أوضحت مصادر مطلعة لـ «البناء» أن «الرئيس ميشال عون لم يكلّف اللواء عباس إبراهيم بشكلٍ رسمي للتواصل مع الحكومة السورية بملف النازحين، كما أشيع، بل أن إبراهيم يتحرك بشكلٍ دائم على خط بيروت دمشق، بناءً على تكليف مسبق من رئيس الجمهورية التنسيق في ملفات ترتبط بالعلاقات اللبنانية ـ السورية، لكن لا يمكن معالجة ملفات ضخمة كملف النازحين من دون قرار واضح ورسمي من الحكومة». ولفتت المصادر إلى أنه «لا يمكن للحكومة أن تتعاطى بمواربة مع سوريا في هذا الملف بالذات، بل يجب أن تقاربه بروح المصلحة الوطنية بعيداً عن الحسابات السياسية الداخلية والالتزامات والاعتبارات الخارجية»، وأشارت الى أن «تكليف اللواء إبراهيم التنسيق في الملفات المشتركة بين البلدين يشكل أرضية صالحة لأي تكليف بموضوع النازحين، وبالتالي كلام السفير السوري علي عبد الكريم على يتكامل مع حركة إبراهيم لمصلحة الحكومتين، وإن كانت مصلحة لبنان تتقدم على مصلحة سورية في هذا الملف».
الجمهورية
الحكومة من فشل إلى آخر.. إبراهيم لـ«الجمهورية»: مستعدّ لأي مهمة
فشلٌ بعد فشلٍ بعد فشل.. هذه هي حال السلطة السياسية العاجزة عن مواجهة الحدّ الأدنى من واجباتها على كلّ المستويات، على رغم الأخطار الكثيرة والكبيرة التي تُهدّد البلد، ولا سيّما منها معضلة النزوح السوري. فلا خطة لدى الدولة اللبنانية أساساً في ملف النازحين، ولا رؤية ولا قرار، فيما تتحوّل مخيّمات النزوح بيئاتٍ حاضنة للإرهاب والإرهابيين من جهة، ويعاني اللبنانيون من احتلال ديموغرافي واقتصادي واجتماعي يجتاح بلادهم بلا حسيب ولا رقيب من جهةٍ ثانية. ويوماً بعد يوم تُغرق السلطة البلدَ بمزيدٍ من الأزمات والمشكلات المستعصية، فمثلما فشلت في ملفّات الكهرباء والنفايات وسلسلة الرتب والرواتب والموازنة والملفّات المعيشية، إنسَحب فشلها الذريع على ملفّ النزوح السوري، من دون أن يرفَّ لها جفنٌ، خصوصاً أنّ هذه الكارثة تهدّد الكيان بالزوال.
فيما يستمر الجيش اللبناني في معركته ضد الارهاب، وتتردد واسعاً في الداخل والخارج اصداء عمليته الاخيرة في منطقة عرسال، يتكرّس الانقسام اللبناني حول سبلِ معالجة ملف النازحين السوريين، ويستمر الجدل حول طريقة عودتهم، في موازاة تمسّك دمشق بالحوار المباشر معها في شأنهم لا بالواسطة، وقد اطلقَ سفيرها في بيروت علي عبد الكريم علي امس مواقفَ اثارت التباسات عدة ووجَد فيها مراقبون حملات وتوصيفات اعتبروها مسيئةً للقوى السياسية وتدفع الى «معاودة العزف مجدّداً على وتر عهد الوصاية السورية والإملاءات التي كانت تحصل خلالها، وهو ما تبدّى في إطلاق رصاص الاتهام في اتجاهات سياسية معينة وضَعها في خانة العداء لسوريا».
وفي هذا السياق أكد رئيس الحكومة سعد الحريري أنّ «هناك مزايدات من نوع جديد، تستخدم مأساة إخواننا النازحين السورين، لتحقيق نقاط سياسية رخيصة، من دون التنبّه إلى أنّها تهدد الاستقرار، عبر محاولة توريط الحكومة اللبنانية بالاتصال مع النظام المسؤول أساساً عن مأساة النازحين، لا بل عن مأساة جميع السوريين».
وأشار إلى أنّ «هذه الضغوط تشكّل خروجاً مرفوضاً على قواعد النأي بالنّفس التي توافَقنا عليها ولا وظيفة لها إلّا تقديم خدمات سياسية وأمنية مجّانيّة لنظام الأسد».
ورأى أنّ «الذين يحملون دعوةَ التواصل مع النظام، هم حلفاء له، ويقاتلون معه داخل الأراضي السوريّة، وبعضهم مَن يتبجّحون بأنهم عكسوا المعادلة غير المأسوف عليها في لبنان وأصبحوا جزءاً من الوصاية على النظام في سوريا.
حسناً فليَضغطوا على النظام لتسهيل إقامة مناطق آمنة على الجانب السوري من الحدود، ومخيّمات بإشراف الأمم المتّحدة تستوعب النازحين العائدين من لبنان، بدلاً من الدعوة الى توريط الحكومة اللبنانية باتصالات نتيجتُها فتحُ بابٍ جديد لابتزاز لبنان من دون أي معالجة حقيقية لتداعيات النزوح؟
أو انّهم يتقنون فقط المزايدة على بلدكم، وحكومة بلدكم وأهل بلدكم؟». وجَزم «أننا لن ندفع بالنازحين الى مصير مجهول، ولكن في الوقت ذاته، لن نتهاون مع أي محاولة لجعل أماكن النزوح بيئة حاضنة للإرهاب والتطرّف».
باسيل
ومن جهته رئيس «التيار الوطني الحر» الوزير جبران باسيل لفتَ الى «أنّ عودة النازحين تتم بالتنسيق مع الحكومة السورية، ولا ضرورة لضمانات دولية لهذه العودة، فالامم المتحدة شجّعت على اندماج النازحين في المجتمعات التي نزَحوا إليها حتى إعطاء الجنسية، ولدينا مشكلة معها في هذا الموضوع، وفي القانون الدولي هناك شيء اسمُه «تقاسم المسوؤليات» ولكن ماذا تكفلَ عنّا المجتمع الدولي».
وأشار الى أنّ «هناك علاقات ديبلوماسية وعسكرية وأمنية ومالية اليوم مع سوريا، فنحن ندفع لها شهرياً مقابل ما نشتريه منها من كهرباء منذ سنوات طويلة»، مشيراً إلى أنه «إذا كانت مصلحة لبنان تقضي عودة النازحين فيجب القيام بما يلزم لتحقيقها من دون عقد، إذ إنّ عدد النازحين يرتفع، على عكس ما يقولون، ولديّ الأرقام».
«حزب الله»
وإلى ذلك جدّد «حزب الله» عبر بيان كتلة «الوفاء للمقاومة» تأكيده «انّ التفاهم المباشر مع الحكومة السورية من شأنه تسريع الخطوات واختصار كثير من الوقت والجهد والنفقات والحؤول دون الاستغلال السياسي والتوظيف الرخيص على حساب معاناة النازحين»،
قانصو
ودعا وزير الحزب السوري القوي الاجتماعي علي قانصو مجلس الوزراء الى «تشكيل لجنة وزارية مهمّتها إجراء حوار مع السلطات السورية المعنية لترتيب برنامج لعودة آمنة للنازحين السوريين في لبنان». واعتبَر «انّ سحب الموضوعِ من مجلس الوزراء هو هروب من المشكلة». وقال لـ«الجمهورية»: «الويل لنا اذا قبلنا كلبنانيين كلامَ الامم المتحدة بأن تكون عودة النازحين طوعيّة، ففي هذه الحال سيبقى السوريون في لبنان.
إذن، منطلق البحث في هذا الملف هو رفضُ ما يسمّى العودة الطوعية. نحن نقبل بالعودة الآمنة بمعنى ان يعود السوريون الى منطقة آمنة، وعلى اللبنانيين ان يُجمعوا على عودة جميع السوريين عودةً آمنة الى بلدهم ويرفضوا أيّ طوعية في هذا الامر حفاظاً على لبنان. من مصلحة البلد التسريع في عودة السوريين عودةً آمنة، وكلّما تأخّر لبنان، اصبَحت هذه العودة أكثر صعوبة، فلا احد يعرف غداً عندما تطبَخ الحلول السياسية هل ستطبَخ على حسابنا، ام لا.
لذلك نصرخ ونقول فلتَفتح الحكومة اللبنانية حواراً مع الحكومة السورية حول هذا الأمر، وعلى من يرفض ان يعيدَ النظر في موقفه، وأن يحسبَ حساب المصلحة الوطنية العليا وليس الحسابات السياسية واعتبارات رضى هذه الدولة علينا أو تلك، وإملاءات ما يسمّى المجتمع الدولي أو الامم المتحدة. فإذا لم نسارع الى تدارُك نتائج هذا الملف سيكون حلّه مستقبلاً على حسابنا، وأقصرُ الطرق هو الحوار مع الحكومة السورية».
وعن رفض البعض الحوار مع الحكومة السورية «لعدم تعويم النظام»، قال قانصو: «ليس هم من يحددون شرعية الرئيس السوري، فهو لا يستمدّها من وزير او من نائب لبناني، بل استمدّها من شعبه ومن تحالفاته مع روسيا وايران والصين والبرازيل وكوبا وكوريا الشمالية والجزائر والعراق. نحن لا نقول بإقامة علاقة استثنائية، بل علاقة طبيعية مِثل العلاقة بين ايّ دولتين متجاورتين تحكمها مصلحة الطرفين.
وفي رأيي مصلحةُ لبنان أوّلاً». ورأى «انّ اكبر ردّ على متّهمي الرئيس الاسد بأنه هو هجَّر النازحين يتمثّل في مشهد زحفِ هؤلاء الى السفارة السورية زرافاتٍ ووحدانا، أبّان الانتخابات الرئاسية في سوريا لكي ينتخبوه عام 2014».
زهرا
وفي المقلب الآخر، قال عضو كتلة «القوات اللبنانية» النائب انطوان زهرا لـ«الجمهورية»: «أولاً، إنّ السفير السوري تدخّلَ في حوار لبناني ـ لبناني بنحو وقِح وغير مبرّر. فعندما يتساجل اللبنانيون حول موضوع، ليس للسفير السوري ان يتدخل في هذا السجال. وشأن داخلي ان يقرّروا إذا أرادوا التحدّث مع السلطة السورية ام لا.
