خاص ـ الحقول / في نهاية كل عام تقدم شعبة الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية تقديرها السنوي للعام المقبل. ويشكل التقرير محصلة تحليل المعطيات المتوفرة من كل وحدات السلاح الاستخباري الإسرائيلي لدى محللي وحدة الأبحاث الذين يضعون أساس التقدير قبل أن تعكف على صياغته بشكل نهائي قيادة الشعبة بالتعاون مع عدد من كبار القادة في هيئة الأركان. ولا يمثل التقرير مجرد حصيلة تحليلية للمعطيات لأنه يعتبر الأساس الفكري لخطط العمل العسكرية من جهة والسياسية من الجهة الأخرى.
فالتقدير يشير إلى وجهة توزيع الموارد في الجيش لكنه أيضاً يشير إلى مطالب الجيش من الميزانية العامة. وبسبب أن تقدير الاستخبارات شكل على مدى العقود الماضية التقدير القومي لإسرائيل فإنه يلامس عمل كل الحكومة الإسرائيلية في كل ما يتعلق، على الأقل، بالسياسة الخارجية. ولهذا السبب يحتل التقدير الاستخباري أهمية كبيرة في الحياة العامة الإسرائيلية. ومن الجائز أن حرب تشرين العام 1973 شكلت أول ضربة هامة في تاريخ إسرائيل للتقدير الاستخباري الذي تقولب في حينه بكلمة «المفهوم» والتي كانت تشير إلى الجمود الفكري. ولذلك فإن تقديرات الاستخبارات الإسرائيلية صارت تميل منذ ذلك الحين إلى الحذر وعدم إعطاء تقديرات يقينية وترك هامش ما للتطورات غير المتوقعة.
كما أن الجدل في إسرائيل لم يتوقف منذ ذلك الحين حول جدوى حصر «التقدير القومي» في شعبة الاستخبارات العسكرية رغم توفر وحدات أبحاث هامة في كل من الموساد والشاباك وأيضاً في وزارة الخارجية الإسرائيلية. لكن كل هذا الجدل لم يقد حتى اليوم إلى تغيير مركزية التقدير السنوي لشعبة الاستخبارات العسكرية في الحياة العامة الإسرائيلية. ورغم توصية لجنة أغرانات التي بحثت في إخفاقات الاستخبارات في حرب تشرين العام 1973 بضرورة تشكيل مجلس أمن قومي إلا أن الصيغ التي تم ابتداعها حتى اليوم لهيئة الأمن القومي الإسرائيلي أبقت هذه الهيئة ومسؤولها في موقع استشاري لرئيس الحكومة أكثر من أي شيء آخر. فقوة الجيش الإسرائيلي ومركزيته في الحياة الإسرائيلية أبقت حتى الآن على حصرية التقدير السنوي بيد شعبة الاستخبارات.
وفي كل حال فإن المعلق العسكري لصحيفة «ماكور ريشون»، عمير ربابورات يلخص التقدير السنوي للاستخبارات الإسرائيلي في عشرة مخاطر ينبغي للدولة العبرية الاستعداد لمواجهتها في العام المقبل. ويبدأ ربابورات تلخيصه بالإشارة إلى أن العام 2014 ينتهي بوقوع اشتباك على حدود قطاع غزة رغم الحرب الطويلة في الصيف الماضي في ظل استمرار الهدوء على الجبهة الشمالية رغم تسرب النيران بين الحين والآخر إلى هضبة الجولان المحتلة من سوريا. وهذا يطرح السؤال المركزي: ما الذي يمكن أن يحدث وكيف سيبدو العام المقبل أمنياً؟
ويرى أن التقدير الاستخباري يمنح اهتماماً للجبهة الشمالية ويعتبرها «الجبهة الأشد تفجراً» في العام المقبل لاعتبارات بينها تزايد قوة جماعات الجهاد العالمي في جنوب هضبة الجولان. ويقول إن عدم انزلاق النيران إلى إسرائيل يعود إلى انشغال هذه القوى الجهادية بمحاربة النظام وعدم اهتمامها حالياً بفتح جبهة مع إسرائيل. ولكن إذا استتب الأمر لهم فسيبادرون لعمليات قد تشعل الجبهة. وهذا احتمال بين المتوسط والعالي.
