تواصلت تفاعلات العملية العسكرية التي نفّذها الجيش في مخيمات النزوح في منطقة عرسال، وكان اللافت في هذا المجال استمرار بعض السياسيين في التباكي على تلك المخيمات، متجاهلين الانجاز الذي تحقق بهذه العملية خصوصاً لجهة إحباط عمليات إرهابية خطيرة كانت ستطاول مختلف المناطق. واستغربت جهات معنية «محاولة التشويش على هذا الانجاز والتعمية عليه عبر تعمّد إثارة مسائل إنسانية تضع الجيش في موقع الاتهام، وتعذيب الموقوفين الذين قُبض عليهم خلال العملية، ونشر أرقام كبيرة عن وفيات حصلت نتيجة التعذيب». وأكدت المصادر «انّ كذبة تعذيب هؤلاء يدحضها اولاً وضعهم الصحي، وثانياً انّ هؤلاء لم يكونوا قد خضعوا للتحقيق بعد». وقالت إنّ عملية الجيش «لم يكن هدفها فتح معركة مع النازحين بل توقيف مطلوبين». ولفتت الى انّ الوحدات العسكرية «فوجئت خلال تنفيذ العملية بحجم ردّة فعل الإرهابيين ونوعيتها، وذلك من خلال تفجير مجموعة من الانتحاريين أنفسهم بين عائلاتهم …
الجمهورية
خلاف على التواصل مع دمشق… مَن يُشوِّش على إنجازات الجيش؟
تتجه الانظار اليوم الى هامبورغ التي ستشهد لقاء القمة الاول بين الرئيس الاميركي دونالد ترامب ونظيره الروسي فلاديمير بوتين، في وقت تباطأت مفاوضات استانا حول الأزمة السورية على نحو بَدا وكأنّ المتفاوضين قرروا انتظار نتائج هذا اللقاء للبناء عليها. إذ يُنتظر أن تكون لهذه النتائج أيضاً انعكاسات لافتة على مستقبل الاوضاع في لبنان والمنطقة، خصوصاً أنّ الازمة السورية ستكون من أبرز مواضيع البحث بين الجانبين، وهي أزمة يتلقى لبنان كثيراً من تداعياتها وأبرزها عبء النازحين المتفاقم والذين يقرب عددهم من المليونين. لم يكن متوقعاً خروج جلسة مجلس الوزراء أمس، التي تناولت في جانب منها أزمة النازحين، بأكثر ممّا خرجت به، ولا ان تتخذ قرارات مصيرية في شأن ملفات نارية من شأنها ان تطيح بالبلاد واستقرارها. لكنّ المواقف السياسية خلالها لم تكن عادية، إذ مرّر خلالها كل فريق ما يدور في فلك خطه السياسي لتسمع الكنّة والجارة معاً.
فقد حازت أزمة النزوح السوري على القسط الاكبر من البحث خلال جلسة مجلس الوزراء، فأدلى كل فريق بدلوه، وأعادت النقاشات منظومتي 8 و 14 آذار الى الاذهان لجهة التعاطي بالملف السوري، فانقسم مجلس الوزراء بين رافض ايّ شكل من التواصل مع الحكومة السورية في شأن النازحين، وتصدّر الرافضين وزراء تيار «المستقبل» و«القوات اللبنانية» و«الاشتراكي»، وبين مؤيّد هذا التواصل لأنّ الحل الأنسب والأسرع يكون بالتنسيق مع الجانب السوري، وتصدّر المؤيدين وزراء «حزب الله» وحركة «امل» والحزب السوري القومي الاجتماعي وتيار «المردة».
وعلمت «الجمهورية» انّ النقاشات التي حصلت ظلت مضبوطة ولم تتحول سجالات حادة، خصوصاً في ملفّي النزوح وإطلاق النار العشوائي. وقالت مصادر وزارية لـ«الجمهورية» انّ المجلس تجنّب وسيتجنّب ايّ تفجير يمكن ان تحدثه مقاربة الملفات الخلافية، وهذا الامر متّفق عليه من الآن وحتى الانتخابات النيابية.
وكان رئيس الجمهورية ميشال عون واضحاً في اكثر من مكان عندما يصل فيه النقاش الى طريق مسدود بترك الملف في عهدته للمعالجة، وهذا ما لمّح اليه ايضاً رئيس الحكومة سعد الحريري عندما ابلغ الى المجلس «اننا اتّفقنا من البداية على وضع الملفات الخلافية جانباً حتى لا تؤثر في عمل الحكومة واستقرارها».
وفيما كان متوقعاً إثارة ملف الكهرباء والالتباس حول النص الذي رفع الى ادارة المناقصات، وبينما كان يستعد الوزراء لبدء الجلسة فوجئوا بأنّ الأمين العام لمجلس الوزراء فؤاد فليفل أعلن انه صحّح الخطأ وأعاد صَوغ النص بما يتطابق وقرار المجلس وأرسله الى الادارات المختصة.
وكان واضحاً انّ اتفاق ما حصل بين عون والحريري على استئناف التعيينات والتحضير لها ولكن ليس وفق الآلية المعتمدة، وهذا الامر أثير خلال الجلسة حيث طلب كل منهما الاسراع في تحديد الشغور والطلب من الوزارات تقديم الاقتراحات في شأنها.
فسأل بعض الوزراء عن الآلية وهل سيُستغنى عنها؟ فكان الجواب أنّ اعتمادها يمكن ان يؤخّر التعيينات في الفترة القصيرة من عمر الحكومة. فاعترض الوزيران علي حسن خليل ومحمد فنيش وطلبا الابقاء على اعتماد الآلية.
وتوقف متابعون لمناقشات وقرارات مجلس الوزراء عند النقاط الآتية:
1- حرص عون على ترسيم حدود الصلاحيات من خلال تشديده على تطبيق الدستور، لا سيما المادة 52 منه، حيث أكد أنه يرفض توقيع اي مرسوم يتعلق باتفاقات خارجية من أي نوع كان ما لم يكن قد درسه واطَّلع على تفاصيله ودقائقه.
واللافت أنّ هذا الموقف يصدر قبَيل سفر رئيس الحكومة الى واشنطن وباريس وموسكو. ومعلوم أيضاً انّ وزارات تَعقد اتفاقات ذات طابع دولي مع دول أخرى تحت تسمية «البروتوكول» من دون المرور في مجلس الوزراء، في حين أنها عملياً اتفاقات دولية.
2 – فيما مَحض عون دعمه الكامل والمطلق للجيش، طالب الحريري بالتحقيق في وفاة 4 موقوفين سوريين لدى الجيش في المستشفى لكشف ملابسات حصول الوفيات. وأدّى هذا التباين الطفيف إلى أن يحسم المجلس الموقف بتوصية جاء فيها: «انّ أي صوت يشكّك بصدقية دور الجيش مرفوض».
3- كشف مجلس الوزراء أنّ معالجة الهدر في المراكز الجمركية بدأت تعطي نتائج، حيث كشفت الأرقام أنّ واردات الرسوم الجمركية خلال 80 يوماً زادت بنسبة 6,4% على رغم تراجع حركة الاستيراد من الخارج.
4- برز في الجلسة إجماع على وجود تقاعس في أداء القضاء وارتفاع نسبة التدخل السياسي في شؤونه، ما حتّم طلب الحكومة من الهيئات القضائية تحمّل المسؤولية وتسريع المحاكمات ورفض التدخلات والتشدد في القبض على المطلوبين.
5- كشفت مناقشات مجلس الوزراء تشكيكاً في إقرار الموازنة بسهولة إذ لا تزال أطراف حكومية ونيابية تربطها بمسألة قطع الحساب التي دعا الحريري إلى مقاربتها من منطلق توافقي، لافتاً الى انّ ثمة تلازماً بين مقاربة مواضيع الموازنة والاصلاحات وسلسلة الرتب والرواتب للحؤول دون زيادة العجز المالي للدولة.
6- أكد مجلس الوزراء مجدداً وجود خلاف قوي في ملف النازحين على مستويين: خلاف بين مكوّناته حول مقاربة الملف، وآخر بين الدولة اللبنانية والامم المتحدة التي كررت بلسان منسقتها الخاصة في لبنان سيغريد كاغ ونائبها فيليب لازاريني أنّ «أي عودة للاجئين إلى بلادهم يجب أن تكون طوعية وفي ظروف تَتسِم بالسلامة والكرامة»، وقالت: «من المستحيل الاجابة الآن عن إمكانية وجود مناطق يمكن أن يكون اللاجئون مستعدون للعودة إليها في المستقبل القريب. ويبدو أننا لا نزال بعيدين عن هذا المستوى، لأنّ الوضع لا يزال هشّاً جداً والنزاع مستمر».
ورأت مصادر وزارية انّ موقف الامم المتحدة يلتقي مع موقف فريق في الحكومة ضد موقف فريق آخر، ما يضع الحكومة اليوم أمام مسؤولياتها. ورجّحت ان يتمّ تشكيل لجنة وزارية مصغّرة للبحث في الامر، في وقت انّ المفاوضات مع النظام السوري جارية على قدم وساق عبر القنوات الامنية والعسكرية، علماً انّ دفعة من العائلات السورية المقيمة في مخيمات عرسال عادت الى بلداتها منذ اسبوعين بالتنسيق مع النظام السوري، وتستعد دفعة ثانية للعودة.