ثانياً، مَن دعا الى الحوار مع السلطة السورية قال: كي يعودوا عودةً آمنة بإرادتهم، هذا ما اعلنَه الشيخ نعيم قاسم. من يريد العودة عودةََ آمنة بارادته لا يريد تفاوضاً بل يكون مقتنعاً بأنّ عودته آمنة ويقرّر ان يرجع. وبالتالي حتى الدعوة الى الكلام مع النظام السوري لم يكن الهدف منها إلّا اعتراف علنيّ من الدولة اللبنانية التي تقول انّ هناك اشكالية حول شرعية النظام في سوريا لأنها تعترف بشرعية هذا النظام بحجة التخلّص من عبء النازحين.
ولكن من اللحظة الاولى معروف انّه نظام مشكوك في شرعيته، او على الأقلّ جزء كبير من شعبه لا يعترف بشرعيته ويعتبره نظاماً قاتلاً ومجرماً، المنظمات الدولية هي من تضمن أجزاء من اراضيه وليس هو أو حلفاؤه في لبنان او في المنطقة».
وذكّر زهرا بأنه «عندما قرّرَت الحكومة النأيَ بالنفس فَعلت ذلك على اساس انّ هذا النظام ليس نظاماً شرعياً بالنسبة الى شعبه، وبالتالي لا يمكن ان تتعاطى معه على اساس انه نظام سيّد على ارضه ويمثّل الشرعية الرسمية، فالجميع يدركون انه احتفَظ بمناطق سيطرةٍ بتدخّلٍ خارجي من ايران وميليشياتها ولاحقاً من روسيا وبالتالي بغضّ النظر عن قدرات جيشه وسلطته المركزية أوّلاً لا يزال موجوداً لأنه مدعوم من الخارج، وثانياً، لا احد في العالم، ولو تعاطى معه كأمر واقع، يتعاطى معه كمنظمات دولية مسؤولة عن ايجاد حلول وسلام وتأمين الاستقرار، وليس من منطلق دولة جارة تعترف بشرعية هذا النظام كما يريدون للبنان ان يفعل بحجّة التنسيق لعودة النازحين.
فهؤلاء هربوا من ظلم هذا النظام، وإذا ضغَطت الدولة اللبنانية بالتنسيق مع النظام تكون قد سلّمت المعارضين. إذا كان هناك من موالين له فــ»الله مع دواليبن»، امّا ان نتفاوض مع الدولة التي هجّرتهم ليعودوا وندّعي انّها عودة آمنة، فيبدو انّ بعض من عاد أجبِر على التجنيد في جيش النظام والقتال الى جانبه، فكيف نكون قد أمّنا عودةً آمنة لهؤلاء؟
عودة النازحين ملِحّة للبنان ولكن لا كلام مع هذا النظام، وعلى السفير الذي خرَج بكلامه عن الاصول واللياقة وتجاوَز دورَه وتطاوَل على رموز في السلطة اللبنانية ان يكون اديباً بمقدار ما يدّعي القربى والصداقة والجيرة، هذا سفير تطاوَل على رئيس الحكومة وفريق كبير من اللبنانيين وحاوَل وضع شروطٍ مدّعياً انه قوي، فيما الكل يدرك من أين تأتي قوة النظام.
عليه ان ينتبّه و«يوعا ع حالو»، واقترَح على الديبلوماسية اللبنانية ان تستدعيَه وتنبهه لعدم تجاوزِ اللياقات والاصول وأن لا يتدخّل في شؤون داخلية لبنانية لا علاقة له بها».
الجميّل
وبدوره رئيس حزب الكتائب النائب سامي الجميّل، قال :»لو كنّا مكان السلطة القائمة لكنّا طالبنا بإحالة ملف اللجوء الى الامم المتحدة بالدرجة الاولى لتكون المسؤولية مشتركة، ولكن للاسف لم تستنفد هذه السلطة أيّ جهد لإيجاد قنوات رسمية دولية تشكّل صلة وصل بيننا وبين دمشق، ولا خطة للدولة اللبنانية أساساً في ملف النازحين.
سعَيد لـ«الجمهورية»
وقال رئيس «لقاء سيّدة الجبل» الدكتور فارس سعيد لـ«الجمهورية»: «يشكّل النزوح السوري في لبنان عبئا كبيراً على جميع اللبنانيين بلا تمييز مناطقي او طائفي، بدليل أحداث برجا أمس، وبالتالي على الحكومة اللبنانية مجتمعةً إيجاد حلّ لإدارة وجودهم في لبنان وللآليات المطلوبة من اجل عودتهم الى ارضِهم. واستغرَب أن يُسحب هذا الموضوع من مداولات مجلس الوزراء تحت عنوان انه يشكّل انقساماً بين اللبنانيين، وأسأل: إذا لم يُناقش داخل المجلس فأين يناقَش؟ هل على شاشات التلفزة؟
ام على المنابر الاعلامية وبطريقة شعبوية؟ نطالب بإعادة هذا الملف الى مجلس الوزراء واتّخاذ موقف لبناني يقضي أوّلاً بإدارة شؤون النازحين الداخلية وثانياً عودتهم حيث يمكن ان يعودوا. ومن يحدّد اماكن هذه العودة ويضمنها هي الأمم المتحدة المسؤولة عن هذا الملف.
العودة الطوعية هو موقف الامم المتحدة، امّا موقف لبنان فهو اذا كان هناك مناطق آمنة بضمان الامم المتحدة على لبنان ان يطالب باسمِ حكومته الامم المتحدة بتجاوز الطوعية في العودة، وبعودتهم الى اراضيهم .
ويطلب لبنان من الامم المتحدة وليس من قبَل ايّ جهات اخرى تنفيذَ هذه الآلية، لأنّ نظام بشّار الأسد و»حزب الله» هما من هجّر النازحين، فبمقدار ما يقاتل الحزب هؤلاء على ارضهم بمقدار ما يكبر عدد النازحين على ارضنا، وبالتالي قتاله داخل سوريا يؤدي الى مفعول عكسي، ومطلبُه أن تتحاور حكومة لبنان مع نظام الاسد لتعويمه هو مطلب سياسي وليس مطلباً تقنياً يؤمّن عودة النازحين. ما يؤمّن عودتهم هو ضمان عودتهم، ومن يضمنها هي الجهات الدولية وليس ايّ جهات اخرى».
اللواء ابراهيم
واستوضَحت «الجمهورية» المدير العام للامن العام اللواء عباس ابراهيم بعد الحديث عن تكليفه التواصلَ مع دمشق من اجل معالجة ملف النازحين، فلم ينفِ ولم يؤكّد، لكنّه ابدى استعداده لتنفيذ «القرار السياسي». وقال لـ«الجمهورية»: «أنا في تصرّفِ السلطة السياسية، ومستعدّ لتنفيذ ايّ مهمة تُطلب منّي، والمهم ان يكون هناك قرار سياسي بها». وعن العلاقة مع دمشق أكّد إبراهيم «انّ التنسيق الامني مع المعنيين لم يتغيّرعمّا كان عليه في الفترات السابقة بما تقتضيه المصلحة الامنية بين البلدين».
مرجع امني
في هذا الوقت، قال مرجع امني لـ«الجمهورية» إنّ «الجيش لن يتأثر بكلّ الاصوات التي تَصدر من هنا وهناك بقصد التشويش على المهمات التي ينفّذها وفي حماية وصونِ الاستقرار الداخلي وأمن البلاد، وخصوصاً العملية الاخيرة في منطقة جرود عرسال ضد المجموعات الارهابية». ولفتَ المرجع الى «انّ الامن هو الاولوية الاولى والاخيرة والدائمة بالنسبة الى الجيش، وسيقوم بكلّ ما عليه في هذا الاتجاه ولن يثنيَه عن ذلك شيء».
وأضاف: «إنّ الجيش مستمر في حملته ضد الارهاب، وفي الحفاظ على الامن والاستقرار مهما كلّفه ذلك من اثمان». وكشف «انّ الالتباسات التي اثيرَت بالتزامن مع العملية العسكرية في منطقة عرسال ستتّضح عبر تقرير مفصّل يُنشر قريباً».
ولفت الى «أنّ اللقاءات التي حصلت بين قيادة الجيش ومسؤولين أمميين وسفراء، والاتصالات التي جرت تخلّلها عرضٌ من القيادة لتفاصيل الوضع على ارض المعركة وكيف كان قرار الجيش التمييز بين المدنيين والارهابيين، وهذا الامر بالنسبة الى الجيش بمثابة خط احمر بعدم المسّ بالمدنيين، على رغم انّ الارهابيين يستغلّون المدنيين ويَحتمون بهم».
وأشار المرجع الى انّ السفراء «اثنوا على دور الجيش ونوّهوا بأدائه في محاربة الارهاب واكّدت القيادة العسكرية انّها تعتمد الشفافية في كل عمل تقوم به، وأولويتُها تبقى دائماً أمن لبنان وحفظ استقراره وحماية المدنيين وعدم المسّ بهم»
زيارة الحريري لواشنطن
من جهةٍ ثانية وتحضيراً لزيارته المقررة في 21 الجاري لواشنطن التقى الحريري بعد ظهر امس سفيرة الولايات المتحدة الاميركية في لبنان اليزابيت ريتشارد.
وفي معلومات لـ«الجمهورية» انّ اللقاء تناوَل الترتيبات الخاصة بالزيارة وجدول اعمالها، حيث ستدوم أربعة ايام، ولم يتطرّق البحث الى جدول المواعيد وبرنامجها التفصيلي واللقاءات الرسمية وتلك المتوقعة في مجلسَي النواب والكونغرس وجهاز الأمن القومي.
وقالت مصادر مطّلعة إنّ الملفات التي ستُطرح في هذه اللقاءات متشعّبة، وهي تنطلق من القضايا المتصلة بالمساعدات العسكرية للجيش اللبناني والقوى الأمنية وتلك المتصلة بالدعم الاقتصادي والمساهمة الأميركية في كلفة النزوح السوري، امتداداً إلى قضايا المنطقة، من الأزمة السورية وتردّداتها على دول الجوار السوري، إلى القضية الفلسطينية ومصير الحوار بين إسرائيل والسلطة الفلسطينية ومصير المبادرة العربية.
