خاص ـ الحقول / قسمت الكاتبة ” قواعد العشق الاربعون” الى فصول .. تبدأ بقصة أيلا الزوجة والام. عائلتها محور حياتها. سعيدة في كل ما تفعل.
لكن سعادتها لم تكتمل. فها هي تفاجأ بخيانة زوجها، واصرار ابنتها على الزواج وهي لا زالت على مقاعد الجامعة . صدمتان، تلقتهما يوم بلغت الاربعين، وهي اللحظة المفصلية في حياة كل انسان… لم تحبطها الصدمة ، خرجت الى العمل ، لتتصدى كقارئة أولى في دار نشر خاصة … تبدلت مسارات حياتها….
بدأت قصتي مع هذا الكتاب، يوم سألتني صديقتي عن كتاب “قواعد العشق الاربعون” استغربتُ الامر، لكنني بحثت عنه واشتريت نسختين منه، ولم اندم … لأني غرقت في قراءة كتاب لا اروع منه.
في صبيحة يوم ربيعي جميل ، و جدت على فايسبوك صديقة مر وقت طويل على اخر لقاء بها. وقد تحجبت. كتبت لي تقول : ” اتقًي الله يا زينة”!!!!
سألت نفسي من أعطاها الاذن بأن تقول لي هذا !! ما هو معيار تقوى الله!!!
عندها تذكرت مقطعا من الكتاب : يقول في : “ان الايمان هو مجرد كلمة اذا لم يكن هناك حب في وسطه . كما تذكرت سؤالاً فيه : “هل يعتقدون أن الله هو في مكة أو المدينة ، في أحد الجوامع هناك ؟ كيف يمكنهم تخيل أن الله محدود في مكان معيًن ؟” فهو” (الله) الذي يقول في حديث قدسي شهير:
” مَا وَسِعَنِي سَمَائِي وَلا أَرْضِي ، وَلَكِنِّي وَسِعَنِي قَلْبُ عَبْدِي الْمُؤْمِنِ”
في “قواعد العشق” نرى أيلا وقد أخذها عملها الجديد الى دنيا الفلسفة والدين. طلب منها كقارئة أولى في دار النشر ، أن تقٍيم مخطوط هو عبارة عن رواية تاريخية تحمل في طيَاتها تفاصيل حياة جلال الدين الرومي. وهذا العالم الصوفي الكبير هو محمد بن محمد بن حسين بهاء الدين البلخي (604 هـ – 672 هـ)، اشتهر باسم مولانا جَلَال الدِّين الرُّومي.
ومن المعلوم أن هذا “الرومي” شاعر، عالم فقيه، متصوف مسلم، يقول عنه مؤرخو العرب أنه “ترك الدنيا والتصنيف”. كما أنه لدى الفرس هو صاحب ديوان الشعر “المثنوي” الشهير، أو “مثنوي معنوي” بالفارسية، وهو صاحب الطريقة المولوية المنسوبة إليه : “مولانا جلال الدين”.
شعرت أيلا بإرباك. لكنها قرَرت أن تمضي بمسيرتها الجديدة .. وها هي تقرأ كلمات من “جلال الدين” و كأنها موجهة إليها : ” حاولي أن لا تقاومي التغيير الذي يـتجه نحوك. بل دعي الحياة تعيش من خلالك. ولا تخافي فيما لو انقلبت حياتك رأسا على عقب. فكيف نعرف ان الجهة التي اعتدنا عليها هي أفضل مما قد يأتي”.
بعد “الرومي” تولًت أيلا قراءة عدد من الوثائق. تعلمت منها وتأثرت بها. حتى وصلت الى العارف والمتصوف والشاعر المسلم شمس الدين التبريزي (582-645 هـ). ويُعتبر “الشمس التبريزي” المُعلم الروحي لجلال الدين الرومي (مولانا). وقد كتب “الديوان الكبير” في العِشق الإلهي.
التقى التبريزي مع جلال الدين الرومي في تجواله عام 1244م. ولكن رابط الصداقة الجميلة الذي تجلى بينهما، بدأ بالتآكل حتى انفصلا على نحو مأساوي، وذلك بعد ثلاث سنوات تقريبا.
كتب “الشمس التبريزي” مقالات عديدة حول قواعد عشق الله الاربعين، منها :
إن الطريقة التي نرى فيها الله ما هي إلا انعكاس لما في أنفسنا، فإذا لم يكن يجلب لنا سوى الخوف والملامة، فهذا يعنى أن قدرً كبيراً منهما يتدفق إلى قلوبنا. أما إذا رأينا الله مُفعماً بالمحبة والرحمة فإننا نكون كذلك.
ان الطريق إلى الحقيقة يمر من القلب لا من الرأس، فاجعل قلبك، لا عقلك، دليلك الرئيسي. واجه، تحدَىّ، وتغلب في نهاية المطاف على “النفس” بقلبك. إن معرفتك بنفسك ستقودك إلى معرفة الله.
لا يمكن أن نسرد كل “القواعد” في هذه السطور. اخترت التركيز على مناقشات إيلا مع “الشمس التبريزي”، بينما هي تؤدي عملها. قال المتصوف الفارسي :” ان الماضي ليس مفهوماً والمستقبل هو وهم. فالعالم لا يخطو من خلال الوقت كما لو أنه خطاَ مستقيما… متتابعا من الماضي الى المستقبل، انما يتحرك الوقت من خلالنا وفي داخلنا بطريقة حلزونية لا نهاية لها”.
ويضيف : “اذا قرر أحدنا أن يختبر الاشعاع الروحي، فعلينا أن نضع الماضي والمستقبل جانباً، بعيداَ عن تفكيرنا، بحيث نبقى في اللحظة الحالية”.
ماذا عساي ان أقول عن هذا الكتاب العميق بأفكاره وطريقة كتابته المشوِقة؟. انه واحد من الكتب التي لا يمكن نسيانها. واذا بي أذهب الى المكتبة وأعانق كتاب أليف شفق الآخر : “لقيطة اسطنبول “.
ولدت الكاتبة أليف بيلغين وهوالاسم الحقيقي لأليف شفق، في ستراسبورغ، لوالدين هما الفيلسوف نوري بيلغين وشفق أتيمان. نشرت أليف شفق روايتها “قواعد العشق الاربعون” في الولايات المتحدة سنة 2010. وقد حصلت روايتها الاولى “الصوفي” على “جائزة الرومي” لافضل عمل أدبي في تركيا. نشر لها 12 كتابا باللغتين التركية والانكليزية. كتبها من بين الاكثر مبيعاً في ايطاليا، فرنسا وبلغاريا. و”قواعد العشق” هي الرواية الأخيرة.
COMMENTS