خليل
وكشف خليل لـ«الجمهورية» انه طلب من مجلس الوزراء تخصيص جلسة استثنائية لبحث الوضعين المالي والاقتصادي، وقال: «شددنا على الالتفاف حول الجيش وعدم السماح بخروق تؤثر على مسار عمله، وطالبنا بالتشدد أكثر في الاماكن التي تشهد تقصيراً من الاجهزة الامنية وخصوصاً في بعلبك ـ الهرمل».
وأكّد وجوب مقاربة ملف النازحين «من باب المصلحة الوطنية التي تفرض علينا التواصل مع الحكومة السورية، ولا يجب ان يكون هناك قنوات مقطوعة بيننا وهذا الامر لمصلحتنا قبل مصلحة الجانب السوري، خصوصاً انّ علاقات ديبلوماسية تربط البلدين، والسفير السوري معترف به ويقوم بزيارات رسمية. فالواقع يقول إننا نعاني أزمة كبيرة اسمها ملف النازحين ويجب البحث في كل السبل لمعالجتها».
حمادة
وقال الوزير مروان حمادة لـ«الجمهورية»: «نحن مع عودة آمنة للنازحين وليس قسرية وفق الأصول الدولية، ولن نقبل أن ينتقل النازحون الى السجون السورية».
«القوات»
وقالت مصادر «القوات اللبنانية» لـ«الجمهورية» إنه «على رغم حماوة المواضيع المطروحة في الجلسة فإنّ النقاش حافظ على هدوئه المعتاد، وتحديداً في ملفي اللاجئين وكلام السيد حسن نصرالله، فيما سارع الأمين العام لمجلس الوزراء إلى تصحيح ما كنّا طالبنا بتصحيحه في ملف الكهرباء من خلال العودة إلى ما أعلن في البيان الرسمي لجهة إحالة الملف إلى إدارة المناقصات».
وأشارت المصادر الى انّ الوزير بيار بوعاصي أظهر موقف «القوات» لجهة ضرورة عودة النازحين إلى سوريا التي بات الوضع فيها يسمح بذلك، رافضاً ايّ تنسيق مع دمشق، ومتسائلاً: هل علينا ان ننسّق مع «داعش» و«النصرة» لإعادة اللاجئين إلى المناطق الخاضعة لسيطرتهم؟ ومعتبراً انّ قرار عودتهم هو لبناني صرف، والحكومة اللبنانية هي التي تقدِّر الوضع.
وأمّا لجهة كلام نصرالله فقاطع الحريري بوعاصي قائلاً: «انّ هذا الموضوع هو من المواضيع الخلافية التي يجب نقاشها خارج المجلس»، لكنّ بو عاصي أصرّ على موقفه معتبراً «انّ الكلام عن فتح الحدود يشكّل انتهاكاً للسيادة وانتقاصاً من دور الدولة وتهديداً لأمن لبنان واللبنانيين»، ومؤكداً انّ «الحدود من مسؤولية الدولة حصراً».
واعتبر «انّ التهجّم على السعودية يُسيء إلى دولة صديقة، ويهدد العلاقة اللبنانية-السعودية، ويضرّ بلبنان، ويعرِّض مصالح اللبنانيين في السعودية للخطر».
وردّ الوزير محمد فنيش على بوعاصي معتبراً «انّ موقف السيد نصرالله فُهم خطأ، والمقصود أنه في حال حصول اي مواجهة لن تكون محصورة بلبنان بل مفتوحة على العالم الاسلامي، وان موقف الحزب سياسي بامتياز ولا يلزم أيّ طرف به»، وقال «إذا كان هناك من يعتبر انّ التهجّم على السعودية يؤذي المصالح اللبنانية، فنحن نعتبر بدورنا انّ التهجّم على سوريا يؤذي مصلحة لبنان».
الجيش والتشويش
في هذا الوقت، تواصلت تفاعلات العملية العسكرية التي نفّذها الجيش في مخيمات النزوح في منطقة عرسال، وكان اللافت في هذا المجال استمرار بعض السياسيين في التباكي على تلك المخيمات على رغم ثبوت أنها تشكّل مأوى للارهابيين، متجاهلين الانجاز الذي تحقق بهذه العملية خصوصاً لجهة إحباط عمليات إرهابية خطيرة كانت ستطاول مختلف المناطق.
واستغربت جهات معنية «محاولة التشويش على هذا الانجاز والتعمية عليه عبر تعمّد إثارة مسائل إنسانية تضع الجيش في موقع الاتهام، وتعذيب الموقوفين الذين قُبض عليهم خلال العملية، ونشر أرقام كبيرة عن وفيات حصلت نتيجة التعذيب».
وقالت مصادر أمنية رفيعة لـ«الجمهورية»: «انّ بيان قيادة الجيش ـ مديرية التوجيه أوضحَ الصورة بكاملها، وأشار الى حصول 4 وفيات هم: مصطفى عبد الكريم عبسة، خالد حسين المليص، أنس حسين الحسيكي وعثمان مرعي المليص».
وأكدت «انّ عدد الوفيات 4 وليس اكثر، وسبب الوفاة هو نتيجة أزمة قلبية، وهو ما يؤكده الاطباء الذين كشفوا على الجثث الـ4 اضافة الى الكشف على سائر الموقوفين الذين تبيّن انّ من بينهم 7 يعانون مشكلات صحية وأحيلوا الى مستشفيات مدنية، فيما سُلّمت جثث الـ4 الى ذويها».
وأكدت المصادر «انّ كذبة تعذيب هؤلاء يدحضها اولاً وضعهم الصحي، وثانياً انّ هؤلاء لم يكونوا قد خضعوا للتحقيق بعد». وقالت إنّ عملية الجيش «لم يكن هدفها فتح معركة مع النازحين بل توقيف مطلوبين بناء على معلومات دقيقة تفيد عن تحضير لتنفيذ عمليات إرهابية في مناطق عدة».
ولفتت الى انّ الوحدات العسكرية «فوجئت خلال تنفيذ العملية بحجم ردّة فعل الإرهابيين ونوعيتها، وذلك من خلال تفجير مجموعة من الانتحاريين أنفسهم بين عائلاتهم، ما أدى الى مقتل فتاة كان يتولى احد العسكريين حمايتها خلال التفجير، وأصيب هذا العسكري في عينيه، مع التأكيد أنه خلال تلك العملية لم يتعرض أي مدني في تلك المخيمات للأذى من الجيش، علماً انّ 19 جريحاً سقطوا في صفوفه».
وأكدت المصادر انّ الجيش «يتعاطى مع ملف تلك المخيمات بحكمة استثنائية ومن دون أي خطوات متسرّعة، ولو كان في نيّته أذية المدنيين لكان انتهى من موضوع الجرود منذ زمن بعيد، فما يؤخّر ذلك حتى الآن هم المدنيون. وما يجب ان يكون معلوماً لدى الجميع، وخصوصاً تلك الاصوات المتباكية، هو انّ تلك المخيمات تشكّل بيتاً آمناً للإرهابيين، فمن بين الـ330 موقوفاً بيّنت التحقيقات التي بدأت معهم وجود 38 من الرؤوس الكبيرة والخطيرة في «داعش» و«النصرة» وبعضهم له مراكز قيادية عالية في هذين التنظيمين الارهابيين، ما يعني انّ الخطر جاثم هناك، وهذا دليل اضافي على انّ عملية الجيش كانت اكثر من ضرورية».
وتوجّهت المصادر الى الجميع بالقول: «لا يجوز التصويب على الجيش في موضوع الوفيات الـ4، وهي وفيات طبيعية نتيجة ظروف صحية لا علاقة للجيش بها، وتَناسي الانجاز الذي تمّ.
فعندما دخل الجيش فوجىء بعدد الانتحاريين وبحجم العبوات الناسفة المزروعة قديماً وحديثاً في المنطقة، ولو لم يكتشفها، وكانوا على وَشك تفجيرها، لحصلت مجزرة فظيعة.
واكتشف غرفة من «الباطون المسلح» كان يستخدمها الارهابيون لصنع العبوات الناسفة، كلّ ذلك يؤكّد الخطورة التي تمثّلها تلك المنطقة، وتخيّلوا لو انّ هذه العملية العسكرية لم تحصل، وانّ تحضيرات الارهابيين كانت جاهزة للتنفيذ ونجح الارهابيون والانتحاريون في التسلل الى الداخل اللبناني، فماذا ستكون النتيجة في هذه الحال؟ يجب النظر الى هنا وليس الى أيّ مكان آخر».
الأخبار
السفير السوري لـ«الأخبار»: نرفض الوساطة مع لبنان لحلّ أزمة النزوح
عبّاس ابراهيم «موفداً رئاسياً» إلى دمشق؟
«المحمّدان» لقطر: الاستسلام … أو حرب مفتوحة
يُخَيَّل إلى من استمع إلى النّقاش في جلسة مجلس الوزراء أمس حيال أزمة النازحين السوريين، أَنَّ تمترس اللبنانيين خلف الاصطفافات السياسية، لا يزال على حاله منذ اندلاع الأزمة السورية، من دون مراعاة لأي واقعية، ولمصلحة لبنان المهدّد بفعل أزمة النزوح السوري.