وإلى الزيارة الأميركية، أفادت المعلومات انّ موعد زيارة الحريري لموسكو حُدِّد مبدئياً في 11 أيلول المقبل، وذلك قبل ايام على مشاركة لبنان في اجتماعات الجمعية العمومية السنوية للأمم المتحدة المقرّرة بعد 23 منه وتستمر حتى نهايته.
الاخبار
الحسم في جرود عرسال قريباً
الجولان يتمسك بالهوية السوريّة: لا لانتخابات «الأسرلة»
ساعة الحسم في عرسال اقتربت كثيراً، بحسب معلومات لـ«الأخبار»، بعد انتهاء مهلة «العرض» الذي قدّمه الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله للمسلحين، في أيار الماضي، بضمان أي تسوية لإنهاء ملف الجرود (مقال وفيق قانصوه).
وفي المعلومات أن الاستعدادات لتطهير ما تبقّى من الجرود من إرهابيي «جبهة النصرة» و«داعش» اكتملت، في انتظار تحديد قيادة المقاومة الساعة الصفر.
وفيما لم يتضح بعد أي دور سيلعبه الجيش اللبناني المنتشر على بعض تخوم عرسال، علمت «الأخبار» أن حزب الله سيعمد، بعد انتهاء المعركة، الى تسليم المناطق المحررة للجيش على غرار ما جرى في مناطق السلسلة الشرقية لتكون في عهدة الدولة اللبنانية، وبما يتيح لمقاتلي الحزب التفرغ لجبهات أخرى.
قرار الحسم جاء بعدما وصلت وساطة «سرايا أهل الشام» (تضم فصائل عدة في منطقة القلمون الغربي) مع «جبهة النصرة» الى طريق مسدود، مع رفض الأخيرة كل الطروحات التي قُدِّمت لإخلاء الجرود، ومن بينها اتفاق إجلاء مشابه لما حصل في مناطق سوريّة عدة مع مسلحين تم تأمين ممرات آمنة لهم إلى إدلب، أو الدخول في مصالحة مع الدولة السورية، أو حتى إلقاء السلاح و«ذوبان» المسلحين بين المدنيين.
وكان السيد نصرالله، في ذكرى اغتيال القائد مصطفى بدر الدين في 11 أيار الماضي، عرض «ضمانة حزب الله لأي تسوية والتفاوض على الأماكن التي يختار المسلحون التوجه اليها بأسلحتهم الفردية».
وفي ذكرى التحرير في 25 من الشهر نفسه، خاطب نصرالله مسلحي الجرود، مؤكداً أن «لا أفق لمعركتكم ولا أمل لكم»، مشدداً على أنه «لا يمكن بقاء الوضع القائم لأن في الجرود جماعات مسلحة لديها سيارات مفخخة وانتحاريون، ويمكن أن تهدد هذه المنطقة وقراها وبلداتها في أي لحظة».
مصادر أمنية أكدت لـ «الأخبار» أن المخاطر المتأتية من بقاء الوضع على حاله في الجرود «كبيرة جداً. وهذا ما بيّنه تفجير أربعة انتحاريين انفسهم بعناصر الجيش» أثناء دهم مخيمين للنازحين في عرسال الأسبوع الماضي.
ولفتت الى أن «الخطر من الجرود على الداخل اللبناني لا يزال ماثلاً»، مشيرة الى إحباط مخطط لتفجيرات في بعض المناطق اللبنانية في شهر رمضان الماضي.
ويسيطر ارهابيو «النصرة» و«داعش» على مساحة تمتد، على الجانب اللبناني، من جرود عرسال جنوباً إلى جرود القاع شمالاً، وعلى الجانب السوري من أطراف جرود فليطا جنوبا الى جرود قارة والجراجير شمالاً، علماً أن القسم الأكبر من هذه المنطقة يقع داخل المناطق اللبنانية، وتبلغ مساحته نحو 250 كيلومتراً مربعاً. وهذه آخر ما تبقّى من المنطقة التي كان يسيطر عليها هؤلاء، والتي كانت تمتد من الزبداني مروراً بعرسال والقصير وصولاً إلى المناطق الحدودية المتاخمة للشمال اللبناني.
المصادر استبعدت أي انعكاسات للمعركة المتوقعة على الداخل اللبناني «لأن الجميع باتوا مقتنعين بضرورة طي هذا الملف وإنهاء مخاطره الأمنية».
ناهيك عن أن تحرير الجرود المحتلة سيخفف كثيراً من الضغط الاقتصادي والاجتماعي عن أهالي عرسال الذين يحول المسلحون بينهم وبين وصولهم إلى أراضيهم الزراعية وبساتينهم وكسّاراتهم منذ سنوات، وسيشجع على عودة طوعية للنازحين السوريين الى بلدهم، خصوصاً أن أغلبهم من سكّان بلدات القلمون السوري.
أما توجيه الاتهام الى حزب الله بإحداث تغيير ديموغرافي فلم يعد «بيّيعاً» بعدما رعى الحزب بنفسه أخيراً عودة أهالي قرية طفيل إلى بلدتهم، وسلّم مواقعه العسكرية للجيش في جرود بلدة بريتال وصولاً إلى جرود بلدات النبي شيت والخريبة وسرعين، وساهم في عودة عائلات سورية الى بلدة عسال الورد على المقلب السوري من الحدود.
وعليه، لن تتعدّى التأثيرات الداخلية للعملية بيانات التباكي على «الثوار» وتوجيه الاتهامات المعتادة الى حزب الله، لاستدرار التعاطف الشعبي في سنة انتخابية.
مناخ التهدئة السياسية يظلّل تداعيات عرسال
لم يكن ممكناً تجاوز تداعيات عرسال لو كانت الواقعة حصلت قبل عام من الآن. فمناخ التهدئة السياسية ورغبة رئيس الحكومة سعد الحريري في تجاوز أي خلاف مع العهد، ساهما في حصر تداعيات ما حصل (مقال هيام القصيفي).
قد يكون من سوء حظ الجيش اللبناني أن تترافق عملية عرسال مع وفاة أربعة من الموقوفين، فلا يتوقف أحد من المدافعين عن النازحين السوريين أمام وجود أربعة انتحاريين بأحزمتهم الناسفة وأربع عبوات معدة للتفجير، وأمام الإصابات التي تعرض لها عدد من الجنود في وجوههم واحتمال تعرضهم لإصابة دائمة في عيونهم وحرمانهم من النظر.
وبين «تقديس» الجيش بالمطلق والتعامل معه على أنه فوق الشبهات وقيام حملات ترويجية دعماً له، وبين التذرع بحقوق الإنسان كلافتة جذابة تسويقية أمام الدوائر الغربية المعنية سياسية وإعلامية، لإطلاق النار على الجيش والتعامل مع المخيمات أيضاً على أنها فوق الشبهات لمجرد أنها تضم نازحين، من المفيد إعادة التذكير بأن الأمر نفسه حصل في القاع قبل عام تقريباً.
حينها تحولت العمليات الانتحارية المتسلسلة في دقائق، إلى تحليلات واجتهادات سعت الى التخفيف من وطأة ما حصل وتحويل النظر عن استشهاد عدد من أبناء البلدة اللبنانيين لمصلحة الكلام عن حملة السلاح من المدنيين.
وقبل ثلاثة أعوام أيضاً، حصل الأمر نفسه حين تعرض الجيش لكمائن في عرسال انتهت بخطف عسكريين لبنانيين لا يزال مصيرهم مجهولاً، وسقوط عدد من الشهداء. فيما الخشية اليوم أن يتحول الضغط في ملف النازحين بعد عملية عرسال، الى مطية يراد منها «تشريع» بعض الممارسات في المخيمات، سواء عبر طرق البناء أو من خلال وقوعاتهم الشخصية التي ردد نازحون بعد الحرائق الأخيرة أنهم فقدوها.
وقد يكون من سوء حظ الجيش أيضاً أن تأتي أحداث عرسال بعد الزيارة التي قام بها تلامذة المدرسة الحربية لمعلم سياحي تابع لحزب الله، علماً بأن الزيارة نفسها سبق أن جرت خلال السنوات الماضية، ما زاد من حدة مواقف خصوم الحزب، من دون تغطية سياسية كبيرة، منتقدين المؤسسة العسكرية بقيادتها الجديدة، التي يفترض أن تكون في طور تقويم الأخطاء إذا حصلت، وهي تخوض أولى استحقاقاتها الجدية، من أجل المحافظة على الإنجازات التي تحققت، ومنها عملية عرسال.
في المقابل، قد يكون من حسن حظ الجيش أيضاً أن توقيت ما جرى أتى في لحظة سياسية يسعى فيها رئيس الحكومة وفريقه السياسي الى التهدئة التامة، فلا يفتعل مشكلة سياسية مع الجيش، ولا يصوب ضد «ممارساته» حتى لو كانت موجّهة ضد نازحين (وليس أبناء عرسال)، كما كانت تفعل قيادات فيه، لئلا يطلق رصاص الرحمة على شراكة أساسية مع العهد الذي تُحتسب قيادة الجيش عليه بالكامل، ويحظى بتغطية سياسية كاملة.
لذا تحولت المطالبة بلجنة تحقيق بوفاة الموقوفين الأربعة، مضبوطة الإيقاع، لأن جميع الأفرقاء يريدون إبقاء التطبيع القائم على حاله. وانتقل النقاش السياسي تبعاً لذلك الى موضوع الحوار مع دمشق، كمادة ينفّس فيها المختلفون اعتراضاتهم فتبقى مشروعة، من دون تماس مباشر مع الجيش وخلق ارتدادات لا تفيد أحداً في الوقت الراهن. وبما أن العلاقة مع سوريا تحتمل الكثير من التأويلات رفضاً أو تأييداً، صارت الشغل الشاغل للسياسيين وتصريحاتهم، لينشأ جدال عقيم آخر، يعرف القائمون به أن لا أفق له. ومفارقة الأيام الأخيرة أن القوى السياسية اعترفت من خلال أحداث الأيام الأخيرة وجلسة مجلس الوزراء بأن خلافاتها السياسية لا تزال على حالها، وأن ما يحكمها هو اتفاق سياسي بالحد الأدنى فقط، وأن «المواضيع الخلافية» ستترك جانباً فلا يقاربها أي طرف، كي لا تنفجر الحكومة. وعلى هذا المنوال، ستوضع قضايا أخرى جانباً، وستحل أخرى وفق أسلوب التهدئة كما أقر قانون الانتخاب في اللحظة الأخيرة، وعولج الخلاف حول الكهرباء ومن ثم الإحالة الى دائرة المناقصات، وستعالج قضايا أخرى على الطريق بالأسلوب نفسه. ورغم أن جميع الأفرقاء ملتزمون التهدئة السياسية، إلا أن العلاقة بين رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة تبقى الأكثر تمايزاً، كونها ذللت عقبات عدة أخيراً، وساهمت في إطفاء خلافات وحرائق سياسية في أكثر من ملف. وهو يحاول من خلال تعزيز موقعه من خلال ملفات عدة تمر في مجلس الوزراء وخارجه، من دون أي إشكالات، وهو يعترض في الدوائر الضيقة ويوجه رسائل داخلية حين تدعو الحاجة معترضاً أو مستفسراً من دون ضجة إعلامية. وليس أمراً بسيطاً أن يبتعد الحريري وفريقه الخاص عن دائرة الضوء في مقاربة ملف عرسال وتداعياته، ساحباً كل توتر يمكن أن يرتد في الشارع الذي لا يزال يدين بالولاء له.
