لمدة طويلة. – تنظيم لقاءات مؤخرا لم توجه الدعوة لها لمن اختارتهم الساكنة كلجنة للحراك. – تخوين الحراك و اتهام النشطاء بالعمالة للخارج. – تسخير المساجد و وسائل الاعلام الرسمية للنيل من النشطاء و اتهامهم بالفتنة. – اختيار المقاربة الأمنية المتجلية في قمع الاحتجاج و اعتقال النشطاء و تكييف تهم ثقيلة ضدهم. – الاعلان عن مباريات للتوظيف في ابان تحرك مسؤولين حكوميين للحسيمة، ثم الاعلان لاحقا عن تأجيلها.
وأضاف البيان لعل حركة انفاس وحركة امل، وهما تقفان على الدروس الأولية للحراك الاجتماعي بالريف، فإنها تنبه إلى خطورة الوقوع في بعض المنزلقات وهي كالتالي:
• المطالب الشعبية بما تفرزه من آليات للحراك ليست وعاء تجاري لاحد فهي ملك للحراك الشعبي و لا تطلب صك اعتراف ومصداقية الانتماء للوطن.
• حراك الشمال لا يحتاج الاكتفاء بالتضامن بل يتطلب الإسناد عبر الاندماج في سيرورة مطالب وطنية، ففي عزله تسهيل للهجمة الشرسة عليه وعلى كل فعل جماعي يروم تغيير الوضعيات الحالية بوضعيات ترتكز على الإنصاف والعدالة الاجتماعية.
• اشمئزازنا من مهزلة التهويل و التهليل بالفتنة فان كان شكلا من الإرهاب للبسطاء و تخويفهم و تجييشهم لفعل مضاد فانه استخفاف مبتذل لقدرة الوعي الجمعي على فهم طبيعة الصراع القائم و تأطيره لفعل منظم يثبت مطلبا قائما في الحق في بناء دولة الحق و القانون على ارضية حقوق الانسان في شموليتها و كونيتها.
• تدين انفصام وعبثية التعاطي الرسمي مع الحراك الشعبي : ريع في الجنوب لإسكات صوت الانفصال و قمع و عسكرة فيما تبقى بدون مواجهة حقيقية لخلل التنمية عبر تحديث الادارة و ارساء ميكانيزمات الحكامة الترابية بكل جهات البلاد
ما موقف "الأحزاب"؟
وهاجمت أحزاب “العدالة والتنمية” و”الاستقلال” و”الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية”، في بلاغ أصدرته يوم الاثنين الماضي، المقاربة الأمنية التي اعتمدتها السلطات في علاقتها مع الحراك الشعبي بإقليم الحسيمة بالريف، خصوصا وأنها خلفت عدداً من الاعتقالات الواسعة ومداهمات للمنازل ومطاردات لنشطاء بمختلف الأحياء بالريف.
وأدان البلاغ ما وصفه ب “التضليل الإعلامي” الذي تمارسه القنوات العمومية بنشر صور وفيديوهات لأحداث معزولة لا علاقة لها بالحراك ومصاحبتها ببلاغ وكيل الملك لتغليط الرأي العام الوطني والدولي. وحملت الأحزاب الثلاثة المسؤولية للدولة بسبب"إفساد الحياة السياسية بالإقليم. كما حمل البلاغ، عبد الوافي لفتيت، وزير الداخلية “مسؤولية جر المنطقة والبلاد إلى المجهول”، مطالبة بالإفراج الفوري عن كافة معتقلي الحراك الاجتماعي بدون قيد أو شرط.
وقال البلاغ إن الأحزاب “تتشبث بضرورة تحقيق مطالب السكان الاقتصادية والاجتماعية والتي عبر عنها الحراك الاجتماعي”، مجددا طلب نهج مقاربة تنموية مندمجة في الإقليم، بدل المقاربة الأمنية الصِرفة.
موقع شمال بوست، وكالات، 31 ماي/ أيار/ مايو 2017
مركز الحقول للدراسات والنشر، 1 جوان/ حزيران/ يونيو 2017، آخر تحديث : 07:40
المغرب : الاحتجاجات في الحسيمة تستمر بزخم أكبر، وقمع دموي للمتضامنين في تطوان ومرتيل
31/05/2017 05:16
643