وعلى الرغم من عبور الدول الداعمة للجماعات المسلّحة في سوريا فوق إمكانية إسقاط نظام الرئيس بشّار الأسد، وانشغالها بالتقاتل فيما بينها ولملمة أزماتها الداخلية المتفاقمة، لا يزال في لبنان مَن يرهن خياراته السياسية لمصلحة اصطفافات خارجية، أثبتت أن بعضها يملك أجندات هدّامة للواقع اللبناني، وتحديداً باستخدام ورقة النزوح السوري. وزيرٌ مثل وزير الدولة لشؤون النازحين معين المرعبي، لا يحتاج من يشرح له الأزمات التي يعانيها النازحون السوريون، ولا تلك التي يعكسها النزوح على الواقع اللبناني، اجتماعياً واقتصادياً وأمنياً وعلى البنية التحتيّة الضعيفة أصلاً.
في جلسة مجلس الوزراء أمس، لم يجد المرعبي ردّاً على وزير الدولة علي قانصو، الذي قدّم مداخلة حول رؤية الحزب السوري القومي الاجتماعي وحلفائه لحلّ أزمة النزوح، سوى القول إن «الحكومة لا تريد منح الشرعية للأسد». لاقاه الوزير مروان حمادة الذي قال: «إننا لا نستطيع الحوار مع النظام»، بعد أن كان رئيس الحكومة سعد الحريري، قد افتتح النّقاش في الجلسة، بإشارة إلى ضرورة طلب لبنان المساعدة من الدول المانحة ومن الأمم المتّحدة لدعمه في حلّ أزمة اللّجوء. والطرح ليس حكراً على الحريري وحده، بل على أطراف ما كان يسمّى فريق 14 آذار، بالطلب من الأمم المتّحدة لعب دور الوسيط مع سوريا والمساعدة على حلّ الأزمة، وهو موقف حزب القوات اللبنانية أيضاً، الذي عبّر عنه وزير الشؤون الاجتماعية بيار أبي عاصي، وكرّره الوزير ميشال فرعون في جلسة أمس.
ثمّة معلومات لا بدّ من ذكرها للحرصاء على «لبنان الكيان»، في مقارنة موقف دول أخرى معادية للحكومة السورية مع موقف لبنان، جار سوريا، الذي يشترك معها بأطول حدود بريّة، ويرتبط أهلها بأهله بالقربى والعادات والتقاليد والمصير المشترك، واقتصاده باقتصادها وأمنه بأمنها.
منذ أكثر من سنتين، باتت ثمّة قناعة لدى دول أوروبية عديدة، تعاني أقلّ بكثير ممّا يعانيه لبنان من أزمة النزوح، بأن الواقعية والمصلحة الوطنية لهذه الدول، تغلب على الموقف السياسي. ومن بين هذه الدول، غالبية دول أوروبا الغربية والدول الإسكندنافية ودول عديدة على ساحل المتوسّط. وهذه الدول، على الرغم من المواقف العلنية المعادية لدمشق، إلّا أن بعضها فتح خطوط تواصل دبلوماسية وأخرى تعمل على فتح خطوط تواصل دبلوماسية مع الحكومة السورية، إلى جانب خطوط التواصل الأمنية، والتي لم تُقطع بغالبيتها. ومن يزر العاصمة دمشق، يرَ الحياة عادت لتدبّ في سفارات دولٍ لا تزال تقول شيئاً في العلن، وتفعل عكسه على أرض الواقع. وفيما لا تزال سوريا ممثّلة في الأمم المتّحدة وفي المنظمات الدولية كافة، لا تزال المنظومة الدولية تتعامل مع «حكومة الأسد» على أنها الحكومة الشرعية، ليس في السياسة والقانون الدولي فحسب، بل في الشهادات التعليمية ووثائق السكن والسفر والولادة والزواج، وحتى في إفادات «حسن السلوك» للمواطنين السوريين. وبالتالي، لا تنتظر الحكومة السورية، الشرعية من المرعبي ولا من حمادة، بحسب رد قانصو عليهما في مجلس الوزراء أمس.
التحوّل الدولي ليس نتيجة لثبات الدولة السورية وحسب، بل أيضاً بسبب حاجة تلك الدول إلى حماية نفسها من أزمة النزوح بما يؤمّن مصالحها الوطنية، بعيداً عن المواقف السياسية.
وليس بعيداً عن لبنان، ثمّة دول عربية، بينها مصر وتونس وعُمان، أعادت وصل ما انقطع مع الحكومة السوريّة. وإذا أمعن تيار المستقبل وغيره في مواقف بعض الدول العربية التي تناصب الأسد العداء، يرى أن هذه الدول لا تزال تتعامل مع مؤسسات الدولة السورية على أنها الشرعية الوحيدة الموجودة.
وبالحديث عن طلب وساطة الأمم المتّحدة، لا بدّ من الإشارة، بحسب مصادر سورية رفيعة المستوى، إلى أن «لدى مؤسسات الأمم المتحدة أيضاً أولويات أخرى، ليس من بينها إعادة النازحين السوريين من لبنان، كما أن المعلومات تؤكّد نيّة الدول المانحة خفض قيمة المساعدات المقدّمة في العديد من الدول للنازحين السوريين، ما يصعّب المشكلة ويعقّد الأزمات».
وفيما أكّد الوزراء قانصو وعلي حسن خليل ومحمد فنيش وحسين الحاج حسن ويوسف فنيانوس في جلسة أمس أنّ من الصعوبة أن يعود النازحون من دون تنسيق مع دمشق، قال السفير السوري في لبنان علي عبد الكريم علي لـ«الأخبار» إن «سوريا لن تقبل بالوساطات، بل بالتواصل الرسمي لحلّ هذه الأزمة التي تهدّد لبنان». وذكّر علي بأن «بعض الأطراف اللبنانية التي ترفض التنسيق مع سوريا اليوم، هي مسؤولة إلى حدٍّ كبير عن التغرير بالنازحين السوريين ودفعهم إلى ترك سوريا، لاستخدامهم كورقة ضغط ضد الحكومة السورية».
كذلك فإن أطرافاً في الحكومة اللبنانية، سبق لهم أن اتهموا منظمات الأمم المتّحدة وبعض الدول الداعمة، بالرغبة في إبقاء النازحين السوريين في لبنان، والعمل على مشاريع اقتصادية طويلة الأمد، بدل العمل على إعادتهم، وبأن بعضهم يملك أجندات تتعلّق بتوطين النازحين السوريين في لبنان، وهو ما أشار إليه مراراً الوزير جبران باسيل. وبالتالي، كيف يمكن التعويل على وساطة الأمم المتّحدة إذا كانت لدى أطراف في الحكومة هذه الشكوك؟
وفيما تطرح القوات اللبنانية نظرية سجالية حول أن «النازحين الموالين للنظام السوري يمكن أن يعودوا إلى مناطق النّظام، والمعارضين إلى مناطق المعارضة»، متحدّثة عن إقامة مناطق آمنة، من دون طرح آلية لذلك، تشير الإحصائيات إلى أن غالبية النازحين أتوا من مناطق انتهت فيها المعارك أو على وشك النهاية، وحصلت فيها مصالحات واسعة، وبدأت في بعضها ورشات إعادة الإعمار. وتقول مصادر سورية لـ«الأخبار» إنّ «على الأطراف اللبنانية المعادية لسوريا أوّلاً التخفيف من تخويف النازحين من دولتهم، فالدولة عقدت مصالحات مع أفراد حملوا السلاح ضدّ الجيش وقبلت بتسوية أوضاعهم لإنهاء القتال في مناطق واسعة شهدت المعارك، وبالتالي الدولة تقبل عودة جميع مواطنيها وتسوية أوضاعهم. كذلك فإن الدولة السورية لديها أولوياتها في الحلّ، وهي إعادة النازحين داخل سوريا إلى بيوتهم، ولاحقاً عودة السوريين من الخارج».
وأمام الانقسام، لم يكن أمام رئيس الجمهورية ميشال عون سوى تأجيل النّقاش في الحكومة، علماً بأن تكتّل التغيير والإصلاح كان قد أكّد في بيانه قبل يومين، أنه لا مانع من التواصل مع الدولة السورية لحلّ أزمة النازحين.
فهل يعطّل الانقسام اللبناني عودة النازحين السوريين إلى بلادهم؟ أم ينتظر المعترضون على التواصل مع الدولة السورية، تغير الموقف السعودي ليتسابقوا على زيارة دمشق كما حصل في السابق؟.
عبّاس ابراهيم «موفداً رئاسياً» إلى دمشق؟
رغم أن التباين الحاد داخل الحكومة، أمس، حول التواصل مع دمشق للبحث في ملف إعادة بعض النازحين السوريين إلى بلدهم، دفع رئيس الجمهورية العماد ميشال عون إلى إنهاء النقاش ووضع الملف في عهدته، علمت «الأخبار» أن اتفاقاً بين مختلف الأطراف السياسية بات «شبه ناجز» على حتمية الحوار مع الجانب السوري وعلى شكل هذا الحوار وقناته (مقال وفيق قانصوه).
وفي المعلومات أن هناك توجهاً لتكليف المدير العام للأمن العام اللواء عباس ابراهيم بتولي التنسيق السياسي مع الحكومة السورية في ملف النازحين، ليس بصفته الأمنية، وإنما بصفته موفداً رئاسياً ممثلاً لرئيس الجمهورية، فيما تستمر الحكومة في سياسة النأي بالنفس، على أن توافق لاحقاً على الحلول التي يتوصل اليها «الموفد الرئاسي» الذي يتمتع بعلاقات جيدة مع مختلف الأطراف المحلية والخارجية المعنية بالأزمة.