لكنّ ثمة استحقاقاً أساسياً يفترض بالقوى السياسية والعسكرية أن تأخذه في الحسبان أيضاً في إطار التزامها التهدئة، وهو أن الأخطاء غير مسموحة في الوقت الراهن الذي يعاين فيه الأميركيون تحديداً الوضع الداخلي، وخصوصاً أن المرحلة المقبلة ستشهد سفر رئيس الحكومة الى واشنطن وسفر قائد الجيش إليها أيضاً، فيما يوضع ملف العقوبات المفترضة على لبنان وحزب الله على النار الأميركية، ومعه التلويح بخفض وزارة الخارجية (لا الدفاع) مساعدتها للجيش اللبناني، علماً بأن التبرير المعطى أميركياً هو أن الخفض يشمل عدداً من الدول، لا لبنان وحده.
الجولان يتمسك بالهوية السوريّة: لا لانتخابات «الأسرلة»
تستغلّ إسرائيل الحرب السورية لفرض إجراءات قانونية على هضبة الجولان المحتلة، بهدف كسب شرعية احتلالها. وقبل أيام، أصدر وزير الداخلية الإسرائيلي قراراً بإجراء انتخابات للمجالس المحلية في البلدات المحتلّة، بدلاً من التعيين الذي كان معتمداً طوال العقود الماضية. إلّا أن القرار يُواجه برفض تام… عبر التمسّك بالهويّة السورية (مقال فراس الشوفي).
نصف قرنٍ مرّ على احتلال إسرائيل لمرتفعات الجولان السوري في حرب 1967، ولم تستطع حتى اليوم، انتزاع اعتراف من أهالي البلدات المحتلة بشرعية الاحتلال، كما من الدولة السورية و«المجتمع الدولي». غير أن إسرائيل، التي لطالما تحيّنت الظروف الدولية والإقليمية لقضم الأراضي الفلسطينية واللبنانية وشنّ عمليات عسكرية ضدّ المقاومة اللبنانية والفلسطينية، تجد اليوم في الحرب السورية فرصةً سانحة لانتزاع اعترافٍ دولي بسيادة الاحتلال على الجولان وإلغاء القرار الدولي الرقم 497، الذي يرفض الاحتلال ويدين الإجراءات الإسرائيلية.
ومع كثرة التصريحات الإسرائيلية المطالبة باعتراف دولي بسيادة الكيان على الجولان، والضغوط الدبلوماسية التي يمارسها سفراء العدوّ على بعض الدول الأوروبية، فضلاً عن مطالبة رئيس وزراء العدو بنيامين نتنياهو، الرئيس الأميركي السابق باراك أوباما، ثمّ الحالي دونالد ترامب، خلال اللقاءين اللذين جمعهما في واشنطن وتل أبيب بالاعتراف بالسيادة على الجولان، شرعت إسرائيل بسلسلة إجراءات ميدانية وقانونية لفرض أمر واقع على سوريا وعلى أهالي الجولان المحتل، تمكنها من دعم موقفها تجاه المنظومة الدولية.
آخر صيحات حكومة نتنياهو، هو قرار وزير الداخلية أريه درعي، الأسبوع الماضي، بإجراء انتخابات للمجالس المحليّة في الجولان، بالتزامن مع إجراء انتخابات المجالس المحليّة في فلسطين المحتلة في 30 تشرين الأول 2018. ووجّه درعي رسالة إلى رؤساء المجالس المحليّة المعيّنين في قرى الجولان السورية الأربع: مجدل شمس، عين قنيا، بقعاثا ومسعدة، بأن انتخابات ستجرى في قراهم ضمن «الدورة الانتخابية القادمة للسلطات المحلية في إسرائيل، ونحن نبحث حالياً الخطوات اللازمة لإدارة المجالس المحلية في المرحلة الانتقالية حتى موعد الانتخابات العامة». قرار وزارة داخلية العدوّ يُعدّ سابقة في تاريخ احتلال الجولان، إذ إن إسرائيل كانت دائماً تحاول تسويق هذه الفكرة، وتلمس رفضاً قاطعاً من الأهالي فتعود وتعدل عنها، مكتفية بتعيين مجالس محليّة ورؤساء مجالس من المتعاونين معها أو من مستوطنين يهود. لكن لم تصل مرّة إلى حدّ إصدار قرار رسمي بإجراء الانتخابات. وتاريخيّاً، حاولت إسرائيل مراراً فرض مبدأ الانتخاب على أهالي الجولان، ولا سيّما في عام 1976، بعدما كانت القرى تدار بمنصب المخاتير، ثم لاحقاً بعد قرار ضمّ الجولان في كانون الأوّل 1981. إلّا أن انتفاضة أهالي الجولان في 14 شباط 1982 ورفض الهويّات الإسرائيلية، حطّمت آمال العدو وأجبرت إسرائيل على تجميد مخططاتها.
منذ اليوم الأول لاندلاع الحرب السورية، عمدت إسرائيل إلى مدّ يد العون للجماعات الإرهابية في محافظة القنيطرة، بالدعم المالي واللوجستي والطبي والاستخباري، ولاحقاً بالتسليح. حتى إن إسرائيل وجّهت جزءاً من هجمات المسلحين نحو قواعد الجيش المتقدّمة وأجهزة الإنذار المبكر والدفاعات الجويّة ومنظومات الدفاع البرية التي كانت تشكّلها الألوية الخاصة في الجنوب، بهدف واحد، هو إبعاد الدولة السورية عن حدود الجولان وإحلال الجماعات الموالية لإسرائيل مكانها، ثمّ إخراج قوات الفصل الدولية (أندوف)، وتظهير ضعف الدولة في الجنوب. وإذا كانت إسرائيل، طوال جولات التفاوض منذ مؤتمر مدريد 1991 وحتى جولات تركيا قبل نحو عشر سنوات، لم تستطع انتزاع أمتار من الجولان المحتل من سوريا القويّة، فباعتقادها أن سوريا «الضعيفة» والمفكّكة والبعيدة عن الجولان، ستكون مفاوضاً ضعيفاً يسهل انتزاع التنازلات منه، وربمّا تنازل بالتخلّي الكامل عن الجولان. وفي الآونة الأخيرة، لم تعد إسرائيل تخفي دعمها للجماعات المسلّحة، ليس بالطبابة فحسب. كما لم يعد المسلحون يخفون تعاونهم مع جيش الاحتلال في ميادين القنيطرة ودرعا. إلّا أن عملية «التطبيع» والاستسلام تطال أيضاً حفنة من المعارضين السوريين (العملاء)، من أمثال كمال اللبواني وعصام زيتون وفهد المصري، الذين باتوا يشكّلون أبواقاً لتسويق أفكار الاحتلال، ولا سيّما بالرضوخ لتسليم الجولان لإسرائيل بذريعة مساعدة إسرائيل لـ«الثورة السورية». ويضطلع زيتون بدورٍ علني، في ما خصّ مسألة الجولان تحديداً، وهو يحظى برعاية أجهزة الأمن الإسرائيلية التي تستضيفه منذ فترة في تل أبيب، وتؤمّن تنقّلاته إلى الجولان المحتلّ، لنقل صورة معاكسة للوجدان السوري عن «حسن ضيافة» إسرائيل، وعن أن «سلاماً» قادماً في الجولان، الباقي تحت سلطة إسرائيل. ولم يكن واحد مثل زيتون، ليملك الجرأة على القيام بهذا العمل، لو لم يكن هناك مناخ «عربي» مناسب خلقه تطبيع العلاقات الجاري على قدمٍ وساق بين إسرائيل والسعودية ودول عربية أخرى، في ظلّ تحوّل الموقف الرسمي العربي عموماً نحو التحالف مع إسرائيل.
ضرب الحركة الوطنية
في 17 نيسان من العام الماضي، عقدت حكومة العدو برئاسة نتنياهو، اجتماعها التاريخي الأوّل على أرض الجولان، في رسالة موجّهة إلى «المجتمع الدولي» والدولة السورية وأهالي الجولان المحتلّ. وقد سبق هذه الخطوة قيام إسرائيل بمحاولات تفكيك الحركة الوطنية في القرى المحتلة، عبر سلسلة إجراءات وخدع، كان أبرزها «كمين» سيّارة الإسعاف التي كانت تقلّ جرحى إرهابيين من «جبهة النصرة»، تعمّدت إسرائيل سلوكها الطريق الداخلي من مجدل شمس إلى مستشفى صفد. وتعمّدت إسرائيل تسريب الخبر عن مرور السيّارة لاستثارة عصبية أهالي الجولان الذين كانوا يتابعون بغضب اعتداءات إرهابيي «النصرة» على مواقع الجيش السوري وقرية حضر. وشكّل حادث هجوم الأهالي على الإسعاف ذريعة للاحتلال لإلقاء القبض على عددٍ كبيرٍ من الشباب المتحمّسين والوطنيين، وتكبيلهم بعقوبات وغرامات مالية كبيرة. كذلك شكّل اعتقال عميد الأسرى السوريين صدقي المقت، في شباط 2015، بعد الإفراج عنه في عام 2012 (كان معتقلاً منذ عام 1985)، ضربة للحركة الوطنية في الجولان، بعدما أحدثت سنوات صدقي القصيرة في الحريّة نشاطاً سياسيّاً لافتاً في الجولان. إلّا أن صدقي لم يكن وحيداً، وعلى الرغم من الترهيب والترغيب اللذين يمارسهما الاحتلال تجاه عناصر الحركة الوطنية الجولانية والناشطين السياسيين، إلّا أن العديد من هؤلاء لا يزالون يتحركّون لرفض ممارسات الاحتلال والتعبير عن رفضهم لسياساته وإجراءاته، ولا سيّما قرار وزارة الداخلية الأخير.
