خاص ـ الحقول / تطورت تقنيات الإعلام والإتصال، والتجارة والتعليم والدعاية والعلاقات الإجتماعية في الفضاء السبراني. وقد نمت أعداد الحسابات الفردية والجماعية على مواقع التواصل الإجتماعي مثل “فايسبوك” و”تويتر” و”أنستغرام” بأعداد هائلة في السنوات الأخيرة. وقد أثار هذا التطور التكنو ـ إجتماعي تحدياً بوجه صانعي السياسة في مختلف الدول، لا سيما أجهزة الأمن، والقوى السياسية الشرعية وغير الشرعية، مثل منظمات الإرهاب والتكفير.
وقد نشرت تقارير كثيرة طيلة الفترة المنصرمة عن عمليات التجسس المنظمة التي تقوم بها الولايات المتحدة وحلفائها في الفضاء السبراني. والضحايا هم حكومات وشركات وأفراد من داخل وخارج أميركا، ومن بين هؤلاء قوى الإرهاب طبعاً. وتكشف دراسة أميركية أن ما لا يقل عن 46 ألف حساب على موقع تويتر للتواصل الاجتماعي يناصر أصحابها تنظيم “داعش”. وذكرت الدراسة التي شارك في إنجازها معهد بروكينغز أن العدد الحقيقي، الذي رصد في الثلاثة أشهر الأخيرة، أكبر من ذلك بكثير. وتقول الدراسة إن أنصار “داعش” النموذجيين يوجدون في الأقاليم التي يسيطر عليها التنظيم في سوريا والعراق. وينشر ثلاثة أرباع المستخدمين تعليقاتهم باللغة العربية، بينما يستعمل خمسهم اللغة الإنكليزية في التعليقات، ولهم نحو 1000 متابع.
وتبين هذه الدراسة التعاون الكثيف بين الشركات والحكومات وتحديداً أجهزة الأمن والجيش في مواجهة “العدو” على الفضاء السبراني، لا سيما الإرهابيين التكفيريين الذين قامت دول حلف شمال الأطلسي و”التعاون الخليجي” و”إسرائيل” بإرسالهم إلى سوريا والعراق، ومصر، وليبيا وغيرها. وتريد هذه الدول الآن، محاصرة المد الإرهابي الذي اخترق حصون الإجتماع السبراني على اراضيها.
وقد أشرف على الدراسة، وعنوانها استطلاع “داعش” على “تويتر”، جي أم برغر من معهد “بروكينغز”، وخبير التكنولوجيا جوناثان مورغان. ويقول برغر إن “المسلحين” يستعملون أي نوع من التكولوجيا تخدم مصالحهم، ولكن “داعش” أثبتت تفوقها في ذلك عن غيرها من التنظيمات. وفتح أغلب هذه الحسابات في 2014، وتشير الدراسة إلى أن عددها يتزايد بسرعة فائقة، على الرغم من أن “تويتر” أغلق ألفا منها في الأشهر الأخيرة من 2014. ويقدر برغر عدد الحسابات المناصرة لتنظيم “داعش” بنحو 90 ألف حساب، كحد أقصى، لكنه يقول إن التقدير “الأنسب” هو 46 ألف حساب.
ويرى خبير الجماعات الجهادية في معهد واشنطن آرون زيلن الى إن عدد هذه الحسابات يقارب المليون في أدنى تقديراته. ولكن هذه التقديرات قد تشمل الأفراد الذين يفتحون أكثر من حساب، تحسبا لغلق حساباتهم.
وقال زيلن أن تغريدات تنظيم “داعش” الأهم هي تلك التي تبث رسائل التنظيم، وعملياته العسكرية، وصور الفيديو، التي تنقل الحياة اليومية تحت نظام “داعش”. وهناك تغريدات أقل أهمية، وهي التي تخص مستخدمين لهم ارتباط بالتنظيم وينشرون رسائله. ولكن ما لا نجده هو أدلة على تجنيد المقاتلين في صفوف التنظيم.
اضاف أن “التجنيد لا يتم علنا على “تويتر”، فأغلب هذه العمليات تتم على تطبيقات أخرى مثل “كيك” و”اتس اب” و”سكايب”، التي توفر التواصل وجها لوجه، أما يفعلونه على “تويتر” فالهدف منه استقطاب الناس”. فموقع تويتر يستعمل في الاتصالات الأولية مثلا بين شخص متطرف، ومن يسعى لتجنيده، وبعدها ينتقل الحوار المباشر بين الاثنين إلى موقع آخر.
واوضح زيلن إن تنظيم “داعش” جعل من مواقع التواصل الاجتماعي جزءا رئيسيا في استراتيجيته، ويتناسب سن أنصاره مع الفئة التي تستعمل مواقع التواصل الاجتماعي.
وتؤكد هذه الدراسة أن مواقع التواصل الإجتماعي السبراني باتت ميداناً خطيراً للمواجهات السياسية ـ الأمنية وخوض الحروب النفسية. وقد قام العدو “الإسرائيلي” بتشكيل وحدات عسكرية متخصصة في الغزو والقتال السبراني. كذلك فعلت سوريا وإيران ومصر ودول أخرى. أما القوى غير الدولتية مثل المقاومة الوطنية في لبنان، والمقاومة الفلسطينية فقد طورت قدرات قتال سبراني أيضاً.
COMMENTS