وفيما قالت مصادر إن رئيس الحكومة سعد الحريري لم يعطِ موافقته بعد على هذا المخرج الذي قد يعفيه من الحرج أمام الرياض الرافضة أي تواصل سياسي مع دمشق، أكدت المعلومات أن هذه الصيغة «نالت موافقة كل القوى السياسية». وذكّرت بتصريحات رئيس الحكومة في الشهرين الماضيين عن أن لبنان لم يعد في وسعه تحمّل عبء النازحين، مشيرة إلى تصاعد التوتر الاجتماعي أخيراً في مناطق النزوح، خصوصاً تلك الخاضعة لنفوذ تيار «المستقبل» في عكار والاقليم وعرسال والبقاع الأوسط وغيرها، ما يجعل من أي حل لهذا الملف، ولو جزئياً، مصلحة «مستقبلية». ولفتت في هذا السياق الى أن العملية الأمنية التي نفّذها الجيش الأسبوع الماضي في جرود عرسال لم تلق أي ردود فعل شعبية معارضة، سواء في عرسال أو في مناطق أخرى محسوبة على «المستقبل»، على نحو ما كان يحصل سابقاً. وشدّدت المصادر على أن في حل هذا الملف «مصلحة للجميع خصوصاً في ظل الأوضاع الأمنية والاجتماعية والاقتصادية الضاغطة»، مشيرة الى أن الحلول غير مستحيلة. إذ إن المناطق الحدودية مع لبنان التي أتت منها غالبية النازحين، وكذلك المدن الرئيسية، باتت آمنة مع استعادة الدولة السورية سيطرتها عليها، ومع بدء محادثات مع شركات صينية للمباشرة في إعادة اعمار بعض المناطق، ومع تراجع موجات النزوح الداخلي بين المناطق السورية نفسها. بل إن الأمم المتحدة أعلنت الأسبوع الماضي عودة نحو 500 ألف نازح إلى منازلهم، حوالى 90 في المئة منهم كانوا مهجَّرين داخل سوريا.
المصادر المحسوبة على حزب الله والتيار الوطني الحر وحركة أمل وحلفائهم شدّدت على أن التواصل السياسي مع دمشق «أمر حتمي، خصوصاً أن التواصل قائم بين البلدين على المستويين الأمني والعسكري»، مشيرة الى أن المطالبة بحصر مهمة التنسيق في هذه العملية بالأمم المتحدة كما دعت كتلة المستقبل النيابية يعني تعقيد الأمور لا حلها، لأن هذه المنظمة الدولية معنية أساساً بالضغط على دمشق بورقة النازحين، عبر تشجيعهم على البقاء في المناطق التي لجأوا اليها، استباقاً لأي حل سياسي لاحق يتضمن إجراء انتخابات رئاسية. إذ تدرك الأمم المتحدة والدول الفاعلة فيها أن إبقاء خمسة ملايين نازح خارج سوريا «ثروة» لا ينبغي التفريط بها في أي انتخابات رئاسية سورية مقبلة.
مليون و752 ألف نازح
مليون و752 ألفاً و468 نازحاً هو عدد النازحين السوريين المسجّلين لدى المفوضيّة السامية للأمم المتّحدة لشؤون اللاجئين في لبنان (UNHCR) حتى آذار 2017. رقم مخيف، إذا ما قورن بأعداد اللبنانيين القاطنين في لبنان، والذي لا يتجاوز أربعة ملايين ونصف مليون مواطن لبناني. كذلك، لا تشمل أرقام المفوضيّة جميع النازحين الموجودين في لبنان، وفي أحسن الأحوال تطاول الإحصائيات 80% منهم، أي إن الرقم يناهز المليونين. وعدد المخيّمات «غير الشرعية»، أو تلك القائمة على مشاعات أو أراضٍ تعود ملكيتها للدولة أو البلديات، يبلغ نحو 6300 مخيّم، يراوح عدد الخيام فيها ما بين خيمة واحدة و56 خيمة، ويراوح عدد قاطني الخيمة الواحدة ما بين أربعة أفراد إلى 10.
«المحمّدان» لقطر: الاستسلام … أو حرب مفتوحة
أغلقت دول مقاطعة قطر، يوم أمس، الباب على أي مفاوضات بشأن قائمة المطالب التي تقدمت بها إلى الدوحة. مختصر ما نقلته تلك الدول عن «المحمدين»، ابن سلمان وابن زايد، في ختام اجتماعها الرباعي: إما تُنفّذ قطر المطالب كاملة، وإما الحرب المفتوحة. «حربٌ» يُتوقع أن تبدأ أولى خطواتها المقبلة عقب الاجتماع المنتظر لوزراء خارجية السعودية والإمارات والبحرين ومصر في المنامة. وفي انتظار ما ستعلنه عواصم المقاطعة في الأيام المقبلة، يبقى الموقف الأميركي محور تكهنات وافتراضات
لا مجال للتفاوض إذاً. هذا ما أعلنه، يوم أمس، البيان الختامي الصادر عن الاجتماع الرباعي في القاهرة. كل التكهنات التي جرى الحديث عنها بشأن «تليين» قائمة المطالب السعودية الإماراتية، والاقتصار منها على ما يمكن تنفيذه دون أن يظهر كعملية «تهشيم» لقطر، جاء بيان وزراء خارجية الدول المقاطِعة لينسفه، رافضاً الرد القطري جملة وتفصيلاً، متوعداً بمزيد من الإجراءات العقابية ضد الدوحة.
إجراءات لا يُستبعد أن يكون الاجتماع الذي عُقد الثلاثاء في العاصمة المصرية، عشية اجتماع وزراء الخارجية، بين رؤساء استخبارات عواصم المقاطعة، قد بحثها. وهو ما ينذر بأن الخطوات المقبلة قد تنصب على «إثارة القلاقل» في الداخل القطري، توطئة لتغييرات في تركيبة الحكم، تتلاءم وما تطمح إليه الرياض وأبوظبي. كذلك، يبعث الاجتماع الاستخباري برسائل «غير ناعمة» إلى قطر، تنبّهها إلى أن الدول المقاطِعة باتت على استعداد لقطع شعرة معاوية، وخوض غمار نزاع لا يُعلم إلى أين سيفضي.
في تفاصيل البيان، بدت لافتة اللهجة التصعيدية التي لم تفارق ما صيغت به قائمة المطالب. إذ أعادت التشديد على ضرورة مبادرة قطر في تنفيذ «بنود الفرمان» من ألفها إلى يائها، وذلك بإيراد نقاط لن ترى فيها الدوحة، مرة أخرى، إلا سوقاً لها إلى الرضوخ ورفع الراية البيضاء، من قبيل «الامتناع عن التدخل في الشؤون الداخلية للدول، ودعم الكيانات الخارجة عن القانون» في إشارة إلى علاقة قطر بـ«الإخوان المسلمين»، و«إيقاف كافة أعمال التحريض وخطاب الحض على الكراهية أو العنف» في إشارة إلى قناة «الجزيرة»، و«التزام كافة مخرجات القمة العربية الإسلامية الأميركية التي عقدت في الرياض في (أيار) 2017»، في إشارة إلى علاقة الدوحة بإيران.
اللافت أيضاً، أن توصيف البيان للرد القطري جاء حاداً وقاطعاً وغير قابل للتأويل، حيث دمغه بـ«السلبية» و«التهاون» و«عدم الجدية في التعاطي مع جذور المشكلة»، وهذا ما يغلق الباب أمام مراهنات الدوحة على إمكانية فتح قناة تفاوض حول «الجزء الجاد» من قائمة المطالب، من مثل استضافة رموز من «الإخوان»، وخطاب قناة «الجزيرة»، ومستوى العلاقات مع إيران، والتحويلات المالية (حُكي عن تباحث في صيغة توافقية تقوم قطر بموجبها بطرد القيادات الإخوانية من أراضيها، وتلطيف خطاب «الجزيرة»، وخفض مستوى العلاقة بطهران، وإرساء آلية لمراقبة التحويلات المالية). يعزز وجود تلك النيات لدى واضعي البيان التصريح الذي صدر عن وزير الدولة للشؤون الخارجية الإماراتي، أنور قرقاش، عقب الاجتماع، عندما قال إن «أهم ما حققه المؤتمر الصحافي هو عدم الوقوع في فخ التفاوض، وإعادة توجيه الأمور للهدف الرئيسي الذي حاولت قطر إبعادنا عنه وهو الحرب على الإرهاب»، معتبراً أن «الدوحة راهنت على بازار الوساطة وتفكيك النصوص»، مقدّراً أن «الأزمة ستطول وستضر قطر وموقعها وسمعتها».
يُضاف إلى ذلك حديث البيان عن «عدم استيعاب (قطر) لحجم وخطورة الموقف»، وعن «عدم إمكانية التسامح مع الدور التخريبي الذي تمارسه قطر»، في تلويح مبطن بإمكانية اتخاذ إجراءات أكثر قسوة ضد قطر. تلويح ظهر أكثر وضوحاً في كلمات وزراء خارجية الدول الأربع، التي أعقبت تلاوة البيان من قبل وزير الخارجية المصري، سامح شكري. إذ تحدث وزير الخارجية السعودي، عادل الجبير، عن «إجراءات قادمة» سيجري التشاور بشأنها، و«سنتخذها في الوقت المناسب»، فيما أكد نظيره الإماراتي، عبد الله بن زياد آل نهيان، «(أننا) سنبقى في حالة انفصال عن قطر، إلى أن تقرر قطر تغيير هذا المسار، من مسار الدمار إلى مسار الإعمار». وجزم وزير الخارجية البحريني، خالد بن أحمد آل خليفة، من جهته، «(أننا) سنتخذ قرارات مدروسة وواضحة». ورداً على سؤال عن إمكانية تعليق عضوية قطر في مجلس التعاون الخليجي، ردّ آل خليفة بأن قراراً من هذا النوع «يصدر من المجلس وحده». لكن صحيفة «الوطن» المصرية نقلت، مساءً، عن الوزير البحريني أن مجلس التعاون سيناقش تعليق عضوية قطر في أول جلسة له، دون تحديد موعد لذلك.