وتراهن إسرائيل على طول سنوات الاحتلال وملل أهالي الجولان من المواجهة، ومحاولات توريط الجيل الجديد بإغراءات لأجل الحصول على الجنسية وقروض التعليم في الجامعات العبرية وتحسين ظروف الحياة والربط الاقتصادي مع الداخل الفلسطيني المحتلّ، فيما تمارس ضغوطاً لتبديل وثائق السفر الحالية بالهويات الإسرائيلية، ومحاولات تسويق فكرة انهيار سوريا وانتهاء الآمال بتحرير الجولان، فيما يسوّق المتعاونون مع أجهزة أمن العدو أرقاماً وهمية عن أعداد الذين يتقدّمون للاستحصال على الجنسيات.
محاولات انتزاع الشرعية …. ورد الجولانيين
يقول الشيخ هايل شرف، من داخل بلدة مجدل شمس المحتلّة لـ«الأخبار»، إن «المجالس المحلية منذ أن تشكلت هي مجالس إسرائيلية ولا نعترف بها، ويعيّن فيها أزلام السلطة، يفكّرون الآن بأنهم يمررون قانون الانتخابات لدفع الناس إلى الاعتراف بشرعية الاحتلال، ثمّ استخدام هذا الاعتراف في المحافل الدولية». ويؤكّد الشيخ أن «هذا الأمر لن يحصل، ونحن لا نعترف بهذه الانتخابات، وهناك مشاورات على مستوى الجولان وموقف موحّد سوف يصدر خلال الأيام المقبلة يعبّر عن رأي الهيئة الدينية والمدنية في القرى المحتلة». وينفي شرف أن يكون أهالي الجولان يركضون وراء الجنسية الإسرائيلية كما تحاول سلطات الاحتلال تصوير الأمر، مؤكّداً أن «عدد أبناء الجولان حوالى 22 ألف نسمة، وعدد الحاصلين على الجنسية لا يتجاوز 4500، معظمهم بسبب الزواج بفتيات من أبناء الجليل والكرمل، و3% فقط حصلوا على الجنسية طوعاً». بدوره، يقول الشيخ أبو وديع رفيق إبراهيم: «لن نفرّط بأي ذرة من تراب الجولان، وأي قبول بالانتخابات هو اعتراف بالاحتلال وهذا ما لن يحصل». ويضيف الشيخ أبو محمد قاسم محمود الصفدي، أن «سكّان الجولان لا يمكن أن يقبلوا بإجراء الانتخابات المحلية لأن هذه الأرض سورية، ولن نرضى بالانتخابات. وإذا كان من مشاركين فسوف نعمل على منعهم، فالاحتلال عاجلاً أو آجلاً إلى زوال». من جهته، يقول توفيق عماشة، من بلدة بقعاثا، إنّ «غالبية الأهالي ضد الانتخابات وهناك استنفار عام في الجولان لرفض الأمر، ومرجعنا الوثيقة الوطنية»، ويؤكد بشر المقت لـ«الأخبار» أنّ «هناك رفضاً عارماً لهذا القرار، وهو جزء من التطبيع مع الاحتلال ونرفض هذه الإجراءات تحت حراب الاحتلال وبنادقه، ونحن متمسّكون بهويتنا العربية». كذلك يعتبر الصحافي بسّام الصفدي أن «هذا القرار لم يصدر لولا مساعدة أذناب الاحتلال، وخصوصاً أنه تشجيع على نيل الهويات الإسرائيلية، والقرار له تداعيات كبيرة ويشغل الجولان عن قضية العودة إلى سوريا والمطالبة بالأرض وخلق فتنة بين السكّان، وردّ الأهالي سيكون حاضراً من خلال الرفض المطلق».
مواقف سورية ولبنانية
ولا يقتصر موقف رفض الانتخابات المحليّة على الجولانيين، إذ وجّه عددٌ كبيرٌ من مشايخ طائفة الموحّدين الدروز وفاعليات سياسية سورية ولبنانية عبر «الأخبار» تأييداً لمواقف أهل الجولان الرافضة لقرار سلطات الاحتلال. ويقول شيخ العقل في سوريا يوسف جربوع، إنّ «الجولان عربي سوري، ونحن ندعم موقف أهلنا في الجولان برفض الانتخابات، وبصمودهم ورفضهم للهوية الإسرائيلية وتهويد الجولان». ويقول شيخ العقل نعيم حسن إن «مواقف أهل الجولان مشرّفة ووطنية، ونحييهم ونحيي صمودهم، ولدينا اطمئنان كافٍ بأنهم سيتخذون الموقف المناسب برفض قرارات الاحتلال».
كذلك أكد الشيخ ناصر الدين الغريب، دعم «كل تحرّك في الجولان للتمسك بالهوية السورية، ولن يغيّر قناعتنا وقناعة أهلنا في الجولان الاحتلال وبطشه العسكري، ونتمنى على إخواننا العرب الذين أصبحوا اليوم في الحضيض العربي أن يعودوا إلى رشدهم وأن يقفوا إلى جانب الشعب الفلسطيني والشعب السوري في الجولان».
أيضاً، أشار الشيخ فندي شجاع، باسم مشايخ خلوات البيّاضة، إلى التمسّك «بعروبة وسورية الجولان، ونناشد أهلنا في فلسطين تحرير فلسطين من اليهود. ونحيّي مواقف أهل الجولان برفض الهوية الإسرلائيلية والانتخابات المحلية، ونذكّر بأن سلمان الفارسي وأبا ذر والمقداد هم أوّل من حاربوا اليهود، وهؤلاء أعزّ الصحابة وأغلى الرجال ونحن نقيم في هذا التراث». فيما عبّر الشيخ أبو سليمان حسيب الصايغ عن «كل الدعم لموقف مشايخ وأهالي الجولان في رفض قرارات الاحتلال الإسرائيلي، ولدينا كل الثّقة بقراراتهم الحكيمة».
من جهته، قال رئيس «الحزب الديموقراطي اللبناني» النائب طلال أرسلان لـ«الأخبار»، إن «أهالي الجولان يسجّلون أروع البطولات بصمودهم… ونحن نحيّي رفضهم للجنسية الإسرائيلية وإجراء الانتخابات المحليّة»، مؤكّداً أن «سوريا مهما كبرت عليها المؤامرات، ستبقى الحصن العربي، والجولان عربي سوري». كما أكّد رئيس «حزب التوحيد» الوزير السابق وئام وهّاب، تأييده لـ«موقف أبناء الجولان، الذي يقاوم دائماً أي عملية تطبيع مع العدو الإسرائيلي وأي عملية تؤدي إلى التعايش مع الاحتلال أو القبول بنيل الهوية الإسرائيلية».
بدوره، أكّد الأمير جهاد الأطرش تأييد السوريين لموقف أهالي الجولان «ورفض التخلّي عن هويّتهم السورية عبر نيل الجنسيات أو المشاركة في انتخابات تشرعن وجود الاحتلال».
المقداد: لا حلّ من دون عودة الجولان كاملاً
أكّد نائب وزير الخارجية السورية الدكتور فيصل المقداد، في حديث إلى «الأخبار»، أنّ «إسرائيل تستثمر في الحرب على سوريا وبالدعم الذي تتلقاه من دول الخليج والولايات المتحدة من أجل استدامة الحرب الإرهابية وترسيخ أحلامها وأوهامها على الأرض عبر بسط شرعيتها على الجولان السوري المحتلّ». وأضاف: «إن إسرائيل لا تتطلع إلى السلام العادل والشامل، إنما تريد السلام والأرض، ومن هنا جاء قرار ضم الجولان سابقاً، والآن التكامل ما بين دور إسرائيل والإرهابيين في الحرب على سوريا». وأشار المقداد إلى أن «الشرعية الدولية الممثلة في مجلس الأمن والقرار 497 يرفضان الاحتلال وكل الإجراءات الإسرائيلية. ونحن في الجمهورية العربية السورية نعتبر القنيطرة المحتلة مثل أي محافظة أخرى في سوريا كاللاذقية وحلب وحمص وحماه، وما على إسرائيل إلّا أن توقف أحلامها وأوهامها وتعيد هذه الأرض لسوريا ولا يوجد حل آخر لذلك». وتعليقاً على قرار وزارة الداخلية الإسرائيلية، قال المقداد إنه «منذ الاحتلال وحتى الآن، أثبت أهل الجولان العربي السوري أنهم سوريون ولا يقبلون بديلاً من وطنهم الأم سوريا، وإضرابهم الشهير لا يزال في أذهان الإسرائيليين». وقال إن «سوريا تعتز بنضال أهلنا في الجولان، وتؤيّد احتجاجاتهم المشرفة»، مؤكداً أنه «إذا كانت إسرائيل تعتقد بأن الدعم الغربي الذي يقدم لها، إضافة إلى العلاقات التي بدأ البعض من العرب بنسجها على حساب السوريين والفلسطيين قد تربحها الحرب، فإنهم مخطئون جداً».
اللواء
خلاف لبناني – أممي حول النازحين .. والحريري لمخيمات آمنة داخل الحدود السورية
المشنوق للثورة على «إطلاق النار» .. وباسيل يرفع السرية عن حساباته إعلامياً
في 22 حزيران اقرت «وثيقة بعبدا»، لملء الفراغ المفترض ان يكون ممتلئاً خلال 11 شهرا تفصل عن اجراء الانتخابات النيابية وفقاً لقانون جديد اعتمد المبدأ النسبي.
في 5 تموز استأنف مجلس الوزراء جلساته، بعد عطلة الفطر في محاولة لبرمجة جدول الاعمال تشريعياً، وادارياً، والموازنة، وسلسلة الرتب والرواتب، اضافة الى الكهرباء في ذات الجلسة، تضع الحكومة على المحك على خلفية اثارة مفاجئة لمسألة مزمنة، هي قضية عودة او اعادة النازحين السوريين الى بلادهم، او على الاقل في المناطق الآمنة.