بعد ذلك يأتي خطر الصدام في لبنان. ويشير التقرير إلى أنه رغم تجنب حزب الله منذ حرب لبنان الثانية العام 2006 الصدام مع إسرائيل إلا أن الوضع تغير في العام 2014 حيث شن الحزب هجمات رداً على استهداف قافلة سلاح له على الأرض اللبنانية وتنفيذ إسرائيل عمليات اغتيال لعدد من نشطائه. وقد بنى حزب الله لنفسه ترسانة سلاح هائلة يمكنها ضرب كل نقطة في إسرائيل حتى بصواريخ موجهة بنظام GPS وبرؤوس حربية لا تقل عن 700 كيلوغرام من المتفجّرات يمكن أن تستهدف منشآت استراتيجية مثل رئاسة الأركان أو محطات الطاقة. ويتخوف التقدير أيضاً من عمليات هجومية برية من جانب حزب الله ومن احتمال شل موانئ ومطارات لأيام عدة. عموماً تعتبر المواجهة مع لبنان ذات احتمال متوسط.
وهناك خطر العمليات الشعبية داخل الأراضي الفلسطينية المحتلة في الضفة الغربية والقدس مع استبعاد نشوب انتفاضة ثالثة خصوصاً في ظل استمرار الجهود الديبلوماسية للسلطة الفلسطينية في الحلبة الدولية.
ولكن احتمالات الصدام بين إسرائيل وحركة حماس في قطاع غزة تعتبر بين المخاطر المتوقعة ولكن ليس بأرجحية كبيرة. وتقدر الاستخبارات الإسرائيلية أنه يصعب على حماس الخروج قريباً لمعركة ضد إسرائيل قبل ترميم قواتها. لكن تقدير الاستخبارات يرتكز إلى منطق تؤمن الاستخبارات بأنه لا يتوفر دائماً. فالضغط المصري والإسرائيلي على القطاع قد يقود إلى حرب على قاعدة «ليس لحماس ما تخسره». ولكن هذا احتمال متوسط.
وتقدر الاستخبارات احتمال وقوع عمليات اختطاف لإسرائيليين من أجل تحرير أسرى، لكن هذا احتمال متوسط.
بعد ذلك تأتي الصواريخ الإيرانية وخطرها على إسرائيل. وهناك احتمال بتجدد الحديث عن هجوم عسكري إسرائيلي على إيران في العام 2015. وذلك على خلفية انتهاء الاتفاق المرحلي بين الدول الغربية وإيران بشأن تجميد مشروعها النووي. ولا تثق إسرائيل حتى الآن بالوعود الأميركية والأوروبية بعدم إلغاء العقوبات المفروضة على إيران قبل التأكد من ابتعادها عن الطريق النووي العسكري. عموماً احتمال الضربة العسكرية لإيران متدنية.
وهناك خطر تعرض خط الغاز الإسرائيلي لمخاطر تقود إلى قطعه خصوصاً أنه خط وحيد. ولكن احتمالات حدوث ذلك جراء عمل تخريبي مقصود ضعيفة.
بعد ذلك يأتي خطر قطع الانترنت عن إسرائيل خصوصاً أن الدولة العبرية أشبه بالجزيرة المعزولة المرتبطة مع العالم بكابلي اتصالات بحريين. احتمال تخريب الكابلين ضعيف جداً.
وهناك خطر تعرّض إسرائيل لهجمة سايبر ولكن لإسرائيل تفوق في هذا المجال لكن هذا التفوق لا يحول دون تعرّض إسرائيل لهجمات احتمال تزايدها مرتفعة.
وأخيراً هناك خطر تعرض إسرائيل لهجمات برية عبر الأنفاق. وقد استثمرت إسرائيل أموالاً طائلة لمنع هذا الخطر على كل الجبهات، لكن احتمال حدوث ذلك ضعيف إلى متوسط.
COMMENTS