ومما برز، أيضاً، خلال المؤتمر الصحافي للوزراء الأربعة، قول وزير الخارجية السعودية، رداً على سؤال بشأن الموقف التركي من الأزمة: «نأمل ونتمنى أن تستمر تركيا على الحياد…». توصيف ينافي، بوضوح، ما أعلنته تركيا، منذ اندلاع النزاع، من تضامن مع قطر، سرعان ما اتخذ مساراً عملياتياً بإرسال أنقرة تعزيزات إضافية إلى قاعدتها العسكرية في الدوحة. كما أن توصيف الجبير يبدو غير ذي معنى، بالنظر إلى أن قائمة المطالب تضمنت إغلاق قاعدة الريان التركية في قطر، وهو ما يعني استهدافاً مباشراً للدور التركي في منطقة الخليج.
عادل الجبير: نأمل ونتمنى أن تستمر تركيا على الحياد
إلا أن السعودية تريد، على ما يبدو، تأجيل النزاع مع تركيا، والسعي في تحييدها عما يجري، أملاً في الاستفراد بالدوحة في المرحلة المقبلة.
على المقلب الأميركي، ظل الموقف مراوحاً بين دعم «مراوِغ» لجهود الحل، وبين تحريض «مبطّن» على قطر. ولم تكد تمرّ ساعات على اختتام الاجتماع الرباعي في القاهرة حتى أعلن البيت الأبيض والرئاسة المصرية أن الرئيس دونالد ترامب أجرى اتصالاً هاتفياً بنظيره المصري، عبد الفتاح السيسي، شدد خلاله الجانبان «على ضرورة مواصلة جهود التصدي للإرهاب، ووقف تمويله، وتقويض الأساس الأيديولوجي للفكر للإرهابي»، في تساوق واضح مع ما تروّج له الدول المقاطِعة في حربها على قطر. في المقابل، جدد وزير الخارجية، ريكس تليرسون، خلال اتصال هاتفي أجراه بأمير الكويت، صباح الأحمد الجابر الصباح، دعم بلاده للوساطة الكويتية لحل الأزمة، في موقف لم يتجاوز، حتى الآن، أقله بحسب ما هو معلن، حدود الفعل الكلامي.
فيلتمان في الكويت… وجونسون يزورها السبت
أعلنت الأمم المتحدة، مساء أمس، أن مدير الشؤون السياسية في المنظمة الدولية، جيفري فيلتمان، يزور الكويت حالياً، لإجراء محادثات حول الأزمة الخليجية. وقال المتحدث باسم الأمم المتحدة، ستيفان دوجاريك، إن فيلتمان «موجود في الكويت حالياً لمناقشة الأزمة المستمرة في المنطقة، وأزمات أخرى مع مجموعة واسعة من المحاورين». ووصل فيلتمان إلى الكويت قادماً من الإمارات، على أن يتوجه إلى قطر في وقت لاحق من هذا الأسبوع. في غضون ذلك، أعلن نائب وزير الخارجية الكويتي، خالد الجار الله، أن وزير الخارجية البريطاني، بوريس جونسون، سيزور الكويت، السبت المقبل، لبحث تطورات الخلاف الخليجي. ونقلت وكالة الأنباء الكويتية الرسمية عن الجار الله تشديده، خلال لقائه وزير الدولة البريطاني لشؤون الشرق الأوسط، أليستر بيرت، على أهمية احتواء الأزمة الخليجية لما لها من «تداعيات كبيرة وخطيرة جداً»، منبهاً إلى أن «هذا الخلاف قد تكون له تداعيات على وحدة وصلابة مجلس التعاون»، وهو «يمثل زلزالاً في كيان هذا المجلس».
اللواء
مجلس الوزراء ينجو من «كمين النزوح»: مقاربة النقاط الخلافية خط أحمر!
عون يستنجد بمحمد الفاتح لوقف الجدل البيزنطي.. والحريري يذكِّر بقواعد التسوية
تجاوز مجلس الوزراء المسائل الخلافية، التي لامست جدول اعماله، وبدا لغالبية الوزراء ان الاقتراب من النقاط الخلافية بمثابة «الخط الأحمر» حرصاً على الاستقرار واستمرار التسوية السياسية، التي أتت برئيس الجمهورية وحكومة «استعادة الثقة» الممثلة لغالبية الكتل والتيارات الطائفية والحزبية.
وبصرف النظر عن الكلام الحاسم للرئيس سعد الحريري بأن لا حاجة لمسألة خلافية من نوع عودة النازحين السوريين تطرح على مجلس الوزراء، وهي بالأساس مسؤولية الامم المتحدة التي عليها ان تضع خطة آمنة لعودتهم. هذا الكلام الذي حسم الجدل، بالاضافة الى كلام الرئيس ميشال عون الذي نوه في مستهل الجلسة بدور الجيش والقوى الامنية، محذرا من تحوّل مخيمات النازحين الى بيئة حاضنة للإرهاب، متوجهاً الى الوزراء بالقول: «إن الجدل البيزنطي يصرف النظر عن الجوهر»..
والسؤال الذي فرض نفسه، لماذا اثارة موضوع اعادة النازحين السوريين اليوم، لا سيما بعد عملية عرسال، واعادة قسم من هؤلاء عبر مفاوضات غير مباشرة كان لحزب الله دور فيها؟
وفي معرض الاجابة، كشف مصدر واسع الإطلاع انه ما يشبه أمر عمليات أفضى بوضع هذا الموضوع على الطاولة من زاوية ان السوريين الذي عادوا بضمانة حزب الله، والتفاهم الذي جرى لم يلتزم به النظام، اذ طالب هؤلاء العائدين الى مناطقهم بالتجنيد الاجباري، والانخراط في الحرب الدائرة لمصلحة النظام، الامر الذي حمل قسم كبير من هؤلاء الى الهرب والعودة الى لبنان، وهذا الامر فرض على الساعين الى عودة النازحين تنظيم العودة باتصالات وتنسيق مباشرين بين الحكومتين اللبنانية والسوري، وهو الأمر الذي يعطي النظام في سوريا ورقة يحتاجها في هذه المرحلة من دون ان تكون هناك ضمانات بأن تجري العودة الى اماكن آمنة في سوريا وبرعاية الأمم المتحدة.
مجلس الوزراء
وبحسب معلومات «اللواء» فإن كل الملفات السياسية الخلافية وغير الخلافية، طرحت في مجلس الوزراء، الذي تحول الى ما يشبه «سوق عكاظ سياسي»، باستثناء بند الكهرباء، رغم انه ملف حيوي يتعلق بحياة الناس وحاجاتهم، بسبب غياب وزير الطاقة سيزار ابي خليل في واشنطن، لكن الرئيس عون فاجأ الوزراء المعترضين على ما كانوا وصفوه «بالتلاعب» في قرار مجلس الوزراء بخصوص احالة ملف استئجار بواخر الكهرباء الى ادارة المناقصات، طالبا من الامين العام لمجلس الوزراء فؤاد فليفل تصحيح القرار بما يتلاءم مع النص الذي تلاه وزير الاعلام ملحم رياشي في حينه، وهكذا كان، وتم سحب هذا الملف «بعملية استباقية».
ومثلما كان متوقعا، او ربما مرسوما للجلسة خاض معظم الوزراء تقريباً، وعلى مدى نحو ساعتين من اصل وقت الجلسة الذي استغرق 4 ساعات في نقاش عقيم حول ملف النازحين السوريين، من دون ان يتوصلوا الى قرار في هذا الشأن، بفعل الانقسام العمودي الحاد بينهم في كيفية حل هذا الملف، الى درجة اعادت الى الاذهان التموضع السياسي القديم بين فريقي 14 و8 آذار، حيث ظهر بوضوح، مطالبة وزراء التيار الوطني الحر وحزب الله والحزب السوري القومي الاجتماعي والمردة بضرورة التنسيق مع النظام السوري، والتفاوض معه لاعادة النازحين السوريين الى المناطق الامنة في سوريا، في حين اعتبر وزراء «المستقبل» والقوات اللبنانية والحزب التقدمي الاشتراكي، ان هذه العودة هي مسؤولية الامم المتحدة، وان الحوار مع النظام السوري يعني الاعتراف به، وهو امر مرفوض.
ولم يخل النقاش في هذا الملف والذي لم يتدخل فيه وزير حركة «امل» من مشادات بين الوزراء، ولا سيما بين الوزيرين ميشال فرعون وعلي قانصوه، انتهى بتدخل من الرئيس عون الذي طلب من الاثنين ان يتوجها اليه في حال أرادا الكلام، بدل الخوض في نقاش بينهما، داعيا الى تفادي الجدال والانصراف الى معالجة الجوهر، مستذكراً واقعة محاصرة محمّد الفاتح للقسطنطينية فيما كان اهلها منشغلين في جدال حول جنس الملائكة.