وفي غمرة هذه الازمة الجديدة – القديمة، ووسط تصاعد الخلاف بين الامم المتحدة ممثلة بالمنسقة الخاصة للأمم المتحدة في لبنان سيغريد كاغ ونائب المنسق الخاص والمنسق المقيم ومنسق الشؤون الانسانية للامم المتحدة في لبنان فيليب لازاريني، ولبنان، ممثلاً ببعض اطراف الحكومة، ووزير الخارجية والمغتربين جبران باسيل على وجه التحديد لجهة توقيت عودة النازحين السوريين والضمانات الدولية المطلوبة، والشروط المطلوبة سوريا ودوليا، بدت المواقف الوزارية، كمن يغرد على ليلاه، ولكن تحت سقف عدم الذهاب مجددا الى ازمة تعيد الوضع اللبناني الهش إلى الوراء.
وزير الاتصالات جمال الجراح رد على سفير سوريا في لبنان علي عبد الكريم، مشيرا الى ان عودة النازحين السوريين تتم من خلال آليات دولية على النظام ان يتعامل معها.
وزير الداخلية والبلديات نهاد المشنوق دعا، اذا تكرر اطلاق النار لمناسبة صدور نتائج البكالوريا اللبنانية غدا الى الثورة، مطالبا بأن يرفع السياسيون يدهم عن القضاء، مشيرا الى ان قوى الامن تدور من الناقورة للنهر الكبير لتأتي بلوائح الاسماء ولم تمر دقائق حتى يفرج عن بعض مطلقي النار.
وزير الدولة لشؤون حقوق الانسان ايمن شقير طالب امس، القيادة العسكرية والقضاء المختص فتح تحقيق شفاف في كل ما تم تداوله من صور واخبار عن عملية توقيف في عرسال واسباب ادت الى وفاة عدد من الموقوفين، وذلك حرصا على صورة الجيش ومنع اية شائعات قد تكون مغرضة.
الوزير باسيل، فاجأ المشاهدين، بخطوة مثيرة للاهتمام، ولكنها اتت خارج السياق الطبيعي (القضاء والمجلس الدستوري لجهة التصريح عن امواله) إذ وضع بتصرف مقدم برنامج «كلام الناس» من على شاشة الـ LBCI مارسيل غانم كتابا ممهورا بتوقيعه، وطلب اليه قراءته فقرأه عبر الشاشة، وفيه انه يفوضه رفع السرية المصرفية عن حساباته في المصارف.
وفي السياسة، اعتبر وزير الخارجية باسيل ان عودة النازحين السوريين يمكن ان تتم عبر الحكومة السورية او غيرها.. متجنباً فتح اي سجال مع اي طرف داخلي، ومدافعاً عن نظام النسبية، ومؤكدا ان المرحلة الانتقالية لم تبدأ بعد لتطبيق المادة 95 في ما خصّ وظائف الدولة ما خلا الفئة الاولى، التي هي مناصفة بين المسلمين والمسيحيين.. مع العلم ان وثيقة الطائف نصت صراحة على هذا الإلغاء.
واقترح الرئيس الحريري حلاً ممكناً لأزمة النزوح، وذلك بأن بضغط حلفاء النظام السوري، والذين يقاتلون معه داخل الأراضي السورية عليه «لتسهيل إقامة مناطق آمنة على الجانب السوري من الحدود» ومخيمات بإشراف الأمم المتحدة تستوعب النازحين العائدين من لبنان، بدل الدعوة إلى توريط الحكومة باتصالات نتيجتها فتح باب جديد لإبتزاز لبنان من دون أية معالجة حقيقية لتداعيات النزوح.
وأكد على حماية قواعد الاستقرار السياسي والابتعاد عن أي أفكار تثير البلبلة وتنقل المسائل الخلافية المعروفة، إلى طاولة مجلس الوزراء.
وأكد: نحن لن ندفع بالنازحين إلى مصير مجهول، وفي الوقت نفسه لن نتهاون مع أي محاولة لجعل أماكن النزوح بيئة حاضنة للإرهاب والتطرف.
وفي سياق الملف السوري، استبعدت مصادر سياسية متابعة للملف لـ«اللواء» موافقة النظام السوري على اجراء حوار مع الجانب اللبناني بشخص موفد رئاسي بحسب ما تردّد اذا لم يكن هذا الحوار على المستوى الحكومي، معتبرة أن كل ما يقال عن ضرورة التنسيق والحوار هو من أجل الضغط على الدولة اللبنانية من خلال هذا الملف، الذي لا يمكن التغاضي عنه، مؤكدة أن الأزمة موجودة فعلاً وعلينا مناقشتها وبحثها بجدية وموضوعية ضمن الأصول وبعيداً عن التشنجات والعصبيات، لكنها شددت على ان الجهة الصحيحة التي يمكن الوثوق بها هي الامم المتحدة والتي لا يمكن اجبار اي نازح سوري بالعودة الى دياره طالما الحرب في سوريا مستمرة، وهناك مناطق تعتبر غير آمنة.
زيارة واشنطن
وبعد قرابة اسبوعين، وتحديداً السبت في 22 تموز الجاري، يغادر الرئيس الحريري إلى الولايات المتحدة يرافقه وفد وزاري يضم وزير الخارجية جبران باسيل، بانتظار تشكيل باقي أعضاء الوفد.
وفي برنامج الزيارة لقاء مع الرئيس الأميركي دونالد ترامب، وشيوخ ونواب ووزراء في الكونغرس والادارة الأميركية.
وكشف مصدر مطلع أن الوضع اللبناني بكل حيثياته سيكون حاضراً في جدول محادثات الرئيس الحريري، لا سيما موضوعي النازحين السوريين، والعبء اللبناني المتفاقم، فضلاً عن العقوبات المالية الأميركية ضد حزب الله وعدم جواز شمولها لمؤسسات مدنية واجتماعية، تؤثر سلباً على النسيج اللبناني.
التوقيفات والتحقيقات
أمنياً، أعلنت قيادة الجيش أن مديرية المخابرات احالت 3 سوريين ممن كانوا قد أوقفوا خلال عملية الدهم الأخيرة في مخيمات عرسال، الى القضاء المختص، وأن هؤلاء اعترفوا بانتمائهم إلى التنظيمات الإرهابية في جرود المنطقة ومشاركتهم في القتال إلى جانبها في معركة عرسال ضد وحدات الجيش بتاريخ 2 آب 2014.
وكشف البيان أن 190 موقوفاً سورياً احيلوا الى الأمن العام لتجولهم على الأراضي اللبنانية بصورة غير قانونية، علماً أن عدد الموقوفين السوريين في عملية الدهم فاق الـ350 شخصاً.
إلى ذلك، اشارت معلومات وردت من واشنطن أن عدداً من أعضاء لجنة الشؤون الخارجية في الكونغرس الأميركي يعتزم طلب عقد جلسة خاصة للجنة يستدعى إليها وزير الدفاع للاستماع الى ما لديه من معلومات في شأن دهم عناصر من الجيش اللبناني مخيمات في عرسال وتوقيف نحو 360 سورياً ومصادرة أسلحة وذخائر وصواريخ وأحزمة ناسفة ومشغل تفخيخ، والاستيضاح منه حقيقة الصور المنشورة حول كيفية التوقيف، ووفاة أربعة من الموقوفين.
ولفتت المعلومات إلى أن أهمية القضية اميركياً تكمن في كون الولايات المتحدة تمد الجيش اللبناني بالسلاح ويفترض ان تبقى على اطلاع حول وجهة استخدامه.
ولم تستبعد المصادر أن تكون زيارة السفيرة الأميركية في بيروت اليزابيث ريتشارد للرئيس الحريري، أمس، تأتي في هذا الإطار، علماً ان الزيارة اندرجت في سياق التحضير للزيارة التي سيقوم بها رئيس الحكومة لواشنطن في نهاية الشهر الحالي.
البناء
أوروبا مسرح اللقاء الروسي الأميركي وساحة التنافس الأولى على سوق الغاز ونشر القوات
قمة ترامب وبوتين: محاولة صفقة تاريخية أم ربط نزاع أم قواعد اشتباك؟
عودة النازحين مؤجَّلة بقرار أميركي كخزان انتخابي لما بعد التسوية… ولبنان رهينة
يلتقي الرئيسان الأميركي دونالد ترامب والروسي فلاديمير بوتين للمرة الأولى في هامبورغ اليوم، عشية انعقاد قمة العشرين، ولن يحضر اللقاء معهما إلا وزيرا الخارجية الأميركي ريكس تيلرسون والروسي سيرغي لافروف، ما يضفي على اللقاء الذي لعب وزير الخارجية الأميركي الأسبق هنري كيسنجر دوراً في ترتيبه بلقاءات جمعته بالرئيسين ترامب وبوتين قدّم لهما خلالها المشورة لما يمكن التفاهم حوله، وما يمكن ربط النزاع عليه، وما يمكن وضع قواعد اشتباك حوله. والقمة ستكون اختباراً لأيّ من الفرضيات التي ستطبع اللقاء بين الرئيسين. فالصفقة التاريخية ليست نيات رومانسية تحت شعار الأمن والسلم الدوليين، كما تحدّث الرئيس السوفياتي السابق ميخائيل غورباتشوف عن خفض السلاح النووي، بقدر ما هي استجابة للأولوية التي يرغب كلّ من الفريقين تحقيقها مقابل تجنّب المحاذير الأهمّ التي لا يرغب كلّ من الفريقين من الآخر الوقوع فيها، وهنا تحضر الأولويات المتعاكسة في سوق الغاز، وانتشار القوات العسكرية، ومحورها أوروبا، والقدرة على تنظيمها بتقاسم سوقين أوروبيّين، تقليدياً كانا روسياً وأميركياً في السياسة بين أوروبا الشرقية والغربية، وفي المقابل الأولويات الاستراتيجية في الشرق الأوسط، والتي يتقدّمها عند روسيا تكريس وحدة الدولة السورية في ظلّ الرئيس بشار الأسد، مع ضمان حلّ سياسي يتّسع للمعارضة. وهذا يستدعي التخلي الأميركي عن الأوهام التي منحوها للأكراد بدويلة شمال سورية، وعن القواعد العسكرية التي يقومون ببنائها هناك، مقابل الأولوية الأميركية التي ترتبط بأمن «إسرائيل» ووجود حزب الله وحلفائه جنوب سورية. والسؤال عن فرصة التوصل لحلّ في منتصف الطريق عنوانه العودة لاتفاق فك الاشتباك الموقع عام 1974 والذي رعاه كيسنجر نفسه على حدود الجولان المحتلّ وبقي معمولاً به حتى انتهكته «إسرائيل» بدخولها على خط دعم الجماعات المسلحة أما في الشرق الأقصى فالأولوية الأميركية كورية، حيث يمكن للمبادرة الروسية الصينية رسم مسار لحلّ الأزمة الكورية تنتهي بسلة حوافز أمنية واقتصادية لكوريا مقابل نزع السلاح النووي، لكن شرط نزع الخطر الاستفزازي لأمن الصين من قبل واشنطن وحلفائها.
لا تبدو بنظر الخبراء فرص الصفقة التاريخية ناضجة، لاعتبارات تتصل بشخصية الرئيس ترامب وضعف مكانته الأميركية الداخلية، خصوصاً في ملف العلاقات بروسيا، لكن فرص ربط النزاع في ملفات ووضع قواعد اشتباك في ملفات أخرى يبدو ممكناً من خلال قراءة المواقف التي استبق بها وزير الخارجية الأميركي انعقاد القمة، فتنال واشنطن جائزة معنوية بالإعلان عن التعاون لمنع أيّ استخدام للسلاح الكيميائي، مقابل إعلان التمسك بحلّ سياسي يتّسع للجميع من دون شروط مسبقة يحفظ وحدة سورية وبقاء مؤسساتها، وفقاً لما يقوله كيسنجر في نصائحه لترامب بعدم الاستثمار على الفوضى في سورية، لأنّ العواقب ستكون وخيمة، وربط الحرب على داعش بالتّيقن من عدم وراثتها من جماعات مدعومة من إيران يشكل فشلاً أميركياً وتدعيماً لمخاطر بقاء داعش، بينما الاستثمار ليكون البديل قيام الدولة السورية واستردادها كامل الجغرافيا السورية والتعامل معها كدولة مسؤولة عن حفظ الأمن والحدود، كما يقول الرئيس بوتين، وهذا يُضعف الشهية التركية و«الإسرائيلية» على اللعب بالجغرافيا السورية، لكنه يخفّف هواجسَهما الأمنية من مرحلة ما بعد داعش.
كلمة السرّ ستكون قطر والحلّ السلمي التفاوضي لأزمتها، لأنها تقع في قلب سوق الغاز وحروبه، وتحييدها يعني قبولاً أميركياً بعدم خوض حرب أسعار منهكة للفريقين، ومثلها تخفيض التوتر في بحر الصين ووقف التجارب النووية الكورية، والتعهّد بالعمل لحلّ سياسي يحفظ وحدة سورية ويمنع تجذّر الإرهاب في جغرافيتها.
لجان التنسيق العسكرية والسياسية والاقتصادية ستكون تعبيراً عن وضع قواعد اشتباك وليس عن بلوغ التفاهمات، التي ستترتّب على نضوجها سلسلة لقاءات مكوكية بين تيلرسون ولافروف وخبراء يكتبون تفاهماً مفصلاً لكلّ ملف، توضع معه روزنامة موازية لإلغاء العقوبات الأميركية على روسيا.
الفشل والذهاب لمواجهة مفتوحة يبدو مستبعداً برأي الخبراء وإلا كان الخيار المشترك لفريقي الرئيسين الاكتفاء بالمصافحة والتشارك في جلسات وحوارات ومجاملات وبروتوكول «قمة العشرين».
لبنانياً، حيث ملف النازحين السوري قنبلة موقوتة سياسياً بانقسام حادّ بين الفريقين المتقابلين في الحكومة حول التواصل مع الحكومة السورية للتنسيق في آليات العودة، وأمنياً حيث الفقر والفوضى بيئة صالحة للإرهاب، واقتصادياً حيث طاقة لبنان الخدمية وقدرة أسواقه وقطاعاته على استيعاب العمالة السورية وتأمين حاجات النازحين الأساسية باتت تهدّد بالانفجار، يبدو أنّ الملف خارج إطار الحلّ في ظلّ قرار أميركي سعودي، بالاحتفاظ بكتلة النازحين التي تزيد عن خمسة ملايين سوري خارج سورية كرصيد لا يُفرج عن عودته إلى سورية قبل التسوية السياسية، لاستخدامهم في العمليات الانتخابية التي ستنتج عن أيّ تسوية، بينما ستجعل العودة من العائدين رصيداً لدولتهم.
وهذا يُفسّر برأي مصادر دبلوماسية مطلعة الأدوار التي تلتقي على أدائها كلّ الوفود الدولية التي زارت لبنان تحت عنوان النزوح والتي تركزت نصائحها على استيعاب النازحين لمدة طويلة، كما يفسّر تخلي المنظمات الأممية عن أيّ جهد جدّي لطرح مبادرات لعودة النازحين من المناطق التي انتهت فيها الحرب، واستعداد الدولة السورية لإجراءات وتسهيلات تطال كلّ الذين تعوق عودتهم مشاكل قانونية وسياسية، خصوصاً أنّ للعودة أكلافاً مالية هائلة تحتاج مساهمات تقودها المنظمات الدولية التي تربط علناً قيامها بأيّ مسعى على هذا الصعيد بنهاية الحرب وإنجاز الحلّ السياسي وبالتالي يُفهم وفقاً لهذه المصادر الرفض السياسي لبعض الأطراف اللبنانية للتواصل مع الحكومة السورية، كترجمة لبقاء لبنان رهينة لملف النازحين، وفقاً لهذا القرار الأميركي السعودي، بما لا تفسّره شعارات صارت من الماضي عن شرعية الدولة السورية أو عن رفض التعاطي مع هذه الحكومة بخلفية مواقف عدائية تورّطت بالحرب عليها. وتختم المصادر، لو قبلت المقاومة في نهاية حرب تموز الصيغة التي تفاهم عليها رئيس الحكومة آنذاك فؤاد السنيورة مع وزيرة الخارجية الأميركية السابقة غونداليسا رايس على ربط عودة النازحين من جنوب لبنان بتطبيق القرار 1701، لكان الجنوب لا يزال فارغاً من أهله، فالسياسات الأميركية لها خبرات مع هذا النوع من الحروب وكيفية استغلال وتوظيف الملفات الإنسانية، وتحويلها قنابل موقوتة قابلة للتوظيف في أكثر من اتجاه.
سورية: التفاوض المباشر هو الحل
لا تزال أزمة النزوح السوري والهاجس الأمني، يتصدّران المشهد المحلي مع تصاعد الخلاف السياسي الذي طفا على طاولة مجلس الوزراء حيال مقاربة ملف النازحين. وفي ظل الحديث عن تكليف رئيس الجمهورية المدير العام للأمن العام اللواء عباس ابراهيم التنسيق مع الحكومة السورية لمعالجة أزمة النزوح، رفضت الدولة السورية على لسان سفيرها في لبنان علي عبد الكريم علي، التفاوض عبر ممثل رئاسي غير رسمي، بل طالبت بتفاوضٍ مباشر بين الحكومتين. وأشار السفير السوري في تصريح أمس الى أن «هناك مسؤولية تفرضها أعداد السوريين في لبنان وتفرضها مصلحة لبنان قبل سورية بالتواصل بين الحكومتين السورية واللبنانية لمعالجة ملف النازحين»، مشيراً الى «أننا نتعاون مع رئاسة الجمهورية ومجلس النواب والحكومة، وهناك تنسيق بين الجيشين والأجهزة الأمنية ويجب أن تفعل أكثر من ذلك».
..والأزمة مستمرّة وتتفاقم…
وأوضحت مصادر مطلعة لـ «البناء» أن «الرئيس عون لم يكلّف اللواء إبراهيم بشكلٍ رسمي للتواصل مع الحكومة السورية بملف النازحين، كما أشيع، بل أن إبراهيم يتحرك بشكلٍ دائم على خط بيروت دمشق، بناءً على تكليف مسبق من رئيس الجمهورية التنسيق في ملفات ترتبط بالعلاقات اللبنانية السورية، لكن لا يمكن معالجة ملفات ضخمة كملف النازحين من دون قرار واضح ورسمي من الحكومة».
ولفتت المصادر إلى أنه «لا يمكن للحكومة أن تتعاطى بمواربة مع سورية في هذا الملف بالذات، بل يجب أن تقاربه بروح المصلحة الوطنية بعيداً عن الحسابات السياسية الداخلية والالتزامات والاعتبارات الخارجية»، وأشارت الى أن «تكليف اللواء إبراهيم التنسيق في الملفات المشتركة بين البلدين يشكل أرضية صالحة لأي تكليف بموضوع النازحين، وبالتالي كلام السفير السوري يتكامل مع حركة إبراهيم لمصلحة الحكومتين، وإن كانت مصلحة لبنان تتقدم على مصلحة سورية في هذا الملف».
وعن موقف فريق المستقبل الوزاري والرئيس سعد الحريري كرئيس للسلطة التنفيذية المعارض للتواصل الرسمي مع سورية، توقعت المصادر استمرار أزمة النازحين وتفاقمها إذا استمرت مقاربة الملف بهذا المنطق، وبالتالي لم نصل حتى الآن الى مرحلة توضع فيها الأمور على سكة الحل الأمر الذي يعرّض الاستقرار الحكومي إلى الخطر».
وتتحدّث المصادر عن اتفاق حصل بين الأطراف السياسية منذ تشكيل الحكومة على وضع الملفات الخلافية خارج طاولة مجلس الوزراء وعدم اتخاذ أي قرار بشأنها يهدّد وحدة الحكومة، لكن المصادر شددت على أن «المصلحة الوطنية تقتضي أحياناً وتفرض تجاوز تفاهمات معينة نتيجة تغير وقائع على الأرض والشروع بإقامة نوع من التنسيق مع سورية لحل معضلة النزوح».
وعن موقف رئيس الجمهورية وفريق التيار الوطني الحر و8 آذار أوضحت أن «هذه الأطراف لا تريد تفجير الحكومة وتعمل للحفاظ على التجانس الحكومي وأولية استقرار الحكومة ومعالجة الملفات في إطار التفاهمات المرعية الإجراء التي تعبر عنها حركة اللواء إبراهيم».