اما الرئيس الحريري الذي دعا الى وضع المسائل السياسية الخلافية، جانباً، فقد اعتبر ان مسألة التفاوض مع النظام السوري في موضوع عودة النازحين هي من المواضيع الخلافية بين فريق يريد هذا التفاوض وفريق يرفضه، محددا موقفه من هذا المسألة قائلاً: «نحن نريد عودة النازحين السوريين الى بلادهم اليوم قبل الغد، لكننا نعتبر ذلك من مسؤولية الامم المتحدة والمنظمات الدولية التابعة لها، والتي عليها ان تضع خطة آمنة لعودتهم».
دعم الجيش
وكان سبق هذا النقاش تقرير رفعه وزير الدفاع يعقوب الصراف عن العملية العسكرية الاستباقية التي نفذها الجيش في مخيمات جرود عرسال، مقترحاً صدور بيان عن مجلس الوزراء بدعم الجيش في هذا الاطار، فحذر الرئيس عون من تحول مخيمات النازحين الى بيئة حاضنة للارهابيين، مكررا ما كان قد ذكره خلال زيارته الاخيرة لمقر قوى الامن الداخلي عن المخاطر الناتجة عن تمدد الارهابيين، ووجوب التحوط من احتمال انتقالهم الى مخيمات لبنان بعد طردهم من سوريا والعراق، داعيا الجيش والقوى الامنية والشعب الى التعاون من اجل مواجهتهم.
ولفت الرئيس الحريري من جهته الى حادثة وفاة اربعة موقوفين سوريين في المستشفى، لافتا الى ان علامات استفهام اثيرت حول ذلك لا بد من توضيحها من خلال فتح تحقيق يكشف ملابسات ما حصل واعلانه للرأي العام لوضع حد للتساؤلات المطروحة.
وفي ضوء المداولات بهذا الخصوص، اكد مجلس الوزراء «تقديره لدور الجيش وما قام به من عملية استباقية في ملاحقة الارهابيين وعدم تمكينهم من استغلال مخيمات النازحين للقيام بأعمال ارهابية تستهدف امن اللبنانيين وتهديد أمن النازحين». معلنا ان «كل صوت يشكك بصدقية دور الجيش مرفوض»، واعداً «باجراء التحقيقات لتثبت ان الجيش ملتزم التزاما كاملا بواجباته القانونية والانسانية».
واعتبر مصدر وزاري لـ«اللواء» ان مجلس الوزراء حافظ بهذه النتيجة التي توصل اليها، على قواعد التسوية السياسية التي انتجت قيام هذا العهد، وأبقى على ربط النزاع السياسي بين القوى السياسية من خلال تأجيل الخلافات الى حين تكون الاجواء السياسية اكثر هدوءاً ملائمة لاعادة بحث الملف في جولة ثانية، من دون ان يوضع في عهدة رئيس الجمهورية مثلما اقترح بعض الوزراء.
سجال المشنوق – جريصاتي
على ان النقاش الساخن حول ملف النازحين، عاد وتجدد بين وزيري الداخلية والمشنوق والعدلية سليم جريصاتي، على خلفية اطلاق الموقوفين باطلاق النار في المناسبات، اذ شكك جريصاتي بصحة الارقام التي اعلنها المشنوق لعدد الموقوفين الذين اطلقوا من قبل القضاء، واعدا برفع ملف الى مجلس الوزراء خلال 15 يوما بعدد الموقوفين الذين اطلقوا في موضوع اطلاق النار عشوائياً على اعتبار ان التحقيقات تأخذ وقتاً، في حين اوضح المشنوق انه لم يقصد ادانة القضاء، بل انه يريد ان يرفع السياسيون يدهم عن القضاء وعدم التدخل به، معتبرا ظاهرة اطلاق النار في المناسبات عاراً علينا جميعاً وعلى البلد.
وفي السياق، دعا الرئيس عون القضاء، الى لعب دور اساسي في الحد من الفلتان الامني بالتنسيق مع القوى الامنية، فيما اقترح الرئيس الحريري، وضع خطة امنية تلحظ اجراءات امنية وميدانية واستباقية فعالة قد يكون من بينها نزع السلاح من ايدي مرتكبي حوادث اطلاق النار العشوائي، ولفت نظر وزير العدل الى وجوب اعادة النظر ببعض عقوبات السجن المطبقة، لا سيما لجهة التشدد بها لمعاقبة مرتكبي الجرائم الجنائية وعدم تطبيق معيار السنة السجنية عليهم والابقاء عليها بالنسبة الى الجنح والجرائم العادية.
آلية التعيينات وقطع الحساب
واوضحت المصادر الوزارية، ان موضوعات التعيينات الادارية وملء المراكز الشاغرة في وظائف الدولة، وكذلك الموازنة ومسألة قطع الحساب وسلسلة الرتب والرواتب، لم تغب عن الجلسة، في حين ابلغ الرئيس الحريري الوزراء بأنه سوف يزور واشنطن في 22 تموز الحالي للقاء الرئيس الاميركي دونالد ترامب، وانه سيزور باريس في شهر آب وموسكو في ايلول، مثلما أشارت «اللواء» أمس، لافتاً إلى انه سوف يتم تشكيل الوفد التي سترافقه تباعاً.
ولم يطرح على بساط البحث، ومن ضمن جدول أعمال الجلسة الذي يتألف من 92 بنداً، مشروع القانون المعجل المكرر الذي يرمي إلى رفع سن تقاعد السفراء إلى سن 68، أسوة بالقضاة، كما أرجئ بند إنشاء الجامعة الأرثوذكسية لمزيد من البحث من ضمن ملف الجامعات الذي طرحه وزير التربية والتعليم العالي.
وكان الرئيس عون أشار في مداخلته الاستهلالية إلى أهمية إقرار الموازنة ومعالجة مسألة قطع الحساب.
فأوضح الرئيس الحريري ان الموازنة تدرس حالياً في مجلس النواب، وانه لا بدّ من مقاربة مسألة قطع الحساب من منطلق توافقي، مشيراً إلى تلازم بين مقاربة مواضيع الموازنة والاصلاحات وسلسلة الرتب والرواتب للحؤول دون زيادة العجز المالي للدولة.
وفي موضوع التعيينات، رأى الحريري ضرورة ملء الشواغر بعد الاتفاق على أمرين: إما المضي باعتماد الآلية المطبقة منذ أعوام أو أن نعلق العمل بها، طالباً من الوزراء تقديم اقتراحاتهم لدرسها في مجلس الوزراء وفقاً للأصول، لافتاً إلى إنه علينا إتخاذ القرار المناسب في هذا المجال لتنطلق عملية التعيينات.
وأوضح وزير الإعلام ملحم رياشي انه لم يتم حسم موضوع الآلية خلال هذه الجلسة، على أن تعاد دراسته بشكل دقيق خلال الجلسة المقبلة أو التي تليها، لتوضع بعدها التعيينات كبند أساسي على جدول الأعمال.
الانتخابات الفرعية
إلى ذلك، أكدّ الوزير المشنوق المعلومات التي نشرتها «اللــواء» حول اجراء الانتخابات النيابية الفرعية في 10 أيلول المقبل، في كل من كسروان للمقعد الماروني الشاغر بانتخاب العماد عون رئيساً للجمهورية، والمقعدين العلوي بوفاة النائب بدر ونوس، والأرثوذكسي باستقالة النائب روبير فاضل.
البناء
أستانة تنتظر قمة ترامب بوتين الأزمة القطرية إلى التصعيد بلا حسم تأييد أوروبي لأجوبة الدوحة
فنيش لـ«البناء»: سورية لا تحتاج شرعية من أحد قانصو: عدم التنسيق مع سورية استغلال للنازحين
الجيش اللبناني في قلب المواجهة مع الإرهاب… ووسائل الإعلام المموّلة سعودياً تصفه بالميليشيات
لم تنجح لقاءات أستانة في بلوغ التفاهمات التي رغب فيها الأتراك، بتشريع وجودهم العسكري في سورية، تحت عنوان الرقابة على التهدئة، والحصول على غطاء للدخول إلى المناطق التي يسيطر عليها المسلحون الأكراد غرب نهر الفرات شمال حلب في عفرين ومطار منغ وتل رفعت، بعدما ووجهوا بموقف الوفد السوري الذي يرفض تشريع الاحتلال التركي لأراض سورية، ويطالب بإظهار احترام أنقرة للسيادة السورية وإثبات خروجها من ملف العبث بالأمن السوري ودعم الجماعات المسلحة، عبر القبول بنشر مراقبين على الحدود السورية التركية، والإقرار بأنّ أيّ تواجد عسكري في سورية يمرّ بالتفاهم مع الحكومة الشرعية فيها، وبالتنسيق مع جيشها.
تعثّر التفاهم في مناطق التهدئة شمالاً غطّى على الفشل جنوباً الذي تسبّب به الموقف «الإسرائيلي» الذي حملته ميليشيات الجبهة الجنوبية المشاركة والمقاطعة لأستانة على السواء والمتفق على نقطة واحدة أعلنها الجيش «الإسرائيلي» رسمياً وتبعته الجماعات المسلحة ببيان للجبهة الجنوبية، وفي كليهما أولوية إبعاد إيران وحلفائها وفي مقدّمتهم حزب الله عن جنوب سورية أولوية تتفوّق على أولوية التهدئة في بيان الجبهة الجنوبية، وتتقدّم على الحرب على داعش في البيان «الإسرائيلي».