وأكد رئيس الحكومة سعد الحريري أننا «لن ندفع بالنازحين الى مصير مجهول. ولكن في الوقت ذاته، لن نتهاون مع أي محاولة لجعل أماكن النزوح بيئة حاضنة للإرهاب والتطرف. والأشقاء النازحون هم شركاء معنا بمكافحة الإرهاب وكشف أوكار التنظيمات التي تستهدفهم وتستهدف لبنان». ولفت الى أن «الجيش اللبناني، وكل القوى الأمنية الشرعية تعمل بهذه الروحية، ومسؤوليتها توفير السلامة والأمان لكل المقيمين في لبنان، وملاحقة أي شخص، من أي جنسية، ينتمي الى التنظيمات الإرهابية ويشارك باستهداف أمن لبنان واللبنانيين»، بينما أكد رئيس التيار الوطني الحر وزير الخارجية جبران باسيل الى أن «عودة النازحين الى سورية تتم أو بالتنسيق مع سورية أو لا، والأمر ليس بحاجة للامم المتحدة ولا ضمانات دولية»، مضيفاً أنه «إذا كانت مصلحة لبنان تقضي بعودة النازحين فيجب القيام بما يلزم لتحقيقه من دون عقد، وعدد النازحين يرتفع، على عكس ما يقولون». وشدّد باسيل على أن «هناك علاقات دبلوماسية وعسكرية وأمنية ومالية اليوم مع سورية، فنحن ندفع لهم شهرياً مقابل الكهرباء».
وأكدت كتلة «الوفاء للمقاومة» خلال اجتماعها الأسبوعي أن «التفاهم المباشر مع الحكومة السورية من شأنه تسريع الخطوات واختصار الكثير من الوقت والجهد والنفقات، والحؤول دون الاستغلال السياسي والتوظيف الرخيص على حساب معاناة النازحين».
وفي سياق ذلك، أكدت وزيرة الدولة لشؤون التنمية الإدارية عناية عز الدين «أننا مع أن يكون هناك تنسيق بين الحكومتين السورية واللبنانية في ملف النازحين»، مشيرةً الى أن «ما قلناه في جلسة الحكومة هو لمصلحة لبنان، وكنّا نفكر في مصلحة لبنان وإذا تواصلنا مع السوريين فلن ننقص أو نزيد من شرعية النظام السوري». ودعت عز الدين إلى «وضع الشق السياسي من باب المصلحة، والتنسيق من مصلحة اللبنانيين والسوريين».
هل قُتِل «التلي»؟
أمنياً، يسود الحذر والترقب الجبهة العرسالية بعد التفجير الذي تعرّض له المسؤول الأول في تنظيم «سراي أهل الشام» أبو خالد التلي في محيط الملاهي قرب أحد مناشر الحجر على طريق جرد عرسال البقاعية شمال شرق وادي البقاع اللبناني، بينما كان على دراجة نارية زرعها تنظيم داعش انتقاماً لمقتل عناصر إرهابية تابعة للتنظيم من آل العبد، وفق مصادر أمنية لـ «البناء»، التي أكدت أن التلي «أصيب إصابة مباشرة وحرجة»، لكنها «لم تؤكد أو تنفي مقتله».
وأكد رئيس بلدية عرسال باسل الحجيري لـ «البناء»، «أن التلي أصيب بعبوة ناسفة نتيجة صراع بين ثلاثة تنظيمات إرهابية في المنطقة «داعش»، «النصرة» و«سراي أهل الشام»، مشيراً إلى أن «استهداف التلي يقف وراءه تنظيم داعش».
وعما تركته مداهمة الجيش الأخيرة في عرسال لفت الحجيري إلى «أنها تركت ارتياحاً لدى العراسلة»، لكنها «تركت آثاراً سلبية بين مخيمات النازحين وبين المسلحين»، إذ أعقبتها «إشكالات» بينهم. ولفت الحجيري إلى «أن الجو العام في عرسال شبه طبيعي، إنما المخفي منه وما يحضّر في الخفاء غير معلوم»، وبالتالي فإن «عيون الأجهزة الأمنية كفيلة بضبط الأمور»، لافتاً الى «أن العراسلة لا دخل لهم بكل ما جرى ويجري وما قد يجري. فالصراع محصور بين المسلحين وبين المخيمات».
وعن صحة «تسلل وتغلغل الإرهابيين» من داعش والنصرة وسرايا أهل الشام بين المخيمات، لم ينفِ الحجيري ذلك، في الوقت نفسه «لم يستبعد تسلل إرهابيين داخل المخيمات في عرسال»، مشيراً إلى أن ذلك من «مسؤولية الأجهزة الأمنية اللبنانية».
الحجيري أكد لـ «البناء»، «أن الجثث الثلاث التي دفنت أمس في محيط عرسال تعود لثلاثة سوريين تسلمهم أهلهم، وكانوا قتلوا خلال مداهمات الجيش اللبناني مؤخراً»، جازماً «أن الجثث الثلاث تعود للانتحاريين الذين فجّروا أنفسهم لحظة مداهمات الجيش الأخيرة».
يُشار إلى أن عملية الدفن جرت وسط إطلاق نار كثيف وحضور لافت لمسلحي «سراي أهل الشام».
عملية للجيش تنتظر القرار!
وحذّر خبراء عسكريون من «احتمال انتقال آلاف المقاتلين من تنظيم داعش من سورية إلى لبنان بعد تحرير الرقة المتوقع خلال الشهرين المقبلين، وذلك كي يصبحوا بمنأى عن الضربات الجوية للتحالف الدولي وغارات الجيشين السوري والروسي».
وأوضح الخبراء لـ «البناء» أن «المقاتلين سينتقلون من الرقة بعد تحريرها نحو جبهة الجنوب، وإما الى الحدود مع لبنان، ما يرفع عدد المسلحين في جرود عرسال إلى 5000 عنصر ما يستدعي منذ الآن شن عملية عسكرية للقضاء عليهم»، وكشفوا أن «الجيش أعدّ عملية عسكرية شاملة وواسعة، لكنها تنتظر التنسيق مع سورية والقرار السياسي الحكومي».
ورأى الخبراء أن «رغم إمكانات الجيش المحدودة غير أنه يستطيع شن عملية استباقية شاملة لاقتلاع المسلحين من الجرود اللبنانية والعماد جوزيف عون كان قائداً لجبهة عرسال ويدرك طبيعة الأرض والمعركة، لكن ما يمنعه حتى الآن هو القرار السياسي»، معتبرة أن «التنسيق مع سورية في الامن وملف النازحين ليس خياراً بل ضرورة للمصلحة الوطنية اللبنانية».
لكن مصادر تساءلت: هل تسمح الدول العربية لا سيما تلك التي تدعم التنظيمات الإرهابية من السعودية وقطر للحكومة اللبنانية تغطية الجيش للقيام بهذه العملية؟
وأكد رئيس الأركان اللواء الركن حاتم ملاك أن «ما قام به الجيش في المواجهة الأخيرة هو مقدمة للقضاء على الإرهاب ودحره نهائياً عن الوطن»، لافتاً إلى «أن الدماء السخية التي يبذلها العسكريون لتحقيق هذا الهدف، هي فداء للبنان ولكل اللبنانيين والمقيمين على أرضه». ونوّه خلال تفقده العسكريين الجرحى في مستشفيي رزق والروم، الذين أصيبوا خلال عمليات عرسال بـ«جرأتهم وشجاعتهم ونكرانهم للذات في سبيل إنجاح المهمة ودرء الأخطار الوشيكة عن المواطنين والنازحين الأبرياء».
على صعيد آخر، استمرّت حملات التشكيك بالجيش اللبناني وتشويه إنجازاته في حربه الاستباقية على الإرهاب تحت ذريعة وفاة عدد من الموقوفين الذي كان الجيش قد اعتقلهم خلال عمليته النوعية في عرسال الأسبوع الماضي. والتي أثبتت التحقيقات انتماءهم لتنظيم «داعش» الإرهابي.
وكشفت مصادر أمنية لقناة «المنار»، نقلاً عن التحقيقات مع الموقوفين نتيجة العملية العسكرية الأخيرة للجيش، أنّ «الموقوف «م.ن.» ينتمي إلى «داعش» وعمِل على نقل حاجيات من عرسال إلى الإرهابيّين في جرودها»، مشيرةً إلى أنّ «الموقوف «خ.خ.» الملقّب بـ «أبو معتز» اعترف بمشاركته في معركة عرسال ضدّ الجيش اللبناني».
ورفض الخبراء العسكريون الاتهامات السياسية التي طاولت الجيش ومهماته في مكافحة الإرهاب، مشيرين الى أن «الجيش اللبناني هو الطرف الوحيد الذي يتعامل مع الإرهابيين بحضارة غير موجودة في أوروبا والولايات المتحدة»، ولفتت إلى أن «المنظمات الدولية التي تقف خلفها الولايات المتحدة، تعمد الى ممارسة الضغوط والحرب الإعلامية على جيوش المنطقة اللبناني والسوري والعراقي عندما يتقدّمون ويحققون الانتصارات ضد المجموعات الإرهابية».
المصارف حليفة العهد
على صعيد آخر، أكد رئيس الجمهورية استمرار العمل لتعزيز الاقتصاد اللبناني لمواجهة انعكاسات تراكم الأزمات الإقليمية والدولية، لافتاً خلال استقباله رئيس جمعية المصارف في لبنان جوزف طربيه مع وفد مجلس الإدارة الجديد المنتخب الاسبوع الماضي، إلى التحسّن الذي طرأ على ميزان المدفوعات خلال الأشهر الستة الماضية، ما يمكن أن يرفع نسبة النمو وفق تقديرات البنك الدولي. من جهته، أوضح طربيه أن القطاع المصرفي هو حليف العهد وشريك في نجاحه، مؤكداً دوره الإيجابي في تعزيز الاقتصاد اللبناني وقطاعات الإنتاج. وركّز رئيس جمعية المصارف على المميزات التي يتمتع بها لبنان، ولاسيما في مجال التنافسية، نظراً إلى وجود مبادئ وقوانين توفّر مقوّمات النجاح للقطاع المصرفي اللبناني، معرباً عن أمله في أن يتحقق في عهد الرئيس عون تقدّم في الملف الاقتصادي بعد النجاحات التي تحققت أمنياً وسياسياً.