وفقاً للمصادر المتابعة تبدو هذه الجولة من أستانة، عاجزة عن خيارات حاسمة تستدعي موقفاً روسيا لا يريد منح الأتراك دوراً كبيراً بحجم تقليم أظافر الأكراد بكسر الجرة مع الأميركيين عشية قمة الرئيسين الأميركي والروسي دونالد ترامب وفلاديمير بوتين، بينما تدور مباحثات جدية لتسليم الأكراد مناطق سيطرتهم غرب الفرات للجيش السوري، بدلاً من دخول الجيش التركي عليها، بعدما تبلّغ الأكراد من الأميركيين عجزهم عن تقديم الإسناد في مناطق متفق أنها ضمن نطاق العمليات الروسية، وموسكو تفضّل توسيع نطاق انتشار الجيش السوري على توسيع النفوذ التركي بالتأكيد، وفقاً للمصادر، بانتظار قمة ترامب بوتين التي توحي تحضيراتها بتحقيق تقدّم في مقاربة الملفات الخلافية، حسب مصادر دبلوماسية مطلعة جرى إبلاغها بإيجابيات في بعض ملفات المحادثات التمهيدية بين المستشارين.
في الأزمة القطرية السعودية، جاء اجتماع القاهرة باهتاً للردّ على الرفض القطري لشروط الدول المقاطعة بعد اتصال هاتفي للرئيس الأميركي دونالد ترامب بالرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، قالت مصادر معنية إنه تضمّن التمني بتأجيل الإعلان عن خطوات تصعيدية بانتظار لقاءات هامبورغ التي ستجمع ترامب والسيسي على هامش قمة العشرين، خصوصاً بعدما أربكت الأجوبة القطرية على الطلبات المقدّمة من دول المقاطعة الحملة التي برّرت التصعيد. وقالت مصادر مطلعة إنّ الدوحة التي نسّقت أجوبتها مع موسكو وطهران وأنقرة ربطت قطع العلاقات بإيران بقرار من قمة خليجية تلتزمه دول مجلس التعاون، وهو ما ترفضه الكويت وعُمان، وعرضت انضباط قناتَيْ «الجزيرة» و«العربية» بمراقبة لهيئة «بي بي سي» بالتحقق من تطبيقها لقواعد السلوك المهني التي تعتمدها الشبكة، بينما أجابت على مطلب وقف تمويل الإرهاب باتخاذ قرار من دول مجلس التعاون باستقدام مراقبين من وزارة المال الأميركية للتحقق من تحويلات المصارف في دول المجلس عبر التدقيق في الحسابات بواسطة تفاهمات مع البنوك المركزية، وبقي ملف العلاقة بالإخوان المسلمين الذي ربطت قطر معاملة الجماعة كتشكيل إرهابي بإدراجها على لوائح الإرهاب المعتمدة من الأمم المتحدة، وقالت المصادر إنّ الأجوبة القطرية لاقت قبولاً أوروبياً وتشجيعاً على السير بها من الدول المقاطعة واعتبارها أساساً صالحاً لإنهاء الأزمة. وهو ما كان موضوع تشاور ألماني أميركي في اتصال المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل بالرئيس الأميركي دونالد ترامب وتشجيعه على التدخل لوقف التصعيد قبيل اجتماع القاهرة.
لبنانياً، كان اللافت مع نجاحات الجيش اللبناني في الحرب على الإرهاب التي تتخذ منحى التصاعد في جرود عرسال والقلمون، تعرّض الجيش لحملة منظمة شاركت فيها كلّ وسائل الإعلام المموّلة من السعودية في لبنان وخارجه، وصلت حدّ استعمال قناة «الحدث» التابعة لمجموعة قناة «العربية»، وصف الجيش بالميليشيات الفالتة، بينما كانت الحكومة اللبنانية تعجز عن التوصل لتفاهم حول التواصل مع الحكومة السورية لتنسيق آليات العودة للنازحين إلى المناطق التي نزحوا منها وباتت في عهدة الدولة السورية وصالحة لاستقبال أهلها، وفيما ردّ الوزير محمد فنيش في تصريح لـ«البناء» على وزراء تيار المستقبل الذين قالوا لن نمنح شرعية للدولة السورية بالتواصل معها، فقال إنّ سورية لا تحتاج شرعية من أحد فدولتها تستمدّ شرعيتها من شعبها ومن انتصاراتها وكان رئيس الحزب السوري القومي الاجتماعي الوزير علي قانصو قد عرض في اجتماع مجلس الوزراء لخطورة الإحجام عن التواصل مع الحكومة السورية لحلّ عاجل لقضية النازحين، واصفاً هذا التعطيل بالاستثمار في معاناة النازحين ومأساتهم، والاستثمار في نتائج هذه الأزمة سلباً على لبنان واللبنانيين والسعي لبقاء المعاناة في الضفتين طلباً لمكاسب سياسية صغيرة.
خلاف حكومي حول النازحين ولا قرار
لم يخرج مجلس الوزراء الذي عقد جلسته في بعبدا أمس، برئاسة رئيس الجمهورية العماد ميشال عون بقرار حول أزمة النزوح السوري في ظل استمرار الانقسام السياسي بين فريق رئيس الجمهورية ووزراء 8 آذار من جهة، وفريق رئيس الحكومة و14 آذار والحزب التقدمي الاستراكي من جهة ثانية.
وشهدت الجلسة نقاشات حادة بين الوزراء على خلفية المطالبة بالتفاوض مع الحكومة السورية لحلّ مسألة عودة النازحين ولم يتوصل المجلس الى أي اتفاق في هذا الشأن وبقيت الخلافات على حالها بين رأي يطالب بضرورة التفاوض مع الحكومة السورية وآخر رفض أي خطوة في هذا الاتجاه وشدّد على تنسيق الموضوع عبر الأمم المتحدة لحل هذه المسألة.
قانصو: للتواصل فوراً مع سورية
وطرح رئيس الحزب السوري القومي الاجتماعي الوزير علي قانصو خلال الجلسة موقفاً حازماً لجهة حلّ الملف، منتقداً «طريقة التعاطي الخاطئة في مقاربته ومطالباً الحكومة اللبنانية بالمبادرة فوراً للتواصل مع الدولة السورية وطلب التعاون والتنسيق معها لإنهاء أزمة النزوح وحينها تتحمل الحكومة السورية مسؤولية إعادة النازحين الى بلدهم». وأشار قانصو إلى أن محاولة بعض الأطراف عرقلة التواصل مع الحكومة السورية توضع في إطار استثمار هذا الملف، الأمر الذي يحمل البلد أعباءً أمنية واقتصادية واجتماعية لم يعد قادراً على تحملها وما الاعتداء الإرهابي الذي حصل في عرسال الأسبوع الماضي إلا دليل على استخدام البعض ملف النازحين لتغطية الإرهاب».
عون: استمرار الأزمة يُضرّ بمصلحة الدولتين
وحصلت مشادات بين بعض الوزراء حول التواصل مع السلطات السورية وتدخّل رئيس الجمهورية، بحسب ما علمت «البناء» داعياً الى عدم الاختلاف على الخارج في الداخل، مشدّداً على التوافق الحكومي حول عودة النازحين الى دولة المنشأ ومحذراً من أن إبقاءهم في لبنان يُضرّ بمصحلة الشعبين اللبناني والسوري وبالتالي يُضرّ بمصلحة الدولتين».
ولفت عون الى أن «لا قطيعة مع سورية، بل هناك علاقات أمنية مع الدولة السورية عبر الأمن العام، وهناك تبادل تجاري واستيراد للكهرباء وتبادل التمثيل الدبلوماسي، مؤكداً أن لبنان لن يرتاح إلا بعد عودة النازحين الى بلدهم، داعياً إلى وضع خطة تبدأ بكبح جماح النزوح تمهيداً لإنهاء الأزمة بشكلٍ نهائي من دون رفع عناوين خلافية كبيرة».
وحضرت التطوّرات الأمنية الأخيرة، خصوصاً مداهمات عرسال على طاولة مجلس الوزراء بتأكيد الرئيس عون تقديره ودعمه للجيش، وما قام به من عملية استباقية لملاحقة الإرهابيين»، رافضاً «كل صوت يُشكّك في صدقية الجيش»، ومحذراً من «تحوّل مخيمات النازحين السوريين بيئة حاضنة للإرهابيين»، كما دعا «الجيش والقوى الأمنية والشعب إلى التعاون لمنعهم من تنفيذ إجرامهم».
فنيش: من يرفض الحل يتحمّل المسؤولية
وأشار وزير الدولة محمد فنيش الى «أننا طالبنا الحكومة الإسراع في معالجة ملف النازحين عبر التواصل مع الحكومة السورية، وأن من يرفض ذلك عليه أن يقدّم لنا الاقتراحات والبدائل»، وقال فنيش لـ«البناء»: «لم نطرح الملف من زاوية إثارة الخلافات في مجلس الوزراء، وندرك أن كل فريق لديه خلفية سياسية لمقاربة هذا الملف، لكن المشكلة في العدد الهائل من النازحين السوريين في لبنان وجميع المكوّنات الحكومية أجمعت على عبء هؤلاء النازحين وعدم قدرة الدولة على التحمّل، لكن بعض القوى السياسية تتعاطى مع الملف بمنهجية خاطئة لا تخدم مصلحة البلد».
وسأل فنيش: «مَن يرفض التواصل مع السلطات المعنية في سورية فليطرح لنا البدائل؟ هل هي الأمم المتحدة؟ التي تُعتبر جزءاً من المشكلة، وهي تعالج الأمر من خلال التوجّهات السياسية الدولية التي تعمل لإبقاء النازحين كورقة ضغط ضمن حسابات سياسية بينما تدفع الدول المحيطة بسورية الثمن من ضمنها لبنان».
كما تساءل فنيش: ألم يعُد 500 ألف نازحٍ سوري من تركيا؟ لماذا لا يحذو لبنان حذو تركيا، لا سيما أن التطورات الميدانية في سورية تثبت تحرّر مناطق واسعة من حلب الى مضايا والغوطة وحمص وحماه وغيرها؟ وبالتالي أليس الجزء الأكبر من النازحين الموجودين في لبنان هم من تلك المناطق؟ لماذا لا نتواصل مع السلطات السورية لإعادتهم؟
واعتبر فنيش أن «البعض في لبنان لا يريد الخروج من المرحلة السياسية الماضية، مرحلة استخدام النازحين ظناً بأنها تخدم إسقاط النظام في سورية»، وأوضح أن «بعض القوى المحلية تحاول تكبير حجمها والدولة السورية لا تحتاج شرعية من أحد بل تأخذها من الشعب السوري أولاً، ومن الدول الخارجية التي أقرّت بشرعية النظام ثانياً، فضلاً عن وجود علاقات ثنائية بين لبنان وسورية يجب احترامها، فلا يجوز إدارة الظهر للمصلحة الوطنية».
وعن تأييد حزب الله طرح المسألة على التصويت في مجلس الوزراء، لفت فنيش الى أن «الحكومة تحاول قدر الإمكان الابتعاد عن الملفات الخلافية، ولا نريد الدخول في إحراجات في أي ملف يؤثر على الاستقرار الحكومي، بل طرحنا اتفاقاً على ورقة وطنية لحل أزمة النازحين، ومَن يرفض فعليه تقديم اقتراحات غير حلّ الأمم المتحدة التي لديها تجارب غير مشجعة في التعاطي مع المسائل الدولية بخلفية سياسية، لخدمة أغراض الدول الكبرى وبالتالي على الدولة معالجة الملف في إطار مصلحة بلدها».
وأوضح فنيش أن «الدول الأوروبية توقفت عن استقبال النازحين منذ مدة طويلة فهل اتهمها أحد بمخالفة القوانين الدولية؟».
وعن رفض فريق رئيس الحكومة و14 آذار التواصل مع سورية أجاب فنيش: «فليقولواً للشعب اللبناني والنازحين أنهم لا يريدون إعادتهم من خلال التواصل مع الحكومة السورية ويتحمّلوا مسؤولية استمرار الأزمة والتداعيات الناجمة عنها على لبنان».
وفي مؤشر خطير ينبئ بالمزيد من ظهور النتائج السلبية لبقاء النازحين في لبنان ويؤشر إلى ضرورة البحث عن حلول جذرية للأزمة بشكل عاجل، وقع إشكال كبير مساء أمس، في برجا في إقليم الخروب بين عدد من الشبان السوريين وعدد من شبان البلدة تطوّر إلى تضارب بالأيدي واستعمال الزجاج والحجارة ما أدى إلى سقوط جرحى قبل أن تتدخل القوى الأمنية لفضّه.
اعتراض «قواتي» وعون يردّ
واعترض وزراء حزب «القوات اللبنانية» على هجوم بعض الأطراف على السعودية، معتبرين أن هذا من شأنه أن يُضرّ بالعلاقات بين لبنان والسعودية، فردّ الرئيس عون بأن «لا أحد في الحكومة يهاجم السعودية، وكل فريق له رأيه السياسي، لكن في الحكومة مُجمعون على أفضل العلاقات مع الدول العربية ومن ضمنها السعودية».
سجال المشنوق – جريصاتي
وفي مسألة إطلاق النار العشوائي وتخلية سبيل الموقوفين الذين ثبتت إدانتهم في هذا الجرم، وقع سجال حاد آخر بين وزيري العدل سليم جريصاتي والداخلية والبلديات نهاد المشنوق حول التدخل في القضاء، خصوصاً في موضوع السلاح المتفلّت، إلا أن المشنوق نفى أثناء مغادرته الجلسة حصول أي سجال مع جريصاتي، مؤكداً أن بياناً سيصدر عن مجلس الوزراء بكل من أُفرج عنهم.
وقد طلب وزير الصناعة حسين الحاج حسن لائحة بأسماء الموقوفين الذين تمّ التدخل لإطلاق سراحهم وأيّده بذلك وزراء القوات.
وأكد وزير الداخلية في مجال آخر أن «تحديد موعد الانتخابات الفرعية يُبتّ الأسبوع المقبل، ولفت عقب الجلسة إلى أن مرسومها لا يحتاج إلى مجلس وزراء».
وتأجيل ملف الكهرباء
في حين لم يقارب المجلس خطّة الكهرباء بعدما طلب الرئيس عون في بداية الجلسة من الأمين العام لمجلس الوزراء فؤاد فليفل بأن يُصحّح النص الذي كان أرسل إلى إدارة المناقصات، والذي تبيّن أنه تمّ تعديله أو تغيير بعض العبارات فيه أي إضافة عبارة المالية بعد استدارج العروض، وتمّ الاتفاق على تأجيل الملف إلى الجلسة المقبلة.
التعيينات بين الآليّة السابقة وتطبيق الدستور
ثم تناول الرئيس عون موضوع التعيينات، فدعا إلى استكمالها إدارياً وقضائياً ودبلوماسياً، متمنياً على الوزراء تقديم المقترحات اللازمة لذلك، كل في ما خصّ إدارته. وعن الوضع الأمني في البلاد لفت فخامة الرئيس الى تزايد الحوادث المخلة بالأمن ومشاركة بعض النازحين السوريين في ارتكابها، وذلك رغم الإجراءات التي تتخذها القوى الاّمنية المعنية، بيما أشار الرئيس الحريري الى ضرورة ملء الشواغر بعد الاتفاق على أحد أمرين، إما المضي باعتماد الآلية المطبّقة منذ أعوام، او أن نعلّق العمل بها ونطلب إلى الوزراء المعنيين تقديم اقتراحاتهم لدرسها في مجلس الوزراء وفقاً للأصول الدستورية المعتمَدة، وعلينا اتخاذ القرار المناسب في هذا المجال لتنطلق التعيينات.
وناقش المجلس 91 بنداً المدرجة على جدول الاعمال وأقرّها بالكامل باستثناء 7 بنود تمّ تأجيلها إلى الجلسة المقبلة من ضمنها خطة الكهرباء.
وسبقت الجلسة خلوة بين رئيسَيْ الجمهورية والحكومة، تمّت فيها مناقشة الأوضاع الراهنة في لبنان، والتطورات التي تشهدها الساحة الإقليمية.
خلية إرهابية جديدة في قبضة الأمن العام
وفي سياق الإنجازات الاستباقية التي تُحققها الأجهزة الأمنية في ضرب المجموعات الإرهابية، سقطت أمس، خلية إرهابية جديدة في قبضة الأمن العام، الذي أوقف بناءً لإشارة النيابة العامة المختصة 4 سوريين لانتمائهم الى تنظيم «داعش» الإرهابي. وبالتحقيق معهم، اعترفوا بما نُسب إليهم وبأنهم عملوا على تشكيل شبكة تعمل في الداخل اللبناني لصالح تنظيم «داعش» الإرهابي عبر تجنيد شبان صغار السنّ سوريين ولبنانيين عبر استقطابهم تحت ستار تشكيل فريق لكرة القدم وبعض النشاطات الرياضية التي كانت تتخللها دروس دينية تتمحور حول أفكار تنظيم «داعش» الإرهابي.
وأفيد أمس، عن إصابة 4 من تنظيم جبهة النصرة بانفجار عبوة ناسفة شرق عرسال بينهم أبو خالد التلي نائب زعيم الجبهة في القلمون، بينما قصف الجيش بالأسلحة الثقيلة مراكز المسلحين في جرود عرسال.
أمنياً، أيضاً أشارت قيادة الجيش في بيان الى أن «التحقيقات التي أجريت مع عدد من الموقوفين السوريين الذين أوقفوا خلال مداهمة المخيمات في عرسال لغاية تاريخه، تمَّ إخلاء سبيل 15 سورياً لتجوّلهم على الأراضي اللبنانية بصورة قانونية، فيما أحيل 85 آخرين إلى المديرية العامة للأمن العام لتجوّلهم على الأراضي اللبنانية بصورة غير قانونية.
وفي سياق ذلك، لم تتوقف حملات الاستغلال الداخلية والخارجية لأحداث عرسال والنيل من إنجازات الجيش، فقد أبدت مفوضية حقوق الإنسان التابعة للأمم المتحدة عن قلقها إزاء خبر وفاة عدد من الموقوفين لدى الأجهزة الأمنيّة، أثناء عمليّة التحقيق معهم داعية إلى إجراء تحقيق قضائي شفّاف وسريع»، غير أن قناة «أو تي في» نقلت عن مصادر عسكرية قولها إن «وفاة 3 من موقوفي عرسال حصل نتيجة توقف عمل القلب، أما وفاة الرابع فحصل بسبب جلطة دماغية أدّت إلى نزيف حادّ بالأذن اليسرى».